الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


440.  – الظلّ

في اللغة:

“. .. قال رؤبة: كل موضع يكون فيه الشمس فتزول عنه، فهو ظلّ وفيء. .. وجمع الظّل أظلال وظلال وظلول. ..

والظلال: ما اظلّك من سحاب ونحوه..

الظّل في الحقيقة انما هو ضوء شعاع الشمس دون الشّعاع..

يقال أظلّ يومنا هذا إذا كان ذا سحاب أو غيره وصار ذا ظلّ، فهو مظل. .. والعرب تقول:

ليس شيء أظلّ من حجر، ولا أدفأ من شجر. .. وكلّ ما كان أكثر عرضا وأشد اكتنازا كان أشد لسواد ظلّه..

وقوله عز وجل: وللّه يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدوّ والآصال. أي ويسجد ظلالهم، وجاء في التفسير: ان الكافر يسجد لغير اللّه وظلّه يسجد للّه. وقيل ظلالهم اي اشخاصهم.

وهذا مخالف للتفسير. .. وقوله عز وجل :وَلَا الظِّلُّ وَلَ الْحَرُورُ[ 35 / 21 ]

قال ثعلب: قيل الظّل هنا الجنة، والحرور: النار. ..

وقوله عز وجل :” وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ[ 2 57 /].

قيل: سخر اللّه لهم السحاب يظلهم متى خرجوا إلى الأرض المقدسة، وأنزل عليهم المنّ والسلوى. .. وكل شيء اظلّك فهو ظلّه..

وفي التنزيل العزيز :أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ[ 25 / 45 ]

وظلّ كل شيء:

شخصه لمكان سواده. .. “ ( لسان العرب مادة “ ظلل “ ).

في القرآن:

انظر: في اللغة

عند ابن العربي:

استعان ابن العربي بصورة الشيء والنور وظله أو ظلاله ،

المثلثة العناصر ليفسر:

 - الخلق والتكثر

 - نمطية العلاقة بين الحق والخلق

 - أحدية الفعل.

فالظل لا يتمتع بمضمون ذاتي عند شيخنا الأكبر، وما هو الا صورة استعارها ليقرب إلى الأذهان فكرته في الوجود الواحد المتكثر في المظاهر.

وقد استطاعت هذه الصورة التمثيلية ان تتكيف مع نظريته فطبقها في الكليات، وطوعها في الجزئيات.

فلنر إلى اي مدى وفق في استعارته هذه.

****

الخلق والتكثر الوجود واحد يتكثر في الصور التي يعبر عنها ابن العربي بالمظاهر أو المجالي أو الظلال. فالظل هو شكل الشيء عند مقابلته النور.

فلذلك الظل وان كان على الصورة فنسبته إلى الأصل نسبة بعيدة، نسبة م بين الشخص وظله.

فالظل تدن في المرتبة الوجودية، وإشارة إلى المرتبة الأدنى دائما، جسم الشخص مثلا ظل حقيقته وهكذا. ..

يقول: التكثر.

“. .. ظل الاشخاص اشكالها فهي أمثالها وهي ساجدة بسجود اشخاصها، ولول النور الذي هو بإزاء الاشخاص ما ظهرت الظلال. .. “ ( ف 4 / 435).

“. .. الشخص وان كان واحدا فلا تقل له ظل واحد ولا صورة واحدة. ..

فعلى عدد ما يقابله من الأنوار يظهر للشخص ظلالات وعلى عدد المراي تظهر له صور.

فهو واحد من حيث ذاته متكثر من حيث تجليه في الصور، أو ظلالاته في الأنوار فهي المتعددة لا هو وليست الصور غيره. .. “ ( التراجم 31 ).

الأدنى ظل للأعلى:

“. .. واعلم أن الطبيعة ظل النفس الكلية الموصوفة بالقوتين المعبر عنه بلسان الشرع باللوح المحفوظ، فما لم يمتد من ظل النفس وبقي فيها فهو الذي نزلت به

على العقل في درجة النورية والإضاءة، وما امتد من ظل النفس سمي طبيعة، وكان امتداد هذا الظل على ذات الهيولى الكل. .. “ ( ف - 3 / 296 ).

“. .. إذا كان جسمك ظل حقيقتك وهو ظل غير ظليل لا يغنيها من اللهب، بل هو الذي يقودها إلى لهب الجهالة ويضرم فيها نارها. .. “ ( ف - 3 / 32 ).

****

الظل: نمطية علاقة بين الحق والخلق يتصور ابن العربي العلاقة بين الحق والخلق كالعلاقة بين الصورة والأصل، فالصورة لا وجود لها في عينها وانما تكتسب وجودها بوجود الأصل، وهي وان كانت غير الأصل، الا انها موصلة اليه بشكل من الاشكال، ودالة عليه.

يقول:

“ ( 1 ) وانما جعل النهار ظلا لليل لأن الليل هو الأصل، وكذلك الجسم هو الأصل فإنه بعد التسوية انسلخ منه النهار عند التفتح، فكان مدرجا فيه من اجل الحجاب، فلما أحس بالنفخة الإلهية سارع إليها فظهر ما كان مسلوخا منه. .. “ ( أيام الشأن ص 9 ).

“ ( 2 ) فان الظلال لا يكون لها عين بعدم النور .” ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً “[ 25 / 46 ] وانما قبضته اليه لأنه ظله، فمنه ظهر واليه يرجع الامر كله، فهو هو لا غيره. فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات. ..

فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل. .. فمن حيث أحدية كونه ظل هو الحق، لأنه الواحد الاحد. .. “ ( فصوص 1 / 103 ).

“ ( 3 ) انبعاث الظل من الشخص إذا قابله النور، فلا تنظر إلى النور نظرا يغنيك عن ظلك فتدعي انك هو، ولا إلى ظلك بحيث ينسيك النور “ ( رسالة القواعد الكلية ق 15 ).

“ ( 4 ) ما مد الظلال للراحة وانما مدها لتكون لك سلما إلى معرفته، فأنت ذلك الظل وسيقبضك اليه. .. “ ( الشاهد ص 3 ).

الظلال لا تؤثر في أحدية الفعل يوحد ابن العربي الفعل في الكون بأجمعه وينسبه إلى الحق فقط. فهو فاعل تعالى في كل فعل. وليس أكمل من استعارة الظلال في التعبير عن تبعية كل الصورة لفعل الأصل. فالحركة المرئية في الظل هي في الحقيقة للأصل.

لذلك كل فعل في الكون تنطبق عليه الآية التي تنفي وتثبت. .. “ وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى. . “ فنفى وأثبت واكد نسبته إلى الحق.

يقول:

“ ظلك على صورتك وأنت على الصورة، فأنت ظل. قام الدليل على أن التحريك للحق لا لك، كذلك التحريك لك لا للظل 1 “ ( التراجم ص 30 ).

..........................................................................................

( 1 ) يراجع بشأن “ ظل “ عند ابن العربي:

- الفتوحات ج 2 ص 299 ( مد الظل ) ص 303 ( كالظل المنبعث )

- الفتوحات ج 3 ص 47 ( الظلالات الحقيقية ) ص 106 ( مد الظل ) ص 304 ( عدم الممكن ظل )

- مشاهد الاسرار القدسية ق 25 ( الظل )

- مطلع فصوص الكلم ق 3.

- شرح مشكلات الفتوحات ص 13 - 14

- الصلاة الكبرى ق 19.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!