The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة

من حيث ألوهته فلا إله إلا هو الصمد الذي يلجأ إليه في الأمور ولهذا اتخذناه وكيلا القادر هو النافذ الاقتدار في القوابل الذي يريد فيها ظهور الاقتدار لا غير المقتدر بما عملت أيدينا فالاقتدار له والعمل يظهر من أيدينا فكل يد في العالم لها عمل فهي يد الله فإن الاقتدار لله فهو تعالى قادر لنفسه مقتدر بنا المقدم المؤخر من شاء لما شاء ومن شاء عما شاء الأول الآخر بالوجوب وبرجوع الأمر كله إليه الظاهر الباطن لنفسه ظهر فما زال ظاهر أو عن خلقه بطن فما يزال باطنا فلا يعرف أبدا البر بإحسانه ونعمه وآلائه التي أنعم بها على عباده التواب لرجوعه على عباده ليتوبوا ورجوعه بالجزاء على توبتهم المنتقم ممن عصاه تطهيرا له من ذلك في الدنيا بإقامة الحدود وما يقوم بالعالم من الآلام فإنها كلها انتقام وجزاء خفي لا يشعر به كل أحد حتى إيلام الرضيع جزاء العفو لما في العطاء من التفاضل في القلة والكثرة وأنواع الأعطيات على اختلافها لا بد أن يدخلها القلة والكثرة فلا بد أن يعمها العفو فإنه لا بد من الأضداد كالجليل الرءوف بما ظهر في العباد من الصلاح والأصلح لأنه من المقلوب وهو ضرب من الشفقة الوالي لنفسه على كل من ولي عليه فولى على الأعيان الثابتة فأثر فيها الإيجاد وولي على الموجودات فقدم من شاء وأخر من شاء وحكم فعدل وأعطى فأفضل المتعالي على من أراد علوا في الأرض وادعى له ما ليس له بحق المقسط هو ما أعطى بحكم التقسيط وهو قوله وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وهو التقسيط الجامع بوجوده لكل موجود فيه الغني عن العالمين بهم المغني من أعطاه صفة الغني بأن أوقفه على إن علمه بالعالم تابع للمعلوم فما أعطاه من نفسه شيئا فاستغنى عن الأثر منه فيه لعلمه بأنه لا يوجد فيه إلا ما كان عليه البديع الذي لم يزل في خلقه على الدوام بديعا لأنه يخلق الأمثال وغير الأمثال ولا بد من وجه به يتميز المثل عن مثله فهو البديع من ذلك الوجه الضار النافع بما لا يوافق الغرض وبما يوافقه النور لما ظهر من أعيان العالم وإزالة ظلمة نسبة الأفعال إلى العالم الهادي بما أبانه للعلماء به مما هو الأمر عليه في نفسه المانع لإمكان إرسال ما مسكه وما وقع الإمساك إلا لحكمة اقتضاها علمه في خلقه الباقي حيث لا يقبل الزوال كما قبلته أعيان الموجودات بعد وجودها فله دوام الوجود ودوام الإيجاد الوارث لما خلفناه عند انتقالنا إلى البرزخ خاصة الرشيد بما أرشد إليه عباده في تعريفه إياهم بأنه تعالى عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ في أخذه بناصية كل دابة فما ثم إلا من هو على ذلك الصراط والاستقامة ما لها إلى الرحمة فما أنعم الله على عباده بنعمة أعظم من كونه آخذا بناصية كل دابة فما ثم إلا من مشى به على الصراط المستقيم الصبور على ما أوذى به في قوله إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله ورَسُولَهُ فما عجل لهم في العقوبة مع اقتداره على ذلك وإنما أخر ذلك ليكون منه ما يكون على أيدينا من رفع ذلك عنه بالانتقام منهم فيحمدنا على ذلك فإنه ما عرفنا به مع اتصافه بالصبور إلا لندفع ذلك عنه ونكشفه فهذا بعض ما أعطته حضرة الحضرات من هذا الباب فإنه باب الأسماء وأما الكنايات فنقول فيها لفظا جامعا وهو إذا جاءت في كلام الرسول عن الله تعالى أو في كتاب الله فلننظر القصة والضمير ونحكم على تلك الكناية بما يعطيه الحال في القصة المذكورة لا يزاد في ذلك ولا ينقص منه والباب يتسع المجال فيه فلنقتصر منه على ما ذكرنا والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى السفر الثالث والثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم‏

(الباب التاسع والخمسون وخمسمائة في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة)

لله في خلقه نذير *** يعلمهم أنه البشير

وهو السراج الذي سناه *** يبهر ألبابنا المنير

في كل عصر له شخيص *** تجري بأنفاسه الدهور

عينه في الوجود فردا *** الواحد العالم البصير

يا واحدا مجده تعالى *** ليس له في الورى نظير

ليس لأنواره ظهور *** إلا بنا أذلنا الظهور

فنحن مجلى لكل شي‏ء *** يظهر في عينه الأمور

اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب هو الباب الجامع لفنون الأنوار الساطعة والبروق اللامعة والأحوال الحاكمة والمقامات الراسخة والمعارف اللدنية والعلوم الإلهية والمنازل المشهودة والمعاملات الأقدسية والأذكار المنتجة والمخاطبات المبهجة والنفثات الروحية والقابلات الروعية وكل ما يعطيه الكشف ويشهد له الحق الصرف ضمنت هذا الباب جميع ما يتعلق بأبواب هذا الكتاب مما لا بد من التنبيه عليه مرتبا من الباب إلى آخره‏

[لإمام المبين‏]

فمن ذلك سر الإمام المبين وما يتعلق بالباب الأول‏

إن الإمام هو المبين شرع من *** شرع الأمور مبينا لعبيدة

منها الذي في حقهم تدرونه *** وكذاك ما يختص في توحيده‏

الإمام المبين هو الصادق الذي لا يمين مجلى ما أحاط به العلم وتشكل فيه الكيف والكم وحلت به الأعراض وفعل بالإرادات والأغراض وانفعلت له الأوعية المراض النور الباهر وجوهر الجواهر يقبل الإضافات الكونية والاستنادات العينية والأوضاع الحكمية والمكانات الحكمية رفيع المكانة كثير الاستكانة علم في رأسه نار عبرة لأولي الأبصار يملي جميع ما سطر وما هو بمسيطر ما له وجود إلا بما يحمله ولا يفصل إلا بما يقبله هو المحصي لما علم وجهل وفصل وأجمل لكل صورة فيه عين وله في كل صورة كون يمد ويستمد ويعدله وبعد منه ظهرنا وإياه نهينا وأمرنا

[سر الظرف الموضع في الحرف‏]

ومن ذلك سر الظرف الموضع في الحرف مما يتعلق بالباب الثاني الظرف وعاء والحرف وطاء تختلف صورته وتحكم سورته هو معنى المعاني المظهر لاختلاف الأشكال والمباني يحوي الله وجوده ويغني عن شهود الحق شهوده منازله معدودة وآثاره مشهودة وكلماته محدودة وآياته بالنظر مقصودة أعطى مقاليد البيان فأفصح وأبان فمنه نثر ومنه نظم ومنه أمر ومنه حكم وفيه حق وفيه خلق ففيه عدل وفيه ظلم له التلفظ والرقم وله التوهم لا الوهم لا وجود له إلا به فأنبته أبان للاذان ما ستره الجنان نطق عن الغيب بما لا شك فيه ولا ريب يشهده الايمان والعيان صحفا مكرمة مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ هو ابن الإمام لا بل أبوه الذي له الكمال والتمام إذا أسهب ذهب وإذا أوجز أعجز فصيح المقال كثير القيل والقال تختلف أشكاله ومعارجه وتخفى على المتبع آثاره ومدارجه كائن بأين راحل قاطن استوطن الخيال وافترش الكتاب واستوطأ اللسان‏

[سر التنزيه النزيه‏]

ومن ذلك سر التنزيه النزيه وهو ما يتعلق بالباب الثالث‏

تنزهنا عن التنزيه لما *** رأيناه يدل على الشبيه‏

وقلنا ذاك حظ الحق منا *** بعلم الواحد الفرد النبيه‏

التنزيه تحديد المنزه والتشبيه تثنية المشبه فيا ولي تنبه وتفكر فيمن نزه وشبه هل حاد عن سواء السبيل أو هل هو من علمه في ظل ظليل في خير مستقر وأحسن مقيل المنزه يخلى والمشبه يحلي ويحلي والذي بينهما لا يخلى ولا يحلي بل يقول هو عين ما بطن وظهر وأبدر واستسر فهو القمر والشمس والعالم له كالجسد للنفس فما ثم إلا جمع ما في الكون صدع إن لم يكن الأمر كذلك فما ثم شي‏ء هنالك والأمر موجود لا بل وجود والحكم مشهود لا بل شهود وبالنسب صح النسب ولو لا المسبب ما ظهر حكم السبب فإن قلت لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ زال الظل والفي‏ء والظل ممدود بالنص فعليك بالبحث والفحص‏

[سر البدء اللطيف وما جاء فيه من التعريف‏]

ومن ذلك سر البدء اللطيف وما جاء فيه من التعريف من الباب الرابع إن العالم علامة بدؤه ممن فهو علامة على من ما استتر عين حتى يظهره كون رأينا رسوما ظاهرة وربوعا داثرة قد كانت قبل ذلك عامرة وناهية وأمره فسألناها ما وراءك بإعصام فقالت ما يكون به الاعتصام فقلت ما ثم إلا الله وحبله وما لا يسع أحدا جهله فقال لو لا الكثائف ما علمت اللطائف ولو لا آثارها ما ظهر منارها فمن خبت ناره انهد مناره له حضرة القدس وما ينم به إلا الحس لو لا الحس بشهود الأثر ما عرف للطيف خبر النفس عمياء للقرب المفرط وما تشهده الحواس وهي الصماء عن إدراك الوسواس وهي الخرساء فلا تفصح والعجماء فلا تعقل‏

فتوضح سرى اللطيف من اللطيف فناسبه *** وبدا له منه الخلاف فعاتبه‏

وتوجهت منه عليه حقوقه *** فدعاه للقاضي العليم فطالبه‏

نادى عليه مجرسا هذا جزاء *** من عامل الجنس البعيد وصاحبه‏

ليثوب من سمع الندا فيرعوي *** عنه ويعلم أنه إن جانبه‏

تظفر يداه بكل خير شامل *** فاستعمل الإرسال فيه وكاتبه‏

هو اللطيف في أسمائه الحسنى وبها ظهر الملأ الأعلى والأدنى لما تجاورت تحاورت ولما تكاثرت تسامرت فرأت أنفسها على حقائق ما لها طرائق سماؤها ما لها من فروج ومع هذا فلها نزول وعروج فطلبت أرضا تنبت فيها كل زوج بهيج فقالت المفتاح في النكاح ولا بد من ثلاثة ولي وشاهدي عدل لهذا القضاء الفصل فقال العليم لا بد من بسم الله الرحمن الرحيم فهذا أيها الولي الشاهدان والولي فهذا كان أول تركيب الأدلة وبعد هذا عرضت الشبه المضلة

[سر كن والبسملة]

ومن ذلك سر كن والبسملة فيمن علله من الباب الخامس قال الحلاج وإن لم يكن من أهل الاحتجاج بسم الله منك بمنزلة كن منه فخذ التكوين عنه فمن تقوى جأشه واستدار عرشه وتمهد فرشه كرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال كن ولم يبسمل فكان ولم يحوقل فمن ذاق ضاق وإذا الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ فإلى ربك المساق فإليه ترجع الأمور إذ كان منه الصدور

لا تبسمل وقل بكن *** مثل ما قاله يكن‏

فإليه رجوعنا *** لا إلينا فكن تكن‏

[سر الروح وتشبيهه بيوح‏]

ومن ذلك سر الروح وتشبيهه بيوح من الباب السادس‏

الروح من عالم الأمر الذي تدري *** كمثل ما نص لي في محكم الذكر

وإن ربي بذاك القدر عرفني *** وكان تعريفه حقا على قدري‏

أشرقت أرض الأجسام بالنفوس كما أشرقت الأرض بأنوار الشموس وإنما لم نفرد العين لأنها ما أشرقت إلا بما حصل فيها من نور الكون وإن كان الأصل ذلك الواحد فليس ما صدر عنه بأمر زائد فعددته إلا ما كن لما أنزل نفسه فيها منزلة الساكن فللحقيقة رقائق يعبر عنها بالخلائق‏

[سر الكيف والكم وما لهما من الحكم‏]

ومن ذلك سر الكيف والكم وما لهما من الحكم من الباب السابع‏

الكيف والكم مجهولان قد علما *** وقد فهمت لما ذا جاءني بهما

فهما يبلغنا علما بأن له *** فينا التحكم فانظره به لهما

هو البيت المعمور بالقوى والذي كان عليه الاستواء محل الظهور المشرق بالنور كلمة الحق ومقعد الصدق معدن الإرفاق ومظهر الأوفاق محل البركات ومعين السكنات والحركات به عرفت المقادير والأوزان وبه سمي الثقلان له من الأسماء المتين وهو الذي أبان النور المبين حكم في النور بالقسمة وظهرت بوجوده الظلالات والظلمة منه تتفجر ينابيع الحكم وتبرز جوامع الكلم يحوي على رموز النصائح وكنوز المصالح الشهادة سخافته والغيب كثافته يستر للغيرة حتى لا يرى راء غيره يتقلب في جميع الأحوال ويقبل بذاته التصريف في جميع الأعمال‏

[سر ظهور الأجساد بالطريق المعتاد]

ومن ذلك سر ظهور الأجساد بالطريق المعتاد من الباب الثامن‏

تجسد الروح للابصار تخييل *** فلا نقف فيه إن الأمر تضليل‏

قام الدليل به عندي مشاهدة *** لما تنزل روح الوحي جبريل‏

البرزخ ما قابل الطرفين بذاته وأبدى لذي عينين من عجائب آياته ما يدل على قوته ويستدل به على كرمه وفتوته فهو القلب الحول والذي في كل صورة يتحول عولت عليه الأكابر حين جهلته الأصاغر فله المضاء في الحكم وله القدم الراسخة في الكيف والكم سريع الاستحالة يعرف العارفون حاله بيده مقاليد الأمور وإليه مسانيد الغرور له النسب الإلهي الشريف والمنصب الكياني المنيف تلطف في كثافته وتكثف في لطافته يجرحه العقل ببرهانه ويعد له الشرع بقوة سلطانه يحكم في كل موجود ويدل على صحة حكمه بما يعطيه الشهود ويعترف به الجاهل بقدره والعالم ولا يقدر على رد حكمه حاكم‏

[سر المارج في الوالج‏]

ومن ذلك سر المارج في الوالج من الباب التاسع‏

النار كالنور في الإحراق قد شهدا *** لذلك الأمر ما مولاي قد عبدا

فالكل دان به والكل دان له *** له التحكم فينا كلما وردا

أول جواد كيا حين أمر فأبى وأول من قدح في النهي من نهي وما انتهى سن الخلاف في الائتلاف فأظهر النقيض ليعرف الحبيب من البغيض امتثل الأمر فيما يشقيه وحل به ما كان يتقيه يحالف الردي ويخالف الهدى ولا يترك سدى ومع اتصافه بالخوف لا يبرح في معاملته بالحيف فإذا جنح منهم من جنح إلى ربه طائعا وكان لباب سعادته قارعا لم يحسن أحد يقرع قرعة وكان الحق بصره وسمعه إن سمع أنصت وإن أسمع أبهت‏

[سر النور في الخفاء والظهور]

ومن ذلك سر النور في الخفاء والظهور من الباب العاشر

الشمس مشرقة الشمس محرقة *** بنورها فهي نور حكمه نار

وليس يعبدها إلا أخ عمه *** ندب جليد له في القلب آثار

أشرقت الأنوار حين شرقت وتميزت بها الأعيان فافترقت فأغنت الإشارات عن العبارات فمنها من هيم فتهيم ومنها من حكم فتحكم فلكل عين مقام معلوم وحد مرسوم فمنه مرموز ومنه مفهوم يحلقون نفوسهم كما يشاءون وفي أي صورة شاءوها يتحولون هم الحدادون والحجاب ولهم الظهور والحجاب إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ يكثرون التكبير ويحفون بالسرير لهم المقام الأشمخ ومنزلهم بين الله والعلماء منا في البرزخ فأصحاب النسب منهم عند أرباب الفكر هم الحلفاء من البشر يعلم ذلك من تحقق بالنظر واعتمد على ما جاء به الكشف والخبر في مجاري العبر والعقول من حيث أدلتها قاصرة عن درك هذا العلم لطموس عين الفهم‏

[سر الافتتاح بالنكاح‏]

ومن ذلك سر الافتتاح بالنكاح من الباب الأحد عشر

أنا في الوجود باب *** وعليه منه قفل‏

فإنا بعل بوجه *** وبوجه أنا أهل‏

القول من القائل في السامع نكاح فعين المقول عين ما تكون من السامع فظهر ظهور المصباح التوجه سبب القول والتكوين على التعيين في المحل الظاهر لنزول الباطن إلى الظاهر وهذا نكاح بين المعنى والحس والأمر المركب والنفس ليجمع بين الكثيف واللطيف ويكون به التمييز والتعريف وإن خالف تركيب المعاني تركيب الحروف فهو كخلاف المعرفة والمعروف ثم ينزل الأمر النكاحي من مقام الافتتاح إلى مقام الأرواح ومن المنازل الرفيعة إلى ما يظهر من نكاح الطبيعة ومن بيوت الأملاك إلى نكاح الأفلاك لوجود الأملاك ومن حركات الأزمان إلى نكاح الأركان ومن حركات الأركان إلى ظهور المولدات التي أخرها جسم الإنسان ثم تظهر في الأشخاص بين مباض ومناص فالنكاح ثابت مستقر ودائم مستمر

[سر الدور المستدير والاستواء على السرير]

ومن ذلك سر الدور المستدير والاستواء على السرير من الباب الاثنتي عشرة

استوينا على السرير لأمر *** هو دور والدور عم كيانه‏

فاستدارت بنا الأمور وحارت *** حين حزنا جنابه وجنانه‏

الدهر حول قلب ولهذا يتنوع في الصور ويتقلب لو لا استدارة الزمان ما ظهرت الأعيان ولو لا الملوان ما كان الحدثان بتكرار الفصول يدوم حكم الأصول وبه ظهور الإنعام هنا وفي دار السلام إنما دار السرير ليحيط بالكائنات علم التفصيل والتدبير فيباشر الأمور بذاته ويهبها ما يناسبها من هباته فإن الخزائن لديه وفي يديه فلو لا الإحاطة والدور ما تمكن ولا كان له ما سكن فلا نفوذ للمحاط به فانتبه ومن قال بالحور في الدور تعوذ من الحور بعد الكور ولا يقول بالحور إلا من لا علم له بالتسيير ولا يعرف قبيلا من دبير الأمر أمام والقول بالقهقرى خلف من الكلام‏

[سر الفرش وحملة العرش‏]

ومن ذلك سر الفرش وحملة العرش من الباب الثالث عشر

أنا في الفرش وجود *** ووجود الفرش عرشي‏

إذا كنت إماما *** كانت الأكوان فرشي‏

أرواح وصور متكئون على سرر وأعدية ومراتب لها طرق ومذاهب فالأرواح والصور بين ملائكة وبشر البشر لمباشرة اليدين والملائكة للتردد بين العين والعين من لا أين إلى أين ومن أين إلى لا أين ومن أين إلى أين‏

ومن لا أين إلى لا أين فبين من وإلى ظهر الملآن الأسفل والأعلى فالعرش حامل محمول والأمر فاصل مفصول والعالم فاضل مفضول والفرش مهاد موضوع ومباح غير ممنوع يحكم فيه الطبع وإن قيده الشرع ولو لا العين ما ظهر للتقييد حكم في الكون فلو زالت الحدود لزال التقييد ولا سبيل إلى زوالها فإن بقاها عين كمالها بها صحت المناضلة وبانت المفاضلة العرش فرش لمن استوى عليه والأمر منه بدأ ثم يعود إليه من غير رجوع على عقبه بل هو على ذهابه في مذهبه ما ثم غاية فيرجع ولا لإحاطته نهاية فيتصدع وليس وراء الله مرمى وهو الأول عند البصير والأعمى فالكل يقول بالابتداء وافترقوا في إثبات الانتهاء فمنهم ومنهم وكل ذلك منقول عنهم‏

[سر النبوتين وما لهما من العين‏]

ومن ذلك سر النبوتين وما لهما من العين من الباب الرابع عشر لما انقطع أنباء التشريع بقي الإنباء الرفيع فإنه يعم الجميع هو ميراث الأولياء من الأنبياء فلهم اللمحات والأنفاس والنفحات الاجتهاد شرع حادث وبه تسمى الحارث بالحارث الاجتهاد شرع مأذون فيه لإمام يصطفيه لا يزال البعث ما بقي الورث وهذا المال الموروث لا ينقص بالإنفاق بل سوقه أبدا في نفاق فمثله كمثل المصباح الذي لا يعقبه صباح للشمس ظهور في السورتين بالصورتين فهي بالقمر نور وبذاتها ضياء وبحالتيها يتعين الصباح والمساء فتخفى نفسها بنفسها إذا أطلعت القمر نهارا فهي الداعية سرا وجهارا ولبعث الكون بالليل الأليلي الداجي ثبت للشمس اسم السراج فنبوة الوارث قمرية ونبوة النبي والرسول شمسية فاجتمعتا في النبوة وفاز القمر بالفتوة

فالشمس طالعة بالليل في القمر *** مع الغروب وما للعين من خبر

عجبت من صورة تعطيك في صور *** ما عندها مثل نور العين بالبصر

فطاعة الرسل من طاعات مرسلهم *** وما لعين رسول الله من أثر

إن قال قال به لا بالهوى فلذا *** يعصى الإله الذي يعصيه فادكر

[ك سر إطفاء النبراس بالأنفاس‏]

ومن ذلك سر إطفاء النبراس بالأنفاس من الباب 15 لما كان القائل له مزاج الانفعال كان للنفس الإطفاء والإشعال فإن أطفأ أمات وإن أشعل أحيا فهو الذي أَضْحَكَ وأَبْكى‏ فينسب الفعل إليه والقابل لا يعول عليه وذلك لعدم الإنصاف في تحقيق الأوصاف مع علمنا بأن الاشتراك معقول في الأصول للقابل الإعانة ولا يطلب منه الاستعانة فهو المجهول المعلوم عليه صاحب الذوق يحوم وحكمه في المحدث والقديم يظهر ذلك في إجابة السائل وهذا معنى قولنا القابل لو لا نفس الرحمن ما ظهرت الأعيان ولو لا قبول الأعيان ما اتصفت بالكيان ولا كان ما كان الصبح إذا تنفس أذهب الليل الذي كان عسعس‏

فلو لا الليل ما كان النهار *** ولو لا النور ما وجد النفار

نفرت الظلم لأكوانها لا لأعيانها فإن العين لا تذهب وإن اختلفت عليها الأحوال فسجود الظلال بِالْغُدُوِّ والْآصالِ سجود شكر واعتصام من استدراج إلهي ومكر

[سر الأوتاد والأبدال وتشبيههم بالجبال‏]

ومن ذلك سر الأوتاد والأبدال وتشبيههم بالجبال من الباب 17 أرواح الأبدال أعيان الأملاك من نيرات السبعة الأفلاك وقطعهم فلك البروج ما يتصفون به في المقامات من العروج وحلولهم بالمنازل ما يستقبلونه من النوازل ولذلك قسم عليهم الوجود بالنحوس والسعود فعزل وولاية وإملاق وكفاية والأوتاد مسكنة لكونها متمكنة فلها الرسوخ والشموخ ومع هذه العزة والمنع وقوة الردع والدفع فلا بد من صيرورتها عنها منفوشا وهبا منبثا مفروشا فتلحق بالأرض لاندكاكها وتؤثر فيها حركات أفلاكها من أعجب علوم الرجال ما لم يسم فاعله مثل رج الأرض وبس الجبال وهما دليلان على وقوع الواقعة التي لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ أول علم حصل للعالم بالله علم السماع بالإيقاع من الله فقال كُنْ لمعدوم لم يكن فظهر عين الأوزان في الميزان وليس سوى الإنسان فظهر بصورة الحق ونزل عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ في مَقْعَدِ صِدْقٍ وكانت الإمامة علامة والخلافة ضيافة فبعلم الأسماء حاز ملك الأرض والسماء وبجوامع الكلم أحاط علما بالحكم فهو الحكيم المحيط بما يستحقه المركب والبسيط فساح في الانفساح وصال بالاتصال فأخذ الوجد في الإيجاد وتحرك عن موطن ثبوته‏

لا عين الأشهاد وما ثم إشهاد إلا الأسماء التي تكونت أحكامها عنه وظهرت آثارها به منه فبالسماع كان الوجود وبالوجود كان الشهود

فلو لا الصيد ما نفر الغزال *** ولو لا الصد ما عذب الوصال‏

ولو لا الشرع ما ظهرت قيود *** ولو لا الفطر ما ارتقب الهلال‏

ولو لا الجوع ما ذبلت شفاه *** ولو لا الصوم ما كان الوصال‏

ولو لا الكون ما انفطرت سماء *** ولو لا العين ما دكت جبال‏

ولو لا ما أبان الرشد غيا *** لما عرفت هداية أو ضلال‏

ولا كان النعيم بكل شي‏ء *** ولا حكم الجلال ولا الجمال‏

أرى شخصا له بصر حديد *** له الأمر المطاع له النزال‏

وآخر ما له بصر ويرمي *** ولا قوس لديه ولا نبال‏

فسبحان العليم بكل أمر *** له العلم المحيط له الجلال‏

إذا نظرت إليه عنون قوم *** بلا جفن بدا لهم الكمال‏

فوقتا لا يرون سوى نفوس *** مبعدة وغايتها اتصال‏

[سر من منح ليربح فلنفسه سعى فكان لما أعطى وعا]

ومن ذلك سر من منح ليربح فلنفسه سعى فكان لما أعطى وعا من الباب السابع عشر

إذا ما كنت ميدانا *** فجل فيه إذا كانا

فإني لست أنفيه *** لذا سميت إنسانا

لما انتقل العلم إليه بقوله حتى نعلم سكت العارف لما سمع ذلك وما تكلم وتأول عالم النظر هذا القول حذرا من جاهل يتوهم ومرض قلب المشكك وتألم وسربة العالم بالله الهمهم ولكنه ما تكلم بل تكتم وقال مثل ما قاله الظاهري الله أعلم فالإلهي علم والمحدث سلم فاحمد الله الذي عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وكانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً فثابر على شكره وألزم فإذا رأيت من يفرق بين الحد والذم قل له لا تتقدم فتندم فإن جدارك تهدم وظهر المعمى فآمن من كان بالأمس قد أسلم فإذا المعطي عين الآخذ فعلى نفسه تكرم فهذه شعائر الله من عظمها عظم فعظم ومن اهتضمها اهتضم فأين أصحاب الهمم وأهل الجود والكرم يوضحون المبهم ويفتحون ما طبع عليه وختم فتبرز مخدرات الغيوب والظلم ذوات الثنايا الغر واللمم فيأخذ بهم ذات اليمين على الطريق الأمم لينظر سائر الأمم ما خصت به أمة من أوتي جوامع الكلم وفنون الحكم محمد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فبه بدى‏ء الأمر وختم فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ما خمرت طينته وما علم وأخرت طينته صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إلى أن جاءت دورة الميزان الذي عدل حين حكم فهو واضع الشرائع ورافعها روحا ونفسا وعقلا وحسا خط ذلك كله في اللوح المحفوظ القلم‏

[سر التعبد في التهجد]

ومن ذلك سر التعبد في التهجد من الباب 18 إذا بان الصبح لذي عينين وكنا ممن أماتنا الله تعالى اثنتين وأحيانا اثنتين ظهر في غيوبنا ما اعترفنا به من ذنوبنا فكان تهجدنا محدودا وقرآننا مشهودا وطلع الآفل في النوافل وعمرت الفرائض المرابض فقربناها ضحايا ومطوناها مطايا فربحت تجارة الأوراد وظهر الرشاد والإرشاد في حرق الأدب المعتاد فقعدنا بالحق في مقعد الصدق بنعت القائم عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ والعالم بما اكتسبت فعند ما طلع فجرها سعى بين يديها نورها يتلوه أجرها فحاز الأجر كثيفها واستنار بالنور لطيفها

بنعتك لا بنعتي كان وردي *** فمجدك في التهجد عين مجدي‏

عهدتك إذا أخذت على عهدا *** وفيت به فأوفى لي بعهدي‏

وعدت كما وعدت وقلت عني *** بأني صادق في كل ووعدي‏

وأنت الصادق الحق الذي *** لم يزل في جده يعلو يجدي‏

يجدي قد علمت علو جدي *** لمن حمد الإله بعين حمدي‏

فقل للحامدين بنا أفيقوا *** فحد الحق في تقييد حد

ففي الإطلاق تقييد نزيه *** وما الإطلاق في حدي تعد

[سر الجزر والإمداد في العلم‏]

ومن ذلك سر الجزر والإمداد في العلم المستفاد من الباب 19 من الأمور ما يأخذه الحد ومنها ما لا يحد والجزر والمد أثران من الطبيعة يأخذهما الحد والعلم المستفاد للعليم يعم الحديث والقديم فإن عاندت فافهم قوله تعالى ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ وبما حكم به الحق على نفسه فاحكم ولا تنفرد بعقلك دون نقلك فإن التقليد في التقييد قيدا لخليفة بالنظر في عباده حين أهبطه إلى مهاده فقيده حين قلده ولَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ والْأَرْضِ وبيده ميزان الرفع والخفض ومع كونه مالك الملك فهو ملك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شي‏ء قدير ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وما جزر بعد المد فإنه تنبيه على إن الزيادة نقص في الحد فما جزر إلا ليكشف ما ستر علم الحق بنا قد يكون معلوما لنا وأما علمه بنفسه فلا يعلم لعلو قدسه وهوقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولا أعلم ما في نفسك فإني لست من جنسك فأنت الجنس الذي لا يتنوع لما يعطيه الحمى إلا منع‏

ولو لا تجليه في صور الآلهة ما تنعمت به النفوس الفاكهة ومن هنا قلت أنت الجنس وهو الأصل الذي يرجع إليه والأس‏

[سر النافلة والفرض في تعلق العلم بالطول والعرض‏]

ومن ذلك سر النافلة والفرض في تعلق العلم بالطول والعرض من الباب 2و< من كان علته عيسى فلا يوسى فإنه الخالق المحيي والمخلوق الذي يحيي عرض العالم في طبيعته وطوله في روحه وشريعته وهذا النور من الصيهور والديهور المنسوب إلى الحسين بن منصور لم أر متحدا رتق وفتق وبربه نطق وأقسم بِالشَّفَقِ واللَّيْلِ وما وَسَقَ والْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ وركب طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ مثله فإنه نور في غسق منزلة الحق لديه منزلة موسى من التابوت ولذلك كان يقول باللاهوت والناسوت وأين هو ممن يقول العين واحدة ويحيل الصفة الزائدة وأين فاران من الطور وأين النار من النور العرض محدود والطول ظل ممدود والفرض والنفل شاهد ومشهود

[سر التوالج والتخالج‏]

ومن ذلك سر التوالج والتخالج من الباب الأحد والعشرين التوالج نكاح والتخالج ولادة في عالم الملكوت والشهادة من توالج الليل والنهار ظهرت خلج الأعصار فتميزت الأيام والأعوام والشهور وجمع الدهر بالدهور لو لا حكم الشمس ما ظهر في عالم الأركان ذو نفس ونفس تعددت المنازل بالنوازل لا بل النوازل عينت المنازل فأتبعها العدد وما بالدار من أحد فإن وقع استثناء في هذا النفي فهو منقطع وهذا أمر لا يندفع‏

[سر المنازل والنازل‏]

ومن ذلك سر المنازل والنازل من الباب 22 للمنزل الأين وللمنزلة العين فالأمر والشأن في المكانة والمكان والنازل من معناه في منزلته وفي منزله من حيث صورته للقرآن سور هي منازله وله آيات هي دلائله وفيه كلمات هي صوره وله حروف هي جواهره ودرره فالحرف ظرف لمن هي منعوتة بقاصرة الطرف والكلمات في الكلام كالمقصورات في الْخِيامِ فلا تعجز لمفهوم الإشارات ولا نعجز عن مدلول العبارات فما وقع الإعجاز إلا بتقديسه عن المجاز فكله صدق ومدلول كلمه حق والأمر ما به خفاء وإن كان في نسبة المناسبة للطلب بالإتيان بسور مثله جفا فما أرسل رسول إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ فتأمل ومن الله المعونة فاسأل‏

[سر الصون وطلب العون‏]

ومن ذلك سر الصون وطلب العون من الباب 23 الصون حفظ في الأولياء عصمة في الرسل والأنبياء فكان من تعبيره فيما عن الله يبلغه أنه يقذف بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ والآخر في أثره لاحق فإن التكليف وإن كان حقا فإنه زائل كما أنه عرض ماثل فللدنيا حكم ليس لأختها والأم لا تنكح على بنتها بل البنت إذا لم تكن في الحجر فهي في بعض المذاهب حلال وإن نكحت أمها بالشرع لذي حجر طلب الإعانة دعوى من صاحب بلوى إنما تسدل الأستار والكل من أجل المقل إياك والنظر فقد يكذب الخبر الخبر الاستعانة بالصبر حيرة بين التخيير والجبر والاستعانة بالله تؤذن بالاشتباه ومن اتبع المتشابه فقد ضل وزاغ وما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ومن لزم المحكم فقد تحكم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ فإنه الكفيل‏

[سر الاشتراك بين الشرائع من حكم الزوابع‏]

ومن ذلك سر الاشتراك بين الشرائع من حكم الزوابع من الباب 24 اعلم أن الزوابع تكون بحكم الشرائع والطبائع ولذلك تعلو وتسفل وتترقى وتنزل ومع أنه كل وصف من هذين كياني وهو نعت إلهي فالعلو ما يشك فيه الدليل المعقول والنزول ثبت بخبر الشرع المنقول فصاحب الخلافة والإمامة مسكنه بين نجد وتهامة فله المجد الشامخ‏

بتحصيله علم البرازخ فله التمييز والنقد ولِلَّهِ الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله لفرح إمامهم وسيدهم وعلامهم وعلم السياسة لأصحاب الرئاسة فكل رئيس مدبر سؤوس على قدر ما هو عليه المرءوس ما كنا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ إلا وكان نبينا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم سيد ولد آدم من غير شك ولا التباس فهو بنا ونحن به فانتبه‏

[سر اختصاص أنواع الإنعام بالأيام‏]

ومن ذلك سر اختصاص أنواع الإنعام بالأيام من الباب 25 كل حليم أواه إذا ذكرته بأيام الله نهجت به منهج الانتباه ولا ينتبه إلا النائم ولا يوقظه إلا من هو عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ قائم إنما نابت الأيام مناب النعم لأنها الآتية بأنواع الكرم الزمان حافظ إذ كان له الاحتواء وبه يكون الانحراف والاستواء ولما عنده من السعة حاز الفصول الأربعة فالزمان يحكم في الأركان بتعاقب الملوان الموجبان الحدثان فصور تحدث وتمر وأحوال تسوء وتسر فادوار تدور ونجوم تطلع وتغور وأيام وجمع وسنون وشهور يعين تصريفها حوادث الدهور فاليوم ليل ونهار والشهر محق وإبدار والسنة تكرار والجمعة سبعة أدوار وحكم الطرائق في الساعات والدرجات والدقائق وما زاد عليها من ثوان وثوالث فما زاد فهي رقائق تمد الحقائق‏

[سر الرموز والكنوز]

ومن ذلك سر الرموز والكنوز من الباب 26 رموز النصائح كنوز المصالح فالناصح لما فتقه الدهر ناصح والعمل بالمصالح شيمة كل عبد صالح أ لا تراه كيف أقام الجدار فإنه من مصالح الأيتام الصغار ولم يطلب على ذلك أجرا بل قال أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فلما أخبره انقاد الكليم إليه وعول فيما أنكره عليه فانصف العبد المرحوم واعترف وقال لصاحبه كل واحد منا على علم لا يعلمه الآخر وهنا وقف فلما علم فضله عليه سلم الأمور أجمعها إليه‏

[سر سجود الظلال بالغدو والآصال‏]

ومن ذلك سر سجود الظلال بِالْغُدُوِّ والْآصالِ من الباب 27 أنفت الظلال من السجود للشمس لما هي عليه من شرف النفس فاستدبرتها في هذه الأوقات وامتدت ساجدة لمن بيده ملكوت الأرض والسموات حين سجد لها من يزعم أنه من أهل التمكين وتعبدت من يدعي العقل الرصين ولما رأت الظلال طلب استشراف الشمس عليها لتنظر إليها تقلصت وانقبضت تطلب أصلها لتبين فضلها فلم تر لها الشمس عينا تستعبده بنورها لسرعة نفورها ولو لا عناية الأصل ما صح لها هذا الفضل‏

[سر التكييف في المشتى والمصيف‏]

ومن ذلك سر التكييف في المشتى والمصيف من الباب 28 لا يعلم الرب في الحافرة إلا من عرف الأولى والآخرة من كان ظاهره مصيفا فباطنه مشتى فيجمع ما بين أين ومتى ومن كان ظاهره مشتى فباطنه مصيف فليتقنع في الحالين بالنصيف وهما من أحوال التكييف الكيف حال الأجسام ومحال الأوهام يعم الكائف وله في البسائط لطائف وزمان الاعتدال ما له من زوال‏

[سر تنزيه أهل البيت عن الموت‏]

ومن ذلك سر تنزيه أهل البيت عن الموت من الباب 29 قدوس سبوح رب الملائكة والروح يذهب الأرجاس ويقي شر الوسواس الخناس وموت الجهل أشر موت وقد عصم الله منه أهل البيت فلا يقدرهم حق قدرهم إلا من أطلعه الله على أمرهم ومن اطلع عليه استند في الحال إليه فهو أعظم مستند وأوثق ركن قصد فاستمسك بحبهم للعقبى فإنه ما سأل عليه السلام منا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى‏

[سر الراكب والفارس والقائم والجالس‏]

ومن ذلك سر الراكب والفارس والقائم والجالس من الباب 3و< للراكب القفر وللفارس الكر والفر وللقائم الإنفاق وللجالس الإرفاق فمن ركب لم يعطب ومن تفرس لم ينكب ومن قام نام ومن جلس بئس فيا أهل الركاب عملكم في تَبابٍ يا خيل الله اركبي واسلكي سبيل مذهبي ويا قائمين على النفوس بالرزق المعنوي والمحسوس تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ويا جلساء الحق في مقعد الصدق احذروا من المكر وتواصوا بالشكر ما أباح الله نكاح الأربع إلا لحيازتها المقام الأوسع ولو لا السعة التي في الأربعة ما ضمت العشرة الموصوفة بالكمال لمن اعتبره تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ في الأيام المتواصلة ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع وقطع كل فج العشرة أول العقود ومنها تتركب الحدود الراكب يرى ما لا يراه الفارس والقائم يشهد ما لا يشهده الجالس شأن الأمير الاستواء على السرير والخادم بين يديه قائم فهو السيد وإن قام بين يديه فإن أموره مصروفة إليه وهما يصرفان الركاب والخيل تأويبا بالنهار وآسادا بالليل فافتكروا واعتبروا

[سر الأصول في الفصول‏]

ومن ذلك سر الأصول في الفصول من الباب الأحد والثلاثين لو لا الفصول المقومة ما نارت البيوت المظلمة لو لا الفصول ما أبانت الحدود الأصول بالفصول المقسمة ظهرت المرحمة والمشأمة بالفصل تميز الرب‏

من المربوب وبه اتصل المحب بالمحبوب فبالفصل علم المحب أنه هالك والمحبوب مالك لا يرد الفصل إلا على وصل فهو عنوانه وبه قام ميزانه الفصل خلاء محدود والمفصول ملأ مشهود وهو يحل محل الوصل فالوصل خلا مثله ومثل المماثل شكله فالفصل والوصل ضرتان هما من الله نعمتان‏

[سر تدبير الإكسير]

ومن ذلك سر تدبير الإكسير من الباب 32 الإكسير سلطان يقلب الأعيان حكمه حكم الزمان لكنه أسرع في الحدثان ومع سلطانه فهو في حكم القابل وإلى ما يقبله بالفعل مائل فالعجز والقصور سار في جميع الأمور وعدم الاستقلال يقطع بالآمال لو لا المرض ما كان التدبير ولا نزل الأمير عن السرير ولا لحق الذهب بالقزدير ولا قام عطارد مقام الإكسير بالإكسير ولا ذهب النحاس بالذهب ولو لم ترجع المعادن إلى أصل واحد ما سميت بالناقص والزائد وأصل اعتلال الأبدان بالزيادة والنقصان والطبيب الماهر هو المدبر الأكاسر لا يزال من أجل الفضة والذهب يتلو سورة أبي لهب تبت يداه وما كسب فهو يسعى في إقامة الميزان واعتدال الأوزان ويحافظ على إقامة نشأة الإنسان في شهر نيسان فإنه شباب الدهر وأوان الثمر والزهر ومسرح النواظر في النواضر فاعلم وإذا علمت فالزم وإذا لزمت فتكتم‏

[سر النية في الموحدين والتنويه‏]

ومن ذلك سر النية في الموحدين والتنويه من الباب 33 لما لم يصح وجود العين الحادث المعرض للحوادث إلا بوجود الاثنين والثالث وذلك تركيب المقدمات لظهور المولدات بنكاح محسوس ومعقول على وجه وشرط معقول ومنقول فوافق العقل النقل وساعد الطبع السمع أ لا ترى الأمر موقوفا على اقتدارنا فذو قبول كما حكمت به براهين العقول فمن نظر في توقف الاثنين على الثالث قال بالتوحيد في وجود عين الحادث ومن نظر إلى هذين قال مع وجود الزائد بالاثنين ورأوا الأمر بين ظلمة ونور وغم وسرور وقال في الكلام الذي لا يدخله ريب ولا مين ومن كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ وما ثم غير هذين فالإله واحد والقائل بغير هذا يضرب في حديد بارد

[سر أنفاس الجلاس‏]

ومن ذلك سر أنفاس الجلاس من الباب 34 من جلس رأس وهو قولهم من ثبت نبت الجليس أنيس الذاكرون الله الله جليسهم وإذا كان جليسهم فهو بالذكر أنيسهم ومن جالسك فقد جالسته فأنتم جلساء الحق وذلك هو مقعد الصدق ثم يفترق الجلوس فأما أن تجلس إليه وإما أن يجلس إليك فإن جلس إليك كان في مقام حتى نعلم فإن فهمت فالزم وإن جلست إليه أفادك ظرائف الحكم وأتاك جوامع الكلم فقد يستفيد المفيد ويفيد المستفيد أهل المجالس والجلوس هم المقدمون والرءوس كل من جلس خدم وكل من قام ندم لو لا قيام الجدار ما انهدم ولو لا إقامة النشأة الإنسانية إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ ما سمي الهدم القائم متعرض لهبوب الأنفاس والمتحرك في قيامه متصف بالذاهب والخناس فتعوذوا برب الناس من شَرِّ الْوَسْواسِ‏

[سر الجرس واتخاذ الحرس‏]

ومن ذلك سر الجرس واتخاذ الحرس من الباب 35 الجرس كلام مجمل والحرس باب مقفل فمن فصل مجمله وفتح مقفلة أطلع على الأمر العجاب والتحق بذوي الألباب وعرف ما صانه القشر من اللباب فعظم الحجاب والحجاب الإجمال حكمة وفصل الخطاب فسمة لإزالة غمه في أمور مهمة محجوبة بليال مدلهمة والحرس عصمه فهم أعظم نعمه لإزالة نقمه صلصلة الجرس عين حمحمة الفرس‏

[سر تمهيد موسى لعيسى‏]

ومن ذلك سر تمهيد موسى لعيسى من الباب 36 التوراة أول جيل أمن بالإنجيل وأول نور ظهر بالزبور موسى خرج في طلب النار فورى زناد الأقدار فجاء بالتوراة وهو يحمد الآثار موسى حيي بعيسى لأنه روح عيسى كلمة من كلم موسى فأشبه نور يوح كَلَّمَ الله مُوسى‏ تَكْلِيماً وسلم على عيسى تسليما وما سلم عليه إلا به ليتنبه ويسلم على ابن خالته بنفسه لتتميز رتبة يومه من أمسه فيرتفع اللبس باليوم الذي بين الغد والأمس كل متقدم من الرسل بشير وفي أمته نذير يعلم بالآتي ويحرض على صحبة المواتي ما نشأ الخلاف إلا من عدم الإنصاف وما ثم الاخلف لأن الذي خلف من سلف خلف لم يكن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم خلف لأنه أنصف‏

[سر حال الاتباع في الاتباع‏]

ومن ذلك سر حال الاتباع في الاتباع من الباب 37 لو لا حكم الاتباع ما سموا بالأتباع أتباع الرسل هم المتحققون بالسبل من سلك سوى سبيله حمد في فعله وقيله الأمر صادق وصديق فلا بد من تابع ومتبوع هذا هو التحقيق حَقِيقٌ عَلى‏ أَنْ لا أَقُولَ عَلَى الله إِلَّا الْحَقَّ فإني بالله أسمع وأبصر وأنطق‏

فالزم تعلم‏

[سر ما لا ينال إلا بالكشف الصرف‏]

ومن ذلك سر ما لا ينال إلا بالكشف الصرف من الباب 38 وليس إلا علم التجلي والتداني والتدلي وكذلك ما ينتجه التجلي بالأسماء من علوم الأنباء وكل علم موقوف على الحس فما فيه لبس وما ينتجه الفكر فلا يعول عليه فإن النكر يسارع إليه وأما قوله وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ فقد أثبت لك ما رأيت ودل قوله ولكِنَّ الله رَمى‏ على أمر يستوي فيه البصير والأعمى فيد الله أيدي الأكوان وإن اختلفت الأعيان فعد عن النظر في الصور فإنها محال الغير وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً لتحدث حكما

[سر العزل والولاية في الضلالة والهداية]

ومن ذلك سر العزل والولاية في الضلالة والهداية من الباب 39 يتضمن العزل الولاية تضمن الضلال الهداية الهدى إلى الضلال هدى فإياك أن تجعل الضلالة سدى الضلالة حيرة ولو لم تكن ذاتية لاوجبتها الغيرة لو لم تكن الضلالة انتهك حماه وكان إدراكه في عماه لا عزل إلا من ولاية ولا ضلال إلا بعد هداية وما كانَ الله لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ وهذا من العلم المخزون المصون من أَضَلَّهُ الله عَلى‏ عِلْمٍ فهو صاحب فهم والله الوالي من اسمه المتعالي‏

[سر المجاورة والمحاورة]

ومن ذلك سر المجاورة والمحاورة من الباب 4و< المحاورة لا تعقل من غير مجاورة المحاورة مراجعة الحديث في القديم والحديث الجار أحق بصقبه من صاحب نسبه فإنكم بالأصل من أولي الأرحام ومن أهل الالتئام والالتحام لا يشترط في الجوار الجنس فإنه علم في لبس الله جار عبده بالمعية وإن انتفت المثلية والعبد جار الله في حرمه ومطلع على حرمه وهي أعيان كلمات الله التي لا تنفد ولا تبعد فتبعد

[سر النهار والليل والحرمان والنيل‏]

ومن ذلك سر النهار والليل والحرمان والنيل من الباب الأحد والأربعين النهار معاش والليل لباس فالنيل وجدان والحرمان إفلاس فقد ارتفع الالتباس النهار حركة والليل سكون والمحروم من الخلق من يقول للشي‏ء كُنْ فَيَكُونُ فظهر المنازع بالتكوين وحصل التعيين في الكثرة لوجود التلوين فما جنى على التوحيد إلا الكون وما نازعه إلا وجود العين فصاحب اللواء من يرى الحق عين السوي‏

[سر الفتوة المختصة بالنبوة]

ومن ذلك سر الفتوة المختصة بالنبوة من الباب 42 الفتى لا يعرف أين ومتى أينه دائم مستقر وزمانه حال مستمر التحم أزله بأبده فلا أول ولا انقضاء لأمده لا يعرف الأجل المسمى ولا يقول بفك المعمى الملوان بحكم الفتيان تصرفهما أحوالهم فأعمالهما أعمالهم من عتى ما تفتي ولا سمي بفتى غاية الفتى الخلة لما سد الخلة غار بالرقباء فقطعهم جذاذا واتخذ الكبير ملاذا ثم أحالهم على ما أوحي لهم‏

[سر إلحاق الشبه بالشبه‏]

ومن ذلك سر إلحاق الشبه بالشبه من الباب 43 لو لا الشبه ما كانت الشبه فالظلال أمثال وأي أمثال من أعجب الأمر في الظل مع المثل أن النور يصوره وهو ينفره والجسم يقرره ويثبته لأنه منبته في لسان الأمة من أشبه أباه ما ظلم أمه أسماؤه الحسنى أسماؤنا فعلى الشبه قام بناؤنا وأحكامنا أحكامه فنحن بكل وجه شعائره وأعلامه فتعظيمنا إياها من تَقْوَى الْقُلُوبِ وفتح الغيوب‏

[سر التصرف في الفنون من شأن أهل الجنون‏]

ومن ذلك سر التصرف في الفنون من شأن أهل الجنون من الباب 44 الفنون أعيان الشئون والشئون هوية المحتد ربانية المشهد من أعجب ما ورد أنه لَمْ يَلِدْ وعنه ظهرت الأعداد فله أحدية العدد وما بالدار من أحد الجنون ستور فقل أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الْأُمُورُ

[سر التكرار في الأدوار]

ومن ذلك سر التكرار في الأدوار من الباب 45 تكرر الملوان بالاسم لا بالأعيان ودار الفلك فحدث الجديدان أطت السماء وحق لها أن تئط فإن الأمر فيها منضغط كيف لا يسمع لها صوت وهي تخاف الفوت لعلمها بأنها تمور مورا وتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ ونفوس تالفة وعقول خائفة وأسرار على حالها عاكفة وهت السماء فهي واهية حين أصبحت على عروشها خاوية لو بقي ساكنها ما خربت مساكنها فالدور أظهر الكور

[سر القليل والكثير في التيسير والتعسير]

ومن ذلك سر القليل والكثير في التيسير والتعسير من الباب 46 من تعبدته الإضافات فهو صاحب آفات من كان ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً وقد كان الرطب بلحا وبسرا مرقوم في الكتاب كَثِيرٌ من النَّاسِ سجد وكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وما أُوتِيتُمْ من الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا مع كونه أَقْوَمُ قِيلًا ... واذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... بُكْرَةً وأَصِيلًا وقُمِ اللَّيْلَ ف إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا إخراج ما في اليد هو الكثير وإن قل فاعرف معنى الكثر والقل سبق درهم ألفا لكونه ما وجد ألفا

[سر السافل والعالي والمتسافل والمتعالي‏]

ومن ذلك سر السافل والعالي والمتسافل والمتعالي من الباب 47 العالي‏

صاحب الروح والسافل له إليه طرف جموح والمتوسط ذو طرفين له إلى كل طرف جنوح المتسافل يشهد لصاحبه بالسمو والمتعالي يشهد للمتصف به بالمقام الدني للدنو الحاصل لا يبتغى وما سفل إلا من طغى ما بلغ الماء الربي حتى زاد السيل وطمى يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا في دِينِكُمْ غير الحق ولا تَقُولُوا عَلَى الله إِلَّا الْحَقَّ ما عنده علم ولا فتوة من الحق العبودة بالبنوة أين الأبناء من العبيد وأين الإنس من الوحيد

[سر الأزل في العلل‏]

ومن ذلك سر الأزل في العلل من الباب 48 لو كان علة لساوقه المعلول في الوجود وقد تأخر فثبت الاسم المقدم والمؤخر لو اقتضى وجود العالم لذاته لم يتأخر عنه شي‏ء من محدثاته ولو لم يصح أن يصدر عنه إلا واحد لبطلت النسب والشواهد من جعل للصادر مع أحديته نسبا فقد أثبت أحكاما ونسبا والصادر موجود معلوم والنسب أمر معدوم والعدم لا يقوم بالوجود فإن البراهين تبطله والحدود والكثرة معقولة وما ثم علة إلا وهي معلولة

[سر وجود النفس في العسس‏]

ومن ذلك سر وجود النفس في العسس من الباب 49 بالعسس يطيب المنام وبالنفس تزول الآلام إن أضيف إلى غير الرحمن فهو بهتان عن الرحمن ظهر حكمه فزال عن المكروب غمه من قبل اليمن جاء وبعد تنفيذ حكمه فاء وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ لأنه ظله لا ينقبض الظل إلا إلى من صدر عنه فإنه ما ظهر عينه إلا منه فالفرع لا يستبد فإنه إلى أصله يستند في الفروع يظهر التفصيل وتشهد له الأصول في قضية العقول‏

[سر الحيرة والقصور فيما يحوي عليه الخيام والقصور]

ومن ذلك سر الحيرة والقصور فيما يحوي عليه الخيام والقصور من الباب 5و< الخيمة والقصر يؤذن بالقهر والقسر لو لا الحيرة ما وجد العجز ولا ظهر سلطان العز وبالقصور علم بحدوث الأمور القصور يلزم الطرفين لعدم الاستقلال بإيجاد العين لو لا القبول والاقتدار وتكوير الليل والنهار بالإقبال والإدبار ما ظهرت أعيان ولا عدمت أكوان فسبحان المتفضل بالدهور والأمور

[سر الهرب من الحرب‏]

ومن ذلك سر الهرب من الحرب من الباب الأحد والخمسين من مال مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى‏ فِئَةٍ فما مال فالهرب من الحرب وهو من الخداع في الفزاع كن قارا ولا تتبع فارا لا تضطره إلى ضيق فيأتيك من تكرهه من فوق كل يجري في قربه إلى أجل فلا تقل بجل إذا نزل القدر عمى البصر نزول الحمام يقيد الاقدام لا جناح لمن غلبه الأمر المتاح من راح استراح إلى مقر الأرواح من فتح له باب السماء استظل بسدرة الانتهاء الشهيد حي وإنجازه لي‏

[سر عبادة الهوى لما ذا تهوي‏]

ومن ذلك سر عبادة الهوى لما ذا تهوي من الباب 52 لا احتجار على الهوى ولهذا يهوى بالهوى يجتنب الهوى وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى بالهوى يتبع الحق والهوى يقعدك مقعد الصدق الهوى ملاذ وفي العبادة به التذاذ وهو معاذ لمن به عاذ والنَّجْمِ إِذا هَوى‏ ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وما غَوى‏ فبهوى النجم وقع القسم بعد ما طلع ونجم مواقع النجوم لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ فلو لا علو قدره ما عظم من أمره‏

[سر الإشارات وإلحاقها بالعبارات‏]

ومن ذلك سر الإشارات وإلحاقها بالعبارات من الباب 53 الإشارة إيماء جاءت بها الأنباء فأشارت إليه متكلة عليه فبرأتها شهادته مما قيل وتلي ذلك في كل جيل في قرآن وزبور وتوراة وإنجيل الإشارة حرام إلا لمن لزم الصيام الإشارات عبارات خفية وهو مذهب الصوفية الإشارة نداء على رأس البعد وبوح بعين العلة في كل ملة لو لا طلب الكتمان ما كانت الإشارة بالأجفان هي دلالة على المين وساعية في بين البين ولذلك لم يكن ينبغي لنبي أن يكون له خائنة عين ولهذا دلت على المين‏

[سر الشياطين في السلاطين‏]

ومن ذلك سر الشياطين في السلاطين من الباب 54 السلطان ظل وصحبته ذل والشيطنة بعد والظل لا يتبين حتى يمتد إذا امتد عن أصله بعد وإذا فاء إليه بعد السلطان راع وداع وكلكم راع فالكل أمثال والأمثال أضداد والمضادة عناد فثبت إن الشياطين سلاطين الشيطان رجيم لذوات الأذناب من النجوم قعدت الشهب على النقب فرمتها من قبل وعن جنب الأمر الكبار في حرق النار بالنار

[سر تتبع التنوع‏]

ومن ذلك سر تتبع التنوع من الباب 55 تنوعات العالم في الحق الشئون وهي ما يظهر من الفنون الظن رجم بالغيب والعلم ما فيه شك ولا ريب الظن أكذب الحديث في القديم والحديث الأنواع تفاصيل الجنس من غير نزاع ولو لا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لبطلت السنة والفرض تنوعت الأسماء فتنوعت الأسباب والكل نسب والنسب في تباب التنوع افتراق لما ضمته الحقاق وقد لحق بالمحاق من قال إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ التتبع تجسس وقد

نهي عن التجسس‏

[سر الإلهام والوحي في المنام‏]

ومن ذلك سر الإلهام والوحي في المنام من الباب 56 الدقائق أعوام في حال المنام وعلوم النظر أوهام عند علوم الإلهام القائل عن الإلهام ما يخطئ والحكم به لا يبطى‏ء عظم محن النفوس وبلواها في فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها فمن نهى النفس عن هواها بهواها فقد أمن غايتها ومنتهاها لو لا إلهام النحل ما وجد العسل في زمان المحل بالإلهام طلب المرعى وجمع فأوعى المبشرات نبوات ورسالات فاستدرك بعد أن عمم فقال لكن المبشرات فخصص وتمم فسبحان من خصه بالحكم وجوامع الكلم‏

[سر الزمان والمكان‏]

ومن ذلك سر الزمان والمكان من الباب 57 المكان نسبة في موجود والزمان نسبة في محدود وإن لم يكن له وجود المكان يحد بالجلاس والزمان يعد بالأنفاس الإمكان يحكم في الزمان والمكان الزمان له أصل يرجع إليه وهو الاسم الإلهي الدهر الذي يعول عليه ظهر المكان بالاستواء وظهر الزمان بالنزول إلى السماء وقد كان قبل الاستواء له ظهور في العماء الأينية للمتمكن والحال والفرق ظاهر بين الأماكن والمحال الحال بحيث المحل والمتمكن عن المكان منتقل الزمان ظرف لمظروف كالمعاني مع الحروف وليس المكان بظرف فلا يشبه الحرف ظرف المكان تجوز في عبارة الإنسان الزمان محصور في القسمة بالآن وما من شرطه وجود الأعيان وإذا لم يعقل المكان إلا بالساكن فهو من المساكن‏

[سر المنصور والناصر من الأفلاك والعناصر]

ومن ذلك سر المنصور والناصر من الأفلاك والعناصر من الباب 58 ما استعيذ بالله من الحور بعد الكور إلا لتأثير الدور ما ثم حور بل ثم استدارة لا دور ما في العالم تكرار مع وجود الأدوار كل ذلك إقبال وذهاب ما ثم رجوع ولا إياب السبب الأول خير الناصرين والسبب الأخير خير المنصورين الأفلاك ذكور والعناصر محال التكوين والظهور وقد كانت الأفلاك أمهات لما ظهر فيها من المولدات الفاعلات أملاك والمنفعلات أفلاك والانفعالات أعراس وأملاك لو لا الالتحام ما ظهر هذا النظام قد يكون المنفعل ناصر الفاعلة فيه بقبوله وبلوغ سؤله وماموله لو لا الأمر المطاع ما كان الاجتماع فما ظهرت أشباح ولا أرواح إلا بنكاح‏

[سر اختصاص النصب بالغضب‏]

ومن ذلك سر اختصاص النصب بالغضب من الباب 59 الغضب نصب النفس في كل جنس نصب الأبدان من همم النفوس في المعقول والمحسوس من تأثر تعثر وما ثم من لا يتأثر إلا ببلوغ المراد تميز الرب من العباد فالرب بالغ أمره وإن جهل العبد قدره والعبد عبد القهر بحكم الدهر من حكم عليك فهو إليك فوله إن شئت أو فاعزله ونزه نفسه إن شئت أو مثله في التنزيه عين التشبيه فأين الراحة التي أعطتها المعرفة وأين الوجود من هذه الصفة الظالم هو الحاكم في أكثر المواطن والحكم في الظاهر إنما هو للباطن فلو لا الأنفاس ما تحركت الحواس‏

[سر امتياز الفرق عند إلجام العرق‏]

ومن ذلك سر امتياز الفرق عند إلجام العرق من الباب الستين إذا كان يوم العرض ووقع الطلب بإقامة السنة والفرض وذهلت كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وزهدت كل نفس فيما جمعت وألجم الناس العرق وامتازت الفرق واستقصيت الحقوق وحوسب الإنسان على ما اختزنه في الصندوق زال الريب والمين وبان الصبح لذي عينين وندم من أعرض وتولى وفاز بالتجلي السعادي كل قلب بالأسماء الإلهية الحسنى تحلى في الموطن الذي إليه حين دنى تدلى فرأى في النزلة الأولى والأخرى من آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ فرفع ميزان العدل في قبة الفصل ففاز بالثقل أهل الفضل ف من ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ في عِيشَةٍ راضِيَةٍ في جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ ومن خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ ولا تمتاز الفرق إلا بالحدود فمنهم النازل بمنازل النحوس ومنهم النازل بمنازل السعود

[سر المقام الشامخ في البرازخ‏]

ومن ذلك سر المقام الشامخ في البرازخ من الباب الأحد والستين البرزخ بين بين وهو مقام بين هذين فما هو أحد هما بل هو مجموع الاثنين فله العز الشامخ والمجد الباذخ والمقام الراسخ وعلم البرازخ له من القيامة الأعراف ومن الأسماء الاتصاف فقد حاز مقام الإنصاف فما هو عين الاسم ولا عين المسمى ولا يعرف هويته إلا من يفك المعمى وقد استوى فيه البصير والأعمى هو الظل بين الأنوار والظلم والحد الفاصل بين الوجود والعدم وإليه ينتهي الطريق الأمم وهو حد الوقفة بين المقامين لمن فهم له من الأزمنة الحال اللازم فهو الوجود الدائم البرزخ جامع الطرفين والساحة بين العلمين له ما بين النقطة والمحيط وليس بمركب ولا بسيط حظه من الأحكام المباح ولهذا كان له الاختيار والسراح لم يتقيد بمحظور ولا واجب ولا مكروه ولا مندوب إليه في جميع المذاهب‏

[سر النشر والحشر]

ومن ذلك سر النشر والحشر

من الباب 62 النشر ضد الطي وبه يتبين الرشد من الغي النشر ظهور فهو نور على نور الحشر جمع ما فيه صدع بالحشر يقع الازدحام وبه يكون الالتحام لو لا الحشر ما زوجت النفوس بأبدانها ولا أقيمت المأدب بميدانها قبور الأرواح أجسامها وقبور الأجسام أزامها ففي سجن الأشباح سراح الأرواح فلها الرواح والارتياح في الانفساح وإن تقيدت بصور جسدية فإن لها القليبات الأبدية وما لها نعت إلا الأحدية وإن كانت لا ننفك عن صورة فإنها في أعز سورة فإذا بعثت الأجسام من قبورها وحصل للعرض عليها ما في صدورها صدق الخبر الخبر وما بقي للريب في ذلك من أثر فمن حار فاز وليس للبازي إلا ما حاز فاعبر ولا تعمر فإن الدنيا نهر وبحر يحكم فيها مد وجز والإنسان على نهرها جسر

[سر المقامة والكرامة]

ومن ذلك سر المقامة والكرامة من الباب 63 النار دار انتقال من حال إلى حال والحكم في عاقبتها للرحمة والنعمة وإزالة الكرب والغمة فلذلك لم توصف بدار مقامه لعدم هذه العلامة وسميت منزل الكرامة دار المقامة لأنها مقيمة على العهد فلا تقبل الضد المقامة نشأة الآخرة لأنها عين لحافرة ما هي كرة خاصرة بل هي رابحة تاجرة سوقها نفاق وعذابها نفاق فالصورة عذاب مقيم والحس في غاية النعيم فإن نعيم الأمشاج فيما يلائم المزاج‏

[سر الشرع المنافر والموافق‏]

ومن ذلك سر الشرع المنافر والموافق للطبع من الباب 64 الشرع لا يتوقف على منافر أو موافق إذا تصرف له الحكم فيما ساء وسر ونفع وضر منزلته الحكم في الأعيان لا في الأكوان الصلاة خمس ما بين جهر وهمس بنى الإسلام على خمس لإزالة اللبس فالتوحيد إمام فله الإمام والصلاة نور والصبر ضياء والصدقة برهان والحج إعلام بالمناسك الكرام وحرمات في حلال وحرام الشرع زائل والطبع ليس براحل محل الشرع الدار الدنيا ومحل الطبع الآخرة والأولى يرتفع الحكم التكليفي في الآخرة ولا يرتفع الطبع من الحافرة للشرع منازل الأحكام وللطبع البقاء والدوام جاءت الشرائع بحشر الأجساد وثبتت بخرق المعتاد أينما كانت الأجساد فلا بد من كون وفساد وبهذا ورد الشرع وجاء السمع وقبله الطبع ووافق عليه الجمع والايمان به واجب وإن الله خلقهم من طِينٍ لازِبٍ‏

[سر الشهادتين والجمع بين الكلمتين‏]

ومن ذلك سر الشهادتين والجمع بين الكلمتين من الباب 65 العين طريق والعلم تحقيق لو لا فضل العلم على العين ما كان شهادة خزيمة بمنزلة شهادة رجلين ما تنظر إلا لتعلم كما أنك لا تخاطب إلا لتفهم ولا تخاطب إلا لتفهم الشهادة حضور ونور على نور الشهادة على الخبر أقوى في الحكم من شهادة البصر يثبت ذلك شهادة خزيمة للنبي عليه السلام المنقولة عنه في الأحكام لو لا التلبس الداخل على البصر ما شهد الصحابة في جبريل عليه السلام أنه من البشر وليس من البشر فلو استعملهم العلم وكانوا بحكم الفهم لتفكروا فيما أبصروا حيث سألوا عما جهلوا فكانوا يقولون إن لم يكن هذا المشهود روحا تجسد وإلا فهو دحية كما يشهد ولو ظهر في أماكن مختلفة في زمان واحد وتعدد فلا يقدح ذلك في دحيتيته فإنه في كل صورة بهويته وتلك الصور لهويته كالأعضاء لعين الإنسان وهو واحد مع كثرة الأعضاء التي في الأكوان فمن وقف عند ما قلناه حينئذ يعرف ما يرى إذا رآه وبهذا يجمع بين الكلمتين ويتلفظ بالشهادتين لأنه من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله فإن هويته سمعه وبصره وجميع قواه‏

[سر تقديس الجوهر النفيس‏]

ومن ذلك سر تقديس الجوهر النفيس من الباب 66 الجوهر الأصل وعنه يكون بالفصل القدوس عين بصر المحبوب من خلف حجاب الغيوب فإذا أنصف الإنسان فرق بين الايمان والعيان ولا سيما فيمن كان الحق قواه من الأكوان فالتصديق بالخبر فوق الحكم بما يشهده البصر إلا إذا نظر واعتبر

[سر المقاولة والمحاولة]

ومن ذلك سر المقاولة والمحاولة من الباب 67 لو لا القول ما ظهرت الأعيان ولا كان ما كان فصل الخطاب من المقال وسلطانه في قلت وقال المحاولة في التفهيم لأرباب التعليم كما هي في التفهم وطلب التعلم من المحاولة ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ومن المقاولة

قسمت الصلاة بيني وبين عبدي‏

فإلى وعلى المحاولة لا يظهر عنها عين إلا في كون المقاولة من المحاولة المقاولة تأخر ومسابقة والمحاولة في الوجود مساوقة المقاولة نسب والمحاولة سبب المقاولة منها مناوحة ومنها مكافحة القول يطلب السمع ويؤذن بالجمع له الأثر في السامع وهو يقرب الشاسع وفي بعض المواطن تغني الإشارة عن العبارة

[الحجب المنيعة عن أحكام الطبيعة]

ومن ذلك الحجب المنيعة عن أحكام الطبيعة من الباب 68 لا يقول بالحجب المنيعة عن أحكام الطبيعة إلا أصحاب خرق العوائد أهل الأنوار والمشاهد العاملون على أسرار الشرع وما شعروا أن ذلك من أحكام الطبع فإن العادة حجاب‏

فيا ليت شعري ما وراء هذا الباب من عرف أن الطبيعة بالرتبة فوق الجنة عرف أن لله في جعلها هناك الطول والمنة لو لا ما هي فوقها في المنزلة لكانت الإعادة في الأجسام يوم القيامة من المسائل المشكلة من وقف مع اللوح والقلم انحجب عن الطبيعة والتزم ومن جالس الأرواح المهيمة غابت عنه أمور الأجسام المحكمة من هيأ روحه لترويح النفس لم يدر ما صلصلة الجرس حكم لطبيعة تحت النفس وأكثر النظار من ذلك في لبس من المحال أن يمنع الإنسان عن العلم بالطبيعة مانع وهو للعالم برنامج جامع كيف يجهل الشي‏ء نفسه ويزعم أنه يعرف أصله وأسه كيف يخرج عن جنسه من تقيد بيومه وأمسه‏

[سر كشف الغطاء بالعطاء]

ومن ذلك سر كشف الغطاء بالعطاء من الباب 69 الشكر سبب مزيد الآلاء وتضاعف النعماء وعصمة من تأثير الأسماء بالأسواء بالجود ظهر الوجود والكرم سبب ارتفاع الهمم وبالإيثار تحمد الآثار وبالعطاء يكون كشف الغطاء وبالهبات تمحى السيئات الأنعام من الأنعام تحمل الأثقال والرحال وعليها تمتطي الرجال إِلى‏ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ مع نزولها عن المقام الأقدس ومن أعجب ما يكون أن الوضوء من أكل لحومها مسنون لشربها من بئر شطون العطاء يرد الوعر وطاء الرفادة أعظم عباده الرجعة في الهبة مثلبة وإمضاؤها منقبة والمواهب من أحمد مناقب الواهب الجود جود وهو لأهل الوجود أعطى كل شي‏ء خلقه حين أعطى المركب وسقه من أسهره وعد النيل طال عليه الليل في كشف الغطاء ارتفاع الضرر واحتداد البصر فتوهب قدر ما يرى وليس هذا حديث يفتري إن كل الصيد في جوف الفرا وبهذا المثل جرى يشهد للمؤذن مدى صوته ولكن بعد موته زكاة الخبوب في الحبوب وزكاة الأعيان في الحيوان وزكاة عموم الطلب في الفضة والذهب عمت العطايا والعدات جميع المولدات أعطت الشمس الذهب ولو لا غروبها ما ذهب ومن أعطاك مالك فما خيب آمالك وقد أعطاك ما وجبت المروءة عليه فاصرف النظر فيه وإليه ومن أعطاك ما له فقد جاد وأنعم وهو ما زاد على الحاجة فاعلم الأرزاق إرفاق بالقصد لا بالاتفاق الإنفاق يزيل الإملاق لا ينزل الساري عن ظهر البراق حتى يجوز السبع الطباق ولا يعطي والإرفاق إلا لمعرفته بالرزاق‏

[سر العهد في الزيارة والقصد]

ومن ذلك سر العهد في الزيارة والقصد من الباب الموفي 7و< لو لا قصد الزيارة ما جاءت الرسل ولا مهدت السبل ولا بد من رسالة ورسول فلا بد من سبيل وهو صاحب العهد والعقد ف لِلَّهِ الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ ما جاء من جاء من عند المالك ليعرف ما هنالك وهنالك مجهول غير معقول بل أحالته بعض العقول ولا يوجد في منقول ولكن رد النقل ما دل على إحالته العقل فثبت المقر وجعل إليه المفر كَلَّا لا وَزَرَ إلى ربك المستقر عين المناسك للناسك وكثرها لا لتماسك وأوضح المسالك للسالك وأمر كل قاصد إليه وآت بتعظيم الشعائر والحرمات وجعل البدن من شَعائِرِ الله عند كل حليم أواه ولم يكن المقصود منها إلا أنتم بقوله تعالى لَنْ يَنالَ الله لُحُومُها ولا دِماؤُها ولكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى‏ مِنْكُمْ وما كثر تعالى المناسك إلا لا لتماسك فإنه أمرك بمعرفته والاتصاف بصفته فلله حج إلى عبده لصدق وعده وجعل فيه مناسك معدودة وشرائع محدودة فقال وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ من الأحوال كما أمركم أن تكونوا معه فيما شرع لكم من

