الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب السبعون (باب الزكاة) في أسرار الزكاة]

(و قال) : في البابالسبعين في أسرار الزكاة في قوله تعالى: وأَقِيمُوا اَلصَّلاٰةَ وآتُوا اَلزَّكٰاةَ وأَقْرِضُوا اَللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً [المزمل: 20 ] القرض الحسن هنا هو صدقة التطوع فورد الأمر بالقرض للّه كما ورد بإعطاء الزكاة وأطال في الاستدلال على ذلك ثم قال: والزكاة المفروضة والصدقة لفظان: بمعنى واحد قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِمْ بِهٰا [التوبة: 103 ] . وقال: إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ واَلْمَسٰاكِينِ [التوبة: 60] فسماها صدقة لكن الواجب منها يسمى زكاة وصدقة وغير الواجب منها يسمى صدقة التطوع ولا يسمى زكاة شرعا أي لم يطلق عليه الشرع هذه اللفظة مع وجود المعنى فيها من النمو والبركة والتطهير. قال: وإنما سماها اللّه صدقة تنبيها على أنها أمر شديد على النفس تقول العرب: رمح صدق أي صلب شديد قوي إذ النفس تجد لإخراج هذا المال شدة وحرجا كما قال ثعلبة بن حاطب وأطال في ذلك. ثم قال: ولو أن ثعلبة قال حين قال: لَئِنْ آتٰانٰا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِنَ اَلصّٰالِحِينَ [التوبة: 75] إن شاء اللّه تعالى لفعل ولم يبخل. قال: وإنما لم يأخذها منه النبي صلى اللّه عليه وسلم لإخبار اللّه تعالى أن ثعلبة يلقاه منافقا والصدقة تزكي وتطهر من أخرجها والمنافق لا يطهر ولا يزكى فلهذا لم يتمكن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذها منه وكذلك لم يأخذها منه أبو بكر ولا عمر رضي اللّه عنهما فلما ولى عثمان رضي اللّه عنه أخذها منه متأولا، وقال: إنها حق الأصناف الذين أوجب اللّه تعالى لهم هذا القدر في عين هذا المال.

(قال الشيخ) : وهذا الفعل من جملة ما انتقد على عثمان رضي اللّه عنه ولا ينبغي الانتقاد عليه لأنه مجتهد فعل ما أداه إليه اجتهاد، وقد قرر الشارع حكم المجتهد ولم ينه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أحدا من أمرائه أن يأخذ من هذا الشخص صدقته ولا يلزم غير النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يطهر ويزكي مؤدي الزكاة فهو يأخذها للأمر العام بإعطائها وإن كان ذلك لا يطهر المتصدق واللّه أعلم.

(و قال) : في قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمىٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوىٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ [التوبة: 35] إنما خصّ الكي بهذه الثلاثة أعضاء واللّه أعلم، لأن السائل إذا رآه صاحب المال مقبلا إليه انقبضت أسارير جبهته لعلمه أنه جاء يسأله من ماله فتكوى جبهته ثم إن المسؤول يتغافل على السائل، ويعطيه جانبه كأنه ما عنده له خير فيكوى بها جنبه فإذا عرف من السائل أنه يطلب منه ولا بد أعطاه ظهره وانصرف فهذا حكم مانعي زكاة الذهب والفضة وأطال في ذلك. ثم قال: ونرجو من فضل اللّه تعالى أن يضاعف الأجر لمن أخرج صدقته بمشقة على نفسه فيكون له أجر المشقة وأجر الإخراج كما ورد في الذي يتتعتع عليه القرآن أنه يضاعف له الأجر للمشقة التي تناله في تحصيله ودرسه فله أجر المشقة وأجر التلاوة. وقال: ولا يخفى أن الذي يخرجها بغير مشقة أكثر مضاعفة بما لا يقاس ولا يحد.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!