الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


456.  – العدل

في اللغة:

“ العين والدال واللام أصلان صحيحان، لكنهما متقابلان كالمتضادين:

أحدهما يدل على استواء، والآخر يدل على اعوجاج.

فالأول العدل من الناس: المرضّى المستوى الطريقة، يقال: هذا عدل، وهم عدل. .. وتقول: هما عدلان أيضا، وهم عدول. .. والعدل: الحكم بالاستواء. ويقال للشيء يساوي الشيء: هو عدله. .. والعدل: قيمة الشيء وفداؤه. .. وكل ذلك من المعادلة، وهي المساواة. والعدل: نقيض الجور. ..

فاما الأصل الآخر فيقال في الاعوجاج: عدل، وانعدل، اي انعرج. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ عدل “ ).

في القرآن 1:

( ) العدل - الفدية، الفداء أو البدل.

قال تعالى: ” وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْه عَدْلٌ “2 [ 2 / 48 ].

( ب ) العدل - المثل والجزاء.

“ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ “3 [ 5 / 95 ].

( ج ) العدل - الانصاف، نقيض الجور.

قال تعالى: ” وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُو بِالْعَدْلِ “[ 4 / 58 ].

( د ) العدل: المرضي المستوى الطريقة، والفعل من ذلك “ عدل “ وقد ورد في التنزيل بعد “ التسوية “ للدلالة على خلق الحق البنية معدلة: متناسبة الأعضاء أو معدلة بما يسعدها من القوى.

قال تعالى: ” يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ “4 [ 82 / 7 ].

( هـ ) يقال للمشرك انه يعدل بربه اي كأنه يسوي به غيره أو يشرك به عدلا اي مثلا 5.

قال تعالى: ” ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ “6 [ 6 / 1 ].

عند ابن العربي 7:

* لقد اخذ ابن العربي الأصل الثاني اللغوي “ للعدل “ ( الاعوجاج )، فنراه يفسره بالميل. فالعدل هو الميل. ويكون بذلك أساس الخلق 8 ( اسما وفعلا ).

ولنترك ابن العربي يبين بكلامه ما أوردناه ،

“ ان العدل هو الميل، يقال: عدل عن الطريق إذا مال عنه، وعدل اليه إذ مال اليه، وسمي الميل إلى الحق عدلا، كما سمي الميل عن الحق: جورا، بمعنى [ ومعنى ] ان اللّه خلق الخلق بالعدل، اي ان الذات لها استحقاق من حيث هويتها ولها استحقاق من حيث مرتبتها وهي الألوهية، فلما كان الميل مما تستحقه الذات لما تستحقه الألوهية التي تطلب المظاهر لذاتها سمي ذلك: عدلا.

اي ميلا من استحقاق ذاتي إلى استحقاق الهي، لطلب المألوه ذلك الذي يستحقه.

ومن اعطى المستحق ما يستحق سمي: عادلا، وعطاؤه عدلا، وهو الحق 9، فم خلق اللّه الخلق الا بالحق: وهو اعطاؤه خلقه ما يستحقونه. .. “ ( ف 2 / 60 ).

“ ومن هذه الحضرة العجيبة [ حضرة العدل ] خلق اللّه العالم على صورته 10، ومن هنا كان عدلا، لأنه تعالى عدل من حضرة الوجوب الذاتي إلى الوجوب

بالغير أو إلى حضرة الامكان. .. وعدل أيضا بالممكنات من حضرة ثبوته إلى وجودها 11، فلا يعقل في الوجود الا العدل، فإنه ما ظهر الوجود الا بالميل وهو: العدل “. ( الفتوحات ج 4 ص 236 ).

على أن هذا “ الميل “ الذي يثبته ابن العربي مرادفا للعدل، لا يلغي، “ الاستقامة “ الحاصلة في العالم بل هو عينها 12.

يقول:

“ والعدل: الميل، فالميل عين الاستقامة فيما لا تكون استقامته الا عين الميل. ..

