الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


موعظة شيبان الراعي لهارون الرشيد بمكة

حدثن يونس بن سبا، عن أبي بكر بن أبي منصور، عن محمد بن عبد الملك

الأسدي، عن الحسن بن جعفر السلماسي، ثنا المعافى بن زكريا، عن محمد بن مخلد، عن حمّاد بن مؤمل، ثنا زيد بن العباس قال: لما حجّ هارون الرشيد فقيل له: يا أمير المؤمنين، قد حجّ شيبان الراعي، قال: اطلبوه لي، فطلبوه، فأتوا به، فقال له: يا شيبان عظني، قال: يا أمير المؤمنين، أنا رجل ألكن لا أفصح بالعربية، فجئني بمن يفهم كلامي حتى أكلمه، فأتى برجل يفهم كلامه، فقال له بالقبطية: قل له: يا أمير المؤمنين، إن الذي يخوّفك قبل أن تبلغ المأمن أنصح لك من الذي يؤمّنك قبل أن تبلغ الخوف، فقال له: أي شيء تفسير هذا؟ قال: قل له: يا أمير المؤمنين، الذي يقول لك اتق الله فإنك رجل مسئول عن هذه الأمة، استرعاك الله عليها، وقلّدك أمورها، وأنت مسئول عنها، فاعدل في الرعية، واقسم بالسويّة، و انفر في السرية، واتق الله في نفسك، هذا هو الذي يخوّفك، فإذا بلغت المأمن أمنت، هو أنصح لك ممن يقول لك أنت من أهل بيت مغفور لهم، وأنت قرابة من قرابة نبيكم، و في شفاعته، فلا يزال يؤمّنك حتى إذا بلغت الخوف عطبت. قال:

فبكى هارون حتى رحمه من حوله، قال: زدني، قال: حسبك إن وقفت.

روينا من حديث ابن ودعان، قال: حدثنا علي بن عبد الواحد، عن أبي الفتح العكبري، عن العباس بن محمد، عن محمد بن زكريا، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» ؟ فقال: «الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، واهتموا بأجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، فما عرض لهم من نائلها عارض إلا رفضوه، ولا خدعهم من رفعتها خادع إل وضعوه، خلقت الدنيا عندهم فما يجدّدونها، وخربت بينهم فما يعمرونها، وماتت في صدورهم فما يحيونها، يهدمونها فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، ونظروا إلى أهلها صرعى، وقد حلّت بهم المثلات، فما يرون أمانا دون م يرجون، ولا خوفا دون ما يحذرون» .

روينا من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن شهاب، عن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان بين آدم ونوح عشرة آباء، وذلك ألف ومائتا سنة. و بين نوح وإبراهيم عليهما السلام عشرة آباء، وذلك ألف ومائة واثنان وأربعون سنة. وبين إبراهيم وموسى سبعة آباء، وذلك خمسمائة وخمس وستون سنة.

وبين داود وعيسى ألف وثلاثمائة وخمسون سنة، وهي الفترة.

وعدد الأنبياء عليهم السلام مائة ألف نبي، وأربعة و عشرون ألف نبي، الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر، منهم خمسة عبرانيون: آدم، وشيث، و إدريس، ونوح، وإبراهيم.

وخمسة من العرب: هود، وصالح، وإسماعيل، وشعيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم.

وأرسل بين موسى وعيسى ألف نبي من بني إسرائيل، سوى من أرسل من غيرهم، يريد بقوله أرسل مؤيدين لشريعة موسى لا ناسخين. وكان بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام أربعة من الرسل، وهو قوله تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اِثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ، وأما الرابع فهو خالد بن سنان، والله أعلم فيما أحسبه، وهو خالد بن سنان بن غيث العبسي. وعاشت مريم بعد رفع عيسى خمسين سنة، وكان عمرها ثلاثا وخمسين سنة. وصلّى شيث على أبيه آدم بأمر جبريل، وكبّر عليه أربعا وتسعين تكبيرة.

وأم أصحاب الأحلام، والآداب، والعلم، أربعة: العرب، والفرس، والروم، والهند، و الباقون همج.

وأولو العزم من الرسل ثلاثة: نوح، وإبراهيم، ومحمد، عليهم الصلاة والسلام.

وأول أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى.

والكتب التي أنزلت على الأنبياء، مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل منها على شيث خمسون صحيفة، و على موسى التوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين القرآن.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!