الأعمال وأمركم برمي الجمرة لترجعوا إلى التوحيد من الكثرة في عين الكثرة وجعلها في أربعة أيام لكل طبيعة يوم لتحوز درجة الكمال والتمام وجعلها محصورة في السبعين لأنها الأغلب في انتهاء عمر الأمة المحمدية من الستين واختصها بسبعة في عشرة ليقوم من ضربها السبعون فكانت السبعة لها عشرا لكونها عشرا وجعل ذلك في ثلاثة أماكن بمنى لما حازته النشأة الإنسانية من حس وعقل وخيال فبلغت المنى فإن قيدها العقل والحس أطلقها الخيال لما في قوته من الانفعال فهو أشبه شي‏ء بالصورة وله من السور أعظم سورة ثم شرع الحلق لظهور الحق بذهاب الخلق فإنه شعور مجمل فازالته بوضوح العلم أجمل وشرع الوقوف بجمع حتى لا يدخل القرب صدع وجعل الوقوف بعرفة لأن لوقوف عند المعرفة وجعل لوفده أيام منى مأدبه لما ما له في طريقه من المشقة والمسغبة فإنه بالأصالة مسكين ذو متربة وكان طواف الصدر لما صدر وطواف القدوم للورود والوداع لرحلة الوفود

[سر العدد المكسور لاستخراج خفايا الأمور]

ومن ذلك سر العدد المكسور لاستخراج خفايا

الأمور من الباب الأحد والسبعين 71 العدد المسكر هو المعدود ولا سيما إن اتصف بالوجود وأخذته الحدود العدد له أحدية الكثرة التي لا نهاية لها يوقف عندها وأما استخراج خفيات الأمور بالعدد المكسور فذلك من حيث المعدود الداخل في الوجود وما يدخله من التقسيم وهو عين العدد المفهوم وبه يخرج ما خفي من العلم بالله المنزه عن الأشباه ولا أخفى من العلم به فانتبه إن كنت تنتبه وإنما قلنا في المعدود الحاصل في الوجود إنه عين العدد المكسور لأنا اقتطعناه مما لا ينتهي من الممكنات وعبرنا عن هذا القدر بالمحدثات فهو جزء من كل لا إحاطة فيه ولا حصر ولا إحصاء ولو بالغت في الاستقصاء وما يحصى منه إلا الموجود وهو المعدود

[سر الرجعة من منزل الرفعة]

ومن ذلك سر الرجعة من منزل الرفعة من الباب 72 من علامات صدق التوجه إلى الله الفرار عن الخلق ومن علامات صدق الفرار عن الخلق وجود الحق ومن كمال وجود الحق الرجوع إلى الخلق إما بالإرشاد وإما بكونه عين الحق فسمه خلقا بوجه وحقا بوجه كما يقوله أهل الوجه فإن الوجه له البقاء وهو الذات التي لها الاعتلاء وقد جاء الإعلام في أصدق القول والكلام كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وكُلُّ من عَلَيْها فانٍ ويَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والْإِكْرامِ ولكن هنا سر من حيث ما هو عليها ولديها فما كل كل في كل موضع ترد فيه يعطي الحصر فإنه قد تأتي ويراد بها القصر مثل قوله في الريح العقيم ما تَذَرُ من شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ وقد مرت على الأرض وما جعلتها كالرميم مع كونها أتت عليها وما جعل الحق الحكم في الأرض إليها

[ما خفي في الصدور من علوم الصدور]

ومن ذلك ما خفي في الصدور من علوم الصدور من الباب 73 الحق المعتقد في القلب هو إشارة إلى القلب فاقلب تجد ما ثبت في المعتقد فإنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ومن لم يثبت له ظل كيف يكون له في‏ء والقلب في الصدور وهو الرجوع لا واحد الصدور فإنا عن الحق صدرنا من كوننا عنده في الخزائن كما أعلمنا فعلمنا فهو صدور لم يتقدمه ورود كما هو في بعض الأمور فمن قال إن الصدور بعد الورود فما عنده علم بحقائق الوجود فلو لا ما نحن ثابتين في العدم ما صح أن تحوي علينا خزائن الكرم فلها في العدم شيئية غير مرئية فقوله لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً فذلك إذ لم يكن مأمورا فقيده بالذكر في محكم الذكر

[سر ما في الجهاد من الصلاح والفساد]

ومن ذلك سر ما في الجهاد من الصلاح والفساد من الباب 74 ما تفسد في الوجود صورة إلا وعين فسادها أيضا ظهور صوره فما تزال في الصور في حال النفع والضرر فالجهاد صلاح وفساد لأن فيه حز الرءوس ومفارقة الحس المحسوس فالشهيد يشبه الميت فيما اتصف به من الفوت ولذلك يورث ماله وينكح عياله فطلاق الشهيد يشبه تطليق الحاكم على الغائب وإن كان حيا إذا أبعد في المذاهب وقد ثبت عن سيد البشر لا إضرار ولا ضرر

وقد علم إن الشهيد هو سعيد بدار الخلود وإن حصل تحت الصعيد ولا سبيل إلى رجعته ولا إنزاله من رفعته مع كونه حيا يفرح ويرزق وما هو عند أهله ولا طلق وهذه حالة الأموات والشهداء أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ وهم عندنا رفات وما لنا إلا ما نراه‏

ولكل امرئ ما نواه‏

ولا نحكم إلا بما شهدناه فاستمع تنتفع‏

[ترك العناد لترك السداد]

ومن ذلك ترك العناد لترك السداد من الباب 75 ترك العناد أحق لما فيه من موافقة الحق موافقة إرادة لا عادة إذا قعد المعاند مقعد صدق فقد حصل في مقطع حق إن لم يعاند أهل الحق أهل الباطل فجيده ليس بحال بل هو عاطل فتارك العناد هو تارك السداد تقابلت الأسماء إذا لم يكن الاسم المسمى إذا كانت اليد بالنواصي أنزلت العصم من الصياصي ولم تفتها ما عندها من الصياصي العناد من المحق في بعض المواطن سداد ومن المبطل فساد الأول ليس بمعاند حتى يعاند فيعاند فإن صمت كان كمثل من بهت والباهت مقطوع الحجة دارس المحجة القيام لله نعت الحليم الأواه لو لا قيامه ما رمى في النار ولا انخرقت العادة في الأبصار هي نار في أعين الإمام وهي على الخليل برد وسلام فهو عندهم في عذاب مقيم وهو في نفسه في جنة النعيم لما هبت عليه الأنفاس كان كأنه في ديماس‏

[ما في الخلوة من الجلوة]

ومن ذلك ما في الخلوة من الجلوة من الباب 76 لا خلوة في الوجود لأنه لا بد من شاهد ومشهود في خلوة الأسرار جلوة الجبار وفي خلوة الأشباح جلوة الملازمين من الأرواح لا بد لك من مكان تعمره فهو يبصرك وإن كنت لا تبصره الخلوة إضافة ونسب ولا بد فيها من جلوة سبب أين الخلوة والوجوه سافرة والأعين‏

ناظرة مسافرة الناس سفر وإن أقاموا ومقيمون وإن هاموا فإن سافرت وحدك فأنت شيطان وإن سافرت مع القرين فأنتما شيطانان وإن سافرت مع القرين والملك فما للشيطان عليك سلطان الثلاثة ركب وانتقال من البعد إلى القرب فما كل خلوة مشهودة ولا كل جلوة تكون محمودة معدومة كانت أو موجودة

[سر ما في الجلوة من الخلوة]

ومن ذلك سر ما في الجلوة من الخلوة من الباب 77 الخلوة بالخاء المعجمة جلوة بالجيم مع الحق في مقعد صدق أين يذهب العبيد ممن هو إليهم أقرب من حَبْلِ الْوَرِيدِ فالخلوة به لا عنه فله في كل شي‏ء كنه فالخلوة مطلقة لا تصح ومن ادعاها فما أسرع ما يفتضح أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الله يَرى‏ فأين الخلوة فانظر ما ذا ترى لو لا طلب الجلوة ما شرع أحد في اتخاذ الخلوة الخلوة أرضها معبده وأحوالها مقيدة والجلوة مطلوبة لذاتها مشهودة بسمائها

[سر الاعتزال في السواحل والجبال‏]

ومن ذلك سر الاعتزال في السواحل والجبال من الباب 78 الاعتزال في السواحل والجبال من صفات الرجال يطلب ذلك للاعتبار في الآثار فإن الله أنزل الجبال منزلة الأوتاد فسكن بها المهاد لما ماد فيأخذ بهمته وطلبه الأعلى والأنفس من الأمور التي ندب إليها شموخها ويأخذ بثبوته على ما أمر بالإقامة عليه من طاعة ربه رسوخها ويأخذ من تجلى الحق له في سره اندكاكها ويأخذ من قوته في دين الله وغيرته لله ملاكها ويأخذ فيما ندبه الله إليه من اللين لمن هو تحت حكمه والهين من غير ضعف ولا وهن تصييرها لهول ذلك اليوم المنتظر كالعهن ويأخذ من البحار اتساعها لا خلافه وقبولها تأثير الأهواء بالتموج لطيب أعراقه فيكون مع كل اسم إلهي بحكمه على قدر معرفته به وعلمه فتقوم له الأسماء مقام الأهواء فإذا سكنت عنه سكن لعلمه أن لله ما سكن والله من حيث هويته جامع لمسمى المضار والمنافع فإنه سبحانه الضار والنافع ويأخذ لحال مجاهدته تسجيرها ومن تسجيرها تسعيرها فلهذا وأمثاله طلب الاعتزال في السواحل والجبال‏

[سر الاعتزال مع تدبير الأهل والمال‏]

ومن ذلك سر الاعتزال مع تدبير الأهل والمال من الباب 79 الاعتزال بالأجسام من الأوهام وبالمعنى للمحب المعنى فلو خلا شي‏ء عن الحق مع نفي الاشتباه ما صدق فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله وهو القول الصدق والكلام الحق فليس من رجاله إلا من اعتزل بتدبير أهله وماله فهو مع الله على كل حال في الأهل والمال فمن قال التبرر في الترك فهو صاحب إفك فمن اعتزل لينفرد بنفسه فما هو مع ربه فيما يستحقه جلال الله في قدسه ولا يفرق صاحب هذا الحال بين عقله وحسه وما طلب الحق من مساكنه أعظم من باطنه‏

[سر القرار في الديار القرار للخلق‏]

ومن ذلك سر القرار في الديار القرار للخلق نظير الاستواء للحق واعلم أنه لا يصح الجوار ولا يقبل الجوار إلا بعمارة الديار فلا يثبت الجار إلا بالدار قالت العارفة المشهود لها بالكمال ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً في الْجَنَّةِ دار المال فقدمت الجار على الدار لما علمت إن بالدار يصح الجوار والعرش سقف الجنة وهو محل الاستواء وقعر الجنة سقف النار التي هي محل البلاء فالجنة على جهنم كالمرجل على النار لأهل الاعتبار فالرجل كل الرجل من ثبت في منزله عند منزله من عرف عموم إحسان البر استقر لا بد لك من منزل فلا تكن عن أول منزل بمعزل وأول منازلك علم خالقك بك ولا تزل في هذا المنزل مع انتقالك وفي رحلك وارتحالك فاسترح إن شئت أو أتعب فإنك في علمه تتقلب ما فر موسى من لقاء ربه مع علمه أنه يلقاه بموته وإنما فر لعلمه بما يزيده من العلم بالله بإقامته في بيته ففراره قراره‏

[سر الانتزاح عن الأوطان ومهاجرة الإخوان‏]

ومن ذلك سر الانتزاح عن الأوطان ومهاجرة الإخوان من الباب الواحد والثمانين حواسك أوطانك وقواك إخوانك فهب الأوطان للقطان وأهجر الإخوان بالرحمن فإنه تعالى القاطن‏

بقوله وسعني قلب عبدي المؤمن التقى‏

ولا ينزل إلا بالموضع النظيف النقي وقال كنت سمعه وبصره‏

فهويته عين قواك لمن نظر فيه واعتبره فتعين على العارف أن ينزح عن الأوطان وعلى الواقف أن يهجر الإخوان وأين الله من الحدثان كن مع الله في أحوالك تحمد عاقبة مآلك وإياك أن تنازع إذا علمت أنك الجامع فإن المفاصلة موجودة وهي لعينك مشهودة

[سر الجنن عن البلايا والمحن‏]

ومن ذلك سر الجنن عن البلايا والمحن من الباب 82 الجنن صوارف وأقواها العوارف وأضعفها المعارف من كان ذا معروف شاهد المعروف من تحصن خلف جنته رأى جنته في جثته أعظم البلايا والمحن وقوع الفتن وأي فتنة أعظم عند الرجال من فتنة الولد والمال الولد مجهلة مخبنة مبخلة والمال مالك وصاحبه بكل وجه وإن فاز هلك إن أمسكه هلكه وإن جاذبه تركه البخيل يذمه البخل والكريم يضر به البذل وقد جبل نخلقه من نطفة أمشاج على الفاقة والاحتياج وقال‏

زهير بن أبي سلمي لا بد أن يطيع العوالي من يعصي أطراف الزجاج‏

ومن يعص أطراف الزجاج فإنه *** يطيع العوالي ركبت كل لهدم‏

من تعرض للفتن فقد أخذ بحظ وافر من المحن لا يمتحن بالدليل إلا صاحب الدعوى فمن ادعى فقد عرض نفسه للبلوى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فقلنا بالجرأة على الخطايا وأن عذابي هو العذاب الأليم فحلت الرزايا بحلول البلايا يقول ابن السيد البطليوسي رضي الله عنه في بعض منظومه‏

ارج الإله وخفه *** هذا الصراط القويم‏

قد قال ربك في الحجر *** والإله كريم‏

نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي *** أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏

وقال أَنَّ عَذابِي *** هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ‏

فالقلب بين رجاء *** وبين خوف يهيم‏

[سر الحجاب‏]

ومن ذلك سر الحجاب والحجاب والوقوف خلف الباب من الباب 83 الحجاب والحجاب رحمة والدليل إحراق السبحات والحجاب نقمة والبرهان ما جاء في أصحاب الدركات وليس الوقوف خلف الباب بحجاب إذا كان الباب يستحيل إلى من يكون خلفه الوصول والإقامة لديه والنزول فيكون الباب عين المطلوب فإنه المحبوب فإذا وصلت إليه حصلت بين يديه فمن ساعده شاهده‏

[سر الحدود والعقود]

ومن ذلك سر الحدود والعقود من الباب 84 الحدود أظهرت المحدود والعقود أسرت المعقود وما ثم إلا حد وعقد في رب وعبد فحد الرب في لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فتميز وحد العبد في الظل والفي‏ء قد تبرز فالحد المجهول معقول والحد الموجود مشهود تنوعت الحدود الإلهية بالعماء والاستواء والنزول والمعية فلم ينحصر الأمر ولم ينضبط ولهذا يحار العالم فيه ويختبط فمن سلم فقد سلم ومن آمن فقد أسلم‏

[سر التقوى في البلوى‏]

ومن ذلك سر التقوى في البلوى من الباب 85 الارتقاء في الاتقاء في دار الفناء لا في دار البقاء من اتقى الله في موطن التكليف على كل حال حاز درجة الكمال عند الارتحال الأمر بلوى فاستعن عليه بالتقوى لا تقوى إلا بالله ولا تقوى إلا من الله فمنه الحذر وبه يتقي الضرر قد استعاذ به منه من أخذنا طريق نجاتنا عنه فيه يلاذ ومنه يستعاذ فأنت الداء والدواء ومحرش الأعداء على الأوداء حكم التقى في يوم اللقاء إذا تراءى الجمعان واجتمع في الصورة الفريقان فإنها خلافة عامة يظهر سرها يوم الطامة فلأي معنى الواحدة تنجو والأخرى لا ترجو فالجبابرة والأنبياء في الأرض خلفا

[سر الأحكام في الأنام‏]

ومن ذلك سر الأحكام في الأنام من الباب 86 الأحكام في النيام من الأنام والحكم في القائمين من المنام لو لا الحكم ما ظهرت الحكم ولا ميزت النقم من النعم لو لا الشروع في الأحكام ما التذ أحد بمنام ولا انتصب في العالم إمام فبالحكم انضبط وكان النظام وارتبط وحصل الأمان في النفوس وأمن في الغالب التعدي على المحسوس فحدثت الأسفار إلى الأمصار وكان الرجل أمنا في رحلته عن أهله وماله عليهم بهذا الاعتبار وهذا حكم أعطاه الوضع ولو لم يرد به الشرع فلا بد من ناموس الأمان النفوس وأولاه ما شرع وفيه النجاة لمن اتبع‏

[سر الطالع والآفل في الفرائض والنوافل‏]

ومن ذلك سر الطالع والآفل في الفرائض والنوافل من الباب 87 إذا طلع منك وأفل فيك فهذا القدر من العلم به يكفيك فهو الظاهر بطلوعه والباطن بأفوله فقف إن أردت السعادة والعلم عند قيله إنما لم يحب الخليل الآفل لأنه رآه يطلب السافل وهمته في العلو لطلب الدنو فإنه بذاته يسفل وبحقيقته يافل ولما كان أفوله من خارج افتقر الخليل إلى معارج حتى لا يفقد النجم فلا يحال بينه وبين العلم والمعارج رحلة وقد علم إن الأمر ما فيه نقله فإن نسبة الأينيات إليه على السواء في الاستواء وفي غير الاستواء جعل الله في النوافل عينك كونه وجعل في الفرائض كونك عينه فبك يبصرك في الفرض وبه تبصر في النفل فالأمر ذُرِّيَّةً بَعْضُها من بَعْضٍ‏

ما هو عنك بل أنت عنه *** فأنت منه ما أنت منه‏

[سر اجتناب الشبهة في كل وجهه‏]

ومن ذلك سر اجتناب الشبهة في كل وجهه من الباب 88 حقيقة الشبهة أن يكون لها إلى كل وجه وجهة والشي‏ء لا يزول عن حقيقته ولا يعدل عن طريقته لأنه لو زال عن حقيقته لزال العلم وطمس عين الفهم وبطل الحكم وزالت الثقة بالمقة المتشابه محكم لمن علم فحكم من أشبهك فقد أشبهته ومن باهتك فقد بهته لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فما ثم شبهة أنت وغيرك متواليها العالم شبهة بالتخلي ولهذا أشبهته في التجلي أ لا ترى اختلاف الصور عليه عند النظر

إليه لا بل هو يختلف على الصور وهو العلي عن الغير الكل عين واحدة فلا اختلاف وما ثم عدد فيكون الائتلاف فحقيقة الشبه في الشبه‏

[سر تناول الشهوات في المتشابهات‏]

ومن ذلك سر تناول الشهوات في المتشابهات من الباب 89 لا سلوة عن الشهوة فإنها من حقيقة النشأة هنا وفي الفيئة في المتشابهات الميل إلى جميع الجهات ما العجب من كون العالم على الصورة وإنما العجب ممن يراه برزخا في السورة والبرزخ بين طرفين وما ثم سوى عينين أنت ومن أنت عنه والكل جميعا منه عندنا لا يثبت البرزخ لا في العين الموجود لأنه بين الأعين الثابتة المعدومة وبين الوجود فمن راعى هذا المقام الأشمخ ثبت عنده إن العالم في حال وجوده برزخ فلو رفع العالم عن الوجود لزال البرزخ المحدود تشابهت الأمور بالأمثال تشابه الأجسام الكثيفة بالظلال ولِلَّهِ يَسْجُدُ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ والْآصالِ‏

[سر ما اختار الرجال في ترك الحلال‏]

ومن ذلك سر ما اختار الرجال في ترك الحلال من الباب 9و< المحرم محل إذا كان في الحل والحلال حرام إذا كان في الحرام ما ترك الرجال الحلال إلا لدخوله تحت الأحكام إلا ما لا بد منه لإقامة هذه الأجسام الحلال بين والحرام بين وما بينهما قد عينهما فلو ارتفع البين لزلت الأحكام من العين إذا حققت الأصول فليس الزهد إلا في الفضول وأما ما تدعوا لحاجة إليه فذلك المعول عليه لا يصح عنه تجريد فإن غذاء الموحد في التوحيد كتغذي الوجود بالموجود والحد بالمحدود والعدد بالمعدود والشهود بالمشهود فالسبب لا يرتفع والنسب لا تندفع‏

[سر من لم يقل بالانتزاح عن المباح‏]

ومن ذلك سر من لم يقل بالانتزاح عن المباح من الباب 91 ليس من الصلاح لانتزاح عن المباح فبه قوتك وما يفوتك هو نصيبك من الأحكام والناس عنه نيام نفى عنه الأجر والوزر وما عندنا حكم ينتفي عن المؤمن به الأجر فلو تعطلت الأجور لالتبست الأمور وما ثم ما يلتبس فالتمس ولا تبتئس فتفتلس لو صح في الوجود اللبس لصح بالصورة بين اليوم والأمس وأما كون العبيد في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ فما هو لمن بصره حديد فإذا كشف الغطاء وجاء العطاء تسرحت الحواس وارتفع الالتباس وتخلص النص وزال البحث والفحص فالمباح أتم حكم شرع للإنسان وعليه جميع الحيوان أ لا ترى أن لهم الكشف التام في اليقظة والمنام ولهم الكتم بما هم عليه في الإبانة من الحكم‏

[سر العطاء بكشف الغطاء]

ومن ذلك سر العطاء بكشف الغطاء من الباب 92 كل جزء من العالم فقير إلى العظيم الحقير فالكل عبيد النعم ومن المنعم الأمان من حلول النقم فما منهم إلا من يقرع باب الكرم الإلهي والجود الرباني فمنهم من يكون له كشف الغطاء عين العطاء ومنهم من يكون له بقاء الغطاء عين العطاء فمن الناس من يكون هدهدي البصر ومنهم من هو خفاشي النظر فإن الأمر إضافي والحكم في الأشياء نسبي أين حال‏

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في رؤية ربه نوراني أراه‏

وبين‏

قوله في رؤية ربه ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر

وليس المرئي سواه فأثبتها لنا ونفاها عنه لما علم منه ولم يقل نرى بالنون وفيه سر مصون‏

[إيثار السكوت وملازمة البيوت‏]

ومن ذلك إيثار السكوت وملازمة البيوت من الباب 93 السكوت حلية الأبدال وملازمة البيوت ضرب من الخلوات والاعتزال السكوت من المحال فلا بد من نطق على كل حال وليس من شرط البيان حركة اللسان فإن لسان الحال أفصح وميزانها في الإبانة عن نفس صاحبها أرجح وملازمة البيوت عين النطق بلسان الحق ومن سكت بكت وربما رمى بالخرس وقام له مقام الجرس فظهر سره وإن جهل أمره وصار حديثا بين الناس ووقع في النفوس منه التباس وكثرت فيه المقالات وتطرقت إليه الاحتمالات ففتح بصمته أبواب الألسنة لسنة وعمر بملازمة بيته جميع الأمكنة فإن له في كل محفل ذكرا فقد جاء شيئا إمرا لو لم يكن في السكوت وملازمة البيوت إلا اتصاف صاحبه بصفة غير إلهية مضاف إلى ذلك ما تحيله الماهية فإن النطق من حده فكيف يقول بفقده‏

[سر ما في القول من الطول‏]

ومن ذلك سر ما في القول من الطول من الباب 94 لو لم يكن في القول من الطول إلا وجود الإنشاء وترجيح الإفشاء وتحقيق الملك والزيادة في الملك القول تكوين وتعيين وبيان ما هو الأمر عليه فكيف يترك ولا ينظر إليه ما شرف موسى عليه السلام إلا بما نسب إليه من الكلام بالكلام وجد العالم فظهر على أتم نظام وكل قول بحسب حقيقة القائل فمنه الدائم ومنه الزائل فمن قول لا يكون إلا بحرف وهو على الحقيقة لمعنى القول كظرف ومن قول لا حرف فيه فيزول فقد أبنت عن الأصول‏

[سر قيام الليل لجزيل النيل‏]

ومن ذلك سر قيام الليل لجزيل النيل من الباب 95 قيام هذه الأجسام أوجب اسم ذي الجلال‏

والإكرام فالتزم الجلال والإكرام التزم الألف واللام فكان الجلال للتنزيه عن التشبيه وكان الإكراه للتنويه به في نفي التشبيه بالشبيه فقال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ مع أنه ظل وفي‏ء فجعله مثلا لا يماثل ومفضولا لا يفاضل فليل هذه النشأة جسمه الطبيعي ونهاره ما نفخ فيه الروح العقلي فكان أعدل الفتائل لقبول كرم الشمائل فله الألطاف الخفية وجزيل الأعطية المنزهة عن الكمية لها فتح الباب والعطاء بغير حساب النشأة الإنسانية بجميعها ليل وفي الثلث الآخر منها يكون النزول الإلهي لينيله أجزل النيل ولم يكن الثلث الأخير إلا الروح المنفوخ الذي له الثبات والرسوخ والعلو على الثلثين والشموخ فالثلث الأول هيكله الترابي والثلث الثاني روحه الحيواني والثلث الأخير به كان إنسانا وجعل الباقي له أعوانا

[سر تعشق القوم بالنوم‏]

ومن ذلك سر تعشق القوم بالنوم من الباب 96 الخيال عين الكمال لولاه ما فضل الإنسان على سائر الحيوان به جال وصال وافتخر وطال وبه قال ما قال من سبحاني وإنني أنا الله وبه كان الحليم الأواه فله الشتات والجمع بين أضداد الصفات حكم على المحال والواجب بما شاءه من المذاهب يخرق فيهما العادة ويلحقهما بعالم الشهادة فيجسد عما في‏

عين الناظر ويلحق الأول في الحكم بالآخر لا يثبت على حال وله الثبوت على تقلب الأحوال فله من آي القرآن ما جاء في سورة الرحمن من أنه تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ولا بشي‏ء من آلائك ربنا نكذب فإنا من جملة نعمائك‏

[سر الحذر من القدر لاتقاء الضرر]

ومن ذلك سر الحذر من القدر لاتقاء الضرر من الباب 97 سر القدر وساطة الحق بين المؤثر والمؤثر فيه والأثر فينسب الأثر إليه وهو ما أوجده إلا على ما كان عليه ولا شي‏ء منه في يديه ما حكم فيه إلا بما أعطاه من ذاته في ذاته وفي جميع أحواله وأسمائه وصفاته والذي يختص بالموجود أعطى الوجود والشهود وهي نسب لا أعيان وتكوينات لا أكوان والعين هي العين لا أمر زائد فالشأن واحد فمن سر القدر كان العالم سمع الحق والبصر وهذا العلم هو الذي يعطيه إقامة الفرائض المشروعة الواجبة المسموعة كما أعطت النوافل أن يكون الحق سمعك وبصرك فحقق فيما أبديته لك نظرك فإنك إذا علمت حكمت ونسبت ونصبت وكنت أنت أنت وصاحب هذا العلم لا يقول قط أنا الله وحاشاه من هذا حاشاه بل يقول أنا العبد على كل حال والله الممتن علي بالإيجاد وهو المتعال‏

[سر الأمان من الايمان‏]

ومن ذلك سر الأمان من الايمان من الباب 98 أخوة الايمان تعطي الأمان والايمان يمان فذهب الحرمان لا تخيفوا النفوس بعد أمنها إن كنتم عقلا ولا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ إن كنتم أمنا الايمان برزخ بين إسلام وإحسان فله من الإسلام ما يطلبه عالم الأجسام ومحل الانقسام وله من الإحسان ما يشهد به المحسان فمن آمن فقد أسلم وأحسن ومن جمع بين الطرفين فاز بالحسنيين بالإيمان ثبت النسب بينك وبين الرحمن فهو المؤمن بك ولك وإن أقامك فيما يناقض أملك لو لا أسماء الحذر ما كان للأمان أثر قيدت الأسماء بالحسنى لدلالتها على المسمى الأسنى فإن نظر العالم إلى تشتت مبانيها واختلاف معانيها وفيما ذا تتحد وبما ذا تنفرد بإخوة الايمان ترث فلا تأسف على إخوة النسب ولا تكترث المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه وما ترك فهو يتسلمه الايمان والإحسان إخوان والإسلام بينهما نسب رابط فلا تغالط الإسلام صراط قويم والايمان خلق كريم عظيم والإحسان شهود القديم لو لا الإحسان ما عرف صورته الإنسان فإن الايمان تقليد والعلم في شاهد ومشهود إذا صح الانقياد كانت علامته خرق المعتاد المؤمن من أمن جاره بواثقه والمحسن من قطع منه علائقه والمسلم من حقق عوائقه وجعلها إلى مطلوبه طرائقه فسلك فيها سواء السبيل ولم يجنح إلى تأويل فعرس في أحسن مقيل في خفض عيش وظل ظليل في سِدْرٍ مَخْضُودٍ وطَلْحٍ مَنْضُودٍ ... وماءٍ مَسْكُوبٍ وفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ ولا مَمْنُوعَةٍ وفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ

[سر الأمل مع توقع الأجل‏]

ومن ذلك سر الأمل مع توقع الأجل من الباب 99 من مال إلى الآمال اخترمته الآجال لله رجال أعطاهم التعريف طرح التسويف فأزال عنهم الحذر والخوف السين وسوف تعبدهم الحال في زمان الحال ليس بالمؤاتي من اشتغل بالماضي والآتي إذا علم صاحب الأمل إن كل شي‏ء يجري إلى أجل اجتهد في العمل فإذا انقضى العدد وانتهت المدد وطال الأمد وجاء الرحيل ووقف الداعي على رأس السبيل لم يحز قصب السبق إلا المضمر المهزول في الحق إنما لم يصح الأمل في السبب الأول ولا كان من صفات الأزل لأنه ما ثم ما يؤمل فإن العين مشهود

والكل في حقه موجود وإن كان لعينه يتصف بأنه مفقود فلم يبق للامل متعلق ولم تكن له عين تتحقق والإنسان الكامل مخلوق على الصورة فمن أين اتصف بالأمل وليس له في الأزل سورة لقد نبهت على سر غفل عنه العلماء ولم تعثر عليه الحكماء واسمع الجواب من فصل الخطاب اعلم أن الله كان ولا شي‏ء معه في كونه من حيث عينه فليس لمخلوق عين في ذلك الكون مع تعلق العلم من العليم إن ثم حادثا يتميز عن القديم يتأخر كونه تأخر وجود كتأخر الزمان عن الزمان في غير زمان محدود فذلك القدر المعقول الذي تضطبه الأوهام وتحيله العقول منه كان في المخلوق الأمل وهو الذي أحدث الأجل فأظهر الاسم الأول بالاسم الآخر عين الأمل بتأخر العمل وحكم العلم بكونه في عينه فأراد فقال كن فكان فظهرت الأعيان وفي حال الإرادة لم يتصف العين بالكون فالإرادة أثبتت عين الأمل لمن نظر وتأمل‏

[سر إجابة الدعاء لا رغبة في العطاء]

ومن ذلك سر إجابة الدعاء لا رغبة في العطاء من الباب الموفي مائة لب إذ دعاك الحق إليه لا رغبة فيما في يديه فإنك إن أجبته لذلك فأنت هالك وكنت لمن أجبت وأخطأت وما أصبت واستعبدك الطمع واسترقك وأنت تعلم أن الله لا بد أن يوفيك حقك فمن كان عبدا لغير الله فما عبد إلا هواه وأخذ به العدو عن طريق هداه التلبية تولية فلا تلب إلا الداعي فإنك لما عنده الواعي ما اختزن الأشياء إلا لك فقصر أملك وخلص لله عملك ومن علم أنه لا بد من يومه فلا يعجل عن قومه من عناية الله بالرسول المبجل تخليص الاستقبال في قوله ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏ حتى لا يعجل‏

[سر العلم المستقر في النفس بالحكم‏]

ومن ذلك سر العلم المستقر في النفس بالحكم من الباب الأحد ومائة العلم حاكم فإن لم يعمل العالم بعلمه فليس بعالم العلم لا يمهل ولا يهمل العلم أوجب الحكم لما علم الخضر حكم ولما لم يعلم ذلك صاحبه اعترض عليه ونسي ما كان قد ألزمه فالتزم لما عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ علم وتبرز في صدر الخلافة وتقدم العلم بالأسماء كان العلامة على حصول الإمامة

العلم يحكم والأقدار جارية *** وكل شي‏ء له حد ومقدار

إلا العلوم التي لا حد يحصرها *** لكن لها في قلوب الخلق آثار

فحدها ما لها في القلب من أثر *** وعينها فيه أنجاد وأغوار

فلو تحد بحد الفوز ناقضة *** حد لنجد ففي التحديد إضرار

افهم قوله تعالى حَتَّى نَعْلَمَ فتعلم إن كنت ذا فهم من أعطاه العلم من علم الشي‏ء قبل كونه فما علمه من حيث كونه وإنما علمه من حيث عينه من أين علم إن العين يكون وليس في العدم مكون هذا القدر من العلم أعطاه جوده وحكم به وجوده‏

[سر تغير العلم لتغير الحكم‏]

ومن ذلك سر تغير العلم لتغير الحكم من الباب 1و<2 أعطى علم التحقيق وعلم الرسوم أن العلم يتغير بتغير المعلوم ولا يتغير المعلوم إلا بالعلم فقل لنا كيف الحكم هذه مسألة حارت فيها العقول وما ورد فيها منقول فكيف أقول منهج الأدلة إن العلة لا تكون معلولة لمن هي علة ما أتى على من أتى من الالتباس إلا من إلحاق الغائب بالشاهد في القياس فمن فساد النظر حكمك على الغائب حكمك على من حضر لكل مقام مقال وأين الواجب من الممكن والمحال وأين الحال من المحال لكل عين حد عند كل أحد فلا تغرنك الأمثال فإنها عين الإضلال‏

[سر شكوى الحق بالخلق‏]

ومن ذلك سر شكوى الحق بالخلق من الباب 1و<3 أخبرنا الحق المالك في بعض المناسك والمسالك فقال‏

وأطال شتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك‏

ثم شرح وأوضح وأعطى المفتاح لمن شاء أن يفتح من فتح حصل جزيل المنح فعرف العلي ما أودى به لينصره الولي إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ كما إنكم إن ذكرتموه يذكركم فما ذكر إلا لينصر فينصر فمن تأسى بالحق أصاب ومن ترك الاقتداء به خاب ننصره في الدنيا لينصرنا في العقبي وقد ينصرنا هنا رحمة منه بنا لعدم صبرنا وهو سبحانه الصبور مدهر الدهور الذي لا يمهل ولا يعجل ومع هذا طلب النصر منا في الدنيا واستعجل وذلك لحكمة الوفاء بالجزاء

[سر شكوى الخلق بالحق‏]

ومن ذلك سر شكوى الخلق بالحق من الباب 1و<4 خاطب أحكم الحاكمين رب مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وأخبر عن هذا الشاكي في نص الكتاب إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ فمن اشتكى إلى غير مشتكى فقد حاد عن‏

الطريق وعرج عن مناهج التحقيق الخلق مشتكى الحق والحق مشتكى الخلق من شكى إلى جنسه فما شكى إلا إلى نفسه ومن شكى ما قام به من الأذى إلى نفسه فقد هذي ما شكى الحق من عباده إلا إلى من خلقه على صورته وأنزله في سورته ولو لا اقتداره على دفع الأذى ما جرى منه مثل ذا

[سر مراعاة الحق في النطق‏]

ومن ذلك سر مراعاة الحق في النطق من الباب 1و<5 لا نقل نحن إياه لقوله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله أنت الترجمان والمتكلم الرحمن تقيد كلام الله بالأمكنة بكونه في المصاحف والألسنة الحروف ظروف والصفة عين الموصوف فإذا نطقت فاعلم بمن تنطق فعليك بالصدق ومن كذب صدق فلا تعدل وراع الحق من عباد الله من يكون الحق لسانه وبيانه ومن عباده من لا يعلم ذلك فينزه ولا يشبه فيكذب الحق في ذلك وهو في ظنه أنه على الحق ينبه التنزيه تحديد فلا تقل بالتجريد وقل بالحيرة فإنها أقرب حد في الغيرة العجز نعت المثنى فإن قال فلا يثني فإنه لا بد أن يقف ويعترف فليقف في أول قدم فإنه أولى بالقدم وإن مشى ندم ولم يجد له في توجهه موضع قدم فلا يحصل النسب إلا لمن عرف النسب‏

[سر أين كونك إذ هو عينك‏]

ومن ذلك سر أين كونك إذ هو عينك من الباب 1و<6 أبنية العماء للجهلاء وأبنية السماء للعلماء وفا العما لسيد النباء وكيانه فاء السماء للسوداء المنعوتة بالخرساء فنابت منها الإشارة مناب العبارة فاجتمع الجاهل والعالم في تعيين هذه المعالم ولكن للرب المضاف الذي ما فيه خلاف وأما ظرفية استواء العرش وظرفية أحوال أصحاب الفرش فالواحدة للرحمن والأخرى لعالم الإنسان فهذه أربعة لمن صفته إمعة وإنما كانت أربعة لإقامة السلطان على مسالك الشيطان فجعل وجهه في كل وجهة ليعصم من شاء ويحفظ من شاء فإن الحق مع بعض عباده بالولاية وعناية وبالكلاءة والرعاية فله تعالى عين في كل أين ولذلك قال تَجْرِي بِأَعْيُنِنا فجمع والقول الحق إذا جاء صدع فكل مدبر عينه وكل عامل يده وكونه فالله في السماء وفي الأرض وبيده ميزان الرفع والخفض يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ ويَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وكذلك أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلنا أينيات إلا كون في الأحوال والظروف وله أينيات الكلمات والحروف فهو المجهول المعروف والمنزه الموصوف حكمت العقول بأدلتها عليه أنا به وإليه ف إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ إذ كل ما في الكون ظله فالكل بالمجموع مثال ومن حيث الكثرة أمثال فلم يسجد له إلا الظلال في الغدو والآصال ولها التقلص والامتداد لأنها من كثائف الأجساد فعبر عنها بالعباد فمنهم المتكبرون والعباد فمن تعبد أشبه ظله ومن تكبر أشبه أصله والرجوع إلى الفروع أولى من الوصول إلى الأصول فتحقق تكن من أهل الحق‏

[سر قطع الأمل بمشاهدة الأجل‏]

ومن ذلك سر قطع الأمل بمشاهدة الأجل من الباب 1و<7 إذا أراد الله بعبده أن يقطع أمله يشهده أجله‏

اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا

فيبذل جهده ويزهد فيما عنده ويقدم ما ينبغي أن يقدم تخلقا بالاسم الإلهي المقدم وينبغي أن يؤخر ما ينبغي أن يؤخر تحققا بالاسم الإلهي المؤخر فيحكم في نفسه لنفسه ويندم في يومه على ما فرط فيه في أمسه ليجبر بذلك ما فاته ويحيي منه بالندم ما أماته فإذا أقامه من قبره فذلك زمان نشره وأوان حشره فيبدل الله سيئاته حسنات وينقل من أسافل دركاته إلى أعالي الدرجات حتى يود لو أنه أنى بقراب الأرض خطايا أو لو حمل ذنوب البرايا لما يعاينه من حسن التحويل وجميل صور التبديل فيفوز بالحسنيين وهنالك يعلم ما أخفي له فيه من قرة عين ففاز في الدنيا باتباع الهوى وفي الآخرة بجنة المأوى فمن الناس من إذا حرم رحم وجوزي جزاء من عصم فجزاء بعض المذنبين أعظم من جزاء المحسنين ولا سيما أهل الكبائر المنتظرين حلول الدوائر فيبدو لهم من الله من الخير ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ من يَشاءُ وأكثر الناس لا يشعرون فحسنوا ظنكم برب هذه صفته وحققوا رجاءكم بمعروف هذه معرفته مفاتيح الكرم في معالي الهمم لكل نفس ما أملت وسنجزي يوم القيامة بما عملت لكن مما يسرها لا مما يسوؤها ويضرها ونَفْسٍ وما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها فعلمت الفجور فاجتنبته وعلمت التقوى فلزمته فاتقت الله بالله اتقاء الأمثال والأشباه‏

[سر ما توعر من المسالك على السالك‏]

ومن ذلك سر ما توعر من المسالك على السالك من الباب 1و<8 الأخذ بالعزائم نعت الرجل الحاذم أُولُوا الْعَزْمِ من الرُّسُلِ‏

هم الذين لقوا الشدائد في تمهيد السبل ما جنح إلى الرخص من كان هجيره آخر القصص التخلق بالأسماء الإلهية على الإطلاق من أصعب الأخلاق لما فيها من الخلاف والوفاق إياك أن يظهر مثل هذا عنك إلا حتى تعلم معنى‏

قوله عليه السلام أعوذ بك منك‏

فمن استعاذ وبمن لاذ وعاذ الكبرياء حدث في أهل الحدث والحدث مزيل الطهارة ويكفيك هذه الإشارة طهارة الحدث الفطرة وهو ما شهد به لله في أول مرة فإن حشر وبعث في الحافرة فما هي كرة خاسرة ولا سلعة بائرة لما كان الشرك هو العارض والدار الآخرة مزيلة للعوارض لذلك لم يظهر فيها شرك ولا وقع فيها إفك مواقف القيامة شدائد لحضور المشهود عليه والشاهد فمن كان في الدنيا حسابه فرح به أحبابه وحمد ذهابه وإيابه وفتحت له بالخيرات والخيرات أبوابه وأجزل له ثوابه من سلك هنا ما توعر تيسر له في آخرته ما تعسر إن مع العسر في الدنيا يسرا فيها ثم إن مع العسر في الدنيا يسرا في الآخرة لمن فهم معانيها بما يعاينها ما أثقل الظهر سوى الوزر فلا تضف إلى أثقالك أثقالا وكن لرحى ما يراد منك ثقالا هنا تحط الأثقال أثقال الأفعال والأقوال وهنا تباشر الأزبال وتدبر الأثقال احذر من الابتداع بسبب الاتباع ولا تفرح بالأتباع وكن مثل صاحب الصواع فإنك لا ينفعك توبتك ولا يزول عنك حوبتك واقتصر على ما شرع واتبع ولا تبتدع وكن مع الله في كل حال تحمد العاقبة والمال‏

[سر المطابقة والموافقة]

ومن ذلك سر المطابقة والموافقة من الباب 1و<9 المطابقة مشاكلة والموافقة مماثلة كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ بقدر سورته اعلم أن أرباب النهي هم الذين يوافقون الحق فيما أمر به ونهي موافقة الأمثال من شأن الرجال وقد ثبتت المثلية بكاف التشبيه وهو التنزيه عن التنزيه وقد ورد الخبر بالصورة والخلافة في السورة فالكل هم النواب وهم الحجاب وهم عين الحجاب الوافقون عند الباب للصادر والوارد والوافد والقاصد لهم الرفادة والسدانة والسقاية وهم أهل الكلاة والرعاية إليهم ترفع النوب ومنهم تعرف القرب وبهم تفرج الكرب ما لهم علم إلا بمن طابقهم ولا يشهدهم إلا من وافقهم بأيديهم مفاتيح الكرم وإليهم ترفع الهمم هم الظاهرون بصورة الحق والملجأ العاصم لجميع الخلق لهم الحيرة والغيرة هم العواصم من القواصم ولهم الدواهي والنواهي فلكل قاصمة عاصمة ولكل داهية ناهية يتصرفون في جميع الأشياء تصرف الأفعال في الأسماء ما بين نصب وخفض ورفع وعطاء ومنع أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ واللَّيْلِ وما وَسَقَ والْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ فما ثم إلا تغير أحوال في أفعال وأقوال تطابق المال والولد في زينة الحياة الدنيا وتميزت مراتبهم في العدوة القصوى وافق شن طبقه ولهذا ضمه واعتنقه فلق الحب عن أمثاله فلم يظهر سوى أشكاله فمن بذر حنطة حصد حنطة كانت له فيها غبطة ومن بدر ما بذر حصد مثل الذي بذر فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ومن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وإنما هي أعمالكم ترد عليكم ولا يبرز لكم إلا ما عملتم بيديكم فلا تلوموا إلا أنفسكم وانقطعوا إلى من أنسكم‏

[سر الاغتباط والارتباط]

ومن ذلك سر الاغتباط والارتباط من الباب 11و< من ألزم نفسه الحال ف هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ من اغتبط بأمر سعى في تحصيله ونظر في تفصيله ومن ارتبط فقد اغتبط الرباط ملازمة والملازمة في الإلهيات مقاومة المغتبط مسرور والمرتبط محجور لما دخلت الحضرة الندسية والمقامات القدسية ونزلت بفنائها وأحطت علما بما أمكن من أسمائها تلقاني الاسم الجامع للمضار والمنافع فأهل ورحب وسهل وبذل وأوسع وجاد وما منع فكان مما جاد به على المملوك نظم السلوك في مسافرة الملوك فاتخذته سجيرا واتخذني سميرا فجرى بنا السمر والليل قد أقمر إلى حديث النزول الإلهي في الثلث الباقي من الليل الإنساني وسؤاله عباده التائبين والداعين المستغفرين ليجود عليهم بالمنح وأنواع الطرف والملح فكان أحد الداعين الواعين شخصا ضخم الدسيعة من العلماء بالطبيعة ممن ثبتت قدمه في العلم بها ورسخ وكان له المقام الأشمخ فسأل ربه أين الطبيعة من النفس ومن المقام العقلي الأقدس فقال هي عين النفس فيمن تنفس لها الاسم الرحمن الذي له الاستواء على الأكوان هو الآتي من قبل اليمن ولكن إلى من وإن كنا نعرف إتيانه ممن فالكرب تطلبه والمسرات‏

تعقبه وهي التي تذهب به وتذهبه فيه ترويح القلوب وتنفيس الكروب إن لج حج وإن حج عج وثج وإن اعتمر أعمر وإن أملي شغل وإن أخلي أغفل وإن أحرم أحرم وإن وقف بعرفات أحيا العظام النخرات وإن نام بالمزدلفة ألف النفوس المختلفة وإن أضحى بمنى بلغ بالرمي المنى وإن أفاض آض وهو راض في الانبساط والانقباض‏

[سر الاعتدال وبال‏]

ومن ذلك سر الاعتدال وبال من الباب الأحد عشر ومائة لا يكون من الاعتدال إلا دوام الحال الاعتدال لا يقبل التكوين ولا التغيير ولا القليل ولا الكثير انظر في وجود الخلق تجده عن إرادة الحق والإرادة انحراف بلا خلاف لأنها تعين المتعلق عند ما يعلم ما قلته ويتحقق جنة النعيم لأصحاب العلوم وجنة الفردوس لأرباب الفهوم وجنة المأوى لأهل التقوى وجنة عدن للقائمين بالوزن وجنة الخلد للمقيمين على الود وجنة المقامة لأهل الكرامة وجنة الرؤية لأصحاب البغية وكلها منازل تجديد الإنعام بأبدع ترتيب وأحسن نظام الشهوة تطلب المشتهي فإليها الانتهاء وهو المنتهى أين الاعتدال والأصل ميال فما ثم إلا ميل عن ميل لطلب جزيل النيل لو كان ثم اعتدال ما مال التنزيه ميل والتشبيه ميل والاعتدال بين هذين ولا يصح في العين وإذا لم يكن الاعتدال من صفاتها كان العدل من سماتها والعدل من العدول فانظر فيما أقول لو كان ثم اعتدال لكان في الوقفة ولا مالت من الميزان كفة من قال بالاستواء والزوال قال بالانحراف والاعتدال وكل حركة جمعت الثلاثة الأحكام عند أرباب العقول والأفهام فعين الشروق عين الغروب وعين الاستواء عند العلماء بترحيل الشمس في منازل درج السماء وهو عن كل حيز منتقل إما متعال وإما منسفل فما ثم سكون ولكن حركة وفي الحركة الزيادة والبركة فلله ما سكن في الليل والنهار وما ثم ساكن في الأغيار لا في البصائر ولا في الأبصار أ لا تراه قد جعله عبرة للابصار عند أهل الإستبصار فانظر واعتبر

[سر الفصل في العدل‏]

ومن ذلك سر الفصل في العدل من الباب 112 الحق في الاعتدال فمن جار أو عدل فقد مال فإن مال لك فقد أفضل وآتي في ذلك بالنعت الأنفس وإن مال عليك فقد أبخس العدل في الأحكام لا يكون محمودا إلا من الحكام والعدل هنا من الاعتدال لا من الميل فإن ذلك إفضال‏

ورد في الخبر عن سيد البشر فيمن انقطع أحد شراك نعليه أن ينزع الأخرى ليقيم التساوي بين قدميه‏

وقال فيمن خص أحد أولاده دون الباقين بما خصه به من المال لا أشهد على جور

لعدم المساواة والاعتدال فسماه جورا وإن كان خيرا ثم‏

قال أ لست تحب أن يكونوا لك في البر على السواء فما لك تعدل عن محجة الاهتداء فاعدل بين أولادك بطارفك وتلادك‏

فالأحكام للمواطن التي تملك وما لا يملك منها إذا وقع فيها الجور فإن صاحبه لا يهلك القسمة بين الأرواح في النفقة والنكاح على السواء وما يقع به الالتذاذ من طريق الأشباح والقسمة في الوداد خارجة عن مقدور العباد فلا حرج ولا جناح في جور الأرواح الود للمناسبة فزالت فيه المعاتبة لا يقال لم لم تحبني ويقال لم لا تقربني قربة الأجساد مقدور عليه في المعتاد وقرب الفؤاد لا يكون إلا بحكم الوداد ولما كانت المحبة تعطي وجود النسبة بين المحب والمحبوب فرح المحبون لله لا المتحابون في الله لحصول المطلوب ثم إنه قد

ورد في الخبر الصدق والنبإ الحق أنه يحب أتباعه وما يتبعه إلا من أطاعه‏

وأتباع الرسول أتباع الإله لأنه قال عز وجل من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله ومن يُطِعِ الله ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً ف صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً فإن الله يصلي عليه وينظر إليه‏

[الأملاك اشتراك‏]

ومن ذلك الأملاك اشتراك من الباب 113 اشترك الزوجان في الالتحام فإنه نظام لا يفرح إلا بنظام التوالد فإن لم يكن فالأولى التباعد فإن التباعد فيه تنزيه والانتظام فيه تشبيه وإنما حمدناه فيمن تولد عنه به وقررناه فمن كان الحق سمعه وبصره فإن ولادة هذا الانتظام ما أشهده وبصره الأعراس لأصحاب الأنفاس بالاشتراك كان الملاك وبه ظهرت الأملاك وله دارت بحركاتها الأفلاك من أعجب علوم المنح حركة المستدير الذي ما يزول عن مكانه ولا يبرح فهو الراحل القاطن والمتحرك الساكن وموضع الغلط في حركة الوسط فإنه لا بد من تابت يكون عليه الدور والكور والحور فلله ما سكن وهو له نعم السكن ولنا ما تحرك وبه نتملك وعين الأذى في ملك فلان كذا ولا مالك إلا ما لا يملك وليس إلا مالك الملك وأما

من قال بملك الملك فبنسبة تبعد عن الدرك وقد نطق بها الترمذي الحكيم في معرض التعليم فما لك الملك أصل وملك الملك فصل وأين الفرع الذي هو الفصل من الأصل وأين الفرض من النفل توحيد الموحد إشراك وهو عين الإشراك من قال أنه وحد فقد الحد الأحدية لا تكون بتوحيد أحد فإنه لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ عجبا في تنزيهه عن الصاحبة والولد وعنه تولد في العالم ما تولد من ذي روح وجسم وجسد ثم إن ولادة البراهين الصحاح والكلمات الفصاح عن نكاح عقول وشرائع ما فيه حرج ولا جناح وما تولد عن نكاح الشبه في العقول والأشباح فهو سفاح وهذا الباب مقفل وقد رميت إليك بالمفتاح وما أزلته من يد الفتاح فاحذر من القدر المتاح‏

[السراح انفساح‏]

ومن ذلك السراح انفساح من الباب 114 لما دعي الله الأرواح من هياكلها بمشاكلها حنت إلى ذلك الدعاء وهانت عليها مفارقة الوعاء فكان لها الانفساح بالسراح من أقفاص الأشباح فمن الناس من أفتاه النظر في عينها بالمنازل الرفيعة فقال بتجردها عن حكم الطبيعة ومن الناس من وقف مع ما خلقت له من الآثار الوضعية فقال ببقاء تدبيرها وساعدته الأدلة الشرعية فوصفها بالنعيم المحسوس وأثبت لها النظر الأول صفة السبوح القدوس ومن قال بالإعادة في الأمرين انقسموا إلى قسمين وكل قسم قائل فيما ذهب إليه وعول عليه إن فيه السعادة فمنهم من قال في الإعادة رجوعها إلى النفس الكلية بالكلية ومنهم من قال في الإعادة هي إعادتها إلى الأجساد في يوم المعاد على رءوس الأشهاد والكامل من قال بالمجموع وإن ذلك معنى الرجوع فهي محبوسة في الصور الذي هو قرن من نور والنور ليس من عالم الشقاء وإن شقي بالعرض فحكمه السعادة والبقاء فمن أراد معرفة الانتقال بعد الموت فليعتبر في النوم فإنه مذهب القوم وبه يقول سهل بن عبد الله وكل عليم أواه فلم يبرح صاحت تدبير ومالكه الكسير تتنوع عليها الحالات ويظهر بالفعل في جميع المقالات فصور تخلع وصور تبدو ثم ترفع ويقظة النائم من نومه مثل بعث الميت بعد موته لمشاهدة يومه فيبعثر ما في القبور ليحصل ما في الصدور والأمر بين ورود وصدور وإِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ فنفذ اقتداره في الحشر وبذا حكم علمه في النشر وأنزل العرش في الفرش فوسعه وقد كان ضاق عنه فأين ذلك الضيق من هذه السعة فصار الأمر حكمه حكم الإمعة فاعتبر واستبصر

[اسوداد الوجوه من الحق المكروه‏]

ومن ذلك اسوداد الوجوه من الحق المكروه من الباب 115 تظهر العناية الإلهية بالمقرب الوجيه يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ يقال لهم أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ الله هُمْ فِيها خالِدُونَ ولم يكن لهم إيمان تقدم إلا إيمان الذر زمان الأخذ من الظهر فنسي ذلك العقد لما قدم العهد ولو لا البيان والايمان ما أقر به الإنسان وأما من أشهده الله حال خلقته بيدي فهو يقول في ذلك العهد كأنه الآن في أدنى النميمة والغيبة وإفشاء السر وما شاكل هذا كله حق مكروه وهو يؤدي إلى اسوداد الوجوه لما علم الحق تعالى أن كل شي‏ء إليه منسوب وهو لكل عالم بالله محبوب وأن كل ما أدركه العيان وحكم عليه بالعبارة اللسان وأشير إليه واعتمد عليه فهو محدث مخلوق تتوجه عليه الحقوق وإنه تعالى ما أيدي إلا ما علم وما علم إلا ما أعطاه المعلوم في حال ثبوته من أحواله وصفاته ونعوته ناط به الذم والحمد وأخذ علينا في إنزال كل شي‏ء منزلته الذمة والعهد فما حسن وحمد فمنا وما قبح وذم فهو ما خرج عنا فإيانا نعلم وفينا نتكلم ولو كانت نسبتنا إليه حقا ما ذم أحد خلقا ولو ذمه لكفر ولو كان ما استتر فهو تعالى المعروف بأنه غير معروف والموصوف بأنه ليس بموصوف سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ العارف مسود الوجه في الدنيا والآخرة ومبيض وجه الوجه في النشأة في الحافرة اسوداد السيادة لما كان عليه من العبادة وبهذا مدح سبحانه عباده وجه الشي‏ء كونه وذاته وعينه ووجهه ما يقابل به من استقبله ولو كان أمله‏

[سر الاكتفاء بالموجود في الوجود]

ومن ذلك سر الاكتفاء بالموجود في الوجود من الباب 116 لما دعا الله الأرواح من هيأ كلها بمشاكلها كلها اكتفت في الشهود بهذا القدر من الوجود والقناعة مال لا ينفد وسلطانها لا يبعد من اكتفى اشتفى ولو كان على شفى ما سوى الوجود عدم ولو حكم عليه بالقدم إنما وقع الاكتفاء بالموجود لعلمه بأنه ما ثم سواه في الوجود فإن الإنسان مجبول على الطمع فلا يقال فيه يوما

إنه قنع وإنه يعلم أن ثم أمرا يمكن أن يجوزه إليه ويحصله لديه وإنما علم بالحال أن ذلك محال فقنع بما وجد وقال ما ثم إلا ما شهد أ لا تراه إذا فتح الحق عينه ببصره وفتق سمعه إلى صدق خبره يطمع ويطمع ويجمع ولا يقنع ومن هنا أمره الحق أمرا حتما أن يقول رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فمن قنع جهل وأساء الأدب فلا يزهد في الطلب فإن الله ما أراد منك في هذا الأمر إلا دوام الافتقار ووجود الاضطرار فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وإِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ ولا نقطع المعاملة وعليك باستعمال المراسلة في طلب المواصلة مواصلة لا أمد لانقضائها ولا راد لقضائها فاليدان مبسوطتان واليدان مقبوضتان قبضت ما أعطاها الخلق وانبسطت بما يجود به الحق فلا يقبض الحق من العباد إلا بما به عليهم جاد فمنه بدأ الجود وإليه يعود فالمزيد فيما يقبضه العبيد وما بيد مخلوق سوى مخلوق فيا من يطلب القديم أنت عديم لا يقبل الحق إلا الحق ولا يهب الخلق إلا الخلق فالزم عملك وقصر أملك وقل له تعالى إنما نحن بك ولك خلقتنا لنعبدك فطلبنا منك أن نشهدك فعلى قدر ما سألنا من الشهادة ينقصنا من العبادة وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ وهو الدال والمدلول والدليل‏

[المثابرة على الجمع لما يقع به النفع‏]

ومن ذلك المثابرة على الجمع لما يقع به النفع من الباب 117 ما أثر الحرص في القدر إلا لكونه من القدر وكم حريص لم يحصل على طائل لعدم القابل العطاء عام والنفع خاص وتدبر قوله فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ عم التنادي وما عمت الإجابة لما لم تقع هنا الإنابة الملازمة ملائمه وهي من حكم الطبع وإن جهلت من قصرت همته عن طلب المزيد فليس من العبيد لا تستكثر ما يهبك الحق ولو وهبك كل ما دخل في الوجود فإنه قليل بالنظر إلى ما بقي في خزائن الجود إياك والزهد في المواهب فإنه سوء أدب مع الواهب فإنه ما وهبك إلا ما خلقه لك وخذه من حيث ما فيه من وجهه تعثر على كنهه‏

[سر الاعتماد في العباد]

ومن ذلك سر الاعتماد في العباد من الباب 118 لما كانت العبودية تطلب بذاتها الربوبية كان الاعتماد منها عليها حقيقة وخليقة ولجهلهم بحكمه ومعرفتهم بعلمه وتوفيته لرزقه في خلقه وطلبه منهم ما لا يقدرون على أدائه إلا به من واجب حقه وعلموا أن الوجوب في الحقيقة مضاف إليه وأن الأمور كلها في يديه اعتمدوا واعتمادهم منه عليه فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ فعلموا أنهم كانوا من الذين لا يعلمون فلو ارتفعت الحاجات وزالت الفاقات وانعدمت الشهوات وذهبت الأغراض والإرادات لبطلت الحكمة وتراكمت الظلمة وطمست الأنوار وتهتكت الأستار ولاحت الأسرار وزال كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ فذهب الاعتبار وهذا لا يرتفع ولا يندفع فلا بد من الاعتماد في العباد

[سر الاعتياد المعتاد]

ومن ذلك سر الاعتياد المعتاد من الباب 119 ما ثم عين تعاد فأين المعتاد الآثار دارسة والأعين مطموسة لا بل طامسة فقالت للشبه وقوة الشبه مع فقد الأعيان ووجود الأمثال هذا هو عين الذي كان فلو قالت هذا هو عين هذا لعلمت أن هذا ما هو هذا لأنها أشارت إلى اثنين ولا يخفى مثل هذا على ذي عينين ما حجب الرجال إلا وجود الأمثال ولهذا نفى الحق المثلية عن نفسه تنزيها لقدسه وكلما تصورته أو مثلته أو تخليته فهو هالك وإن الله بخلاف ذلك هذا عقد الجماعة إلى قيام الساعة وعندنا هو ذلك فما ثم هالك‏

[سر المزيد في تحميد الوجود]

ومن ذلك سر المزيد في تحميد الوجود من الباب الموفي عشرين ومائة يا راقد كل طالب فاقد أوامر الحق مسموعة مطاعة إلى قيام الساعة لكن الأوامر الخفية لا الأوامر الجلية فإن شرعه عن أمره وما قدره كل سامع حق قدره فلما جهل قدره عصى نهيه وأمره الحمد يملأ الميزان وما ملأه سوى سابغ النعم والإحسان فعين الشكر عين النعم ومن النعم دفع النقم كم نعمة لله أخفاها شدة ظهورها واستصحاب كرورها على المنعم عليه ومرورها وهُمْ في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ بَلْ لا يَشْعُرُونَ بل لا يشكرون الفضل في البذل والبذل في الفضل وفي الأصل من الفضل كيف يصح المزيد وقد أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ووفاه حقه فلا يتسع للزائد فلما ذا طولب بالشكر والمحامد والخلق لله ليس له فمن كبره وهلله وهذا كله مخلوق وهو على العبد من أوجب الحقوق فما عمل أحد إلا ما أهل له ممن كبره أو هلله وما هو إلا من حيث إنه محل لظهوره وفتيلة لسراجه ونوره ومن ذلك وقوف التائه مع التافه من الباب الأحد والعشرين ومائة مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وكل ما فيها أبناء سبيل فما من قبيل‏

ولا جيل إلا وهو مملوك للقطمير والنقير والفتيل فالكل تائه ولهذا قنعوا بالتافه فمنهم الشكور والكفور ومنهم الراغب والزاهد ومنهم المعترف والمعاند الجاحد لم يحصل له أمان الغرفة إلا من قنع في شربه بالغرفة فمن اغترف نال الدرجات ومن شرب ليرتوي عمر الدركات فما ارتوى من شرب وروى من اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ وطرب مع أن القرائن أَقْوَمُ قِيلًا وهو الحاوي على كل شي‏ء أوتيناه وأهدى سبيلا وما أوتينا من الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا لما جرى نهر البلوى بين العدوتين الدنيا والقصوى وكان الاضطرار وقع الابتلاء والاختبار لما كان الظماء اختبر الإنسان بالماء ومن الماء جعل الله كل شي‏ء حي في ظلمة ونور وفي والحياة نعيم في الحديث والقديم فمن أهل العدوة الدنيا من لا يموت ولا يحيى ومن أهل القصوى من كانت نجاته في الدعوى التافه والعظيم سيان في النعيم ليس في الكثرة زيادة إلا في عالم الشهادة وأما في عالم الغيب فما في المساواة فيه ريب المعنى لا ينقسم إذا قسم ما قسم لا يقبل الانقسام إلا عالم الأجسام من رضي بالقليل عاش في ظل ظليل في خير مستقر وأحسن مقيل وما ثم كثير فكل ما في الوجود يسير هذا وما ثم منع ولا عم النفع النفع وقف على نيل الغرض والغرض قد يكون سببا في وجود المرض من لم يأته غرضه طال في الدنيا مرضه لذلك قال رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ فالرضي منا ومنه‏

[الرضي بالدون هجا والهجا جفا]

ومن ذلك الرضي بالدون هجا والهجا جفا من الباب الثاني والعشرون ومائة لا يرضى بالحقير إلا من لا يعرف قبيلا من دبير اعتناء الحق بالنقير دليل على أنه كبير لا يخفى على ذي عينين أن لله عناية بكل ما في الكون إخراج الشي‏ء من العدم إلى الوجود دليل على أنه في منازل السعود من أعطاه الحق صفته فقد منحه علمه ومعرفته هجا الكون ثناء ومدحه هجا من طلب من الحق الوفاء فقد ناط به الجفاء وليس برب جاف بلا خلاف الوفاء مع كلمه من شيمه صفات الحق لا تستعار وعلى الاتصاف بها المدار لا تصل إليه إلا بالاعتماد عليه والاعتماد عليه محال لأنك ما أنت مغاير له بحال إذا كان الكل منه فما معنى رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ متعلق الرضي القليل فإن الإنعام لا يتناهى بالبرهان الواضح والدليل فلا بد من الرضي بذا حكم الدليل وقضى وبهذا المعنى رضاه سبحانه عنك بما أعطيته منك على أنك ما أعطيته إلا ما خلقه فيك وهذا القدر يكفيك وهو يعلم أن الاستطاعة فوق ما أعطيته والأمر كما بلوته الدون ما دون وما ثم الأدون لا يلتفت العارف لما يخاطبه به الواقف فإن الواقف محجور عليه بما ينتقل إليه والمحجور خطابه محصور والعارف متصرف في كل وجهه لكونه يشاهد وجهه ومن عرف الوجه فهو الكامل بكل وجه لا تنظر الأبصار إلا إليه ولا تعتمد البصائر إلا عليه فكل ما في العلم لديه وحاضر بين يديه يحيط به إحاطة الأفلاك بالأملاك ويحكم عليه حكم الملاك في الأملاك لا يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من الْقَوْلِ وما كل فريضة تقتضي العول لا ينكح الأمة إلا من لا يستطيع الطول والله ولي التوفيق وهو بالفضل حقيق‏

[سر تيسير العسير]

ومن ذلك سر تيسير العسير من الباب 123 الخلق في الإعسار وإن كان ذا يسار فإن يسار الحق ما هو عين الخلق فمنه أخذ وإياه أعطى ولا يعرف هذا إلا بعد كشف الغطاء الجواد قديم والجود محدث فلا تتحدث التحدث بالنعم شكر وليست سواك في الخلق وإن كانت بيد الحق لما كان بيده الإيجاد ومنع وقتا وجاد قلنا بالعسر المعتاد العسر إفلاس ولا يكون إلا لأهل الحاجة من الحيوان والناس كل متحرك بالإرادة فهو يطلب خرق العادة والنبات والجماد لا يقولان بالمعتاد الحاجة بالحال فلهذا يستغني به عن السؤال لسان الحال أفصح ووزنه أرجح لسان الحال لمن عدا أهل المنطق فأظهر بصفتهم ولا تنطق ما حال بينك وبين حقك إلا عجلتك بنطقك الرزق مقسوم ومنزل بقدر معلوم لا ينقص ولا يزيد سؤال العبيد طلب الزيد في الجبلة في كل ملة كيف لا يظهر بالافتقار من حكم عليه الاضطرار وبقي الحكم للاقدار ف كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وما جعله يتأخر إلا القضاء المقدر فهو القاضي بالتأخير في تيسير العسير إذا قام اليسر بالعسر ظهر عين الإعسار وإن لم يقم به فليس إلا اليسار ما في العالم عسر لو زالت الأغراض وكله يسر

فإن الأمراض لو كانت العلة في الأزل لكان المعلول لم يزل فلا معلول ولا علة فقد تظهر الشبه في صور الأدلة البراهين لا تخطي في نفس الأمر وإن أخطأ المبرهن عليه فذلك راجع إليه وأما البرهان فقوى السلطان ولا يعرف الدليل إلا بالدليل فما إلى علمه من سبيل من علمت به معلوما وجهلته فما علمته فإنك لا تعلم ما علمت به فانتبه‏

[سر الموت الأبيض وبنا ما تقوض‏]

ومن ذلك سر الموت الأبيض وبنا ما تقوض من الباب 124 من قوض ما طنب أوجز وما أطنب الجوع بئس الضجيع الجوع ممنوع الجوع حمى منيع لو بقي المتغذي نفسا واحدا دون غذاء لم يكن من يقال فيه ما ذا ما هو إلا انتقال من حال إلى حال سر الموت كرباته وكشفه حسراته فأبيضه ألم حسي وأحمره ألم نفسي وأسوده مرض عقلي وأخضره مثل زهر النبات لما فيه من الشتات فتفرق به بين المثلين ويباعد بين الشكلين فإذا انقلب الألم لذة استلذه الموت للمؤمن تحفه والنعش له محفة ينقله من العدوة الدنيا إلى العدوة القصوى حيث لا فتنة ولا بلوى فينزله أحسن منزل في أخصب منزل منزل لذة ونعيم ويسقى من عين مِزاجُهُ من تَسْنِيمٍ فهو نهر أعلى ينزل من العلي إلى عين أدنى له علو المرتبة كعلو الكعبة وإن كانت في تهامة فالحج إليها على شرفها علامة أقرب ما يكون العبد من ربه في حال السجود وأين النزول من الصعود فعلمنا إن نعت السجود بالأعلى أولى من مات فقد قامت قيامته وإن خفيت بالأرض قامته لو بقي الجدار أرضا ما اتصف بالهدم ولو لم يكن الشيخ شابا ما نعت بالهرم جبل الخلق على الحركة فانتقل في الأطوار وحكمت عليه بمرورها الأعصار الزمان زمانه وما بيده أمانة ومن يحوي عليهم هم أهل الأمانات ولهم فيها علامات فمن عرف علامته أخذ أمانته ولو رام أخذ ما ليس له ما أعطاه استعداده ولا قبله وما مات أحد إلا بحلول أجله وما قبض إلا دون أمله ليس بخاسر ولا مغبون من كان أمله المنون فإن فيه اللقاء الإلهي والبقاء الكياني‏

[سر الموت وما فيه من الفوت‏]

ومن ذلك سر الموت وما فيه من الفوت من الباب 125 الفوت في الموت لكل ميت الدار الدنيا محل بلوغ الأمل ما لم يخترمه الأجل هي مزرعة الآخرة فأين الزارع وفيها تكتسب المنافع الحصاد في القبور والبيدر في الحشر والنشور والاختزان في الدار الحيوان ذبح الموت أعظم حسرة وذبحه لتنقطع الكرة من كانت تجارته بائرة فكرته خاسرة إذا رد في الجافرة أين الرد في الحافرة من قوله ونُنْشِئَكُمْ في ما لا تَعْلَمُونَ ونبه عليها بقوله ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى‏ فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ فإنها كانت على غير مثال وكذا يكون في المال عجبا من موت يذبح في صورة كبش أملح وهو الذبح العظيم الجليل فداء ابن إبراهيم الخليل وذبحه بين الجنة والنار عبرة في برزخيته لأهل الاعتبار هو علامة الخلود في النحوس والسعود في هبوط وصعود وكل إلى الله راجع لأنه الاسم الجامع في ذبحه عزل ملكه ونزوله من منصته وفلكه هذا قد ثبت غزله وانتقض غزله فما يكون عمله من الأعمال وقد انتهت مدته بانتهاء الآجال من فارق وطنه فقد فارق سكنه لو لا القطان ما كانت الأوطان‏

القلب بيت وإن العلم يسكنه *** بالعلم يحيى فلا تطلب سوى العلم‏

ما تم علم يكون الحق يمنحه *** إلا الكتاب لمن قد خص بالفهم‏

فيه فتبدو علوم كلها عجب *** لكل قلب سليم حائز الحكم‏

أو سابق أو إمام ظل مقتصدا *** يرجو النحاة فما ينفك عن وهم‏

إن النجاة لتأتي القوم طائعة *** وتأت قوما إذا جاءت على الرغم‏

إن لله رجالا يقودهم بالسلاسل إلى الجنة ركبانا ورجالا لعناية سبقت وكلمة حقت وصدقت ماتت قلوبهم في صدورهم عند صدورهم جهلا ومع هذا يقال لهم إذا سعدوا أهلا وسهلا بلا تعب ولا نصب ولا جدال ولا شغب أين هؤلاء ممن ينطلق إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ ولا يُغْنِي من اللَّهَبِ أتاهم الرزق من حيث لم يحتسبوا ودعاهم الحق فبادروا فما حجبوا

[سر الفتن في السر والعلن‏]

ومن ذلك سر الفتن في السر والعلن من الباب 126 أين القوة والناصر يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ يقول الله فَما لَهُ من قُوَّةٍ ولا ناصِرٍ ثم أقسم بالجمع والسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وما هُوَ بِالْهَزْلِ بليت في القيامة السرائر كما بليت بالجهاد الظواهر ليتميز الصابر من غير الصابر بالمسبار والسابر من أعجب ما في‏

البلايا والفتن وما تنطوي عليه من الرزايا والمحن ما جاء في الكتاب المحكم ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ وهو العالم بما يكون منهم فافهم من يعلم وإذا فهمت فاكتم فإذا علمت فافهم وإذا فهمت فاكتم وإذا كتمت فالزم وتأخر ولا تتقدم فإذا قدمت فاحذر إن ترى في الحشر تندم إذا سألت فقل لا أعلم إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وما ثم العالم في أوقات يتجاهل وعن الجاهل يتغافل وعن الانتهاض في المؤاخذة يتكاسل وفي مثل هذا يقع التفاضل والله ليس بغافل فإنه معنا في جميع المحافل فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ العلن ما انتشر والسر ما ظهر وما هو أخفى من السر ما لا يعلم من الأمر وما هو إلا العلم بالله وهذا منزل الحائر الأواه ما تأوه حتى توله وما توله حتى تأله حار عقله وما أفاده نقله تقابلت الأقوال وتضادت الصور والأحوال فآية تشبيه تقابلها آية تنزيه وقد يجمع الحكم بهما آية واحدة لمن أراد الفائدة مثل قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فهي آية تحوي على التنزيه والتشبيه عند كل مقرب وجيه وذي فطنة نبيه فإن انتهى إلى السميع البصير فقد سقط على الخبير الفتنة اختبار في البصائر والأبصار الأمر ما بين محسوس ومعقول أعطته بالوجود دلائل العقول وإن شئت ما بين موهوم وهو المتخيل وهو أمر ما عليه معول‏

