كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
واقعة
حدثن صاحبنا عبد الله ابن الأستاذ المروزي، قال: رأى بعض المريدين من أصحابنا في واقعته الشيخ أبا مدين وقد استوى في الهواء، ومعه أبو حامد الغزالي، فقال الشيخ: يا أبا حامد، السرّ بالله ناظر، والروح يتلقف منه الأوامر، والقلب للسكينة و الساكن، والعقل حكم هاكم، والنفس تحت قهر القاهر، والحق به ظهر الوجود، وهو الواحد المعبود.
ثم قال: يا أبا حامد، إذا تلاشت المعاني فاقرأ السبع المثاني، فإنك تراه كما لم يزل، وأنت كما لم تكن، فرأيت عند هذا الكلام قد خصّ الشيخ بالتجلي الإلهي، وأبو حامد معه مشارك، فقال أبو حامد للشيخ: كيف مادة الله للسرّ؟ فقال له الشيخ: اسمع إن نظرت به وجدتهما معا لم يفترقا ولم يجتمعا.
ثم قال له: فالسرّ ما هو؟ فقال: هو خزانة النظر. قال له: والروح؟ قال: هو خزانة النظر، قال له: والقلب؟ قال: هو خزانة الفكر، قال: والعقل؟ قال: هو خزانة العدل و العلم، قال: والنفس؟ فقال: خزانة الأرض. ثم قال الشيخ: يا أبا حامد، على هذا صنعه و كل متفرق جمعه.