الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب التاسع والثمانون وثلاثمائة في معرفة منازلة إلى كونك ولك كوني]

و قال في الباب التاسع والثمانين وثلاثمائة: من أراد فهم المعاني الغامضة في الشريعة فليتعمل في تكثير النوافل في الفرائض، وإن أمكنه أن يكثر من نوافل النكاح فهو أولى إذ هو أعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والإنتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شيء من العلم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة أتم وأقرب لتحصيل ما يرومه فإنه إذا فعل ذلك أحبه الحق وإذا أحبه صار من أهل اللّه كأهل القرآن وإذا صار من أهل القرآن كان محلا لإلقائه، وعرشا لاستوائه وسماء لنزوله، وكرسيا لأمره ونهيه، فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وأطال في ذلك. وقال في قوله تعالى: لَوِ اِطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً ولَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً [الكهف: 18] : اعلم أن الأنبياء لا تنهزم ولا تقتل في مصاف وقد وصف الحق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، بالانهزام وقول اللّه صدق لكن لم يكن توليه لرؤية أجسامهم لأنهم أناس مثله وإنما توليه من شهود أمر يهوله مما قام بهم قال: وقد رأيناهم في سياحتنا وما ملئنا منهم رعبا لأنا ما شهدنا منهم إلا صور أجسامهم فرأيناهم أمثالنا مع أنه صلى اللّه عليه وسلم، رأى: ليلة الإسراء أمورا مهولة، ولم يتأثر مثل ما كان يتأثر لو اطلع على أهل الكهف وروى البيهقي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال: «لما تدلى لنا الرفرف ليلة عرج بي غشي على جبريل ولم يغش عليّ» . من ذلك فعلمت فضل جبريل عليّ في العلم بذلك قال: وهنا نكتة وهي: أن اللّه تعالى ما ذكر إلا رؤية عينهم بذكر الاطلاع عليهم فهم أسفل منه بالمقام ومع ذلك خاف أن يلحق بهم فينزل عن مقامه فامتلأ بذلك رعبا لئلا يؤثروا فيه تأثير الأدنى في الأعلى الرضا عنه والسخط عليه، فلذلك كان حقيقا أن يولي منهم فرارا كما يفر الإنسان من الوقوف على مهواة خوف السقوط وأطال في ذلك فراجعه،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!