فالأمر ما بين موهوم ومعقول *** كالأجر ما بين موهوب ومنقول‏

فإنني لست في أسماء منشئه *** إلا كصاحب وجه فيه مقبول‏

وقائل ليس في إدراكه ملل *** ولا وحق الهوى ما هو بمملول‏

فالبصر للعبرة والبصيرة للحيرة إذ كانت ما ترى غيره لما تحققت به من الغيرة إذا منحت بالشهود وحصلت من طريق الوجد الوجود فإن فإنها هذا المقام فإن رؤياها أضغاث أحلام حيل بينها وبين المبشرات فنقول بالفرقان لا بالقرآن في السور والآيات وهذا القدر كاف إذ هو دواء شاف‏

[سر تنوع الإرادة وحكم العادة]

ومن ذلك سر تنوع الإرادة وحكم العادة من الباب 127 تنوعت الإرادة لتنوع المراد وحكم بالعادة في خرق المعتاد ليس العجب من عبد العليم إلا تنوع إرادة القديم ربط بمشيئته لو وهي تواذا تنوع الواحد فليس بواحد ولا بد من أمر زائد بل أمور كثيرة وهذا لمن يفهم شعيرة دقت عن الفهم لما ينطوي عليه من العلم لو شاء الله كذا وما يشاء ولو شاء لصح المشاء ولو حرف امتناع لامتناع فكيف يستطاع ما لا يستطاع إذا صح التنوع ظهر الجنس وهذا خلاف ما يقتضيه القدس وما يعطيه دليل العقل في النفس حقيقة الإرادة ما استقر في العادة وإن جاء خرق المعتاد فهو أيضا للإرادة مراد فلا تنظره من حيث الشخص وعليك فيه بالبحث والفحص تعثر على الظاهر فيه لا بل على النص أهل الاعتبار هم أهل الإستبصار لكن لا بد من حكم الأغيار لو لا النهر ما امتازت أحكام العدوتين ولا حكم بالفرقتين الأرض واحدة ما ثم عين زائدة جاء النهر ففصل وإن كان لم يقطع فما وصل لكنه ستر حين جرى وما هذا حديث يفتري بل هو أبين من الغزالة على من ناله يعرفه أهل الرفع والخفض فإنه ما استقر إلا على الأرض فالأرض من تحته في اتصال والعين تشهد حقيقة الانفصال فلا بد من عبور ولهذا قلنا بتنوع الأمور أعطت جرية الماء الأرض حكما لم تكن عليه وما استند هذا الحكم إلا إليه فلو ارتفعت الأنواء وذهب الماء لزاك البين وظهر البين وصدق ما حكم به العلم العين فقف مع الإرادة وإن تنوعت ولا تبرح من العادة وإن تصدعت‏

[ما ينتجه التجلي في الأكوان في كل زمان‏]

ومن ذلك ما ينتجه التجلي في الأكوان في كل زمان من الباب 128 للتجلي الإلهي في الأكوان أحكام بحسب الأزمان فتنوع الأشكال لتنوع الأحوال كثر الحق بالصور وظهر بالزمان الغير من أسماء الزمان الدهر فنطقت الغيرة بأن الله هو الدهر وما ثم إلا من يفتقر إليه ولهذا حكمنا بأنه عين العالم وإن كان لديه تجلى في صورة الفلك فدار وفي صورة الشمس فأنار وفي صورة الليل فأظلم وفي العالي والسافل فأنجد وأتهم وما تجلى إلا إلى عينه فما أدركته عين سوى كونه فأدرك نفسه بنفسه فهو لعقله كما هو لحسه مع ثبوت قدسه أعطى الحدثان من الحكم ما لم يثبت في العلم فإن دليل العقول قد يخالف ما صح‏

عندها من المنقول فالويل العقلي إن قبلته والويل الإلهي إن لم تقبله وتركته ثم إنه لا يقبل إلا بالإيمان وإن لم يشهد له العيان فارتفاع الريب في العلم بالغيب براءة من العيب وما في القلب من الشوب إياك واتباع المتشابه أيها الواله فما يتبعه إلا الزائغ وما يترك تأويله إلا العاقل البالغ فإن جاءه من ربه ذلك الشفاء فهو المعبر عنه بالمصطفى والمصطفون عند أولي الألباب ثلاثة بنص الكتاب ظالِمٌ لِنَفْسِهِ في أبناء جنسه والثاني مُقْتَصِدٌ وعليه المعتمد فإنه حكيم الوقت بعيد من المقت والثالث سابِقٌ بِالْخَيْراتِ إلى الخيرات فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ولا بشي‏ء من آلائك ربنا نكذب وكيف وفي نعمائك نتقلب فاعلم والزم‏

[سر الإقناع وما يقع به من الانتفاع‏]

ومن ذلك سر الإقناع وما يقع به من الانتفاع من الباب 129 الإقناع ارتفاع وبه يقع الانتفاع من أقنع هنا خضع ولا يقنع في الآخرة إلا من خشع خاشعين من الذل إلى واهب الكل ينظرون من طرف خفي إلى إله قاهر علي فلو راقبوه في دنياهم آمنوه في أخراهم أقنع الأكياس رءوسهم في الدنيا مع الاتصاف بالخشوع الذي يناقض القنوع فأعزهم الله في العقبي وأورث خشوعهم أبناء الأولى من ارتفع سقط وهنا وقع الغلط وجهل السقط اقنع رأسك أيها الإنسان وانظر إلى الجنان والحاكم الرحمن يصلح بين الإخوان ف أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ فإن الله يصلح بين عباده في يوم إشهاده على رءوس إشهاده فما يرى‏

الخير إلا من أمن الضير قد يكون في الآخرة الإقناع للاعزه ولمن ظهر بأحسن بزه وقد يكون للظالم الجائر الواله الحائر وبالسمات يفرق بين الأشخاص يوم التنادي ولاتَ حِينَ مَناصٍ تعوذوا بالله من هول ذاك المقام فإن فيه تسفيه الأحلام ولو سفه العقل من كان يؤمن بالنقل فالعقل ما عنده سفه ولكن تنبه في الإنسان حاكم على صورته وهو الهوى ومن أجله وقعت البلوى وإليه يرجع السفه ودع عنك كلام من موه العقل عن السفاهة منزه وما هو بعاقل حتى يتنبه لكن العاقل قد يغفل عن استعمال عقله لاستحكامه في نقله ومن حكم عليه هواه مشى في رضاه والعقل محجوب في بيته إلى وقته فإذا احتد البصر وانكشف الغطاء وجاء العطاء استدعى هناك صاحب الهوى عقله وترك نقله فو عزة العزيز ما نفعه وتركه لمن صرعه حاصدا ما زرعه‏

[سر الموت الأحمر بالمقام الأخضر]

ومن ذلك سر الموت الأحمر بالمقام الأخضر من الباب 135 ذبح النفوس أعظم في الألم من الذبح المحسوس مخالفة الآراء أعظم في الشدة من مقابلة الأعداء مجانبة الأغراض غاية الأمراض من فاز بمخالفة النفس سكن حظيرة القدس من نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ كانت جنة المأوى لا ينهاها إلا من خافَ مَقامَ رَبِّهِ وخاف عقوبة ذنبه والتزم الوفاء وتميز في أهل الصفاء وقام بما كلف فقبل وما عنف ولقد رأيت هذه الليلة في واقعتي ما شيب سالفتي وقد نظمت ما رأيته وفي هذا الباب كتبته وفي النوم قلته‏

لا بد من خوف ومن شدة *** لا بد من جور ومن عسف‏

في حلب من حكم جائر *** في حكمه يمشي إلى خلف‏

ينزل من قلعتها راجلا *** من غير نسك لا ولا عطف‏

كأنه الحجاج في حكمه *** يحكم بالقهر وبالعنف‏

يجور في الخلق بأحكامه *** يفرق الألف من الألف‏

قد نزع الرحمن من قلبه *** رحمته وقدر ذا يكفي‏

في صورة الحجاج أبصرته *** لا بل هو الحجاج فاستكف‏

بالواحد الرحمن من شره *** ما خاب من بالله يستكفي‏

لكن عسى الله أن يجعل سطوته على أهل العناد من أهل الإلحاد وكانت عليه غفارة حمراء وهو يتمايل تمايل سكرى فأرجو لكونه فاضلا أن يكون عادلا فإنه نزل راجلا وبيده عصاه يستعين بها على من خالف أمر الله تعالى وعصاه جعله الله تأويلا صادقا ولسان حق ناطقا فتعوذنا حين انتبهنا من شر ما رأينا كما أمرنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ونقلنا وتحولنا كما علم‏

[الاضطرار افتقار]

ومن ذلك الاضطرار افتقار من الباب الأحد والثلاثين ومائة الاضطرار صفة

المخلوق فارتفعت عنه الحقوق له الحق لا عليه فلا يلتفت إليه الالتفات إلى من بيده أزمة الأمور ويعلم ما في الصدور وبيده مَقالِيدُ السَّماواتِ والْأَرْضِ وميزان الرفع والخفض فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء فيعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ولم يضف الشر إليه وهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لا يبدل القول لديه فحكم به عليه فلا يعرف المضطر إلا من أطعم القانع والمعتر اضطرار لا إجبار والمخلوق جبر في اختبار المخلوق مجبور في اختياره مختار في حال اضطراره لو لا التردد ما ظهر الاضطرار وإن لم يحكم على صاحبه افتقار ما كل اضطرار يكون معه الافتقار الافتقار يطلب المستند وما قال بخلاف ذلك أحد والمضطر في حكمه مع ما سبق في علمه فلا يحكم حكم إذا عدل وما ظلم إلا بما علم ولا سيما مع ارتفاع التهم من العلم صفته فالعدل شيمته فحكمه بالعلم حكم المضطر في الحكم ما في الكون إلا العلم لكن بقي الفهم إذا علم الجائر أنه جائر فليس بجاهل ولا غافل ما حكم إلا بما وجد ولا أمضى إلا ما شهد وما بقي إلا أن يعتقد أنه الحكم الإلهي أو لا يعتقد بهذا تميزت النحل وافترقت الملل فمن ناظر إلى الحكم الإلهي في الأصول ومن ناظر إلى الحكم الإلهي في الشرع المنقول وكل واحد وقف مع دليله على سواء سبيله وفرق بين عقده وقيله فمن قائل بمقيله ومن قائل برحيله فالناس بين حال ومرتحل ومنفصل وآخر في انفصاله متصل‏

[السيادة عبادة]

ومن ذلك السيادة عبادة من الباب 132 السيد خادم فهو في العبادة قائم ففرق بين السادات والعبيد من يقول بالمراد والمريد السيد أحق باسم العبودة من الغير لأن بيده جميع الخير له النفوذ والقصد والأمر من قبل ومن بعد يحكم في عبده لعبده فهو بحكم عبده لو حكم لنفسه لبقي في قدسه وأين لسيادة مع العبادة

كلما قلت سيدي *** قال لي أنت مالكي‏

سد والله كون عبدي *** على مسالكي‏

ما لنا عنه صارف *** في جميع المدارك‏

لست في عينه ولا *** على مسالكي‏

ما لنا عنه صارف *** في جميع المدارك‏

لست في عينه ولا *** فعله بالمشارك‏

فهو المالك الذي *** ليس يدعى بالمالكي‏

وأنا الخادم الذي *** يعتني بالممالك‏

قلت يا رب عصمة *** من سبيل المهالك‏

قال سمعا فأنت عندي *** من أهل الأرائك‏

في سرور وغبطة *** لا من أهل الدرائك‏

لا تكن من الملوك فإن الملك مملوك وحصلت شمسه في الدلوك واغتر السالك بالسلوك لانتظامه في أهل الأقراط والسلوك من ملكت يمينه فقد عرق جبينه من صحت سيادته صح تعبه وكثر والله نصبه هم لازم وغم دائم لأنه حاكم لا يحكم في عبده إلا بحاله فهو الضعيف في شدة محاله لين في عنف وقوة في ضعف ولو ترك خدمة عبده انعزل وكان ممن عصى المرتبة فزل فما خدم سيد سوى نفسه لو خدم أبناء جنسه‏

[سر الدعابة صلابة]

ومن ذلك سر الدعابة صلابة من الباب 133 إذا مزحت فقلل ولا تعلل من التزم الحق في مزحه سعى في فلاحه ما أصاب عليا رضي الله عنه ما أصابه إلا من الدعابة لذا قال له أبو هريرة وقد رجم على كعبه بالحصباء وما تأبى لذا أخروك وما أمروك فإن صحت الرواية ففي هذا كفاية مازح العجوز وذا التغير ولا نقل إلا الخير

ما فعل بعيرك الشارد من أحسن مزاج العوائد فأجابه ذلك الإنسان فقال قيده يا رسول الله الايمان‏

وقال يا أبا عمير ما فعل النغير بعطف وتبسم‏

وما حجبه المنصب عن التلطف بالصغير والتهمم وقال إن العجز لا يدخلن الجنة يعرفها بما لله عليها من المنة لرده عليها شبابها وخلعه سبحانه عليها جلبابها

فإن لم يكن المزاح هكذا وإلا فهو أذى والأذى من الكريم محال ولا سبيل إلى هذا القول بحال لو لا صلابة الدين ما كان من المازحين لأنه يذهب بالهيبة والوقار عند المطموسين الأبصار ألا ننظر إلى رب العباد في قصة هناد حين أخرجه واستدرجه إلى أن قال له أ تهزأ بي وأنت رب العالمين فأضحكه وهذا القول كان المقصود من الله به ولهذا ما أهلكه بل أعطاه وخوله وملكه فسرت هذه الحقيقة في كل طريقه وظهرت في كل شيمة وخليقة فعمت الوجود وحكمت على الشاهد والمشهود فلو لم تكن من جملة النعم ما صح بها النعيم ولا تصف بها النبي الكريم ولا ظهر حكمها في المحدث ولقديم ولكن يا أيها الإنسان لا تقل بالتطفيف في الميزان‏

ولا بالخسران بل اعتدل ولا تنحرف وعند مقامك فقف ولا تنصرف‏

[سر الرخاوة غشاوة]

ومن ذلك سر الرخاوة غشاوة من الباب 134 إذا استرخت الطبقة الصلبة التي في البصر حصل الضرر فالرخاوة غشاوة كما أنك لا تفرط في القساوة واسكن من القرى ساوه فإن السعادة فيما ساواه لا فيمن ناواه ولا تقل المثلان ضدان فإن لكل مقام مقالا ولكل علم رجالا ولكل مشرب حالا فأما ملحا أجاجا وإما عذبا زلالا الشدة والرخاء هما في الريح زعزع ورخاء فالزعزع عقيم والرخاء كريم تسعى في صلاح البال وهي محمودة في المال تجري بأمر من أمرها رُخاءً حَيْثُ أَصابَ لا يعقبها مصاب الرخاوة في الدين من الدين ولهذا امتن الله عليه إن جعل نبيه من أهل اللين فقال فَبِما رَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لَهُمْ وبهذا فضلهم ولو كان فظا غليظ في فعله وقوله لَانْفَضُّوا من حَوْلِكَ فهم مع العفو واللين لا يقبلون فكيف مع الشدة والفظاظة لن يزالوا مدبرين لا تكن حلوا فتشترط ولا مرا فتقعي فتكون شبيها بالأفعي يتقى ضيرها مع أنه يرجى خيرها فإنها من عقاقير الترياق الذي يرد النفس ولو بَلَغَتِ التَّراقِيَ وقِيلَ من راقٍ ... والْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ فانظر إلى هذا الخير وما تحوي عليه من الضير فما قام خيرها بشرها ولا ذهب حلوها بمرها بل لكل حال مكان وزمان وإخوان وماض ومستقبل وآن وإنفاق من إمكان كالسماع في الحكم عند أولي الفهم فيحتاج سماع الألحان إلى مكان وزمان وإمكان وإخوان فهذه أربعة أركان والمكان ما يشهد فيه اللطف والمكان ما يجود به الكف والإخوان ما يكون منهم في أمان والزمان ماتا من فيه السلطان فأمانك زمانك والله الموفق وهذا دعاء المحقق فإياك وعجلة المحقحق‏

[سر الأحياء في الحي والوفاء في اللي‏]

ومن ذلك سر الأحياء في الحي والوفاء في اللي من الباب 135 الغيث غوث فيه نشر الرحمة من ولي النعمة لا يقنط من رحمة الله إلا من ضل عن الطريق وتاه بالماء حياة الأحياء لما فيه من سر الأحياء جعل الله من الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ ف كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ قبل الأسواء ثم استوى عليه وأضاف أحاط به إليه فهو بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ من مركب وبسيط بعلم وجيز وبسيط ووسيط استوى عليه اسم الرحمن وعم حكمه الإنس والجان فظاهر ومستور من خلف كلة وستور وعروس تجلى في أرفع منصة وأحسن مجلى ولو لا لو لا ما ظهر الأولى ولا نزل أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً فمن نظر واهتدى وباع الضلالة بالهدى عجل بالفدى من أجل تحكم الأعداء

[سر من استحيى من الأموات والأحياء]

ومن ذلك سر من استحيى من الأموات والأحياء من الباب 136 من استحيا أمات وما أحيا لا يحيي إلا الحياء فإنه من صفات الأحياء ولكن لمن كان له حياء إن الله لا يَسْتَحْيِي من الْحَقِّ وذلك ليس من صفات الخلق من لا يكون إلا ما يريد لا يستحي من العبيد فإن استحى في حال ما فلطلب الاسم المسمى وهو المحيي كما هو العلي الحياء في الأموات من أعجب السمات بالحياء قصر الطرف وبه استتر المعنى بالحرف الحياء حبس المقصورات في الخيام لئلا تدركهن أبصار الأنام ولو لا الاسم الغيور ما اتخذت الأبنية والقصور لو لا التكليف ما ظهر فضل العفيف القوة مخصوصة باللطيف فكيف بحجبه الكثيف لو لا قوة الأرواح ما تحركت الأشباح ولو لا حركت الأشباح ما وصلت إلى أما لها الأرواح فما كل سراح فيه انفساح‏

[سر الرفق رفيق‏]

ومن ذلك سر الرفق رفيق من الباب 137 صحبة الرفيق الأعلى أولى ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ من الْأُولى‏ الرفيق بعبده أرفق وهو عليه أشفق أرق الناس أفئدة اليمنيون وهم السادة العلماء الأميون اختار الرفيق من أبان الطريق وهو بالفضل حقيق خير فاختار ورحل عنا وسار ليلحق بالمتقدم السابق ويلتحق به المتأخر اللاحق فلعلمه بأنه لا بد من الاجتماع اختار الخروج من الضيق إلى الاتساع أ لا ترى نداه في الظلمات ولم يكن من الأموات وإنما خاف الفوات أن لا إله إلا أنت كنت حيث كنت فاستجاب له فنجاه من الغم وقذفه الحوت من بطنه على ساحل اليم فأنبت عليه اليقطين لنعمته ولنفور الذباب عن حوزته فهذا العزل الرقيق من إشفاق الرفيق‏

[سر الاستحقاق يرد الاسترقاق‏]

ومن ذلك سر الاستحقاق يرد الاسترقاق من الباب 138 الحر إذا كان من أهل الكرم تسترقه النعم وعلى مثل هذا عمل أصحاب الهمم الإنسان عبد الإحسان لا بل عبد المحسان من تعبدته العلل ففي مشيته قزل من ذاق طعم العبودية تألم بالحرية الحرية محال والعبودة رأس المال على كل حال الرب رب والعبد عبد وإن اشتركا في العهد لا تقل بئس الخطيب من أجل‏

الضمير فقد جمع بينهما محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وهو السراج المنير فبه اقتدينا فاهتدينا من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله ولا سيما إذا ثبت أنه ما في الوجود إلا الله العين وإن تكثرت في الشهود فهي أحدية في الوجود ضرب الواحد في الواحد ضرب الشي‏ء في نفسه فما يعطي غير جنسه فإن ضربته في غير عينه فما يزيد ما أضفته إليه في كونه‏

[سر ذكر الحادث أمن من الحوادث‏]

ومن ذلك سر ذكر الحادث أمن من الحوادث من الباب 139 ذكر المخلوق ما يصح قدمه ولو ثبت لاستحال عدمه فالحادث لا يخلو عن الحوادث لو حل بالحادث الذكر القديم لصح قول أهل التجسيم القديم لا يحل ولا يكون محلا ولو كان محلا لكان محلا لا يوصف بغير وصفه وهل يعرف المسك إلا من عرفه أو يضم المعنى سوى حرفه ذكر القرآن أمان ويجب به الايمان إنه كلام الرحمن مع تقطيع حروفه في اللسان ونظم حروفه فيما رقمه باليراع البنان فحدثت الألواح والأقلام وما حدث الكلام وحكمت على العقول الأوهام بما عجزت عن إدراكه الأفهام ولو نيل بالإلهام لكان العالم به هو العلام‏

[سر ذكر القديم مزاجه من تسنيم‏]

ومن ذلك سر ذكر القديم مزاجه من تسنيم من الباب 14و< الذكر القديم ذكر الحق وإن حكي ما نطق به الخلق كما إن ذكر الحادث ما نطق به لسان الخلق وإن تكلم بالقرآن الحق من وقف مع المعنى ما تعني إذا كان الحق لسان العبد فالذكر قديم ومِزاجُهُ بالعبد من تَسْنِيمٍ لأنه العلي الأعلى والنزول بالعبد أولى هو العين الذي يشرب بها المقرب وبها في كل صورة يتقلب الشارب حقيق في شربه من الرحيق فإن كان الرحيق المختوم الذي مِزاجُهُ من تَسْنِيمٍ فهو ظهور المحدث بصفة القديم فبه يتكلم وعنه يترجم فقل ما تشاء وما تشاء إلا ما يشاء فله المنة والطول وبه القوة والحول الفريضة إذا عالت مالت لا يعرف الحق إلا من كان قواه ولا يكون قواه إلا من قواه بالذوق تعرف نسبة التحت إلى الله تعالى والفوق مع تنزهه عن الجهات وما تقضي به الشبهات‏

[سر الاعتبار في الإستبصار من الأبصار]

ومن ذلك سر الاعتبار في الإستبصار من الأبصار من الباب الأحد والأربعين ومائة لو لا الحواس ما ثبت القياس ولو لا البصر ما صدق من اعتبر الاعتبار جواز من أين إلى أين وانتقال من عين إلى عين ومن كون إلى كون وعدم لا من عدم إلى كون الاعتبار تعجب من الاقتدار بالفلك المدار ظهرت الدهور والأعصار وبالشمس ظهر الليل والنهار من خفايا الأمور المد والجزر في الأنهار والبحور أ من القمر مده وجزره أم من غير ذلك فكيف أمره هو عبد مأمور مثل سائر الأمور مده ماد الظل ونزله منزل الوبل والطل لا شك أن الأمور معلولة والكيفية من الله مجهولة والنفوس على طلب العلم به مجبولة انفرد بعلم العلل فأصل الأبد من الأزل‏

[سر الأفكار متعلق الأغيار]

ومن ذلك سر الأفكار متعلق الأغيار من الباب 142 حلت المثلات بأهل التفكر في المحدثات لا بد من وجه جامع بين لدليل والمدلول في قضايا لعقول وإذا لم يدرك بالدليل فما إلى معرفته من سبيل وقد دعانا إلى معرفته وما دعانا إلا بصفته فلا بد من صفة تتعلق بها المعرفة وما ثم في العقل إلا صفة تنزيه وفي النقل ما ثم إلا مثل ذلك مع صفة تشبيه فعلى ما هو المعول على الآخر أو الأول الأول لا يتبدل والآخر في كل صورة يتحول فكما أنه في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ كذلك في أي صورة ركبته في المعتقد فيظهر فيها وما عتبك فله التجلي بالجيم ولك التحلي بالحاء المهملة بصفة القديم فبالأفكار تبدو عيون الأغيار وبالأذكار تذهب الآثار وتطمس الأنوار

[الفتى لا يقول متى‏]

ومن ذلك الفتى لا يقول متى من الباب 143 الفتى ابن الوقت مخافة المقت لا يتقيد بالزمان كما لا يحصره المكان لا تصحب من إذا قلت له باسم الله قال لك أين تذهب ليس للفتى من الزمان إلا الآن لا يتقيد بما هو عدم بل له الوجود الأدوم زمان الحال لا ينقال لا فتى إلا علي لأنه الوصي والولي الفتيان رؤساء المكانة والإمكان لهم الحجة والسلطان والدليل والبرهان عليهم قام عماد الأمر وهم على قدم حذيفة في علم السر لهم التمييز والنقد وهم أهل الحل والعقد لا ناقض لما أبرموه ولا مبرم لما نقضوه ولا مطنب لما قوضوه ولا مقوض لما طنبوه إن أوجزوا أعجزوا وإن أسهبوا أتعبوا إليهم الاستناد وعليهم الاعتماد

[ما عتي من زعم أنه فتى‏]

ومن ذلك ما عتي من زعم أنه فتى من الباب 144 هو صاحب الفتوح ما عنده جموح سهل الهوى والانقياد ومع هذا فهو مع من زاد بزاد وبغير زاد الفتى هو الكليم وأين رتبة كلام الحق إياه من اتباعه الخضر بطلب التعليم انظر إلى هذا الإنصاف وما يختص به من الأوصاف ما تجبر

ولا عتى ولهذا صح له اسم الفتى الفتى من لا يزال للعلم طالبا ومن الجهل هاربا لو لا ما شاهد في الكلام السنة الإمام ما كلم ولا اتبع مخلوقا ليتعلم هو عرف ما هنالك فتعشق بذلك قال له هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى‏ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى‏ ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً أي لم تذق خطاب الحق بلساني ولا رأيته في كياني‏

[إدراك الغرر من النظر]

ومن ذلك إدراك الغرر من النظر من الباب 145 الفراسة رياسة ما حار وما ظلم من تفرس وحكم يستخرج خفايا الأسرار بما عنده من الأنوار يعرف الماء في الماء ولا يَخْفى‏ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ في الْأَرْضِ ولا في السَّماءِ ليس بقائف بل هو العارف وليس بعارف ولا زاجر وإن أتى بالزواجر يعرف الأول من كل شي‏ء فيكشف بها كل خب‏ء يفور من بصره النور ولا يبور هو بالإيمان مشروط وبحكمه مربوط يمده المؤمن بما شاء من أسمائه عند إنبائه فلا يبطى‏ء ولا يخطئ له النفوذ والمضاء وله الحكم والقضاء وله الإمساك إن شاء ولا مضاء فإن شاء لم يقض وإن شاء قضى بما يكون وهو كائن وما قد مضى نوره لا يحتاج إلى مدد ولا انقضاء مدد ولا استبصار بأحد سورته من القرآن قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فعل سورة الإخلاص ما له مناص‏

[الخلق تحقق لا تخلق‏]

ومن ذلك الخلق تحقق لا تخلق من الباب 146 مكارم الأخلاق أدلة على كرم الأعراق التصوف خلق والمعرفة تحقق الصوفي رباني والعارف وحداني والعالم إلهي والواقف طالب والحكيم ناصب الخلق العظيم عند الكظيم الغصن إذا حركته الريح مال والإناء إذا زاد على وسعه سأل الإناء بما فيه ينضح وعلى ظاهره يرشح فلا يفرح الإنسان حتى يرى ما به ينصح من نصح فقد أفصح ودل على المقام الأرجح إذا وزنت فارجح وإذا وليت فأسجح‏

معاوي إننا بشر فأسجح *** فلسنا بالجبال ولا الحديد

السماحة ملاحة بها يظهر جمال الإنسان في معاملة الأعيان من الأكوان من صرف خلقه مع ربه فقد علم من في قلبه وقلبه‏

[لو لا الأعيان ما ظهر الغيران‏]

ومن ذلك لو لا الأعيان ما ظهر الغيران من الباب 147 الغيور سريع النفور فيخطئ أكثر مما يصيب وهو من شأنه في كل يوم عصيب لما حاز جميع الأسماء ظهر منه الاعتداء لا يحتمل المزيد وإن كان من جملة العبيد يفنى ويبيد إذا سمع تشبيه القرب الإلهي منه بحبل الوريد مقامه الوحدة وإن طالت المدة ينفر من صفات الحق لعلمه بأنه خلق لا يقول بالامتزاج وإن كان خلقه من نطفة أمشاج لا يقول بالنتاج وهو النمام كالزجاج تميل به الأرواح في هبوبها لتدنيه من محبوبها فيأبى الميل وهي تغلبه فتحكم عليه بما لا يقتضيه منصبه ولا يعطيه مذهبه فلا يزال لمجاري الأقدار في حال اضطرار لا اختيار ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ فترى الغير أن يحار عجبت وقد علم إن الحق أغير منه فكيف لا يأخذ عنه ومن غيرته حرم الفواحش وهي من الحقائق الدواهش فلا تجمعه بين الشكلين ولا بقوله في رضاه بأخذ الميلين فرق بين النكاح والسفاح حتى تتميز الأرواح وجعل حكم هذا المفتاح في انضمام الأشباح والزنا لا بد منه وقد قال لصاحبه استتر به وصنه وهو يعلم به ويراه وقدره وقضا به ومع ذلك نهاه وإن استتر عن أبناء جنسه فما استتر عمن هو أدنى إليه من نفسه ونفسه وهو خالق الحركات المنهي وقوعها وإليه يرجع جميعها ثم يفرح بتوبة عبده منها فكيف لا ينزه محل عبده عنها فلا يخلق إلا ما يسره وإن كانت المعاصي لا تضره كما إن الطاعات ما تنفعه ومع هذا العلم فلا أرى العالم إلا يفرقه ويجمعه‏

[شهود الغير لا خير ولا مير]

ومن ذلك شهود الغير لا خير ولا مير من الباب 148 ما عنده خير ولا مير من ترك الغير الغير ما له مستند إلا إليه فلا يزال نصب عينيه لقد افترى من قال إن الله لم يقل أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الله يَرى‏ يا ليت شعري بعد نفسه لمن يرى هل يرى إلا المير الذي أصله خير فإن الحق أصله ومنه كان فصله فأوجده على صورته وحياه بسورته أشد ما ظهر من الصدق حكم الخلق على الحق فلا يحكم عليه إلا بما يعطيه ولا يقضى فيه إلا ما يقتضيه فيمضيه بحكمه يتصرف وإليه محبة تعرف أهل الإستبصار يعلمون أنه ما قام بالخلق افتقار ولا يتصف باضطرار ولا باختيار بل هو على ما هو عليه ويقبل من كرمه ما أضيف إليه فأبت الأسماء إلا التصرف وأبت الأعيان من الخلق إلا التظرف فمكنتها من التصريف في أعيانها وتخيلت أنها جادت عليها بأكوانها وما علمت بأن الجود كان على نفسها بظهور عقلها وحسها فلو لا كرم الخلق ما انفعل للحق ولما كان ذا أصل كريم يحكم فيه الحكيم إيثارا له على‏

ذاته ليظهر فيها حكم صفاته أو سماته فهو أصل الجود حيث انفعل للوجود حتى اتصف بأنه موجود فظهر فيه الاقتدار ووصف بالافتقار والاضطرار فقبل هذا الوصف تظرفا وطلب من الحق تعرفا لما رأى حاجة الأسماء إليه وتعولها عليه والأمر عند أهل النظر الفكري بعكس ما ذكرناه وما بيناه حين سردناه وليس التحقيق والحق إلا فيما أشرنا إليه وأردناه وهذا أنفس علم يكون وهو الذي قيل به للشي‏ء كن فكان ويكون به كل مكون‏

[ما هي أسباب التولي الإلهي‏]

ومن ذلك ما هي أسباب التولي الإلهي من الباب 149 نحن أسبابه وإهابه ومنا أعداؤه وأحبابه فمن خرج مضطرا وكان وجهه مكفهرا فهو العدو المبين وهو الذي إذا حدث يمين ومن خرج طيب النفس مطيعا حاز الأمر جميعا فهو البلد الأمين والمخلوق في أحسن تقويم والظاهر بصورة القديم فهذا سبب حصول العالم في القبضتين وخلق الدارين وتعيين النجدين ف إِمَّا شاكِراً وإِمَّا كَفُوراً وإما ساخطا متضجرا وإما راضيا صبورا فتولى الله العالم إظهارا لملكه وانخراطا في سلكه وتولاه بأسمائه الحسنى وأحله منه المحل الأسنى وجعل قربه منه قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ هذا غاية قرب الخلق من الحق وجعل قربه

من العبيد أقرب من حَبْلِ الْوَرِيدِ وهذا غاية قرب الحق من الخلق فالأمر بين قربين وما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين لكنه جعل لكل قلب وجهين لأنه خلق من كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فبنى الجمع على الشفع فلم يكن وتريته سوى وترية الكثير وبهذا نطق الكتاب المنير فما شهد عليه سواه وما انتهك أحد من المخلوقين حماه ولا ينبغي ذلك فكل شي‏ء سوى وجهه هالك وما ثم سوى حتى نقول بالسوى العين واحدة والأحكام ناقصة وزائدة فاطلب على ما أشرت إليه تحصل على الفائدة فهذه أسرار لا بل هي أنوار ما عليها غبار وإن عميت عنها الأبصار وتعالت عن مدارك الاعتبار وحكم الأغيار وإليه الإشارة ب فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وأنت الدار وعليك المدار

[ولاية البشر عين الضرر]

ومن ذلك ولاية البشر عين الضرر من الباب 15و< إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً يؤمن به من كل خيفة أعطاه التقليد ومكنه من الإقليد فتحكم به في القريب والبعيد وجعله عين الوجود وأكرمه بالسجود فهو الروح المطهر والإمام المدبر شفع الواحد عينه وحكم بالكثرة كونه وإن كان كل جزء من العالم مثله في الدلالة ولكنه ليس بظل فلهذا انفراد بالخلافة وتميز بالرسالة فشرع ما شرع واتبع واتبع فهو واسطة العقد وحامل الأمانة والعهد حكم فقهر حين تحكم في البشر فظهر النفع والضرر فأول من تضرر هو كما ذكر ثم إنه لم يقتصر حتى آذى الحق وسبه وأعطاه قلبه وعلم أنه ربه فأحبه ولما حسده وغبطه أغضبه وأسخطه ثم بعد ذلك هداه وأرضاه واجتباه فلو لا قوة الصورة ما عتى ولا لرجوعه إلى الحق سمي فتى فظهر بالجود في إزالة الغرض وأزال بزواله المرض وقام الأمر على ساق وحصل القمر في اتساق والْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإن السلطان ناطق خالق والقرآن ناطق صامت فحكمه حكم المائت لا يخاف ولا يرجى ولا يطرد ولا يزجي وما استند الصديقون إليه ولا عول المؤمنون عليه إلا لصدق ما لديه فالقرآن أحق بالتعظيم من السلطان لأنه الكلام المجيد الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْهِ ولا من خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ من حَكِيمٍ حَمِيدٍ لا راد لأمره ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يصدق في نطقه ويعطي الشي‏ء واجب حقه فهو النور والسلطان قد يجور

[نصرة الملك في حركة الفلك‏]

ومن ذلك نصرة الملك في حركة الفلك من الباب الواحد والخمسين ومائة حركات الأفلاك مخاض لولادة الأملاك أطت السماء وحق لها أن تئط وغطت وحقيق لها أن تغط ما فيها قيد فتر ولا موضع شبر إلا وفيه ملك ساجد لربه حامد فهم في الأفلاك كما هي في بطون الأمهات الأجنة ولهذا سموا بالجنة فهم المسبحون في بطون الأمهات إلى أن يحيي الله من أمات فعند ذلك تقع لهم الولادة والخروج إلى عالم الشهادة وقد أشبه بعضهم بعض الحيوان مما ليس بإنسان فولد ورجع إلى بطن أمه إلى يومه وتميز بهذا القدر عن قومه كجبريل وغيره بما أنزلهم به من خيره وضيره ولا تلد إلا عن انشقاق وذهاب عين بالإنفاق فتبدل الأرض ولا تبدل السماء إلا أنه ينكشف الغطاء

[الإخبار في الأخبار]

ومن ذلك الإخبار في الأخبار من الباب 152 الأخبار تعرب عن الأسرار والأخبار تشهد للمؤمن بالإيمان والبهتان والدليل خبر الهدهد فيما أخبر به سليمان قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ من الْكاذِبِينَ فإن شهد

له العيان أو الضرورة من الجنان وقع الايمان وإن كذبه ألحقه بالبهتان فالإخبار محك ومعيار تشهد لها الآثار الصادقة والأنوار الشارقة لو كان مطلق الايمان يعطي السعادة لكان المؤمن بالباطل في أكبر عباده فمن آمن بالباطل أنه باطل فهو حال غير عاطل فله السعد الأعم والعلم الوافر الأتم فإنه لا يلزم من العلم بشي‏ء الايمان به والعلم بكل شي‏ء أ لا تراه قد زاد في ذلك حكما بأمره وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وما زاده إلا التعلق بما هو عليه ذلك المعلوم والتحقق‏

[خبر الإنسان كلام الرحمن‏]

ومن ذلك خبر الإنسان كلام الرحمن من الباب 153 الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ أين ينزل من الإنسان هل في النفس أو في الجنان خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ وهو الفرقان الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ليجمع له بين ما يثبت على حال واحدة وبين ما يقبل الزيادة والنقصان والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ وهما ما ظهر وما قام على ساق فعلا حكمت بذلك القدمان والسَّماءَ رَفَعَها في البنيان لما لها من الولاية والحكم في الأكوان فهي السقف المرفوع على الأركان ووَضَعَ الْمِيزانَ للنقصان والرجحان أَلَّا تَطْغَوْا في الْمِيزانِ لكم بالرجحان وعليكم بالنقصان وأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وهو الاعتدال مثل لسان الميزان والكفتان ولا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ وهو الموزون من الأعيان والْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ من أجل المشي والمنام فِيها فاكِهَةٌ والنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ لحصول المنافع ودفع الآلام والْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ والرَّيْحانُ وهو ما يقوت الإنسان والحيوان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أيها الإنس والجان وقد غمركما الإنعام والإحسان خَلَقَ الْإِنْسانَ من صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وخَلَقَ الْجَانَّ من مارِجٍ من نارٍ فالإنسان ما يفخر إلا بالجان وبما في الجان من الضلال كان الصلصال وهو الثناء الذميم على من خلق في أحسن تقويم فيبقى الإنسان على التقديس ويأخذ صلصاله إبليس فيرجع أصله إليه ويجور وباله عليه والجياد على أعراقها تجري ونجومها في أفلاكها تسبح وتسري رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ في ظاهر النشأتين ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ في باطن الصورتين فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يا هذان‏

[سر المفتاح في إخبار الأرواح‏]

ومن ذلك سر المفتاح في إخبار الأرواح من الباب 154 تنزلت الأرواح بتوقيعات السراح من الفتاح إلى إخوانها من الأرواح المحبوسة في هذه الأشباح فمن استعجل تسرح بفكره وعقله ومنهم من تسرح بكشفه لما عمل على ما ثبت عنده في نقله وما عدا هذين من الثقلين بقي رهين المحيسين حتى يأتي قابض الأرواح بالمفتاح ولهذا انطلقت الألسنة الفصاح إنه من مات استراح وهيهات أين الاستراحة وإني تعقل الراحة وهو ينتقل إلى حبس الصور الذي هو قرن من نور لأنه نفر ظلام الأجسام بالأجساد وزال عنها بسرعة التقليب في الصور البقاء على الأمر المعتاد فلا يزال في الصور حبيسا لأنه لا يزال رئيسا مدبرا سؤوسا فإن كان من السعداء أو الورثة من العلماء أو الأنبياء فلهم السراح التام في عين الأجساد والأجسام مثل ما يراه الإنسان في المنام فيرى نفسه وهو عين واحدة في أمكنة متعدده والعقول تحيل أن يكون الجسم في مكانين فكيف بهذين الخيال قد حكم به فانتبه إذا كان المخلوق في قوته الإمكان فيما أحاله دليل عقل الإنسان فما ظنك بخالق هذا الخلق وهو الواحد الحق أ لا تراه يتجلى في الصور فيعرف وينكر وهو هو ليس سواه والذي يراه يطلب أن يراه فلو عرف معرفته ما طلب رؤيته فإنه لم يشهد إلا هو ولو علم أنه هو لم يقل بعد ذلك ما هو هو ما رأيت وأنت فيما تمنيت واشتهيت‏

[توجيه الرسل لإيضاح السبل‏]

ومن ذلك توجيه الرسل لإيضاح السبل من الباب 155 جاءت الرسل بهداية السبل وثم سبل لا تظهر إلا بالجهاد إلى عين الفؤاد إن كان الجهاد عن رؤية فقد بلغت المنية فإن الله مع المحسنين كما هو مع المتقين إن رأينا وجهه فله في كل شي‏ء وجهه إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والمتوقى يباشروا فيه والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فهو صاحب العين الباقية الإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان وليس إلا الخيال فتعمل في تحصيل هذه الخلال والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فبلغنا أملنا وتمم بمشاهدته عملنا وقسم عليه الصلاة والسلام سبيله على ثلاثة أقسام إحسان وإيمان وإسلام والمعلم السائل والمخاطب القائل فعلمه في السر ما يقول في الجهر نزل به على قلبه من عند ربه فبدأ بالإسلام وقرن به عمل الأجسام من تلفظ بشهادتين وصلاة وزكاة وحج وصيام وثنى بالإيمان وهو ما يشهد به الجنان من التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر

خيره وشره والبعث الآخر إلى الدار الحيوان وثلث بالإحسان وهو إنزال المعنى الروحاني منزلة المحسوس في العيان وليس إلا عالم الخيال الحاكم بالوجوب والوجود في الممكن والمحال وفي كل ما يحققه إذا أجابه يصدقه والحاضر يتعجب من تصديق بلا برهان وذهل عن العلم الضروري الذي في الإنسان وما علم الحاضر من السائل كما لم يعلم ما أتى به من المسائل فاعلم الرسول من هو السائل والمسئول وإنهم المقصودون بذلك السؤال في صورة الخيال‏

[فضل البشر على سائر الصور]

ومن ذلك فضل البشر على سائر الصور من الباب 156 بالصورة علا وفضل وبها نزل وسفل إذ جار وما عدل فحاز المقام الأدنى في الآخرة والأولى فالعالي يقول وعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى‏ والأعلى يقال له ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏ العالي يقول رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ويَسِّرْ لِي أَمْرِي والأعلى تقرر عليه النعم أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ووَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ العالي يدعو اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ في الْآخِرِينَ والأعلى يقال له ورَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ يعني في المقربين والأسفل في أسفل سافلين بالطين والماء المهين وإن تساووا في النشأة العنصرية بالقرار المكين والتنقل في الأطوار والانحصار خلف الأسوار بالكل والبعض والإبرام والنقض والتقويم والبناء والقالة بالثناء فمحمد ومذمم ومؤخر ومقدم وما فضل القديم إلا المخلوق في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ فهو العالم لا بل هو العلام مصباح الظلام معين الأيام الإمام ابن الإمام المؤتي جوامع الكلم وجميع الأسماء والكلام فأفصح وأبان لما عَلَّمَهُ الْبَيانَ ووضع له الميزان فأدخله في الأوزان وزان وما شأن لما ظهرت للملإ الأعلى طينته جهلت قيمته ونظر إلى الأضداد فقال بالفساد وغاب عن القبضة البيضاء وحميد الثناء بما أعطى من علم الأسماء ولم يكن الملأ الأعلى سمع بالصورة التي أعطته السورة فحمل الخلافة على من تقدم من القطان في تلك الأوطان فلو علم أنه خليفة الحق لأذعن وسلم وما اعترض ولا نطق ثم ظهر في بنيه ما قاله من المقالة

[نزول الأملاك من الأفلاك في الأحلاك‏]

ومن ذلك نزول الأملاك من الأفلاك في الأحلاك من الباب 157 إنما جعلت النجوم مصابيح لما بيدها من المفاتيح فكل مصباح مفتاح ولكل مفتاح اسم إلهي فتاح إنما تفتح المغالق لإظهار ما وراءها من الحقائق والأنوار تظهر للابصار ما سترته الأحلاك وهو ما في الأمر من الاشتراك فلذلك قلنا إن المصباح المفتاح فإذا تنزلت الأملاك على قلوب النساك أوحت إليها ما أوحت وأمطرت أنواءها بعد ما أصحت فمنها ما أمست ومنها ما أضحت ولا يجوز المجد الشامخ إلا أصحاب البرازخ وهم ما بين المساء والصباح من عالم الأجساد والأرواح فالليل زمان النيل والنهار زمان جر الذيل لا يظهر حكم الخيلاء إلا في الصباح والمساء حركات محدودة وأنفاس معدودة وصدور منشرحة منسرحة وأبواب مفتحة لا يعرف ما تحوي عليه إلا القائم بين يديه فإذا وهبه ما لديه عول عليه فلا يدخله فيه ريب وكان ممن قيل فيه إنه يعلم الغيب الأملاك ذو الأبناء وهم تلامذة أول الآباء أين المنزلة من المنزلة فالبنون ما عندهم من العلم إلا ما نقل إليهم الملأ الأعلى مما استفاده من أبيهم بقدر الفهم فالملأ الأعلى وسائط وبيننا وبين أبينا روابط فبضاعتنا ردت إلينا وبها نزلوا علينا فما في أيدينا سوى مال أبينا وللملإ الأعلى أجر أداء الأمانة والتنزه عن الخيانة فإنهم من أولي العصمة وممن اكتسب من أبينا الرحمة أين ذلك الانقباض وفظاظة الاعتراض من هذا اللطف الخفي والإبلاغ من المبلغ الحفي والحمد لله المنعم المفضل والشكر للمحسن المجمل‏

[ترك الأغيار من الأغيار]

ومن ذلك ترك الأغيار من الأغيار من الباب 158 التروك وإن كانت عدما فهي نعوت فالزم السكوت الأمر بالشي‏ء نهي عن ضده وهو ترك وهذا شرك الترك على جهة القربة من صفات الأحبة في الترك ملك المتروك فأنت من الملوك وإن كنت المملوك من ترك الغير فقد رأى أنه غير وما لغير عين فقد شهد على نفسه بأنه جاهل بالكون وإذا ثبت أن ثم الجاهل ثبت أن الغير حاصل لا بد من حل وعقد. فلا بد من رب وعبد فقد ثبت الجمع وتعين الشفع لا يترك الأغيار إلا الأغيار وأما الحق فلا يترك الخلق لو تركه من كان يحفظه ويقوم به ويلحظه فمن التخلق بأسماء الحق الاشتغال بالله وبالخلق لو تركت الأغيار لتركت التكليف الذي وردت به الأخبار ولو تركته لكنت‏

معاندا وعاصيا أمر المكلف أو جاحدا ما كلفت إلا ما تقدر على خلقه فخلق الخلق أوجب الثبوت في حقه لأن الخلق الإلهي اختيار وخلق المكلف ما كلف به اضطرار وهذا فيه ما فيه لناظر يستوفيه‏

[النصرة شهرة]

ومن ذلك النصرة شهرة من الباب 159 النصرة عناد فهو إلحاد نصرة القوي محال فانظر في هذا الحال إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ وهو القوي له المتين بكم وأنتم الأقوياء به في مذهبكم ما عندكم متانة فأنتم أهل أمانة وإن لم تنصروه يخذلكم وإن خذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده فنصرته من جملة ما أخذه عليكم من عهده فيا أهل العهود أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ما أمركم بنصره إلا ولكم اشتراك في أمره فمن قال لا قدرة لي ويعني الاقتدار فقد رد الأخبار وكان ممن نكث والحق تكليف الحق بالعبث لما طلب النصرة من خلقه وجعلها من واجب حقه أثبت أن له أعداء وأن لديه أولياء وأوداء فأحالنا علينا بما أوجده لدينا فقلنا مستند هذا التقابل أين فوجدناه في أسماء العين فما من اسم إلا له حكم وفي أسمائه التقابل وما في أسمائه تماثل لكن فيها خلاف فلا بد فيها من الائتلاف فالناصر محاصر ومحاصر فأنت تطلبه بالنصر في عين ما طلبكم فيه من النصر فتعين من هذا الفرض إنكم كذرية بَعْضُها من بَعْضٍ فما انفرد أحد بالقوة والاقتدار فانظر نزول الواحد القهار في لا حول ولا قوة إلا بالله وفي طلبه النصرة ثبوت الاشتباه‏

[نصرة البشر تستدعي الغير]

ومن ذلك نصرة البشر تستدعي الغير من الباب 16و< ما أوجدك إلا لتنصره على من خلق لمن نظر فيه وتحقق قبولك لاقتداره نصرته وبك ثبتت أمرته أقوى النصرة النصرة من المعدوم فإن فيها معونة الحي القيوم من انتصر بالعدم أثبت أن ما له في القوة تلك القدم نصرة العبد بالحق أحق لتعقلها بموجود فهي أوفق وأليق إذا قلنا انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فقد طلبنا النصرة من موجود هو رب العالمين لكن هنا نكتة لمن كان له لفتة من نصرك بما أحدثه فما نصرك إلا بك وعليك فكل شي‏ء مستند إليك وله القوة والحول ومنه المنة والطول فإذا كلفت فأثبت وإذا خوطبت وأنت تعلم بما خوطبت فاسكت فقد حار أهل الاعتبار في رفع هذه الأستار

[نصرة الملك حركة الفلك‏]

ومن ذلك نصرة الملك حركة الفلك من الباب الواحد والستين ومائة بوجود المدد الملكي وظهور الأثر الفلكي كانت النصرة ورجعت على الأعداء الكرة أقدم حيزوم لنصرة دين الحي القيوم ولما فيه من تقوية القلوب عند أهل الايمان بالغيوب وما كان عند أهل الغيب إيمانا كان لأهل الشرك عيانا وذلك الشهود خذلهم فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكِنَّ الله قَتَلَهُمْ قتلهم بالملك للأمر الذي أوحاه في السماء وأودعه حركة الفلك فما انحجب عن المؤمن لإهانته كما أنه ما كشفه المشرك لمكانته لكن ليثبت ارتياعه ويتحقق انصداعه واندفاعه فخذله الله بالكشف وهو من النصر الإلهي الصرف نصر به عباده المؤمنين على التعيين فإنه أوجب سبحانه على نفسه نصرتهم فرد عليهم لهم كرتهم فانهزموا أجمعين وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ والمؤمن الإله الحق وقد نصره الخلق‏

[أصدق المقال ما كان بالحال‏]

ومن ذلك أصدق المقال ما كان بالحال من الباب 162 أصدق المحامد حمد الصفة عند أهل المعرفة كل وصف منهم ولهذا يحتاج إلى دليل حتى يعلم ووصف الصفة هو العلم المحكم فهذا هو حمد الحال على كل لسان ومقال من أثنى على نفسه بالكرم توقف السامع فيه حتى يتكرم فإذا كان العطاء ارتفع الغطاء الأحوال مواهب من الواهب فمن وهبك ما يستحقه عليك فهو عنده أمانة ردها إليك ومن وهبك ما لا تستحقه فقد جار في الهبة إن رأيت أنها عارية لديك فارفع الستر عسى ينكشف لك الأمر انظر إلى هذا الخلاف أين طلب الوكالة من الإنفاق بحكم الاستخلاف هو الآمر بقوله فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا وأمر وهو القائل وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فظهر كما أنه بالوكالة استتر فعلى ما ذا نعول وما ذا نؤمل تجاذبتنى قوى الأضداد لما قام بينها من العناد وما حصل في التعب لا أهل الايمان من العباد فإنه أوجب عليهم الايمان بكل ما ورد مما شهد وما لم يشهد فما زلنا في حكم الأحوال في الآن والمال الحال له الوجود الدائم وهو الحكم الثابت اللازم وما عدا الحال فهو عدم وما له في الوجود قدم‏

[خبر الإنسان أخبار الرحمن‏]

ومن ذلك خبر الإنسان أخبار الرحمن من الباب 163 إن الله عند لسان كل قائل وهو القائل فانتبه‏

لقوله كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به‏

وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان وفي الايمان الرحمن فمن كذب‏

العيان كان قوي الايمان ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه فلا إيمان عنده ولا عيان فما هو صاحب مكان ولا إمكان ومن صدق العيان وسلم الايمان كان في أمان ومن قال إن الأمر سيان وما هما ضدان فهو صاحب كشف أو برهان اللسان ترجمان الجنان وكذلك البنان والكل الإنسان والجنان متسع الرحمن وهو له بمنزلة المكان فما وسع الرب إلا القلب فأنت ترجمان الحق إلى جميع الخلق فأين الكذب وما ثم ناطق إلا الحق الخالق نطق الكتاب نطقه وهو خلقه لا خلقه هو الذكر المحدث لما حدث وقد كان له الوجود وعين المخاطب مفقود

[أخبار الأرواح استرواح‏]

ومن ذلك أخبار الأرواح استرواح من الباب 164 الروح واسطة وهو بين الرسول البشري والمرسل رابطة يوحى به إليه إذا نزل بالوحي عليه وقد أمر بالأدب معه حتى يجمعه لأنه ما عجل به حتى كشفه وما نطق به حتى عرفه فقيل له في هذا الأمر اكتم السر حتى لا يعلم الملك ما جي‏ء به عليك ولك فتأدب وبالأدب تتقرب فأهل البساط أدبا وأهل الأسرار أمنا فمن قال من الرجال أقعد على البساط وإياك والانبساط فما عنده خبر بما هو الأمر عليه ولا حضر يوما في بساط الحق بين يديه ليحصل ما لديه البساط الإلهي له الهيبة بالذات فأين الالتفات ما هو محل الزلات ولا حلول الآفات ولا عنده منع وهات إنما هو سكون وخمود وتحصيل وجود الأرزاق فيه أذواق الشهود بمنزلة الخدود وهو عن نفسه في حالة المفقود لو لا الشاهد والمشهود وحكم اليوم الموعود ما قتله أصحاب الأخدود بالنار ذات الوقود إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ فأين نضج الجلود

[الترسل توسل‏]

ومن ذلك الترسل توسل من الباب 165 من فتح باب المراسلة فقد أراد المواصلة فمن أتى قدسه فلا يلومن إلا نفسه كيف يرجع بالملاءمة على نفسه والمرسل ليس من جنسه والأنس لا يقع إلا بالجنس فالسؤال إنما هو في الأنس بالرسول لأنه من جنس المرسل إليه ولذلك يعتمد عليه ويشتاق إليه إذا لم يره لديه إذا كان الرسول حسن الصورة فذلك إشارة لي المرسل إليه وتعريف بجمال المكانة والسورة فحصلت البشرى للرسول وإدراك البغية بنزول جبريل عليه في صورة دحية صورة الرسول تنبئ عن صورة المرسل عند من أرسل إليه ولهذا يعلم ذلك إذا حضر الرسول بين يديه فيعمل بحسب ما يرى وما هذا حديث يفتري أين صورة ما لك من صورة رضوان وأين النار من الجنان أين السهل من الحزن وأين إمساك الغيب من إرسال المزن وأين الفرح من الحزن وشتان بين القبح والحسن فالعبارة بالحال أفصح من المقال ولكن متى يا فتى ذا كان المرسل حكيما وكان المرسل إليه عليما فما كل مرسل حكيم ولا كل مرسل إليه عليم‏

[الإبلاغ عن نفث الروح في الروع‏]

ومن ذلك الإبلاغ عن نفث الروح في الروع من الباب السادس والستين ومائة النفث في الروع من الروح من وحي القدوس السبوح من تلك الحضرة وروده وفيها تعين وجوده وهو عين الإلهام ما هو مثل وحي الكلام ولا وحي الإشارة والعبارة وما ثم إلا ملهم وهو الخاطر الخاطر من السحاب الماطر فلا يعول إلا على الخاطر الأول فإنه الحق المبين والصادق الذي لا يمين وبمثل هذا الخاطر يحكم الزاجر ولهذا يصيب ولا يخطئ ويمضي ما يقول ولا يبطى‏ء إذا استبطأ الزاجر عند السؤال فما هو من أولئك الرجال حال السؤال حال ما يحكم به المسئول فيكون ما يقول إن وقع منه التواني إلى الزمن الثاني فسد حاله ولم يصدق مقاله وإن صدق فذلك أمر اتفق والأوفاق ما لها ذلك التحقيق عند العلماء بهذا الطريق والنفث لا يكون له مكث فحلوله انتقاله ووروده زواله‏

[نزول الملك على الملك‏]

ومن ذلك نزول الملك على الملك من الباب 167 ليس الملك إلا من خدمه الملك الملك لا ينزل معلما وإنما ينزل معلما فإن الرحمن عَلَّمَ الْقُرْآنَ وهو البري من الاشتراك فقد علمت لم تنزلت الأملاك يقول الرسول إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَّ وما ينزل به الملك على ما تعرض بالذكر لمن يوحى وهو الملك لأنه الملك والملك لا يفتقر ولهذا لا يحتقر هو المؤيد المنصور والذي تدور عليه الأمور فله الظهور وإن غفل عن طلب ذلك فإنه المطلوب لأنه المالك تقصده الأسماء كما يقصده الأبناء فكل اسم إلهي عليه وافد وكل خبر كوني عليه وارد فيقف على ما في الملك من الآثار ويعلن له بما فيه من الأسرار فهو نور الأنوار والفلك المدار الذي عليه المدار تخلق بالواحد القهار الوارد في الأخبار إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما للمنازعة التي جرت بينهما

[سر النبوة بين الصديقية والنبوة]

ومن ذلك سر النبوة بين الصديقية والنبوة من الباب 168 الولد قطعة من الكبد

قد كان ساريا فيه فلهذا كان سر أبيه فهو في المنزل الأقرب المعنوي بين الصديق والنبي فهو الولي ما هو صديق ولا نبي دليله في البشر مسألة موسى وخضر جاء في الآي من السور فمن علم ما علم وحكم من المقام الذي منه حكم علم صاحب القدم قال له الكليم علمني وقال له الحبيب استغفر لي انظر إلى هذه التكلمة المحمدية وتنبيهها على هذه المنزلة العلية مع كونه بعث عامة فأكبر الطوام هذه الطامة فمن هنا يعلم أن الحجاب المنيع والستر الرفيع قد لا يكون في التشريع قد فضل الرسل بعضهم على بعض مع الاشتراك فيما شرعوه من السنة والفرض فما يكون الفضل إلا عن أمر زائد لا يعرفه إلا الختم أو الفرد أو الإمام الواحد وهو عن غير هؤلاء محجوب مع أنه لكل شخص مطلوب ومن خرج عن هؤلاء لا يهتدون بمناره ولا يصطلون بناره ولا يبصرون بأنواره بل ينكرونه إذا سمعوه ولا يحصلونه فيما جمعوه فإن عين لهم رموا به وجه من عينه ويقولون هذا من تزيين الشيطان الذي زينه‏

[المحتاج من خوصم فحاج‏]

ومن ذلك المحتاج من خوصم فحاج من الباب 169 من احتج عليك بما سبق فقد حاجك بحق ومع هذا فهي حجة لا تنفع قائلها ولا تعصم حاملها ومع كونها ما نفعت سمعت وقيل بها وإن عدل في الشرع عن مذهبها فإنه لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْئَلُونَ ولكن أكثر الناس لا يشعرون فإن مثل هذه المسألة تكون إشعارا فلا يأتي الآتي بها جهارا ولو جهر بها كانت علما وأبدت حكما ونفحت فهما وأورثت في الفؤاد كلما يتنصر جرحه ولا يندمل وبه يتأمل كل متأمل ستره مسدل وبابه مقفل ومعربه معجم وموضحه مبهم دونه تطير البهم وتخر القمم لما يؤدي إليه من درس الطريق الأمم الذي أجمع على صحته الأمم وإن كان الصراط المستقيم الذي عليه الرب الكريم يتضمن الخير والشر والنفع والضر والفاجر والبر ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ‏

[من تغني استغنى‏]

ومن ذلك من تغني استغنى من الباب 17و< ليس منا من لم يكن بالقرآن يتغنى من حيره تحييرا لقد حاز مقاما كبيرا نعم العبد من قام به كابن أم عبد أصغى إليه الرسول لما وجد عنده الرسول فحمده على ذلك وأثنى بما كان به في ليله يتغنى فطوبى له من عبد متهجد في محرابه لربه يتعبد يتلو كلامه ويخاف آثامه وينادي علامة أعداد الهول يوم القيامة الحبر العلامة من جعل الحق أمامه كنيف وقد ملئ علما وحشي حكمة وحكما وغفر له بدعوة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم مغفرة عزما أمرنا بأخذ القرآن عنه لما عرف الأمر منزلته منه فما لنا لا نكون ذلك الشخص حتى يشملنا هذا النص وإن كان قد فقد قائله فما فقد حامله وقابلة فكل شخص من هذه الأمة إذا كان له مثل تلك ألهمه كان المخاطب بذلك الحمد فليبذلوا في ذلك الجهد حتى يفوزوا بهذا الجد فعليكم بالتعرض لنفحات جوده ليخصكم بما خص به أهل العناية من عبيده‏

[من تكلف ما تصوف‏]

ومن ذلك من تكلف ما تصوف من الباب الأحد والسبعين ومائة التكلف إذا كان من طريق البنية فلا يؤثر في البغية فإن كان من طريق القلب ففيه استهانة بالرب وهو أولى بالإيثار عند المقربين والأبرار في قيام الليل وصيام النهار من الأغيار فمن عبد الله بالتكلف فما هو من أهل التصوف التصوف خلق وعير الصوفي في التخلق والعالم بالله في التحقق فله الخلق من جهة صفاته وله التحقق من شهود ذاته إذا كان الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من رآه فقد رآه وهو هو ليس سواه فما ظنك برب العزة ومذل الأعزة ومن أسمائه العزيز الكريم الحكيم وما حاز الصورة إلا من خلق في أحسن تقويم فأي دخول هنا للشيطان الرجيم فإن تجلى الشيطان في الصورة صحت المقالة المذكورة وهي أنه عين كل موجود إذ كان هو نفس الوجود فحكمه خارج عن حكم النبي للمقام العلى وهذا هو القول الذي عليه يعول ودع عنك من تأول المعلوم إن رحمته وسعت الموجود والمعدوم‏

[التلفيق من التحقيق‏]

ومن ذلك التلفيق من التحقيق من الباب 172 التلفيق ضم عين إلى عين لإيجاد صورة في الكون لو لا ما لفق الأركان ما ظهر المعدن والنبات والحيوان ثم ضم الرحمن الحق إلى الحيوانية النطق فكان منه الإنسان الكامل منه والناقص الإنسان الحيوان وهذا من تلفيق الرحمن فأقامه إمامه وأعطاه الخلافة والإمامة وصيره الحبر والعلامة خص الأسماء وأنزله إلى الأرض من السماء وقد

كان أنبته من الأرض نباتا وجعل من نشأته أحياء وأمواتا فما أحس منه فهو الحي وما لم يحس منه فهو الميت وهذا نعت هذا البيت عمره بالقوى وأسكنه العقل والهوى ثم قال له لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فهوى وعَصى‏ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى‏ ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى‏ وما تركه سدى فأغاظ الله به الأعداء وأفرح به الملائكة الأوداء فتلقى من ربه الكلمات وكانت له من أعظم الهبات فتحقق بحقائق المحبة ورجع إلى ما كان عليه من المنزلة والقربة وهذا حكم سار في الذرية أعطته هذه البنية فما ثم إلا من هم ولم وإن كان الموجود الأتم فاعلم إن كنت تعلم‏

[الحكمة نعمة]

ومن ذلك الحكمة نعمة من الباب 173 من أوتي الحكمة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وكان الله به لطيفا خبيرا لطيفا من حيث إنه علمه من حيث لم يعلم فعلم وما علم إن الله هو المعلم والحجب له في علمه وتعلمه وحجبه عن ذلك بقلمه فظهر له في صورة القلم وقال اقْرَأْ ورَبُّكَ الْأَكْرَمُ فاختبره فكان خبيرا وكانَ الله عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيراً فمن سأل الحكمة فقد سأل النعمة ومن أعطى الحكمة فقد أوتي الرحمة فإن سرمد العذاب بعد ذلك هذا المالك فما هو ممن عمت وجوده الرحمة ولا كان عند أهل الكشف والوجود من أهل الحكمة فإن قال بالرجوع إليها وحكم بذلك عليهم وعليها فذلك الحكيم العليم المسمى بالرءوف الرحيم وهو الشديد العقاب لأنه لشدته في ذلك أعقب أهل النار حسن المآب‏

[الكيمياء تقدير عند الخبير]

ومن ذلك الكيمياء تقدير عند الخبير من الباب 174 الكم تقدير موجود ومتوهم فمن فاز به نال قلب الأعيان وتحكم كما يشاء في الأكوان في عالم الأرواح والأبدان فهو صاحب الإكسير الذي حاز علم التدبير والتقدير بكلمة ينير الأجسام المظلمة انظر إلى كلمة كن في الوجود كيف ألحقت المعدوم بالموجود ولا تتوجه هذه الكلمة على الموجود بالعدم فإنه ليس لها في الرد إلى العدم قدم لأنها كلمة وجودية تطلبها الربوبية والعبودية لحصول الأعيان في الأكوان ولهذا يقال فيمن عدم قد كان فالعدم لمن انعدم نفسي والوجود كرم إلهي امتناني فالذي ذهب إليه بعض أهل الكلام في هذه الأقسام من انعدام العرض لنفسه لا الأجسام ليكون الخالق خالقا على الدوام وأما أهل الحسبان فقالوا بتجدد جميع الأعيان في كل زمان وما خصوا عينا من عين ولا كونا من كون ومن علم إن المتحيزات كلها قامت من الأعراض جمع بين المذاهب والأغراض‏

[سر الطلب من الأدب‏]

ومن ذلك سر الطلب من الأدب من الباب 175 لا يتأدب مع الله حق الأدب إلا من تحقق بالطلب ما أوجدك إلا لتسأل فأنت الفقير الأذل فتسأله العزة والغني لتحوز عموم الثناء فكل ما يثنى عليك به فهو الثناء المحمود فأنت الذليل الفقير الفقيد وأنت العزيز الغني الحميد فما ثم هجا بالنظر إليك وما هنا جفا جفاة الحق عليك فإنه تعالى كما

قال عن نفسه لست برب جاف‏

وهذا القول كاف ولا يليق بالجناب الإلهي من الثناء إلا مثل العزيز الحميد لا بكل ما يثنى به على العبيد فالعبد له عموم الثناء بما يحمد وما يذم به من جميع الأسماء وللحق من هذا الثناء الخصوص بذا وردت النصوص القالة إن يد الله مغلولة قالة معلولة ومن قال إنه فقير فهو الكفور وهذا في العبد ثناء حميد فهو أكمل في الوجود ثم إنه قد يذم بما به يحمد على حسب ما يعتقده القائل ويقصد كالبخل بالدين والمال والحرص على طلب الفاني والعلم والعمل الذي يستعذبه في المال فتأمل ما أنعم الله به وتفضل‏

[الندب أدب‏]

ومن ذلك الندب أدب من الباب 176 الندب أثر والأدب في سلوك الأثر من اتبع هواه ما بلغ مناه لا بد أن يبلغ ما تمناه ولو اتبع هواه فإن رحمة الله واسعة وهي للكل جامعة لا تحكم عليها دار ولا يختص بها قرار من قرار الموجودات كلها أبناؤها فكيف يقوض بناؤها فما ثم إلا إحسانها وآلاؤها هي الأم أدرجت نعماها في تأديبها أبناءها فعقوبتها أدب لا يشعر به من الأبناء إلا العلماء فكن في أمان لعموم الايمان فإنه قد ورد الايمان بالحق كما ورد بالباطل فجيد كل مؤمن حال غير عاطل وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فإنك إذا تيقنت علمت بمن آمنت فالأدب جماع الخير لاشتقاقه من المأدبة وأعظم المتنعمين بها يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ

[أعز الأحباب الأصحاب‏]

ومن ذلك أعز الأحباب الأصحاب من الباب 177 قيل من أحب الناس إليك وأعزهم لديك قال أخي إذا كان صاحبي وصديقي وكان في كل ما أنا فيه رفيقي‏

صديقي من يقاسمني همومي *** ويرمي بالعداوة من رمانى‏

أصحاب النبي عليه السلام فازوا بالمقام العلى هنا وفي دار السلام أعلى درجات القربة التحقق في الايمان بالصحبة لا يبلغ أحد نأمد أحدهم ولا نصيفه ولا يصلح أن يكون وصيفه نحن الإخوان فلنا الأمان وهم الأصحاب فهم الأحباب فمن رأى الصحبة عين الاتباع من أهل الحقائق ألحق اللاحق بالسابق فغاية السابق تعجيل الرؤية لحصول البغية ولكن ما لها بالسعادة استقلال فيما أخطأه الدليل وصححه السبيل وكم شخص رآه وشقي والذي تمناه بعدم اتباعه ما لقي فما أعطته رؤيته وقد فاتته بغيته فما ثم إلا الاقتداء وما يسعدك إلا الاهتداء فتعجل النعيم الصاحب فهو أقرب الأقارب‏

[أعز الأقارب المقارب‏]

ومن ذلك أعز الأقارب المقارب من الباب 178 للمقارب الحنان من الرحمن لأن المقارب من الأقارب ما تعلقنا بهذا السبب إلا لما أثبته الرحمن من النسب فلما جعل تعالى بيننا وبينه نسبا وأعلمنا أنه التقوى اتخذناه سببا فاتقيناه به منه كما

أخبر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عنه فقال وأعوذ بك منك‏

فقلنا له أخذنا هذا عنك فهو صاحب الحجة والآتي إلينا بالمحجة له المحجة البيضاء والحجة الغراء أمته المتطهرون وهم الغر المحجلون تحجيلهم دليلهم لو كان لغيرهم هذا النعت المخصوص من الطهور ما اختصت هذه الأمة المحمدية بهذا النور فإنه‏

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما تعرف هذه الأمة المحمدية من سائر الأمم إلا به‏

فانتبه فوردت الأخبار المنصوصة بطهارة هذه الأعضاء المخصوصة فأسبغناها طهورا فجعل لنا بذلك غررا وألبسها نورا فكان لهم بذلك التمييز والتعريف المقام الشريف والتشريف فمن أسبغ طهوره تمم الله له نوره ومن ثنى وثلث فرح بذلك أكثر من صاحب الواحدة إذا تحنث فصاحب الواحدة هو المقارب وصاحب الاثنين والثلاثة من غير زيادة معدود في الأقارب وإنما ظهر الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بجميع الصور لبعثته إلى جميع البشر ومنهم الرابح والخاسر المغبون والعالي في ذلك والدون‏

[قول العارف من وحد ألحد]

ومن ذلك قول العارف من وحد ألحد من الباب 179 إنما قيل من وحد ألحد من أجل من فإنها تطلب العدد يؤيد هذا التعريض كونها قد تأتي للتبعيض ولا نشك أنه كلمة حق من قول في مَقْعَدِ صِدْقٍ فإنه من وحد مال إلى الحق وتوحد إذ الملحد هو المائل في لغة القائل فإذا الحد العبد ومال بلغ ما أمله من الآمال وفي الكلام المقبول من الحد فقد أخلد إلا أنه لما الحد فهو لما قصد الإلحاد اللغوي لا بد منه ولا محيص لمخلوق عنه أ لا ترى إلى أصحاب الأعراف لما لم يبلغوا في هذا الاتصاف حد الإنصاف كيف وقفوا بين الجنة والنار فلا هم مع الأشرار ولا مع المصطفين الأخيار فكانوا يخلصون إلى دار القرار أو إلى دار البوار فلو لا التلبيس ما حصلوا بين نعم وبئس فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ للأبرار وبئس عقبى الدار للفجار اعتدلت كفتا ميزانهم فهذا كان من شأنهم فلو لا ما تفضل الحق عليهم فيما كلف الخلق به يوم القيامة من السجود إليه ما يرجوا عليه فلما سجدوا فيمن سجد رجحت كفة حسناته فسعد فانفك من أسر السور ولحق بدار السرور

[من أشرك ملك‏]

