الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


508. - الغيبة

* يستعمل ابن العربي مفرد “ الغيبة “ بالمضمون الذي سبقه اليه الصوفية ،

اي: غيبة القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق، لاشتغال الحس بما ورد عليه، ثم قد يغيب عن احساسه بنفسه وغيره بوارد قوي 1. . وهو من الأحوال.

يقول:

“ ومنهم [ الرجال ] من ينفّس الرحمن عنه ذلك الضيق بمشاهدته عالم الخيال، يستصحبه ذلك دائما. .. ولا تكليف عليه ما دام في تلك الحال [ الغيبة ]: لغيبته عن احساسه في الشاهد. .. “ ( ف السفر الرابع فق 318 ).

“ وجميع ما ذكرناه يسمّى الأحوال والمقامات، فالمقام، كل صفة يجب الرسوخ فيها، ولا يصح التنقل عنها، كالتوبة.

والحال منها كل صفة تكون فيها في وقت دون وقت، كالسكر والمحو والغيبة والرضا، أو يكون وجودها مشروطا بشرط

فتنعدم لعدم شرطها كالصبر مع البلاء، والشكر مع النعماء “ ( ف السفر الأول - فق 96 ).

الغيبة “ من المفردات التي تشكل حدا في علاقة جدلية مع مفرد آخر. فم هو هذا المفرد الآخر ؟ انه “ الحضور “.

الغيبة والحضور كالفناء والبقاء تماما [ راجع “ الفناء والبقاء “ ] معنيان متضايفان، إذ كلما كانت الغيبة كلية كان الحضور كليا. كلما غاب العبد عن الخلق كلما حضر مع الحق 2

يقول ابن العربي:

“ الا اني كنت في أوقات في حال غيبتي 3 أشاهد ذاتي في النور الأعم. والتجلي الأعظم، بالعرش العظيم، يصلّى بها وانا عريّ عن الحركة، بمعزل عن نفسي. .. “ ( ف السفر الرابع فق 114 ).

..........................................................................................

( 1 ) انظر “ الرسالة القشيرية “ ص 38، ويروي القشيري في الصفحة نفسه ان إذ النون المصري بعث انسانا من أصحابه إلى أبي يزيد ليصف له حال أبي يزيد.

فلما جاء الرجل إلى بسطام دخل عليه فقال له أبو يزيد: ما تريد ؟

فقال: أريد أبا يزيد.

فقال: من أبو يزيد، وأين أبو يزيد، انا في طلب أبي يزيد، فرجع الرجل وقال: هذا مجنون.

فبكى ذو النون وقال:

أخي أبو يزيد. . ذهب في الذاهبين إلى اللّه.

فهذا حال أبي يزيد، ينطبق على مفهوم “ الغيبة “ عند الصوفية انها غيبة عن الخلق وعن الاحساس بالذاتية، دون ان يمس الاحساس نفسه والحضور.

فالانسان في الغيبة عنده حضور خاص.

وقد فصل الكمشخانوي “ الغيبة “ متنقلا معها في مراحلها من البدايات إلى النهايات، يقول:

“ ( الغيبة ) وهي. .. غيبة السالك عن رسوم العلم لقوة نور الكشف وصورتها في البدايات الغيبة عن رسوم العادات ،

وفي الأبواب: الغيبة عن تمتعات الدنيا ولذاتها والميل إلى زخارفه ومشتهياتها ،

وفي المعاملات: الغيبة عن الخلق وافعالهم والنظر إلى أمورهم وأقوالهم ،

وفي الاخلاق: الغيبة عن النفس وأهوائها وعن صفاتها ودواعيها وآرائها ،

وفي الأصول ؛ الغيبة عن القصد عما سوى المقصود وقصر الهمة في السير على سمت الورد المورود ،

وفي الأودية: الغيبة عن ظلمات وألم النفس بالاستغراق في نور القدس ،

وفي الأحوال: الغيبة عما يجول بينه وبين المحبوب في تباريق تجلي المطلوب، ودرجتها في الحقائق: الغيبة عن الأكوان والامكان

بشهود نور الأزل بالعيان ،

وفي النهايات: الغيبة عن الغيبة لسقوط التنويه من الحضرة “ ( جامع الأصول ص ص 210 - 211 ).

( 2 ) يقول الكمشخانوي في جامع الأصول ص 181:

“ واما الحضور فهو حضور العبد بالحق بعد غيبته عن الخلق وذلك بسبب استيلاء ذكر الحق على قلبه ودوامه فيه، وقدر حضوره بالحق بقدر غيبته عن الخلق، فإن كان بالكلية كان حضوره كذلك. ثم يكون مكاشفا في حضوره على حسب رتبته بمعان يخصه الحق بها، وقد يقال: حضر العبد بمعنى: عاد من غيبته وعدم احساسه بأحوال نفسه وأحوال الخلق “.

( 3 ) يراجع بشأن “ غيبة وحضور “ عند ابن العربي:

- الفتوحات السفر الثالث فق 272 - 1 ( الحضور الدائم )، فق 274 - 1 ( الحضور التام على الدوام ).

- الفتوحات السفر الرابع فق 47 ( الحضور )، 112 ( غائب في شهود الحق ) 296 ( الحضور والمراقبة )، 318 ( الغيبة عن الاحساس في الشاهد ).

- الفتوحات السفر السادس فق 33 ( الاستغراق والحضور ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!