الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


قول ابن عمر رضي الله عنه لحنين في استلام الركن

روينا من حديث أبي الوليد، عن جده، عن يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير، عن مجاهد، قال: كنا مع عبد الله بن عمر في الطواف، فنظر إلى رجل يطوف كالبدويّ لا يستلم الركن، و لا يكبّر، ولا يذكر الله، فقال له ابن عمر: أي شيء تصنع هاهنا؟ قال:

أطوف. قال ابن عمر: مثل الجمل يخبط، لا تستلم، ولا تكبّر، ولا تذكر الله؟ ثم قال له:

ما اسمك؟ قال: حنين. قال: فكان ابن عمر إذا رأى الرجل لا يستلم الركن قال: أحنينيّ هو؟ قلت: وقد رأيت أنا في مجاورتي رجلا من المجاورين، يسكن برباط تون بباب السدّة

يقال له إسماعيل الموصلي، يطوف بالبيت كثيرا مثل طواف حنين، وربم يستدبر البيت أحيانا في طوافه، فسألت عن صنعته فقيل لي: يبيع القفع. فاتفق أن حضرني أبيات فذكرتها موعظة وتنبيها واعتذارا عنه:

يطوف بالبيت من يدين به لكنه خارج عن البشر

كأنه في طوافه جمل يخبط لا يلوي على الحجر

مثل حنين وقد رآه فتى من أعلم الناس من بني عمر

فقال هذا الذي أقول به في حق هذا الأنيس فازدجر

لكنني قد وجدت معذرة كان عليها في سالف العمر

كان له قفع يطوف به ومن أتى عادة فقد يحر

ولنا من باب اللطائف والإشارات:

يا حادي العيس لا تعجل بها وقفا فإنني زمن في أثرها غادي

قف بالمطايا وشمّر عن أزمتها بالله بالوجد بالتبريح يا حادي

نفسي تريد ولكن لا تساعدها رجلي فمن لي بإسعاف وإسعاد

ما يفعل الصانع النحرير في شغل آلاته أذنت فيه بإفساد

عرج ففي أيمن الوادي خيامهم لله درّك ما تحويه يا وادي

جمعت قوما هم نفسي وهم نفسي وهم سواد سويدا خلب أكبادي

لا درّ در الهوى إن لم أمت كمدا بحاجر أو بسلع أو بأجياد

ولنا في هذا الباب:

يذكرني حال الشبيبة والشرخ حديث لنا بين المدينة والكرخ

فقلت لنفسي بعد خمسين حجة وقد صرت من طول التفكر كالفرخ

يذكرني أكناف سلع وحاجر ويذكر لي حل الشبيبة والشرخ

وسوقي المطايا منجدا ثم متهما وقدحي لها نار الغفار مع المرخ

روينا من حديث ابن مروان، عن محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا المضا بن جارود، عن محمد بن عبد الله القرشي، عن أبيه، قال أبو الدرداء: ما من رجل من المسلمين إذ أصبح إلا اجتمع هواه وعمله، فإن كان هواه تابعا لعمله فيومه صالح، وإن كان عمله تابعا لهواه فيومه يوم شر.

ولنا من باب الإشارات العلوية:

بان العزاء وبان الصبر إذ بانوا بانوا وهم في سويد القلب سكان

سألتهم عن مقيل الركب قيل لنا مقيلهم حيث فاح الشيح والبان

فقلت للريح سيري والحقين بهم فإنهم في ظلال الأيك قطان

وبلّغيهم سلاما من أخي شجن في قلبه من فراق القوم أشجان


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!