ومن ذلك من أشرك ملك من الباب 18و< الشرك في الألوهة مذموم وصاحبه محروم والشرك في نعت العبيد بين ذميم وحميد والمتصف به بين مرحوم ومحروم فما ثم اسم لغير الحق عند من علم الأمر وتحقق فأسماء الخلق أسماء الحق فما ذا تخلق بما هو تحقق والله ما افتريت عليه ولا نسبت شيئا إليه ولا وصفته بوصف ولا أدرجت معناه في حرف فهو سمى نفسه لنا بما سماها فجميع الأسماء إلى ربك منتهاها ففرح وتبشبش وغضب وما بش ومل وتعجب وذهب مع عبيده كل مذهب وهو القديم وأنا المحدث فما ثم اسم حدث‏

[من ذلك من رحل حل‏]

ومن ذلك من رحل حل من الباب الأحد والثمانين ومائة عم الوجود وجوده فمنه وفيه يرحل ويحل عبيده فرحلة من يصطفيه إنما هي منه وإليه وفيه الرب الكريم على الصراط المستقيم فأثبت أمرا هو عليه وما ثم سواه فانظر من يصل إليه إنما جعل يده بناصيتك ابتغاء عافيتك وهذا من كرمه وسابقة قدمه فما ثم إلا مستقيم وعلى منهج قويم لكونه بيد الكريم فلقد فزت بحظ عظيم يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ذكره بالحجة وأبان له عن المحجة ليقول كرمك غرني والكريم لا يضرني وهو الغيور على اسمه والمبقي في قلب عبده رسمه لسابق علمه‏

[من حل لم يرحل‏]

ومن ذلك من حل لم يرحل‏

من الباب 182 الحال المرتحل من يكرر تلاوة ما أنزل فانتهاؤه عين ابتدائه وبهذا حاز جميع أسمائه فما حل إلا رحل وما رحل إلا حل فرحيله حلوله وحلوله رحيله والكل سبيله ولا يصح ذلك إلا في الحروف فإنها ظروف فمن تكرر له المعنى في تلاوته فما تلاه حق تلاوته وكان دليلا على جهالته ومن زادته تلاوته علما وإفادته في كل مرة حكما فهو التالي لمن هو في وجوده له تالى ثم انظر في اعتنائه بعبده حين أعلمه بأنه في تلاوته عند مناجاته على قدمه فيقول العبد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فيقول الله حمدني عبدي فجعل نفسه لعبده تاليا إذا أقام عبده لكلامه عز وجل تاليا وقسم الأمر بينه وبينه ليميز من كونه كونه فإن ثم من يقول بأحدية الكون في العين فلهذا فصل ليتبين ويتعين‏

[ما ينكشف من الساق عند الفراق‏]

ومن ذلك ما ينكشف من الساق عند الفراق من الباب 183 كشف الساق كما يؤذن بالشدة كذلك يؤذن بسرعة انقضاء المدة مع كل زعزع رخاء وعند انتهاء الشدائد يكون الرخاء من عز هان ومن افتقر استدان إهانته تركه زهدا لا بل ترك طلبه قصدا من استدان من غير حاجة مهمة فهو ناقص الهمة من حكمت عليه معرفته فقد تنقصه همته مع غناه عن القرض وقد أقامه سبق العلم مقام الفرض فدخل تحت حكمه لقوة سلطان سابق علمه وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ والفرض شي‏ء وهو خازنه فلا بد من ظهور أثره في بشره جاء ذلك في خبره كشفت الحرب عن ساقها وعقدت عليها أزرة أطواقها فاشتد اللزام وكانت نزال لما عظم القيام وجاء ربك في ظُلَلٍ من الْغَمامِ والْمَلائِكَةُ للفصل والقضاء والنقض والإبرام وعظم الخطب واشتد الكرب وماج الجمع بحكم الصدع ف فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ ثم إلى النعيم المصير

[العلم والمعرفة بالذات والصفة]

ومن ذلك العلم والمعرفة بالذات والصفة من الباب 184 المعروف الذات والمعلوم الصفات‏

من عرف نفسه عرف ربه‏

ما وسع القلب ربه حتى علم قلبه العلم ما علم بالعلامة فالعالم علامة فلا تعلم ذات إلا مقيدة وإن أطلقت هكذا عرفت الأشياء وحققت فالإطلاق تقييد في الأرباب والعبيد والتحديد لباس وفي التحديد الالتباس فاحذر من اللبس فإنه من أخفى ما يكون في النفس أين علم المريد والناس في لبس من خلق جديد الخلق مع الأنفاس وهو فيها في خلع ولباس ولا يشعر بذلك إلا قليل من الناس المعرفة أحدية المحتد والعلم ثنوي المشهد العلم يتعلق بالإله والمعرفة تتعلق بالرب وتنفي الاشتباه بالمعرفة يزول الاشتراك وفيها يقع الارتباك الذات مجهولة فلا تقل فيها علة ولا معلوله ولا يصح أن تكون لحق محققه ولا لشرط مشروطه ولا لدليل مدلوله وجه الدليل يربط الدليل بالمدلول والذات لا ترتبط وقد خاب من اشترط ووقع في الغلط

[مراتب الأحبة في منزل المحبة]

ومن ذلك مراتب الأحبة في منزل المحبة من الباب 185 الأحباب أرباب والمحبوب خلف الباب المحب رب دعوى فهو صاحب بلوى لو لا دعوى المحبة ما وقع التكليف ولو لا المحبة ما طلبنا الجزاء من اللطيف المحبوب إن شاء وصل وإن شاء هجر فإذا ادعى محبة محبه اختبر فالمحب في الاختبار والحبيب مصان من الأغيار ولهذا لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ للاحبة منزل في المحبة فحبيب جنيب وحبيب قريب فالمحب إذا كان ذا جنابه فما هو من القرابة وإذا لم يكن جنيبا كان قريبا قرب الحبيب بالاشتراك في الصفة وجنابته في عدم الاشتراك فيها كما أعطت المعرفة تقرب إلي بما ليس لي لما طلب القرب الولي والذي ليس له الذلة والافتقار فهو الغني العزيز الجبار والمتكبر خلف باب الدار انظر إلى ما أعطاه الاشتراك والدعوى من البلوى هو في النزوح بالجسم الصوري والعقل والروح ولهذا لا يتجلى لمن هذه صفته إلا القدوس السبوح فالنزيه للعين لا يقول بالاشتراك في الكون‏

[إيضاح السبيل في إلحاق محمد بالخليل‏]

ومن ذلك إيضاح السبيل في إلحاق محمد بالخليل من الباب 186 اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم في العالمين لمن هو في هذه الحال من الأبرار ومن المقربين أين هذه العلامة من‏

قوله أنا سيد الناس يوم القيامة

وإنه يفتح باب الشفاعة دون الجماعة للجماعة ومن الجماعة الخليل بذلك المقام المحمود الجليل كان لآدم السجود ولمحمد المقام المحمود بمحضر الشهود يا ليت شعري هل تقوم الخلة بكون رسالة محمد التي تعم كل ملة وبما أوتي من جوامع مناهج الأدلة ولا ينال الخلة إلا من سد الخلة محمد صاحب الوسيلة في جنته وما نالها إلا بدعاء أمته وأين أمته منه في الفضيلة ومع هذا بدعائهم نال الوسيلة والمدعو له أرفع من الداع فلتكن لما أورده من الصلاة على محمد كالصلاة على إبراهيم الحافظ

الواعي ونحن المؤمنون العالمون بسيادته وخصوصية عبادته وأين المقام المحمود من مقام السجود سجد المقربون والأبرار لبناء قائم من التراب والأحجار فالمجد الطريف والتليد فيمن اختص بالمقام الحميد

[الشوق والاشتياق للعشاق‏]

ومن ذلك الشوق والاشتياق للعشاق من الباب 187 الشوق يسكن باللقاء والاشتياق يهيج بالالتقاء لا يعرف الاشتياق إلا العشاق من سكن باللقاء قلقه فما هو عاشق عند أرباب الحقائق من قام بثيابه الحريق كيف يسكن وهل مثل هذا يتمكن للنار التهاب وملكة فلا بد من الحركة والحركة قلق فمن سكن ما عشق كيف يصح السكون وهل في العشق كمون هو كله ظهور ومقامه نشور العاشق ما هو بحكمه وإنما هو تحت حكم سلطان عشقه ولا بحكم من أحبه هكذا تقتضي المحبة فما حب محب إلا نفسه أو ما عشق عاشق إلا معناه أو حسه لذلك العشاق يتألمون بالفراق ويطلبون لذة التلاق فهم في حظوظ نفوسهم يسعون وهم في العشاق الأعلون فإنهم العلماء بالأمور وبالذي خبأه الحق خلف الستور فلا منة لمحب على محبوبه فإنه مع مطلوبه وما له مطلوب ولا عنده محبوب ومرغوب سوى ما تقر به عينه ويبتهج به كونه ولو أراد المحب ما يريده المحبوب من الهجر هلك بين الإرادة والأمر وما صح دعواه في المحبة ولا كان من الأحبة ففكر تعثر

[الاحترام والاحتشام‏]

ومن ذلك الاحترام والاحتشام من الباب 188 لا تقع منفعة من غير محترم فاحترم ولا تنفع هبة إلا من محتشم عندك فاحتشم فمن قام بالخدمة وطرح الحرمة والحشمة فقد خاب وما نجح وخسر وما ربح الخادم في الإذلال لا في الإدلال ما للخادم وللدلال وما له وللسؤال إن لم يكن الخادم كالميت بين يدي الغاسل لم يحل من مخدومه بطائل إذا دخل الخادم على مخدومه واعترض ففي قلبه مرض فَزادَهُمُ الله مَرَضاً ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ وهم لا يشعرون ولا يعلمون من رمى حرمته قلبك فما هو ربك فجنب خدمته وصحبته حتى تجد حرمته فإذا وجدتها فارجع إليه هكذا أجمع أهل الله فيما عولوا عليه ذكر ذلك القشيري في رسالته في احترام الشيخ ومواصلته بالحرمة تنال الرغائب في جميع المذاهب من حسن ظنه بحجر انتفع به في مذهبه‏

[الإيقاع للسماع‏]

ومن ذلك الإيقاع للسماع من الباب 189 الإيقاع أوزان والله وضع الميزان الوجود كله موزون فلا تكن المحروم المغبون وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وهو عين الوزن المفهوم له الاسم الحكيم في الحديث والقديم فالميزان حاكم وبه ظهرت المقاسم ومن جملتها الإيقاع للسماع فلهذا هي حركة السامع فلكية إذا كانت صادقة عن فناء ملكية فإن كانت نفسية فليست بقدسية وعلامتها الإشارة بالأكمام والمشي إلى خلف وإلى قدام والتمايل من جانب إلى جانب والتصرف بين راجع وذاهب ومن هذه حاله فما سمع ولا أثر فيه الموقع بما وقع فمثل هذا أجمع الشيوخ على حرمانه بين إخوانه فمن ادعى سماع الإيقاع في الأسماع وما له وجود فهو من أهل الحجاب والمحجوب مطرود هل ظهر عن كن إلا الوجود وهذا سار في كل موجود ولذلك قرن الإعدام بالمشيئة فلا تبع بالنسيئة

[ما هو السماع الذي عليه الإجماع‏]

ومن ذلك ما هو السماع الذي عليه الإجماع من الباب 19و< السماع الذي عليه الإجماع ما كان عن الإيقاع الإلهي والقول الرباني فلا ينحصر في النغمات المعهودة في العرف فإن ذلك الجهل الصرف الكون كله سماع ولكن عند صاحب الأسماع من قام به الطرش لم يفرح يوما بالدهش ولا كان عنه كون ولا ظهر منه عين ما أشبه الليلة بالبارحة عند صاحب السماع بالقلب والجارحة أنت الليلة وهو البارحة فأين من له لفقد مثل هذا نفس نائحة فعذبها عدم النسب وشغلها بتقييد اللهو والطرب عن هذا النسب فإن النسب هو القربى في الإلهيين والربانيين فالسماع المطلق لمن تحقق بالحق فإنه ما خص بكن كونا من كون ولا توجهت على عين دون عين فالكل قد سمع بما قد صدع فمن قيد السماع بالأوزان والتلحينات المقسمة بالميزان فهو صاحب جزء لا صاحب كل وهو على مولاه كل مولاه أول زاهد فيه ولهذا لا يصطفيه كيف يقيد المطلق من ادعى أنه بالحق تحقق من سرى في الوجود تقييده صح إيمانه وعلمه وكشفه وتجريده وتوحيده‏

[كرامة الله بأوليائه في أسمائه‏]

ومن ذلك كرامة الله بأوليائه في أسمائه من الباب الأحد والسبعين ومائة من تصرف في أسمائه كان من أوليائه الأسماء بحكم العبيد ولهذا صح التخلق بها في الوجود لا بل التحقق المقصود من فك المعمى لم ينظر الأسماء من حيث دلالتها على المسمى فإن ذلك لا يتخلق به بل يتحقق به‏

المنتبه للأسماء دلالتان ولها تعلقان التعلق الواحد دلالتها على المسمى الواحد الذي يجتمع فيه الأسماء كلها من غير أمر زائد والدلالة المطلوبة ما تتميز به الأسماء من المعاني كما تميزت بالألفاظ والمباني فالمباني كالعالم والعليم والعلام والألفاظ مثل هذا وكالخالق والقادر في الأحكام فانظر في هذه الأقسام فإذا علمتها فأنت الإمام المقدم على جميع الأنام والملائكة الكرام هذا علم أبيك فاجعله قوتك فإنه لن يفوتك فكل كرامة لا تتصل بالقيامة فما هي كرامة واحذر من الاستدراج في المزاح‏

[ما للأنام من الإكرام‏]

ومن ذلك ما للأنام من الإكرام من الباب 192 الإكرام الإلهي في الأنام الرؤية والمشاهدة والكلام الرؤية هي المنية والمشاهدة رؤية الشاهد وهي ترجع إلى العقائد فهي تعرف وتنكر والرؤية لا يدخلها إنكار فتبصر والكلام ما أثر ولا يدخله انقسام فإذا دخله الانقسام فهو القول وفيه المنة الإلهية والطول القرآن كله قال الله وما فيه تكلم الله وإن كان قد ورد فيه ذكر الكلام ولكن تشريفا لموسى عليه السلام ولو جاء بالكلام ما كفر به أحد لأنه من الكلم فيؤثر فيمن أنكره وجحد أ لا ترى إلى قوله وكَلَّمَ الله مُوسى‏ تَكْلِيماً كيف سلك به نهجا قويما فأثر فيه كلامه وظهرت عليه أحكامه فإذا أثر القول فما هو لذاته بل هو من الامتنان الإلهي والطول ففرق بين القول والكلام تكن من أهل الجلال والإكرام كما تفرق بين الوحي والإلهام وبين ما يأتي في اليقظة والمنام‏

[من رأى السعادة في العادة]

ومن ذلك من رأى السعادة في العادة من الباب 193 حكمة العادة في علم الشهادة إثبات الإعادة فإن الايمان بها يعطي السعادة العادة عود الحق إلى الخلق وإن اختلفت الصور ففيه إثبات الغير فلا تجريح فإنه العلم الصحيح لا تكرار في الوجود وإن خفي في الشهود فذلك لوجود الأمثال ولا يعرفه إلا الرجال لو تكرر لضاق النطاق ولم يصح الاسم الواسع بالاتفاق وبطل كون الممكنات لا تتناهى ولم يثبت ما كان به تباهى من قال بالرجعة بعد ما طلق فما طلق وكان صاحب شبهة فيما نطق إنه به تحقق وإن لم يكن كذلك فهو أخرق وكلامنا مع العاقل العارف بهذه المعاقل فإنه عن العلم بمثل ما ذكرناه ليس بغافل الطلاق الرجعي رحمة بالجاهل الغبي ولو قلنا في الرجال بالرجعة في الطلاق خرقنا في ذلك ما جاء به أهل الله من الاتفاق فإنه نكاح جديد ولذلك يحتاج إلى شهود أو ما يقوم مقام الشهود من حركة لا تصح إلا من مالك غير مطلق وكذا هو عند كل محقق فمذهب أهل الأسرار لا تكرار مع ثبوت العادة والايمان بالإعادة ولكن كما شرحناه وبيناه للناظر وأوضحناه وبه عند كل ذي أذن أفصحناه فإذا علمت فتصرف في العبارات كيف شئت فما يعلم كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ إلا من علم ونُنْشِئَكُمْ في ما لا تَعْلَمُونَ فمن آمن ببعض وكفر ببعض فهو الكافر حقا والجاهل الظالم نفسه صدقا

[الإعجاز في الصدق والإيجاز]

ومن ذلك الإعجاز في الصدق والإيجاز من الباب 194 أريت في الواقعة الجامعة حقيقة الإعجاز في النطق بالصدق فاصدق في نطقك تكن المعجز فاسهب بعد ذلك أو أوجز فإن الغاية في الإعجاز المبالغة في الإسهاب والإيجاز فما من آية إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ من أُخْتِها وإن تولدت عنها وقامت لها مقام بنتها فقد يكون في الشاهد الولد أعظم في القدر من الوالد وأما في الغائب فهو غير صائب إلا في موصع واحد وهو ما تولد عندك من معرفتك بربك عند معرفتك بنفسك وإن كان ليس من جنسك فذلك العلم لهذا العلم كالولد وهو أعظم قدرا من الوالد عند كل أحد وما سوى هذا وأمثاله في الغائب فليس بصائب فلا تقس الغائب على الشاهد في كل موطن فإنه مذهب فاسد يرحم الله أبا حنيفة ووقاه من كل خيفة حيث لم ير الحكم على الغائب وهو عندي من أسد المذاهب وأحوط من جميع الجوانب‏

[رتبة وحي المنام من الكلام‏]

ومن ذلك رتبة وحي المنام من الكلام من الباب 195 النبوة في المبشرات مخبوءة فمن لا مبشرة له لا نبوة له وإن لم تكن نبوة مكملة وإن كانت بالمقام الرفيع وهو التشريع ولكن إذا تحقق الرائي لديه من يوحي بذلك إليه حينئذ يعول عليه فإن أوحي به الرسول فله أن يقتصر بذلك على نفسه ويقول فإن تحقق عند السامع حقه وثبت عنده صدقه تعين في ذلك اتباعه وحرم عليه تراعه فإن كان ناسخا لحكم ثبت بخبر الواحد فالأخذ به معين عند الواجد وبقي النظر والتكلمة في المقلد له فإن كانت العدالة على السواء فصاحب الرؤيا أولى بمحجة الاهتداء فحكم وحي المنام بشرائطه حكم اليقظان بالدليل النقلي والبرهان وهو بمنزلة لصاحب في السماع والتابع إياه بمنزلة الاتباع فإن كان الموحى بذلك الحق تعالى أو الملك إليه فتناوله بحسب الصورة التي نزل‏

بها عليه ولا يتخذ ذلك شرعا يتعبده وإن كان يحمده وهذه فائدة سرجها متوقدة من شجرة مباركة من تشاجر الأسماء ويكفيك هذا الإيماء فاعمل بحسبه واعلم قدر منصبه‏

[نظم السلوك في مسامرة الملوك‏]

ومن ذلك نظم السلوك في مسامرة الملوك من الباب 196 الذي يختاره الملك لمسامرته ويصطفيه يسامره بالاسم الذي يتجلى له الملك فيه فهو بحكم تجليه في تحلئة فيتنوع السمر كما تتنوع في العقود الدرر وعلى هذه الصورة يكون الخبر والحديث فتارة في القديم وتارة في الحديث فإذا كان السمر في تدبير الملك كان بحكمه وتحت سلطان اسمه فيتخيل في الملك أنه مخدوم وهو بما يحتاج الرعايا إليه عليه محكوم وإن لم يكن كذلك فليس بملك ولا مالك وقد يكون السمر في شأن المنازع وتعيين المدافع وما يصرفه في ملكه في صبيحة ليلته من المضار والمنافع فاختصاص المسامرة بالاسم الضار والاسم النافع فما له حديث إلا في الحدوث لا يصح من النديم الحديث في القديم ولهذا قال في كلامه تعالى ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ مع علمنا بقدمه وهو عين كلمة فكثره ووحده وقسمه وأفرده وأنزله وأحدثه وناجى به المسامر وحدثه فمن المسامرين المستغفرون ومنهم التائبون الحامدون الراكعون الساجدون فلا يزالون في هذا رغبة في المثوبة والأجر حتى ينصدع الفجر ولذا يبكر بالصبح ويغلس في أول ما يتنفس‏

[المسافر منافر]

ومن ذلك المسافر منافر من الباب 197 السفر قطعة من العذاب لما يتضمنه من فراق الأحباب فالمسافر منافر في سفر الأكوان النزوح عن الأوطان الرحمن ينزل كل ليلة من عرشه إلى سمائه بجميع أسمائه وفي القيامة ينزل بعرشه إلى فرشه وقد قيل في السفر للمسافر خمس فوائد

تفرج هم واكتساب معيشة *** وعلم وآداب وصحبة ماجد

لا هم إلا هم الوحيد لما هو عليه من التفريد ففي وجود الخلق مؤانسة الحق واكتساب المعيشة ما يأتي إليه به الإرسال من أعمال العمال وعلم في سر قوله حَتَّى نَعْلَمَ فافهم وأدأب ما يأتون به من جميع الخير طلبا لحسن المآب وصحبة ماجد مثل الداعي والسائل والمستغفر والتائب وهو القاصد فصح ما نظمه الشاعر في السفر للمسافر فالسفر صفة الحق ولا يطلق إلا على الخلق فهو في الحق نزول وفي الخلق عروج ورحيل‏

[الثلاثة نفر في السفر]

ومن ذلك الثلاثة نفر في السفر من الباب 198 الحق والملك والغمام اثنان الله ثالثهما والسلام فالركب المحفوظ بعين الله ملحوظ الواحد شيطان لبعده عن الجماعة والاثنان شيطانان لعدم الناصر وتوقع ما تقوم به الشناعة والثلاثة نفر وهم أهل الأمان غالبا في السفر التثليث من أجل المحدث والمحدث والحديث ما كفر القائل بالثلاثة وإنما كفر بقوله إِنَّ الله ثالِثُ ثَلاثَةٍ فلو قال ثالث اثنين لأصاب الحق وأزال المين ما ظنك باثنين الله ثالثهما يريد أن الله عز وجل حافظهما يعني في الغار في زمان هجرة الدار من أصعب أحوال الإنسان فراق الأوطان فمن كان وطنه العدم في القدم كانت غربته الوجود وإن حصل له فيه الشهود فهو يحن إلى وطنه ويغيب عند شهود سكنه والفناء حال من أحوال العدم عند من فهم الأمور وعلم فما يطلب أهل الله الشهود إلا لأجل الفناء عن الوجود وأما بعض العبيد فلما فيه من الجود كما إن منزل الحق التوحيد فيفنيهم عند الشهود لحصول التفريد والله على ما نقول شهيد وقد قال أهل اللسان إنه الآن على ما عليه كان نعني من التنزيه ونفي التشبيه‏

[الحال ما حل وحال‏]

ومن ذلك الحال ما حل وحال من الباب 199 الحال ما حال فالوجود كله حال لا يصح الثبات على شأن واحد لما تطلبه المحدثات من الزوائد فالأمر شئون فلا يزال يقول لكل شي‏ء كُنْ فَيَكُونُ ثم إنه عند ما يكون يستحيل فتظهر وفي وطنها تقيل ما لها قوة على فراق السكن ولا النزوح عن الوطن فترجع إلى العدم في الزمن الثاني من غير تواني فهو يخلق وهي تنفق الوجود كله تعب ولذا قال له فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وإِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ فما فرغ إلا اشتغل ولا انقضى عمل إلا استعمل وكان في العدم صاحب راحة لأنه في موطن الاستراحة إذا كان الرحمن كل يوم في شأن فما ظنك بالأكوان ما قال بأن العدم هو الشر إلا من جهل الأمر إنما ذلك العدم الذي ما فيه عين ولا يجوز على المتصف به كون وليس إلا المحال فذلك العدم هو الشر المحض على كل حال وأما العدم الذي يتضمن الأعيان فذلك عدم الإمكان فهي أعيان تشهد وتشهد فهي الشاهد والمشهود في حال العدم والوجود فإلى الأحوال هو المال وإليه حن الإنسان ومال ومن هنا يثبت شرف الذوق والحال (

[مقام المنزلة في البسملة]

ومن ذلك مقام المنزلة في البسملة

من الباب الموفي مائتين المكانة أمانة فلا تجرحها بالخيانة فإن الله أمر بأدائها إلى أهلها فقبولها عرض وأداؤها فرض وما يقبلها إلا من جهلها والقابل لها بطريق الجبر مضطر فعذره مقبول وليس بالظلوم الجهول والقابل لها بالاختيار مدخل نفسه تحت حكم الاضطرار فيعود مملوكا وقد كان مالكا وكان ناجيا فعاد هالكا

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الإمامة إنها ندامة يوم القيامة

وذلك الأمير المختار لا من أخذها بحكم الاضطرار فمن أعطيها أعين عليها ومن طلبها وكله الله إليها وإن كانت منزلتها رفيعة فحجبها منيعة فإن وليت فاستقل ولا تشتغل فإن جبرت ولا بد فاحفظ العهد وأوف بالعقد فالعالم برتبتها إذا وليها حذر لأن مقامها خطر فإياك وإياها وتحفظ من منتهاها ومن ذلك المكانة أمانة من الباب الواحد ومائتين إنما يصحب صاحبها الملل ويقوم به الكسل لما فيها من مراعاة الحقوق وهو أمر يصعب على المخلوق فاعتزل عن صحبة ما يورث الملل والملل سببه الجهالة بالخلق الجديد ولذة المزيد فالملول جهول وفيه أقول‏

أوصيك أوصيك لا تصحب أخا ملل *** ولا تقل إنه من نعت ذي الأزل‏

لأن ذلك أمر ليس يعرفه *** إلا الذي لم يقل في الحق بالعلل‏

وإن ذلك أمر ليس يجهله *** إلا الذي قال خلق الخلق بالحيل‏

إن الملالة لا تعطيك صورتها *** إلا الملام فكن منها على وجل‏

فما يمل جواد من جدي أبدا *** إن الكريم على الإنعام ذو حيل‏

إن كان واجد مال فهو يبذله *** وما أرى لك في الإفلاس من ملل‏

ليس الملالة في النعمى إذا وردت *** إن الملالة في الإفلاس تظهر لي‏

فكل جود فافلاس يحققه *** فقد الجواد له فانظره في مهل‏

لو أن يعطيك ما تحتاج راحته *** إليه لا تصف المعلوم بالبخل‏

إن الكريم الذي يعطيك حاجته *** وذا مقال أنا منه على خجل‏

الحق مر ولا يحلو لذائقه *** إلا إذا كان ذا حكم على الدول‏

[الشطح من الفتح‏]

ومن ذلك الشطح من الفتح من الباب 2و<2 من شطح عن فنا شطح وهذا من أعظم المنح إلا أنه يلتبس على السامع فلا يعرف الجامع من غير الجامع ولهذا الالتباس جعله نقصا بعض الناس من باب سد الذريعة لما فيها بالنظر إلى المخلوق من الألفاظ الشنيعة التي لا تجيزها لهم الشريعة فمن تقوى في هذا الفتح وعلم من نفسه أنه ليس بشاطح لم يظهر عليه شي‏ء من الشطح فلا يظهر الشطح من صاحب هذا الوصف إلا إذا كان في حاله ضعف إلا أن تبين ذلك عند الواصل والسالك أ لا ترى إلى ما قال صاحب القوة والتمكين في إنفاذ الأمر

أنا سيد ولد آدم ولا فخر

فانظر إلى أدبه في تحلئة كيف تأدب مع أبيه وما ذكر غير إخوته فالأديب من أخذ بأسوته فإن ربه أدبه ومن أدبه الحق أنزل الناس منازلهم لما تحقق‏

[الطالع ضليع لا ظالع‏]

ومن ذلك الطالع ضليع لا ظالع من الباب 2و<3 الطالع يتأخر لأنه به تعثر والضليع تقدم ليكون في الصف المقدم أ لا ترى المسمى بالأول كيف رغب في الصف الأول وحكم فيه بالاقتراع لما فيه من الاعتلاء والارتفاع فالظالع يدافع المنازع فهو علم في رأسه نار لما يأتي به من الأخبار فيستفهمه من ورد عليه لينظر فيما أتى به إليه كان طالع موسى الجبل وطالع الخليل النور الذي أفل فأعقب ذلك الأفول الحق كما أعقب اندكاك الجبل الصعق فما أصعق الكليم إلا الذي دك الجبل العظيم فما أفاق الكليم من صعقته إلا لما بقي عليه من أداء نبوته وإن كان الإنسان أقوى من الجبال ولا سيما إذا كان من الأبدال وقد صح ذلك بالخبر النبوي عن الله العلي ولكن قد ثبت عنه في الكتاب المكنون إن خلق السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فدخل تحت هذا المقال ما في الأرض من الجبال فسلم تسلم وافهم الأمر واكتم‏

[الإياب ذهاب‏]

ومن ذلك الإياب ذهاب من الباب 2و<4 الذهاب إليه إحالة منه عليه من أمرك في‏

يديه فأنت لديه ما برحنا منه حتى نسأل عنه هو المشهود في كل عين والشاهد من كل كون فهو الشاهد والمشهود لأنه عين الوجود فمن عرفه سماه وما وصفه ما ورد خبر بالصفات لما فيها من الآفات أ لا ترى إلى من جعله موصوفا كيف يقول إن لم يكن كذلك كان مئوفا وما علم أن الذات إذا قام كما لها على الوصف فإنه حكم عليها بالنقص الخالص الصرف من لم يكن كماله لذاته افتقر بالدليل في الكمال إلى صفاته وصفاته ما هي عينه فقد جهل القائل إن الصفة كونه فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وقد أذهبهم بما وقع بهم من الالتباس‏

[التنفيس تقديس‏]

ومن ذلك التنفيس تقديس من الباب 2و<5 واللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ إنه للرحمن الناصر الذي ليس في نصره بقاصر الناصر المؤتمن الآتي من قبل اليمن نصر بالصبا لما فيها من الميل والحنان وهو النفس الذي في الإنسان لذلك ورد في الأخبار أنه كناية عن الأنصار في الهبوب إلى المحبوب تنفس المكروب ما ثم إلا تنفيس لذلك هو تقديس وإن كان يتضمن الكرب فإنه من جملة القرب والحقيقة تعطي ذلك لاختلاف الأغراض وما في القلوب من الأمراض مصائب قوم عند قوم فوائد فكل ما زاد عليه فهو من الزوائد لا يعرف الزائد إلا الواحد وأما واحد الكثرة فلا يعرف بالزائد لأن عين كثرته واحد

[الأسرار في الإصرار]

ومن ذلك الأسرار في الإصرار من الباب 2و<6 الإصرار الإقامة والأسرار مكتمة إلى يوم القيامة لو لا حضور الأغيار ما كانت الأسرار السر ما بينك وبينه وما هو أخفى ما يستر عنك عينه فلا يعلم الأخفى إلا الله الواحد والسر يعلمه الزائد وما زاد فهو إعلان وزال عن درجة الكتمان لا تودع سرا إلا من كان مصرا فإنه يقيم على الود ويفي بالعهد ويصدق في الوعد ويستوي عنده القبل والبعد لأنه في الآن وهو حقيقة الزمان من أعجب ما يعتقده أهل التوحيد وصفه بالقريب البعيد قريب ممن هو بعيد عمن هو أقرب من حَبْلِ الْوَرِيدِ إلى جميع العبيد ومع هذا يقال للإنسان هَلِ امْتَلَأْتِ فيقول هَلْ من مَزِيدٍ من جهنم طبيعته عصمته شريعته‏

[الاتصال ليس من مقامات الرجال‏]

ومن ذلك الاتصال ليس من مقامات الرجال من الباب 2و<7 وأيضا

كل اتصال معلم بانفصال *** وليس هذا من مقام الرجال‏

ما شفع الواحد إلا الذي *** أثبت بالأغيار عين الكمال‏

من لم يكن في ذاته كاملا *** فما له عن نقصه من زوال‏

وكل من يكمل من غيره *** فذاته تشبه ذات الظلال‏

يفتقر الظل إلى نوره *** وجسمه الأكثف في كل حال‏

وأين عين الجسم حتى يرى *** عيني له ظلا وهذا محال‏

فاعتبروا ما قلته إنني *** ما قلته إلا لضرب المثال‏

ما كل علم عند أهل الحجى *** يدري به يدخل تحت المقال‏

إنما يتصل الأجنبي وما يقول به إلا الغبي نفى الكتاب المنزل المثلية وإنما الأعمال بالنية فانظر إذا ما ورد أي شي‏ء قصد

[التفصيل في الإجمال جمال‏]

ومن ذلك التفصيل في الإجمال جمال من الباب 2و<8 من فصل بينك وبينه أثبت عينك وعينه أ لا تراه تعالى قد أثبت عينك وفصل كونك بقوله إن كنت تنتبه كنت سمعه الذي يسمع به فأثبتك بإعادة الضمير إليك ليدل عليك وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد وأما القائلون بالحلول فهم من أهل التفصيل فإنهم أثبتوا حالا ومحلا وعينوا حراما وحلا فمن فصل فنعم ما فعل ومن وصل فقد شهد على نفسه أنه فصل لأن الشي‏ء لا يصل نفسه بنفسه إلا ذا كان الشي‏ء أشياء وكان ذا أجزاء وإنما الواحد كيف يصح فيه انقسام وما ثم على عينه أمر زائد فالفصل لأهل الوصل‏

[من راضه فقد أغاضه‏]

ومن ذلك من راضه فقد أغاضه من الباب 2و<9 يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سَماءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الْماءُ وارتفعت الأنواء وقُضِيَ الْأَمْرُ وظهر في النجاة السر واسْتَوَتْ سفينة نوح عند ما أقلعت السماء وشرقت يوح على جودي الجود لتتم كلمة الوجود بوالد ومولود إلى اليوم الموعود فإنه لو انقطع الأصل لا نقطع النسل التواصل سبب التناسل فإن كان عن نكاح فهو مع المطهرين من الأرواح وإن كان عن سفاح فهو ممن قصد

بإيجاده الصلاح وإن كان الكل عباده في عالم الغيب والشهادة فكل قد علم صلاته وتسبيحه وإن لم نفقة تسبيحه فإني مؤمن بأن كل عين مسبح بحمده في كل كون‏

[التحلية صفة أهل الألوية]

ومن ذلك التحلية صفة أهل الألوية من الباب 21و< التخلق بمكارم الأخلاق دليل على كرم الأعراق التحلية طواعية ما تحلى من أَدْبَرَ وتَوَلَّى من خص بالتحلي فهو دليل على صحة التحلي المشاركة في الصفات دليل على تباين الذوات بالشرك عرف الملك والملك زال الإفك بالشرك التوحيد في الإله من حيث ما هو إله لا من حيث الأسماء فإنها للعبيد والإماء بها يكون التحقق وهي المراد بالتخلق قد قال في الكتاب الحكيم عن رسوله الكريم إنه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقال سبحانه عن نفسه في كلامه القديم إِنَّ الله بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ فقد عرفنا بأنه وصف نفسه بما وصفنا فلو لا صحة القبول منا ما أخبر بذلك عنا وخبره صدق وقوله حق فبمثل هذا الاشتراك كان الأملاك وما من ذرة في الكون إلا ولها نصيب من هذه العين ومن ذلك المنصة لمن عرف ما نصه من الباب الأحد عشر ومائتين الخلق مجلى الحق فإذا نظرت فاعلم من تنظر كما علمت من ينظر فإن نظرت في كونه بعينه فاحذر من بينه وإن نظرت بغير عينه فقد فزت بعظيم بينه فبينه فصله ووصله ولهذا دل عليه عينه على هذا وقع الاصطلاح عند الشراح فهو من الأضداد كالجون في البياض والسواد وكالقرء في الطهر والحيض المعتاد المنصات للاعراس والملوك فهي للتفرقة بين المالك والمملوك نظم السلوك في السلوك والتعب والراحة في الدلوك الميل في الجور والعدل‏

[الانفراد لأهل الوداد]

ومن ذلك الانفراد لأهل الوداد من الباب الثاني عشر ومائتين الخلوة بالمحبوب هو المطلوب والانفراد معه غاية الدعة والخروج من الضيق إلى السعة لا يفرح بهذا الانفراد إلا أهل المحبة والوداد ما هو منفرد من هو بحبيبه متحد

روحه روحي وروحي روحه *** إن يشأ شئت وإن شئت يشأ

توحدت الإرادة بين الأحباب وإن تعددت الأعيان فإلى واحد المآب الأمر عند أهل التحقيق في صادق وصديق الصادقان يفترقان لأنهما مثلان والمثلان ضدان والضد مدافع فلا تنازع دخلت على بعض الشيوخ من أهل العناية والرسوخ بمدينة فاس فأفادني هذه المسألة وقال احذر من الالتباس‏

[ليس من الملة من قال بالعلة]

ومن ذلك ليس من الملة من قال بالعلة من الباب 213 الحق عند أهل الملة لا يصح أن يكون لنا علة لأنه قد كان ولا أنا فلما ذا تتعنى من كان علة لم يفارق معلوله كما لا يفارق الدليل مدلوله لو فارقه ما كان دليلا ولا كان الآخر عليلا الشفاء من أحكام العلل في الأزل ما قال بالعلة إلا من جهل ما تعطيه الأدلة الأمر المحكم المربوط في معرفة الشرط والمشروط عليه اعتمد أهل التحقيق في هذا الطريق القول بالعلة معلول بواضح الدليل أحكام الحق في عباده لا تعلل وهو المقصود بالهمم والمؤمل لو صح أن يؤمل مؤمل سواه ما ثبت أنه الإله وقد ثبت أنه الإله فلا يؤمل سواه كما أنه عز وجل قد أمل من عباده ما أمل فهو يريد الآخرة الآجلة ونحن نريد الدنيا العاجلة

[من أغيظ انزعج ومن خوصم احتج‏]

ومن ذلك من أغيظ انزعج ومن خوصم احتج من الباب 214 ما ظهر الشتاء والقيظ إلا بنفس جهنم من الغيظ أكل بعضها بعضا فأقرضها الله فينا قرضا فأصاب المؤمن هنا من حرورها وزمهريرها ما يحول في القيامة بينه وبين سعيرها فجازت من أقرضها في الدنيا بالخمود عنه عند جوازه على الصراط إلى محل السرور والاغتباط نارها لا يقاوم نور المؤمن وهو الشاهد العدل المهيمن حاج آدم موسى وهو داء الأيوسي الرجوع إلى القضاء والقدر منازعة البشر الأدباء الأعلام يثبتون القضايا والأحكام ويعتقدون القضاء ويحاسبون أنفسهم بما مضى ويخافون من الآتي أن يكون ممن لا يؤاتي فيطلبون الصون ويسألون من الله العون‏

[المشاهدة مكابدة]

ومن ذلك المشاهدة مكابدة من الباب 215 المشاهدة رؤية الشاهد لا أمر زائد فارتفعت الفائدة عن أهل المشاهدة فعليك بطلب الرؤية في كل معتقد كما ينبغي لك أن تكون مؤمنا بكل ما ورد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ والْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ من قَبْلُ فإن له الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ فالمشاهد لا يزال في الدنيا يكابد فإذا حصل في الآخرة بين يديه رد ما جاء به إليه فأنكره في تجليه وجهله في تدليه وتعوذ به منه وهو لا يشعر أنه يأخذ عنه عصمنا الله من هذه الجهالة

وجعلنا ممن عرف شئونه وأحواله فميز تحوله حين جهله من جهله ومن ذلك المكاشفة مواصفة من الباب 216 من كشف عرف ومن اتصف وقف الشهود تقليد والكشف علم صرف من اعتقد شهد معتقده ومن علم عرف مصدره ومورده ليس الصدور والورود من صفة أهل الشهود هو مخصوص من العلماء من الرسل والأنبياء والأولياء لو لا الكشف ما علم الولي مقام المشرع النبي مع عدم الذوق لتخصيص النبي بالفوق لا يلزم من الايمان القول بالجهة فلا يلزم الشبه الجهة ما وردت والفوقية الإلهية قد ثبتت كشف ما نزل بالخلق بيد الحق فالله الكاشف وأنت المكاشف له تعالى العمل ولك التعمل فاحذر أن تعمل في غير معمل وأن تطمع في غير مطمع وكن ممن عرف فجمع‏

[اللوائح منائح‏]

ومن ذلك اللوائح منائح من الباب 217 من لاحت له بارقة من مطالبه فقد أبصر بنورها جميع مذاهبه فهو يعلم كيف يتصرف وبمن تعرف فإن شاء تصرف وإن شاء لم يتصرف على أن أهل التصوف هم أرباب التشوف فهم يطمعون في كل مطمع وينزعون فيه كل منزع هم أهل المنح وهم أهل الطرف والآداب والملح‏

أثنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم على أصحاب المنيحة وجعلها من أفضل مديحه لما فيها من الخير والرحمة والشفقة على الغير

ولا سيما إن كان من أهل الفاقة والاحتياج ومن تعبدته الحواج اللوائح كشوف من المعروف منح من شاء من عباده ما شاء من إرفاده هي من سنى الهبات وهي واهبة ما ستراه الجهل من العلوم النافعة من خاف البيات‏

[التلوين تمكين‏]

ومن ذلك التلوين تمكين من الباب 218 التلوين شأن المحدثات وتنوعهم في صور الكائنات هي آثار الحق في عالم الخلق التلوين خلق جديد فلا يزال في مزيد التلوين دليل واضح على التمكين نزل في سورة الرحمن أنه عز وجل كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ والشئون لا تنحصر فلا تقتصر واليوم مقداره النفس فراقب الصبح إِذا تَنَفَّسَ بما تنفس واحذر من اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ فإنه فيه أبلس من أبلس في الثلث الآخر من الليل البركة لوجود الحركة الحركة تكوين فهي تلوين ومع السكون لا يكون كن فيكون له ما سكن في الليل والنهار وما أحسنه في الاعتبار لأن ما تحرك فيه مشاركة الأغيار الدعوى حركة فهي هلكة والسكون سلب فهو قرب وقلب ولا تلوين إلا بالحركات فلهذا يحوي على جميع البركات لا تصغ إلى قول من قال وفصل كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل من تخلق فقد تحقق‏

[الغيرة حيرة]

ومن ذلك الغيرة حيرة من الباب 219 من غار حار الغيرة ضيق وصاحبها متصف بالاشتياق والشوق من فهم من الفوق الجهة فهو صاحب شبهة الشوق يسكن باللقاء والاشتياق يهيج بالالتقاء الغيرة به منوطة وعن غيره مسقوطة من لم يعرف أن ثم غيره لم يتصف بالغيرة ولا جعل الغيرة حيره كيف يغار من يحار لا تثبت قدم لصاحب الحيرة مع إيمانه بالغيرة بالغيرة تثبت الحدود وبها وقع التحجير في الوجود من غار على الله فهو جاهل بالله فهو الغيور الذي لا يغار عليه فإن الحصر عليه محال ولا يثبت لديه من غار عليه فقد حده ومن حده جعل عينه ضده أو نده من غيرته حرم الفواحش فسلم ولا تناقش‏

[الحر حر وإن مسه الضر والعبد عبد ولو مشى على الضر]

ومن ذلك الحر حر وإن مسه الضر والعبد عبد ولو مشى على الضر من الباب 22و< ما في الوجود حر دون تقييد فالكل عبيد من تقيد بطلب الحقوق فهو مخلوق ولكن بوجه مخصوص دلت عليه النصوص إن الله لا يمل حتى تملوا فارحلوا إن شئتم أو فحلوا قيد نفسه في عقدكم فقال أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وفي هذا إشارة تفسدها العبارة العبودية فينا حقيقة والحرية فينا لا تعطيها الطريقة أين الحرية مع الطلب فالمحروم من حرم الأدب الذي قيل فيه إنه حر ما غضب حتى مسه الضر من اتصف بالتأذي فحكمه حكم المتغذي من كان المدح أحب إليه فقد عرفنا ما هو عليه توسط النهر من قال إن الله هو الدهر ليس في أمان ولا من أهل الايمان من اعتقد أن الدهر الذي ذكره الشرع هو الزمان‏

[تلطيف الكثيف‏]

ومن ذلك تلطيف الكثيف من الباب الأحد والعشرين ومائتين من تلطف التحق وانتقل من رتبة الباطل إلى رتبة الحق بالحق لو لا الكثيف والنور ما وجد الظل وقد وجد فتعين المثل عن المثل انتفت المماثلة فانظر من الذي ماثله النور من الصفات والظل على صورة الذات ولا يكون المثل في الظل إلا بالشكل من نظر إلى ظله عرف أن حكمه في الحركة والسكون من أصله فتحرك بحركته لا بتحريكه لأنه لا يقبل التحريك في سلوكه إن تعددت الأنوار

تعددت صور الظلال فكثرت الأغيار فلكل نور ظل من الجسم الواحد هكذا تراه في الشاهد كلما كثف الجسم تحقق الظل وأصل كل وابل الظل كلما قرب النور من الجسم الكثيف عظيم الظل فلم يتحقق المثل وكلما بعد صغر فحقر

[فتح الأبواب لأهل الحجاب‏]

ومن ذلك فتح الأبواب لأهل الحجاب من الباب 222 العمي حجاب فإنه فائدة في فتح الباب إنما تفتح الأبواب إذا كانت عين الحجاب حينئذ ينفع فتحها ويتنفس صبحها ولا فاتح إلا الله فلا تعتمد في فتحها على سواه يتعلق الخوف بما خلف الباب والباب سبب من جملة الأسباب قد يفتح الباب بالعذاب وقد يفتح ببركة سماوية يحصل بها الاستعذاب والباب واحد ما ثم أمر زائد ولَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً من السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ لا عمى إلا عمى القلوب الَّتِي في الصُّدُورِ ولكن في الصدور وأما الورود فشاهد ومشهود ومن كانَ في هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمى‏ ما جار القائل في قوله وما اعتدى كما نحن اليوم كذلك نكون غدا هذا قول العارف الزاهد المسمى بعبد الفرد لا بعبد الواحد

[الإمامة علامة]

ومن ذلك الإمامة علامة من الباب 223 الإمامة علامة وهي برزخ بين العطب والسلامة فمن عدل غنم ومن جار ما سلم من أقسط نجا ومن قسط كان على رجا صاحب البيعة في نعمة المنعة فلا يوصل إليه ولا يقدر عليه فهو المنصور والواقف على السور فإذا عزل سئل وإذا سئل نصر أو خذل وما دام في سلطانه فلا سبيل إلى خذلانه فالقائم بالحق إذا نطق صدق والقائم بالسيف وإن عدل فهو صاحب حيف لأن الأصل معلول فصاحبه مخذول لا يقوم بالسيف المسلول إلا الرسول فلا تفرح بالترهات وهيهات هيهات الأصل الفاسد يحرم الفوائد المقتصد يستبد والظالم حاكم والسابق لاحق يفوز بالسبق لأنه سبق ومن سعد لم يبعد

[الطلول الدوارس رسوم الأوانس‏]

ومن ذلك الطلول الدوارس رسوم الأوانس من الباب 224 عفت الديار وطمست الآثار برحيل الأحباب إلى حسن المآب أثر الحبائب جوار الواهب وتخلف العاشق يكابد المضايق بقطع العلائق وطرح العوائق فما ينفك من عائق إلا يظهر لعينه عابق ما دام في محل الأنفاس ومحبس الالتباس فإذا دعاه الجليل إلى الرحيل جاء سراجه واتقد مصباحه فظهر له الحجاب المستور بهذا النور فلحق بالأحباب وقيل له هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ فاز بمطلوبه من اتصل بمحبوبه ولقد نجا من إلى الله التجأ فعمرت الديار بسكانها ولحق بالوجوب عين إمكانها فبقي محب ومحبوب وزال طالب ومطلوب‏

[القابض عارض‏]

ومن ذلك القابض عارض من الباب 225 ما خرج عن الملك شي‏ء حتى يحكم فيه القبض وإنما يقال ذلك بالفرض السموات والأرض جميعا فرضته ومن فيهما وهما بالدليل الواضح قبضته فما تتصرف فيه الأفعال بماض ومستقبل وحال بل هو القابض لا بالحكم العارض ما خرج شي‏ء عنه فالكل به وإليه ومنه‏

الطي لي‏

ومطل الغني ظلم‏

والاستناد إليه غنم لا يقال مطل فيمن كان أداؤه إلى أجل ولو كان أغنى الناس وهنا وقع الالتباس الحق له الغني ومن أقرضه بلغ المنى ودع اللجاج فما هو محتاج أنت من جملة خزائنه فما خرج الشي‏ء عن معادنه فما أعطى إلا من خزانته لما أعطته حقيقة مكانته وحصلت أنت على الأجران فهمت الأمر

[الباسط قاسط]

ومن ذلك الباسط قاسط من الباب 226 المقسط والقاسط استويا في العدول على ما تعطيه الأصول فإن كل واحد منهما مائل فهو عادل ولذا سمي القاسط جائر أو لم يكن للعادل مغايرا فالصفة واحدة فكيف حرم الفائدة بان الصبح لذي عينين لما هداه النجدين وأقيم المكلف في الوسط فمنهم من أقسط ومنهم من قسط فالمقسط أخذ ذات اليمين فارتفع إلى عليين والقاسط أخذ ذات الشمال فنزل إلى سجين فما عدل بكل واحد سوى طريقه وطريقه ما خرج عن حكم تحقيقه فالطريق ساقة وقاده إما إلى‏

شقاء وإما إلى سعادة فاعرف الطريق *** واختر الرفيق تنج من عذاب الحريق‏

[الفناء في الفناء]

ومن ذلك الفناء في الفناء من الباب 227 أكرم العرب أنتنهم عذرة إذا كان له ما يجود به وإلا كانت المعذرة ما يكثر الوراد إلا على أرباب الإرفاد الأجواد البخيل بابه مغلق والجواد جوده مطلق إذا فنى الكريم عن جوده في حال جوده فهو الدليل على صحة وجده ووجوده لا تقل في الجواد إنه بخل إذا منع من سئل منع الجواد الناصح عطاء وكشف الجاهل بالأمر غطاء فإن الجواد العالم عطاؤه نعمة

ومنعه لحكمه فلا يتهم رب الكرم كيف يتهم الفاني أنه بخيل بالفاني وهو إذا آمن باللقاء فما جعل أعطيته إلا في خزانة البقاء من نقل ما له من خزانته إلى خزانته كيف يقال بعلو منزلته في الجود ومكانته فما خزن من ماله اختزن فلا كريم إلا القديم‏

[الباقي يلاقي‏]

ومن ذلك الباقي يلاقي من الباب 228 عظمت بالكرم مكانتي وما خرج شي‏ء من خزانتي لو لم يكن إلا الثناء فما ثم بيع ولا شراء لا يقال في التاجر إلا بار وفاجر ولا يوصف بالكرم فما في الوجود إلا تاجر لمن فهم ما شي‏ء أحب إلى الله من أن يمدح وما يمدح إلا بما منح فما جاد الكريم إلا على ذاته بما يحمده من صفاته وانتفع العير بالعوض بحكم العرض وإن سعى الكريم في إيصال الراحة للمعطي ونفعه فلجهله بعطائه ومنعه فمن كرم وجاد وتخيل أن له فضلا على العباد فما جاد فإن الإحسان تبطله المنة مع طلب الامتنان والمنة أذى فاعلم ذا

[الجامع واسع‏]

ومن ذلك الجامع واسع من الباب 229 لو لم يكن في الجامع اتساع ما كان جامعا بالإجماع قلب المؤمن جامع للواسع فغاية اتساعه على مقداره واتساعه على قدر أنواره فتجول الأبصار على قدر ما تكشف له الأنوار ويكون السرور على قدر ما يحصل لك من الكشف بذلك النور الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ فقد عم الرفع والخفض فصاحب البصر الحديد يدرك به ما يريد ولهذا إرادة المحدث قاصره ودائرته ضيقة متقاصرة أ لا تراه ألبسه على ما قلناه‏

في الخبر فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

وهي جنة محصورة والأمور فيها مقصورة فكيف بمن لا يأخذه حصر ولا يسعه قصر كيف ينضبط شأنه أو يحد مكانه من مكانه عينه جهل ولو عرف كونه‏

[الطارق مفارق‏]

ومن ذلك الطارق مفارق من الباب 23و< الطارق هو الآتي ليلا يبتغي نيلا الصائد نهارا وليلا تفاءلا باسمهما ليجمع بينهما فيقطع النهار صياما والليل قياما فما قصدهما بالذكر دون سائر الطير إلا لما يكون فيهما من الخير يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ تحصلوا على جزيل النيل النهار معاش والليل رياش فليكن قوتك في معاشك الله ورياشك زينة الله كذا قال سهل وهو للسيادة أهل قيل له ما القوت قال الله قيل له إنما سألناك عن الغذاء قال الله قيل له الذي يقوم به هذه البنية قال ما لكم ولها دع الدار إلى بانيها إن شاء عمرها وإن شاء خربها وما تقوم إلا بالله فالعارف يقول في هذا الغذاء ألغ ذا

[الحكيم له التحكيم‏]

ومن ذلك الحكيم له التحكيم من الباب الأحد والثلاثين ومائتين يعلم ما تعطيه المواطن في الظواهر والبواطن لأنه الثابت القاطن يعطي كل ذي حق حقه اقتداء بربه الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فالعارف بسره وقلبه من تأسى بربه العدل من شيمه والقبول والإقبال من كرمه لا يتعدى الحكيم ما رتبه القديم العليم من عرف الحكم تحكم ومن يعرف الحكم حكم هو القاضي وإن لم يلي وهو النبي وإن دعي بالولي إشارة الولي في اللفظ لي ومن كان له فقد بلغ أمله فما حكم به الولي في الخلق أمضاه الحق وإن رده الحاكم الجائر فقد رد كلام الواحد القاهر فلا يلتفت إلى رده فإنه من صدق وعده وهو لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ فلا بد من رد أهل الإلحاد العقد الصحيح إن كل ما سوى الله ريح كان بعض مشايخنا يقول من باب الإشارة فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ الريح تهب ولا تثبت فأثبت ومن ذلك الفوائد في الزوائد من الباب 232 قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً تزدد حكما من علم يرجع إليه فتوكل في تحصيله عليه إنما سميت بالزوائد لأنه ما زاد على الواحد فهو زائد وكل زائد واحد فما زاد عليه سوى نفسه فقل بالشخص لا بنوعه وجنسه فإن راعيت أحدية الكثرة فقد نبهناك على ذلك غير مرة زوائد الحروف عشرة كالمقولات الجامعة بين العلل والمعلومات وقد أودعناها باب النفس بفتح الفاء من هذا الكتاب بين إيجاز وإسهاب وحروف الزوائد أسلمني وتاه فانظر ما أحسن هذا الجمع بالله ما أحسن ما جمع ولقد قال فصدع تاه المعروف والعارف فأين المعارف تاه المعروف من التيه وتيه العارف بحيرته فيه أسلم العارف لنفسه فأراد أن يلحقه بجنسه فلما تحقق علم أنه ما يلحق فأسلمه بأن قال لا أحصي ثناء عليك فهذه بضاعتك رددناها إليك‏

[الإرادة مستفادة]

ومن ذلك الإرادة مستفادة من الباب 233 الإرادة صفة اختصاص فلها المباص والمناص ولهذا وصف نفسه بالمقدم والمؤخر

وتسمى بالأول والآخر وقد كان ولا شي‏ء معه فهو السابق وهو الذي يصلي علينا فهو اللاحق فالمنحة الإلهية والإفادة لا تكون إلا لأهل الإرادة والقائل في حد الإرادة بترك ما عليه العادة جهل من قائله فإنه ما ثم عادة لأنها من الإعادة وما في الوجود أعاده من أغاليط النفس القول برجوع الشمس وما رجعت ولا نزلت ولا ارتفعت هي في فلكها سابحة غادية رائحة غدوها ورواحها حكم البصر وما يعطيه في الكرة النظر قرأ ابن مسعود والشمس تجري لا مستقر لها وقرأ غيره لِمُسْتَقَرٍّ لَها وكل ذلك صحيح لمن تأمل فيا أيها الطالب تأمل‏

لها قرار ما لها *** يا ليت شعري ما لها

لا شك أن ربنا *** بذلكم أَوْحى‏ لَها

لو عرفوا مقرها *** ما زلزلوا زلزالها

أخرجت الشمس لنا *** من أرضها أثقالها

من كل نور حسن *** جرت به أذيالها

تيها وعجبا ولذا *** قد قيل أيضا ما لها

ما قال شخص ما لها *** حتى رأى مقالها

فيا لها من قالة *** قد قالها من قالها

رأيت فيها هديها *** كما رأت ضلالها

ضلالها حيرتها *** فلا تقولوا ما لها

[المراد منقاد]

ومن ذلك المراد منقاد من الباب 234 من كان سهل القياد خيف عليه الفساد وأمن من العناد وما وثق به السيد ولا العباد كل من أخذ بزمامه قاده إما إلى شقاوة أو سعادة فمن طرفه طموح فهو اللين الجموح ما يسعد المنقاد إلا بالإنفاق فما الانقياد من مكارم الأخلاق وإنما قيل في المراد منقاد في طريق العارفين والعباد لأن قائدهم الحق وهو القائد المشفق فهانت عليه التكاليف وتصرف بالتذاذ في جميع التصاريف فسلك الطريق بلذة مستلذة فالمراد منقاد لما به يراد فمن أغاليط القوم ما رفعوه عن المراد من اللؤم حيث كان سهل الانقياد فألحقوه بالأجواد فحكم العلم تغنم وتسلم‏

[المريد من يجد في القرآن ما يريد]

ومن ذلك المريد من يجد في القرآن ما يريد من الباب 235 كان شيخنا أبو مدين يقول المريد من يجد في القرآن كل ما يريد ولقد صدق في قوله الشيخ العارف لأن الله يقول ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْ‏ءٍ فقد حوى جميع المعارف وأحاط بما في العلم الإلهي من المواقف وإن لم تتناهى فقد أحاط علما بها وبأنها لا تتناهى فاسترسل عليها علمه وأظهرها عن التتالي حكمه إلى غير أمد بل لأبد الأبد فالمريد المكين من يقول لما يريد كُنْ فَيَكُونُ فمن لم يكن له هذا المقام فما هو مريد والسلام من كانت إرادته قاصرة وهمته متقاصرة لا يتميز عن سائر العبيد فهذا معنى المريد فإن احتجبت بقوله إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ فما أصبت العلام من ينتقل من مقام إلى مقام ذلك حكم الدار وأين دار البوار من دار القرار

[من أهمه نفوذ ألهمه‏]

ومن ذلك من أهمه نفوذ ألهمه من الباب 236 صاحب ألهمه لا تنفذ له همه لأن همه فيما أهمه هو بحكم لدار فلا يزال يبحث عن الآثار ويتلقى الركبان ويسأل عما كان ويعرف أن لنفوذ الهمة دارا تختص بها وهنا يعتصم بحبلها وسببها إذا كانت الهمة عالية لا يظهر لها أثر في الفانية فإنها تفني بفنائها وترحل عن فنائها وتعلقت بالباقية وتعملت الأسباب الواقية فمشهوده اللمة وفيها يصرف حكم الهمة فلا يزال يسعى في نجاته ويرقى في كل نفس في درجاته إلى أن ينتهي في الترقي إلى الواحد العلي وليس بعد الواحد بما يعطيه الطريق الأمم إلا الثاني أو العدم والعدم محال والثاني ضلال فما بقي الشاهد إلا الواحد فعليه اعتكف وعنه لا تنصرف‏

[الاغتراب تباب‏]

ومن ذلك الاغتراب تباب من الباب 237 الغربة مفتاح الكرب ولولاها ما كانت القرب القريب هو الغريب وهو الحبيب ولا يقال في الحبيب إنه غريب هو للمحب عينه وذاته وأسماؤه وصفاته لا نظر له إليه فإنه ليس شيئا زائدا عليه ما هو عنه بمعزل وما هو له بمنزل قيل لقيس ليلى من أنت قال ليلى قيل له من ليلى قال ليلى فما ظهر له عين في هذا البين فما بقي اغتراب فإنه في تباب فقد عينه وزال كونه العشاق لا يتصفون بالشوق والاشتياق الشوق إلى غائب وما ثم غائب من كان الحق سمعه كيف يطلبه ومن كان لسانه كيف يعتبه فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ وما ثم أين عند من تحقق بالعين‏

[الشاكر ماكر]

ومن ذلك الشاكر ماكر من الباب 238 كيف يمدح بالشكر من شكره عين المكر من أوصل حقا إلى مستحقه فقد أدى إليه واجب حقه فعلى ما وقع الشكر ولا فضل لعدم البذل فلو صح البذل لثبت الفضل ولو ثبت الفضل‏

لتعين الشكر ولو تعين الشكر لزال المكر فلا بذل فلا فضل فمن شكر مكر لذا قرن الله الزيادة بالشكر لما فيها من المكر فناط به الزيادة وخاطب بذلك عباده فقال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ وما قال لأنقصنكم فاشكر للمزيد في حق الحق والعبيد فإذا شكر الحق زاد العبد في عمله وإذا شكر العبد زاده الحق فوق أمله بقول الله يخاطب عباده لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وزِيادَةٌ وهي جزاء الشكر فلا تأمن المكر

[الغرام اصطلام‏]

ومن ذلك الغرام اصطلام من الباب 239 نار المحبة لا تخمد ودمعها لا تنفد وقلقه لا يبعد وحرقه لا يبعد في التراب ينام وإن كان صاحب اصطلام فإن الغرام رغام الذلة بالمحب صاحب الغرام منوطة والمسكنة به مشروطه ونفسه أبدا مقبوضة غير مبسوطة وعقده براحات الأماني أنشوطه يسرع إليها الانحلال وهي وإن كانت مقيمة في زوال فهي كالظل إذا فاء وكالقاصر المشية إذا شاء الاصطلام نار لها اضطرام تشعلها الأهواء إلا أنه تطفئها بتواليها الأنواء فتلحقها بالرغام فلذلك حكمنا بالاصطلام على المنعوت بين المحبين بالغرام‏

[الراغب طالب‏]

ومن ذلك الراغب طالب من الباب 24و< كم بين الرغبة عنه والرغبة فيه عبد مصطفى وعبد لا يصطفيه عناية أزلية بسعادة أبدية وخذلان سبق وكل ذلك حق أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد فجمع بين المطرود والمجتبى ومن أطاع ومن أبى في عبودية القصاص لا في عبودة الاختصاص عبد يصلح الله بينه وبين خصمه فيسعده وعبد يأمر به إلى النار بعدله وحكمه فيبعده مع القول بعدم الاستحقاق ومفارقة الوفاق وكلاهما عاصيان وما هما سيان يا ليت شعري لم كان ذلك عاص ناج وعاص هالك عبدان لمالك واحد وما ثم أمر زائد إن كان لعمارة الدار فلما ذا يخرج بالشفاعة ولا يبقى مع الجماعة ما ذاك إلا لما قيل في بعض الأشعار ماء ونار ما التقيا إلا لأمر كبار ومن ذلك‏

قول العلام لا رهبانية في الإسلام‏

من الباب الأحد والأربعين ومائتين الراهب يترك بحكم الحق وما انقطع إليه ولم يكفره بل سلم له ما هو عليه ما ذاك إلا لانفراده وانتزاحه عن عباده فأنبأنا هذا الدليل الواضح أن التكليف شرع للمصالح فلو دخل مع الجماعة في العمل لا لحقه في الحكم ممن أسر وقتل فلا تتعرضوا لأصحاب الصوامع فإن نفوسهم سوامع تَرى‏ أَعْيُنَهُمْ عند السمع تَفِيضُ من الدَّمْعِ ما لهم علم بما هم عليه الناس من الالتباس تجنبوا الحيف وتدرعوا بالخوف وتركوا نجدا واستوطنوا الخيف لمعرفتهم ضعفهم وعدم قوتهم فاختاروا السهل من الأرض وقالوا هذا هو الفرض فإن الحق أمر في الدين بالرفق فمن رفق بنفسه فقد وفاها ما عين الحق لها وما جار عليها وما خذلها فمن رهب سلم وما عطب‏

[التوصل توسل‏]

ومن ذلك التوصل توسل من الباب 242 الفضيلة عند من ابتغى إلى الله الوسيلة في التعمل وإن لم يعمل تحصيل ما لديه مع كونه ما وصل إليه ما تحصل نتيجة العمل لمن لم يعمل إلا لمن اجتهد ولم يكسل وأما مع الكسل فما وصل ولا توصل ابذل المجهود وما عليك أن لا تتصف بالوجود أنت الواجد وإن لم تعرف عند الذائق المنصف لما لم يعمل جهل الميزان فجهل ما وجده لعدم معرفة الأوزان وما علم ما حصل له بذل المجهود من الوجود فهو علم ذوق لا يؤكل إلا من فوق ولو أكل من تحت رجله لوزنه من العمل بمثله فعلم قدره وعرف أمره فالتعمل من إقامة الكتب وبه تحصل الرتب‏

[الوجد فقد]

ومن ذلك الوجد فقد من الباب 243 الوجد فجأة فتح الباب فإن كان عن تواجد فهو حجاب من لم يجد لم يجد لا بل من لم يجد لم يجد دليل الكرم البذل وبرهان العدل إعطاء الفضل وهو الأتم عند أصحاب الهمم فما أعطى الله إلا الفضل الذي قال فيه وابْتَغُوا من فَضْلِ الله ولهذه الآثار استحال عليه الإيثار فعطاء الله كله فضل وهو أعلى البذل من آثر على نفسه فهو الخاسر وإن نجا فإنه ترك الأولى عند ما وقع إليه الالتجاء لو كان مؤمنا لعلم أنه قد باع نفسه من الله والمبيوع لمن اشتراه وحق الله أحق من حق الخلق لكن الدعوى أوقعته في هذه البلوى فسمي مؤثرا وميز مؤثرا والجار أحق بصقبه والصدقة مضاعفة في رحمه ونسبه‏

[من شهد وجد]

ومن ذلك من شهد وجد من الباب 244 ما حصل على الوجود إلا من زهد في الموجود من رأى للكون عينا مستقلة فهو صاحب علة وليس بصاحب نحلة ما قال بالعلل إلا القائل بأن العالم لم يزل فإني للعالم بالقدم وما له في الوجوب النفسي الوجودي قدم إنما له الرتبة الثانية وهي الباقية الفانية

لو ثبت للعالم القدم لاستحال عليه العدم والعدم ممكن بل واقع عند العالم الجامع لكن أكثر العبيد في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ فما عرف تجدد الأعيان إلا أهل الحسبان وأثبت ذلك الأشعري في العرض وتخيل الفيلسوف فيه أنه صاحب مرض فجهله بسواد الزنجي وصفرة الذهب وذهب به مثل هذا المذهب‏

[من عنت فقد وقت‏]

ومن ذلك من عنت فقد وقت من الباب 245 الوقت سيف ومنه الخوف كل الخوف زمانك حالك وفي إقامتك ارتحالك‏

فسيرك يا هذا كسير سفينة *** بقوم قعود والقلاع تطير

المسافر بمركبه جاهل بمذهبه رحله ريح بالمكان الفسيح رأسه في الماء ورجلاه في الهواء فمشيه مقلوب وهو المطلوب لو لا قلبه ما مشى ولو لا قلبه ما وشى إلا لراحة قلبه وما علم ما احتقبه من ذنبه لو كتم العبد سرا ما قيل له لقد جئت شَيْئاً إِمْراً ولا جئت شَيْئاً نُكْراً ولا أقام لذلك عذرا حتى قال ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً فلو ترك السر مخزونا ما كان الكليم مفتونا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ عن ذوق مع شدة الشوق‏

[لا تهب لما تغلب‏]

ومن ذلك لا تهب لما تغلب من الباب 246 من هابك غلبته ومن استضعفك قويته الهيبة خيبه ولا تكون إلا مع الغيبة الظهور للحضور ما طاب من هاب ومن هاب لم يلتذ بوصال الأحباب بل هو في عذاب جمعه كفرقه وحقه في حقه لا تهاب خوفا من الذهاب لو كان للمهابة حكم ما تجلى ولا رؤي عبد بأسمائه تحلى ولا قيل في عبد إنه بربه تخلى ولا دنا ولا تدلى ولا نزل إلى قوله فَأَعْرِضْ عَنْ من تَوَلَّى ما ثم سوى عينك فلا تكن جاهلا بكونك لا تَغْلُوا في دِينِكُمْ ولا تَقُولُوا عَلَى الله إِلَّا الْحَقَّ فقد الحق الخلق بالحق قال أين هذا التعالي وما ثم أعلى من الله المتعالي فالنزول علو والبعد دنو

[الأنس في الياس‏]

ومن ذلك الأنس في الياس من الباب 247 العذاب الحاضر تعلق الخاطر من يئس استراح وحرج من القيد وراح الأنس بالمشاكل والمشاكل مماثل والمثل ضد والضدية بعد والأنس بالقرب فما ثم أنس ليس في الأنس خير لما فيه من إثبات الغير من أنس بنفسه فقد جعلها أجنبية وهذا غاية النفس الآبية ومن تغرب عن نفسه جهل في جنسه واستوحش في أنسه الأنس بالأنس لا يكون إلا لمغبون والكتاب المكنون لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وما ثم إلا الجنة وهم منا في أجنة فهم أهل الكمون وعما نالهم كالبطون هو أعلم لكم إِذْ أَنْشَأَكُمْ من الْأَرْضِ بأبيكم وإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ببنيكم فأين التزكية مع هذه التخلية

[من جل مل‏]

ومن ذلك من جل مل من الباب 248 الاستبلال لا يرد إلا على الاعتلال ومن قال بالحلول فهو معلول وهو مرض لا دواء لدائه ولا طبيب يسعى في شفائه مريض الكون إذا بل أعل فإن الحدوث له لازم به وقائم فمرضه دائم لا يزال على فراشه ملقى ومن سهام نوائب زمانه غير موقى فلا يزال غرضا مائلا وهدفا نائلا فهو الصحيح العليل والكثيب المهيل علته صحيحه وألسن عباراتها بالحال عنها فصيحة فإن كان الحق قواه فقد بري‏ء من علته وقواه فإن الحق سمعه فانجبر صدعه وإنه بصره فقد نفذ نظره وإنه لسانه فقد فهم بيانه وإنه رجله فقد استقام ميلة وإنه يده فما يطلب من يعضده فمن عرف هذه النحل فقد بري‏ء من جميع العلل فالله شفاؤه وهو داؤه فالمتكبر مقصوم ومن كان الحق صفته فهو معصوم‏

[من تجمل استعمل‏]

ومن ذلك من تجمل استعمل من الباب 249 المتجمل مؤتمن ولهذا يغتبن يظهر الجمال وإن كان كاسف البال التجمل مروة ولا يكون إلا من أهل الفتوة من ألحق البنوة بالنبوة فقد ضاعف الله سموه العلو زيادة في الواجب في أصح المذاهب الهيبة من آثار الجمال على كل حال الجمال محبوب وهو أعز مصحوب من صحبه الجمال لم يزل في اعتلال من زاد شهوده في غلته زاد في علته‏

إن الله جميل يحب الجمال‏

فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ وإنما ضرب الله تعالى لنفسه الأمثال لأنه يعلم ونحن لا نعلم ومن أعلمه الله فليكتم لئلا يجرأ فيأثم فاستعذ بالله من المغرم والمأثم كما استعاذ به من ثم‏

[ما مال من اتصف بالكمال‏]

ومن ذلك ما مال من اتصف بالكمال من الباب 25و< الكمال في البرزخ وهو المقام الأشمخ لو مال ما اتصف بالاعتدال مرج البحرين بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ومن البغي ما هو طغيان من بغي طغى من بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ الله ولو بعد حين ف اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فإذا أتاك جاء النصر فترمي الباغي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ فتخرج من المكان الأضيق إلى المنزل الأفيح والشذا الأعطر الأفوح فعطر النادي ذلك الشذا

وقال المنادي من ذا فقال هذا الذي بغي عليه قد نزل الحق إليه فأكرمه بنزوله وشرف محله بحلوله فوسعه وقد ضاق عنه المتسع وكان الفضاء الأوسع‏

فعلمنا من خفي حكمته أن قلب المؤمن أوسع من رحمته‏

مع أنه من الأشياء التي وسعته ومن الأمور التي جمعته فما وسعه إلا بها وكماله بسببها

[من طاب غاب‏]

ومن ذلك من طاب غاب من الباب الأحد والخمسين ومائتين 251 من سمع طاب ومن طاب غاب والغائب آئب فإنه في أوبته إلى ربه ذاهب فإنه تركه في الأهل خليفة شفقة عليهم وحذر أو خيفة وما خاف عليهم إلا منه لأنه ما يصدر شي‏ء إلا عنه إذا كان السيد راعي الغنم فما جار وما ظلم وما ينال منها إلا ما يقوته وقوته ما يفوته قوته آثار أسمائه في عباده وبها عمارة بلاده فحراثة وزراعة وتجارة وبضاعة لذلك وصف باليدين وأظهر في الكون النجدين فالواحدة بائعة والأخرى مبتاعة إلى قيام الساعة ولكل يد طريق هذا هو التحقيق فإن حكم المشتري ما هو حكم البائع وهذا ما لا شك فيه من غير مانع ولا منازع آئبون تائبون وهو التواب وإليه المآب‏

