الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حكمة علوية

أحسن الدنيا، أقبحها عند من يبصرها، يعني بعين عقله، وذلك أنها تشغل عما هو أحسن منها، يعني الآخرة، واكتساب الخلق الفاضلة. رويناه من حديث أحمد بن مروان بن إبراهيم، عن نصر، عن محمد بن سلام، عن بعض الحكماء.

ومن باب حنين الإبل وسيرها، قول أبي منصور بن الفضل المؤدب:

تزاورن من أذرعات يمينا نواشز ليس يطعن البرينا

كلفن بنجد كأن الرياض أخذن لنجد عليها يمين

وأقسمن يحملن إلا بخيلا إليه ويبلغن الآخرينا

ولما استمعن زفير المشوق ونوح الحمام تركن الحنين

إذا جئتما بآنة الواديين فأرخوا النسوع وخلّوا الوضين

وقال أيضا في هذا الباب:

لأي مرمى تزجر الأيانقا إن جاوزت نجدا فلست عاشقا

وإنما كان بكائي حاديا ركب الغرام وزفيري سائق

ومن هذا الباب لأبي جعفر البياضي:

نوق تراها كالسّفين إذا رأيت الآل بحرا

كتب النحر بدمائها في مهرق البيداء سطر

فكأن أرجلهن تطلب عند أيديهنّ وترا

يحملن من أهل الهوى شعثا على الأكوار غبر

لاح الهجير وجوههم فأحال منها البيض سمرا

ولابن الخفاجي من هذا الباب:

امتيحه فضل الأزمة شمّر فمع النسيم تحية من عرعر

يا بانتي أضم ومن دين الهوى بثّ السؤال لكل من لم يخبر

علمتما قلبي أقام مكانه أم سار في طلب الصباح المسفر

وله أيضا:

دعوه نناضل بالأذرع فأين العواصم من لعلع

وقودوا أزمتها بالحنين فلولا الصبابة لم تتبع

وروينا عن الإمام أبي الفرج بن الجوزيّ الحافظ كتابة لنفسه في هذا الباب:

وحرمة شعث على كل نضر براهنّ من ألم ما براني

إذا ذكرتها حداة الهوى قطعن البر أقطع وجدي عنان

تطايرن والشوق يدني مني وكل المنى عند ذاك المكان

فلما علون فويق الكثيب تراءين ذاك البريق اليماني

وله أيضا من قصيدة في هذا الباب:

لا وشعث فارقوا أوطانهم يستلينون الطريق الأوعرا

كلما غنّى بهم حاديهم أخذت عيسهم تغري البر

أعسفت في سيرها إذ طربت أمنى ذكّرها والأجفرا

وافقت من حملت في شوفهم فتناست بالهوى طول السّرى


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!