الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


222.  – الخاطر

في اللغة:

“ الخاء والطاء والراء أصلان: أحدهما القدر والمكانة، والثاني اضطراب وحركة. فالأول قولهم لنظير الشيء خطيره.

ولفلان خطر اي منزلة ومكانة تناظره وتصلح لمثله.

والأصل الآخر قولهم: خطر البعير بذنبه خطرانا.

وخطر بالي كذا خطرا، وذلك ان يمر بقلبه بسرعة لا لبث فيها ولا بطء “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ خطر “ ).

في القرآن:

لم يرد الأصل “ خطر “ في القرآن.

عند الشيخ ابن العربي 1:

* ان أكثر ما كتب الشيخ الأكبر في الخاطر والخواطر يذكر بالتعريف الكلاسيكي الصوفي.

إذ اننا لا نلمح خلال الأسطر والكلمات وجهه المميز و “ بصماته “ الشخصية.

لذلك لن نكثر من ايراد النصوص 2، بل سنكتفي باهمها وخاصة بنص معين يخالف كل نصوصه في الخاطر، من حيث إن سطوره يعبق منها شذا “ وحدة الوجود “ التي دأب شيخنا التوجه إليها عبر كل لفظ ومعنى.

يقول:

“. .. فكل امر الهي ينزل [ إلى الخلق ] فهو: اسم الهي عقلي نفساني عرشي كرسي 3، فهو مجموع صور كل ما مر عليه في طريقه.

فيخترق الكور ويؤثر في كل كرة بحسب ما تقبله طبيعتها، إلى أن ينتهي إلى الأرض 4 فيتجلى لقلوب الخلق فتقبله بحسب استعداداتها، وقبولها متنوع، وذلك هو الخواطر التي تجدها الناس في قلوبهم فبها يسعون وبها يشتهون وبها يتحركون، طاعة كانت تلك الحركة أو معصية أو مباحة 5، فجميع حركات العالم من معدن ونبات وحيوان وانسان وملك ارضي وسماوي.

فمن ذلك التجلي الذي يكون من هذا الامر الإلهي النازل إلى الأرض، فيجد الناس في قلوبهم خواطر لا يعرفون أصلها وهذا هو أصلها. ..

ويظهر التأثيرات العلوية والسفلية. ..

فإذا نفذ فيهم امره وأراد الرجوع جاءته رسله، من كل موجود بما ظهر من كل من بعثوا اليه صورا قائمة، فيلبسها ذلك الامر الإلهي من قبيح وحسن، ويرجع إلى معراجه من حيث جاء إلى أن يقف بين يدي ربه اسما الهيا ظاهرا بكل صورة، فيقبل منه الحق ما شاء ويرد منها ما شاء على صاحبها في صور تناسبها. .. “ ( فتوحات 3: 30).

نستخلص من النص ان:

الخاطر هو الامر الإلهي المتصف بصفة كل الأكوان التي اخترقها في تنزله إلى الخلق - وهو مبدأ الحركة والفعل في المخلوقات.

* * *

* اما طبيعة الخاطر، التي تميزه عن غيره من أنواع الواردات على السالك فهو انه خطاب [ - صورة ] لا يثبت.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ الخاطر. .. ما يرد على القلب والضمير من الخطاب ربانيا كان أو غير رباني، ولكن من غير إقامة فان أقام فهو حديث نفس. .. “ ( ف 2 / 132 ).

“ والخواطر كلها خطابات الهية ما هي تجليات.

ولهذا ينشئها اللّه صورا تحدث في العماء الذي هو النفس الإلهي، فمن شهدها ولا يرزقه اللّه علما بما ذكرناه يتخيل ان الخواطر تجل الهي لما يرى من الصورة، وهذا هو السبب في تسميتها خواطر.

وانها لا تثبت كما لا تثبت صورة الحرف في الوجود بعد نطق اللسان به، فما له سوى زمان النطق به ثم ينعدم ويبقى في فهم السامع، مثال صورته فيتخيل ان الخاطر باق.

كما تخيل ذو النون في قوله “ الست بربكم “ فقال كأنه الآن في أذني.

فما ذلك هو الكلام الذي سمع وانما ذلك الباقي مما اخذ الفهم من صورة الكلام فثبت في النفس. .. “ ( ف 2 / 565 - 566 ).

..........................................................................................

( 1 ) يراجع بشأن “ الخاطر “

- اللمع ص ص 418 - 419 ،

- قوت القلوب ص ص 231 - 252

- روضة الطالبين. الغزالي. ص 9.

- رسالة المسترشدين. المحاسبي. ص 63.