[من حضر نظر]

ومن ذلك من حضر نظر من الباب 252 الحضور أين وما ثم سوى عين عين لا يحصرها ظرف ولا يسعها حرف نزل لها بذاتها عليها وما يخرج منها وينزل يعرج إليها وهذه عبارات تطلب الأينية وتثبت البينية وهذا هو بعينه اعتقاد الثنوية وأنت تقول الأمر واحد وقد كذبك الشاهد فالعروج والنزول يطلب الطريق وليس هذا في الإلهيات منهج التحقق وقد ورد فلا بد من معرفة ما قصد فإن القول الإلهي حق وكلامه صدق ولا بد من أذن واعية لهذه الداعية وما خاطب بها إلا الحاضر فهو الناظر فإن كان السامع غير القائل فلا بد أن يصيب ويخطئ وإن كان عين القائل فصوابه يسرع ولا يبطى‏ء بل كلامه عين جوابه فهو المتكلم السامع في أحبابه‏

[من فكر سكر]

ومن ذلك من فكر سكر من الباب 253 الفكرة سكرة إلا أن شرابها ممزوج وخلقها مخدوج وليس الخداج إلا من المزاج وهذا شراب الأبرار ومعاطاة الفجار عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ الله يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً وتفجيرهم إياها عين المزاج لمن كان بما قلته خبيرا فلو جرت من غير تفجير من كونه على كل شي‏ء قدير لكان شراب المقربين الآتي من تَسْنِيمٍ على البار المنعم بالتنعيم فبين المقرب والبار ما بين الأعين والآثار الآثار تدل والعين تشهد ولا نمل الباب قد فتح والواهب قد منح والأمر قد شرح فظهرت خفايا الأمور في شرح الصدور انشرحت معانيها وهي ما حصل الحق فيها فلاحت المخبآت عند رفع الكلل وهي ما ظهر في العالم من النحل في الاعتقادات والملل فانظر واستر

[من نحا صحا]

ومن ذلك من نحا صحا من الباب 254 لا يزهد في فكرته إلا من صحا من سكرته ما كل شراب مسكر ولا كل قول منكر وما كل مزاج يشكر ولا كل سامع ينكر الإنكار من ضيق العطن فكن اللبيب الفطن وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً وضع لكل نازلة حكما فإن الله كذا شرع فاتبع فقد أصاب من اتبع من تأسى بالحق أصاب على أنه مصاب حيث رآه غير أو اعتقد شرا وخيرا فتلا فرقانا لا قرآنا فمن قرأ استبرأ ومن تلا الفرقان فهو صاحب نظر في برهان فلا بد من الحيرة لأنه أثبت غيره ومن هنا اتصف من اتصف بالغيرة إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً يخاطب مؤمنا وإيمانا ما أيه إلا بالمؤمن والناس والمؤتين ما أيه بأصحاب العين انتهى السفر الرابع والثلاثون يتلوه الخامس والثلاثون‏

[من جاء من فوق فهو صاحب ذوق‏]

ومن ذلك من جاء من فوق فهو صاحب ذوق من الباب 255 هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ حكم عرشه في مهاده فلا يعرف علم الفوق إلا بالذوق وهو لمن أقام الكتب وميز الرتب وأما من أقامها وما ميز أعلامها أكل من تحت رجله مما تيقن أنه من رجله وهذا حال الورعين المطيعين يأكلون من كسب أيديهم ولهذا لا يكتسبون من العلم إلا ما سمعوه في ناديهم فيعلم بعضهم بعضا ويقرضون الله قرضا وهؤلاء أتباع الرسل وأصحاب السبل وأما الرسل فهم أصحاب الأطواق ولهم الأذواق فهم على بصيرة ومن اتبعهم مثلهم في دعواهم فهم على أحسن سيرة فهم في جَنَّاتٍ ونَهَرٍ أي في ستر وسعة لما عندهم من الدعة في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ في حضرة منيعة لا يصل إليها

أهل الاكتساب بل هي مختصة بالأحباب‏

[من شرب طرب‏]

ومن ذلك من شرب طرب من الباب 256 لا يطرب الشارب إلا إذا شرب خمرا وإذا شرب خمرا فقد جاء شيئا إمرا لأنه يخامر العقول فيحول بينها وبين الأفكار فيجعل العواقب في الأخبار فيبدي الأسرار برفع الأستار فحرمت في الدنيا لعظم شأنها وقوة سلطانها وهي لذة للشاربين حيث كانت ولهذا عزت وما هانت في الدنيا محرمة وفي الآخرة مكرمة هي ألذ أنهار الجنان ولها مقام الإحسان عطاؤها أجزل العطاء ولهذا يقول من أصابه حكمها وما أخطأ

فإذا سكرت فإنني *** رب الخورنق والسرير

وهو صادق وإذا فارقه حكمها وعفا عنه رسمها يقول أيضا ويصدق وقال الحق‏

وإذا صحوت فإنني *** رب الشويهة والبعير

وهذا المقام أعلى لأنه رب الحيوان فتفطن لهذا الميزان‏

[من ارتوى غوى‏]

ومن ذلك من ارتوى غوى من الباب 257 من ارتوى غوى ومن غوى هوى أ لا تراه أهبط وفي يديه سقط فاستدرك الغلط حين هبط فتلقى من ربه ما تلقاه من الكلمات فتاب ففاز بحسن المآب لأنه ما يقصد انتهاك الحرمة ولا الخروج من النور إلى الظلمة مخالفة العارف تحفه ولو ساقت إليه حتفه فصاحب التحف من الآمنين في الغرف فإن من شرف العلم أن يعطي العالم كل مرتبة ما لها من الحكم ومن علم السر أن لا يقطع العالم به على ربه عز وجل بأمر فإن قطع وحكم فقد جهل وظلم ومع أنه ما عصى إلا بعلمه ولا خولف إلا بحكمه لا يقول ذلك العاصي وإن اعتقده وكان ممن اطلع عليه وشهده وكذلك حكم من أطاعه إلى قيام الساعة فالعلماء هم الحكام والحكماء لا يتعدون بالسلعة قيمتها ولا بكل نشأة شيمتها لو لا ذلك الارتواء ما كانت الأنبياء ولا فرق في الأحكام بين الأعداء والأولياء ولا عرفت المراتب ولا شرعت المذاهب ولا كانت التكاليف ولا حكمت التصاريف ولا كان أجل مسمى ولا تميز البصير من الأعمى‏

[من لم يرتو من مائه لم يكن من أنبيائه‏]

ومن ذلك من لم يرتو من مائه لم يكن من أنبيائه من الباب 258 من شرب من الماء حيي حياة العلماء ومن شرب اللبن تميز في رجال اليمن ومن شرب العسل المصفى كان في وحيه ممن وفى ومن شرب الخمر لم يكتم الأمر الخمر للسماح واللبن للافصاح والماء لحياة الأرواح والعسل علم أصحاب الجناح فهو العلم الصراح قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وحققوا مذهبهم جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وثُلاثَ ورُباعَ يَزِيدُ في الْخَلْقِ ما يَشاءُ وواضع في المعارج سبلا فلها النقص والمشاء لو شرب الخمر لضلت الأمة وغوت بإظهار ما عليه حوت والدنيا دار حجاب فلا بد من غلق الباب ولا بد من الحجاب وهم الرسل أولو الألباب فبعثة الرسل لتعيين السبل وإقامة الخلفاء في الأرض من القرض ليشوقوا النفوس المحجوبة بما وصفوه وما شرعوه من الأمور المطلوبة

[من محى رسمه زال اسمه‏]

ومن ذلك من محى رسمه زال اسمه من الباب 259 صنعت الترياقات لرفع ضرر السموم وسكنت إلا هو البقاء السموم وعينت الأحكام لبقاء الرسوم فهي عصمة للأرواح إلى أن توفي تدبير هذه الأشباح فإذا فرغ قبولها وحصل لها من رسولها سؤلها وانقضى زمان التدبير وانكسر وعاء الإكسير ووقع الاشتياق إلى لقاء الغياب ومشاهدة الأحباب جاء الموت بما فيه من تلافيه فأخلي البلد وفرق بين الروح والجسد ورد كل شي‏ء إلى أصله وجمع بينه وبين أقاربه وأهله فالحق الجسم مع أترابه بترابه وعرج بالروح المشبه في الإضاءة بيوح فألحقه بالروح المضاف إليه ونزل به عليه وتلك حضرة قدسه ومجلس أنسه فقبله وقبله وبادر إليه عند قدومه واستقبله فالسعيد أعطاه أمله والشقي تركه وخذله‏

[من أعطى الثبات أمن البيات‏]

ومن ذلك من أعطى الثبات أمن البيات من الباب 26و< من لم يخف البيات أصبح في الأموات يا أيها الأصفياء لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ لا تلقوا إليهم بالمودة وأعطوا لكل ذي عهد منهم عهده أثبت على دينك واحذر منهم أن يؤثروا في يقينك من دان بالصليب لحق بأهل القليب لا تشرك بالله أحدا واتخذ التوحيد سندا ما للحريد فديد لعدم السامع من الوجود كيف له بالصوت وقد اتصف بالموت ينسب إلى الميت الكلام كنسبته إلى النيام يقول ويقال له وما يسمع اليقظان إلى جنبه زجله‏

وتحصل الفوائد ويمشي حكمه في الغائب والشاهد بهذا جرت العوائد ولا صوت يسمع ولا حروف تؤلف وتجمع وقد أصم المنادي أذان أهل الندى في النادي فالثابت الجنان من آمن بما يكذبه العيان‏

[الستر في الوتر]

ومن ذلك الستر في الوتر من الباب 261 العقل معقول بمن عقله فهو ستر لأنه لا يقدر على السراح قيد فتر هو رابط مربوط بالكون والهوى في السراح يشاهد العين الهوى يضل من اتبعه عن سبيل الله لا عن الله لأنه من جملة الملكوت فهو بيد الله ولو لم يكن الأمر هكذا للحق به الأذى لو لا طلبه السيد بالستر ما تقيد بالوتر وهو في الوجود عين كل موجود أ لا ترى إلى صاحب الشرع كيف تعدى بوتره من الواحد إلى الجمع أ لا ترى إلى الحق يشفع الأوتار ويوتر الأشفاع بالإجماع للهوى السراح والسماح وله لكل باب مفتاح وهو الذي يتولى فتحه فتسمى بالفتاح سلطانه في الدنيا والآخرة ولكن ظهوره في الحافرة فما هي لا هل السعادة كرة خاسرة ولا تجارة بائرة لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وليست الشهوة سوى الهوى ومن هوى فقد هوى لهذا قيل في العاشق ما عليه من سبيل وإن ضل عن السبيل‏

[المقام الأجلى في المجلى‏]

ومن ذلك المقام الأجلى في المجلى من الباب 262 في المجلى تذهب العقول والألباب وهو للأولياء العارفين والأحباب‏

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى *** ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى‏

وما ثم غيره فالأمر أمره العقل محتاج إليه وخديم بين يديه له التصريف والاستقامة والتحريف عم حكمه لما عظم علمه فضل عليه العقل بالنظر الفكري والنقل ما حجبه عن القلوب إلا اسمه وما ثم إلا قضاؤه وحكمه‏

ما سمي العقل إلا من تعقله *** ولا الهوى بالهوى إلا من اللدد

إن الهوى صفة والحق يعلمها *** يضل عن منهج التشريع في حيد

هو الإرادة لا أكني فتجهله *** لولاه ما رمى الشيطان بالحسد

والعقل ينزل عن هذا المقام فما *** له به قدم فانظره يا سندي‏

له النفوذ ولا يدري به أحد *** له التحكم في الأرواح والجسد

هو الذي خافت الألباب سطوته *** هو الأمين الذي قد خص بالبلد

[من محق هلاله صح نواله‏]

ومن ذلك من محق هلاله صح نواله من الباب 263 ليس لأهل الجنان عقل يعرف أنما هو هوى وشهوة يتصرف العقل في أهل النار مقيله وبه يكثر حزن الساكن بها وعويله لما ساء سبيله العقل من صفات الخلق ولهذا لم يتصف به الحق ولو لا ما حصر الشرع في الدنيا تصرف الشهوة ما كان للعقل جلوة فما عرف حقيقة العقل غير سهل فعين ما له من الأهل قيد المكلف بالتكليف عن التصريف فإذا ارتفع التحجير بقي البشير وزال النذير وتأخر العقل لتاخر النقل إذا محق الهلال فأنت الظلال وفي محاقه عين كماله في حضرة إقباله كما كان كماله في إبداره لأدباره فالأمر بين الحق والخلق مناصفة والوثيقة التي بيننا وبينه وثيقة مواصفة فما له فليس لنا وما ليس له فهو لنا

[من بدر فقد أبدر]

ومن ذلك من بدر فقد أبدر من الباب 264 الإبدار ثلاث ليال ولهذا كفر من قال إِنَّ الله ثالِثُ ثَلاثَةٍ من الضلال فإنه ما ثم على الأحدية زائد وكذلك الإبدار واحد واحتجب بالاثنين في رأى العين كما حجبنا الله عن معرفته باليدين وما أشبه ذلك مما وردت به الشرائع من غير ريب ولا مين فبدار بدار إلى ليلة الإبدار وهي ليلة السرار ذلك هو الإبدار النافع والنور الساطع حيث لم تغيره الأركان بما تعطيه من البخار والدخان فإن حالة البدر في ليلة أربع عشرة من الشهر معرض للآفات ولهذا هو زمان الكسوفات فهو المؤوف بالكسوت وقد بحجب في سراره من إنارة ومنحه أنواره خدمة تتقدم بين يديه حتى لا تصل عين إليه تقديسا له وتنزيها وتشريفا للخادم الذي أهله لهذه الرتبة وتنويها

[المسامرة محاضرة]

ومن ذلك المسامرة محاضرة من الباب 265 رعى النجوم مسامرة الحي القيوم بما يعطيه من العلوم ما أحسن السمر في ليالي القمر على الكثبان العفر مع كل ذي رداء غمر ليس بنكس ولا غمر ولا يبيت لأحد على غمر كانت المسامرة في المشاورة بما يظهر في النهار من الآثار لاستعداد الكون وما هي عليه‏

من العطاء العين أ لا ترى إلى الحق نزوله سرى إلى السماء التي تلي الورى فيسامرهم بالسؤال والنوال ويسامرونه بالأذكار والاستغفار وسنى الأعمال فيقول ويقولون ويسمع ويسمعون فيجيب ويجيبون فلا يزال على هذا الأمر إلى أن ينصدع الفجر فينقضي السمر ويظهر عند الصباح ما قرر من الخبر بالأثر

[برق لمع وسطع‏]

ومن ذلك برق لمع وسطع من الباب 266 البارقة اللموع في النزوع من نزع إليه سطعت أنواره عليه الصحيح من المذهب إن برقه خلب ولهذا قال عبد الله لا يعرف الله إلا الله علمنا به أنه لا يعلم فالزم الأدب وافهم إياك والنظر وغلطات الفكر لا تتعد بالعقل حده وقف عنده تفز بالعلم الذي لا يحصل في القلب منه شي‏ء وبالظل الذي ما له في‏ء إذا حمي الجو كثرت البروق وتوالى الخفوق ولا رعد يسبح بحمده ولا غيث ينزل من بعده إنما هي لوامع تسطع تنزل ثم ترفع لحكمة جلاها من تولاها والشَّمْسِ وضُحاها لما أنارها وما محاها والْقَمَرِ إِذا تَلاها بما ابتلاها والنَّهارِ إِذا جَلَّاها في مجلاها واللَّيْلِ إِذا يَغْشاها فأسرها وما أفشاها والسَّماءِ وما بَناها بما عناها والْأَرْضِ وما طَحاها لما أدار رحاها ونَفْسٍ وما سَوَّاها بما ألهمها من فجورها وتقواها وبهذه النسبة إليها قواها

[ما هجم من عصم‏]

ومن ذلك ما هجم من عصم من الباب 267 الهجوم أقدام ولا يكون من علام المخدوم له الهجوم والخادم محكوم عليه وحاكم فجآت الحق لا تطيقها الخلق فلما ذا وردت من العليم الحكيم وقد سميت بالبوادة والهجوم فلو لا ما ثم حامل لها ما سواها الحق ولا عدلها إذا جاءته بغتة يتخيل أنها فلتة فيعطيها منه لفتة ثم يعرض عنها بعد ما أخذ ما جاءته به منها ما هو أعرض بل هي عبرت حين خطرت ما كان ذهابها حتى أمطر سحابها فامتلأت الإضاء وزالت السحب وانجلت البيضاء فحدثت لأرض أخبارها ورفعت أستارها وباحت بأسرارها وزهت أزهارها بأنوارها فلو لا ما كان الزهر في الزهر والنوار في الأنوار ما ظهر شي‏ء مما وقعت عليه الأبصار

[من قرب أشرب‏]

ومن ذلك من قرب أشرب من الباب 268 العاشق المحب من أشرب في قلبه الحب عشق العشق هو الحب الصدق يقول العاشق المجنون لمعشوقه على التعيين إليك عني وتباعدي مني فإن حبك شغلني عنك وأنت مني وأنا منك فوقف مع الألطف وزهد في الأكثف لأنه عرف ما كثف فوقف وما انحرف من شهد ملك الملك عرف من حصل في الملك من طلبت منه الثبات فقد قيدته لا بل قد تعبدته إلا أن يكون الثبات على التلوين فذلك التمكين ووافقت ما أنزله في سورة الرحمن كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ والشئون ألوان أقرب ما اتصف به الحق في العبيد كونه أقرب من حَبْلِ الْوَرِيدِ فهو أقرب إليك من نفسك مع أنه ليس من جنسك وإن كان في جنسك فقد قيد نفسه وضيق حبسه‏

[ما كل من بعد بعد]

ومن ذلك ما كل من بعد بعد من الباب 269 البعد بالحدود علم الشهود وهو أسنى العلوم وأعظم إحاطة بالمعلوم فلا تتخيل أن كل بعد هلاك كما تخيله بعض النساك ليس الهلاك إلا في القرب ولهذا يفنيك وانظر ما قلته لك في تجليك التحلية حجاب وهي أعظم القرب عند الأحباب تخلى ولا تتحلى‏

لما دنا إليه تدلى *** فكان قاب قوسين أو أدنى‏

والشفع فيه ما جاء إلا *** للعرف إذ تضمن معنى‏

أ لا تراه قال أو أدنى *** لذاك قلته فتأنى‏

من غشنا فما هو منا *** فالأمر كله ليس منا

فنحن ليس نحن وكنا *** لذاك أخبر الحق عنا

رب السماع من يتغنى *** يقوله إذا يتغنى‏

ذاك السماع يصغي إليه *** من جاءه الذي يتمنى‏

[سد الذريعة ومن أحكام الشريعة]

ومن ذلك سد الذريعة ومن أحكام الشريعة من الباب 27و< من قال بسد الذرائع في الشرائع ترك الأعلى ورأى ذلك الترك أولى فما هو للشارع منازع ولكن لما فهم المراد جنح إلى الاقتصاد فإنه علم إن الله بالمرصاد والمخلوق ضعيف ولو لا المصالح ما شرع التكليف فخذ منه ما استطعت ولا يلزمك العمل بكل ما جمعت فإن الله ما كلف نفسا إلا

ما أتاها وجعل لها بعد عسر يسرا حين تولاها وشرع في أحكامه المباح وجعله سببا للنفوس في السراح والاسترواح إلى الانفساح ما قال في الدين برفع الحرج إلا رحمة بالأعرج وعلى منهج الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم درج دين الله يسر فما يمازجه عسر بعث بالحنيفية السمحاء والسنة الفيحاء فمن ضيق على هذه الأمة حشر يوم القيامة مع أهل الظلمة

[الحقيقة في كل طريقة]

ومن ذلك الحقيقة في كل طريقة من الباب الأحد والسبعين ومائتين 271 في الكلام القديم والقرآن الحكيم ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ جاء به الرءوف الرحيم الخبير بما هناك العليم فمع الحق مشي من مشى وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ فالسعادة كاملة والرحمة شاملة فإن أهل الاستقامة في الاستقامة هم أهل السلامة في القيامة وأما الماشي في الاستقامة بغير استقامة فهو المنحاز عن دار الكرامة والكل في دار المقامة إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وكيف يرجع إليه وهو فعله ما العجب إلا كيف قيل يرجع إليه من هو لديه ولم يزل في يديه ستور مسدلة وأبواب مقفلة وأمور مبهمة وعبارات مبهمة هي شبهات من أكثر الجهات‏

[ما كل سحاب خطر أمطر]

ومن ذلك ما كل سحاب خطر أمطر من الباب 272 ما قصر الجهام حين أثر فالتحق بأهل المآثر ما جاد إلا على رحمه بما أعطاه من كرمه بخارها عاد عليها وتحلل شوقا فنزل إليها الأمطار دموع العشاق من شدة الأشواق لالم الفراق فلما تلاقى أضحك بإزهاره جزاء بكاء وابل مدرارة ف أَماتَ وأَحْيا من أَضْحَكَ وأَبْكى‏ نفعت الشكوى ومقاساة البلوى ثم إنه أظهر من الثمر ما هو أنفع من الزهر فحسن الهيئة وأقام النشأة وكان التغذي وزال التأذي وبدا كل أَمْرٍ مَرِيجٍ ووقع النكاح بين كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ فتوج الأكام وآزر الأهضام فالشكر لله على هذا الإنعام‏

[من ورد تعبد]

ومن ذلك من ورد تعبد من الباب 273 من جاء إليك فقد أوجب القيام بحقه عليك فإنه ضيف نازل فأما قاطن وإما راحل وعلى كل حال فلا بد من النظر في حقه وأمره على حد ميزانه في الوجود وقدره ولا شك أن المؤمن قد جعله الله له سكنا واتخذ قلبه وطنا فوفد عليه ونزل إليه فوسعه وما حين ضاق عنه الأرض والسماء وجعله سميه واتخذه وليه ونعته بالإيمان وهو صفة الرحمن وأنبأه بما يكون وما كان فتعين على المؤمن القيام بفرضه لما حل بأرضه فاجعله ممن تلقى كريما خبيرا بقدره عليما وانتهك بشيمة أهل الفضائل إن الكرامة على قدر المنزل عليه لا على قدر النازل وفي العموم على قدر النازل لا على قدر المنزل عليه فإنه لا يعرف ما عند النازل ويعرف ما لديه ولا يحجبنك قول من قال أنزلوا الناس منازلهم لما كنت بهم ولهم فلو عاملنا الحق بهذه المعاملة لم يصح بيننا وبينه مواصلة

[الوارد شاهد]

ومن ذلك الوارد شاهد من الباب 274 إنما شهد الوارد لشهود ما لديك حين ورد عليك فيما شهد شهد وهو مسموع القول فقابله بالفضل وكثرة البذل وجزيل النيل والطول فإنه لسان صدق في الأولين والآخرين وهو عند السامعين من أصدق القائلين فيقلد حين يشهد فإن شهد عند الحق فما يتمكن له أن يشهد إلا بحق واقعد في مقعد صدق لأنه يعلم منه أنه يعلم فلا يتمكن له أن يحيد في شهادته عن علمه أو يكتم إن كان عامر قلبك علمك بربك فهو يتلقاه ويبادر إليه حين يلقاه ومنه ورد وعليه وفد فما عليك لوم في ذلك اليوم الصدقة تقع في يد الرحمن والسائل الإنسان‏

[من تنفس استراح كالصباح‏]

ومن ذلك من تنفس استراح كالصباح من الباب 275 النفس وإن كانت لها المنزلة الرفيعة فهي مقيدة بين الروح الكل والطبيعة ولذا كان المزاج ذا أمشاج فما لها سراح ولا انفساح فإذا نسب إليها الانفساح والمجال فما هو إلا حصولها في حضرة الخيال فتتقلب في الصور كما يدركها البصر فيما يعطيه النظر مثل ما تتنوع الخواطر عليه في هذه الدار مع كونه تحت إحاطة هذه الأسوار فإني للنفوس بالسراح ومنتهى أعمالها إلى الصراح فلا تتعدى في الانتهاء سدرة المنتهى فهي بحيث عملها لا بحيث أملها إلى يوم البعث عند ذلك تعلم ما حصل لها في الروع من النفث علم شهود ووجود فإن الأمر هناك مشهود فما وقع به هنا الايمان حصله هناك عن العيان ويجد الفرق بين الأمرين فإن الصباح لا يخفى على ذي عينين فإنه يميز البين من البين‏

ولكن للعيان لطيف معنى *** لذا سأل المعاينة الكليم‏

[إشراق يوح هو الروح‏]

ومن ذلك إشراق يوح هو الروح من الباب 276 في الشكل المثلث يعرف من ثلث وبما يحدث من رمى الشمس‏

شعاعها على الجسم الصقيل يقع التمثيل فلا شي‏ء أشبه بالروح مما أعطته يوح هذا أثر خلق في خلق فما ظنك بأثر الحق ما حصل الإنسان الكامل الإمامة حتى كان علامة وأعطى العلامة وكان الحق إمامه ولا يكون مثله حتى يكون وجها كله فكله إمام فهو الإمام لا خلف يحده فقد انعدم ضده فحيث ما تولوا فَثَمَّ وَجْهُ الله صفة الحليم الأواه ما سمي بالخليل إلا بسلوكه سواء السبيل ولا قال في تمثيله المرء على دين خليله إلا لصورته وقيامه في سورته‏

[مراتب اليقين تبين في التلقين‏]

ومن ذلك مراتب اليقين تبين في التلقين من الباب 277 لليقين مراتب في جميع المذاهب فمن أقيم في علمه كان تحت سلطان حكمه ومن أقيم في عينه أتى عليه من بينه ومن أقيم في حقه فقد تميز في خلقه ولكل حق حقيقة أعطته الطريقة فحقيقة الحق الشهود فالحق هو الايمان في الوجود فما كان غيبا صار عينا وما فرض مقدرا عاد كونا والحق حق فلا بد له من حقيقة والخلق حق فلا بد له من دقيقة فحقيقة حق الحق أنت ودقيقة حق الخلق من عنه بنت فالعالم بين تنزيه وتشبيه والحق بين تشبيه وتنزيه والبراءة في سورة براءة والتنزيه في سورة الشورى ولهذا شرع للإمام أن يجعل ما يريد إنفاذه في ملكه بين أصحابه شورى خلافة عثمان كانت عن المشورة فلذا وقعت تلك الصورة فلو كانت عن تولية الماضي ما وقع التقاضي ولا حكمت فيه الأغراض بما قام بها من الأمراض‏

[خطاب الأئمة والأقطاب‏]

ومن ذلك خطاب الأئمة والأقطاب من الباب 278 لا بد للسالك حيث كان من المسالك من الرب إلا له المالك إذا تميز في الممالك فإن أبق بالشرود وتخيل أنه غاية الوجود فما هو الوالي لهذا التعالي فانحط من أحسن تقويم ونزل عن المقام الكريم إلى أسفل سافلين مع النازلين فعند ما نظر إلى عليين عرف رتبة العالين فندم على ما فرط وترجى له العودة ما لم يقنط فإن قنط عند الأسف فقد هلك وتلف الهبوط والسعود للمترددين بين النزول والصعود وما نتنزل إلى قلبك إلا بأمر ربك لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وما خَلْفَنا وما بَيْنَ ذلِكَ وما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وقد رفعك مَكاناً عَلِيًّا فاسكن فإنك صاحب كن‏

[من عظيم السري تنفح العيس في البري‏]

ومن ذلك من عظيم السري تنفح العيس في البري من الباب 279 من دري ما في السري من جزيل المنح تمنى أنه لم يصبح سؤال إلهي امتناني من على رفيع الدرجات إلى المتقلبين في الدركات‏

فإن الجنة حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات‏

فكل واحدة حفت بالأخرى جاءت بذلك الرسل تترى فانبهم الأمر وخفي السر رأى بعد أهل الحديثة وقد أوصل إلى نجم الدين ابن شاى الموصلي حديثه إن معروف الكرخي في وسط النار وما علم أنه يتنعم فيها نعيم الأبرار فهاله ذلك وتخيل فيه أنه هالك مع ما عنده من تعظيمه بين القوم وتنزيهه عما يستحق من اللؤم فكان معروف عين الجنة والنار التي رآها المكاشف عليه كالجنة وهي المجاهدات التي كان عليها في حياته فإن المكاره من نعوت العارف وصفاته فهو الخاشع في الأولى والمحروم هو الخاشع في الأخرى فتستعار الصفات وتنقلب الآفات فربما رأى أو سمع وسرى عنه بما به وعليه اطلع‏

[التنزيه تمويه‏]

ومن ذلك التنزيه تمويه من الباب 28و<

إن الوجود لأكوان وأشباه *** فلا إله لنا في الكون إلا هو

جل الإله فما يحظى به أحد *** فلم يقل عارف بربه ما هو

لله قوم إذا حفوا بحضرته *** يبغون وصلتهم بذاته تاهوا

قدموه القوم بالتنزيه وهو هم *** في كل حال فعين القوم عيناه‏

والله ما ولد الرحمن من ولد *** وما له والد ما ثم إلا هو

وكل ما في الوجود الكون من ولد *** ووالد هو في تحقيقنا ما هو

دليلنا ما رمى بالرمل حين رمى *** محمد وهو قولي ما هو إلا هو

فالحمد لله لا أبغي به بدلا *** لأنه ليس في الأكوان إلا هو

[الهوى أهوى‏]

ومن ذلك الهوى أهوى من الباب الأحد والثمانين ومائتين لو لا الهوى ما هوى من هوى به كان الابتلاء فأما إلى نزول وإما إلى اعتلا وإما إلى نجاة وإما إلى شقاء 281 ليس العجب ممن عرف وإنما العجب ممن وقف أو ناداه‏

الحق فتوقف ما أيه بأحد إلا ورد ولا ورد إلا منح ولا منح إلا ليبتلي فيفضح وذلك أنه ادعى المكلف ما ليس له وفصل ما كان له أن يوصله كلفه الحق ما كلفه وعرفه ما عرفه ولا يغنيه بعد تقرير البلوى تبرؤه من الدعوى ما قويت أمراسه وبقيت عليه أنفاسه فإذا جاء الأجل المسمى وفك العمي وأبصر الأعمى جاء التعريف وزال التكليف وبقي التصريف وانتقل في صورة مثالية إلى حضرة خيالية أبصر فيها ما قدم فأما أن يفرح أو يهتم وكان ما كان فلا بد أن يندم وكيف لا يندم والجدار قد تهدم وقتل الغلام صاحب السكينة والرتبة المكينة لما خرق السفينة ندم الواحد كيف لم يبذل الاستطاعة وندم الآخر على تفريطه ومفارقة الجماعة فأهواه في الهاوية وما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ولَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ وأما الذي لم يبذل الاستطاعة ولكنه مع الجماعة فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ قال الرقيب وهو القول العجيب هو في عِيشَةٍ راضِيَةٍ في جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ فإذا النداء من سميع الدعاء كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ في الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ يعني أيام الصوم وهو مذهب القوم‏

[فك المعمى والأجل المسمى‏]

ومن ذلك فك المعمى والأجل المسمى من الباب 282 من فرق بين الفاتح والناصر والظهير فقد عرف حقائق مراتب الأمور الناصر بما قذفه من رعبه في قلبه وبالدبور والصبا على من تمرد وأبى والظهير معين والفاتح يبين فإذا استعين أعان فهو المستعان وإذا فتح أوضح وأعطى جزيل المنح الفاتح صاحب الرحمة ومسبغ النعمة والناصر قاذف في قلب العارف ما شاء من العوارف في المعارف والظهير خبير بمن هو له نصير فإذا شاهد الوفود وتعمر الوجود وتحقق العابد والمعبود وتبين المسود والمسود طلب الستر بالتنزيه فأسدل الحجب بالتشبيه فعنه كان الصدور بما قرر في الصدور وإليه كان الورود في طلب المزيد

[عبادة الوثن قمن‏]

ومن ذلك عبادة الوثن قمن من الباب 283 حقيق على الخلق أن لا يعبدوا إلا ما اعتقدوه من الحق فما عبد إلا مخلوق ولهذا توجهت عليه الحقوق أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فالكل من عندكم والدليل الله أكبر إلى تحوله في الصور فلو لا تحقق العلامة في يوم القيامة ما عرف أحد علامة فيوم النشور هو المعروف المنكور كل معتقد مخالف من خالفه وموافق من وافقه فما ثم إلا عابد وثن وهو الحافظ له والمؤتمن فانظر ما أعجب هذا الأمر وما أوضح هذا السر كيف عاد المحفوظ حافظا وأضحى لمعتقد غيره لافظا وهو هو لا غيره وقد جهل أمره فوقع التبري وحصل التعري وتجرد اللابس وعتب السائس فهو الفقير البائس‏

[حوض مورود ومقام محمود]

ومن ذلك حوض مورود ومقام محمود من الباب 284 العلوم محصورة في الإجمال غير متناهية التفصيل عند الرجال وما عند الله مجمل فالكل مفصل وما ثم كل فعلى التفصيل التوكل الشاربون يقسمون المشروب فيتعدد وهو واحد فما هو من العدد إلا وإني معاني المعاني فالحروف ظروف وهو المعروف حرف جاء لمعنى فثبت أنه معنى قاله صاحب العربية الخائض في المسائل النحوية وفصل بينها وبين حروف الهجاء وجعلها أدوات لما هي عليه من الالتجاء فتجمع بين الأحداث والأعيان الظاهرة في الأكوان‏

[قهر الأيتام أخلاق اللئام‏]

ومن ذلك قهر الأيتام أخلاق اللئام من الباب 285 الجدار مائل فلا تقهر اليتيم ولا تنهر السائل فإنه إن وقع الجدار ظهر كنز الأيتام الصغار فتحكمت فيه يد الأغيار وبقي الأيتام الصغار من الفقر في ذلة وصغار لا تباح الأسرار إلا للامناء الكبار القادرين على الاكتساب والرافعين للحجاب أهل الاستقلال بجمع الأموال وعلى الأعراف رجال اتسع لهم المجال فإذا جمع فأوعى وأعطى فما وعى ودعي وما أجاب الداعي وإن سمع الدعاء فكر في نفسه أنه ما الحق المال حين اكتنزه برمسه وما بكى في يومه لما فإنه في أمسه إلا لفقر حكم عليه مع الكثر الذي في يديه فعلم إن الغني ما هو كثرة العرض وإنما هو في النفس لمن فهم الغرض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا والله يُرِيدُ الْآخِرَةَ والنشأة هي عينها ولهذا قيل في الحافرة وهو قولهم بإحبار الحق المبين وقول الله ونُنْشِئَكُمْ في ما لا تَعْلَمُونَ ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى‏ فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ‏

[التألف من التصرف‏]

ومن ذلك التألف من التصرف من الباب 286

ألفة العبد بالإله *** هي الألفة التي‏

ما لها غير وجهتي *** وبها كون قوتي‏

فانظروا في تبصروا *** حكمة الحق حكمتي‏

لا تقل باتحادنا *** فتكذبك نشأتي‏

أنا إن كنت بيته *** فهو بالشرع قبلتي‏

التألف وصال ولا يكون إلا بالتناسب في جميع المذاهب وقد أحضرنا لديه وجمعنا في الصلاة عليه فأكلمه به وبي فيرد علي بي فأقول ليس هذا مذهبي فيقول ما ثم إلا ما سمعت فلا يغرنك كونك جمعت ثم قال أرحل ولا تكن ممن أقام وحل فإنه ما ثم أقامه لا هنا ولا في القيامة

[الاعتبار لأولي الأبصار]

ومن ذلك الاعتبار لأولي الأبصار من الباب 287 الجنف والحيف في الكم والكيف لا يكون إلا لمن سكن الخيف من سكن خيف مني بلغ المتى لا تسكن إلا السهل إن أردت أن تكون من الأهل لا تدخل بين الله وبين عباده ولا تسع عنده في خراب بلاده هم على كل حال عباده وقلوبهم بلاده ما وسعه سواها وما حوته ولا حواها ولكن نكت تسمع وعلوم مفترقه تجمع قل كما قال العبد الصالح صاحب العقل الراجح إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ انظر في هذا الأدب النبوي أين هو مما نسب إليه من النعت النبوي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ حتى أكون من الكاذبين هو عين روح الله وكلمته ونفخ روحه وابن أمته ما بينه وبين ربه سوى النسب العام الموجود لأهل الخصوص من الأنام وهو التقوى لا أمر زائد في غير واحد

[مالي والوالي‏]

ومن ذلك مالي والوالي من الباب 288 لا تقل مالي وللوالي إذا دعيت إليه لا تبالي هو الحكم الفاصل المنصف العادل فإن خفت من الإنصاف فعليك بالاعتراف وطلب العفو من الخصم في مجلس الحكم فإنه أَلَدُّ الْخِصامِ فاستغن بالعاصم بإعصام فيكون الحاكم بينكما واسطة خير وواقية ضير فقد ورد عن الرسول مالك الإمامة إن الله يصلح بين عباده يوم القيامة ولهذا قلنا ما شرع الله الشرائع إلا للمصالح والمنافع من سعى في الصلح بين الكفر والايمان فهو ساع بين العصاة والرحمن لا سيما إن وقع النزاع في العقائد وانتهوا في ذلك إلى إثبات الزائد المسمى شريكا والمتخذ مليكا فإن أريت أن الشريك ما هو ثم وأن أمره عدم وفرقت بين ما يستحقه الحدوث والقدم كنت من أهل الكرم والهمم‏

[الضيق في التحقيق‏]

ومن ذلك الضيق في التحقيق من الباب 289 أعظم الاتصال دخول الظلال في الظلال إذا كثرت الأنوار وتعددت طلب كل نور ظلا فتمددت وهذا من خفي الأسرار أعني امتداد الظلال عن كثرة الأنوار لهذا اختلفت الأسماء وكان لكل اسم مسمى مع أحدية العين والكون وهو الذي دعا من دعا إلى القول بالشريك في التمليك قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ وهو المقام الأسنى فقد أتى بالاسمين وأتى ب لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ مع اختلاف المعنى في الأسماء الحسنى فأثبت ونفى وأمرض وشفى فمنا من سلم ومنا من هو على شفا فمن لزم الحق فقد لزم الصبر ولا يكون هذا إلا لمن عرف الأمر الكل في عين التلف من جهل ومن عرف وما نجا إلا من وقف فالناجي من سمع ولم يتكلم وأجاب إلى ما دعي إليه فذلك الذي لا يندم‏

[من زار الصامت زاره‏]

ومن ذلك من زار الصامت زاره من الباب 29و< وعظنا الصامت فما أصغينا إليه وتحبب إلينا الصامت فاعتكفنا عليه فملك أزمة القلوب وأعمانا عن إدراك الغيوب ووعظنا الناطق بما نطق به من الحقائق فآمنا به وعرجنا عن مذهبه فسمعنا وعصينا وأمرنا ونهينا كانا ولاة الأمر وأرباب الرد الغمر ونسينا أمره إيانا ونهيه وأرشد السامع وغيه فحجبنا بحب التقدم والرئاسة عن تمشية ما تقتضيها السياسة فإذا جاء الموت وتيقنا بالفوت طلبنا حسن المآب بالمتاب فلم تقبل توبة ولا غفرت حوبة ومتنا على ما كنا عليه وحشرنا على ما عليه متنا كما نصبح على ما عليه بتنا تركت فيكم واعظين صامت وناطق فالصامت الموت والناطق القرآن هكذا قال صاحب الحق الترجمان‏

[النقص والرجحان في الميزان‏]

ومن ذلك النقص والرجحان في الميزان من الباب 291 اغتنم حياة لست فيها بها لك ودارا أنت فيها مالك ميزانك فيها موضوع وكلامك مسموع وأذنك واعية ومواعظك داعية وأنفاسك باقية وأعمالك الخيرات واقية فنور بيتك المظلم وأوضح سرك المبهم ما دامت أركان بيتك غير واهية قبل أن تحصل في الهاوية إن تفرقت همومك‏

أعرض عنك قيومك وإن وهنت قواك أمدك به وقواك وأعلمك أنه ما جنى عليك سواك فلا تغفل عن نفسك فقد اطلع لك بارقة من شمسك وقد جعل النهار معاشا والأعمال رياشا فعليك بالاشتغال والتزين بأحسن الأعمال واحذر من زينة الدنيا والشيطان وعليك بزينة الله المنصوص عليها في القرآن‏

[أطلق الغارة من آثاره‏]

ومن ذلك أطلق الغارة من آثاره من الباب 292 ظهر في الإنسان الضدان ففيه الأولياء كما فيه الأعداء فلا تزال السياسات تسن والغارات تشن فهم بين قتيل وأسير وحسن مآب وبئس مصير كشفت الحرب فيه عن ساقها وظهرت الفتن في جميع آفاقها فآفات ترد ورزايا تعد تصرفاته محدودة وأنفاسه عليه معدودة عليه رَقِيبٌ عَتِيدٌ وسائِقٌ وشَهِيدٌ لم يزل مذ خلقه الله في التوكيل وشرع له أن يقول حَسْبُنَا الله ونِعْمَ الْوَكِيلُ لينقلب بنعمة من الله ورضوان إلى دار الحيوان لم يمسسه سوء ولا بؤس ويلقاه عند وروده عليه السبوح القدوس ويتلقاه عمله بوجه طلق غير عبوس فأتم تنزيهه وتطهيره وأعاد عليه تعزيره وتوقيره فهو يجني ثمرة عمله في رياض أهله‏

[الدليل في حركة الثقيل‏]

ومن ذلك الدليل في حركة الثقيل من الباب 293 الأمر جليل من أجل حركة الثقيل لا يتحرك إلا عن أمر مهم وخطب ملم كزلزلة الساعة المذهلة عن الرضاعة مع الحب المفرط في الولد ولا يلوي أحد على أحد وقد ذهب بعض الأوائل أن العالم أبدا نازل يطلب بنزوله من أوجده حين وحده والحق لا ينتهي إليه فمن أول حركة كان ينبغي أن يعتكف عليه لأنه جل أن تقطع إليه المسافات المحققة فكيف المتوهمة رسوم معلمه وأسرار مكتمة بيوت مظلمه والسنة غير مفهمة لأن الخيال يخيل العلم به والمقال فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ أو ما ذا تطلبون يقول العارف لأبي يزيد الذي تطلبه تركته ببسطام فدله على المقام فإن العبد يسار به في حال إقامته إما إلى دار إهانته وإما إلى دار كرامته‏

[عدم الكون في ظهور العين‏]

ومن ذلك عدم الكون في ظهور العين من الباب 294 شقت الكاف غزالة السماء وذلك بعد صلاة العشاء وأنا في حال فناء وما نقص جرمها والكاف مآربا جسمها فقلت صدق من سقط على الخبير في إيراد الكبير على الصغير من غير أن يوسع الضيق أو يضيق الواسع وهذا المقام الذي هو للاضداد جامع نص عليه ذو النون فوافقته وإن لم أكن قبل هذا عقلته فشكرت الله على شهوده وما منحه العبد من العلم بوجوده فهو العين الطالعة في كاف الكون لذلك قلنا في أعيان الممكنات إنها مظاهر الأسماء الإلهيات ولثبوت الكاف في حال الطلوع قلنا بثبوت أعيان المحدثات فلو لا التوجهات ما ظهرت الكائنات ما ألذها من مسألة عند من شهدها ووجدها

[ما شاهد قدر المنزلة إلا من أرسله‏]

ومن ذلك ما شاهد قدر المنزلة إلا من أرسله من الباب 295 العبد محل التحلي والليل زمان التجلي وما ثم إلا هيكلك فهو ليلة المظلم فنوره يجليه وصيره الرداء المعلم تحلئة ولما نزل إلى فرشه والملائكة حافون من حول عرشه سجد له القلب إلى الأبد وما رفع رأسه بعد ما سجد لذلك جعل السجود قربه وخص به من أحبه والمتكبر ساجد وإن تكبر كما هو واحد وإن تكثر فإن رتبته تعطيه فلا تحجب بما تراه من تعاطيه تلك أغاليط النفوس والحجاب المحسوس فلما انفجر عمود صبح الروح وهو رسول يوح أزال التهم ونفر الظلم وتجلى الكيف والكم وكم تجلى له من مثل هذا وهو لا يعلم لما جبنت السريرة وأعمى الله البصيرة وجهلت الصورة وضرب الحق سورة على السورة فلما وقع الالتباس تفاضل الناس‏

[الحكم في اللوح والقلم‏]

ومن ذلك الحكم في اللوح والقلم من الباب 296 طلب اللوح من علته من يشفيه فشفاه القلم بما أودعه فيه فهو ميدان العلوم ومحل الرسوم العلوم فيه مفصله وقد كانت في القلم مجملة وما فصلها القلم ولا كان ممن علم وإنما اليمين حركته لتفصيل المجمل وفتح الباب المقفل فليس من نعوت الكمال أن يكون في علم الله إجمال والإجمال في المعاني محال ومحل الإجمال الألفاظ والأقوال فإذا جعل قول عبده قوله اتصف عند ذلك بالإجمال وكان من نعوت الكمال فلكل مقام مقال ولكل علم رجال فكمال العارف علمه بتفصيل المعارف ومن أجمل فما هو من الكمل إلا أن يقصد ذلك لقرينة حال فله في ذلك مجال فهو مفصل عنده في حال إجماله وهو عين كماله‏

[علم النبي الأمي‏]

ومن ذلك علم النبي الأمي من الباب 297 رسول الوارث النبي ورسول النبي الروح الملكي ولأهل الاختصاص الوحي الإلهي من الوجه الخاص وهو في العموم لكن لا تبلغه الفهوم فما من شخص إلا والحق يخاطبه به منه ويحدث به عنه فيقول خطر لي كذا ولا يدري من أين‏

لجهله بالعين وما فاز أهل الله إلا بشهوده لا بوجوده العلم كله واحد وإن اختلفت المأخذ وتنوعت المقاصد علم الحق من شاء من عباده من لدنه علما وآتاه رحمة من عنده فأعطته الرحمة حكما فتوسط الثبج وتحكم في المهج فأنكر عليه التابع فحل ما ربط وأزال ما اشترط فجهل منصبه ولم يعرف نسبه نعم علم ما به حيي لكن نسي فنسي فمنازل الأفراد في خرق المعتاد فأمورهم خارجة عن إحكام الرسل وحائده عما شرعوه من السبل وهم في السبل كالخضر وموسى الكليم وقول هود عليه السلام إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏

[غلق الصدور في الصدور]

ومن ذلك غلق الصدور في الصدور من الباب 298 لو لا الصدور ما عميت الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ ويحق لها أن تعمي لأنها مأمورة بفك المعمى وقيدت بالأجل المسمى كانت في حضرة سارحة والأمور عندها واضحة أعطاها ذلك الورود على الوجود فقال لها الحق بضاعتك ردت إليك وما نزلت إلا بك عليك هذه منحك التي أعطيتنيها وعلومك التي خولتنيها فما أعماك سواك وأنا المنزه عن هذا وذاك أنا الغني عن عينك وأنت الفقير إلي في كونك فلما صدرت عني بكونك ولم تشهدني في عينك عميت في صدورك عمن أوجدك ولو أشهدك فإن شهود الحق لا ينضبط مع أنه مع العالم مرتبط وهذه المسألة من أغمض المسائل على السائل لا بظهوره في كوني ولا بغناه عن عيني فعلى ما تعول فيه‏

[يبدي الأسرار صدر النهار]

ومن ذلك يبدي الأسرار صدر النهار من الباب 299 صدور المجالس حيث كان الرؤساء والرئيس الكبير من تحكم بأحوالها عليه الجلساء فهو وإن كان معدن النفوس الرئيس المرءوس أ لا ترى إلى الحق ما له تصرف إلا في شئون الخلق فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فيتخيل إن المشيئة هنا ضميرها الرحمن وما ضميرها إلا من وهو عين الأكوان لأنا قد قررنا فيما مضى أن الذي كانوا عليه في ثبوتهم هو عين القضاء فالكون أعطاه العزل والولاية والعز والذل والرشد والغواية فحكم عليه بما أعطاه فما قسط ولا جار فإنه نعم الحاكم والجار للحاكم التقاضي والحكم للماضي في الخصم للخصم لا للقاضي فالخصم في التحقيق عين القاضي فافهم‏

[النيل لأهل الليل‏]

ومن ذلك النيل لأهل الليل من الباب 3و<و< ما ظهرت قدرة الحي القيوم إلا في إنشاء الجسوم وما ثم إلا رسم فما ثم إلا جسم لكن الأجسام مختلفة النظام فمنها الأرواح اللطائف ومنها الأشباح الكثائف وما عدا الحق الذي هو المنهاج فهو امتزاج وأمشاج والصفات والأعراض توابع لهذا الجسم الجامع فإنه مركب والمركب مركب ومن أراد العلم بصورة الحال فليحقق علم الخيال فيه ظهرت القدرة وهو الذي أنار بدره فلا ينقلب إلا في الصور ولا يظهر إلا في مقام البشر ولست أعني بالبشر الأناسي فإني كنت أشهد على نفسي بإفلاسي وأنا عالم زماني لعلمي بالأواني فما ثم إلا وعاء وآنية ملا فتدبر تتبصر

[الهمس في مراعاة الشمس‏]

ومن ذلك الهمس في مراعاة الشمس من الباب 301 خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً لما دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا وبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ف إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ المبين فَاسْتَمِعُوا لَهُ وأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فإنه ما جاء بالكلام إلا للافهام فإذا خالج السامع القاري في قراءاته فقد شهد من الفهم براءته وأساء الأدب فأسخط الله فغضب ومن غضب الله عليه فقد عطب‏

يقول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أيكم خالجنيها وما لي أنازع القرآن‏

وأي برهان أعظم من هذا البرهان الرسول حاز الآداب وجاء بالكتاب وخاطب أولي الألباب وما خص أعداء من أحباب بل عم الخطاب فمنا من أصاب ومنا المصاب كل من علم ما لم يعلم فهو ملهم فالوحي شامل ينزل على الناقص والكامل أيسره اللمة وما هم به مما أهمه‏

[الجنين في كبد إلى أن يولد]

ومن ذلك الجنين في كبد إلى أن يولد من الباب 302 الجنين في ظلمة غمه ما دام في بطن أمه يتحكم فيه من طعن في أبيه خدمه وأقامه حرمه ليجبر بذلك صدع ما وقع منه فيعفو من بغي عليه عنه ومع أنه في المقام الأوسع فما أودع فيه سوى أربع لأنه مركب من أربع فأودعه الرزق والأجل والرتبة والعمل كل قسم لواحد من أخلاطه أقامه لفسطاطه فلما علم الجنين أنه محل كل زوج بهيج وأنه في أمر مريج أراد الخروج بطلب الصعود والعروج فأخرجه على الفطرة التي كان عليها أول مرة من قبل أن يقذف في الرحم لما عصم ورحم فجعل لَهُ عَيْنَيْنِ ولِساناً وشَفَتَيْنِ وهداه النجدين وعرف لما خلق‏

وانتهض تابعا من تقدم فلحق ف إِمَّا شاكِراً فله منزل السرور وإِمَّا كَفُوراً فله سوء المصير والثبور

[القسم بالأمم‏]

ومن ذلك القسم بالأمم من الباب 3و<3 لو لا إن الشرف عم وإليه ترجع الأمم ما أقسم الحق بالوجود والعدم فأقسم بِما تُبْصِرُونَ وما لا تُبْصِرُونَ إظهار العلو مرتبة المقسم به ولكِنْ لا تَشْعُرُونَ فالأشقياء سعداء وإن كانوا بعداء فهو البعيد القريب والجنيب الحبيب‏

فالشقي شقي في بطن أمه‏

لما هو عليه من غمه‏

والسعيد سعيد في بطن أمه‏

لما خصه به من علمه فلقد رأيت من شمت أمه وهو في بطنها حين عطست وحمدت فعند ما سمعت ذلك التشميت من جوفها سرت فسجدت فهذا واحد ممن خصه الله بعلمه في بطن أمه فمن احتج بقوله أَخْرَجَكُمْ من بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً فذلك مثل من رد إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ من بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وما يلزم العالم حضوره دائما مع علمه فهكذا حال الجنين إذا خرج من بطن أمه‏

[استعارة الصفات وأين هي آفات‏]

ومن ذلك استعارة الصفات وأين هي آفات من الباب 3و<4 لا يقتحم المكاره إلا الشجاع الفارة ولا يعرف منزلتها إلا من جنى ثمرتها ما عند العارف ما يكره فلا تموه الحق لا يَرْضى‏ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وهذا عين الغفر في إسبال الستور الجهل بالأمور الأبصار تخرق الأستار ولهذا شرع الاعتبار إِنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ والستر مسدل والباب مقفل والعطاء مسبل فما نفع حجاب ولا منع باب بصر الاعتبار لا يقف له شي‏ء من الأستار تظن إنك في حجاب عن أعين الأحباب لما ترى من الأستار والحجاب وأنت منظور إليك محاط بما في يديك فالزم شأنك واحفظ عليك لسانك‏

[تنزيه الأسماء من غير تعرض للمسمى‏]

ومن ذلك تنزيه الأسماء من غير تعرض للمسمى من الباب 3و<5 تجلى العظيم في الركوع لأنه برزخ الجميع وتجلى العلي في السجود لما يعطيه من التمييز والحدود ما هو العلي وإنما هو الأعلى والأمر مفاضلة والمفاضلة أولى أعطت ذلك الصورة الحاكمة والنشأة القائمة بالأسماء تعددت النعم لأنها حضرة الكرم إذا كان الحق يصلي فمن المتجلي‏

قسمت الصلاة بيني وبين عبدي لعهده وعهدي فما يقول إلا قلت ولا يسأل إلا أجبت‏

العبد قبلة الحق والحق في قبلة العبد الصلاة حكم واحد في الغائب والشاهد الصوم له والصلاة مقسومة والحج أذكاره المعلومة يأخذ الصدقة فيربيها رحمة بمن ولدها لقيامه فيها فإن قلب كل إنسان حيث جعل ما له فإذا نظر إليه فلا يقل ما له فمن نظر إلى صدقته نظر إلى ربه بحقيقته فهو للعارف العابد شهادة في كل عباده‏

[الآتي ليلا يبتغي نيلا]

ومن ذلك الآتي ليلا يبتغي نيلا من الباب 3و<6 أهل القرآن هم أهل الله وخاصته من عباده اختصهم بكلامه لمناجاته حتى لا ينطقون إلا بما نطق فلا يتكلمون إلا بحق قديم ظهر بصورة محدث لما حدث فلا يأتيهم تعالى إلا في الثلث الباقي من الليل ليمنحهم جزيل العطايا فيما يخصهم به من النيل وقد نهي أن يأتي المسافر أهله ليلا وأن يجر للكرم إن فعله على ذلك ذيلا فطلبنا في ذلك على الحكمة الغريبة فعرض بامتشاط الشعثة واستحداد المغيبة وأعرض عما سبق إليه الأوهام الحديثة من الأفعال الخبيثة ومن فهم ذلك من النفوس إلا فاضل المنزهين عن الرذائل قال ابتغاء الستر وإبقاء لجميل الذكر ولذلك‏

نطق رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فأمر من بلي منكم بهذه القاذورة فليستتر

[الوجود في الشاهد والمشهود]

ومن ذلك الوجود في الشاهد والمشهود من الباب 3و<7 لا يعرف الوجود إلا أهل الشهود العين تثبت العين العجب كل العجب عند أهل العلم والأدب رؤية الحق في القدم أعيانا أحوالهم العدم يميزهم بأعيانهم في تلك الحال لا تفصيل حدود بل تفصيل رؤية الموجود فإذا أبرزهم إلى وجودهم تميز وافى الأعيان بحدودهم انظر وحقق ما أنبهك عليه واستر أوجد الله في عالم الدنيا الكشف والرؤيا فيرى الأمور التي لا وجود لها في عينها قبل كونها ويرى الساعة في مجلاها ويرى الحق يحكم فيها بين عباده حين جلاها وما ثم ساعة وجدت ولا حالة مما رآها شهدت فتوجد بعد ذلك في مرآها كما رآها فإن تفطنت فقد رميت بك على الطريق وهذا منهج التحقيق فاسلك عليه وكن مطرقا بين يديه‏

[الخروج عن الطباق بالإطباق‏]

ومن ذلك الخروج عن الطباق بالإطباق من الباب 3و<8 الأحوال التي عليها الخلق هي عين شئون الحق ومن أحوالهم أعيانهم فمن شئونهم أكوانهم فما لك لا تؤمن بما ترى وتعلم أن الله يرى يراك في حال عدمك وثبوت قدمك أنت لنفسك وهو لنفسه ما أنت معه كبدره مع شمسه وأنت معه كذلك نبه‏

عليه بقوله تعالى كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ ففكر فيما قال لك تعرف من هلك هل هلك من البدر إلا نوره لا عينه وبقيت ذاته وكونه وموقع الشبهة في قوله إِلَّا وَجْهَهُ فقد كان ذا نور فأظلم واستترت الأشياء حين اعتم فقال مع علمه بالخبر خسف القمر وعين القمر هو الظاهر في الكسوفين والمتجلي في الوجودين فالعبد الظاهر وهو المظاهر

[علم الرتب بالكتب‏]

ومن ذلك علم الرتب بالكتب من الباب 3و<9 لكل ملك حجاب ولكل منزل باب ولِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ وما ثم إلا من له أجل فنسأل الله أن يعرفك بالأمر ولا تعجل فإن الله يجيبك ما لم تقل لم يجب فاعمل كما يجب إذا دعاك فأجب وإذا سقاك فطب فإنه ما يدعوك إلا ليشقيك ولا يفنيك إلا ليبقيك ما الأمر الهائل الذي لا يتحقق الإبقاء الخلق عند رؤية الحق على الخبير سقطت وعند ابن بجدتها حططت لهذا أخبرنا أنه كان سمعنا وبصرنا وما عرفنا ذلك إلا بعد قربنا فتحببنا إليه بما شرع فأحبنا فما رآه سواه فلذلك لا تفني عين تراه بالكتب عرفت الرتب كتاب في الحبس وكتاب في حظيرة القدس لحكم الديوان أو أن ولله قوم لا يذكرون‏

[علم الإنشاء ومساواة الأجزاء]

ومن ذلك علم الإنشاء ومساواة الأجزاء من الباب 31و< قال لي بعض الفقراء وما أنصفني إن بعض الرجال قيل له في المعرفة فقال أما أنا فعرفته وما بقي إلا أن يعرفني وعسر هذا الكلام على أكثر أهل الأفهام من السادات الأعلام وأراد مني الجواب وفتح هذه الأبواب فلم أفتح له لذلك بابا ولا رفعت له حجابا وما علم إن لكل معتقد ربا في قلبه أوجده فاعتقده وهم أصحاب العلامة يوم القيامة فما اعتقدوا إلا ما نحتوا ولذلك لما تجلى لهم في غير تلك الصورة بهتوا فهم عرفوا ما اعتقدوه والذي اعتقدوه ما عرفهم لأنهم أوجدوه والأمر الجامع إن المصنوع لا يعرف الصانع الدار لا تعرف من بناها ولا من عدلها وسواها فاعلم ذلك‏

[السبل بأيدي الرسل‏]

ومن ذلك السبل بأيدي الرسل من الباب 311 السبل المشروعة الحكم فيها مجموعة فمن احترمها وأقامها أعطته ما فيها وأتحفته بمعانيها فكان علامة الزمان مجهولا في الأكوان معلوما للواحد الرحمن على إن الرسل لما طرقت السبل وسهلت حزنها وذللت صعبها وأزالت غمها وحزنها أخبرت أن دين الله يسر فلا تجعلوه في عسر فما كلف الله نَفْساً إِلَّا ما آتاها وما شرع لها إلا ما واتاها فإنه العالم بالمصالح والمنافع والدواء الناجع فمن استعمل ما شرع اندفع عنه الضر وانتفع فذهب الله بالشرائع كل مذهب لمن عرف كيف يذهب فما من قالة إلا وللشرع فيها مقالة إما بتقرير أو إزالة فما فرط في الكتاب من شي‏ء حين أنزله ولا كتم رسول ما به الحق عز وجل أرسله‏

[من بادر من الخلق إلى تعظيم صفة الحق‏]

ومن ذلك من بادر من الخلق إلى تعظيم صفة الحق من الباب 312 صفات الحق في الخلق منتشرة ولا يعرفها إلا الرسل والورثة البررة ولما عرفتها اجتمعت وبمعرفتها انتفع بنا وانتفعت فأرى من الشخص ما لا يراه من نفسه وإن كنت من جنسه فما أنا من جنسه ما يعلم الإنسان ما أخفي له فيه من قُرَّةِ أَعْيُنٍ وهو أوضح ما يراه وأبين ولكن لجهله بما هو لا يعلم أنه هو فينكره إذا رآه ويحمله محملا ما هو له حين يراه وللحق مكر في خلقه خفي إلا لمن هو به حفي فمن علم الخبير تأديب الصغير بالكبير فأدب الأمة بتأديب رسولها لتبلغ باستعمال ذلك الأدب إلى تحصيل سؤلها فيخاطب الرسول والمراد من أرسل إليه فابحث عليه‏

[من سعد بالجزاء السوائي ما بعد]

ومن ذلك من سعد بالجزاء السوائي ما بعد من الباب 313 يوم الدين يوم الدنيا والآخرة فلا اختصاص له بيوم عند القوم أقام لهم الحق في ذلك دليلا لما جهلوا ظَهَرَ الْفَسادُ في الْبَرِّ والْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا فأخبر أنه جزاء ما هو ابتداء فما ابتليت البرية وهي بريه وهذه مسألة صعبة المرتقى لا تنال إلا بالإلقاء اختلفت فيه طائفتان كبيرتان فمنعت واحدة ما أجازته أخرى والرسل بما اختلفت فيه تترى ولا تحقق واحد ما جاء به الرسول ولا يسلك فيه سواء السبيل بل ينصر ما قام في غرضه وهو عين مرضه إلا الطبقة العليا فإنهم علموا الأمور في الدنيا فلم يتعدوا بالأمر رتبته وأنزلوه منزلته فما رأوا في الدنيا أمرا مؤلما إلا كان جزاء ما كان ابتداء

[نزاع الملإ الأعلى في الأولى‏]

ومن ذلك نزاع الملإ الأعلى في الأولى من الباب 314 تختلف المقاصد والمقصود واحد فالطبيب يقصد نفع المريض بما يؤلمه فيرتب له الأمر المؤلم ويحكمه فإذا تألم طبيب بري عند نفسه من غير شي‏ء جناه فيسأل الحق عن ذلك فيقول جزاء بما قدمت يداه فيقول ما قصدت إلا نفعه بما أمرته‏

به من استعمال الأدوية المؤلمة يقال له وكذلك ما قصدنا بالجزاء المؤلم إلا نفعك بما لك من الأجر في ذلك فالأمور عند الله محكمه الست قد ألمته فخذ جزاء ما فعلته والقصد القصد فلا سبيل إلى الرد لما نبهت الشريعة باختصام الملإ الأعلى علمنا أنه من عالم الطبيعة فإن أردت أن ترفعه عنها وتنزله منزلتها منها فقل لاختلاف الأسماء وهذا أوضح ما يكون من الإيماء

[تتابع الرسل وأنشأ المثل‏]

ومن ذلك تتابع الرسل وأنشأ المثل من الباب 315 الآجال المحدودة جعلت الرسل تترى بالتكاليف والبشرى فلو لا انتهاء الأجل لاكتفي بواحد في الشاهد وما اختلفت السبل من الرسل إلا لاختلاف الدول ولهذا ظهر في الوجود النحل والملل فمنها ما هي عن روح ملكي ومنها ما هي عن دور فلكي حكم به الطالع فظهر به المبتدع الشارع ولا يقصد المصالح إلا ذو عقل راجح فاعتبرها الحق فأكرم من رعاها وألحقها بالشريعة التي استرعاها فساوتها في الجزاء لمن قام بها دلالة على مساواتها في مذهبها

فقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها

فلما سنت الرسل أن تسن فما سن إلا مؤتمن فما نسخ الشرع إلا الشرع فاسمع‏

[إهمال الإنسان دون الحيوان‏]

ومن ذلك إهمال الإنسان دون الحيوان من الباب 316 ما أهمل من أهمل من الأناسي إلا لجهله بمنزلته وتصرفه في غير مرتبته فلو أعطى نفسه حقها كما أعطاها ربها خلقها لكان إمام العالمين ولذلك لما قال ومن ذُرِّيَّتِي قال له لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فالمعاني إذا كانت متهمة كالطرق المظلمة لا يعرف الماشي فيها في أي مهواة يهوى ومع هذا يسير ولا يلوي فإذا سقط عند ذلك يعلم أنه فرط والسيد الإمام العارف العلام يقول الإمام الإمام وفي يده سراجه وفي رأسه تاجه يشهد له الحق بالخلافة والأمن من كل عاهة وآفة والله المعافي وهو الشافي‏

[اطلاع الرسول على ما أتى به جبريل‏]

ومن ذلك اطلاع الرسول على ما أتى به جبريل من الباب 317 الاطلاع على الغيوب من شأن أصحاب الأحوال والقلوب وأما صاحب اللب والمقام فهو الأمر الذي لا يرام والشخص الذي لا يضام فله الثبوت فلا يتحول والصور التي لا تتبدل فصاحب المقام أديب بأدب ربه متفرج في تنوعات خواطره في قلبه فإن ضاق محله عن حمله وأرادت النفس أن تعرف أنها من أهله وهي الشديدة المحال ظهرت في صورة الحال وقد يكون ذلك عن أمر إلهي لسر كياني يريد الحق أمضاه في وجوده ليتحقق بعض رجال الله بشهوده وأعظم تحف الملك الاطلاع على ما يأتي به الملك هكذا هو عند الجماعة وبضاعتنا غير هذه البضاعة والكشف الأتم ما يشهده من وراء هذا الجسم المظلم فإن الملك يكون صورته رسالته ما لم يتجسد فإن تجسد انبهم الأمر على من يشهد

[من هاله الحصول في الهالة]

ومن ذلك من هاله الحصول في الهالة من الباب 318 في الهالة حصر النيرين لذي عينين وعنهما حدثت وبأشعتهما وجدت فما حصرهما غيرهما كدودة القز وصاحب دولة العز هو من عزه في حمى فاستوى في إدراكه البصير والأعمى لأنه لا يتجلى فيرى ولو تجلى لمنع من الوصول إليه المقام الأحمى الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ فعمرت الأشعة الرفع والخفض فحدثت الهالة في انتهاء الخلأ وفي داخل الهالة كان وجود الملإ فهو من حيث الهالة المحيط وهو معنا أينما كنا في مركب وبسيط فما خرجنا عنه وكل ما في السموات وما في الأرض خلقه جميعا منه فانظر ما أحكم هذه الأمور ورد الإعجاز على الصدور واتل قوله تعالى أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الْأُمُورُ

[من بلي بالأشد في تحرى الأسد]

ومن ذلك من بلي بالأشد في تحرى الأسد من الباب 319 أصدق القول ما جاء في الكتب المنزلة والصحف المطهرة المرسلة ومع تنزيهها الذي لا يبلغه تنزيه نزلت إلى التشبيه الذي لا يماثله تشبيه فنزلت آياته بلسان رسوله وبلغ رسوله بلسان قومه وما ذكر صورة ما جاء به الملك وهل هو أمر ثالث ليس مثلهما أو هو مشترك وعلى كل حال فالمسألة فيها إشكال لأن العبارات لحننا والكلام لله ليس لنا فما هو المنزل والمعاني لا تنزل إن كانت العبارات فما هو القول الإلهي وإن كان القول فما هو اللفظ الكياني وهو اللفظ بلا ريب فأين الشهادة والغيب إن كان دليلا فكيف هو أَقْوَمُ قِيلًا وما ثم قيل إلا هذا القيل وهو معلوم عند علماء الرسوم فتحقق ولا تنطق‏

[العصمة في الإلقاء باللقاء]

ومن ذلك العصمة في الإلقاء باللقاء من الباب 32و< هو الحافظ بالحرس فهو الملحوظ في العسس لأن الحليم الأواه لا يعلم حافظا سواه لكن يعطيه الأدب أن لا يظهر من النسب سوى نسب التقوى وفيه رائحة الحراسة والحفظ الأقوى فقد صرح وإن لم يتكلم وقد أبهم فيما أعلم‏

وما أوهم ولما أقام العصمة مقام الحرس لم يجنح إلى العسس وطالما كان يقول من يحرسنا الليلة مع علمه بأن المقدور كائن والحارس ليس بمانع ما قدر ولا صائن لكن طلب المعبود بذل المجهود وهو يفعل ما يشاء وهذا من الأمور التي شاء وما يشاء إلا ما علم وما علم إلا ما أعطاه الذي هو ثم‏

[كيف للخلق برد دعوة الحق‏]

ومن ذلك كيف للخلق برد دعوة الحق من الباب 321 صورته ردت عليه وبضاعته ردت إليه ما أشبه ذلك بالصدى إذا ظهر بدا فتخيل الصيت أنه غيره وما هو إلا عينه وأمره وما هو الصدى في كل مكان كذلك ما هذا الإدراك لكل إنسان بل ذلك عن استعداد خاص غيره منه في مناص وإن كان من أهل المباص الحق وإن كان واحدا فالاعتقادات تنوعه وتفرقة وتجمعه وتصوره وتصنعه وهو في نفسه لا يتبدل وفي عينه لا يتحول ولكن هكذا يبصره بالعضو الباصر في هذه المناظر فيحصره الأين ويحده الانقلاب من عين إلى عين فلا يحار فيه إلا النبيه ولا يتفطن إلى هذا التنبيه إلا من جميع بين التنزيه والتشبيه وإما من نزه فقط أو من شبه فقط فهو صاحب غلط وهو كصورة خيال بين العقل والحس وما للخيال محل إلا النفس فإنها البرزخ الجامع للفجور والتقوى المانع‏

[الذاهب في جميع المذاهب‏]

ومن ذلك الذاهب في جميع المذاهب من الباب 322 من ذهب في كل مذهب لم يبال في أي طريق ينهب من شرد عن كناسه فقد تعرى عن لباسه ومن فارق خيسه فقد عرض بنفسه النفيسة أن نتحكم فيها النفوس الخسيسة الأسد لا يبرح من أجمته لعلو همته قد تعشق بمقام تقديسه بتعريسه في خيسه تتردد إليه أوباش السباع وهم أهل الدفاع والنزاع أ لا ترى إلى المتناظرين في مجلس الملك يتنازعون في الكلام ومقدم الجماعة الذي هو الإمام ساكت في مقامه وهم يتفقهون بنزاعهم في عين كلامه فإن تكلم بكلمة فهي الفصل لأنه الأصل فإن نازعه الحديث أحد القوم أساء الأدب فاستوجب الأدب‏

[تواتر النقلة وتضاعف الحملة]

ومن ذلك تواتر النقلة وتضاعف الحملة من الباب 323 إذا اجتمع أهل النحل والملل وجاء الحق في الظلل للقضاء الفصل وليس إلا رد الفرع إلى الأصل هنالك تظهر العلل وما يحمد وما يذم من الجدل وأرباب الدولة مصطفون والوزعة حافون‏

كأنما الطير منهم فوق أرؤسهم *** لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال‏

هم أهل الهيبة لا الغيبة وأصحاب الوجود لا الخيبة وتطاير الكتب فتتميز الرتب فمنهم الآخذ بيمينه لقوة يقينه ومنهم الآخذ بشماله لاهماله ومنهم الآخذ من وراء ظهره لجهله بأمره لأنهم حين أتاهم به الرسول فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ واشْتَرَوْا به ثَمَناً قَلِيلًا في الدنيا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ في الأخرى ولَبِئْسَ ما شَرَوْا به أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ باعوا العالي بالدون وابتاعوا الحقير بالعظيم فهم المغبونون‏

[علم ما كتب وكيف رتب‏]

ومن ذلك علم ما كتب وكيف رتب من الباب 324 الكتابة للعليم والترتيب للحكيم ما رتبت الحكمة حتى حققت علمه فلما علمت علمه في خلقه رتبته على وفقه ومن وقف مع هذا النظر الأول حار في افعل ولا تفعل وإن كان الأمر والنهي من جملة ما أعطته الحكمة فعلم فلا يرى له أثر فيما سبق من الحكم الذي حكم وهذا هو السر المبهم الذي لا يعلم ولو قدرنا أنه علم كتم أين الاضطرار من الاختيار وأين الاقتصار من الاقتدار وأين التدبير من نفوذ الأقدار ماء ونار ما التقيا إلا لأمر كبار علم في رأسه نار يعرفه المقربون ويجهله الأبرار لو انجلى الغبار لعرف الإنسان هل تحته فرس أو حمار

