الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


372. - أسماء الإحصاء

لا تنتمي عبارة أسماء الاحصاء في فكرتها ومضمونها إلى مصطلحات ابن العربي ولكنها في صيغتها الخاصة تنتسب اليه، فالأرجح انه أول من أطلقها.

وأغلب الظن 1 ان المنبع الذي نهل منه ابن العربي مضمون هذه الكلمة هو الحديث الشريف:

“ ان للّه تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدا 2، من أحصاها 3 دخل الجنة 4. “ ودليلنا في هذا الرجوع هو لفظ “ الاحصاء “ المشترك بين مصطلح ابن العربي والحديث الشريف.

اما نص ابن العربي الذي نعتمد عليه في تحديد المضمون فهو:

“ ان الأسماء الحسنى 5 التي تبلغ فوق أسماء الاحصاء عددا، وتنزل دون أسماء الاحصاء سعادة. .. “ ( ف 1 / 99 ).

وهكذا بعد ان ربطنا بين أسماء الاحصاء والحديث الشريف نستطيع ان نعرفه قائلين: انها الأسماء التي وعد الحق سبحانه وتعالى محصيها بدخول الجنة، وعدده تسعة وتسعون اسما 6.

وهذا مقطع للقونوي، نلمح فيه عدد أسماء الاحصاء ومطابقتها لما أشرن اليه، يطمئننا 7 إلى صحة ما ذهبنا اليه من ربط الحديث الشريف بنص ابن العربي:

“ ثم اعلم أن الرحمة حقيقة واحدة كلية والتعدد المنسوب إليها المشار اليه في الحديث “ بان للّه مائة رحمة “ 8 راجع إلى مراتبها، واختصاصها بالمائة إشارة إلى الأسماء الكلية المحرّض على احصائها، وهكذا الامر في الدرجات الجنانية، فما من اسم من أسماء الاحصاء الا وللرحمة فيه حكم “ ( اعجاز البيان ص 202 ).

..........................................................................................

( 1 ) نعتمد في بيان هذا المصطلح على “ الظن “ لأنه ليس بأيدينا نصوص توضح مضمونه، فابن العربي يشير اليه عرضا دون بيان أو شرح. اما اعتمادنا على الحديث في معرفة مصدره فلسببين: الأول هو ان الأسماء عند ابن العربي مبدأ الكثرة، وعندما يريد ان يشير إلى الأصول التي تجمعها يستعمل لفظ “ أمهات “ راجع “ أمهات الأسماء “. اذن أسماء الاحصاء هي في مضمونها لا تمت إلى التركيب البنائي الفكري لابن العربي فالأسماء الإلهية عنده غير محصاة، والسبب الثاني: ان ابن العربي استمد معظم ألفاظه من القرآن والحديث وأعطاها ابعادا تناسب تفكيره، وربما استمد هذه المرة اللفظ والمضمون.

( 2 ) راجع ما قاله الفخر الرازي عن الفائدة من التكرار في الحديث حيث أعاد التسعة والتسعين بعبارة مائة الا واحدا: لوامع البينات في الأسماء والصفات ص 54. ( 3 ) يراجع بخصوص معنى “ الاحصاء “ في اصطلاح القوم:

- جامع الأصول الكمشخانوي ص 54 “ احصاء الأسماء الإلهية: هو التحقق به في الحضرة الواحدية بالفناء من رسوم الخليقة، والبقاء بقاء الحضرة الأحدية. .. “ - لطائف الاعلام ق ق 16 - ب ( الاحصاء - تعلق، تخلق، تحقق. .. )

- تفسير أسماء اللّه الحسنى، لأبي اسحق الزجاج ( ت 311 ه ) وهو يورد عدة معان لكلمة احصاء، تكاد تكون نفسها التي أوردها الفخر الرازي في لوامع البينات “ ( الطبعة الأولى 1323 ه ص ص 56 - 58 ) حيث يشير إلى أربعة وجوه لكلمة “ أحصاه “. ( الاحصاء: العد - الاحصاء بالعقل - الطاقة - الطلب في القرآن والحديث والعقل حتى يحصل ال 99 ).

( 4 ) الحديث: “ ان للّه تسعة وتسعين اسما. .. “ انظر فهرس الأحاديث حديث رقم ( 28 ).

( 5 ) يأخذ ابن العربي الأسماء الحسنى هنا بالمعنى الثالث للاسم الإلهي. فليراجع. وهكذا عندما تكون الأسماء الحسنى هي - مظاهرها في الأكوان، يكثر عددها بتعداد مظاهرها. وهنا تظهر أسماء الاحصاء بمنزلة أمهات هذه المظاهر التي هي الأسماء الحسنى، وتكون دونها عددا وأكثر منها سعادة.

( 6 ) يراجع: - فيض القدير للمناوي وهو شرح الجامع الصغير للسيوطي. الطبعة الأولى مصر 1938 م. ج 2 ص ص 488 - 495.

حيث نجد في المتن حديثا عن أبي هريرة فيه أسماء اللّه التسعة والتسعين. وفي الحاشية شرح كل اسم من أسماء الاحصاء هذه.

- كما أن لابن العربي مخطوطا في الظاهرية رقم 7457 بعنوان “ دعوة أسماء اللّه الحسنى “ حيث

نجد الشيخ الأكبر يدعو اللّه بأسمائه الحسنى، ويأخذ كل نداء صفة الاسم الذي يدعو به، وهكذا في كل اسم من أسمائه التسعة والتسعين. ونورد مثلا يقول:

“. .. يا نور أنت نور السماوات والأرض. .. فأسألك ان تجعل لي نورا في قلبي، ونورا في سمعي، ونورا في بصري استضيء به في الدنيا والآخرة. .. يا متعالي أسألك بعلوك ان ترفعني ولا تضعني. .. “ ( المخطوط المذكور ص 2 ).

( 7 ) ان القونوي تلميذ ابن العربي وربيبه، وما فلسفته الا صورة لتفكيره ولذلك نطمئن إلى نصوص القونوي في حال فقدان النصوص الواضحة للشيخ الأكبر.

( 8 ) انظر فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 29 ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!