الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


63. انسان كبير

كما اعطى “ العالم “ اسمه لنسخته 1، فكان الانسان: العالم الصغير.

كذلك اعطى الانسان اسمه لمن تفرّق في كونه جميع الحقائق المختصرة فيه، فكان العالم: الانسان الكبير.

اذن، هناك ثنائيات لفظية أطلقها الشيخ ابن العربي مسبوقا في ذلك بتيار فكري بعيد الجذور في الفلسفات القديمة 2 للتعبير عن فكرة: الانسان صورة العالم.

فوجدت المصطلحات التالية:

- انسان كبير ( العالم ) وانسان صغير ،

- عالم كبير وعالم صغير ( الانسان ).

يقول الشيخ ابن العربي 3:

“ ان العالم باسره انسان كبير وروحه 4 الانسان الكامل من نوع الانسان الصغير الذي هو رابطة الامداد والاستمداد “ ( بلغة الغواص ق 30 ).

“ الانسان وان صغر جرمه عن جرم العالم فإنه يجمع حقائق العالم الكبير ولهذا يسمى العقلاء العالم: انسانا كبيرا. ولم يبق في الامكان معنى الا وقد ظهر في العالم فقد ظهر في مختصره 5 “ ( ف 2 / 124 ).

“ فالانسان: عالم صغير، والعالم: انسان كبير. .. فكان الانسان آخر مولد في العالم أوجده اللّه جامعا لحقائق العالم كله، وجعله خليفة 6 فأعطاه قوة كل صورة موجودة في العالم “ ( ف 2 / 150 ).

ولكن بما ذا أغنى الشيخ ابن العربي مفهوم هذا المصطلح ؟ وهل فرّق بين حدّي التشبيه اي بين الانسان الصغير والانسان الكبير، أم تركهما على مطابقتهم السابقة في الفلسفات التي تقدمت عصره ؟

ان العالم أو الانسان الكبير عند الحاتمي، حصر في كونه جميع حقائق الخلق والامكان، فكان أحد وجهي الحقيقة الكبرى [ وجه الخلق في مقابل وجه الحق ].

ولكن لا تكتمل للعالم هذه الجمعية إذا أخرجنا الانسان من جملته. فبه تكتمل صورة العالم.

اما إذا استثنينا منه الانسان كان كالجسد دون روح. اذن فقد الجمعية والصورة.

ان الانسان جزء من صورة العالم بينما العالم ليس جزءا من صورة الانسان. فالانسان وحده عالم بذاته والعالم ليس عالما بذاته من دون الانسان 7.

يقول:

“ ما من شيء في العالم الا وله حظ في الصورة الإلهية، والعالم كله على الصورة الإلهية وما فاز الانسان الكامل الا بالمجموع. .. وما كملت الصورة من العالم الا بوجود الانسان، فامتاز الانسان الكامل عن العالم مع كونه من كمال الصورة للعالم الكبير بكونه على الصورة بانفراده من غير حاجة إلى العالم “.

( ف 4 / 231).

“ فإنه [ الانسان ] مجموع العالم من حيث حقائقه، فهو عالم مستقل وم عداه فإنه جزء من العالم. .. فالانسان روح العالم 8 والعالم الجسد، فبالمجموع يكون العالم كله هو الانسان الكبير والانسان فيه. .. “ ( ف 2 / 67 ).

..........................................................................................

( 1 ) الانسان هو نسخة الكون أو العالم. راجع “ نسخة “.

( 2 ) الانسان الكامل في الاسلام. بدوي. ص ص 26 - 27 حيث يقول: فقد تبين بفضل جيتسهGoetzeانه قد تكون بصورة كاملة في إيران في القرن الخامس قبل الميلاد تفسير للعالم شامل على أساس مبدأ التناظر بين الكون الأكبر والكون الأصغر. اي المبدأ القائل بان العالم انسان كبير وبان الانسان عالم صغير.

- الرسالة الرابعة والثلاثون من رسائل اخوان الصفاء: في معنى قول الحكماء ان العالم انسان كبير.

رسائل اخوان الصفاء وخلان الوفاء. نشر دار صادر - بيروت - ج 3 ص ص 212 - 221 ،

- الرسالة السادسة عشرة فصل في بيان معرفة قول الحكماء ان العالم انسان كبير.

رسائل اخوان الصفاء ج 2 ص ص 24 - 26.

- مجلة المشرق بيروت 1967 ص 460 هامش 790 حيث يقول عثمان يحي ان اخوان الصفاء هم أول من استعمل لفظ “ انسان كبير “ في العربية.

( 3 ) يراجع بخصوص “ انسان كبير “ عند الشيخ ابن العربي:

- الفتوحات ج 3 ص 74 ،

- الفتوحات ج 4 ص 45، ص 141، ص 260، ص 409.

- كتاب نقش الفصوص ط. حيدراباد ص 1 ،

- بلغة الغواص ق 13 ،

( 4 ) راجع “ روح العالم “ ،

( 5 ) راجع “ مختصر “.

( 6 ) ان اللّه أخرّ خلق الانسان عن خلق العالم حتى لا يمر زمان ل يكون فيه الانسان خليفة.

انظر “ خليفة “.

( 7 ) ان الانسان على الصورتين، صورة الحق وصورة العالم. راجع “ صورة “.

( 8 ) راجع “ روح العالم “.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!