[ملك الملك في الملك‏]

ومن ذلك ملك الملك في الملك من الباب 325 خادم القوم سيدهم فهم الملوك فلو لا الأسماء ما كان السيد المملوك وإذا كانت الأسماء لها الحكم فقد ارتفع الظلم المسمى بحكم اسمه فانتبه فإنه يجيب إذا دعي به فانظر ما أعجب مرتبة الاسم وما أعطى من الأثر في الرسم لا يجيب الحق إلا من دعاه ولا يدعى إلا بأسمائه وهي علم أوليائه وأنبيائه السيد يستخدم العبد بمقاله والعبد يستخدم السيد بحاله ولسان الحال أفصح من لسان المقال لأن الأحكام التي تتضمنها الأقوال إنما تعرف بقرائن الأحوال فإن الاصطلاح قد لا يكون له في كل باب مفتاح ولا سيما النصوص وبهذا العلم يتميز العموم من الخصوص فلله رجال كالعرائس على الكراسي يأكلون من حيث لا يعلمون‏

[مقاومة الخلق الحق‏]

ومن ذلك مقاومة الخلق الحق من الباب 326 المقاومة تكون بالمحمود فيحمدون وتكون بالمذموم‏

فيذمون فقوم يقاومونه بالصبر وإن قالوا مسنا الضر وقوم يقاومونه بالرضى والتسليم لما به قضى والسعيد من العبيد من كان مع الله كما يريد فإن أراد منه النزاع نازع وإن أراد منه المدافعة دافع فهو بحيث يراد منه لا بحيث ما يصدر عنه أجراتهم عليه الأحوال وما جاءت به في رسالاتها الإرسال لو لا الفرح الإلهي ما تاه التائب ولو لا التبشيش الرباني لزم المسجد وما كان يتصف بالآتي والذاهب الفاعل منفعل ولكن للمنفعل‏

[الإطلاق تقييد في السيد والمسود]

ومن ذلك الإطلاق تقييد في السيد والمسود من الباب 327 ما دام الروح في الجسد فهو ميت في قبره رقد فمنهم النائم نومة العروس ومنهم النائم نوم المحبوس وكل واحد من هذين مقيد مع أن أحدهما مخذول والآخر مؤيد فإذا جي‏ء به في موته إلى حشره وبعثر ما في قبره عاد إلى أصله ووصل ما كان من فصله ولذلك قال من تعنت كرامته وثبتت رسالته عند ما دلت عليه علامته من مات فقد قامت قيامته وهذه قيامة صغرى وسأحدث لك من القيامة الكبرى ذكرا وذلك إذا زوجت النفوس بأبدانها لكونها ما زال عنها بالموت حكم إمكانها وكان الطلاق رجعيا والحكم حكما شرعيا فتلك القيامة الكبرى الآخرة فهي كالرد في الحافرة وما هي في الحكم كالحافرة ومن توهم ذلك قال تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ إنما أشبهتها في عدم المثل ولكن ما زالت عن الشكل‏

[ذلك فتنة المال والولد في كل أحد]

ومن ذلك فتنة المال والولد في كل أحد من الباب 328 لو لا إمالة المال ما تميز الرجال ولو لا إن الولد قطعة من الكبد ما علم أنه من سكان البلد ما خلقه الله في كبد إلا ليشفق عليه كل أحد فمن أشفق فقد وافق ما ندب إليه الحق ومن لم يقل بالوفاق عدم الإشفاق وما يلزم من ثبوت العلة ظهور سلطانها في كل ملة فإنه ما خلقنا إلا لعبادته ومنا من خذله الله فلم يقل بسيادته ومنا من لم يفرده بالسيادة ولا أخلص له العبادة مع ثبوت العلة وما أثبتتها كل نحلة فليست المحن بعين زائدة على الفتن هي عينها وكونها فالاستكثار من المال هو الداء العضال من وقف مع إلحاق المتمني بالمتصدق الغني عرف الأمر فلم يطلب الكثر

[المنافق موافق‏]

ومن ذلك المنافق موافق من الباب 329 إنما وافق المنافق لما تعطيه الحقائق هو ذو وجهين لما رأى الأمر اثنين وخلق من كل شي‏ء زوجين والعالم على الصورة فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ أين لم يقف على العين إلا ذو عينين الواقف بين النجدين إذا اتصف الناظر الخبير بالنظر في قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ تحقق عند ذلك وتبين ما أخفي له في هذه الآية من قرة عين فجمع بين التنزيه والتشبيه وهو مقام المقرب الوجيه فالسوق نفاق فما أصاب إلا أهل النفاق‏

يوما يمان إذا أبصرت ذا يمن *** وإن لاقيت معديا فعدنان‏

وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ مع اختلاف العقائد وهذه كثرة الواحد فما جمعه إلا الإمعة فلا يكون إمعة إلا صاحب هذه السعة

[إجابة النداء في الصباح والمساء]

ومن ذلك إجابة النداء في الصباح والمساء من الباب 33و< لما أراد الحق من عباده المناجاة في مساجد الجماعات أمر بإعلان الأذان لأصحاب السمع والآذان فمن لم يكن له أذن واعية ما سمع وإن سمع داعيه هنالك يظهر الاعتناء بمن اعتنى به ممن لم يعتن فمن أجاب الداعي فهو صاحب السمع الواعي وما للاحدية في النداء أثر ولا في شجرتها ثمر فالله أكبر مفاضلة ولا إله إلا الله مفاصله والرسالة مفاصله عن مواصلة والحيعلتان مقابلة والنداء يؤذن بالبعد والأذان دليل على عدم عموم الرشد فإن رعاة الأوقات عارفون بالميقات فما شرع الأذان إلا لمن شغلته الأكوان وما ثم إلا مشتغل لأنه بالأصالة منفعل‏

[التجارة محل الربح والخسارة]

ومن ذلك التجارة محل الربح والخسارة من الباب 331 تجارة الأسفار أهل تمحيص واختيار ومن أجلهم شرع الصلاة في الأسفار وتجار الإقامة لهم الدعة والكرامة هم تلامذة المسافرين فيما يتعرفونه منهم ويأخذونه عنهم فمن ربحت تجارته فهو المهتدي ومن خسرت تجارته وبارت فهو المعتدي من كان سفره إليه وكان نزوله عليه فلا يحيط أحد علما بما حصل له من الأرباح لديه المجاهد تاجر وقد ينصر الله دينه بالرجل الفاجر فهو كالعدة ما هو في الفضل كمن أعده العدد لا تنعم بالأرباح وإنما هي للمستعدين كالمفتاح به يتوصل إلى فتح الباب وهو حظه من الاكتساب رخت المجاهد مساعد وأما التاجر

المقيم فهو الذي لا يريم قد لزم لدكان وقال بالمكان وما تيسر مما كان من الإمكان وبالاستكانة حصل المكانة

[عند الامتحان يعز المرء أو يهان‏]

ومن ذلك عند الامتحان يعز المرء أو يهان من الباب 332

وإذا ما خلى الجبان بأرض *** طلب الطعن وحده والنزالا

إذا اجتمعت الإقران كان الامتحان هنالك يتقدم الشجاع ويتأخر الجبان فالمتقدم يكرم والمتأخر يهان إلا من انحاز إِلى‏ فِئَةٍ أو كان مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ فإنه من إبطال الرجال ومن أهل المكر المشروع والاحتيال والحرب خدعة وإن أساء في الحال السمعة فإن العاقبة تسفر عن مراده بما قصده في جهاده وعلى قدر دعوى الايمان يكون الامتحان فالمؤمن ما هو في أمان إلا في الدار الحيوان وأما في هذه الدار فهو في محل الاختبار فأما إلى دار القرار وإما إلى دار البوار ما هي منزل الشقاء دار القرار

[الإيثار ليس من صفات علماء الأسرار]

ومن ذلك الإيثار ليس من صفات علماء الأسرار من الباب 333 ما هو لك فما تقدر على دفعه وما ليس لك فما لك استطاعة على منعه فأين الإيثار والأمر أمانة فأدها إلى أهلها قبل أن تسلبها وتوصف بالخيانة فأعطها عن رضي قلبك تفز برضا ربك فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا

لله قوم وجود الحق عينهم *** هم الأحياء إن عاشوا وإن ماتوا

هم الأعز ألا يدرون أنهم *** هم ولا ما هم إلا إذا ماتوا

لله درهم من سادة سلفوا *** وخلفونا على الآثار إذ ماتوا

لا يأخذ القوم نوم لا ولا سنة *** ولا يؤدهم حفظ ولو ماتوا

رأيتهم وسواد الليل يسترهم *** عن العيون قياما كلما ماتوا

فكيف بالشمس لو أبدت محاسنهم *** أقسمت بالله أن القوم ما ماتوا

وكنت تصدق أن الله أخبرنا *** عن مثلهم أنهم والله ما ماتوا

أحياء لم يعرفوا موتا وما قتلوا *** في معرك وذوو رزق وقد ماتوا

فلو تراهم سكارى في محاربهم *** لقلت إنهم الأحياء وإن ماتوا

الله كرمهم الله شرفهم *** الله يحييهم به إذا ماتوا

لقد رأيتهم كشفا وقد بعثوا *** من بعد ما قبروا من بعد ما ماتوا

[تجلى الحق في كل آية للعارفين من أهل الولاية]

ومن ذلك تجلى الحق في كل آية للعارفين من أهل الولاية من الباب 334 ظهور الحق في كل صورة دليل على علو السورة وبرهان على عموم الصورة عند من عرف سورة ما تميز الرجال إلا بالأحوال في الأعمال من قام برجله قزل فعن سعادته قد انعزل السابق بالخيرات هو الساعي وهو صاحب السمع الواعي وأما المقتصد فهو ما زاد على زاده على قدر اجتهاده وأما الظالم فهو المحكوم عليه ما هو الحاكم والكتاب قد شمل الجميع وإن كان فيهم الأرفع والرفيع فالكل وارث فإنه حارث وأصحاب السهام متفاضلون فمنهم المقلون ومنهم المكثرون ومن قال إن الفرائض قد تعول فما عنده خبر بما يقول فإنه من عمل بموجب القول لم يقل بالعول‏

[الاستخلاف خلاف‏]

ومن ذلك الاستخلاف خلاف من الباب 335 القول بالنيابة مما سبقت به الكتابة لو لا الكتاب ما كان النواب ليس العجب ممن ساء سبيلا مع كونه أقام على ذلك دليلا وإنما العجب ممن اتخذ مستخلفه وكيلا فلو لا الأمر الرباني لرده الأدب الكياني ما أجهل الناس بمواطن الأدب وهو الذي أداهم إلى العطب الحكم للمواطن في الظاهر والباطن فقد يكون ترك الأدب أدبا والقول بترك السبب سببا الأسباب موضوعة بالوضع الإلهي فما لها من رافع ومن قال برفعها فإن عذاب ربه به واقع لأنه لدعواه في رفعه يبتلى وبالابتلاء تحصل له الدرجات العلى ولا يقدر على رفع الابتلاء لأنه مخاطب بالعمل المشروع والاقتداء فقد قال بالسبب في رفع السبب‏

[القلوب مساقط أنوار علوم الأسرار]

ومن ذلك القلوب مساقط أنوار علوم الأسرار من الباب 336 الوقائع للأولياء والوحي للأنبياء وقد يكون المثل للرسل وغير الرسل الملائكة لا تزل تنزل بالتنزيل على قلوب أهل الجمع والتفصيل ولكن لا تشرع إلا لنبي أو رسول مضى زمن الرسالة والنبوة وبقي الوحي فتوه‏

فإن ورد بحكم متصور فإنما هو إخبار بشرع قد تقرر فليعول الولي عليه وليستند في العمل به إليه وإن وهنت روايته في الظاهر فهو الصحيح وإن ورد ضعف الصحيح في الظاهر فالعمل ممن ورد عليه به عمل في ريح ويجني العامل به ممن ليست له هذه المنزلة جبره ويسعد الله به غيره فلا يكن ممن شقي بعد ما لقي‏

[الإنسان مخلوق على صورة الرحمن‏]

ومن ذلك الإنسان مخلوق على صورة الرحمن من الباب 337 إنما يرحم الله من عباده الرحماء فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن وهي الصورة التي خلق عليها الإنسان فمن وصلها وصل وهو عين وصلها ومن قطعها قطع وهو عين فصلها فالرحمن لها فاصل والإنسان لها واصل فإن الشحنة قطعة فانظر في هذه المحنة أين التخلق بأخلاق الله عند المتعطش الأواه فمن قطعها تخلق ومن وصلها عمل بما شرعه الحق فاقطعها عنك تكن متخلفا وصلها به تكن متحققا فإنه كذا فعل وبهذا الوحي علينا نزل فإن لم تتخلق بها على هذا الحد فما وفيت بالعقد فكما هي شجنة منه هي شجنة منك فحينما قطع عنه ليأخذ ما قطعت عنك هذا هو السحر الحلال لا ما تقوله ربات الحجال هم في الأجنة ما ولدوا وفي الأكنة ما شهدوا

[السرار يشفع الإبدار]

ومن ذلك السرار يشفع الإبدار من الباب 338 الهلال وترى المحتد شفعي المشهد والقمر بالنص له الصورة والمقدار بالزيادة والنقص لأنه وإن لم يرجع على معراجه فهو على منهاجه فما من دور إلا وهو حور لا كور والسرار يشفع الإبدار من غير الوجه الذي تدركه الأبصار فيسمه الحق سمة المحق من كان ذا وجهين فبذاته صير نفسه اثنين فهو البرزخ لنفسه كالميت في رمسه ميت عند السميع البصير حي عند منكر ونكير هو المتكلم الصامت كما هو الحي المايت فما أنار إلا أظلم وما أسفر إلا أعتم صورة الحق مع خلقه طلوع الشمس في البدر من أفقه‏

[تكرار الرؤية لحصول المنية]

ومن ذلك تكرار الرؤية لحصول المنية من الباب 339 لما انسحبت الحدود على الأمثال قيل بتكرر الأشكال وهي مسألة فيها إشكال هل هذا الأمر المدرك بالبصر في الزمن الثاني المتصور هل هو ذلك العين المقرر ما برح أو زال ثم عاد فتكرر أو هذا مثل الماضي حدث فتصور فإن كان مثل رجوع الشمس فما فيه لبس فإن الشمس لا مستقر لها عند من علمها وما جهلها ولها مستقر يراه عين المؤمن في الايمان بالخبر ولها بهته ولهذا تطلع من المغرب بغتة مع كونها ما سكنت عن حركتها ولكن حيل بينها وبين بركتها فلم ينفع بطلوعها إيمان ولا عمل ولحق أهل الاجتهاد بأهل الكسل فترى ربك مرارا ولا تعقل تكرارا وذهبت المثل باندراس السبل‏

[الأرض مهاد موضوع والسماء سقف مرفوع‏]

ومن ذلك الأرض مهاد موضوع والسماء سقف مرفوع من الباب 34و< لو لا الأنوار ما طلب الاستظلال ولا ظهرت من الكثائف الظلال فهو نكاح موجود وعرس مشهود وكتاب معقود يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فلا بد من قرش في عرش فهي المهاد الموضوع وأنت السقف المرفوع بينكما عمد قائم عليه اعتماد السبع الشداد لكنه عن البصر محجوب فهو ملحق بالغيوب أ لم تسمع قول من أوجد عينها فأقامها بغير عمد ترونها فما نفى العمد لكن ما يراه كل أحد فلا بد لها من ماسك وما هو إلا المالك فمن أزالها بذهابه فهو عمدها المستور في إهابه وليس إلا الإنسان الكامل وهو الأمر الشامل الذي إذا قال الله ناب بذلك القول عن جميع الأفواه فهو المنظور إليه والمعول عليه‏

[ركن الرياح مسرح ذوات الجناح‏]

ومن ذلك ركن الرياح مسرح ذوات الجناح من الباب 341 إن الريح كانَ عِنْدَ الله وَجِيهاً والله يزجي السحاب والعين تشهد أن الريح يزجيها

إن السحاب التي الرحمن يزجيها *** العين تشهد أن الريح تزجيها

فمن النائب فهو الصاحب فاجعل النائب من أردت أن شئت من غاب وإن شئت من وجدت بالريح كان النصر والدمار فاختلفت الآثار والعين واحدة صالحة فاسدة تطفئ السراج وتشعل النار والهبوب واحد من عين واحد واختلفت الآثار إِنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ما ذاك إلا لاختلاف استعداد المحل ومن عرف ذلك عرف اختلاف الملل في النحل فلكل ملة نحلة كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وهَؤُلاءِ من عَطاءِ رَبِّكَ فأنزل نفسه منزلة الهواء فأمد النار بالاشتعال والسراج بالانطفاء لتنظر في حقائق الأشياء فمن نظر في حقائقها عاش عيشة السعداء فكن من الأمناء فلا تذع شيئا من هذه الأسرار الإلهية إلا لأهلها بطريق الإيماء فإن الله أقدر على ظهورها ولكن حجبها بنورها

[علم المركب والبسيط في المحاط والمحيط]

ومن ذلك‏

علم المركب والبسيط في المحاط والمحيط من الباب 342 أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً عند من رزقه الله فهما فلا تعم الإحاطة كل شي‏ء إلا إذا كانت معنى وهذا القول انقلوه عنا فإن زالت عن هذه المنزلة فقد زالت تلك التكملة فهي إحاطة فيما أحاطت به وهذا الأمر مشتبه لا يحيط البسيط بالمركب لأن البسيط لا يتركب‏

إن البسيط إلى البسيط بسيط *** فهو المحاط ولو تراه يحيط

هو المحاط لأن القلب وسعه وهو المحيط لاستوائه وهو الإمعة لكن منعت الحقيقة أن يقال مثال هذا المقال فكل شي‏ء لا يخرج عن حقيقته ولا يعدل به العالم عن طريقته ما في الوجود إلا التركيب هكذا شهده أهل الفطنة والتهذيب ما عقلت ذاتا إلا لعينها وما عقلتها لعينها إلا من حيث كونها فإنها لذاتها آلة فلا بد من على من ليثبت سواه والسوي يطلب زيادة حكم على العين فلا بد من التركب في الكون لمعقولية الاثنين وتحقق الشيئين وهذا لا يخفى على ذي عينين‏

[علم التحجير في الأدب مع السراج المنير]

ومن ذلك علم التحجير في الأدب مع السراج المنير من الباب 343 إذا كانت السور تملي والآيات تتلى فاستمع وأنصت لعلك ترحم بالفهم فترتجع فاعلم فالرجوع إنك تعلم فإن خالجته فيها حرمت عليك معانيها فالزم بيتك وجهز ميتك وفكر في موتك واخفض من صوتك فإن البررة الكرام لا يحبون رفع الصوت بالكلام لأن الجهر ظهور وهم أهل ستر وغيب مع أنهم نور فهل خفاؤهم لشدة ظهور هم أو هو لسدل ستورهم‏

أخبروني أخبروني حققوا *** وإلى عين طريقي طرقوا

فإذا كنتم كما قلت لكم *** فاعلموا أنكم لم تمرقوا

ثم حزتم قصب السبق لكم *** وكذا السابق من لا يسبق‏

ذكر الله كشف الغطاء عن البصر فما هو ذلك الغطاء الذي إذا زال جاء مثل هذا الغطاء القرين صاحب في الشاهد والغائب فمن عرف قدر صاحبه فقد قام بواجبه والقرين عند أهل المعرفة لا بد أن تكون على صفة فاعتبرها في صحبته وحذار من غدرته وقد يغدر الصاحب في بعض المذاهب رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قبل من الذي أتى إليه مسلما إسلامه وصحبته وما قبل غدرته لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لمن سمع القول فاتبع أحسنه‏

[من افتتح بالمنح‏]

ومن ذلك من افتتح بالمنح من الباب 344 المنحة مردودة إلا منحة الحق فإنه ما ثم على من ترد لأنه ما يشبه الخلق لا يقبل المنافع وهو النافع فتح الغيوب على ضروب فالكل في كل زمان ونفس في مزيد لكن بعض العالم في لبس من خلق جديد المبايعة تشهد بالمنازعة فإن مبناها على السمع والطاعة وموافقة الجماعة ومن شذ شذ إلى النار بذا جاءت الأخبار من عرف قدر الإمام لم يقع فيه وإن جار بملام اتركه ومن استخلفه فإن أمنه أمنه وإن خوفه خوفه من عرف قدر السلطان لم يعصه وإن عصى الله فيه لم يستقصه أنظره مجبورا مسيرا لا تنظره مختارا مخيرا واسترح عليه واستند إليه فهو الظل من آوي إليه لم يلحقه ذل‏

[علم الأسرار في الأنهار والبحار]

ومن ذلك علم الأسرار في الأنهار والبحار من الباب 345 علم الاستنباط لأهل البساط علم الأحوال لمن شهد الأهوال العلم السهل لمن كان من الأهل علم الإنتاج لأصحاب المعراج وعلم الأسماء والرسوم لمن جمع هذه العلوم وقد انحصر أصحابها في السبعة من العدد وهم الأبدال عند كل أحد فمنهم المنفرد بعلم واحد ومنهم الجامع من غير أمر زائد ومنهم الجامع بين اثنين لذي عينين ومنهم الفائز بالثلاث وهو صاحب الميراث الحائز جميع المال فله الكمال وما ورث الله إلا الكتاب لذوي الألباب فهم ورثة النبي لا ورثة الولي فإنه لا يورث إلا الميت الراحل عن البيت والحق لا يفارق فتدبر هذه الحقائق‏

[الكثبان تسامر الخلان‏]

ومن ذلك في الكثبان تسامر الخلان من الباب 346 أصحاب الحدر ما لهم هذا السمر هذا السمر لأصحاب السمر الغيوب وإن انكشفت للقبائل والشعوب فإن القبائل لهم فيها الباع المتسع الطائل وأما الشعوب فريحهم دون ريح القبائل في الهبوب لا يبلغ الأعاجم مع اعتلائها في سمائها مبلغ الإعراب دليلنا الخيول العراب الإعجام إبهام والإعراب إبانة الكلام ما منع المعارض إلا من العربي لا من الأعجمي اختص الإعجاز بالقرآن وإن كانت الكتب المنزلة كلام الرحمن‏

لكن البيان والشرف والامتنان والمجد العظيم الشأن إنما ظهر في اللسان عند البيان‏

[المنزلة الرفيعة في التزام الشريعة]

ومن ذلك المنزلة الرفيعة في التزام الشريعة من الباب 347 لا تتبع إلا ما نزل به الروح عليك وجاء به الملك أو الإلقاء إليك وإن كنت وليا فإنك وارث نبيا فما يجي‏ء إلى تركيبك إلا بحظك من الورث ونصيبك فانظر ما سهمك وما هو قسمك فذلك علمك فلا تشرع حكما وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ثم اعلم أيها الولي الأكرم إنك وإن ورثت علما موسويا أو عيسويا أو غيرهما ممن كان من الرجال بينهما فإنما ورثت علما محمديا ساويت فيه ذلك النبي لعموم رسالة محمد الحائز المقام المحمود العلى إليه ترجع عواقب الثناء فهو صاحب جوامع الكلم المسماة بتلك الأسماء فلآدم الأسماء ولمحمد الاسم والمسمى والجامع لهما لا شك أنه صاحب المقام الأسمى وحجاب العزة الأحمى‏

[علم الانتكاس والانعكاس في النور والنحاس‏]

ومن ذلك علم الانتكاس والانعكاس في النور والنحاس من الباب 348 الكواكب الثوابت بيوت مظلمة وكذلك السيارة وما عادت نجوما نيرات إلا بأنوار مستعارة وتكفيك إن كنت عاقلا هذه الإشارة أ لا ترى إلى ما نجم من ذوات الأذناب في ركن النار لرجم الأشرار ولم تزل نجوما وما كانت رجوما حتى جاء صاحب البعث العام إلى جميع الإمام من الإنس والجان ولهذا قال سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فلو ابتغى الربح باستراقه رشدا ما وجد له شِهاباً رَصَداً فحيل بينه وبين السمع لما نواه من عدم النفع فصاروا جهلا وقد كانوا علما فإذا طمست النجوم علم عند ذلك ما فات الناس من العلوم فإذا انفطرت السماء ويحق لها أن تنفطر انكدرت النجوم بما ترميهم به من الشرر

[منزلة من وهب الفضة والذهب‏]

ومن ذلك منزلة من وهب الفضة والذهب من الباب 349 لا يخفى على ذي عينين الفرق بين الذهب واللجين أين الإنسان الحيوان من الإنسان المخلوق على صورة الرحمن هو النسخة الكاملة والمدينة الفاضلة الذهب لا ظل له ف لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ والفضة على نصيب من الظل لما فيها من الظل وما لظلها في‏ء فالنور الخالص للعين والممتزج للجين الذهب نُورٌ عَلى‏ نُورٍ واللجين فارَ التَّنُّورُ وليس سوى تنفس الصباح وتبسم فالق الإصباح إن كان الحق فما خلقه إلا بشمسه وإن كان الشمس فالحق على عزته في قدسه ومن قدسه أن يكون فالقا كما كان لأرضه وسماواته فاتقا فالرتق لها من ذاتها والفتق عرض لها من صفاتها إذ لو لم يكن لها قبول الفتق ما حكم به الفاتق على الرتق والفاتق الفالق بلسان الحقائق‏

[من فصل ما وصل‏]

ومن ذلك من فصل ما وصل من الباب 35و< حكمة التفصيل لظهور وجه الدليل إذ في جبلة كل ملة طلب الأدلة لأنهم لم يكونوا ثم كانوا ووجدوا في نفوسهم افتقارا خضعوا له واستكانوا فقالوا من أو إلى من لا بد على أعياننا من زائد ولا بد أن يكون له حكم الواحد وإن اتصف بالكثرة وطريق النسب فهي غير مؤثرة في ذات هذا النسب فهو الواحد الكثير لأنه الحي العليم القدير ومع أنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ف هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فحكم على نفسه بحكم الجماعة وإن كان العقل يحكم فيه بالشناعة فالرجوع أولى إلى قوله ولا يصرفنك عنه صارف استشناعه وهو له فإنه لو أثر في نزاهته وقدسه ما نسب ذلك إلى نفسه فالذي هو عندنا تشبيه هو عند الله تنزيه من نزول وفرح واستواء وكينونة في سماء وعرش وعماء

[المشاورة محاورة]

ومن ذلك المشاورة محاورة من الباب 351 المشاورة وإن دلت على عدم الاستقلال بجودة النظر فهي من جودة النظر وإن نبهت على ضعف الرائي فهي من الرائي عرض الإنسان ما يريد فعله على الآراء دليل على عقله التام ليقف على تخالف الأهواء فيعلم مع أحدية مطلوبه أنه وإن تفرد فله وجوه تتعدد وأي شي‏ء أدل على أحدية الحق من مشاورة الخلق لا يطلع على مراتب العقول إلا أصحاب المشاورة ولا سيما في المسامرة فإنها أجمع للهم والذكر وأقدح لزناد الفكر ومن هنا تعرف ما يحصل لأهل الليل من جزيل النيل في نزول الحق من عرشه إلى سمائه في الثلث الباقي من الليل تهمما بعباده من أولياءه ليهبهم من آلائه ونعمه ما يقتضيه عموم جوده وكرمه‏

[المؤمن من لا يفضح الكاذب ويصدق المؤمن‏]

ومن ذلك المؤمن من لا يفضح الكاذب ويصدق المؤمن من الباب 352 الكذب وجود فإنه عن شهود محله النفس وإن لم يكن من مدركات الحس وعلى الحقيقة فإنه محسوس في مقام التقديس والحس أشرف من العقل لما فيه من الإطلاق فله السراح بالاستحقاق وإنه المحيط

بما تعطيه الأوهام وإن أحالته الأحلام والعقول قاصرة عن نسبة الوجود إلى هذه الأعيان المتخيلة الحاصرة وما سمي الصدق إلا لصلابته في تنوره لأنه ينكر ويغالط نفسه فيما نواه صاحبه من طريق وهمه وخياله في تصوره فلا يقدر على جحد ما أدرك ويقضي عليه في حال وجوده بالعدم فما أعظمه من مهلك فهذه مسألة ضل بها كثير واهتدى بها كثير وما ضل به إلا الفاسقون ولكن أكثر الناس لا يشعرون‏

[الجمرات جماعات‏]

ومن ذلك الجمرات جماعات من الباب 353 الجمرة قد تكون جماعة الأموات والزمرة لا تكون إلا جماعة لها أصوات ما حصل المنى في جمرات منى إلا لكونها حازت مقام التحصيب فأفادت أهل النظر والتهذيب فكبر عند كل رمية لما رآه بلا مرية فما حصب إلا من له وجود وإن لم تدركه عين الشهود لكن أدركوه بالإيمان فقام لهم مقام العيان وأدركه الجاهل ومن ورثه بعينه في عين كونه فكانت أسماء إلهية أذهبت أسماء وأنباء مسموعة أعدمت أنباء اشتركت جمرات منى وجمرات الزمان في التثليث والتسبيع لاجتماعهما في المقام الرفيع فالجمرة الدنيا لأصحاب النسب الإلهي دينا ودنيا وأهل الجمرة الوسطى للمحافظين على الصلاة الوسطى وجمرة العقبة لها الانفراد والتقدم بالمرتبة

[الجواد ذو جواد]

ومن ذلك الجواد ذو جواد من الباب 354 لا تقل وصلت فما ثم نهاية ولا لم أصل فإنه عماية ليس وراء الله مرمى وهنالك يستوي البصير والأعمى الناظر إليه ينتهي ويقف وصاحب الكشف فيه يكشف ويعترف لا يشكو الجواد إلا الجواد فإن الجود يخلي الخزائن لما تطلبه الكوائن والمحدث في الدنيا محصور وبالمشيئة الإلهية مقهور فعلى قدر ما يعطي يهب وإن قيل له اذهب ذهب لا تخلى المخازن ما دامت المعادن والمعادن عماله والعاملون أصحاب أجر وعماله فإما همة وإما مال ما هنالك آمال هذه أحوال الرجال أهل الاتصال في الانفصال وأهل الانفصال في الاتصال‏

[تسوية الصفوف مألوف‏]

ومن ذلك تسوية الصفوف مألوف من الباب 355 تسوية الصفوف من تمام الصلاة والإمداد بالمألوف من كمال الصلاة فلا يناجيه إلا راجيه ولا يهابه إلا أهابه أنت إهابه ما لم تدبغ فإذا بغت فأنت الرسول المبلغ إما رسول ورائه بتحصيلك ميراثه وإما رسول مستقل جاءه بيانه وليس هذا زمانه فإن باب التشريع قد ضاع مفتاحه وقيد سراجه فصباحه لا ينبلج وبابه لا ينفرج وإن خوطب به الكامل الجامع الشامل فهو تعريف بما ثبت وإعلام بما عنه سكت عليك بالصفوف الأول فمنها تشاهد الأزل وإياك أن تتأخر فتؤخر وأنت ذو وراء فما ترى ولا يشهد المحيط إلا البسيط فإن كنت وجها كذلك فأنت أنت فصل حيث شئت فصل‏

[تعشير القرآن في الجنان‏]

ومن ذلك تعشير القرآن في الجنان من الباب 356 هذا لسان كما جاء أخذناه وأوردناه كما سمعناه قال الآتي المواتي إذا خاطبك الحق بلسان لا تعرفه فقف وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وقال الفرقان نتيجة العامل بالقرآن العظيم وتختلف نتائج القرآن باختلاف نعوته فالقرآن المطلق يعطي ما لا يعطيه القرآن المقيد وقد قيد الله قرآنه بالعظمة والمجد والكرم وقال إذا خوطبت بالرسالة فقف حتى تعلم عمن أنت رسول فإن الرسالة والنبوة قد انقطعت بوجود رسالة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وبما أنت رسول ولمن أرسلت وما حظك منها

[رسالة الأرواح في الأرواح‏]

ومن ذلك رسالة الأرواح في الأرواح من الباب 357 قال رسالة الأرواح لا تزال دائمة فإن بيدها مفاتيح نفحات الجود الإلهي فمن تعرض لتلك النفحات أعطته مفاتيحها فنال منها على قدر تعرضه وقال إذا تعرضت إلى الله تعرض إليه تعرضك لجود مطلق وإياك أن تبخله فإن جميع الممكنات في يديه وهي لا تتناهى وأنت لا تطلب إلا متناهيا وقال لا تعجب من نعت الجواد بالعطاء وإنما العجب ممن نعته بالإمساك وقال ما خلق الله أعجب من الدنيا فمن اعتبرها رأى الأمر على ما هو عليه وقال كل ما في الدنيا عجب وأعجب ما فيها وصف الحق بما لا يليق به وما أطلق الألسنة عليه بذلك إلا هو كما أطلق السنة أخرى بتنزيهه عن ذلك وضرب الناس بعضهم ببعض إلى يوم كشف الغطاء

[الغرامة شهامة]

ومن ذلك الغرامة شهامة من الباب 358

إذا يخص الذي يوحى إليه بما *** أنى به الوحي من علم ومن خبر

من غير معرفة منه بذاك ولا *** يدري به أحد من سائر البشر

فلا يعرفه وليلزم شرائطه *** بالاتباع الذي قد جاء في الأثر

هذا هو الأدب المختار جاء به *** رسول ربك في الآيات والسور

في مثل طه وفي مثل القيامة لا *** تعدل به أدبا إن كنت ذا نظر

هذي وصيتنا فالزم طريقتها *** فإنما أنت في الدنيا على سفر

وقال أنت مأمور بأن تعمل شكرا والشكر صفته والزيادة مقرونة بالشكر منه إليك بالنص وفيه تنبيه بما يطلبه منك من الزيادة فيما شكرك عليه فإياك إن تغفل عن هذا القدر وكن مع الله كما أنت مع نفسك‏

[الأعراب سادات الأحزاب‏]

ومن ذلك الأعراب سادات الأحزاب من الباب 359 قال الأحزاب شعوب وقبائل فكن من أهل القبائل فإنهم أكرم أحزاب ونبيك عربي وقال لا تحجم فيحجم عليك‏

كما

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا توك فيوكى عليك‏

يأمر بالجود وقال إياكم وخضراء الدمن وهي الجارية الحسناء في المنبت السوء

فإن الله يقول يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى‏ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وهو ما يزينه الشيطان من الأعمال وإن كان لها وجه إلى الحق فالمعدن خبيث‏

جاء إبليس إلى عيسى عليه السلام فقال له قل لا إله إلا الله فهذه كلمة حق من معدن خبيث فقال له عيسى عليه السلام يا ملعون أقولها لا لقولك وأمرك‏

فما قال لا إله إلا الله التي أمره بها إبليس فهذه جارية حسناء في منبت سوء

[علم الظاهر والتأويل في الحديث والتنزيل‏]

ومن ذلك علم الظاهر والتأويل في الحديث والتنزيل من الباب 36و< قال ما عصى آدم إلا بالتأويل وما عصى إبليس إلا بالأخذ بالظاهر فما كل قياس يصيب ولا كل ظاهر يخطئ وقال إن قست تعديت الحدود وإن وقفت مع الظاهر فاتك علم كثير فقف مع الظاهر في التكليف وقس فيما عداه تحصل على علم كبير وفائدة عظمى وتخفف عن هذه الأمة فإن ذلك أعني التخفيف عنها مقصود نبيها صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فيها وقال الظاهر مظاهر فتلزمه الكفارة قبل الوطء وقال لو أخذوا بالظاهر في كتابهم ما نبذوه وراء ظهورهم فما أضر بهم إلا التأويل فاحذر من غايته وقال الخطب عظيم والأمر مشكل والمكلف مخاطب بالسنة مختلفة مع البيان الشافي ولكن العيب والسقم من الفهم السقيم‏

[من أوتي جوامع الكلم فقد أعطى الحكم‏]

ومن ذلك من أوتي جوامع الكلم فقد أعطى الحكم من الباب 361 وقال إذا أيه الله بأحد في كتابه فكن أنت ذلك المويه به فإن أخبر فافهم واعتبر فإنه ما أيه بك إلا لما سمعت وإن أمرك أو نهاك فامتثل وما ثم قسم رابع إنما هو خبر أو أمر أو نهي وقال أنزله في خطابه إياك منزلة الأم من الشفقة فتلقى منه بالقبول ما يورده عليك فإنه ما خاطبك إلا لينفعك وقال لا تجعل زمامك إلا بيد ربك فإن له كما قال يدين فكما أنه قد أخبرك أن يده بناصيتك اضطرارا فاجعل زمامك بيده اختيارا فتجنى ثمرة الاختيار والاضطرار يجمعك بين اليدين وعلم الله لقد أبلغت لك في النصيحة والذكرى‏

[من أهل الكتاب من هو أسعد من ذوي الأحساب‏]

ومن ذلك من أهل الكتاب من هو أسعد من ذوي الأحساب من الباب 362 قال نسب الله التقوى فمن اتقاه فقد صحح نسبه وهو عبد الله حقا وإياك والنسب الطيني فإنه غير معتبر وما أحسن ما قال علي بن أبي طالب القيرواني‏

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء

وقال قدرك عند الله موازن لقدره عندك وأنت أعرف بنفسك مع ربك وقال لا مفاضلة في كلام الله من حيث ما هو كلامه فالكتب كلها من إل واحد والقرآن جامع فقد أغنى وأنت منه على يقين ولست من غيره على يقين لما دخله من التبديل والتحريف‏

[المحو والإثبات في علم الأبيات‏]

ومن ذلك المحو والإثبات في علم الأبيات من الباب 363 قال احفظ على بيوت الله وأشرفها بيتا قلب المؤمن فإنه بيت الحق وقال قوّ أساس بيتك وشيد أركانه أساسه التوحيد وأركانه أربعة الصلاة والزكاة والصوم والحج وجدرانه ما بين الأركان وهي نوافل الخيرات ولا تجعل له سقفا فيحول بينك وبين السماء فتحرم الرؤية لا تكن نفسك فيه بالسقف فإن الغيث إذا نزل لا يصل إليك منه شي‏ء وهو رحمة الله رحم به عباده وقال لا تسكن من البيوت إلا أضعفها فإن الخراب يسرع إليها فتبقى في حفظ الله لا في حفظ البيت فإنه من لا بيت له احفظ على رحله ممن له بيت فيه رحله وقال الأمور إذا تناقضت وهي متناقضة بلا شك فاعمد

إلى أقربها إلى الحق فاعتمد عليه وأقربها إلى الحق من يسرع إليه الذهاب والزوال فيبقى الحق الذي هو المطلوب‏

[أخبار الأنبياء مسامرة الأولياء]

ومن ذلك أخبار الأنبياء مسامرة الأولياء من الباب 364 قال إذ ولا بد من الحديث فلا تتحدث إلا بنعمة ربك وأعظم النعم ما أعطيت الأنبياء والرسل فبنعمهم تحدث وقال الولي الله فلا تجالس غيره ولا نتحدث إلا معه فإنه يسمع عباده فاسمع الله فإنك إن أسمعت غيره فقد أسأت الأدب معه أ لا ترى إلى الإنسان إذا أقبل على كلامه جليسه فاسمع غيره أخجله وإذا أخجله لم يا من غائلته وأهون غائلته أن يقطع به في الموضع الذي يحتاج إليه فيه وقال مجالسة الرسل بالاتباع ومجالسة الحق بالإصغاء إلى ما يقول فإنه المتكلم الذي لا يجوز عليه السكوت فكن سامعا لا متكلما

[من يتوقى الضرر ليس من البشر]

ومن ذلك من يتوقى الضرر ليس من البشر من الباب 365 قال البشر كل من باشر وما ثم إلا من باشر فما ثم إلا بشر وما ثم إلا من يتوقى الضرر مما

روينا أن جبريل وميكائيل عليه السلام بكيا فأوحى الله إليهما ما شأنكما تبكيان فقالا لا نأمن مكرك قال كذلك فكونا لا تأمنا مكري‏

وقال كل ما سوى الله معلول والمعلول مريض فملازمة الطبيب فرض لازم وقال كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى‏ إِلى‏ كِتابِهَا لتقرأه حيث هو فاجعل كتابك في عليين فإن جعلته في سجين فاختمه بالتوحيد وقال اتخذ الله وقاية بأن تكون له هنا وقاية فإنك إن اتقى بك في الدنيا اتقيت به في الأخرى وقال يا ولى ما خلق الله أكمل من الإنسان فلا ترض بالدون واطلب معالي الأمور وما ثم أعلى من العلم بالله فلا تشغل نفسك بغير البحث فيه والأخذ منه وميزه في الخلق بترك العلامة فإنها علامة

[منازل الأنبياء عليه السلام من ظلل الغمام‏]

ومن ذلك منازل الأنبياء عليه السلام من ظلل الغمام من الباب 366 قال لا تغفل عن مشاهدة الغمام فإنه مذكر كل مؤمن بربه وقال إذا كان الحق على قدر ما جاء العلماء به فاعتمد على الحق الذي جاءت الرسل بنعته وإياك والفكر فيه فإنه مزلة قدم قف عند ظاهر ما جاءت به من غير تأويل فإن الرسل ما تنطق عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏ علمهم شديد القوي وقال الخلق عيال الله‏

وأكرم العيال عند رب البيت صاحبة البيت وليس إلا الرسل ومن ورثهم على مدرجتهم فالورثة كالسراري لرب البيت فهن وإن كن سراري فقد اشتركن مع الحرائر في الأسرة والأسرار والإماء إلى الأصل أقرب‏

[ما بين الشبهة والبرهان من الفرقان‏]

ومن ذلك ما بين الشبهة والبرهان من الفرقان من الباب 367 قال إياك أن تتخدع فإن الشبه ما تظهر إلا بصور البراهين وهي أقرب إلى الأفهام بالأوهام من الأدلة وقال احذر من القرآن إلا أن تقرأه فرقانا فإن الله يُضِلُّ به كَثِيراً أي يحيرهم ويَهْدِي به كَثِيراً أي يرزقهم الفهم فيه بما هو عليه من البيان وما يُضِلُّ به إِلَّا الْفاسِقِينَ وهم الذين خرجوا عن حدوده ورسومه وقال أنت أنت وهو هو فاحذر أن تقول كما قال العاشق‏

أنا من أهوى ومن أهوى أنا

فهل قدر على أن يرد العين واحدة والله ما استطاع فإن الجهل لا يستطاع فأتى بذكره وذكر من يهوى ففرق واعتقد الفرقان تكن من أهل البرهان لا بل من أهل الكشف والعيان قد علمت إن ثم غطاء يكشف وقد آمنت به فلا تغالط نفسك بأن تقول أنا هو وهو أنا

[توالى الأنوار على قلوب الأحرار]

ومن ذلك توالى الأنوار على قلوب الأحرار من الباب 368 أول نور ظهر الكوكب ثم تنكب وتلاه القمر فما أثر فلما بدت الشمس أزالت ما في النفس وكانت هذه الأنوار عين الدليل في حق إبراهيم الخليل ع‏

من نظر الحق إلى سره *** أناله العز على غيره‏

فليشكر الله على قدر ما *** أعطاه رب الخير من خيره‏

إذا دعاه الحق من كونه *** أقبل نحو الحق من فوره‏

لا يتأنى وليقف عارفا *** بقدره المعلوم في طوره‏

إله إبراهيم أعطى الذي *** أراد إبراهيم في صوره‏

أطياره فنال مطلوبه *** بما أتى الأنباء في طيره‏

فنور ما في الروح من نوره *** ونور ما في الجسم من نوره‏

إن خصك الله به فاستعذ *** من حوره القاضي على كوره‏

من قال لا ضير لما قد رأى *** من انقلاب الأمر في ضيره‏

ما فلك دار على قطبه *** إلا أتى بالكون في دوره‏

لله من قاض ومن عادل *** قد أمن الأقوام من جوره‏

وفضله عم ولا صارف *** في كوره الأعلى وفي حوره‏

[ما يعطي البقاء في دار السعادة والشقاء]

ومن ذلك ما يعطي البقاء في دار السعادة والشقاء من الباب 369 قال من تلا المحامد ولم يكن عين ما يتلوه منها فليس بتال وكذلك من تلا المذام وكان عين ما يتلوه منها فليس بتال فما نزل القرآن إلا للبيان وقال كن أنت المخاطب في خطاب الحق بسمعك لا بسمع الحق فإنه لا يأمر نفسه ولا ينهاها وقال لا تحزن على ما يفوتك من جنة الميراث فإنه ما فيها تقصير وإنما ينبغي لك أن تحزن على ما يفوتك من جنة الأعمال وقال لا تعتمد إلا على جنة الاختصاص فإنها مثل التوفيق للأعمال الصالحة في هذه الدار لا تنال إلا بالعناية لا بالاكتساب وقال كل مما يليك إذا كان الطعام واحدا فإن اختلف فكل من حيث شئت وذلك أن العقائد مختلفة والمطلوب بها واحد فإن نظرت إليهم من حيث أحدية المطلوب فأثبت على ما عندك وهو الأكل مما يليك وإن نظرت إليهم من حيثهم فكل من حيث شئت فإنك مصيب‏

[سجود القلب والجسد هل ينقطع أو هو إلى الأبد]

ومن ذلك سجود القلب والجسد هل ينقطع أو هو إلى الأبد من الباب 37و< قال ما عرفنا نقص سهل إلا من سجود قلبه وما أخبر أنه رآه ساجدا فرآه على ما كان عليه وإنما أخبره أنه يسجد ولا سجود إلا من قيام أو جلوس ولا قيام للكون فإن القيومية لله وقال لكل اسم إلهي تجل فلا بد أن يسجد له القلب فلا يزال يتقلب من سجود إلى سجود وبهذا سمي قلب العارف قلبا بخلاف قلوب العامة لاختلاف تقلباتها فيما يخطر لها من أحوال الدنيا وتلك بعينها هي عند العارف أسماء إلهية فانظر إلى ما بين المنزلتين كيف يرتقي هذا بعين ما ينحط به هذا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ وقال ما وقع ما وقع إلا من تعشق كل نفس بما هي عليه ولذلك قال كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فلو تبين لكل حزب ما له وما له لفرح من ينبغي له أن يفرح وحزن من ينبغي له أن يحزن وقال لو خرجوا من العمرة إلى ما كانوا عليه أول مرة في قولهم بلى لسعدوا

[التقسيم في الكلام الحادث والقديم‏]

ومن ذلك التقسيم في الكلام الحادث والقديم من الباب 371 قال كلام الحادث محدث وكلام الله له الحدوث والقدم فله عموم الصفة فإن له الإحاطة ولنا التقييد وقال لا يضاف الحدوث إلى كلام الله إلا إذا كتبه الحادث أو تلاه ولا يضاف القدم إلى كلام الحادث إلا إذا تكلم به الله عند من أسمعه كلامه كموسى عليه السلام ومن شاء الله من عباده في الدنيا والآخرة وأهل السعادة وأهل الشقاء يقول الله لأهل جهنم في جهنم اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ وقال من سمع كلام الله من الله استفاد ومن سمعه من المحدث ربما عاند وربما قبل بحسب ما يوفق له وقال العجب كل العجب من قذف الحق على الباطل والباطل عدم فما وقع على شي‏ء فلمن دمغ بقذفه ولا عين له في الوجود ولو كان له وجود لكان حقا فهذا من أعجب ما سمعته الآذان من أصحاب القلوب‏

[ما يعطي خطاب الجود والسماحة من الراحة]

ومن ذلك ما يعطي خطاب الجود والسماحة من الراحة من الباب 372 قال إن كان العماء كالعرش فالخطاب باق‏

من السائل الذي سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق فقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كان في عما ما فوقه هواء وما تحته هواء

فإن قصد السائل بالخلق كل ما سوى الله فما هو العماء وهذه مسألة خفية جدا وقال بالاستواء صح نزوله تعالى كل ليلة إلى السماء ومع هذا فهو مع عباده أينما كانوا ولما علم إن بعض عباده يقولون في مثل هذا بعلمه أعلم في هذه الآية إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ ليغلب على ظن السامع أنه ليس على ما تأولوه فإنا لا نشك أنه يحيط بنا علما أينما كنا وكيف لا يعلم ذلك وهو خلقنا وخلق الأبنية التي نحن فيها وكذلك لو قال في تمامها على كل شي‏ء شهيد وقال لكل اسم من الأسماء الحسنى وجوه في التجليات لا تتناهى وإن تناهت الأعمار في الدنيا فلا نهاية لها في الآخرة

[سر الانخناث إلحاق الذكران بالإناث‏]

ومن ذلك سر الانخناث إلحاق الذكران بالإناث من الباب 373 قال الخنثى إذا كمل نكح ونكح فولد وأولد فحاز الشهوتين فمن أنزله منزلة البرزخ أعطاه الكمال ومن وقف مع عدم تمكنه من الانخناث أعطاه النقص عن درجة الكامل فهو بحسب‏

ما يعتبره من ينظر فيه والمعتبر بحسب ما يقام فيه وقال المترجلات من النساء كالمتخنثين من الرجال فإن خلقوا على ذلك فهم بحسب ما خلقوا عليه وما ذم إلا التغمل فاحذر منه وقال كملت مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون فقد ثبت الكمال للنساء كما أثبته للرجال ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ فما هو هذا الكمال إن كان الانفعال فخذه إلى عيسى عليه السلام وقال لآدم على النساء درجة ولمريم على عيسى درجة لا على الرجال فالدرجة لم تزل باقية وبها حاز الرجل الثلث الثاني فكان له الثلثان فلو وقعت المساواة لكانا في المال على السواء وقال تعجب زكريا مما تعجبت منه مريم وسارة فلحق الرجال بالنساء وثم ما هو أعجب وإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاهُ وجِبْرِيلُ وصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ والْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ في مقابلة امرأتين‏

[من وعظه النوم من القوم‏]

ومن ذلك من وعظه النوم من القوم من الباب 374 قال من أراد أن يعرف حاله بعد الموت فلينظر في حاله إذ نام هو وبعد النوم فالحضرة واحدة وإنما ضرب الله لنا ذلك مثلا وكذلك ضرب اليقظة من النوم كالبعث من الموت لقوم يعقلون وقال الدنيا والآخرة أختان وقد نهى الله عن الجمع بين الأختين والجمع يجوز بين الضرتين فما هما ضرتان لكن لما كان في الإحسان إلى إحدى الأختين بالنكاح إضرار بالأخرى لذلك قيل فيهما ضرتان فتنبه وقال سفينتك مركبك فاخرقه بالمجاهدة وغلامك هواك فاقتله بسيف المخالفة وجدارك عقلك لا بل الأمر المعتاد في العموم فأقمه تستر به كنز المعارف الإلهية عقلا وشرعا حتى مبلغ الكتاب أجله فإذا بلغ عقلك وشرعك فيك أشدهما وتوخيا ما يكون به المنفعة في حقهما وما أريد بالشرع إلا الايمان فإن العقل والايمان نور على نور

[ما يحصل صاحب الرحلة عن كل نحلة]

ومن ذلك ما يحصل صاحب الرحلة عن كل نحلة من الباب 375 قال الرحلة من الأكوان إلى الله تعالى جهل به تعالى فلو رأى وجه الحق في كل شي‏ء لعرف قوله تعالى ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها وقوله فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله وقوله لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً على الاعتبارين في قوله منهاجا وقال الظلمة دليل على علم الغيب والنور دليل على علم الشهادة فالليل لباس فأنت الليل والنهار للحركة فهو للحق شئونه الحركة حياة وهي حقية والسكوت موت فهو خلقي ومع هذا فله ما سكن بالوجهين من السكون والثبات ولك ما تحرك بالوجهين من وإلى ولا اعتبار لليل ولا لنهار فله ما فيها من حكم الإيجاد ولك ما فيها من الانتفاع والنوم راحة بدنية ومكاشفات غيبية عينيه وقال إرداف النعم وتواليها إرفاد الحق ومنحه لعباده فمن اتقى الله فيها سعد ومن لم يتق الله فيها شقي وقال مواهب الحق لا تحجير عليها فلا تقل لم نعط فإن الحق يقول لم تأخذ الدليل ما ورد من التكليف قيل لك لا تفعل فعلت قيل لك افعل لم تفعل هكذا الأمر

[الفرق في الوحي بين التحت والفوق‏]

ومن ذلك الفرق في الوحي بين التحت والفوق من الباب 376 قال إذا قام المكلف بما خاطبه به رسوله من حيث ما بلغه عن ربه لا من حيث ما سن له فما دخل له مما أتحفه الحق به من المعرفة به في ميزان قيامه فذلك العلم المكتسب وما خرج عن ميزانه ولا يقبله ميزان عمله فذلك علم الوهب الإلهي فالعلم الكسبي نصر الله والوهبي فتحه ف إِذا جاءَ نَصْرُ الله والْفَتْحُ علم أنه قد قام بحق ما كلف وإذا انقادت إليه قواه الحسية والعقلية فمشت معه على طريقه الذي هو صراط الله لا صراط الرب فليشكر الله على ما خوله به وحباه وقال خفي عن الناس طاعة إبليس بلعنة الله إياه كما خفي عنهم موافقة الملك ربه في خلافة آدم بثناء الله عليهم ورضاه عنهم‏

[المنع في الصدع‏]

ومن ذلك المنع في الصدع من الباب 377 قال حفظ الله ذكره بالحفظة من البشر وبالصحف المكرمة التي بأيدي السفرة الكرام البررة فالحق في قلبه وكلامه في صدره وقال خزائن الله صدور المقربين وأبواب تلك الخزائن ألسنتهم فإذا نطقوا أعنوا السامعين إن كانت أعين أفهامهم غير مطموسة وقال إذا تميز العارف بالإضافة إلى معروفه لقطن الحجة فإن الحجة البالغة لله وعصم من الخطاء في القول والعمل وقال الهبة العظمى ما أعطاك الله من الرحمة في قلبك بعباده فخفضت لهم الجناح وألنت لهم القول يقول كهمس في رجزه‏

ألبس لكل حالة لبوسها *** إما نعيمها وإما بؤسها

وقال إنما كانت الحجة البالغة لله لأن العلم يطابق المعلوم فافهم‏

[ما هو المقام الجليل الذي صح للخليل‏]

ومن ذلك ما هو المقام الجليل الذي صح للخليل‏

من الباب 378 قال المحدث في القديم ما هو القديم في المحدث اتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا وورد في الخبر لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا لكن صاحبكم خليل الله‏

فانظر إلى ما تحت هذا من المعنى اللطيف قال بعضهم‏

وتخللت مسلك الروح مني *** وبذا سمي الخليل خليلا

وقال ما ثم إلا أسماؤه وليست سواه وما هي دلائل عليه بل هي عينه وقد تخللها المتخلق الكامل فهو الخليل وقال الله الصاحب وأنت الخليل وقال نال محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الخلة والوسيلة بدعاء أمته ولذلك أمرهم بالصلاة عليه كما صلى على إبراهيم وأمرهم أن يسألوا له الوسيلة وجعل الجزاء الشفاعة وقال كل خليل صاحب وما كل صاحب خليل وقال المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل فلينظر أحدكم من يخالل أي على عادته وخلقه وأنت خليل الحق فهو على ما أنت عليه لهذا وصف نفسه بما أنت عليه من الفرح والتبشيش والتعجب والضحك وجميع ما ورد عنه مما هو لك‏

[الكلام بعد الموت هل هو بحرف وصوت‏]

ومن ذلك الكلام بعد الموت هل هو بحرف وصوت من الباب 379 قال الكلام بعد الموت بحسب الصورة التي ترى نفسك فيها فإن اقتضت الحرف والصوت كان الكلام كذلك وإن اقتضت الصوت بلا حرف كان وإن اقتضت الإشارة أو النظرة أو ما كان فهو ذلك وإن اقتضت الذات أن تكون عين الكلام كان فإن جميع ذلك كله تقتضيه تلك الحضرة وإن رأيت نفسك في صورة إنسان حزت جميع المراتب في الكلام فإنه العام الجامع أحكام الصور وقال وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ يعني بالنظر العقلي فالكل ناطق وتقع العين على ناطق وصامت فالمؤمن يدرك ذلك إيمانا وصاحب الكشف يدرك الكيفية والكشف منحة من الله يمنحها من شاء من عباده وقال كل نطق في الوجود تسبيح وإن انطلق عليه اسم الذم وبعلم هذا فضلنا غيرنا بحمد الله‏

[ما يختص بالدنيا من أحكام الرؤيا]

ومن ذلك ما يختص بالدنيا من أحكام الرؤيا من الباب 38و< قال‏

إنما قال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا

لما في الموت من لقاء الله أ لا ترى إلى قوله في المحتضر فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ولم يقل عقلك فكلما أنت فيه في الدنيا إنما هو رؤيا فمن عبرها في الدنيا كان بمنزلة من رأى في الرؤيا أنه استيقظ وهو في حال نومه كما هو فعبرها وقال من وقف على حكمة تقلب الأمور في باطنه علم أنه نائم في يقظته العرفية وقال الأمر في غاية الإشكال لأنا خلقنا في هذه الدنيا نياما فما ندري لليقظة طعما إلا ما يهب علينا من روائح ذلك في حال نومنا الذي هو شبيه بحال موتنا إلا أن في النوم العلاقة باقية بتدبير هذا الهيكل وبالموت لا علاقة ولا بد أن يختلف الحكم في صورة ما أو في صور

[ما حال أهل الانتباه في صراط الرب وصراط الله‏]

ومن ذلك ما حال أهل الانتباه في صراط الرب وصراط الله من الباب 381 قال صِراطِ الله إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً وقال لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وقال ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ وقال وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً وقال صِراطِ الله الَّذِي لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ وقال قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى الله وقال ما يدعو إلى الله على بصيرة إلا من كان على بينة من ربه والشاهد الذي يتلوه منه ما يوافقه على ذلك من النفوس التي كشف الله لها عن ذلك وقال ما ثم إلا اختلاف ولا يكون إلا هكذا وإذا سمعت أن ثم أهل جمع فليس إلا من جمع مع الحق على ما في العالم من الخلاف لأن الأسماء الإلهية مختلفة وما ظهر العالم إلا بصورتها فأين الجمع وقال العين واحدة فالحكم واحد

[هل في القدم قدم‏]

ومن ذلك هل في القدم قدم من الباب 382 قال من سبقت له العناية عند الله ثبت العالم عنده عن ما هو عليه لا يتبدل في تبدله وتحوله من حال إلى حال ومن صورة بصورة والعالم بذلك قليل وقال الدنيا والآخرة سواء في الحكم إلى أجل مسمى فيما اجتمعا فيه وقال لا يظهر خصوص الآخرة التي تمتاز به عن الدنيا فيكون آخرة ما فيها حكم دنيا إلا إذا انقضى أجلها المسمى وعمت الرحمة وشملت النعمة عند ذلك تكون مفارقة للدنيا وذلك هو الموت الصحيح الموجب الراحة وهو النوم الذي لا يقظة بعده فإن الله جعل النَّوْمَ سُباتاً أي راحة فكل ما تراه في عين الآخرة الخالصة فهو رؤيا وهنالك يعلم الإنسان العارف اتصاف الحق بالحي القيوم وأنت المايت النئوم ولك البقاء فيما أنت فيه كما إن له البقاء فيما هو فيه وقال من عرف حال العالم وما له وتصرفاته وأحكامه من هنا فقد عرف وذلك هو المسمى بالعارف العالم الحكيم فاجهد أن تكون أنت ذلك الرجل‏

[الاستقصاء هل يمكن فيه الإحصاء]

ومن ذلك الاستقصاء

هل يمكن فيه الإحصاء من الباب 383 قال إذا رأيت من يتبرأ من نفسه فلا تطمع فيه فإنه منك أشد تبرأ فافهم وقال ما ثم ثقة بشي‏ء لجهلنا بما في علم الله فينا فيا لها من مصيبة وقال ما ثم إلا الايمان فلا تعدل عنه وإياك والتأويل فيما أنت به مؤمن فإنك ما تظفر منه بطائل ما لم يكشف لك عينا وقال اجعل أساس أمرك كله على الايمان والتقوى حتى تبين لك الأمور فاعمل بحسب ما بان لك وسر معها إلى ما يدعوك إليه وقال اجعل زمامك بيد الهادي ولا تتلكأ فيسلط عليك الحادي فتشقى شقاء الأبد وقال من كانت داره الحنان في الدنيا خيف عليه وبالعكس‏

[التحديد بين أهل الشرك والتوحيد]

ومن ذلك التحديد بين أهل الشرك والتوحيد من الباب 384 قال من نعم الله كونه جعل الفطرة في الوجود لا في التوحيد فلذلك كان المال إلى الرحمة لأن الأمر دور فانعطف آخر الدائرة على أولها والتحق به فكان له حكمه وما كان إلا الوجود وقال سبقت الرحمة الغضب لأنه بها كان الابتداء والغضب عرض والعرض زائل وقال التوحيد في المرتبة والمرتبة كثرة فالتوحيد توحيد الكثرة لو لا ما هو الأمر كذا ما اختلفت معاني الأسماء أين مدلول القهار من مدلول الغفار وأين دلالة المعز من دلالة المذل هيهات فزنا وخسر من كان في هذه الدنيا أعمى لا علم إلا في الكشف فإن لم تكن من أهله فلا أقل من الايمان وقال المحسوس محسوس فلا تعدل به عن طريقه فتجهل والمعقول كذلك معقول فمن ألحق المحسوس بالمعقول فقد ضل ضلالا مبينا

[الفاصل بين الحالي والعاطل‏]

ومن ذلك الفاصل بين الحالي والعاطل من الباب 385 قال لله سور بين الجنة والنار باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظاهِرُهُ من قِبَلِهِ الْعَذابُ وعليه رجال يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وهو الأعراف فيعرفون ما هم فيه وما هم وقال أخفى الله رحمته في باطن ذلك السور وجعل العذاب في ظاهره لاقتضاء الموطن والزمان والحال وأهل الجنة مغموسون في الرحمة ولا بد من الكشف فتظهر رحمة باطن السور فتعم فهنالك لا يبقى شقي الا سعد ولا متالم إلا التذ ومن الناس من تكون لذته عين انتزاح ألمه وهو الأشقى وهو في نفسه في نعيم ما يرى أن أحدا أنعم منه كما قد كان بري أنه لا أحد أشد عذابا منه وسبب ذلك شغل كل إنسان أو كل شي‏ء بنفسه وقال أرجى آية في كتاب الله في حق أهل الشقاء في إسبال النعيم عليهم وشمول الرحمة قوله ولا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ وهذا جزاء المجرمين على التعيين‏

[الأفضل والفاضل والناقص والكامل‏]

ومن ذلك الأفضل والفاضل والناقص والكامل من الباب 386 قال من وقف على الحقائق كشفا وتعريفا إلهيا فهو الكامل الأكمل ومن نزل عن هذه المرتبة فهو الكامل وما عدا هذين فأما مؤمن أو صاحب نظر عقلي لا دخول لهما في الكمال فكيف في الأكملية فاعلم وقال لا تتكل على دليل إنه يوصلك إلى غيره غايته أن يوصلك إلى نفسه وذلك هو الدليل فلا تطمع إلا أن يكون دليلك الكشف فإنه يريك نفسه وغيره وهذا الأفراد الرجال وقال إذا قرأت رسل الله الله فإن انقطع نفسك على الجلالة الثانية كان وإلا فاقصد ذلك ثم ابتدئ الله اعلم حيث يجعل رسالاته‏

[الوجود في الوفا بالعهود]

ومن ذلك الوجود في الوفاء بالعهود من الباب 387 قال الوفاء من العبد بالعهد جفاء وإن كان محمودا لما فيه من رائحة الدعوى وقال احذر أن تفي ليفي إليك أوف أنت بعهدك واتركه يفعل ما يريد وقال من وفى بعهده ليفي له الحق بعهده لم يزده على ميزانه شيئا وهو قوله أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وليس سوى دخول الجنة ورد في الحديث كان له عند الله عهدا أن يدخله الجنة لم يقل غير ذلك ومن أَوْفى‏ بِما عاهَدَ عَلَيْهُ الله ولم يطلب

الموازنة ولا ذكر هنا أنه يفي له بعهده وإنما قال فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً وما عظمه الحق فلا أعظم منه فاعمل على وفائك بعهدك من غير مزيد وقال الوفاء يتضمن استقصاء الحقوق ويتضمن الزيادة وهي من جانب العبد نوافل الخيرات والحقوق هي الفرائض فالوفاء من الله لعبده بهذه المثابة وفاء وجوب واستحقاق وزيادة لزيادة وزيادة لا لزيادة وهي الزيادة المذكورة في القرآن‏

[استناد الكل إلى الواحد وما هو بأمر زائد]

ومن ذلك استناد الكل إلى الواحد وما هو بأمر زائد من الباب 388 قال وإليه يرجع الأمر كله فما ثم إلا عينه فمن السعيد والشقي وقال إن الحق وصف نفسه بالرضى والغضب فما ثم إلا راحة وتعب ومنهم شقي بالغضب والغضب زائل وسعيد بالرضى والرضي دائم وقال من فهم الأمور هانت عليه الشدائد فإن الشي‏ء ارحم بنفسه من غيره به وقال أ لا ترى إلى المنتقم لا ينتقم من عدوه ليؤلم عدوه إنما ينتقم منه دواء لنفسه يستعمله ليريح نفسه كذي العز يكوي غيره وهو راتع كذا هو الأمر

فافهم واعقل ألا ترى المنتقم إذا سكن غضبه بالانتقام عفا وإن فرط في المنتقم منه الأمر بالقتل ندم إلا أن يكون في حد من حدود الله فإنه تطهير

[الإبرام والنقض في لبعض من البعض‏]

ومن ذلك الإبرام والنقض في لبعض من البعض من الباب 389 قال لو لا ما أنت منه ما كني بك عنه قال تعالى في عيسى وروح منه وما في الوجود شي‏ء إلا منه قال تعالى وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ وقال من أنزلك منزلته فقد أباح لك التصرف في رتبته فأظهر بصفته ولا تكن كأبي يزيد يغشى عليك في أول قدم كن محلا تكن للخلافة أهلا ما دمت في الدنيا فإذا انتقلت إلى العقبي فأنت بالخيار وقال اجهد أن لا تفارق حياتك فإنك إن فارقتها ما تدري هل ترجع إليها أو لمثلها وأنت قد ألفتها وصحبة من تعلم أولى من الغريب وقال العصمة والاعتصام ضربان اعتصام بالله واعتصام بحبل الله فإن كنت من أهل الحبل فأنت من أهل السبب وإن اعتصمت بالله كنت من أهل الله فإن لله من عباده أهلا وخاصة وقال حكم أهل الله ما تميزوا به من تحليهم لخلق الله بصورة الحق ومن لم يكن له هذا فليس من الأهل وهم أصحاب العرش وخاصة الله هم المقربون وإن لم يكن لهم هذا التجلي فالأهل أقرب من الخاصة

[إحياء الموات بالنبات‏]

ومن ذلك إحياء الموات بالنبات من الباب 39و< قال الحيوان لا يتغذى إلا بالنبات فحياته حياته ولذلك إذا فقد الغذاء اضطرب وقال والله أَنْبَتَكُمْ من الْأَرْضِ نَباتاً فما تغذى إلا بالمشاكل والملائم وقال من ثبت نبت مثل سائر وقال الموت الأصل ولهذا كان لفناء من أحوال أهل طريق الله ليعرفوه ذوقا فهم في البقاء مع الله في حال فناء عنهم وقال وجَعَلْنا من الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ وما خرج إلا من الحجر وما جاد به الحجر إلا بعد الضرب بالعصا والعصا نبات وبالماء يحيي الأموات فأين درجة الحيوان من درجة النبات‏

فانظر إلى حجر فاض على شجر *** وانظر إلى مائع من نفس أحجار

به الحياة وما تخشى إزالته *** وانظر إلى ضارب من خلف أستار

وقال الآجال محدودة والأيام معدودة وقال النفوس مقهورة والأنفاس محصورة وقال وجه الله أنت فأنت القبلة حيث كنت فلا تتوجه إلا إليك ما يظهر الخليفة إلا بصورة من استخلفه وأنت الخليفة في الأرض وهو الخليفة في الأهل‏

[الحضرة الجامعة للأمور النافعة]

ومن ذلك الحضرة الجامعة للأمور النافعة من الباب 391 قال من سمي الحق ذكره ومن شكره حمده ومن أثنى عليه رحمه ومن سلم إليه أمره مجده ومن استند إليه قبله ومن دعاه أجابه فكن مع الله كما هو معك وقال أنت المؤمن فأنت مرآته لذلك أنت الجامع لظهور صورته بك له وقال إذا ناجيت ربك فلا تناجه إلا بكلامه واحذر أن تخترع كلاما من عندك فتناجيه به فإنه لا يسمعه منك ولا تسمع له أجابه فتحفظ فإن ذلك مزلة قدم وقال كن تاليا لا تكن مقدما فإن قدمك الحق تقدم كالسابق والمصلي‏

يقول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الإمامة إن أعطيتها أعنت عليها وإن سألتها وكلت إليها

فلا تسأل الإمارة فإنها يوم القيامة حسرة وندامة

[اجتماع النازل والراقي وما بينهما عند التلاقي‏]

ومن ذلك اجتماع النازل والراقي وما بينهما عند التلاقي من الباب 392 قال عليك بالمنازلات فإنك مأمور بالقصد إليه وهم منعم بالنزول فانظر في أي حضرة أو منزلة يكون اللقاء فكن بحسبها وقال لا ينزل عليك إلا على الطريق الذي تعرج إليه ولو لا ذلك لم تلتق وقال انظر بأي صفة عرجت إليه تجدها بعينها عين ما نزل بها إليك وليس إلا المناسبة ولو لا ما هو الأمر هكذا ما كان اللقاء وقال لا تعامل الله بالإمكان ولكن عامله بالمناسب فإنه ما ينزل إليك إلا به فإن قلت فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ فما أراد إلا المناسب فأنت صاحب الآية

[اللؤلؤ المنثور من خلف الستور]

ومن ذلك اللؤلؤ المنثور من خلف الستور من الباب 393 قال من أراد التكوين فليقل بسم الله وإن كتبه فليكتبه بالألف وقال الأدب مع الله أن لا تشارك فيما أنت فيه مشارك وقال ما هو إلا أنت أو هو ما أنت وهو فما ثم مشاركة وقال أنت له مقابل فإنك عبد وهو سيد وقال عامله بك لا نعامله به فإذا عاملته بك عاملك به فأغناك وما أقول عمن ولذلك لا يشقى أحد بعد السعادة وقال أحمد الله على كل حال يدخل في حمدك حال السراء والضراء وما ثم إلا هاتان الحالتان وقال الزم الاسم المركب من اسمين فإن له حقا عظيما وهو قولك الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خاصة ما له اسم مركب غيره فله الأحدية هو كبعلبك ورام‏هرمز من ذكره بهذا الاسم لا يشقى أبدا

[من لم يرفع به رأس من الناس‏]

ومن ذلك من لم يرفع به رأس من الناس من الباب 394 قال ما احتقر الله من خلقه حين خلقه فانظره بالعين‏

الذي نظر إليه الحق حين أوجده فإنه ما أوجده إلا ليسبحه بحمده وقال العبد يخلق في نفسه ما يعتقده فيعظمه ولا يحتقره فما يخلق الله أولى بالتعظيم وهذه نكتة عجيبة لمن تدبرها تحتها إعلام بالعلم بالله إن علمت وقال المفوض إلى الله أمره مقوض ما بناه الحق إلا أن يجل تقويضه مما بناه الحق فيه فلا يكون عند ذلك مقوضا وقال خطاب الله بضمير المواجهة تحديد وبضمير الغائب تحديد ولا بد منها

[القرب المفرط من المفرط]

ومن ذلك القرب المفرط من المفرط من الباب 395 قال إذا سألت فاسأل أن يبين لك الطريق إليه لا بل إلى سعادتك فإنه ما ثم طريق إلا إليه سواء شقي السالك أو سعد وقال ما أجهل من نزه الحق أن يكون شريعة لكل وارد هذا شؤم النظر الفكري وهل ثم طريق لا يكون هو عينه وغايته وبدءه وقال لو لا نور الايمان ما علمت ما يعطيه العيان فلا أقوى من المؤمن حاسا وقال إلى الحيرة هو الانتهاء وما بيد العالم بالله من العلم بالله سواها ما أحسن الإشارة في كون الله ما ختم القرآن العظيم الذي هو الفاتحة إلا بأهل الحيرة وهو قوله ولا الضَّالِّينَ والضلالة الحيرة ثم شرع عقيبها آمين أي آمنا بما سألناك فيه فإن غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالِّينَ نعت ل الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وهو نعت تنزيه ومن علم إن الغاية هي الحيرة فما حار بل فَهُوَ عَلى‏ نُورٍ من رَبِّهِ في ذلك‏

