الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


56. المؤمن

يعمد الشيخ ابن العربي إلى اشتقاقين لكلمة مؤمن. فهو يأخذها أحيانا من آمن، وأحيانا أخرى من أمن.

وهو بذلك منسجم مع ما جاء في القرآن العزيز.

وفي الاشتقاق الأول يكون معنى المؤمن: هو المصدّق باحدية العين وأحدية الكثرة ،

وفي الاشتقاق الثاني: هو الذي يعطي الأمان، فيراعي كل ذي حق بأدائه حقه 1. . وهذان الاشتقاقان قد وردا في القرآن الكريم، إذ ان المعنى الثاني يستفاد من اسم اللّه “ المؤمن “ اي واهب الأمن 2. ..

يقول الشيخ ابن العربي:

( ) “ وليس المؤمن سوى المصدق باحدية الكثرة الإلهية لما هي عليه من الأسماء الحسنى والاحكام المختلفة، من حيث إن كل اسم الهي يدل على الذات وعلى معنى ما هو المعنى الآخر الذي يدل عليه الاسم الآخر 3 فله العين.

فهو مؤمن أيضا باحدية العين كما هو مؤمن بأحدية الكثرة فمن لم يكن له هذا الايمان، والا فليس هو المؤمن “ ( ف 4 / 176 ).

ويكمل الشيخ ابن العربي هذا المقطع السابق فيميز بين العالم والمؤمن، فالمؤمن مقلد لأنه مصدّق للخبر بينما العالم عالم بصدق الخبر، فيكون العالم مؤمن بلا شك، واشترك الكل في نعت الايمان 4.

“ فالرسل والمؤمنون الكمل ما هم واقفون مع ما يعطيهم نظرهم وانم واقفون مع ما يأتيهم من ربهم “ ( ف 4 / 181 ).

( ب ) “ فالمؤمن: من أعطى الأمان في الحق. .. المؤمن أيضا من يعطي الأمان نفوس العالم بايصال حقوقهم إليهم، فهم في أمان منه، من تعديه فيها [ في حقوقهم ] ومتى لم يكن كذا فليس بمؤمن “. ( 4 / 148 ).

“ فالمؤمن من تساوى خوفه ورجاؤه بحيث انه لا يفضل واحد صاحبه عنده لأنه استعمل كل شيء في محله 5. .. “.

..........................................................................................

( 1 ) عند الشيخ ابن العربي المؤمن هو: سمي اللّه.

راجع “ سمى اللّه “، ويظهر هنا كيف ان مضمون كلمة مؤمن انتقلت من التصديق إلى اعطاء كل ذي حق حقه، وهذه صفة الهية. لأنه قال تعالى :” قالَ رَبُّنَ الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى “[ 20 / 50 ] إذ يستند الشيخ ابن العربي إلى هذه الآية لبيان اعطاء كل ذي حق حقه.

( 2 ) والمؤمن واهب الأمن، أو المؤمن من عذابه من أطاعه، أو الذي أمن الخلق من ظلمه فهو مشتق من الأمن.

( 3 ) راجع “ حقيقة الاسم “ بالنسبة للمسمى في مادة “ اسم “.

( 4 ) راجع الفتوحات ج 4 ص 176 وص 207.

( 5 ) جملة الشيخ ابن العربي هنا أراد بها الحياة الدنيا، فالمؤمن في الحياة الدنيا من لا يغلب رجاؤه على خوفه لئلا يفرط في حق اللّه، ولا يغلب خوفه على رجائه لئلا ييأس من رحمة اللّه، وكلتا الحالين

تضر بالعبد. فالمؤمن من راعى كل الحقوق واستعمل كل شيء في محله وتساوى عنده الخوف والرجاء في الحياة الدنيا.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!