الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الخامس والثمانون وثلاثمائة في معرفة منازلة من حقر غلب ومن استهين منع]

و قال في الباب الخامس والثمانين وثلاثمائة، في قوله صلى اللّه عليه وسلم للسوداء: «أين اللّه؟» : اعلم أنه قد دل الدليل العقلي استحالة حصر الحق في أينية ولكن الشارع صلى اللّه عليه وسلم، لما علم أن الجارية المذكورة ليس في قوتها أن تعقل موجدها إلا على ما صورته في نفسها خاطبها بذلك ولو أنه خاطبها بغير ما تصورته في نفسها لارتفعت الفائدة المطلوبة ولم يحصل القبول فكان من حكمته صلى اللّه عليه وسلم، أن سأل مثل هذه الجارية بمثل هذا السؤال وبهذه العبارة ولذلك لما أشارت إلى السماء قال فيها: إنها مؤمنة. يعني: مصدقة بوجود اللّه، ولم يقل إنها عالمة لأنها صدقت قول اللّه تعالى: وهُوَ اَللّٰهُ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ .

[الأنعام: 3] ولو كانت عالمة لم تقيده بالسماء، فعلم أن للعالم أن يصحب الجاهل في جهله تنزلا لعقله والجاهل لا يقدر على صحبة العالم بغير تنزل قال: وإيضاح ما قررناه في الأينية أن الشرائع كلها إنما نزلت بحسب ما وقع عليه التواطؤ في ألسنة الأمم قال تعالى: ومٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4] . ثم إن التواطؤ قد يكون على صورة ما هي الحقائق عليه وقد لا يكون والحق تعالى تابع لهم في ذلك ليفهم عنه ما أنزله من أحكامه وما وعد به وأوعد عليه فما جاء الشارع بلفظ الأينية في حق الحق إلا من أجل التواطؤ الذي عليه بلسان المرسل إليهم، قال: ولو أن غير الرسول قالها لشهد الدليل العقلي بجهل القائل فإنه لا أينية للّه تعالى فلما قالها الرسول وبانت حكمته وعلمه علمنا أنه تنزل للجارية واللّه أعلم،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!