رجعة المانح في منحته *** هي برهان على خسته‏

هو كالكلب كذا شبهه *** من حباه الله من رحمته‏

بالذي فيها من اللين ومن *** كرم الله ومن رأفته‏

فاز بالخير عبيد منحت *** كفه المعروف من نعمته‏

ووقاه الله شحا جبلت *** نفسه فيه لدى نشأته‏

وهو المفلح بالنص كما *** جاء في التنزيل في حكمته‏

[ما تواضع عن رفعة إلا صاحب منعة]

ومن ذلك ما تواضع عن رفعة إلا صاحب منعة من الباب 396 قال العزة لله ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ فلا يتواضع إلا مؤمن فإن له الرفعة الإلهية بالإيمان تواضع المؤمن نزول الحق إلى السماء الدنيا وقال العارف لا يعرف التواضع لأنه عبد وقال انظر بعقلك في سجود الملائكة لآدم فما صرفت وجوهها إلى التحت إلا وهو فيه لتشاهده في رتبته مشاهدة عين وقال ما كانت خلافة الإنسان إلا في الأرض لأنها موطنه وأصله ومنها خلق وهي الذلول وقال دعا الله العالم كله إلى معرفته وهم قيام فإن الله أقامهم بين يديه حين خلقهم فاسجدهم فعرفوه في سجودهم فلم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها أبدا وما عاين من هذا السجود سهل إلا سجود القلب وقال ما عرف الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم طعم التواضع إلا صبيحة ليلة إسرائه لأنه نزل من أدنى من قاب قوسين إلى من أكذبه فاحتمله وعفا عنه‏

[من خفي أمره جهل قدره‏]

ومن ذلك من خفي أمره جهل قدره من الباب 397 قال وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ فيما كيف به نفسه مما ذكره في كتابه وعلى لسان رسوله من صفاته وقال ما ثم حجاب ولا ستر فما أخفاه إلا ظهوره وقال لو وقفت النفوس مع ما ظهر لعرفت الأمر على ما هو عليه لكن طلبت أمرا غاب عنها فكان طلبها عين حجابها فما قدرت ما ظهر حق قدره لشغلها بما تخيلت أنه بطن عنها وقال ما بطن شي‏ء وإنما عدم العلم أبطنه فما في حق الحق شي‏ء بطن عنه فخاطبنا تعالى بأنه الظاهر والباطن والأول والآخر أي الذي تطلبه في الباطن هو الظاهر فلا تتعب‏

[ما في التوقيعات الجوامع من المنافع‏]

ومن ذلك ما في التوقيعات الجوامع من المنافع من الباب 398 قال ما تخرج التوقيعات الإلهية إلى العالم إلا بحسب ما التمسوه من الحق والمقاصد مختلفة هذا إذا كانت التوقيعات عن سؤال وهي كل آية نزلت عن سؤال وسبب وقال كل سورة أو آية نزلت من عند الله فهي توقيع إلهي إما بعلم بالله أو بحكم أو بخبر أو بدلالة على الله فما نزل من ذلك ابتداء فابتلاء وما نزل عن سؤال فاعتناء وابتلاء وقال ما خرج توقيع عن سؤال إلا لإقامة حجة على السائل وقال الشرع الواجب الذي لا مندوحة عنه ما وقعه الحق ابتداء ودونه ما وقعه عن سؤال بقول أو حال وقال الوجود الديوان ويمين الحق الكاتبة الموقعة فكل خبر إلهي جاء به رسول من عند الله فهو توقيع فاعمل بحسب الوقت فيه فإن الأمر ناسخ ومنسوخ‏

[ما تعطيه الحضرة في النظرة]

ومن ذلك ما تعطيه الحضرة في النظرة من الباب 399 قال الحضرة في عرف القوم الذات والصفات والأفعال وقال النظرة الإلهية في الخلق ما هو عليه الخلق من التصريف فإن العالم مسير لا مخير وقال نظر الحق في عباده إلى رتبهم لا إلى أعيانهم لهذا نزلت الشرائع على الأحوال والمخاطبون أصحابها وقال العالم بإنزال الشرائع يعرف ما خاطب الحق منه في نظره إليه وهو قوله وما تَكُونُ في شَأْنٍ وما تَتْلُوا مِنْهُ من قُرْآنٍ ولا تَعْمَلُونَ من عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ فالأحوال تطلب‏

الأحكام المنزلة في الدنيا

[من خيرك حيرك‏]

ومن ذلك من خيرك حيرك من الباب 4و<و< قال ما دعا الملإ الأعلى إلى الخصام إلا التخيير في الكفارات والتخيير حيرة فإنه يطلب الأرجح أو الأيسر ولا يعرف ذلك إلا بالدليل فَفِدْيَةٌ من صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ من أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وقال إذا خيرك الحق في أمور فانظر إلى ما قدم منها بالذكر فاعمل به فإنه ما قدمه حتى تهمم به وبك فكأنه نبهك على الأخذ به ما تزول الحيرة عن التخيير إلا بالأخذ بالمتقدم‏

تلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حين أراد السعي في حجة الوداع إِنَّ الصَّفا والْمَرْوَةَ من شَعائِرِ الله ثم قال أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا

وهذا عين ما أمرتك به لإزالة حيرة التخيير لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

[المعارف في العوارف‏]

ومن ذلك المعارف في العوارف من الباب 401 قال عطايا الحق كلها عند العارف إنما هي معارف بالله جهلها غير العارف وعرفها العارف وقال ما عرفها العارف دون غيره إلا لكونه أخذها من يد الله لما سمع الله يقول يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ وإِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله وقال عوارف الحق مننه ونعمه على عباده فما أطلعك منها على شي‏ء إلا ليردك ذلك الشي‏ء منك إليه فهو دعاء الحق في معروفه لما رأى عندك من الغفلة عنه فتحبب إليك بالنعم وقال عطايا الحق كلها نعم إلا أن النعم في العموم موافقة الغرض‏

[إثبات الحكم من غير علم‏]

ومن ذلك إثبات الحكم من غير علم من الباب 4و<2 قال ثبت بالشرع المطهر حكم الحاكم بالشاهد واليمين وقد تكون اليمين فاجرة والشهادة زورا فلا علم مع ثبوت الحكم وقال الحاكم مصيب للحكم فهو صاحب علم لأن الله ما حكم إلا بما علم وهو الذي شرع له أن يحكم فبما غلب على ظنه فهو عنده غلبة ظن وعند الله علم وقال الحاكم من ولاه الله الحكم من غير طلب ومن أخذه عن طلب فما هو حاكم الله وهو مسئول وقال‏

قال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه‏

بمثل هذا ثبتت خلافته والخلافة أمر زائد على الرسالة فإن الرسالة تبليغ والخلافة حكم بقهر وقال تولية الوالي بعد موته نيابة ما هي ولاية ومن ولاة الناس فهي ولاية الحق وهو الخليفة الإلهي فكن عتيقيا أو عثمانيا ولا تكن عمريا فيما فعل فإنه ترك الأمر شورى‏

[التساوي في المناوي‏]

ومن ذلك التساوي في المناوي من الباب 403 قال من ناواك فهو عند نفسه قد ساواك وقد لا يكون له هذا المقام وقال إذا ابتلاك الحق بضر فأسأله رفعه عنك ولا تقاومه بالصبر عليه وما سماك صابرا إلا لكونك حبست نفسك عن سؤال غير الحق في كشف الضر الذي أنزله بك وقال ما قص عليك أمر أيوب عليه السلام إلا لتهتدي بهداه إذا كان الرسول سيد البشر يقال له أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فما ظنك بالتابع وقال جاع بعض العارفين فبكى فقيل له في ذلك فقال إنما جوعني لأبكي هذا هو العارف (

[من أنصف لم يتصف‏]

ومن ذلك من أنصف لم يتصف من الباب 404 قال المحقق لا صفة له لأن الكل لله فلا تقل إن الحق وصف نفسه بما هو لنا مما لا يجوز عليه فهذا سوء أدب وتكذيب الحق فيما وصف به نفسه بل هو عند العارف الأديب صاحب تلك الصفة من غير تكييف فالكل صفات الحق وإن اتصف بها الخلق فهي مستعارة ما هو فيها بطريق الاستحقاق عند المحجوب بالطريق التي لا تجوز على الحق وما عرف المسكين أن الذي لا يجوز على الحق إنما هي تلك النسبة التي نسبتها بها إلى الخلق لا عين الصفة وقال ما ثم صفة إلا إلهية وهي للمخلوق معارة كما أنه معار في الوجود وقال نحن عندنا ودائع الله أودعنا إيانا فمتى ما طلب ودائعه رجعنا إليه إذ نحن عين الودائع فافهم من أودع ومن استودع وما الوديعة

[من لا يقله مكان لا يقيده زمان‏]

ومن ذلك من لا يقله مكان لا يقيده زمان من الباب 405 قال كل من شأنه الحصر فالظروف تحويه وإن جهل وقال أين‏

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن لله تسعة وتسعين اسما

وذكرها من قوله أو استأثرت به في علم غيبك ولا أحصى ثناء عليك وما الثناء عليه إلا بأسمائه فمن حيث ما هي دلائل عليه فهو محصور لكل اسم اسم فإنه يدل عليه وعلى المعنى الذي جاء له وقال كما لا يلزم من الفوق إثبات الجهة كذلك لا يلزم من الاستواء إثبات المكان وقال العارف كما لا يزيد في الرقم لا يزيد في اللفظ بل يقف عند ما قيل من غير زيادة وهي العبادة

[الإنسان رداء الرحمن‏]

ومن ذلك الإنسان رداء الرحمن من الباب 406 قال ما تردى الرحمن برداء أحسن من الإنسان ولا أكمل لأنه خلقه على صورته وجعله خليفة عنه في أرضه ثم شرع له أن يستخلفه على أهله وقال لو لا إن الحق أعطاه الاستقلال بالخلافة ما قال له عن نفسه تعالى آمرا فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ولا

قال له صلى الله عليه وسلم

أنت الخليفة في الأهل والصاحب في السفر

وهو صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم القائل إن الله أدبني فأحسن أدبي‏

وقال الرداء للتجمل فله الجمال‏

فلا أجمل من الإنسان إذا كان عالما بربه وقال العالم عند الجماعة هو إنسان كبير في المعنى والجرم يقول الله تعالى لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فلذلك قلنا في المعنى وصدق وما نفى العلم عن الكل وإنما نفاه عن الأكثر والإنسان الكامل من العالم وهو له كالروح لجسم الحيوان وهو الإنسان الصغير وسمي صغيرا لأنه انفعل عن الكبير وهو مختصره لأن كل ما في العالم فيه فهو وإن صغر جرمه ففيه كل ما في العالم‏

[مزلة الاقدام في بعض أحكام العقول والأحلام‏]

ومن ذلك مزلة الاقدام في بعض أحكام العقول والأحلام من الباب 4و<7 قال العارف من عبد الله من حيث ما شرع لا من حيث ما عقل من طريق النظر وقال العقل قيد موجدة والشرع والكشف أرسله وهو الحق وقال للهوى في العقل حكم خفي لا يشعر به إلا أهل الكشف والوجود وقال أثر الأوهام في النفوس البشرية أظهر وأقوى من أثر العقول إلا من شاء الله وقال من رحمة الله بنا إنه رفع عنا المؤاخذة بالنسيان والخطاء وما يحدث به أنفسنا فلو أخذنا بما ذكرنا لهلك الناس وقال ما سميت العقول عقولا إلا لقصورها على من عقلته من العقال فالسعيد من عقله الشرع لا من عقله غير الشرع‏

[من أحب اللقاء اختار الفناء على البقاء]

ومن ذلك من أحب اللقاء اختار الفناء على البقاء من الباب 4و<8 قال من أحب الموت أحب لقاء الله فإن أحدنا لا يرى الله حتى يموت بهذا جاء الخبر الصادق وقال من مات في حياته الدنيا فهو السعيد الخاص وقال لقاء الحق على الشهود فناء وقال انظر إلى حكمة الشارع في حديث الدجال في قوله فإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت يعني هذا الموت المعهود الذي يعرفه الناس وهو خروج الروح من جسم الحيوان فيزول عنه التكليف وقد عرفنا إنا نرى ربنا يوم القيامة إذا بعثنا فما رأيناه إلا بعد موتنا عن هذه الحياة الدنيا وهذا من جوامع الكلم الذي أعطاه الله وإنما نبهنا على هذا لئلا يقول القائل لا نرى الحق إلا بعد مفارقة هذا الهيكل ما أراد ذلك الشارع وإنما أراد نفي الرؤية في الحياة الدنيا خاصة فنرى الحق بعد الموت كما قال الشارع وقال إنما كان اللقاء كفاحا لتحقق التقابل لأنه السيد ونحن العبيد فنراه مقابلة من غير تحديد ولا تشبيه لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ كما نرى الصفات من غير تحديد فافهم‏

[أين رحمة الرحماء من رحمة الاعتناء]

ومن ذلك أين رحمة الرحماء من رحمة الاعتناء من الباب 4و<9 قال رحمة الرحماء جزاء فهي على صورة ما رحموا وقدرها ومرتبتها جَزاءً وِفاقاً وقال رحمة الاعتناء ما رحم به الرحماء من رحموه وقال رحمة الاعتناء فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقال رحمة الاعتناء الزيادة على الحسنى وقال رحمة الرحماء رحمة الأسماء فإن الرحماء بحكم الأسماء الإلهية رحموا وهي التي حكمت عليهم وإنما يرحم الله من عباده الرحماء لعلمه بأن رحمتهم بمن رحموه حكم أسمائه تعالى فما جازاهم إلا على قدر الاسم الذي رحموا به‏

[ما معنى قوله تعالى أو أدنى‏]

ومن ذلك ما معنى قوله تعالى أَوْ أَدْنى‏ من الباب 41و< قال لا يكون قرب أقرب من القوسين إلا من كان قربه قرب حبل الوريد منه وهو القرب العام ومن عرف هذا القرب كان من المقربين وعرف سر الحق في وجوده وموجوداته على التنزيه وقال فَأَمَّا إِنْ كانَ من الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ لما هو عليه من الراحة حيث رآه عين كل شي‏ء ورَيْحانٌ لما رآه عين الرزق الذي يحيى يتناوله كما قال سهل وقد سئل عن القوت فقال الله وجَنَّةُ نَعِيمٍ أي ستر ينعم به وحده لما علم إن كل أحد ما له من الله تعالى مثل هذا المشهد وهؤلاء هم الذين هم في جَنَّاتٍ ونَهَرٍ في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ لأنهم كل ما هموا به انفعل لهم وقال قوله أَوْ أَدْنى‏ يعني أدنى مما تمناه العبد أو يتمناه وهذا أبلغ في المعنى في قوله أَوْ أَدْنى‏ وقال فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فاجتمع عليه فإنه قرآن وإذا قرأته من كونه فرقانا فكن بحسب الآية التي أنت فيها في جميع قراءتك وقال فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فإن القرآن جمع والجمعية تدعوه للحضور فهي معينة له بخلاف الفرقان فالقرآن يحضره والفرقان يطرده‏

[مركب الأعمال براق العمال‏]

ومن ذلك مركب الأعمال براق العمال من الباب 411 قال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والموجودات كلها كلمات الله وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ إلى ما انتهت إليه همته وما تعطيه حقيقة العمل الرافع له ورفعة الله لا تدرك ولا تعرف فلا حد لها فاعلم‏

يقال يوم القيامة لصاحب القرآن اقرأ وارق فإن منزلك عند آخر آية

تقرأ

فدرجات الجنة على هذا على عدد آي القرآن وقال والله خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ فهو العامل فإلى أين تصعد العمال وقال العارف من عمل في غير معمل فهو يبذل المجهود وهو عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ إن الله هو العامل لما هو العبد له عامل ولو لا ذلك ما كان التكليف فلا بد من نسبة في العمل للعبد فالنسبة إلى الخلق والعمل للحق فهو تشريف العبد أعني إضافة العمل إليه سواء شعر بذلك العبد أو لم يشعر

[استفهام العالم العالم‏]

ومن ذلك استفهام العالم العالم من الباب 412 قال إنما استفهم العالم ليتميز به من في قلبه ريب ممن ليس في قلبه ريب فيعلم العالم من غير العالم لإقامة الحجة وقال ما اختبر الله العالم إلا ليعلم ما هو به عالم قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا هذا ذاك من وجه فهذا مؤمن كلف إن يؤمن بما هو به مؤمن وقال عَفَا الله عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ استفهام لا إنكار مقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يعطي ما ذهبنا إليه وقال ما أثنى على من أثنى عليه إلا لجهله

بالمراتب وعلمه أيضا بها ولكن ما يعلم ما له منها إلا بتعريف من الله وقال من الاستفهام ما يكون إيهاما وهو استفهام العالم عما هو به عالم وقال من استفهمك فقد شهد لك بالعلم بما استفهمك عنه وقال قد يقع الاستفهام من العالم لإقامة الحجة في الجواب فيقول له أ أنت قلت ومن هنا أيضا كانت الحجة البالغة لله على عبده‏

[الذكرى بشرى‏]

ومن ذلك الذكرى بشرى من الباب 413 قال الذكرى بشرى المذكرة بالوراثة وهي في حق المعتنى به بشرى بالقبول وفي حق غير المعتنى به بشرى بالحرمان أهل العناية يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ ورِضْوانٍ وأهل الحرمان فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ لأن كل واحد أثر في بشرته ما بشر به قال تعالى وإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى‏ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وقال البشرى للبشر فإنه ما يكلم إلا من وراء حجاب وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ وقال ما عرف مقدار البشر إلا من عرف معنى ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وقال من خلق برفع الوسائط مع المباشرة فلم يكن ذلك إلا في البرزخ وأما في الطرفين فلا فإن الطرف الحسي يحيله العقل والطرف العقلي لا يشهده الحس وقال البشرى مختصة بالمؤمن وهو يبشر الكافر والكافر لا حظ له في البشرى الإلهية برفع الوسائط

[من غار أغار]

ومن ذلك من غار أغار من الباب 414 قال من غيرة الله حرم الفواحش فجعلها له حراما محرما فتخيل من لا علم له أن ذلك إهانة وهو تعظيم إذ هو من شعائر الله وحرماته والله يقول ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ومن يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فَإِنَّها من تَقْوَى الْقُلُوبِ وقال‏

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم سعد الغيور وأنا أغير من سعد والله أغير مني ومن غيرته حرم الفواحش‏

فجعل الفواحش حراما محرما كما حرم مكة وغيرها وقال‏

حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم التفكر في ذات الله‏

وقال تعالى ويُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ فالتحريم دليل على التعظيم وقال ما أمرك الله إلا بما هو خير لك وهو عند الله عظيم وما نهاك إلا عما هو تركه خير لك لعظيم حرمته عنده مال الناس في الآخرة إلى رفع التحجير ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ من الْأُولى‏ ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ يعني هناك فَتَرْضى‏

[أهون العقاب ضرب الرقاب‏]

ومن ذلك أهون العقاب ضرب الرقاب من الباب 415 قال المقصود من ضرب الرقاب إزالة الحياة الدنيا فبأي شي‏ء زالت فهو ذاك وقال المقصود من ضرب الرقاب ظهور الحياة التي أخذ الله بأبصارنا عنها فبأي شي‏ء حصل فهو ذاك وإن كانت الحياة الدنيا ما ذهبت وليس يعرف ذلك إلا أهل الكشف والوجود فإن الميت له خوار وقال لا يصح ضرب الرقاب حتى تملك فمن ضربها بغير ملك استقيد منه وملكت رقبته فيه يملكها ولي الدم فقد عتق في الدنيا وهو رقيق في الأخرى وقال أنت حر فلا ترد نفسك مملوكا لمثلك وحق النفس أعظم عليك من حق مثلك‏

[العدم ما هو ثم فافهم‏]

ومن ذلك العدم ما هو ثم فافهم من الباب 416 قال ما ثم إلا الله والممكنات فالله موجود والممكنات ثابتة فما ثم عدم وقال لو لا إن الأعيان مشهودة للحق ما كان وجود ما وجد منها بأولى من عدمه ووجود غيره وما شهد إلا ما هو ثم وقال ليس شي‏ء أدخل في حكم النفي من المحال ومع هذا فثم حضرة تقرره وتصوره وتشكله وما يقبل التصوير والتشكيل إلا ما هو ثم فالمحال ثم وقال العدم المطلق ما لا تعقل فيه صورة وما هو ثم فإنه ما ثم إلا ثلاثة واجب ومحال وممكن ووجوب وإحالة وإمكان وكل ذلك معقول وكل معقول مقيد وكل مقيد مميز وكل مميز مفصول عمن عنه تميز فما ثم معدوم لا يتميز فما ثم عدم وقال الأحوال عند المتكلمين لا موجودة ولا معدومة

ومعلوم أنه ما ثم إلا محل وحال أي ما ثم إلا من يقبل اللون مثلا واللون فما هو المتلون وما ثم إلا من يقبل الحياة والحياة فما هو الحي وما ثم إلا من يقبل الحركة والحركة فما هو المتحرك‏

[ما يجمع الظهر والبطن والحد والمطلع‏]

ومن ذلك ما يجمع الظهر والبطن والحد والمطلع من الباب 417 قال ما من شي‏ء إلا وله ظاهر وباطن وحد ومطلع فالظاهر منه ما أعطتك صورته والباطن ما أعطاك ما يمسك عليه الصورة والحد ما يميزه عن غيره والمطلع منه ما يعطيك الوصول إليه إذا كنت تكشف به وكل ما لا تكشف به فما وصلت إلى مطلعه وقال لا فرق بين هذه الأمور الأربعة لكل شي‏ء وبين الأربعة الأسماء الإلهية الجامعة الاسم الظاهر وهو ما أعطاه الدليل والباطن وهو ما أعطاه الشرع من العلم بالله والأول بالوجود والآخر بالعلم وهُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ فالضمير يعود على الضمير الأول في هو الأول فالأمر من غيب إلى غيب وضمير هو الأول يعود على هو على كل شي‏ء وذلك الضمير يعود على الله وهو الاسم والاسم يطلب المسمى فلله الأول وهو بكل شي‏ء الآخر وهو الأول الظاهر وهو على كل شي‏ء الباطن فاعلم‏

[سواء السبيل في طلب الحق بالدليل‏]

ومن ذلك سواء السبيل في طلب الحق بالدليل من الباب 418 قال لا سبيل إلى العلم بالله بدليل نظري ولا يوصل إلى العلم بالله إلا بتعريف الله فالعلم بالله تقليد وقال الكشف أعظم في الحيرة من برهان العقل عليه بخلاف التعريف وقال هو النور فله إحراق ما سواه فلا يكشف أي لا يدرك بالكشف‏

قيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم هل رأيت ربك قال نور أني أراه‏

وبالبرهان فلا يعلم إلا وجوده ففي أي صورة يتجلى حتى يرى وقال وعد قوما برؤيته وذكر عن قوم أنهم محجوبون فما هو محجوب هو مرئي للجميع لكنه لا يعلم وقال بالعقل يعلم ولا يرى وبالكشف يرى ولا يعلم وهل ثم حالة أو مقام يجمع بين الرؤية والعلم وقال رؤيته مثل كلامه لا يكلم الله بشرا إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فهو الحجاب وهو الرسول وهو الوحي‏

[رؤية الأهوال في الأحوال‏]

ومن ذلك رؤية الأهوال في الأحوال من الباب 419 قال صاحب محاسن المجالس الأعمال للجزاء والأحوال للكرامات والهمم للوصول وليس الكرامات سوى خرق العوائد في العموم وهي في الخصوص عوائد فلذلك تهول عند العامة وقال العاقل يهوله المعتاد وغير المعتاد ولذلك قال في المعتاد إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وقال من نظر إلى الأمور كلها معتادها وغير معتادها بعين الحق ما هاله ما يرى ولا ما بدا مع تعظيمه عنده فإنه من شعائر الله ومن يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فَإِنَّها من تَقْوَى الْقُلُوبِ وقال كل ما في الكون آية عليه ولا يحصل في اليد منه شي‏ء

[تنبيه لا تضاهي النور الإلهي‏]

ومن ذلك تنبيه لا تضاهي النور الإلهي من باب 42و< قال الحق لا يضاهي لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ إِنَّمَا الله إِلهٌ واحِدٌ فأين المضاهي وقال صفات التشبيه مضاهاة مشروعة فما أنت ضاهيت وقال العقل ينافي المضاهاة والشرع يثبت وينفي والايمان بما جاء به الشرع هو السعادة فلا يتعدى العاقل ما شرع الله له وقال العاقل من هجر عقله واتبع شرعه بعقله من كونه مؤمنا وقال أكمل العقول عقل ساوى إيمانه وهو عزيز وقال لو تصرف العقل ما كان عقلا فالتصريف للعلم لا للعقل وقال‏

للعقل لب وللالباب أحلام *** وللنهى في وجود الكون أحكام‏

تمضي الليالي مع الأنفاس في عمه *** للخوض فيه وأيام وأعوام‏

وما لنا منه من علم ومعرفة *** إلا القصور وأقدام وإيهام‏

العلم بالله نفي العلم عنك به *** فكلما نحن فيه فهو أوهام‏

وقال العاقل من قال لعقله اعقل أنه لا يعقل فمتى عقلت جهلت‏

[منازل الأدباء من السماء والعرش والعماء]

ومن ذلك منازل الأدباء من السماء والعرش والعماء من الباب 421 قال العالم الأديب ينزل الحق حيث أنزل نفسه لا يزيد عليه ولكن لا بد أن يعرف الزمان فإن زمان استواءه على العرش ما هو زمان نزوله إلى السماء ولا زمان كينونته في العماء وقال الحكم الذي يصحب الحق ولا يحكم عليه زمان خاص وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فهو في العرش مع الحافين به وفي تلك الحالة هو في النزول مع أرواح العروج والنزول وفي تلك الحال هو في السماء يخاطب أهل الليل وفي تلك الحال هو في الأرض أي موجود غير الله يوصف بهذه الصفات ذلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‏

[إلحاق الأصاغر بالأكابر]

ومن ذلك إلحاق الأصاغر بالأكابر من الباب 422 قال قالت فَأَشارَتْ إِلَيْهِ فأعادت الضمير من إليه على الخبير فقالوا لما عندهم من أحكام المواطن كَيْفَ نُكَلِّمُ من كانَ في الْمَهْدِ صَبِيًّا وإن كان‏

حقا وما كان قد قرع أسماعهم فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله والمسمع محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حق في صورة محمدية قالَ إِنِّي عَبْدُ الله لما حصره المهد وانظر إلى أعطت قوة إشارتها إلى الحق في قولهم إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ هو عين قوله أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ خاصة آتانِيَ الْكِتابَ ضم حق إلى خلق حرف جاء لمعنى وجَعَلَنِي نَبِيًّا فإن المخبر الحق وجَعَلَنِي مُبارَكاً زيادة صورة عيسوية في الحق أَيْنَ ما كُنْتُ في المهد وغيره وأَوْصانِي بِالصَّلاةِ فصليت هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ والزَّكاةِ الاسم القدوس ما دُمْتُ حَيًّا حياة الأبد وبَرًّا بِوالِدَتِي‏

من عرف نفسه عرف ربه‏

فتدبر هذه الإشارات وانظر إلى ما وراء هذه الستارات‏

[من ليس كمثله شي‏ء ما هو ميت ولا حي من كل من له‏]

ومن ذلك من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ما هو ميت ولا حي من كل من له في من الباب 423 قال من خلق الموت والحياة لا ينعت بهما فقد كان ولا هما ما هو ذو حياة فافهم وقال له الأسماء ما له الصفات فهو المعروف بالاسم لا بالصفة ولذلك ما ورد بالصفة كتاب ولا سنة وورد قرآنا ولِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها وورد سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ فتنزه عن الصفة لا عن الاسم‏

ورد في السنة أن لله تسعة وتسعين اسما

وقال لله الرجوع فإنه التواب وإليه الرجوع لأن التوبة إلى الله وتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وقال لا ترجع إليه حتى يرجع إليك لأنه الأول فإذا رجعت إليه رجع عليك رجوعا ثانيا فهو الآخر ف هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ ظهر وبطن ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا

[التشحير في التشمير]

ومن ذلك التشحير في التشمير من الباب 424 قال التشحير يزيل ما في الذهب من تراب المعدن في التشحيرة ذلك عين لابتلاء يزيل ما يضاف إلى القديم من صفات الحدوث وما في الحادث من صفات القدم وقال هو المعدن وأنت الذهب فأنت المخلص منه وفيه تكونت وهو الذي يمدك وبعد انفصالك عنه أوجد غيرك مثلك لا يزال الأمر هكذا وقال أنت المعدن وهو الذي يخلص منك ب لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وأنت لك أمثال وقال تشحير الطبيعة من حيث نفس الإنسان رياضة ومن حيث هيكله مجاهدة فبالرياضة تهذبت أخلاقه وسهل

انقياده وبالمجاهدة قل فضوله فظهر له ما فيه من الأصول والفروع فعلم بالمجاهدة من هو ولمن هو وهذه هي السبل والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا

[من هرب من السلم إلى الحرب‏]

ومن ذلك من هرب من السلم إلى الحرب من الباب 425 قال من علم إن الهداية إلى سبل الله في الجهاد هرب إلى السلم من الحرب فإن الله أمره بالطلب وقال لا يجنح إلى السلم إلا من كان مشهوده ضعفه أو من كانت العين مشهوده وقال الأسماء لها الحكم فأي اسم حكم لك أو عليك فأنت له وهو اسم من أسماء الله تعالى فهو ربك ولذلك كثرت الإضافات فقيل عبد الله عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الكافي عبد الباقي عبد الكبير بلغت الأسماء ما بلغت وكذلك الكنايات قوله إِنَّ عِبادِي فَوَجَدا عَبْداً من عِبادِنا إِنَّنِي أَنَا الله وهو الواقي فهو نون الوقاية وهو ضمير الياء فهذه إضافة الشي‏ء إلى نفسه‏

[الحجاب حجاب‏]

ومن ذلك الحجاب حجاب من الباب 426 قال حجبة الملك حجابه ليرى به بمن تتعلق أبصار الرعايا هل بالحجبة أو تعديها بطلب رؤية الملك فالحجبة ابتلاء من الله وقال الرسل حجبة وهم يدعون إلى الله لا إلى أنفسهم وقال الملائكة حجبة بين الله وبين الرسل بعد إسنادنا والمقصود من الرواية علو الإسناد وكلما قل علا وقد عرفنا بذلك فقال أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ فزال الملك أَنَا ومن اتَّبَعَنِي فزال الرسول قال أبو يزيد حدثني قلبي عن ربي فعنه أخذ هذا نص الكتاب أيها المنكر وقال ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ وحيا بما يلقي الله برفع الوسائط أو من وراء حجاب ما يكلمك به في صورة التجلي حيث كان أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا من جنسك وغير جنسك‏

[ما يجب على المخلوق من أداء الحقوق‏]

ومن ذلك ما يجب على المخلوق من أداء الحقوق من الباب 427 قال تتنوع الحقوق لتنوع المخلوقات عند العامة وقال تتنوع الحقوق لتنوع الأسماء الإلهية عند الخاصة من عباد الله وقال تختلف الأحكام لاختلاف الأسماء سمك البحر حلال فإذا قلت في سمكة منها خنزير البحر حرمت هذا حكم الاسم سئل مالك عن خنزير البحر فقال حرام قيل له فإنه سمك قال أنتم سميتموه خنزير أو قال الميتة حرام ما دام اسم الواجد ينسحب عليك فإذا زال وقيل هذا مضطر حلت لك فانظر بأي اسم سماك به الحق فأنت لذلك الاسم فأنت لك لأنك الواجد وأنت المضطر فما حرجت عنك فحكمك فيك منك فإذا كنت ولا بد في حكم الأسماء فكن في حكم الأسماء الإلهية يكن لك الشرف‏

[كرم الكرم لأصحاب الهمم‏]

ومن ذلك كرم الكرم لأصحاب الهمم من الباب 428 قال من تكرم على العفو والصفح بالوجود فعفا وصفح والعفو والصفح كرم فالعفو منه كرم الكرم وقال مسي‏ء المسي‏ء وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها والمسي‏ء من أتى بما يسوء

وإن كان جزاء إلا إن هذا الاسم مقصور على الخلق دون الحق أدبا أدبنا به الحق وقال الإحسان لله فهو المحسن المحسان وإن عاقب فهو المحسن في حق العقوبة لأنه أوجدها فأحسن إليها في إيجادها فما في العالم إلا إحسان فأنت المحسن فيما ظهر عنك وإن كان وجوده عن الحق وقال إذا كان الحق يدك فقد أوجد بك كما تقول أوجد بقدرته وخصص بإرادته ومشيئته فأنت أولى أن تكون آلته فإنه الصانع وهذا هو المشهود ما تشهد الأفعال الإلهية إلا منا أعني العالم‏

[ما عندكم ينفد وما عند الله لا يبعد]

ومن ذلك ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عند الله لا يبعد من الباب 429 قال الكل عند الله فله البقاء في العدم كان أو الوجود وقال ويَأْخُذُ الصَّدَقاتِ فما نفد من عندك إلا بأخذه منك لو لم يأخذ ما نفد منك فما ثم إلا أنت وهو فأما عندك وإما عنده وأنت عنده فما عندك عنده فما أخذ منك شيئا فما نفد عنك وقال ما في يمينك ما هو في شمالك فنفد عن شمالك وأنت أنت ذو اليمين والشمال ما شمالك ولا يمينك غيرك فصدق ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ فإن الشمال ما تعرف من بعض الناس ما تتصدق به اليمين‏

ورد في الخبر في الرجل الذي هو أقوى من الريح أنه الذي يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله‏

ففرق بين اليمين والشمال والذات واحدة

[من أسنى الذخائر تعظيم الشعائر]

ومن ذلك من أسنى الذخائر تعظيم الشعائر من الباب 43و< قال الشعائر ما دق لو خفي من الدلائل وأخفاها وأدقها في الدلالة الآيات المعتادة فهي المشهودة المفقودة والمعلومة المجهولة فانظر ما أعجب هذا وقال ما يقوم بحق العظيم إلا من عظمه باستمرار الصحبة لا من عظمه عند ما فجئه ذلك تعظيم الجاهل وقال الرؤية حجاب لما يسقط بها من تعظيم المرئي عند الرائي وقال من عاين الخلق الجديد لم يزل معظما للشعائر الإلهية ومن عاين تنوع التجلي في كل تجل لم يزل معظما لله أبدا لأنه اختلف عليه الأمر في عين واحدة وقال لما كان الحكم للأحوال لذلك من شاهدها لم يزل معظما فإنها تتجدد عنده في كل لحظة فهو في ابتداء أبدا

[الإسلام والايمان مقدمتا الإحسان‏]

ومن ذلك الإسلام والايمان مقدمتا الإحسان من الباب 431 قال الايمان له التقدم والإسلام قال والألم يقبل فهذا شفع قد ظهر والختام للوتر فأوتره الإحسان فأول الأفراد الثلاثة وقال حضرة الفرد الذات والصفات والأفعال وأريد بالصفات الأسماء فهذه ثلاثة وقال الايمان تصديق فلا يكون إلا عن مشاهدة الخبر في التخيل فلا بد من الإحسان والإسلام انقياد والانقياد لا يكون إلا لمن علم أن يد الحق بناصيته فانقاد طوعا فإن لم يحس أي يشعر انقاد كرها والإحسان أن تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وقال‏

ما جزا من رآك أ لا تراه *** وهو الحق ليس ثم سواه‏

فهو الرأي إذ رأيت كما هو *** من رأينا فهو وما هو ما هو

[الضنائن خواتن‏]

ومن ذلك الضنائن خواتن من الباب 432 قال نفوس العارفين حُورٌ مَقْصُوراتٌ في خيام كنفه ضنائن مصانون في العوائد يعرفون وينكرون وقال عنهم تكون الانفعالات الإلهية في الأكوان فهي لهم كالولادة لأهل الرجل ورد في الخبر بهم تنصرون فولدوا النصر وبهم تمطرون فولدوا الغيث وبهم ترزقون فولدوا الرزق فسم عبد النصير وعبد المغيث وعبد الرزاق وهكذا ما بقي وقال الكد على العائلة والسعي على الأهل وأوجبه نفسك ثم زوجك ثم ولدك ثم خادمك هذا عين قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ فلنفسه لما يسبح بحمده وخلقه لعبادته وفي شأن أهله لما تمس حاجتهم إليه ولما تولد عنهم لذلك بعينه فتدبر ما أنعم الله عز وجل به عليك‏

[إثبات العلة نحلة]

ومن ذلك إثبات العلة نحلة من الباب 433 قال العلة وإن اقتضت المعلول لذاتها فلها التقدم بالرتبة وإن ساوقها المعلول في الوجود فما ساوقها في الوجوب الذاتي النفسي فإذا عقلت هذا فلا تبال إلا أن يمنعك الأدب وقال ما هرب من هرب إلى القول بالشرط إلا من الخوف من مساوقة الوجود وما علم إن الموجود له حكم الوجود سواء تأخر أو تقدم بخلاف الوجوب النفسي فإنه له وليس لك فكان الله فيه ولا شي‏ء معه فيه ولا يكون بخلاف الوجود فلو قلت كان الله ولا شي‏ء معه لم تقل وهو الآن وهو ولا شي‏ء لوجود الأشياء وفي الوجوب الذاتي تقول في كل حال كان الله ولا شي‏ء وهو الآن ولا شي‏ء فقد علمت الفارق فقل شرطا أو علة إلا أن تمنع شرعا

[حب الجزاء عن حب الاعتناء]

ومن ذلك حب الجزاء عن حب الاعتناء من الباب 434 قال حب المخلوق خالقه محصور بين حب الله الذي أوجب له أن يحبه وحب جزاء محبته فهو محفوظ عليه وجوده وقال علامة

المحبة اتباع المحبوب فيما أمر ونهى في المنشط والمكره والسراء والضراء وقال دليل المحب الحمد لله المنعم المفضل ودليل المحبوب الحمد لله على كل حال‏

كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يقول في السراء الحمد لله المنعم المفضل ويقول في الضراء الحمد لله على كل حال هذا هو الثابت عنه ذكره مسلم في الصحيح‏

وقال حب الاعتناء بالجزاف عطاء بغير حساب ولا هنداز وحب الجزاء بالميزان من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ومن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فله مثلها وقال الحب خلوص الولاء فهو للأولياء من العموم والخصوص وقال حب الاعتناء ومنه وحب الجزاء عنه فإن حب الجزاء عرفناه بالتعريف وحب الاعتناء عرفناه بالوجود والتصريف‏

[قد تحرك النعمة أصحاب الظلمة]

ومن ذلك قد تحرك النعمة أصحاب الظلمة من الباب 435 قال إنما سكن أصحاب الظلم ولم يتحركوا لأنهم لا يرون حيث يضعون أقدامهم فيخافون من مهواة يقعون فيها فسكونهم اضطرار وقال إذا تحرك أهل الظلم فلجسيم النعمة فإنهم ما يحركهم إلا عظيم ما أردفهم الله به من نعمه حتى أغفلتهم عن شهود ظلمتهم وقال هل تعرف من هم أصحاب الظلم الناظرون في العلم بالله بالدليل النظري والمهواة الشبهة فما يحركهم مع هذا إلا نعمة الايمان فانتقلوا إلى التقليد فتحركوا بنور الشرع المطهر فأبصروا محجة بيضاء لا تَرى‏ فِيها عِوَجاً ولا أَمْتاً ولا تَخافُ فيها دَرَكاً ولا تَخْشى‏

[عموم الخطاب لمن طاب‏]

ومن ذلك عموم الخطاب لمن طاب من الباب 436 قال ليس في خطاب الله خصوص بل دعوته تعم فإن المدعو واحد كما هو الداعي واحد وقال إذا دعا بالأسماء كثر الدعاة كثر المدعون كثرة الأعضاء من الإنسان الواحد

يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن لنفسك عليك حقا ولعينك عليك حقا فصم وأفطر وفم ونم‏

وكذا جميع قواك الظاهرة والباطنة فأنت الكثير وأنت الواحد وكذلك الداعي بعينه وأسمائه فافهم وقال أنت نسخة منه وبك كمني عنه فقال وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى‏ وقال فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكِنَّ الله قَتَلَهُمْ فالسيف آلة لك وأنت والسيف آلة له وقال ما أجهل بالله من يقول إن الله لا يخلق بكذا فالله تعالى يقول في نبيه إنه رميت إلا أنه نفى الرمي عنه وأثبته فقال وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى‏

فالرمي وقع منه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بقول الله وإيصاله إلى أعين الكفار حتى ما بقيت عين لمشرك خاص إلا وقع من التراب في عينه‏

فلهذا ليس للمخلوق فالعجب من بعض الناس أنه يكفر بما هو به مؤمن‏

[التسبيح تجريح‏]

ومن ذلك التسبيح تجريح من الباب 437 قال المنزه لا ينزه فإنه إن نزه فقد نزه عن التنزيه فإنه ما له نعت إلا هو فيشبه فالتسبيح تجريح فسبحه على الحكاية فإنه سبح نفسه وعلى ما أراد بذلك فهو تسبيح الأدباء العارفين به سبحانه وقال عدم العدم وجود وكذلك تنزيه المنزه عما هو به موصوف وقال أهل التسبيح إذا أشهد أحدهم من سبحه قال سبحاني فما سبح إلا نفسه وقال تسبيحه في زعمه ربه يفضحه الشهود فاستعجل بالتعريف في هذه الدار فقال سبحاني فأنكر عليه من هو على حالته التي كشف له عنها وقال إن طلب منك الدليل فقل إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أردها عليكم‏

[التحميد تقييد]

ومن ذلك التحميد تقييد من الباب 438 قال كلامك محصور فإنك محاط بك فإذا أثنيت فقد قيدت بثنائك من أثنيت عليه وحصرته وله الإطلاق فأطلقه من ثنائك مع بقاء الثناء عليه لا بد من ذلك وقل كما

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا أحصي ثناء عليك بعد بذل المجهود أنت كما أثنيت على نفسك‏

يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الصحيح في حديث الشفاعة فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن يعطيها الموطن‏

إن فهمت وقال كلمات الله لا تنفد فالثناء عليه منه لا يقف عند نهاية وقال يختلف الثناء على الله تعالى لاختلاف حال المثنى فإن حال السراء ما هو حال الضراء فاختلف الثناء على الله تعالى فيقول في وقت الحمد لله المنعم المفضل وفي وقت الحمد لله على كل حال وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في الْمُلْكِ ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ من الذُّلِّ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى‏ عَبْدِهِ الْكِتابَ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ والْأَرْضِ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى‏ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ وفي وقت الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

[التأويل لأهل التهليل‏]

ومن ذلك التأويل‏

لأهل التهليل من الباب 439 قال لما تنوعت مواطن التهليل ظهر حكم التأويل فلكل تهليل حال ولسان ورجال ومقام وقال التهليل قولك لا إله إلا الله فنفيت وأثبت وقال إن نظرت وتحققت ما نفيت فما هو إلا عين ما أثبت ولو لا إن الله يجازي بالقصد ما عظم جزاء التهليل وقال دليل ما ذهبنا إليه قوله وقَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فانظر هل عبدوا شيئا إلا بعد ما نسبوا إليه الألوهة فما عبدوا إلا الله لا تلك الأعيان الحجة قوله قُلْ سَمُّوهُمْ وهو العلم كله ولم يقل انسبوهم فإنه لو قال لهم انسبوهم لنسبوهم إليه بلا شك‏

[الله أكبر ممن أو عمن‏]

ومن ذلك الله أكبر ممن أو عمن من الباب 44و< قال لو لا ما خلق من خلق على صورته ما قال الله أكبر لما في هذه الكلمة من المفاضلة فما جاء أكبر إلا من كونه الأصل فعليه حذى الإنسان الكامل وقال لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ لما نسوا صورتهم فصحت المفاضلة وليس إلا أن السموات والأرض هما الأصل في وجود الهيكل الإنساني ونفسه الناطقة فالسماوات ما علا والأرض ما سفل فهو منفعل عنهما والفاعل أكبر من المنفعل وما أراد الجرم لقوله ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وقال ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ فإن حواء خلقت من آدم وآدم خلق من الأرض فكما إن له درجة على حواء للأرض عليه درجة فهو الأم لحواء وهو ابن للأرض والأرض له أم مِنْها خَلَقْناكُمْ وفِيها نُعِيدُكُمْ فَرَدَدْناهُ إِلى‏ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها لذلك تضغطه عند ما يدفن فيها مثل عناق الأم وضمها ولدها إذا قدم عليها من سفر فهو ضم محبة ومِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى‏ وهو البعث‏

[ما هو لك ما يتملك‏]

ومن ذلك ما هو لك ما يتملك من الباب 441 قال ما هو لك هو يطلبك فلا تتعب فإن طلبته تعبت وملكك وقال ما هو لك ما هو لك وإنما هو لمن جاء من عنده وقال الله لك والله لا يملك وقال ما أشد حيلة الإنسان ما اقتنع في العلم بالله بما أخبره الله بما هو عليه في نفسه فنظر وتأول عسى يخرج عن الملك بما يملكه في اعتقاده مما أوجده بنظره ليكون هو في المالك فإنه من ملكه مملوكه فما ملكه إلا نفسه لأنه صنعه وخلقه فأحبه والمحبوب مالك فلذلك أقر بالملك صاحب النظر لمن اعتقده فهو المالك المملوك والخالق المخلوق فافهم‏

[من المكرمات تعظيم الحرمات‏]

ومن ذلك من المكرمات تعظيم الحرمات من الباب 442 قال لما عظم الحرم عند بعولتهن صانوهن وغاروا عليهن وهو خير له فإن صحة النسب تصون الأهل عن الريب فلا يدخله ريب فيما ولد على فراشه‏

الولد للفراش وللعاهر الحجر

وقال جعل الله الأرض فراشا ومنها خلق آدم على صورته وقد ورد أن الولد سر أبيه‏

وقال لو لا هذه الحكمة المطلوبة لاكتفى بالمهاد ولم يذكر الفراش وقال ما خلق الله الألفاظ حين عينها بالذكر سدى فإن ذلك حرف جاء لمعنى وهو ما قلنا ولا يقتصر وقال فيها وأَنْبَتْنا فِيها من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ فأولدها توأمين ولذلك جاء وأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ حين ربت وهو الحمل وألقت الماء فنسب الإنبات إليه وإلى الأرض فقال والله أَنْبَتَكُمْ من الْأَرْضِ نَباتاً مصدر نبت فما قال إنباتا ونسب الولد لوالده فإن له عليه ولادة بوضعه في الرحم وينسب إلى الأم لأن لها عليه ولادة بخروجه من بطنها فانظر إلى ما أعطاه الفراش وجعل الله بينه وبين خلقه نسبا ولم يكن سوى التقوى من الوقاية ورد اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي أين المتقون إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ‏

[من اعتنى به صغيرا وضيع كبيرا]

ومن ذلك من اعتنى به صغيرا وضيع كبيرا من الباب 453 قال يحيى آتاه الحكم صبيا ولم يجعل له من قبل سميا وسلط عليه الجبار عدوه فقتله وما حماه الله منه ولا نصره باقتراح بغي على باغ وقال أراد بقاه حيا فقتله شهيدا فأبقى حياته عليه فما مات من قتله أعداء الله في سبيل الله فجمع لهم بين الحياتين ولا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ في سَبِيلِ الله أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ ولكِنْ لا تَشْعُرُونَ ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وإن كان الموت أشرف فإنه صفة الأشرف إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ فالأكابر لا يتميزون بخرق العوائد فهم مع الناس عموما في جميع أحوالهم بظواهرهم وقال الاعتناء بالصغير رحمة به لضعفه فإذا كبر وكل إلى نفسه فإن بقي في كبره على أصله من الضعف صحبته الرحمة وإن تكبر عن أصله وادعى القوة المجعولة فيه بعد ضعفه أضاعه الله في كبره برد الضعف إليه فاستقذره وليه وتمنى مفارقته وفي ضعف صغره كان يشتهي حياته ويرغب في تقبيله ولا يستقذره‏

[لا تضيع الأجور عند أهل الدثور]

ومن ذلك لا تضيع الأجور عند أهل الدثور من الباب 454 قال يجبر الحاكم صاحب الوفر على إعطاء ما تعين عليه من الحق لغيره أ لا ترى إلى من جحد شيئا من الزكاة ثم عثر عليه المصدق أخذ منه ما جحد وشطر

ما له عقوبة له وقال يبلغ المتمني بتمنيه مبلغ صاحب المال فيما يفعل فيه من الخير من غير كد ولا نصب ولا سؤال ولا حساب وهم في الأجر على السواء مع ما يزيد عليه من أجر الفقر والحسرة وإن الله لا يضيع أَجْرَ من أَحْسَنَ عَمَلًا وتمنيه من عمله وقال ما يراد المال للاكتناز وإنما خلقه الله للإنفاق فمن اكتنزه ولم يعط حق الله منه الذي عينه له حمي عليه في نار جهنم فيكوي به جبينه فإنه أول ما يقابل منه السائل فيتغير منه إذا رآه مقبلا إليه وجنوبهم ثم يعطيه جانبه إعراضا عنه كأنه ما رآه وظهورهم ثم يوليه ظهره حتى لا يقابله بالسؤال فصار بالكي عين المكان الذي اختزنه فيه فهو خزانته وما ثم رابع لما ذكرناه‏

[قطب الرحى يديرها من هو أميرها]

ومن ذلك قطب الرحى يديرها من هو أميرها من الباب 455 قال ما تدور الرحى إلا على قطبها وقطبها فيها فهو عينها الثابت الذي لا يقبل الحركة والانتقال في حال الدور وقال بالأمر تدور ولو لا القطب ما دارت فهو الأمير وما القطب غيرها فالأمر الأمر والمأمور وقال القطب يعلم بالقوة ولا يشهد ويشهد ولا يتميز عند من يشهده مع علمه أنه يشهده في الجملة المشهودة هكذا العلم بالله عليه تدور رحى الوجود فهو يعلم ولا يشهد ويشهد ولا يميز وقال من لم يعرف الله بمثل هذه المعرفة فما عرفه فما عرفه أحد في شهوده ولا شهده أحد في العلم به‏

[من أبى أن يكون من النقباء]

ومن ذلك من أبى أن يكون من النقباء من الباب 456 قال النقيب من استخرج كنز المعرفة بالله من نفسه لما سمع قوله عز وجل سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ وقوله وفي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ وقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من عرف نفسه عرف ربه‏

وقال من أبى أن يكون له مثل هذه المعرفة لم يكن من النقباء وقال لما علم إن بين الدليل والمدلول وجها رابطا زهد في العلم بالله من حيث نظره في الدليل وليس سوى نفسه وكان ممن عرف نفسه بالله وقد ذهب إلى ذلك جماعة من أصحاب النظر مثل أبي حامد ولكن لنا في ذلك طريقة غير طريقتهم فإن الذي ذهبوا إليه في ذلك لا يصح والذي ذهبنا إليه يصح وهو أن نأخذ العلم به إيمانا ثم نعمل عليه حتى يكون الحق جميع قوانا فنعلمه به فنعلم عند ذلك نفوسنا به وبعد علمنا به وهذه طريقة أهل الله في تقدم العلم بالله‏

[من المحال أن يعم الحال‏]

ومن ذلك من المحال أن يعم الحال من الباب 457 قال الأمزجة مختلفة والنفوس تابعة للمزاج والنفوس هي القابلة للواردات والواردات ترد بالأحوال فمن المحال أن يعم حال واحد بل لكل وارد حال يخصه ولهذا عين ما يسكر الواحد يصحى الآخر وما عم سكر ولا صحو وقال الحال من حيث عموم الاسم يعم وهي أحوال تتميز بآثارها في النفوس تدرك عقلا وحسا وقال الغضب الإلهي والرضي من الأحوال فما ثم إلا من اتصف بالحال مغضوبا عليه كان أو مرضيا عنه ويقال في المحدث إنه دخل تحت حكم الحال ويلزم الأدب في ذلك الجناب وقال لسان الحال أنزل ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ولسان الحقيقة وما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

[التفويض تعريض‏]

ومن ذلك التفويض تعريض من الباب 458 قال لا شك ولا خفاء إن من ألقى زمامه بيدك وفوض أمره إليك وإن لم يتكلم فقد خاطبك بأفصح الألسنة إن تسلك به طريق الصلاح والأصلح لما جبلت عليه النفوس من دفع المضار وجلب المنافع وقال‏

قد ثبت في الخبر أنه ليس شي‏ء أحب إلى الله من أن يمدح‏

وهو لا يتضرر بالذم وأنت تتضرر لأنك تألم فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وتَرْجُونَ من الله ما لا يَرْجُونَ وقال لو لا ما امتلأ أنا العبد ما فاض وإنما ضاق عنه فالقى كله على غيره فسمى هذا تفويضا وقال الرجل من أعطى التحكيم ووسعه ومع هذا ترك التصريف إلى الحق فيه وفي ملكه ومثل هذا لا يكون مفوضا

[المعروف الأقربون أولى بالمعروف‏]

ومن ذلك المعروف الأقربون أولى بالمعروف من الباب 459 قال الأقربون إلى الله أولى بالمعروف وهو الحق لصحة النسب وقربه وهو المعروف في كل عقد وإن اختلفت العقائد جملة فالمقصود بها واحد وهو قابل لكل ما ربطته به وعقدت عليه فيه وفيه يتجلى لك يوم القيامة وهي العلامة التي بينك وبينه وقال ما العجب ممن عرفه وإنما العجب في ذلك الموطن ممن أنكره وقال صاحب العقد لا يعرفه إلا بما عقده خاصة فقيل لهم أوفوا بالعقود والعالم لا عقد له فما له ما يوفي به فله من الأعين بعدد ما للحق في التجلي من الصور وهي لا تتناهى فأعين العارفين غير متناهية فتحدث الأعين بحدوث الصور أو تحدث الصور بحدوث الأعين‏

[القبول إقبال عند الرجال‏]

ومن ذلك القبول إقبال عند الرجال من الباب 46و< قال من قبل ما جئت به إليه فذلك عين إقباله عليك فلا تقف مع قبول الوجه فإن إقبال الوجه يفنيك ويعدمك وإقبال القبول يبقيك ويقربك وقال من لم يفهم ما قلته فلينظر في حديث السبحات‏

لو كشفها لا حرقت سبحات الوجه ما أدركه بصر الخلق من الخلق فإن بصر الحق يدرك الآن ولا حرق والمحبوب يكون الحق بصره فيدرك به لا يبصر الحق فإن بصر الحق يدرك الحق والحق في بصر الخلق لا يدرك الحق ولكن يدرك به الخلق والسبحات هي المحرقة وما هي إلا سبحات العين عند النظر فإنه لو لا النور ما ثبتت الرؤية الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ فذاته بصره وقال الأمر نسب ولو لا النسب ما كانت العلاقة والنسب‏

[حسن القول من الطول‏]

ومن ذلك حسن القول من الطول من الباب 461 قال أحسن القول ما تشابه من الكلام فاشترك فيه الحادث والقديم فالله الرءوف الرحيم والنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقال لو لا التشابه ما عقلنا من كلام الله شيئا ولا وقفنا منه على معنى وقال المحكم في المتشابه التشابه فمن تأوله فقد أزاله عن الاشتراك وهو مشترك فقد زاغ من تأوله عن طريق الحق وقال علامة من علم أحسن القول الاتباع لما دل عليه ذلك القول فيقابل الطول بالطول هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ وقال حسن القول يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وإِلى‏ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ويقف بك على المعاني الغامضة فيوضحها لك‏

[الإنصاف في عبادة الإله المضاف‏]

ومن ذلك الإنصاف في عبادة الإله المضاف من الباب 462 قال إذا أضاف الحق نفسه إلى شي‏ء من خلقه فانظر إلى عبادة ما أضاف نفسه إليه فقم بها أنت فإنك النسخة الجامعة وما عرفك الحق بهذه الإضافة الخاصة إلا لهذا وقال مثال الإله المضاف وإِلهُكُمْ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى‏ رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ رَبُّ السَّماواتِ رَبُّكُمْ ورَبُّ آبائِكُمُ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فعطف وما أظهر الإضافة كما فعل في غير ذلك ما فعله سدى فاعبد ربك على ما قلته لك في كل إضافة حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ وإذا أتاك اليقين انجلى لك الأمر وعرفت شرف الإضافة ما عبد أحد الإله المطلق عن الإضافة فإنه الإله المجهول‏

[السبحات لأرباب اللمحات‏]

ومن ذلك السبحات لأرباب اللمحات من الباب 463 قال لا دليل أدل من الشي‏ء على نفسه فمن لم يثبت عند ظهوره له فالقصور منه وهو قد وفى من كان حقيقته العجز وعجز فقد وفي فالوفاء من الطرفين وقال لمح البصر كالبرق يضرب فيظهر ويظهر ويزول فلو بقي أهلك وقال إنما تحرق سبحات الوجه الدعاوي إنك أنت فلا يبقى إلا هو فإنه ما ثم إلا هو فهو إبانة لا إحراق وقال وجه الشي‏ء حقيقته وكُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فالشي‏ء هنا ما يعرض لهذه الذات فإن كان للعارض وجه فما يهلك في نفسه وإنما تهلك بنسبته إلى ما عرض له فالضمير الذي في وجهه يعود على الشي‏ء ويعود على الحق فأنت بحسب ما تقام فيه فإنك صاحب وقت‏

[المصطفى من جنى عليه فعفا]

ومن ذلك المصطفى من جنى عليه فعفا من الباب 464 قال للنفس حق فإذا جنى عليها وعفوت فأنت الظالم المصطفى وهو الأول من الثلاثة لم يأخذ لها حقها ممن ظلمها وعاد أجرها على الله وقال إذا درس الذنب فقد عفا أثره فلم يبق له عين ولا أثر ولا سيما الغفور الرحيم والعفو يطلبونه وقال المصطفى هو المختار ولكن ممن ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ وما ثم حثالة ولا كناسة النفوس نفائس فيختار الأنفس ويبقى النفيس وقال المصطفون هم الذين ورثوا الكتاب وهو القرآن المحفوظ من التحريف والزيادة فلو حفظت سائر الكتب لورثت فمن كوشف منها على ما ثبت أنه إلهي ورثه وحكم به على بصيرة وقال الورث لا يكون إلا بعد الموت فالكتاب محمدي فإن العلماء ورثة الأنبياء والكتاب هو الموروث والشي‏ء الذي مات هو صاحبه وقد مشى إلى الله وقال من ظلم ما حكم ومن اقتصد ما اعتضد وقنع واكتفى ومن سبق حاز الأمر وظفر فكن من شئت من هؤلاء

[صفات الأوداء التبري من الأعداء]

ومن ذلك صفات الأوداء التبري من الأعداء من الباب 465 قال إذا تبرأ العارف ممن صحت عداوته لله فليحذر من تبريه فإنه ما تبرأ إلا من اسم إلهي يجب عليه تعظيمه وقال إن تبرأ بتبرؤ الله استراح فيكون الله المتبرئ لا هو كما يلعن بلعنة الله ويغضب بغضب الله ويرضى برضى الله وهو في هذا كله لا صفة له من نفسه قال أبو يزيد البسطامي لا صفة لي لا تصح البراءة من الأعداء إلا لله ولرسله عليه السلام ومن كوشف على الخواتم ومن سواهم فما لهم التبري وإنما لهم أن لا يتخذوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة لا غير وقال لو تبرأ الله من عدوه ما رزقه ولا أنعم عليه ولا نظر إليه وقد أخبر أنهم آكلون من شجرة الزقوم فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ من الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ وهم العطاش فلو تبرأ منه الله ما كان للعدو وجود لأنه غير حافظ عليه وجوده ومتى لم يحفظ عليه وجوده هلك وذهب عينه وهو عز وجل القائل إنه بكل شي‏ء حفيظ وقال ولا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما

[التقاعس عن التنافس‏]

ومن ذلك التقاعس عن التنافس من الباب 466 قال أصحاب الهمم يتنافسون‏

في السباق إلى أسماء الكرم والجود الإلهي ليقاموا بها فيدعون بها وقال لا يكون التنافس إلا في النفائس ولا نفائس إلا الأنفس ولا أنفس من الأنفس إلا الأنفاس وقال من تقاعس عن التنافس فيما ينبغي أن يتنافس فيه فهو كسلان مهين لا همة له ولا نفس وقال ليس الطيب إلا أنفاس الأحبة لو لا أعرافهم ما فاح المسك لمستنشق وما وقع التنافس بين أهله في المسابقة إلا مهب أرواح هذه الأعراف وقال ما يعرف مقدار الأنفاس وطيبها وما يعطي من المعارف الإلهية إلا البهائم أ لا تراها تشم كل شي‏ء وتشم بعضها بعضا عند اللقاء ولا تمر بشي‏ء إلا تميل برءوسها إليه فتشمه‏

[متى تثبت الخلق في مشاهدة الحق‏]

ومن ذلك متى تثبت الخلق في مشاهدة الحق من الباب 467 قال لا يثبت الخلق عند المشاهدة وقت التجلي إلا إذا كان الحق بصره والحق نور والإدراك لا يكون إلا بالنور وقال إذا رأيت العارف قد ثبت عند التجلي ولم يصعق ولا فنى ولا اندك جبل هيكله فتعلم أنه حق وله علامة وهي أنه إذا كان هذا حاله لا يراه خلق إلا صعق إلا أن يكون مثله وقال إذا رأيت من يغشى عليه في حاله ويتغير عن هيأته التي كان عليها أو يصعق أو يصيح أو يضطرب أو يفنى فتعلم أنه خلق ما عنده من الحق شمة فإن كان صادق الحركة فغايته أن يكون جبل موسى إن كان في مقام الأوتاد وأما موسوي الورث إن كان ناظرا عن أمر إلهي لطلب شوقي‏

[معارج الأنفاس للإيناس‏]

ومن ذلك معارج الأنفاس للإيناس من الباب 468 قال للأنفاس الإلهية معارج تعرج عليها إلى المكر وبين من عباد الله تأتيهم من تحت أرجلهم لأنهم طالبون لها فهي من إكسابهم فلهذا كانت من تحت أرجلهم وهي من الروابع السفلية الطالبة العلو ولهذا تعرج وقال الحبل الذي لو دلى لهبط على الله قاله رسول الله ص‏

منه تعرج هذه الأنفاس تطلبنا وقال الأنفاس العلوية تعرج إليها الأرواح البشرية فتخترق السموات العلى إلى السدرة المنتهى إلى النور الأجلى إلى المورد الأحلى إلى الموقف الأسنى إلى المكانة الزلفى إلى الجنة المأوى إلى المستوي الأعلى إلى العقل الأسمى إلى حجاب العزة الأحمى إلى الأسماء الحسنى بالمقام الأبهى والمحل الأزهى إلى أن دنا من قاب قوسين أو أدنى فهنالك يبلغ المنى‏

[الأجور بور]

ومن ذلك الأجور بور من الباب 469 قال من علم إن العالم يتحدد في كل زمان فردا ومقداره من أوله إلى آخره في عين واحدة يعقل ما مضى وما أتى وهي لا موجودة فتنعدم فإنها ما هي واجبة الوجود ولا معدومة فتوجد فهي تبع في الوجود لما تقع عليه العين أو يدل عليه العقل علم إن الأجور تبور لكن هذه العين ما لها هذا العلم في كل عين بل هي في أكثر الأعين في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ وقال كل عمل للعبد أجره فيه على الله لا يبور فإن الله هو ليس غيره من وُجِدَ في رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ‏

[كشف المعرفة في ترك الصفة]

ومن ذلك كشف المعرفة في ترك الصفة من الباب 47و< قال ما ثم إلا عين واحدة لها نسب مختلفة تسمى عند قوم أسماء وعند قوم نعوت وصفات وأحوال فمن قال بوجودها فما ذاق للعلم طعما ومن نفى أحكامها في هذه العين فكذلك وسواء كان المسمى بها حادثا أو غير حادث بل هي في غير الحادث أشد إحالة منها في الحادث وقال لا يقال بترك الصفة فإنه ما هي ثم فتتركها إلا أن تريد حكمها فتفرده لله فيكون الحق عين ما ينسب إلى الخلق من الصفات ويتميز الخاص من العباد من غير الخاص بالعلم بذلك فيعلم من يسمع بالحق أن الحق هو السمع والسميع وهو من المتكلم المكلم والكلام فمنه وإليه فأين أنت ومن أنت وقال إذا كان الأمر على ما قررناه فالجاهل به من هو ما نرى إلا أمرا آخر قد بدا أوقع الحيرة إن ثبت فهو أيضا العالم ما هو الحق كما قلنا

[من لا يفهم لا يفهم‏]

ومن ذلك من لا يفهم لا يفهم من الباب 471 قال الإفهام لا يقع إلا بعد العلم والقدرة على التوصيل والعلم بالقابل من غير القابل والعلم لا يكون إلا بعد الإعلام والتعلم وقد علم العارف من يعلم ومن يتعلم فقد علم أنه ما هو الذي فهم فعلم أنه لا يفهم مع ثبوت إن زيدا أعلم عمرا أمرا ما فعلمه عمرو فإن كان له اقتدار على التوصيل إلى غيره افهم غيره وإلا فلا يلزم من حصول العلم الإفهام وقال لهذا قلنا إن الأمر بينك وبينه فمنه الاقتدار ومنك القبول وبالأمرين ظهر ما ظهر فالأمر توليد فما ثم إلا والد وولد ومن ذلك الأولى طرح لو ولو لا قال أداة لو امتناع لامتناع فهي دليل عدم لعدم فإذا أدخلت عليها لا وهو أداة نفي عاد الأمر امتناع لوجود وهذا من أعجب ما يسمع فإن الأولى أن يكون الحكم في الامتناع والعدم أبلغ لكون الداخل أداة نفي والنفي عدم فأعطى الوجود وأزال عن أداة لو وجها واحدا من أحكامها وهو قولهم لامتناع وقال ما العجب في دخول هذه الأدوات على المحدثات وإنما العجب في دخولها في كلام الله‏

ونفوذ حكمها ودلالتها في الله هذا هو العجب العجاب وقال قد ثبتت نسبة الكلام إلى الله وقد ثبت أن الذي سمعناه في تركيب هذه الحروف هذا التركيب الخاص والنسبة الخاصة إنه كلام الله فقد حصل فيه هذه الأدوات فجرى عليه حكمها فهل ذلك من جهتنا أو ما هو الأمر إلا كذلك‏

[أسمائي ستور بهائي‏]

ومن ذلك أسمائي ستور بهائي من الباب 473 لو لا الأسماء ما خفنا ولا رجونا ولا هبنا ولا عبدنا ولا سمعنا ولا أطعنا ولا خوطبنا ولا خاطبنا المسمى ولو لا الأحكام التي لها وهي الآثار ما علمت الأسماء فهي ستور إليها والجمال على المسمى وقال أحكام الأسماء جمل الأسماء وكساها البهاء والأسماء جملت المسمى وكسته البهاء وبنا تعينت الأسماء فنحن كسوناه صورة البهاء وفيه ظهرت الأسماء فبه قام البهاء فإنه المسمى وقال ما اختلفت أسماء الأسماء إلا لاختلاف معانيها ولو لا ذلك ما تميزت لنا فهي عنده واحدة وعندنا كثير

[أعين العارفين إلى عليين‏]

ومن ذلك أعين العارفين إلى عليين من الباب 474 قال لا تكون الأعين ناظرة إلا إلى موضع كتابها فمن كان كتابه في عليين فنظرة إلى عليين ومن كان كتابه في سجين فعينه مصروفة إلى سجين فالكتاب بقيده بالخاصية وقال إنما شرع الله قراءة الكتب في الدار الآخرة ليعلم العبد المصطفى قدر ما أنعم الله عليه به والهالك ليعذر من نفسه فيعلم أنه جنى على نفسه وقال لو لا شهادة المرء على نفسه بما شهدت به جلوده وجوارحه ما ثبت كتاب ولا كان حكم فالاعتراض شهادة المعترف على نفسه فيما فيه هلاكه وقال النفوس من ذاتها تدفع ما يضرها وتسعى في تحصيل ما ينفعها فكيف شهدت بما فيه هلاكها حين اعترفت وقال ما عذب من اعترف فإن الكرم لا يقتضيه والجوارح رعية ما هي الوالي فشكت بالوالي‏

[الانتهاء إلى سدرة المنتهى‏]

ومن ذلك الانتهاء إلى سدرة المنتهى من الباب 475 قال السدرة المنتهى عروقها دون السماء وأصلها في السماء وفروعها عليون فتنتهي إليها أعمال العباد الصالحة والطالحة فإذا مات الإنسان وقبضت روحه قرنت بعملها حيث انتهى عمله من السدرة فالذي لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ عمله في عروق هذه السدرة والذين تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ عملهم في موضع ثمر هذه السدرة ولهذا لا يجوع السعيد ولا يعري للورق والثمر اللذين في الفروع والشقي يجوع ويعري لعدم التمر والورق في العروق وعدم الورق علم مدرج في مثال ومن ذلك عوارف آناء الليل في أطراف النهار قال الصباح والمساء أطراف النهار فالمساء ابتداء الليل والصباح انتهاء الليل والنهار ما بين الانتهاء والابتداء والليل ما بين الابتداء والانتهاء والعوارف الإلهية هي ما يعطي الحق في تجليه لعباده فأمرنا بالتسبيح آناءَ اللَّيْلِ وأَطْرافَ النَّهارِ وما تعرض لذكر النهار في هذا الحكم لأنه قال إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا أي فراغا فالنهار لك والليل وأطراف النهار له فإذا كنت له في الليل وأطراف النهار كان لك هو في النهار فعطايا الليل وأطراف النهار جزاء التسبيح وعطايا النهار جزاء الاشتغال والفراغ إلى الحق في آناء الليل وأطراف النهار فما ثم من الله للعبد الأجزاء والابتداء للعبد فإن النفس إذا أكلت من كسبها لها إدلال كما إن لها انكسارا في الهبة فلهذا كان الجزاء عاما لأنه على الصورة ولا انكسار ينبغي لها ومن ذلك الدعاء من الوعاء قال لا يكون الوعاء وعاء حتى يكون فيه ما يعي عليه وإذا امتلأ لا يكون فيه غير ما امتلأ به فلهذا يدعو الإنسان فإنه ملآن بما يدعو به فإذا دعا فرغ أنيته فملأها الله بما أجابه به مما دعاه فيه وزيادة فما شرع الدعاء إلا لتفريغ المحل مما ملأه الحق به ولهذا ما ثم إلا من يدعو ويبتهل وقال انظر إلى الكأس إذا كان ملآن بالماء ثم فرغته أو فرغت منه ما فرغت ما يخرج منه شي‏ء في حين خروجه إلا عمر موضعه الهواء فهذه بشرى بسرعة إجابة الله من دعاه ومن ذلك آداب الحق ما نزلت به الشرائع قال لما كان الأمر العظيم يجهل قدره ولا يعلم ويعز الوصول إليه تنزلت الشرائع بآداب التوصل فقبلها أولو الألباب لأن الشريعة لب العقل والحقيقة لب الشريعة فهي كالدهن في اللب الذي يحفظه القشر فاللب يحفظ الدهن والقشر يحفظ اللب كذلك العقل يحفظ الشريعة والشريعة تحفظ الحقيقة فمن ادعى شرعا بغير عقل لم يصح دعواه فإن الله ما كلف إلا من استحكم عقله ما كلف مجنونا ولا صبيا ولا من خرف من الكبر ومن ادعى حقيقة من غير شريعة فدعواه لا يصح ولهذا قال الجنيد علمنا هذا يعني الحقائق التي يجي‏ء بها أهل الله مقيد بالكتاب والسنة أي أنها لا تحصل إلا لمن عمل بكتاب الله وسنة رسوله وذلك هو الشريعة وقال إن الله أدبني فحسن أدبي‏

وما هو إلا ما شرع له فمن تشرع تأدب ومن تأدب وصل ومن ذلك عين القلب في القلب قال خلق‏

الله الإنسان مقلوب النشأة فآخرته في باطنه ودنياه في ظاهره وظاهره مقيد بالصورة فقيده الله بالشرع فكما لا يتبدل لا يتبدل وهو في باطنه يتنوع ويتقلب بخواطره في أي صورة خطر له كما يكون عليه في نشأة الآخرة فباطنه في الدنيا صورة ظاهرة في النشأة الآخرة وظاهرة في الدنيا باطنه في النشأة الآخرة لهذا جاء كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فالآخرة مقلوب نشأة الدنيا والدنيا مقلوب نشأة الآخرة والإنسان هو الإنسان عينه فاجهد أن يكون خواطرك هنا محمودة شرعا فتجمل صورتك في الآخرة وبالعكس‏

