الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثالث والستون وأربعمائة في معرفة الاثني عشر قطبا الذين يدور عليهم عالم زمانهم]

و قال في الباب الثالث والستين وأربعمائة: ما ورد في تفضيل بعض السور والآيات على بعض راجع إلى التالي لا إلى المتلو لأن المتلو لا تفاضل فيه لأنه كله كلام اللّه تعالى فالتفاضل راجع إلى ما هي الآية عليه من حيث كونها متكلما بها لا في الكلام فليتأمل ويحرر. وقال في قوله صلى اللّه عليه وسلم: «يؤتى بشيخ يوم القيامة بين يدي اللّه عز وجل فيقول له: ما فعلت من الحسنات، فيقول: يا رب فعلت كذا وكذا واللّه يعلم أنه كاذب فيأمر اللّه به إلى الجنة فتقول الملائكة: يا رب إنه كاذب، فيقول اللّه تبارك وتعالى: قد علمت ذلك ولكني استحيت منه أن أكذب شيبته» : 520 اعلم أن في هذا الحديث حثا لنا أن نظهر لمن كذب علينا بصورة من نصدقه من غير أن نتركه يلحق بنا فإن الشارع ما أخبرنا بذلك إلا لنكون بهذه الصفة مع الناس. وقال: سأل بعض الأقطاب ربه عز وجل أن يعطي مقامه لولده فقال له الحق تعالى في سره مقام الخلافة لا يكون بالوراثة إنما ذلك في العلوم والأموال. وقال: وقد يفتح اللّه تعالى على الطالب على لسان شيخه بعلوم لم تكن عند الشيخ لحسن أدبه مع اللّه ومع شيخه، قال: وقد وقع لي ذلك وأفدت الطالب علوما لم تخطر لي قط على بال قبل سؤاله. (و قال) : من رأى محمدا صلى اللّه عليه وسلم في اليقظة فقد رأى جميع المقربين لانطوائهم فيه ومن اهتدى بهديه فقد اهتدى بهدي جميع النبيين.

(و قال) : قد أجمعنا على أنه لا موجد إلا اللّه وأنه حكيم يضع الأمور كلها في مواضعها ومن شهد هذا علم يقينا أن كل ما ظهر في العالم فهو حكمه وضعه في محله لكن مع هذا المشهد لا بد من الإنكار لما أنكره الشارع فإياك والغلط. وقال: كنت من أبغض خلق اللّه تعالى للنساء وللجماع في أول دخولي للطريق وبقيت على ذلك نحو ثمان عشر سنة حتى خفت على نفسي المقت لمخالفة ما حبب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما أفهمني اللّه معنى حبب علمت أن المراد أن لا يحبهن طبعا وإنما يحبهن بتحبيب اللّه عز وجل فزالت تلك الكراهة عني، وأنا الآن من أعظم الخلق شفقة على النساء لأني في ذلك على بصيرة لا عن حب طبيعي وأطال في ذكر قوله تعالى: وإِنْ تَظٰاهَرٰا عَلَيْهِ فَإِنَّ اَللّٰهَ هُوَ مَوْلاٰهُ وجِبْرِيلُ [التحريم: 4] الآية.

(قلت) : وتقدم الكلام على هذه الآية أيضا في الباب الثاني والعشرين من «الفتوحات» فراجعه تر العجب واللّه أعلم. وقال: إنما نسب الحق تعالى الخلق إلى عباده في قوله تعالى، فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ [المؤمنون: 14] فإنه ثبت أن ثم خالقين ولكن اللّه تعالى أحسنهم خلقا وذلك أنه تعالى إذا خلق شيئا يخلقه عن شهود في علمه فيكسوه الخلق حلة الوجود بعد أن كان معدوما في شهود الخلق بخلاف العبد إذا خلق اللّه على يديه شيئا لا يخلقه إلا عن تقدم تصور أي تصور من أعيان موجودة يريد أن يخلق مثله ويبدع مثلها فحصل الفرق بين خلق اللّه وخلق العباد وأكثر من هذا لا يقال.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!