الفتوحات المكية

عرض الصفحة - من السفر وفق مخطوطة قونية (المقابل في الطبعة الميمنية)

فلو لا العصر و المعاصر، و الجاهل و الخابر، ما عرف أحد معنى اسمه

 الأول و الآخر، و لا الباطن و الظاهر. و إن كانت أسماؤه الحسنى على هذا الطريق الأسنى، و لكن بينها تباين في المنازل، يتبين ذلك عند ما تتخذ وسائل لحلول النوازل. فليس عبد الحليم هو عبد الكريم، و ليس عبد الغفور هو عبد الشكور. فكل عبد له اسم هو ربه، و هو جسم، ذلك الاسم قلبه.

فهو العليم-سبحانه-الذي علم و علم، و الحاكم الذي حكم و حكم، و القاهر الذي قهر و أقهر، و القادر الذي قدر و كسب و لم يقدر.

(و هو) الباقي الذي لم تقم به صفة البقاء، و المقدس في المشاهدة، عن المواجهة و التلقاء. بل العبد في ذلك الموطن الأنزه، لا حق بالتنزيه، لا أنه-سبحانه و تعالى-في ذلك المقام الأنزه، يلحقه التشبيه. فتزول من العبد، في تلك الحضرة، الجهات، و ينعدم، عند قيام النظرة به، منه الالتفات.

أحمده حمد من علم أنه-سبحانه-علا في صفاته و على، و جل في ذاته و جلى، و أن حجاب العزة، دون سبحانه، مسدل، و باب الوقوف على معرفة ذاته مقفل. إن خاطب عبده: فهو المسمع السميع! و إن فعل ما أمر بفعله: فهو المطاع المطيع! و لما حيرتني هذه الحقيقة، أنشدت على حكم الطريقة الخليقة:

الرب حق و العبد حق يا ليت شعرى من المكلف؟

إن قلت عبد فذاك ميت أو قلت رب أنى يكلف؟

الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لمخطوطة قونية (من 37 سفر) بخط الشيخ محي الدين ابن العربي - العمل جار على إكمال هذه النسخة.



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!