الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب التاسع والخمسون وخمسمائة في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة]

و قال في الباب التاسع والخمسين وخمسمائة، وهو باب جمع فيه أسرار «الفتوحات» كلها من أولها إلى آخرها: اعلم أن التنزيه يرجع إلى التحديد المنزه، والتشبيه يرجع إلى تثنية المشبه، والكمال الجمع بين المرتبتين كما ورد. وقال: إن العالم علامة بدؤه ممن فهو علامة على من ما ثم إلا اللّه وحبله وما لا يسع جهله وقال: وما نشأ الخلاف إلا من عدم الإنصاف.

وقال: كل علم أنتجه الفكر فلا يعول عليه لأن النكير يسارع إليه وقال: لا ضلال إلا بعد هداية كما أنه لا عزل إلا بعد ولاية. وقال: لا يشترط في المجاورة الجنس لأنه علم في لبس فاللّه جار عبده بالمعية وإن انتفت المثلية وقال لو لا الشبه ما كان الشبه. وقال: من أعجب ما ورد أنه لم يلد وعنه ظهر العدد فله تعالى أحدية العدد وما بالدار من أحد وقال: من تعبدته الإضافات فهو صاحب آفات. وقال: لو كانت العلة مساوية للمعلول لاقتضى وجود العالم لذاته ولم يتأخر عنه شيء من محدثاته. الكثرة معقولة وما ثم علة إلا وهي معلولة. وقال: من الأمر الكبار خوف النار بالنار لأن الشيطان المرجوم محروق بذات النجوم. وقال: علوم النظر أوهام عند علوم الإلهام. وقال الزمان ظرف المظروف كالمعاني مع الحروف وليس المكان بظرف فلا يشبه الحرف. وقال في التنزيه: عين التشبيه فأين الراحة التي أعطتها المعرفة وأين الوجود من هذه الصفة، وقال: إذا استقصيت الحقوق حوسب الإنسان على ما اخترته في الصندوق.

وقال: في قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ [الرحمن: 26] . اعلم أن ما كل كل في كل موضوع ترد فيه تكون للحصر لأنها قد تأتي ويراد بها القصر مثل قوله في الريح العقيم: تدمر كل شيء بأمر ربها وفي آية أخرى ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وقد مرت على الأرض وما جعلتها كالرميم. وقال: الشهيد يشبه الميت فيما اتصف به من الموت ولذلك يورث ماله وتنكح عيانه فطلاقه قد يشبه تطليق الحاكم على الغائب وإن كان حيا قد أبعد في المذاهب.

وقد ثبت عن سيد البشر لا ضرر ولا ضرار وقد علم أن الشهيد بدار الخلود لا سبيل إلى رجعته ولا إلى إنزال من رفعته مع كونه حيا يرزق وما هو عند أهله ولا طلق وهذه حالة الأموات وإن كانوا أحياء عند ربهم فعظامهم عندنا رفات وما لنا إلا ما نراه ولا نحكم إلا بما شهدناه فاستمع تنفع. وقال: الاشتراك بالأجسام من الأوهام لأن الكامل مع اللّه على كل حال في أهل ومال.

وقال المال مالك وصاحبه هالك إن أمسكه أهلكه البخل وإن منحه أضر به البذل وقد جبل بخلقه من نطفة أمشاج على الفاقة والاحتياج لا يمتحن إلا صاحب دعوى، فمن ادعى فقد تعرض للبلوى. وقال: ليس الوقوف خلف الباب بحجاب إذا كان يستحيل على من خلفه الوصول فإذن الباب عين المطلوب. وقال: من اتقى اللّه في موطن التكليف على كل حال حاز درجة الكمال عند الارتحال. وقال: إنما لم يجب الخليل الآفل لأنه رآه يطلب السافل وهمته كانت في الدنو لصاحب العلو. وقال: إذا حققت الأصول فلا زهد إلا في الفضول وأما ما تدعو الحاجة إليه فذلك المعول عليه. وقال: لو تعطلت الأجور لالتبست الأمور. وقال: المباح أتم شرع شرع للإنسان وعليه جميع الحيوان، ألا ترى أن لهم الكشف التام في اليقظة، والمنام، ولهم الكتم فيما يرونه من عذاب القبر الحتم وقال: كل جزء في العالم فقير إلى العظيم والحقير، فالكل عبيد النعم ومن النعم الأمان من حلول النقم والأمر إضافي ونسبي وإلا فأين حال قوله صلى اللّه عليه وسلم: «نور أنّى أراه» وقوله: «إنكم سترون ربكم» فأثبتها لنا ونفاها عنه لما علم منه.

(و قال) : ليس من شرط البيان حركة اللسان فإن لسان الأحوال أفصح وميزانها في الإبانة عن نفس صاحبها أرجح ومن سكت ربما رمى بالخرس وقام له مقام الجرس فظهر سره وإن جهل أمره وكثرت فيه المقالات، وتطرقت إليه الاحتمالات ففتح بصممه أبواب الألسنة وعمر بملازمة بيته جميع الأمكنة ما شرف موسى عليه السلام إلا مما نسب إليه من الكلام وبالكلام وجد العالم وظهر على أتم نظام وكل قول برز فهو بحسب حقيقة القائل فمنه الدائم ومنه الزائل ومنه ما يكون إلا بحرف وهو لمعنى القول كظرف ومنه ما لا حرف فيه فيزول فقد أبنت لك عن الأصول. وقال: إن أردت أن تكون من الخدام فالتزم الأدب التزام الألف واللام.

(و قال) : صاحب علم سر القدر لا يقول قط: أنا اللّه حاشاه من هذا القول، حاشاه بل يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل، وقال: الإيمان برزخ بين الإسلام والإحسان، فله من الإسلام ما يطلبه عالم الأجسام وله من الإحسان ما يشهد به المحسان فمن آمن فقد أسلم، وأحسن ومن جمع الطرفين فقد فاز بالحسنيين الإسلام صراط قويم والإيمان خلق كريم والإحسان شهود القديم إذا صح الانقياد كان علامته خرق المعتاد المسلم لا يحتاج إلى تأويل فهو معرس في حسن مقيل.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!