الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


54. الأمانة

في اللغة:

“ الأمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها: سكون القلب “

( معجم مقاييس اللغة ج 1 ص 133 ).

في القرآن:

لقد وردت في موضع واحد وهو :” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا “. ( الأحزاب 33 / 72 ).

فالتنزيل العزيز أورد لفظ “ الأمانة “ على الاطلاق فلم يحددها في هذ الموضع المذكور ولا في مواضع أخرى. مما حدا المفسرين إلى فتح باب الاستنباط وكثرت الأقوال فيها 1.

عند الشيخ ابن العربي:

نظر أكثر مفسري الأمانة إليها على أنها: قوة أو صفة أو عقيدة أو م شابه أودعها اللّه أمانة في قلب الانسان أو روحه أو نفسه.

ولكن الشيخ ابن العربي قفز من الحال إلى المحلّ.

اي جعل المحل [ القلب - الروح - النفس ] هو الأمانة التي حملها الانسان 2.

ونستطيع ان نختصر مفهوم الأمانة عنده بكلمات قليلة ولكنها شديدة الالتصاق بفلسفته.

فالأمانة: هي الصورة 3 التي خلق اللّه آدم عليها، فاستحق بها الخلافة 4.

ولذلك يشير إليها أحيانا بكلمة “ الأمانة المعارة “ لان خلافة الانسان دليل على أن الامر بيد من استخلفه، فالامر إعارة وليس أصيلا.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ الانسان الكامل. .. وحمله هذا السر المعبر عنه بالأمانة التي تبرّ من حملها الوجود الكلي حين أبى [ الأصل - أبا ] واشفق واعترف بالعجز عن حملها، المشار إليها بقوله تعالى :” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْه وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ “( 33 / 72 ). . فصار بذلك خليفة الرحمن لأنه مخلوق على صورته. .. فلما كان هذا العبد مخلوقا على صورة الرحمن وخليفته سخّر اللّه تعالى له ما في الأكوان من سائر أنواع المحسوسات والمعقولات. .. “ ( شق الجيوب ص 30 - 31 ). ..

“ النفس الناطقة المميزة العاقلة التي هي ثمرة الكون وغاية الوجود تنقسم إلى قسمين: نفس منسوبة إلى الحق ونفس منسوبة للعبد 5، فاما النفس المنسوبة للحق فهي سر اللّه المستحق الوجود الذي قام به كل موجود. .. وهي التي أشار إليه الرسول الأعظم بقوله صلى اللّه عليه وسلم: من عرف نفسه فقد عرف ربه 6. .. فهذه النفس هي الأمانة. .. “ ( شق الجيوب ص 43 - 45 ).

“ كما قيل لأبي يزيد حين خلع عليه خلع النيابة وقال له: اخرج إلى خلقي بصفتي فمن رآك رآني. فلم يسعه الا امتثال امر ربه، فخطا خطوة، إلى نفسه من ربه فغشي عليه - فإذا النداء: “ ردوا على حبيبي 7 “. .. واستراح من حمل “ الأمانة المعارة “ ( فتوحات - السفر الثالث فقرة 36 ).

“ فالشمس كاملة والقمر ناقص: لأنه محو. فصفة ضوئه معارة، وهي “ الأمانة التي حملها “ ( ف - السفر الأول فقرة 479 ).

نلاحظ في النصين الثالث والرابع تركيز الشيخ ابن العربي على صفة الإعارة في الأمانة. وهذا يتفق ونظريته في الخلافة والصورة.

..........................................................................................

( 1 ) فسر القشيري “ الأمانة “ بقوله:

“ ويقال: الأمانة القيام بالواجبات أصولها وفروعها.

ويقال: الأمانة التوحيد عقدا وحفظ الحدود جهدا “ ( لطائف الإشارات ج 5 ص 173 ).

- اما البيضاوي فيقول:

“. .. الطاعة وسماها أمانة من حيث إنها واجبة الأداء. .. “ ( أنوار التنزيل ج 2 ص 136 ).

- “ الأمانة: الطاعة والعبادة “ ( تفسير ابن عباس المكتبة الشعبية بيروت ص 358 ).

( 2 ) سبق الغزالي الشيخ ابن العربي إلى هذه النظرة. فالأمانة عنده بمعناها الاصطلاحي شقان: الأول هو المعرفة والتوحيد. والثاني هو القلب أو العقل أو السر. ( راجع في معجم الغزالي. الأب جبر ص ص 8 - 9 ).

( 3 ) راجع “ صورة “.

( 4 ) راجع “ خلافة “. كما يراجع “ المواقف “ للأمير عبد القادر الجزائري ص ص 395 - 396 ( الأمانة - الخلافة ).

( 5 ) النفس المنسوبة إلى الحق هي المخلوقة على الصورة. والنفس المنسوبة للعبد هي النفس المذمومة.

( 6 ) راجع فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 13 ).

( 7 ) انظر شطحات صوفية. عبد الرحمن بدوي ج 1 ص 116 القاهرة 1949.

***


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!