الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


خبر الطائر الطائف

ذكر الأزرقي في كتاب مكة، قال: جاء طائر أشف من الكعبة شيئا، لونه لون الحبرة بريشة حمراء وريشة سوداء، دقيق الساقين طويلهما، له عنق طويل، دقيق المنقار طويله، كأنه من طير البحر، يوم السبت لسبع وعشرين من ذي القعدة سنة ستّ وعشرين ومائتين، حين طلعت الشمس، والناس إذ ذاك في الطواف كثير من الحاج وغيرهم، من ناحية أجياد الصغير، حتى وقع في المسجد الحرام قريبا من مصباح زمزم، مقابل الركن والحجر الأسود، ساعة طويلة. ثم طار على صدر الكعبة في نحو من وسطها، ما بين الركن اليماني و الركن الأسود، وهي إلى الركن الأسود أقرب. ثم وقع على منكب رجل في الطواف عند الركن الأسود من الحاج. ثم من أهل خراسان محرم يلبي وهو على منكبه الأيمن، فطاف الرجل أسابيع والناس يدنون منه وينظرون إليه، وهو ساكن غير مستوحش منهم. والرجل الذي عليه الطير يمشي في الطواف في وسط الناس، وهم ينظرون إليه ويتعجبون. وعين الرجل تدمعان على خده ولحيته. قال أبو الوليد الأزرقي: فأخبرني محمد بن أبي عبد الله بن ربيعة قال: رأيته على منكبه الأيمن والناس ينظرون إليه ويدنون منه ول ينفر منهم ولا يطير. فطفت أسابيع ثلاثة. كل ذلك أخرج من الطواف فأركع خلف المقام ثم أعود، وهو على منكب الرجل. ثم جاء إنسان من أهل الطواف فوضع يده عليه، فلم يطر.

وطاف به بعد ذلك، ثم طار هو من قبل نفسه حتى وقع على يمين المقام ساعة طويلة، وهو يمد عنقه، ويقبضها إلى جناحه، والناس مستلفون له ينظرون إليه عند المقام، إذ أقبل فتى من الحجبة، فضربه بيده وأخذه ليريه رجلا منهم، كان يركع خلف المقام، فصاح الطير في يده أشد الصياح وأوحشه، لا يشبه صوته بأصوات الطير. ففزع منه، فأرسله من يده، فطار حتى وقع قريبا من دار الندوة خارجا من الظلال في الأرض، قريبا من الأسطوانة الحمراء، فاجتمع الناس ينظرون إليه وهو مستأنس في ذلك كله، غير مستوحش من الناس، ثم طار هو من قبل نفسه فخرج من باب المسجد الذي بين دار الندوة ودار العجلة نحو قعيقعان.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!