فأغصان الأشجار وان تداخل بعضها على بعض فهي كلها مستقيمة في عين ذلك العدول والميل، لأنها مشت بحكم العادة على مجراها الطبيعي. .. “ ( ف 4 / 236 - 237 ).

****

العدل هو المثل.

يقول ابن العربي.

“. .. فما في الكون الا عدل حيث فرضته 13، وبالعدل ظهرت الأمثال 14 وسمي المثل عدلا. . “ ( ف 4 / 236 ).

****

نلاحظ من التعريفين السابقين ان لفظ “ عدل “ فيهما كان نكرة، اما هن فهو معرف: “ العدل “.

ويختلف موقف ابن العربي من اللفظ في حالتيه ( نكره، معرّف ).

ففي الأولى تتميز نظرته بكونها عامة تطرق الناحية اللغوية والصفاتية الفعلية.

اما في الحال الثانية فقد يحدده بشخص له حقيقة خاصة وبالتالي مكانة خاصة في صرح الحاتمي الوجودي.

فالعدل هو الحق المخلوق به وهو العقل الأول.

يقول:

“ العدل هو الحق المخلوق به السماوات والأرض، فسهل بن عبد اللّه 15 وغيره يسميه العدل، وأبو الحكم عبد السلام بن برجان يسميه: الحق المخلوق به. .. “ ( ف 2 / 60 ).

“ القلم الإلهي. .. وهو العقل الأول. .. وهو الحقيقة المحمدية والحق المخلوق به والعدل 16. .. وهو الروح القدس الكل. .. “ ( ف 3 444 /).

انظر “ العقل الأول “ و “ الحقيقة المحمدية “

كما يراجع: انسان كامل: المترادفات، والسبب في نشأة كثرة المترادفات عند ابن العربي.

..........................................................................................

( 1 ) ويفسر مقاتل “ العدل “ في القرآن بالتوحيد في الآية :” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ “( 16 / 90 ).

ولا يخفى ما في هذه النظرة من رمزية لا مستند لغوي لها.

انظر :Exegese coraniqueص 45.

( 2 ) انظر شرح الآية أنوار التنزيل ج 1 ص 25 الهامش.

( 3 ) انظر شرح الآية: أنوار التنزيل ج 1 ص 25 الهامش.

( 4 ) انظر شرح التسوية والعدل في أنوار التنزيل ج 2 ص 298 الهامش.

القراءة بالتخفيف وبالتشديد.

( 5 ) ومن هذه الآية يثبت الترمذي “ العدل “ نظيرا من نظائر “ الشرك “ في القرآن

انظرExegese coraniqueص 125.

( 6 ) انظر شرح الآية كما يفسره ابن العربي في الفتوحات ج 4 ص 236.

( 7 ) راجع كلام الترمذي في التفريق بين العدل والفضل والجودExegese coraniqueص 298 ،

( 8 ) انظر “ خلق “ ( 9 ) انظر حق المعنى “ الرابع “.

( 10 ) انظر “ صورة “ ( 11 ) انظر “ عين ثابتة “.

( 12 ) انظر “ الاستقامة “ كما يراها ابن العربي.

( 13 ) من حيث إن “ الكون “ يفترض “ الميل “ حتى يظهر في الوجود.

( 14 ) إشارة إلى الخلق الجديد. انظر “ خلق جديد “.

( 15 ) اذن لفظ “ العدل “ استفاده من التستري وهذه ليست استفادة بالمعنى الحقيقي فابن العربي هنا لم يستفد صفة يضيفها إلى صفات العقل الأول أو الحقيقة المحمدية. بل هو هنا يقرر موازاة ليس أكثر، فالعدل عند التستري يوازي الحقيقة المحمدية عنده، والحق المخلوق به عند ابن برجان. والعقل الأول عند الفلاسفة وهكذا. ..

( 16 ) يراجع بشأن “ عدل “ عند ابن العربي:

- الفتوحات ج 2 ص 308 ،

- الفتوحات ج 3 ص 77 ،

- الفتوحات ج 4 ص ص، 23 - 237 ( حضرة العدل ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!