الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار للمشاهد عند المقابلة والانحراف وعلى كم ينحرف من المقابلة]

و قال في الباب الثالث والسبعين وذكر فيه شرح أسئلة الحكيم الترمذي رضي اللّه عنه: اعلم أنه ما ثم دليل يرد طريق القوم ولا قادح يقدح فيه شرعا ولا عقلا وإنما يردها من ردها بالجهل بها فإن طريق القوم لا تنال بالنظر التفكري ولا بضرورات العقول وإنما هي نور في القلب يحدث فيه بواسطة اتباع الكتاب والسنة فيدرك الأمور يقينا لا ظنا وتخمينا وقال: إنما نكر تعالى علما في قوله في حق الخضر: وعَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً [الكهف: 65] . ليشمل الأربعة علوم التي خص بها أصحاب منازل القرية الذين [كان] الخضر [على] رأسهم: وهي علم الكتابة الإلهية وعلم الجمع والتفرقة وعلم النور والعلم اللدني. قال: ومنزل أهل القرية مقام بين الصديقية ونبوة التشريع فافهم. وقال: لو لا القول اللين ما انكسرت غلظة فرعون ولا كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، اجتمعوا عليه كل ذلك الاجتماع قال تعالى: فَقُولاٰ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً [طه: 44] . وقال: ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159] فتأمل واعتبر وقال: اجتمعت بعيسى عليه السلام، في وقائع كثيرة وتبت على يديه ودعا لي بالثبات على الدين في الحياة الدنيا، وفي الآخرة. ودعاني بالحبيب وأمرني بالزهد والتجريد.

(قلت) : وهو أمر غريب ولكن الشيخ له أغرب من هذا، وهو أخذه الطريق عن الملائكة المسمين بأسماء الحروف أوائل السور كما سيأتي ونقل ابن سيد الناس في سيرته في قصة إسلام سلمان الفارسي ما يشهد للشيخ في نزول عيسى إلى الأرض بعد رفعه وقبل اليوم الموعود وقال: إذا جاز نزوله بعد رفعه مرة فلا بدع أن ينزل مرارا واللّه أعلم. وقال: المراتب التي تعطي السعادة للإنسان أربع: وهي الإيمان، والولاية، والنبوة، والرسالة. ولأهل كل مرتبة ذوق يخصهم لكن قد يكون للنبي ذوق في مرتبة الإيمان والولاية فإن كان رسولا زاد عليهم بذوق مقام الرسالة لأنه رسول نبي ولي مؤمن، وقد لا يكون له ذوق في ذلك قال الخضر لموسى عليهما السلام، مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [الكهف: 68] والخبر الذوق قال الشيخ: ثم إن العلم من شرائط الولاية لا من شرائط الإيمان لأن الإيمان مستنده الخبر الذي بلغه عن الصادق فإذا لم يكن هناك خبر كأيام الفترات ووحد اللّه تعالى منهم أحد فهو سعيد مع كونه لا يسمى مؤمنا فالمؤمن لا يكون إلا موحدا وأما الموحد بنور قذفه اللّه في قلبه فقد لا يكون مؤمنا فتأمله وحرره. وقال: إنما سميت العبارة عبارة لأنك تجوز منها إلى المعنى المقصود منها، وإنما سمي الوحي وحيا لسرعته فإن الوحي عين الفهم عين الإفهام عين المفهوم منه، كما يذوقه أهل الإلهام من الأولياء. وقال: ليس فوق الإنسان الكامل مرتبة إلى مرتبة الملك في المخلوقات وكون الملائكة تلمذت له حين علمهم الأسماء لا يدل على أنه خير من الملك وإنما يدل على أنه أكمل نشأة من الملك لا غير.

(قلت) : هذا كان مذهب الشيخ أولا، ثم رجع عنه كما نبه عليه في الباب الثامن والتسعين ومائة والباب الثالث والثمانية وثلاثمائة من «الفتوحات» . وقال الخلاف في غير محمد صلى اللّه عليه وسلم، أما هو فهو أفضل الخلق على الإطلاق فراجعه وقد عرف بعضهم الوحي بأنه ما تقع به الإشارة القائمة مقام العبارة في غير عبارة وقال: من خاض في الدنيا فيما يكرهه الحق تعالى خيض به يوم القيامة، فيما يكرهه جزاء وفاقا وقال: قد جاء أكثر الشريعة على فهم العامة في صفات التنزيه ولم يجئ على فهم الخاصة إلا بعض تلويحات فهو قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] -و- سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ اَلْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ [الصافات: 180] .


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!