- شفاء السائل. فهرس المصطلحات. مادة “ خاطر “ “ خواطر “

-Exegese coraniqueص 305 “ خاطر “ “ خواطر “

- نصوص صوفية غير منشورة تحقيق الأب نويا ص ص 314 - 316 ( الخواطر الملكوتية - والملكية - والملكتية ).

- الانباه على طريق اللّه. بدر الحبشي. ورقة 50 ،

- الرعاية لحقوق اللّه. المحاسبي. ص ص 105 - 107، ص ص 109 - 114 ( خطرة، خطرات ).

- ننقل كلام القشيري في “ الرسالة “ لأنه يلخص موقف المتقدمين جميعهم، يقول:

“ والخواطر خطاب يرد على الضمائر، فقد يكون بالقاء ملك، وقد يكون بالقاء لشيطان، ويكون أحاديث النفس، ويكون من قبل الحق سبحانه، فإذا كان من الملك فهو الالهام ،

وإذا كان من قبل النفس قيل له الهواجس، وإذا كان من قبل الشيطان فهو الوسواس، وإذا كان من قبل اللّه سبحانه وتعالى والقائه في القلب فهو خاطر الحق...

وفرق الجنيد بين هواجس النفس ووساوس الشيطان بان النفس إذا طلبتك بشيء الحت فلا تزال تعاودك ولو بعد حين حتى تصل إلى مرادها. ..

واما الشيطان إذا دعاك إلى زلة فخالفته بترك ذلك يوسوس بزلة أخرى لان جميع المخالفات له سواء. .. “ ص 43.

( 2 ) النصوص التي يذهب فيها الشيخ ابن العربي في الخاطر مذهب المتقدمين من حيث تعريفه واقسامه هي: - فتوحات 1 ص ص 281 - 284 [ اقسام الخواطر الأربعة ].

- فتوحات 2 ص ص 77 - 78 [ خاطر: رباني - ملكي - نفساني - شيطاني ].

- فتوحات 2 ص 564 [ الخواطر سفراء اللّه على قلب عبده - الخاطر الأول الهي صادق ( انظر أول ) ].

- فتوحات 3 ص 61 [ تردد الخواطر وعلاقته بأقلام المحو والاثبات ].

- فتوحات 3 ص 97 [ الخاطر الأول. والخاطر الثاني ].

- فتوحات 4 ص 152 [ الخاطر الأول ].

- شجون المشجون. ورقة 16 ب ورقة 17 أ. [ الخاطر ].

- وسائل السائل ص ص 22 - 23 [ خاطر الحق - خاطر الملك ]، ص 33 [ اقسام الخواطر الأربعة - خاطر الحق - الخاطر الأول ].

- شرح التجليات - نشر عثمان يحي. المشرق. 1967. ص ص 156 - 158 مع الهوامش.

( 3 ) ان الامر الإلهي في نزوله إلى الأرض يمر بعوالم مختلفة وفي مروره هذا يصطبغ بصفتها. مثلا ان الامر الإلهي في نزوله إلى الخلق يمر على القلم أو العقل الأول ثم اللوح أو النفس الكلية ثم العرش وهكذا، فيصطبغ بصفة كل عالم ويصبح امرا الهيا عقليا نفسيا عرشيا - وهكذا.

( 4 ) ان الامر الإلهي ينزل من الحق إلى الخلق مخترقا كل العوالم التي تفصلهما. فهو يمر على العقل [ القلم ] والنفس [ اللوح ] والعرش والكرسي. .. ويخترق السماوات السبع. وعندما يصل إلى السابعة وهي السماء الدنيا ينزل منها إلى الأرض. اما مدة هذا “ السفر “ الذي يقوم به الامر الإلهي فهي ثلاث سنوات. لذلك من حظي بكشف هذا الامر الإلهي قبل وصوله إلى الأرض يستطيع ان يخبر بما سيحدث. لأنه ما من شيء يحدث في الأرض الا بعد انقضاء ثلاث سنوات على نزول الامر الإلهي، وهي مدة اختراقه العوالم الفاصلة بين الحضرتين [ وعلى هذا يستند العرافون والكهنة. .. في تنبؤاتهم ] انظر الفتوحات ج 3. ص ص 30 - 31 ،

( 5 ) نلفت الانتباه إلى أن الشيخ ابن العربي يقسم الامر الإلهي إلى قسمين: أمر الهي تكويني. وامر إلهي تكليفي. وعلى أساس هذا الفصل يشرح كيفية استناد المعصية في أصلها إلى أمر الهي. انظر “ امر الهي “.

- 235 الأخفياء

“ الاخفياء “ هم “ الافراد “ انظر “ افراد ".


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!