The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Searching in the Book of Meccan Conquests

View the page 303 - from the part 4 - [العفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد]

  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
 

Page303-from part4-[العفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد]


تجد الحق في الذي *** تبتغي منه واهبا

فالعبد الصحيح التوبة أن يتوب الله عليه لا ليتوب بل يجرم وأنت تعفو تكرما حتى لا يكون رجوعك بالمغفرة على المذنب جزاء فيكون هو الذي عاد على نفسه بالمغفرة منك فأين المنة في الرجعة الثانية التي هي رجعة المغفرة إن لم تغفر من غير توبة من المذنب فرجوع الله ينبغي أن يكون رجوع امتنان كالرجعة الأولى في قوله ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا فهذه الأولى توبة امتنان فإذا تاب عليهم بالمغفرة بعد توبتهم كانت هذه التوبة الإلهية جزاء لا يتخلص الامتنان الإلهي فيها إلا على بعد وهو أن يرجع العبد في توبته إلى التوبة الأولى الإلهية التي جعلته أن يتوب وتوبة الامتنان أيسر من توبة الجزاء وهي توبة الجواد الواهب المحسان الذي يعطي لينعم لا لعلة موجبة عقلا ولا شرعا وهذه إشارة كافية لمن أراد التخلق بأخلاق الكرم فمن كرمه كَتَبَ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فالكريم المطلق من جازى على السيئة إحسانا فإن المحسن هو الذي أخذ الإحسان بإحسانه فلا يتبين فضل المحسن فإنه ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ من سَبِيلٍ فافهم وتحقق عسى تلحق والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(العفو حضرة العفو)

عفوت عن الجائي وما زال عفونا *** يسير بنا حتى أنخنا بداره‏

فلما أنخنا قال من ذا فقلت من *** حقيق على جار يقوم بحاره‏

فإن عجز المسكين عن حق جاره *** فلم يبق إلا أن يكون بداره‏

ولو أنه من كان فالحفظ قائم *** عليه به منه لبعد مزاره‏

فإني له كالبدر عند امتلائه *** بنور معاليه وعند سراره‏

[العفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد]

يدعى صاحبها عبد العفو قال الله تعالى إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ هذه الحضرة تشبه حضرة الجلال لأنها تجمع الضدين وهذه تجمع بالدلالة بين القليل والكثير هكذا هي في أصل وضع اللسان كالجليل يجمع بين العظيم والحقير فالعفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد والكثير ما زاد على ما تدعو إليه الحاجة فاتصاف الحضرة بالعفو إنها تعطي ما تقتضيه الحاجة لا بد من ذلك من كونه سخيا وحكيما ثم يزيد في العطاء من كونه منعما مفضلا غير محجور عليه ولا تقضي عليه الحاجات بالاقتصار على ما يكون به الاكتفاء فالعطاء للانعام هو العطاء الحق عطاء الجود والمنة لا تحكم عليه العلل ولا يدخله ملل فإنه‏

قد ورد في الصحيح أن الله لا يمل حتى تملوا فإذا تركتم ترك‏

فمن أعطى بعد سؤاله وبذل ماء وجهه فإنما أعطى جزاء ومن أعطى ليشكر فقد أعطى لعلة يعود خيرها عليه ومن أعطى بعد الشكر فقد أعطى جَزاءً وِفاقاً وهذه التقييدات كلها تعطيها حضرة العفو والإطلاق فيها من غير تقييد تعطيه أيضا حضرة العفو فلذلك يطلق على القليل والكثير ومنه إعفاء اللحية فاختلف الناس في إعفائها ما أراد الشرع بهذه اللفظة هل أراد تكثيرها بأن لا يقص منها كما يقص من الشارب وإذا لم يقص منها كثرت وقد يريد أن يأخذ منها قليلا بكونه‏

قال ذلك عند قوله أحفوا الشارب وأعفوا اللحى‏

وإحفاء الشوارب استئصالها بالقص فيحتمل إعفاء اللحية أن لا يستأصلها ويأخذ منها القليل فمن فهم من هذا الحكم طلب الزينة الإلهية في قوله قُلْ من حَرَّمَ زِينَةَ الله نظر في لحيته فإن كانت الزينة في توفيرها وأن لا يأخذ منها شيئا تركها وإن كانت الزينة أظهر في أن يأخذ منها قليلا حتى تكون معتدلة تليق بالوجه وتزينه أخذ منها على هذا الحد وقد ورد أن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كان يأخذ من طول اللحية لا من عرضها

فتوجه معنى العفو بالقلة والكثرة على اللحية وأما في المؤاخذة على الذنوب فقال ويَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ فيأخذ على القليل فيدل هذا العفو على أنه لا بد من المؤاخذة ولكن في قلة والقلة قد تكون بالزمان الصغير المدة ثم يغفر الله ويجود بالإنعام ورفع الألم عن المذنب المسلم وقد يكون بالحال فيقل عليه الآلام بالنظر إلى آلام هي أشد منها أين قرصة البرغوث من لدغ الحية ليس بين ألميهما نسبة وكل واحد منهما مؤلم لكن ثم ألم قليل وألم كثير فأهل الاستحقاق وهم المجرمون‏



- Meccan conquests - page303-from the part4


 
  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
  Conquests Mecca by Sheikh Al-Akbar Muhyiddin Ibn Al-Arabi

Page numbering corresponds to the Cairo edition (Dar al-Kutub al-Arabi al-Kubra) - known as the edition Starboard. Subheadings have been added within square brackets.

 
View doors The first chapter on knowledge Chapter Two on Transactions Chapter Four: Homes
Introductions to the book Chapter Five on Disputes Chapter Three on Circumstances Chapter Six on Maqamat (Migrations of the Pole)
Chapter One Part Two Part Three Part Four


Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!