[مراتب الحق عند الخلق‏]

ومن ذلك مراتب الحق عند الخلق قال إذا أراد العبد أن يعلم مرتبته عند ربه ومنزلته وقدره فلينظر في نفسه قدر ربه عنده ورتبته ومنزلته وما يعامله به في حياته الدنيا من طاعة ومعصية وموافقة ومخالفة وطلب علم وترك فعلى ذلك الحد منزلته عند ربه فميزانك بيدك فإن شئت أرجح الميزان وإن شئت أخسره لا تلم إلا نفسك وقال إذا كان عملك عن أثر إلهي مشروع خرجت عن هوى نفسك ولو وافقت الهوى وتكون ممن نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ وهنا نكتة فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ والجنة ستر والإيواء ستر فإن النهي عن الهوى لا يكون إلا من أديب أو من مستور عنه الحق في الأشياء فإنه لو كان صاحب كشف لكان هواه ما ارتضاه الله وأراد أمضاه فلا ينهى النفس عن الهوى من هذه صفته‏

[اتساع فضاء الفضاء]

ومن ذلك اتساع فضاء الفضاء قال كل ما هو العالم فيه فضاء فلا شي‏ء أوسع من فضاء الفضاء وبقي عين ما ظهر فيه الفضاء هل هو من حكم القضاء أم لا فمن جهل الأعيان الثابتة لم يجعل العين التي ظهرت فيها أحكام الفضاء من أحكام الفضاء ومن علم إن أعيان الموجودات لها ثبوت في حال عدمها وتميز بجميع ما هي عليه جعل حكم الفضاء على تلك الأعيان فجرى عليها بالإيجاد فأوجدها فكما جرى حكم الفضاء على كل ما في الوجود من الأعيان بما هي عليه من التصريف كذلك جرى حكم الفضاء على الأعيان الثابتة بما ظهر من وجودها

[من تعبد الخلق فقد بري‏ء منه الحق‏]

ومن ذلك من تعبد الخلق فقد بري‏ء منه الحق قال ما أحسن الخبر النبوي في إشارته‏

بقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم العبد من لا عبد له‏

ففهم منه المحجوب أنه من لا عبد له قام بأمور نفسه فهو عبد نفسه وما مقصود الحق في ذلك إلا أن العبد من ليس له وجه إلى ربوبية وسيادة أصلا فإذا ملك العبد أمرا ما فله سيادة على ما ملك فالعبد على الحقيقة من لا ملك له لأن المملوك ذليل تحت تصرف المالك ولا يقدر على دفع تصرفه فيه ولا يكون هذا إلا بملك الرقبة فإن ملك التصريف دون الرقبة فهو مالك للتصريف لا مالك الرقبة كالذي يستأجر أجيرا على فعل يفعله فعبده التصرف لا المتصرف وهو المسمى أجيرا فالأجير خادم أجرته فهو خادم نفسه وذلك للعبد فإنه لا عبد له فما له سيادة على أحد والعارف عبد الله وإن ملكه التصريف ولا بد من ذلك فما له سيادة فإن الرقبى لله والعمري للعبد

[الرؤية حجاب وهي الباب‏]

ومن ذلك الرؤية حجاب وهي الباب قال ليس للمعرفة باب إلا الرؤية فإنه لا شي‏ء أوضح منها إلا أنها حجاب على قدر المرئي وذلك لسبب وهو الشبه فإن الرأي أي راء كان ما يرى في المرئي إلا صورته حقا كان أو خلقا فلا يعرف قدر المرئي إلا أن عرف ما رأى وأن الذي سماه مرئيا إنما هو مرئي فيه ما هو مرئي والمرئي صورته فما طرأ عليه غريب يستعد للعمل معه بقدره إلا إن ثم نكتة وهي أن المحل الذي رأى صورته فيه كست تلك الصورة المرئية حالا لم يكن لها إذ لم يكن لها المجلى فلا بد أن يعامل ما رأى بما ينبغي لهذا الحكم فتحقق ومن ذلك لا يرى السكينة إلا من حقق تمكينه قال كل مدرك بقوة من القوي الظاهرة والباطنة التي في الإنسان فإنه يتخيل وإذا تخيله سكن إليه فلا يقع السكون إلا لمتخيل من متخيل وجميع العقائد كلها تحت هذا الحكم‏

في الخبر الصحيح اعبد الله كأنك تراه‏

فلهذا كانت عقائد والعقائد محلها الخيال وإن قام الدليل على أن الذي اعتقده ليس بداخل ولا خارج ولا يشبه شيئا من المحدثات فإنه لا يسلم من الخيال أن يضبط أمرا لأن نشأة الإنسان تعطي ذلك والحكم تابع لذات الحاكم بقبول ما يعطيه المحكوم عليه وليس المحكوم عليه هنا إلا المتخيل وهو المعتقد فانظر ما أخفى وأقوى سريان الخيال في الإنسان فما سلم إنسان من خيال ولا وهم وكيف يسلم ولا خروج للعقل عن هذه الإنسانية فلو انعدمت انعدم هذا الحكم فهو يوجد ما وجدت‏

[قوة اللطيف وضعف الكثيف‏]

ومن ذلك قوة اللطيف وضعف الكثيف قال لا شي‏ء ألطف من الخواطر والأوهام وهي الحاكمة على الكثائف لضعف الكثيف وقوة سلطان اللطيف الدليل لنا صفرة الوجل وحمرة الخجل والتغير بالخوف والمخوف‏

من حلوله ما له عين وجودية وقد أحدث الخوف في جسم الخائف حركة الهرب وطلب الستر والمدافعة وما وقع شي‏ء إلا عين الخوف وهو لطيف فإذا حل به ما يخاف منه فلا بد من قوة سلطان الخوف عليه وإن كان لطيفا وهو أحد أمرين إما الرضي والصبر أو السخط والضجر والأثر سكون أو قلق فقد أثر ومن ذلك قرب العبد الثاني في المثاني قال القرب من الحق قربان قرب حقيقي وهو ارتباط الرب بالمربوب وارتباط العبادة بالسيادة والحادث بالسبب الذي أحدثه والقرب الثاني القرب بالطاعة لأمر المكلف والدخول تحت حكمه فالأول قرب ذاتي يعم جميع الموجودات والثاني قرب اعتناء وكرامة فالقرب الأول قرب رحم ونسب لو أراد الدافع أن يدفعه لم يستطع لأنه لذاته هو قرب وقرب الاختصاص قرب المكانة من السلطان فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فله ذلك فلو قيل له لا تكن سيدا لعبدك أو لا تكن عبدا لسيدك لكان خلقا من الكلام ولو قيل له أطع سيدك أو لا تطع سيدك لم يكن ذلك خلفا من الكلام وإن قيل له إن شئت أطع سيدك وإن شئت لا تطعه ردته الحقائق فإن العبد لا مشيئة له مع مشيئة سيده‏

[السبت في السبت‏]

ومن ذلك السبت في السبت قال يقول الله عز وجل أُولئِكَ يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وهي الطاعات التي أمر الله بها عباده وهُمْ لَها سابِقُونَ كما قال ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ الله ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ولما كانت المسارعة إلى الخيرات وفي الخيرات تتضمن المشقة والتعب لأن سرعة السير تشق أعقب الله هذه المشقة رحمة إما في باطن الإنسان وهو الذي رزقه الله الالتذاذ بالطاعات فتصرفه المحبة فلا يحس بالمشقة ولا بالتعب في رضي المحبوب وإن كان بناء هذا الهيكل يضعف عن بعض التكاليف فإن الحب يهونه ويسهله وإما في الآخرة فلا بد من الراحة والسبت الراحة والسبت سير سريع في اللسان وللراحة تسمى يوم السبت سبتا وما عامله بما ينبغي له إلا أهل هذه البلاد وفي المغرب أهل سبتة لا غير

[من بهت فقد بخت‏]

ومن ذلك من بهت فقد بخت قال لا يكون البهت أبدا إلا لمن عجز ومن عجز فقد وقف على حقيقته ومن وقف على حقيقته علم ما ثم فشرف محله بالعلم فإنه ما يتصرف إلا بالعلم ومن صرفه العلم فقد سعد لشبهة بالأصل وهو التخلق وقال قال الله لنمرود بلسان إبراهيم الخليل عليه السلام فَأْتِ بِها من الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ في المسألة الأولى وهو الآن بالبهت ليس بكافر لأنه علم الحق والله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أي لا يبين لهم في حال سترهم وحجابهم فإن الإبانة بالعلم ترفع ستور الجهل بذلك المعلوم وإذا ارتفع الستر كان تجلى الأمر على ما هو عليه فأعطى العلم فبهت الذي ستر عنه الأمر قبل تجليه فآمن به في نفسه ولا بد وإن لم يتلفظ به وكيف يتلفظ به وقد غاب عن الإحساس بعين ما هو به محس‏

[بيت النور القلب المعمور]

ومن ذلك بيت النور القلب المعمور قال ليس لقلب المؤمن التقى النقي الورع عامر إلا الله والله هو النور لأنه نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ثم مثل القلب بالمشكاة فِيها مِصْباحٌ وهو النور نور العلم بالله وما بقي من الكلام فإنما هو من تمام كمال النور الذي وقع به التشبيه ما هو من التشبيه فلا تغلط فتخط الطريق إلى ما أبان الحق عنه في هذه الآية فالعارف يقف في التلاوة على مصباح ثم يقول الْمِصْباحُ في زُجاجَةٍ فحديثه مع المصباح لا مع النور الإلهي الذي هو الحق الذي وسعه القلب المشبه بالمشكاة والمشكاة الكوة

[الحصن المنيعة علوم الشريعة]

ومن ذلك الحصن المنيعة علوم الشريعة قال من علم حكمة وضع الشرائع والنواميس في العالم رعاها حق رعايتها فحافظ عليها ولزم العمل بها هذا لما يتعلق بها من منافع الدنيا وحفظ الأنساب والأموال وحصول الأمان في النفوس بوجود القائمين بها والعاملين هذا حظ الكافة منها وأما المؤمنون بها إذا كانت النواميس إلهية جاءت بها رسل الله من عند الله فزادوا فيها صدق ما يتعلق بالآخرة من ثواب وصفات وما يتعلق بها للعامل عليها المخلص فيها من الكشف والاطلاع والتعريفات الإلهية والمخاطبات الروحانية ومناسبة ما يلحق العالم العنصري بالملإ الأعلى في التقديس والتطهير فلا سلاح ولا حصن أحمى من العمل بالمشروع كان المشروع ما كان وإذ ولا بد من حفظ الناموس فعليك بملازمة الشرع المطهر النبوي الإلهي‏

[ما ظهر إلا أنت حيث كنت‏]

ومن ذلك ما ظهر إلا أنت حيث كنت قال إذا لم يكن لك من أنت له إلا بما يقبله ويكون عليه لا بما هو عليه فأنت الذي ظهرت لك وما أعطاك منه شيئا فما أفادك إلا إن عرفك إن ما أنت عليه هو أنت وإذا كان الأمر هكذا فما عرفت سواك هذا حالك مع من استندت إليه ورأيت أن له أثرا فيك فكيف بك إذا لم تستند إلا إليك ولا

أعاد عليك ما أنت فيه إلا أنت فأنت بكل وجه وعلى كل حال معه أو معك فلا تلومن إلا نفسك إذا رأيت ما لا تستحسنه واشكره على كل حال فإنه أفادك العلم بك فيما أعطاك وكشفه لك منك فلهذا يشكر ولا يجوز أن يكفر ومن ذلك الكتابة لأصحاب النيابة قال ما كتب الله على نفسه ما كتب إلا لمن قام بحق النيابة عنه فيما استنابه فيه وليس إلا المتقين وهم الذين جعلوا الله وقاية لهم منه ومن كل شي‏ء يكون منه كما جعلهم الله وقاية بينه وبين ما ذمه من الأمور مما هو خلق الله فينسب ذلك إلى الآلة التي وقع بها الفعل فلما وقاه وقاه فصح له ما كتب له على نفسه وقال ما عدا هؤلاء فهم أهل المنن فنالوا أغراضهم على الاستيفاء ثم إن الله امتن عليهم بعد ذلك بالمغفرة والرحمة التي عم حكمها وقال لله قوم من نوابه كتب الله في قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ فما كذبوا شيئا مما له وجود في الكون ووجدوا له مصرفا وإن كان الذي جاء به قصد الكذب وأخبر في زعمه أنه عدم فله وجود عند هؤلاء ولذلك قال وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ فهذا الروح المؤيد به إذا توجه على معدوم أوجده وعلى معدل مسوى نفخ فيه روحا

[يا معلم الحق أنت الكتاب الذي سبق‏]

ومن ذلك يا معلم الحق أنت الكتاب الذي سبق قال للاعيان الثابتة في حال عدمها أحكام ثابتة مهما ظهر عين تلك العين في الوجود تبعه الحكم في الظهور وعلى هذا تعلق علم الحق به فما للعلم سبق ولا للكتاب وإنما السبق لما أنبأناك به فالشي‏ء حكم على نفسه أعني المعلوم ما حكم غيره عليه فلا فضل لشي‏ء على شي‏ء وإنما يظهر لك ما بطن فيك عنك ولا لوم فالحق له الغني على الإطلاق فلا افتقار إذ لو افتقر إليه لحكم عليه الافتقار بإعطاء ما افتقر فيه إليه فيدخل تحت وجوب الافتقار أو تحت مشيئة الاختيار ولا دخول له في هذا ولا في هذا فهو الغني عن العالمين إن أنصفت‏

[الجوهر النفيس في التقديس‏]

ومن ذلك الجوهر النفيس في التقديس قال التقديس الذاتي يطلب التبري من تنزيه المنزهين فإنهم ما نزهوا حتى تخيلوا وتوهموا وما ثم متخيل ولا متوهم يتعلق به أو يجوز أن يتعلق به فينزه عنه بل هو القدوس لذاته فهو الجوهر أي الأصل النفيس الذي لا ينافس في صفاته فإن الذي هو له ما هو لك وإن الذي لك لك ما هو له فأنت لك بما أنت وهو له بما هو والحقائق لا تنقلب ولا تتبدل فما تخلق متخلق بأخلاق غيره وإنما أخلاقه ظهرت عليه لا عين الناظرين ولا تحقق متحقق بحدود غيره فإن الحد لا يكون لغير محدود ولا سيما الحدود الذاتية فما ثم إلا جوهر نفيس وليس العجب إلا في كونه جوهر أو الأصول لا تدل عليها إلا الفروع لأنها غيب وما ثم فرع لهذه الأصول فكل ما ظهر فهو جوهر فهو أصل في نفسه لا فروع له إلا عين علمك به لا غير ومن ذلك قوله عز وجل لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ قال كانت النفس الناطقة في نفس النفس الذي وقع به النفخ فكانت عين النفس المنفوخ في هذه الصورة العنصرية وهي صورة نشأت من أرض ذلول فذلت بذلة أصلها لكون مزاجها أثر فيها فكان الابن أذل من أمه لأنه في خدمتها ومسخر لها ومأمور بمراعاتها والأعز الحق خالقها فأقسم لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ليعزه بولاية أحسن من هذه الدنية وهي النشأة الآخرة طاهرة مطهرة مساعدة له على ما يريد منها من التنوع في الصور والتجلي في أي صورة شاء كما هو في نفسه ولهذا قال ولِلَّهِ الْعِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ وغير المؤمن ما له هذه المنزلة

[من أسس بنيانه قوى أركانه‏]

ومن ذلك من أسس بنيانه قوى أركانه قال من أوثق قواعد بنيانه وأقام جداره وعدل زوايا أركانه فما هي منفرجة ولا حادة بل معتدلة متوسطة كما قال فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أمن من الهدم والسقوط وهذا هو بيت الايمان فما اعتبر أرض البيت في البيت لأنه ليس من صنعة البيت واعتبر السقف لحاجة البيت إليه وهو الذي وقع عليه النظر أولا فقام البيت على خمسة سقف وأربعة جدر وهوقوله بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا

والساكن المؤمن وحشمه وخوله مكارم الأخلاق ونوافل الخيرات فمكارم الأخلاق زينة هذا البيت ونقشه وعمرته وسدنته وحشمه وخوله نوافل الخيرات وما أوجبه المؤمن على نفسه‏

[الحجة في المحجة]

ومن ذلك الحجة في المحجة قال العلم يقتضي العمل فمن ادعاه من غير عمل به فدعواه كاذبة ومعناه دقيق جدا من أجل مخالفة المتعدين حدود الله من المؤمنين العلماء بالله العارفين به فربما يقال لو كانوا عالمين ما خالفوا وهم عالمون بلا شك بأن الله حد لهم حدودا معينة فعلمهم بذلك دعاهم‏

إلى أن لا يزيدوا فيها ولا ينقصوا منها فقد عملوا بعلمهم وما هم عالمون بمؤاخذة الله من عصاه على التعيين فما عصى إلا من ليس بعالم بالمؤاخذة أ لا تراه لا يقصد بالمعصية انتهاك الحرمة لعلمه بما ينبغي لذلك الجناب من التعظيم فما خالف عالم علمه قط فالعلماء تحت تسخير علمهم‏

[النذر واجب في جميع المذاهب‏]

ومن ذلك النذر واجب في جميع المذاهب قال ما قرر الله وأوجبه على العبد مما أوجبه العبد على نفسه وهو النذر إلا لتحقق عبده إنه خلقه على صورته وقد أوجبه على نفسه وذكر وهو الصادق أنه يوفي به لمن أوجبه له فأوجب عليك الوفاء بما أوجبته على نفسك فإن المؤمن يجب لأخيه ما يحب لنفسه والمؤمن يحب لنفسه إنه لا يؤذي فيحب لأخيه المؤمن أنه لا يؤذي وإذا أحب ذلك دفع عنه الأذى ما استطاع والمؤمن لا يتأذى بالمعصية لأنه أتاها عن شهوة والتذاذ بها وإنما يتأذى بالعقوبة عليها في الدار الآخرة فدفع عن المؤمن الحق ذلك الأذى في الأخرى كما دفع عن نفسه الأذى في الأخرى فقال يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً وأما في الدنيا فعرض نفسه للاذى فأوذى بما قيل فيه فاذى المؤمن بما نصب له من إقامة الحدود على المعاصي وزنا بوزن‏

[السلامة من الآفات في الإضافات‏]

ومن ذلك السلامة من الآفات في الإضافات قال أصعب العلم بالله إثبات الإطلاق في العلم به لا من كونه إلها وإما من كونه ذاتا أو من حيث نفسه فالإطلاق في حقه عبارة عن العجز عن معرفته فلا يعلم ولا يجهل ولكن يعجز وأما من كونه إلها فالأسماء الحسنى تقيده والمرتبة تقيده ومعنى تقييده طلب المألوه له بما يستحقه من التنزيه والتنزيه تقييد والعلم به من كونه إلها يثبت شرعا وعقلا فللعقل فيه التنزيه خاصة فيقيده به وللشرع فيه التنزيه والتشبيه فالشرع أقرب إلى الإطلاق في الله من العقل والعارف ينظر في الإضافات فيحكم فيه بحسب ما أضيف إليه‏

[من رأى الحق فقد رأى نفسه‏]

ومن ذلك من رأى الحق فقد رأى نفسه قال من أراد أن يرى الحق فلير نفسه فكما أنه‏

من عرف نفسه عرف ربه‏

فكذلك من رأى نفسه فقد رأى ربه أو من رأى ربه فقد رأى نفسه فعند العارفين أن الشرع أغلق في هذا القول باب العلم بالله لعلمه بأنه لا يصل أحد إلى معرفة نفسه فإن النفس لا تعقل مجردة عن علاقتها بهيكل تدبره منورا كان أو مظلما فلا تعقل إلا كونها مدبرة ماهيتها ما تعقل ولا تشهد مجردة عن هذه العلاقة ولذلك الله لا يعقل إلا إلها غير إله لا يعقل فلا يتمكن في العلم به تجريده عن العالم المربوب وإذا لم يعقل مجردا عن العالم فلم تعقل ذاته ولا شهدت من حيث هي فأشبه العلم به العلم بالنفس والجامع عدم التجريد وتخلص حقيقة ذاته من العلاقة التي بين الله وبين العالم والعلاقة التي بين نفسك وبين بدنها وكل من قال بتجريد النفس عن تدبير هيكل ما فما عنده خبر بماهية النفس‏

[المجيب سامع والسامع طائع‏]

ومن ذلك المجيب سامع والسامع طائع قال كما إن أعيان الممكنات القائمة بأنفسها ثابتة في حال عدمها كذلك ما يقوم بها من القوي وتتصف به مما هي معدومة ثابتة في حال عدمها في أعيان من قامت به قيام ثبوت كما يكون في الوجود إذا وجدت على السواء فلو لا ما سمع الممكن في حال عدمه كن من الحق لما أراد الحق تكوينه ما كان ولكان قول الحق في قوله أن نقول له كن لا يصدق ولا سبيل إلى القول بحدوث كن عند الحق فهو إدراك خاص من الممكن الذي يريد الحق إيجاده للواجب الوجود فيظهر عينه فيكون ما أدرك منه الممكن تعالى هو عين كن فانصبغ بالوجود فكان والتخصيص أثبت الإرادة والتوجه الخاص وهو حكم عقلي لا يتعدى النظر فتحقق‏

[لباس الباطن الغذاء ولباس الظاهر ما يدفع به الأذى‏]

ومن ذلك لباس الباطن الغذاء ولباس الظاهر ما يدفع به الأذى قال المخلوق يلزمه الأذى لفقره وهو لذاته ينبعث لدفع الآلام عن نفسه فالجوع ألم يدفعه بالطعام والعطش ألم يدفعه بالشرب والحر والبرد ألم يدفعهما باللباس وسائر الآلام يدفعها بالأدوية التي جعلها الله لدفع الآلام وما عدا الدافع إما زينة أو اتباع شهوة ولها ألم في النفس فلا يندفع إلا بتناول المشتهي وذلك سائغ من النفس في كل ما تشهيه فوقتا يدفع الألم عند الإحساس به ووقتا يستعدله قبل نزوله وعلى الجملة ما تستعمل النفس شيئا من ذاتها إلا لدفع ألم وهذا الفرقان بين الحق والخلق فلو لم يكن الإيجاد للحق لذاته لكان حكمه في الإيجاد مثل هذا الحكم في دفع الألم عن نفسه بالإيجاد فإن الإرادة منه كالشهوة منا وبتناول المشتهي تندفع وهو في كل يوم في شأن فتحقق‏

[من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى‏]

ومن ذلك من كانَ في هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمى‏ قال كما تكون‏

اليوم كذلك تكون غدا فاجهد أن تكون هنا ممن أبصر الأمور على ما هي عليه دليلك على ذلك أن الذي خلقه الله أعمى وهو المسمى بالأكمه إذا نام لا يرى في النوم كما لا يرى في اليقظة والأعمى إذا نام أعمى استيقظ أعمى والنوم موت أصغر فهو عين الموت من حيث إن الحضرة التي ينتقل إليها النائم هي بعينها التي ينتقل إليها الميت سواء واليقظة بعد النوم كالبعث بعد الموت ومن كانَ في هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمى‏ وأَضَلُّ سَبِيلًا أي أشد عمى وهذه أخوف آية عند العارف إلا إن ثم شيئا أنبهك عليه وهو أنه لو كان هنا أعمى ومات أعمى لكان في الآخرة أعمى ولكن لا يكون أحد هنا أعمى قبل الانتقال ولو بنفس واحد ولكن الذي خلق أعمى لا من عمي بعد أن أبصر فإن الغطاء لا بد أن ينكشف فيبصر فما يموت الميت إلا بصيرا وعالما بما إليه بصير فيحشر على ذلك فافهم ومن ذلك أمر فامتثل ونهي فعدل قال العبد طائع في جميع حركاته وسكناته فإنه قابل كل ما يوجده الحق فيه من التكوين من حركة وسكون في الظاهر والباطن فالذي يخلق فيه إذا أمر بالتكوين فيه امتثل أمر ربه وإذا أراد أمرا ما ونهي عنه عدل عن إرادته إلى ما كون فيه فإن كون فيه ما يكون حكمه المخالفة لما أمره الشارع ونهاه عنه نسبت إليه المخالفة في عين الموافقة وهي نكتة غريبة لا يشعر بها فإن قبول المخالفة موافقة ومن كان هذا مشهده لا يشقى لا في الدنيا ولا في الآخرة فلا أطوع من الخلق لا وأمر الحق أي لقبول ما أمر الحق بتكوينه فيه ولكِنْ لا يَشْعُرُونَ وليست الأوامر التي أوجبنا طاعتها إلا الأوامر الإلهية لا الأوامر الواردة على ألسنة الرسل فإن الآمر من الخلق طائع فيما أمر لأنه لو لم يؤمر بأن يأمر ما أمر فلو أن الذي أمره يسمع المأمور بذلك الأمر أمره لامتثل فإن أمر الله لا يعصى إذا ورد بغير الوسائط

[من أيقن بالخروج لم يطلب العروج‏]

ومن ذلك من أيقن بالخروج لم يطلب العروج قال إذ ولا بد من الرجوع إليه فاعلم إنك عنده من أول قدم وهو أول نفس فلا تتعب بطلب العروج إليه وما هو إلا خروجك عن إرادتك لا تشهدها فإنه معك أينما كنت فلا تقع عينك إلا عليه لكن بقي عليك أن تعرفه إذ لو ميزته وعرفته لم تطلب العروج إليه فإنك لم تفقده فإذا رأيت من يطلبه فإنما يطلب سعادته في طريقه وسعادته دفع الآلام عنه ليس غير ذلك كان حيث كان فالجاهل كل الجاهل من طلب الحاصل فما أحد أجهل ممن طلب الله لو كنت مؤمنا بقوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وبقوله فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله لعرفت أن أحدا ما طلب الله وإنما طلب سعادته حتى يفوز من المكروه‏

[ذوق العذاب للاحباب بعض ورثة أهل الكتاب‏]

ومن ذلك ذوق العذاب للاحباب بعض ورثة أهل الكتاب‏

عذب العذاب برؤية الأحباب *** إذ كانت أعينهم تشاهد ما بي‏

ليس العذاب سوى فراق أحبتي *** إن اللذاذة رؤية الأحباب‏

قال من ورثة الكتاب الظالم لنفسه بما يجهدها عليه فهو يظلم نفسه فيما لها من الحق لنفسه فهو في الوقت صاحب عذاب وألم لا يريد دفعه عنه لأنه استعذبه وهان عليه حمله في جنب ما يطلبه فإنه يطلب سعادته فإن الكتاب ضم معنى إلى معنى والمعاني لا تقبل الضم إلى المعاني حتى تودع في الحروف والكلمات فإذا حوتها الكلمات والحروف قبلت ضم بعضها إلى بعض فانضمت بحكم التبع لانضمام الحروف وانضمام الحروف تسمى كتابة ولو لا ضم الزوجين ما كان النكاح والنكاح كتابة فالعالم كله كتاب مسطور لأنه منضود قد ضم بعضه إلى بعض فهو مع الإناث في كل حال يلد فما ثم إلا بروز أعيان على الدوام ولا يوجد موجد شيئا إلا حتى يحب إيجاده فكل ما في الوجود محبوب فما ثم إلا أحباب‏

[من الجهل الاستتار من الأهل‏]

ومن ذلك من الجهل الاستتار من الأهل قال‏

إن الجهول من أهل الله يستتر *** والله يعلم ما يأتي وما يذر

والأهل تعرف ما الرحمن يفعله *** أو بعضه فاحذروه أنه خطر

لو كان لي أمل في غير فاعله *** ما كان ينفعني التخويف والحذر

لكن لنا أمل فيه ومعتقد *** وليس يلحقني في علمنا بشر

به يوحدني به أوحده *** لذاك يبدو إذا يبدو ويستتر

يقول عز وجل أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الله يَرى‏ وقد صح أن بين الله وبين العالم نسبا فوجب على كل عاقل أن يطلب على نسبه لتصح الأهلية وتثبت من أجل الميراث وهو قد قال ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا من عِبادِنا وقد بينا أن بالكتابة توجد المعاني لضم الحروف أعيانها بالدلالة عليها فقد أعطى العالم الإيجاد فهو يوجد بعضه بعضا إيجاد الآلات بيد الصانع أ لا ترى إلى الصانع بالآلة لا يصنع ما لم تكن الآلة وإن الآلة لا أثر لها في المصنوع ما لم يحركها الصانع فتوقف عليها تواقفها عليه فلا يقول كن حتى يريد فهي إشارة

[الشأن في الشأن‏]

ومن ذلك الشأن في الشأن‏

الشأن ما نحن فيه وهو يخلقه *** وليس يخلق شيئا ليس يعلمه‏

بذا أتانا كتاب الله يعلمنا *** فمن تفكر فيه فهو يفهمه‏

خص الإله به من شاءه فإذا *** يبدو له سره في الحال يحكمه‏

الذي جاء في كتاب الله قوله تعالى أَ لا يَعْلَمُ من خَلَقَ قال الشأن في قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ وليس إلا الفعل وهو ما يوجده في كل يوم من أصغر الأيام وهو الزمان الفرد الذي لا ينقسم والفعل إذا لم يكن الفاعل يفعل بالذات أي تنفعل عنه الأشياء لذاته وإلا فلا بد له عند إيجاد المفعول عنه من هيأة يكون عليها هي عين الفعل ولا يلزم إذا كان فاعلا لذاته صدور العالم عنه دفعة واحدة فإن الممكنات لا تتناهى وما لا يتناهى لا يدخل في الوجود إلا على الترتيب فهو ممتنع لنفسه وما هو ممتنع لنفسه لا يتصف الفاعل فيه على الترتيب بالقصور عن إبرازه كله إذ لا كل له فإنه محال لذاته والحقائق لا تتبدل والممكن لعينه أعطى الترتيب الواقع وأعطاه الحق الوجود لذاته فما هو إلا وقوع عين الممكن على نور التجلي فيرى نفسه وما انبسط عليه ذلك النور فيسمى وجودا ولا حكم للنظر العقلي في هذا نعم له الحكم في بعض ما ذكرناه والتسليم من العاقل في بعض فالحق في شئونه بالذات يفعل والترتيب لها

[الاكتساب غلق الباب‏]

ومن ذلك في الاكتساب غلق الباب‏

الاكتساب مغالق الأبواب *** فيما نؤمله من الإكساب‏

إن صح لي كسب يصح بأنني *** من أهله فتصح لي أنسابي‏

فإنا وإياه بحكم وجوده *** شهدت بذلك عنده أحسابي‏

أني شهيد عالم بأمورنا *** لسنا عن الأبصار بالغياب‏

الله يعلم أنه عندي بما *** قد قاله في العلم حشو إهابي‏

لما علمت جلاله وجماله *** أعلمت أن الأمر لمع سراب‏

قال الاكتساب تعمل في الكسب والموجد مكتسب لأنه قد وصف بما اكتسب فقد كان عن هذا الوصف غير موصوف به إذ لم يكن ذلك المكتسب ولذلك‏

ورد كان الله ولا شي‏ء معه‏

ولم يرد عن المخبر عن الله ما ذكره علماء الرسوم وأدرجوه في هذا الخبر وهو قولهم وهو الآن على ما عليه كان فإنه تكذيب للخبر فإنه الآن بالخبر الإلهي كل يوم في شأن وقد كان ولا أيام ولا شئون تلك الأيام فكيف يصح قولهم وهو الآن على ما عليه كان وهو القائل إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ وأنت المؤمن بهذا القول فلا بهذا ولا بذاك‏

[لا يخشى إلا من يخشى‏]

ومن ذلك لا يخشى إلا من يخشى‏

إن الإله أحق أن نخشاه *** من كل مخلوق لنا نقشاه‏

فإذا خشيت الله كنت موفقا *** وكذاك إذ تخشى الذي يخشاه‏

من كان يخشى الله قام بأمره *** وبنهيه عقدا إذا ما شاه‏

الله يحفظ سر عبد موقن *** فإذا تيقن أنه أفشاه‏

إبداله منه لذلك عيرة *** عند السري تنفيه في مسراه‏

قال لا تقع الخشية إلا ممن يقبل أثر ما يخشى منه فهو عنده بالذوق علم ذلك وفي ذاته طلب التأثير لما عنده من دعوى الربوبية لكونه خلق على الصورة فلا بد أن يخشى أيضا هو لما يطلبه من التأثير في غيره كما نخشى ممن يؤثر فيه والعارف قد يقام في حال لا يخشى ولا سبيل أن يقام في حال لا تخشى لأن ذلك ليس له نعم قد يكون في نفسه شاهدا لحاله يقول إنه لو شوهدت منه ما يخشاه أحد وذلك ليس بصحيح إنما يكون هذا ممن يجهل ذاته وما تعطيه ما رأى الصيد إنسانا لا لأفر منه ويخشاه وإن لم يقم بنفس ذلك الإنسان صيد ذلك الهارب منه وقد لا يراه ويكون ظهره إليه فليس في وسع المخلوق أنه لا يخشى وقد يكون في وسعه أنه لا يخشى ولكن لا على الدوام إلا أن يغفل عن ذلك لا غير

[المقيت يطلب التوقيت‏]

ومن ذلك المقيت يطلب التوقيت‏

الله عين أقواتا وقدرها *** فهو المقيت وباسم الدهر يحجبه‏

فالعقل يستره والنفس تظهره *** والروح يكتمه والحس يرقبه‏

والنور يحرقه والسر يكنفه *** والشوق يتلفه وجدا ويذهبه‏

والوجد يقدح زند الحب في كبد *** حرا والهة والريح تلهبه‏

قال ترتيب الإيجاد يؤذن بالتوقيت ولا يتولى ذلك إلا الاسم المقيت لأنه القائل وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وقوله إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ وقال ولكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ وهو الثابت الواقع ولا حكم لاداة لو فإن كلمة لو زرعت ما نبت عنها شي‏ء ويخسر البذر فمتى سمعت لو حيث سمعتها فلا تنظر إلى ما تحتها فإن ما تحتها ما يوجد فلا تخف منها ولا من دلالتها وليكن مشهودك الواقع خاصة فإنه ما رأيت أعظم أثرا من أثر المعدوم في نفوس العالم وسبب ذلك الإمكان فيخاف الإنسان أمرا ما وذلك الأمر معدوم ما وجد وقد أثر فيه الخوف وما يتبعه هذا أثر المعدوم فكيف أثر الموجود

[الحبيب قريب‏]

ومن ذلك الحبيب قريب قال الحبيب قريب من الحب لأنه الذي يتعلق به لا من المحب فالحب لا يجول المسافات البعيدة النابية ولا التنويهات الشريفة التي لا ترتفع أحكامها عن قرب الحب من الحبيب والمحب قد يكون له القرب من الحبيب وقد لا يكون فالحب قريب من المحب لقيامه به وقريب من المحبوب لتعلقه به فإنه لا تعلق له بغير محبوبه فقد انفرد إليه والمحب تبع للحب لقيامه به والحبيب ليس بتابع لحب المحب وإن تعلق به بل هو مع ما يقوم به فإن قام به حب المحب أحبه فعاد المحب حبيبا فصح الطلب من الطرفين ولا عايق إلا إن كان من خارج أو من محال أي لا تعطي الحقائق الاتصال فمن عرف الحب عرف كيف يحب كان شيخنا يطلب شهوة الحب لا الحب وذلك أن شهوة الحب قرب الحبيب من المحب‏

[ليس من الخير حب الغير]

ومن ذلك ليس من الخير حب الغير قال ما أحب المحب في غيره إلا نفسه فما أحب الغير ولا يصح حب الغير أبدا لأن حب الغير ما فيه خير فإذا كان فيه خير يعود على المحب فنفسه أحب لأنه أحب إعادة ذلك الخير عليه ثم لتعلم إن ذلك الغير من حقيقته أن يكون له وجود ما هو عين هذا الآخر والمحبوب أبدا لا يكون إلا معدوما إما في موجود أو لا في موجود فإن الموجود محال أن يحب لذاته وإنما يحب لأمر عدمي ذلك الأمر العدمي هو المحبوب منه أن يكون والعدم ليس بغير للمحب ولا يزال هذا المعدوم المحبوب منوطا بالمحب لقيام حبه به وتعلقه بذلك المحبوب فلا يزال متصلا به وصل خيال حتى يقع في الحس هذا شأنه في المخلوق وفي الحق الإيجاد

[من بلغ الغاية في الاتساع ضاق‏]

ومن ذلك من بلغ الغاية في الاتساع ضاق قال لا أوسع من الخلأ إذ الاتساع لا يوصف به إلا الخلاء فإذا امتلأ الخلأ ضاق بلا شك فإن الممكنات لا نهاية لها وقد ضاق الخلأ عنها لأنه امتلأ فضاق المتسع فجعل الله فيما أوجد من الملإ في الخلأ الاستحالات فلا يزال يخلع صورة فيلحقها بالثبوت والعدم ويوجد صورة من العدم في هذا الملإ فلا يزال التكوين والتغيير فيه أبدا بالاستحالات في الدنيا والآخرة بل في الوجود كله وهذه هي الشئون التي الحق فيها في كل يوم من أيام الدنيا والآخرة بل من أيام الوجود فما ضاق عن الاستحالات فإنه تفريغ وأشغال فهو بعمارة الخلأ قد ضاق وبالتفريغ والإشغال فيه ما ضاق فلا يزال الخلأ ممتليا على الدوام لا يعقل فيه خلو ليس فيه ملأ ومن ذلك لا غاية في الغاية قال لو كانت في الغاية غاية ما كانت غاية والعالم غايته في طلب الحق والحق غايته الخلق لأن غايته المرتبة وليست سوى كونه إلها فهو

يطلب المألوه بالذات وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فهو الغاية ومنه بدا الأمر كله ولذلك جاء بالرجوع لأنه لا يمكن أن يكون رجوع إلا من خروج تقدم والموجودات كلها المحدثات ما خرجت إلى الوجود إلا عن الله فلهذا ترجع أحكامها إليه ولم تزل عنده وإنما سميت راجعة لما طرأ للخلق من رؤية الأسباب التي هي حجب على أعين الناظرين فلا يزالون ينظرون ويخترقون الأسباب من سبب إلى سبب حتى يبلغوا إلى السبب الأول وهو الحق فهذا معنى الرجوع ومن ذلك من جاء شيئا إمرا أحدث له القرين ذكرا قال كل أمر يقع التعجب منه فإن صاحبه الذي أوجده للتعجب ما أوجده بهذه الحالة إلا ليحدث منه ذكرا لهذا الذي تعجب منه فلا تستعجل فإنه لا بد أن يخبره موجدة بحديثه إلا إن الإنسان خلق عجولا ففي طبعه الحركة والانتقال لأنها أصله فإن خروجه من العدم إلى الوجود نقله فهو في أصل نشأته ووجوده متحرك فلهذا قال خُلِقَ الْإِنْسانُ من عَجَلٍ وخلق (كانَ) الْإِنْسانُ عَجُولًا ولو رام غير العجلة ما استطاع وما في العالم أمر لا يتعجب منه فالوجود كله عجب فلا بد أن يحدث الله منه ذكرا للمتعجبين فالعارفون أحدث الله لهم ذكرا منه في هذه الدار فعرفوا لما خلقوا له ولما خلق لهم والعامة تعرف حقائق هذه الأمور في الآخرة فلا بد من العلم وهو إحداث الذكر

[الركون لا يكون إلا لمغبون‏]

ومن ذلك الركون لا يكون إلا لمغبون‏

لا تركنن إلى غير الإله فما *** يركن إلى غيره إلا الذي جهله‏

سبحانه وتعالى أن يقر له *** في ملكه بشريك غير من خذله‏

من قال إن له ندا وصاحبة *** فربه بحسام الجهل قد قتله‏

والله ما طلعت شمس ولا غربت *** على محب له إلا وقد وصله‏

بما يريد وما يبغيه من مسخ *** إلا حباه بها في تحفة وصله‏

سبحانه وتعالى أن يحيط به *** نظم من الشعر أو نثر من البطلة

لا تركن إلى غير ركن فتخيب انظر في القرآن بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا تنظر فيه بما أنزل على العرب فتخيب عن إدراك معانيه فإنه نزل بِلِسانٍ رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لسان عَرَبِيٍّ مُبِينٍ نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ جبريل عليه السلام على قلب محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فكان به من الْمُنْذِرِينَ أي المعلمين فإذا تكلمت في القرآن بما هو به محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم متكلم نزلت عن ذلك الفهم إلى فهم السامع من النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإن الخطاب على قدر السامع لا على قدر المتكلم وليس سمع النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وفهمه فيه فهم السامع من أمته فيه إذا تلاه عليه وهذه نكتة ما سمعتها قبل هذا عن أحد قبلي وهي غريبة وفيها غموض ومن ذلك من لم يتكبر على خلقه فقد أدى واجب حقه‏

ليس التكبر والإهمال من شيمي *** بل التواضع والإمهال من شيمي‏

إني عبدت الذي أحبني ويغفر لي *** وهو المهيمن رب الصفح والكرم‏

قال لا يتكبر على الأمثال إلا من جهل إنهم أمثال فكما لا يتكبر الشي‏ء على نفسه كذلك لا يتكبر على مثله ومن لم يتكبر على خلق الله فقد أعطاهم حقهم الذي وجب لهم عليه كما أعطاه الله خلقه الذي لم يكن إلا به وإلا فما هو هو فإن الإنسان إذا لم يكن هو الحيوان الناطق وإلا فليس بإنسان فهذا أعطى كل شي‏ء خلقه وأوجب عليك أنت الحقوق فما في العالم إلا من له حق عليك تؤديه إليه إذا طلبه منك وما لم يطلبه بحاله أو لسانه لم يتعين عليك فلا بد من الأوقات فيه كما هو في الإيجاد والآجال إذا جاء الوقت قال تعالى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ وقال تعالى في شأن القيامة لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ فحينئذ يعطيها خلقها كذلك إذا حان أجل أداء الحق تعين عليك الأداء فإن أنت لم تفعل فأنت ظالم ولا يتعين أداء حق إلا مع قدرة المؤدي على أدائه وذلك وقته‏

[المقصود رؤية التقصير مع بذل المجهود]

ومن ذلك المقصود رؤية التقصير مع بذل المجهود

ما كان مقصودي من التقصير *** إلا الذي أدركت في التشمير

حتى يراني العاذلون قد اعتنى *** من قمت فيه بنفثه المصدور

وأرى الذي قيدته بصحيفتي *** من علمه المسروح في المسطور

إني قرأت كتابه وفهمته *** فهما كما أجلاه في المزبور

وأتى به ضوء الصباح وليله *** في وقته المعروف بالديهور

إني حصرت وجوده ويحق لي *** حصر الأمور لعلمي المحصور

قال الأماني غرور فلا تتمن على الله الأماني وأنت تسلك على غير طريق تحصيلها فإن الله يقول إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً فجعل الطريق التقوى لحصول هذا الفرقان الذي أنزله عَلى‏ عَبْدِهِ لِيَكُونَ به لِلْعالَمِينَ نَذِيراً أي معلما لهم ألا تراه لما أراد أن يعرف أوجد العالم وتعرف إليهم فعرفوه على قدرهم ما أبقاهم في العدم ورد خبر إلهي‏

قال تعالى كنت كنزا لم أعرف فخلقت الخلق وتعرفت إليهم فعرفوني‏

ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فلا بد لكل طالب أمران يسلك في طريق تحصيله لأن الطريق له ذاتي فلا تحصل إلا به ولكن أكثر الناس لا يشعرون‏

[حاز جنة المأوى من نهى النفس عن الهوى‏]

ومن ذلك حاز جنة المأوى من نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏

إذا نهيت النفس عن هواها *** كانت لها جناته مأواها

بها حباها الله إذ حباها *** وكان في فردوسه مثواها

أقسمت بالشمس التي أجراها *** قسما وبالبدر إذا تلاها

وليلة المظلم إذ يغشاها *** وبالنهار حين ما جلاها

وحكمة الله التي أخفاها *** عن العيون حين ما أبداها

وبالسموات ومن بناها *** وفوق أرض فرشه علاها

لتبلغن اليوم منتهاها *** حتى تراها بلغت مناها

حين رأت ما قدمت يداها *** من كل خير منه قد أتاها

بأطعمة قد بلغت أناها *** ما كان أحلاها وما أشهاها

قال نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ أن يكون هواها لا تأته من حيث ما هو هواها بل من حيث ما هو إرادة الحق وأنت لا تدري فإذا نهى النفس عن الهوى من حيث إنه مذموم لا من حيث ما أشرنا إليه فإن الله قد ستر عنه العلم الصحيح في ذلك فعبر عنه بجنة المأوى أي الستر الذي آوى إلى ظله فهو وإن كان مدحا فمن حيث إنه علق الذم بالهوى فلو عرف أنه ما دفع الهوى إلا بالهوى وإن الهوى ما هو غير عين الإرادة وكل مراد إذا حصل لمن أراده فهو ملذوذ للنفس فكل إرادة فهي هوى لأن الهوى تستلذه النفوس وما لا لذة لها فيه فليس بهواها وما سمي هوى إلا لسقوطه في النفس وليس سقوطه إلا منك في إرادة ربه فلا أعلى من الهوى لأنه يردك إلى الحق فلا تشهد غيره في التذاذه بذلك إلا أن الخلق حجبوا عن هذا الإدراك فهم مع الإرادة فيهم ويسمونها هوى وليست بهوى والهوى للعارفين والإرادة للعامة والذم لهم في الهوى فهم له عاملون‏

[الحق للباطل مزهق والنظر إليه مصعق‏]

ومن ذلك الحق للباطل مزهق والنظر إليه مصعق‏

قذفك بالحق على الباطل *** يدمغه فهو به زاهق‏

وإنما يعرف ما قلته *** من هو في أحواله صادق‏

فهو ظلوم والهوى مهلك *** وغيره مقتصد سابق‏

يسبقه فكل من جاءه *** فإنه في إثره لاحق‏

فإن أقل هادانا عارف *** وإن أقل حادانا سائق‏

من حيث عيني فأنا ناظر *** ومن لساني فأنا ناطق‏

أحوالنا تخبر عن سرنا *** بأنه في ذاته عاشق‏

قال لا تغالط نفسك حق وخلق لا يجتمعان فانظر مشهودك إن كان حقا فما تنظره إلا بعينه فإنك لا تدركه بغيره فما ثم‏

خلق في حقك وفي وقتك إذا كان وقتك الحق وإن كان خلقا فما تنظر إليه إلا بعين الخلق والحكم تابع للنظر ولا يحكم النظر إلا بما يعطيه لمنظور من ذاته فمن المحال أن يكون المنظور إليه قائما فيدركه قاعدا أو على لون ما إن كان من المتلونات فيدركه على غير اللون الذي هو عليه ذلك المنظور وهذا سائغ في كل قوة موضع الطعم إذا غلبت عليه المرة الصفراء قال في العسل إذا ذاقه إنه مر والعسل ما باشر موضع الطعم وإنما باشرته المرة الصفراء فصدق في المرارة وكذب في نسبة المرارة إلى العسل فاعلم ذلك‏

[من أجاب أجيب فلم لا يستجيب‏]

ومن ذلك من أجاب أجيب فلم لا يستجيب‏

لما أجبت دعاة الحق كنت لهم *** مؤيدا وبهم أيدتهم فإذا

أقول إنهم عيني ومعتقدي *** كما أقول إذا ما كنت منتبذا

الحق يجهل أو يعزى لكل هوى *** ولو يرى الحس أن الحق قد نبذا

هيهات ليس له حد فتدركه *** به فإن له حكما علي بذا

بذا حكمت وما في الحكم من عجب *** فكل حكم تراه فهو فيه كذا

فلا يحيط به علم ومعرفة *** ولا يناط به من جانبيه أذى‏

قال لا تعامل إلا بما عاملت فعملك يعود عليك استجب لله ولرسوله إذا دعاك لما يحييك فإنه إذا دعاك فأجبته يجبك إذا دعوته قال عز وجل وإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فإني دعوتهم على السنة أنبيائي وكما أنه عز وجل يعطي جزاء يطلب من عبده الجزاء لما دعاه الحق إلى التكوين وأجاب فكان فدعاه خالقه إلى ما تقوم به ذاته ويبقى عليه عينه فأجابه الحق بالإمداد فكان جزاء ولو شاء أعدمه لكنه أجاب فأجابه الحق فكان ذلك تنبيها من الحق لنا وتعليما فإياك والغفلة عن ملاحظة هذه الأشياء التي نصبها الحق لتشهد فلا تعاملها إلا بما نصبها الحق له فأصل الإجابة في العالم من هناك وهو أصل قوي ولذلك ما دعا الله أحدا إلا وأجابه إلا إن الأمور مرهونة بأوقاتها لمن يعلم ذلك فلا تستبطئ الإجابة فإنها في الطريق وفي بعض الطرق بعد وهو التأجيل‏

[طيب الأعراق يدل على مكارم الأخلاق‏]

ومن ذلك طيب الأعراق يدل على مكارم الأخلاق‏

قد قيل في مثل أجراه قائله *** إن الجياد على أعراقها تجري‏

فمن يقوم به أخلاق سيده *** يجري الجميل وغير الخير ما يجري‏

هذا الذي قلته التوحيد جاء به *** يوم الخميس إلينا ليلة القدر

أقام عندي بلا كد ولا نصب *** من أول لليل حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

قال إذا كانت الأعراق التي هي الأصول طيبة بالصلاحية والقوة كان الثمر في الفروع طيبا بالوجود والفعل فالثمر من الأصول يستمد فإنها من ذاتها لا تستبد والأصل الحق في وجود العالم وهو الطيب فما في الوجود إلا طيب فإن كل ما في الوجود إنما هو أخلاق الحق أي ثمرات أسمائه وأسماء الحق للحق كالفروع والأغصان للشجرة ولذلك تختلف الأغصان من التشاجر ويدخل بعضها على بعض تداخل الأسماء الإلهية في الحكم في العالم كما قال كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وهَؤُلاءِ من عَطاءِ رَبِّكَ وما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فأي عين لم تر في العالم طيبا في أمر ما منه فما ذلك إلا لغيبة الحق عن شهودها في تلك النظرة

[ذكر الجنوب قريب من الغيوب‏]

ومن ذلك ذكر الجنوب قريب من الغيوب‏

من يذكر الله قد يرجو مذكره *** من القيام يكون الذكر أو جنب‏

أو القعود فإن الله يذكره *** في كل حال بلا كد ولا نصب‏

هذي الحياة التي ترجى النعيم بها *** في حال جد يكون الذكر أو لغب‏

إن الذي يذكر الرحمن جاء بما *** يكون فيه جلاء الشك والريب‏

فالله يعصم قلبي من غوائله *** فإنها قد تؤدينا إلى العطب‏

قال الذاكرون ثلاثة ذاكر قائم وهو الذي له مشاهدة قيومية الحق فيراه قائما عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ فلا يشهده‏

إلا هكذا في ذكره وذاكر قاعد وهو الذي يشهد من الحق استواءه على العرش وإنما قلنا ذلك لأن العالم مرآة الحق والحق مرآة الرجل الكامل وينعكس النظر في المرآة فيظهر في المرآة ما هو في المرآة الأخرى ولا يعرف ذلك إلا من رأى ذلك فيرى الحق في الخلق قيوميته بكونه قائما عليه بما كسب والحق مرآة للخلق وقد رأى الحق نفسه في خلقه فرأى الخلق في مرآة الحق صورة ما تجلى من الحق في مرآة الخلق فأدركوا الحق في الحق بوساطة مرآة الخلق فإن شهد الحق أي صفة شهد منه العبد تلك الصورة عينها على حد ما قلناه وإنما كان الجنوب يقرب الغيوب لأنها حالة النائم أو المريض وهو قريب من حضرة الخيال وهي محل الغيوب‏

[الاكتفاء من الوفاء]

ومن ذلك الاكتفاء من الوفاء

من اكتفى قد وفى بما يقوم به *** وما يقوم له والاكتفاء وفا

من ظن أن طريق الحق أهوية *** جاءت به سبله فالذكر منه جفا

قال لا يكون الاكتفاء من الوفاء إلا مع الموجود الحاضر صاحب الوقت فيكتفي به صاحبه في وقته ولا يحتاج إلى طلب الزائد فإنه لا بد منه هو يأتيك من غير طلب لأنه من المحال الإقامة على أمر واحد زمانين وإنما قال الحق تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم آمرا وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ينبهه وإيانا على أن ثم أمرا آخر زائدا على ما هو الحاصل في الوقت لنتهمم لقدومه وليظهر من العبد الافتقار إلى الله بالدعاء في طلب الزيادة فمن علم أنه لا بد من تحصيل الزائد وتأهب لقدومه فلا حاجة في هذا الموطن إلى الدعاء في تحصيله إلا إن الزائد غير معين عندك فإذا عينه الدعاء والحق يجيب فقد تعين عندك ما تدعوه فيه وهو الذي أمر الله به نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يزيده يطلبه علما به في كل ما يعطيه وهو وجه لحق في كل شي‏ء

[الاستغفار في الأسحار]

ومن ذلك الاستغفار في الأسحار

استغفر الله بالله الذي سجدت *** له الجباة بآصال وأسحار

فقال لي قائل منهم بان لهم *** سرا يهيمهم في نغمة القاري‏

قال السحر موضع الشبهة ما هو ظلمة محضة فيكون الجهل ولا هو نور محض فيكون العلم ولكنه سدفة وهو اختلاط الضوء والظلمة فلما كان الاختلاط وقع التشابه ولهذا نهينا عن اتباع المتشابه وذكر أنه ما يتبعه إلا من في قلبه زيغ أي ميل عن الحق الصراح فإن التخليص هو المطلوب فلذلك شرع الاستغفار في الأسحار أي طلب من الله التستر عن الميل إلى المتشابه بشرط أن لا يعرف أنه متشابه فإن علمت أنه متشابه ولم تتعد به حده ولا أخرجته بميلك إليه ونظرك فيه عن المتشابه فلا حرج عليك وإنما الخوف والحذر أن تلحقه بأحد الطرفين وما ذلك حقيقته وإنما حقيقته أن يكون له وجهان وجه إلى كل طرف وجه إلى الحل ووجه إلى الحرمة ويتعذر الفصل بين الوجهين وتخليصه إلى أحد الطرفين فهو عند العارف من المحكم بهذا الوجه لتميزه عن كل واحد من الطرفين فإذا اتبعته اتباع من لا يزيله عن حقيقته فما ثم زيغ‏

[عناية العبادة موافقة الأمر الإرادة]

ومن ذلك عناية العبادة موافقة الأمر الإرادة

إن وافق الأمر الإرادة *** لم يزل معبوده في عينه مشهودا

فإذا تجلى نوره لعباده *** من فورهم خر والديه سجودا

قال الأمر الإلهي لا يخالف الإرادة الإلهية فإنها داخلة في حده وحقيقته وإنما وقع الالتباس من تسميتهم صيغة الأمر وليست بأمر أمر أو الصيغة مرادة بلا شك فأوامر الحق إذا وردت على ألسنة المبلغين فهي صيغ الأوامر لا الأوامر فتعصى وقد يأمر الآمر بما لا يريد وقوع المأمور به فما عصى أحد قط أمر الله وبهذا علمنا أن النهي الذي خوطب به آدم عن قرب الشجرة إنما كان بصيغة لغة الملك الذي أوحى إليه به أو الصورة فقيل عَصى‏ آدَمُ رَبَّهُ ومن ذلك لا يعول عليه إلا الفار منه إليه‏

من كنت طوع يديه *** فررت منه إليه‏

ولم أجد منه بدا *** لذا اتكلت عليه‏

وقال الفرارون هم بحسب ما فروا إليه فما أوجب عليهم لفرار ما فروا منه وإنما أوجبه ما فروا إليه إذ لو عرفوا أنه ما ثم‏

من يفر إليه لسكنوا وما فروا فإذا أردت أن تعرف في فرارك هل أنت موسوي أو محمدي فانظر في ابتداء الغاية وهو حرف من وفي انتهاء الغاية وهو حرف إلى فالنبي محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يقول فَفِرُّوا إِلَى الله إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وقال في تعوذه وأَعُوذُ بِكَ فهذا أمره ودعاؤه وقال عن موسى معرفا إيانا فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ويقال للمحمدي فَلا تَخافُوهُمْ وخافُونِ فالحكم عند المحمدي لانتهاء الغاية وعند الموسوي لابتداء الغاية وعلى الحقيقة فالغاية هي متصورة عنده في الابتداء فهي المحركة لأن الأمور إنما هي بغاياتها ولها وجدت قال عز وجل وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فاعتبر الغاية وإن تأخرت في الوجود مثل طالب الاستظلال بالسقف فحركته الغاية إلى ابتدائها فما وقعت العبادة إلا بعد الخلق فالغاية هي التي أبرزتهم إلى الوجود فهي المبتدأ وإن تأخرت في الوجود فما تأخرت بالأثر فإن الحكم والأثر لها ولذلك قلنا إن الأثر أبدا في الموجود إنما هو للمعدوم والغاية معدومة ولهذا يصح من الطالب طلبها لأن الموجود غير مراد فالغاية المعدومة هي التي أثرت الإيجاد أو هي سبب في أن أوجد الحق ما أوجده مما لم يكن له وجود عيني قبل هذا الأثر السببي ويسمونه بعض العلماء العلة وبعضهم يسميه الحكمة وبعد أن عرف المعنى فلا مشاحة في الإطلاق‏

[الجهر والهمس لفظ النفس‏]

ومن ذلك الجهر والهمس لفظ النفس‏

الأمر في العقل وفي النفس *** مقرر في الجهر والهمس‏

فكل ما يشهده ناظري *** أدركه بالعقل والحس‏

وأشهد المعنى الذي ساقه *** ولست من ذلك في ليس‏

قال إنما سمي الكلام لما له من الأثر في النفس من الكلم الذي هو الجرح في الحس وسمي أيضا باللفظ لأن اللفظ الرمي فرمت النفس ما كان عندها مغيبا بالعبارة إلى إسماع السامعين من غير إن يتعلق به من المتكلم بذلك غيرة فإن غار عليه لم يجهر به وهمسه فلا يسمعه إلا من قصده بالأسماع خاصة وإنما وقف الغيرة على الشي‏ء لما علم من بعض السامعين أو من كان عدم احترام ما وقعت من أجله الغيرة فلو عم الاحترام من كل شخص في كل موجود لكان الأمر جهرا كله وأيضا رحمة بالخلق لأنهم إذا أخفي عنهم لم يلزمهم احترام ما لم يسمعوا فلم يعاقبوا

[الوجود في السجود]

ومن ذلك الوجود في السجود

إذا وافت حقائقنا اتحدنا *** وفزنا بالعناية بالوجود

وحزنا كل مكرمة تبدت *** إلينا منه في حال السجود

قال إنما تطلب الوجوه بالسجود رؤية ربها لأن الوجوه مكان الأعين والأعين محل الأبصار فطلبه في سجوده ليراه من حيث حقيقته فإن التحت للعبد لأنه السفل فربما تخيل العبد تنزيه الحق عن التحت أن يكون له نسبة إليه فشرع له السجود وجعل له فيه القربة ثم نبهه الشرع على ذلك بحديث الهبوط وهو أنا

روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه قال لو دليتم بحبل لهبط على الله‏

وهي إشارة بديعة في الاعتصام بحبل الله أنه يوصلنا إلى الله ولهذا قال ابن عطاء لما غاص رجل الجمل في الأرض جل الله فقال الجمل جل الله لأن رجل الجمل سجد بالغوص في الأرض يطلب ربه فإن كل أحد إنما يطلب ربه من حقيقته ومن حيث هو ونسبة التحت والفوق إليه سبحانه على السواء لا تحده الجهات ولا تحصره يقول الله تعالى ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وهم أمة موسى والْإِنْجِيلَ وهم أمة عيسى وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ وهم أهل القرآن وجميع كل من أنزلت عليه صحيفة لَأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ يريد استواءه على العرش والسماء بل كل ما علاه ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وهو الذي طلبه رجل الجمل بغوصه وبقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لو دليتم بحبل لهبط على الله‏

مع أنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فالنسب إليه على السواء وما كان عند ابن عطاء خبر بذلك فكان الجمل أستاذ ابن عطا في هذه المسألة فلله الفوق والتحت كما له الأمر من قبل ومن بعد فله نسب مسافات الأمكنة كما إن له نسب مسافات الأزمنة وما ثم أسرع حركة من البصر في الحواس زمان لمح البصر زمان تعلقه بالكواكب الثابتة فما فوقها وبينهما من البعد في المساحة ما لا يقطع في آلاف من السنين المعلومة عندنا بحركة الأرجل‏

[الجزاء يشهد بالعدل وترك الفضل‏]

ومن ذلك الجزاء يشهد بالعدل وترك الفضل‏

إذا أنت ساويت العدالة بالجور *** وفضلت أمر الفضل فينا على العدل‏

تيقنت أن الأمر بالحق قائم *** وأن لسان الحق في قبة الفضل‏

قال لا يدخل الفضل في الجزاء وبهذا كان فضلا فعطاء الله كله فضل لأن التوفيق منه فضل والعمل له وهو العامل فالحاصل عن العمل بالموازنة وإن كان جزاء فهو فضل بالأصالة فالجزاء موازنة للعمل فهو للعمل لا للعامل ولا للعامل به فإن العامل هو الحق وما يعود عليه مما أعطاه ما وجد له ذلك العطاء والعمل لا يقبل بذاته ذلك العطاء لنفسه ولا بد له من قابل وأعطاه العمل لمن ظهر به وهو العبد الذي كان محلا لظهور هذا العمل الإلهي فيه فهو أيضا محل للعطاء الإلهي لأنه يلتذ به أو يألم إن كان عقوبة فقد علمت الجزاء والمجازي والمجازي والسلام‏

[كرم الأصول يدل على عدم الفضول‏]

ومن ذلك كرم الأصول يدل على عدم الفضول‏

كرم الأصل دليل واضح *** في بقاء الكون من موجدة

فإذا عينه موجدة *** كان بالتعيين من مشهده‏

قال العاقل العالم من لا شغل له إلا بما يعنيه وما ثم إلا ما يعنيه يعني إذا أضيف العمل إلى الله فإذا أضيف إلى المخلوق فلا يخلو إما أن يعتبر فيه التكليف المشروع أو لا يعتبر فإن لم يعتبر فما اشتغل أحد إلا بما يعنيه أي بما له به عناية لأنه اشتغل بما له فيه غرض من تحصيل أو دفع وإذا اعتبرت التكليف وخرج الاشتغال من المكلف عما رسم له الوقت وطلبه منه فقد اشتغل بما لا يعنيه أي بما ليس له به عناية شرعية ولذلك‏

ورد من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه‏

والإسلام حكم شرعي ولم يقل من حسن فعل المرء تركه ما لا يعنيه فإنه ما ترك إلا ما يعنيه تركه ولا فعل إلا ما يعنيه فعله‏

[لا يرتضي إلا أهل الرضي‏]

ومن ذلك لا يرتضي إلا أهل الرضي‏

إن الرضي الذي يرضى بنقلته *** في كل حال إلى ما فيه مرضاته‏

فإن تعدى ولم يثبت بمنزله *** فذاك من حرمت عليه أقواته‏

قال الرضاء ممن كان لا يكون إلا بالقليل لمن يعلم أن ثم ما هو أكثر من الحاصل في الوقت ولا بد من الرضاء من الطرفين لأن الباقي لا يتناهى فلا سبيل إلى نيله ولا إلى دخوله في الوجود فلو حصلت ما عسى أن تحصل فلا بد من الرضاء فرضي الله عنهم بما أعطوه من بذل المجهود وغير بذل المجهود ورضوا عنه بما أعطاهم مما يقتضي الوجود الجود أكثر من ذلك لكن العلم والحكمة غالبة ولذلك يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وإن ارتفع التكليف في الآخرة فما ارتفع ما ينبغي فما انبغي إلا ما حصل فالناس في الآخرة مع ربهم في عبادة ذاتية وهم في الدنيا في عبادة مشروعة إلا من اختصه الله من عباده فأعطاه في الدنيا حال الآخرة كرابعة العدوية

[من جهل المحدث جهل المحدث‏]

ومن ذلك من جهل المحدث جهل المحدث‏

جهلنا بالله ما قام بنا *** دون أن نعرف ما نحمله‏

فإذا عرفنا الحق به *** عنده نعرف ما نجهله‏

قال‏

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من عرف نفسه عرف ربه‏

فمن عجز عن معرفة نفسه عجز عن معرفة ربه وقد تكون المعرفة بالشي‏ء العجز عن المعرفة به فيعرف العارف أن هذا المطلوب لا يعرف والغرض من المعرفة بالشي‏ء أن يميز من غيره فقد ميز وتميز من لا يعرف بكونه لا يعرف ممن يعرف فحصل المقصود وما بقي الشأن إلا في الأمرين إذا كان العجز عن معرفتهما فبأي شي‏ء يتميز كل واحد عن الآخر عجزنا عن معرفة نفوسنا وعجزنا عن معرفة ربنا فما الفارق بين العجزين أو هل نفسك عين ربك كما

ورد في الخبر كنت سمعه وبصره‏

وذكر جميع قواه فقد وقع الالتباس ومالك فارق إلا الافتقار فيقوم معك ما طلبه منك والافتقار جعلك أن تطلب منه فلم يبق إلا التعريف الإلهي بالفارق إن كان من الممكنات‏

[المكر نكر]

ومن ذلك المكر نكر

إن الإله لخير الماكرين بنا *** ثم اعتقادي بأن المكر كان لنا

فلو شعرت به ما كان يمكر بي *** فمن جهالتنا أتى علينا بنا

قال رائحة المكر في قوله لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً وما أنكر إلا بما شرع له الإنكار فيه ولكن غاب عن تزكية الله هذا الذي جاء بما أنكره عليه صاحبه فهو في الظاهر طعن في المزكى إلى أن يتذكر الناسي وينتبه الغافل ويتعلم الجاهل‏

تمشي أمور وتذهب علوم وتفوت أسرار وأي مكر أشد من النكر وما ثم فاعل إلا الله فعلى من تنكر فلو أنكرت بالله كما تزعم ما اعتذرت ولا أسد تغفرت ولا طلبت إلا قاله فإنه من تكلم بالله لم يخط طريق الصواب بل هو ممن أوتي الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ‏

[الترائي في المرائي‏]

ومن ذلك الترائي في المرائي‏

إن المرآة ترينا ما يقوم بنا *** من التغير فيما تحمل الصور

لقد تحيرت فيما قد خلقت له *** وما لنا منزل لكن لنا سور

قال يحفظ في رؤية صور التجلي في صور الموجودات فإن الله ما ضرب لك المثل في الدنيا بتجلى الصور في المرآة من الناظر ويتجلى ما في المرآة في مرآة غيرها قلت أو كثرت سدى فاعرف إذا رأيت صورة في مرآة هل هي صورة من مرآة أخرى أم هي صورة لا من مرآة ثم أنظر في المرائي واعتدالها والأقوم منها وانظر إلى مرآة وجودك فإن كانت اعدل المرائي ولا تكن فإن الأنبياء عليه السلام أعدل مرآة منك ثم لتعلم إن الأنبياء قد فضل بعضهم بعضا فلا بد أن يكون مرائهم متفاضلة وأفضل المرائي وأعدلها وأقومها مرآة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فتجلى الحق فيها أكمل من كل تجل يكون فاجهد أن تنظر إلى الحق المتجلي في مرآة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لينطبع في مرآتك فترى الحق في صورة محمدية برؤية محمدية ولا تراه في صورتك كما قال الرجل للذي قال رأيت الله فأغناني عن رؤية أبي يزيد فقال له الرجل لأن ترى أبا يزيد مرة خير لك من أن ترى الله ألف مرة فلما رآه ذلك المستغني مات فقيل لأبي يزيد خبره فقال أبو يزيد كان الحق يتجلى له على قدره فلما رآنا تجلى الحق له على قدرنا فلم يطق فمات من حينه والحكاية مشهورة وذلك عين ما أشرنا إليه‏

[الزهرة لأهل النظرة]

ومن ذلك الزهرة لأهل النظرة

ما زهرة الأرض سوى فتنة *** تعم أهل الأرض أحكامها

وإن من يدركها فتنة *** فذلك المدرك علامها

قال ما تنعمت الأبصار في أحسن من زهرة الروض إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها وأحسن زينة عليها رجال الله فاجعلهم منتزهك حتى تكون منهم فما دمت أرضا فأنت محل زينة أزهار النوار وهي دلالات على الثمر الذي هو المقصود من ذلك لأن به تسري الحياة فهو القوت الحسي الحيواني فإن كنت سماء مع بقاء أرضيتك عليك في مقامها وذلك هو الكمال فإنه من رجال الله من يفنى عينها لقوله تعالى كُلُّ من عَلَيْها فانٍ فالعارف انتقل من ظهرها إلى بطنها فما فنى عنها بل تحقق بها كذلك فليكن فإذا كنت سماء فأنت محل زينة زهر الأنوار أنوار الكواكب وهي تدل على الحياة المعنوية العلمية

[قد تكون الفتنة جنة]

ومن ذلك قد تكون الفتنة جنة

يستتر المحفوظ في فتنته *** سترة من يحفظ في جنته‏

فيتقي منها سهام العدي *** كذلك العارف في جنته‏

قال لا شك أن الفتنة جنة فإنها ستر في وقتها عن الأمر الذي تئول إليه ذاتك فإنك منظور إليك من جانب الحق بعين الحق في حال الفتنة ما يكون منك ولا تمتحن وتختبر حتى تمكن من نفسك وتجعل قواك لك وتسدل الحجاب بينك وبين ما هي الأمور عليه حتى ترى ما يستخرج منك هذه الفتنة فإذا أراد الرجل التخلص من هذه الورطة فلينظر إلى الأصل الذي كان عليه قبل الفتنة وقد أحالك الله عليه إن تفطنت بقوله أَ ولا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من قَبْلُ ولَمْ يَكُ شَيْئاً فانظر إلى حالك مع الله إذ لم تكن شيئا وجوديا ما كنت عليه مع الحق فلتكن مع الله في شيئية وجودك على ذلك الحكم لا تزد على ذلك شيئا إلا ما اقتضاه الخطاب فقف عنده‏

[من ذلك من خان الخيانة خان الأمانة]

ومن ذلك من خان الخيانة خان الأمانة

يا أيها المحجوب في عزته *** لا تنظر الخائن من بزته‏

فإن مكر السر في خلقه *** خيانة منه على عزته‏

قال هذه نكتة أغفلها أهل الله أهل النقد والتمييز فكيف من ليس له هذا المقام من أهل الله وهو أنك لا تخون الخيانة إلا بأداء الأمانة فأنت خائن من حيث تظن إنك لست بخائن في أدائك الأمانة إلى أهلها فإن الخيانة تطلب حكمها وحكمها نافذ في كل أحد فإن الإنسان حامل أمانة بلا شك بنص القرآن فإن أداها فقد خان الخيانة وإن لم يؤدها فقد

خان الأمانة والخيانة أمانة فأدها إلى أهلها وتجرد عنها إن كان لها أهل وجودي فإن لم يكن لها أهل فما هي أمانة واعلم أن التخلص من هذا الأمر لا يكون إلا حتى بكون مشهودك أنك الحق إذا كان الحق سمعك وبصرك وقواك فما ثم أمانة تؤدي لأنك أنت الكل فما ثم خيانة فما خنت ولا أديت‏

[الجنف جنف‏]

ومن ذلك الجنف جنف‏

من مال عن جنفه فالفضل شيمته *** ومن يميل إلينا نحن قيمته‏

فانظر إليه إذا مال الركاب به *** تلقاه حبا على خوف كريمته‏

قال تختلف الأحكام باختلاف الألفاظ التي وقع عليها التواطؤ بين المخاطبين وإن كان المعنى واحدا فالمصرف ليس بواحد فالجور الميل والعدل ميل فالميل إلى الباطل جور والميل إلى الحق عدل وكلاهما ميل وكذلك الدين الحنيفي ميل إلى الحق والحيف ميل إلى عدم الحق فمن حيث إنهما ميل هما سواء وما فرق بينهما إلا الطريق ولذلك ذكر الله نجدين ولما كان كل واحد منهما ميلا ورأى أن الجور ميل إلى الشيطان وكذلك القسط والزيغ والجنف وكل ميل إلى الشيطان وعلم إن الباطل هو العدم وهو يقابل الوجود فما للحق منازع إلا الباطل منعت الغيرة تقرير ذلك فحكمت وقالت في الكل وإليه يرجع الأمر كله فنسب الميل إلى الباطل إليه وأخذه من الباطل فصار حقا

[في غروب الشمس موت النفس‏]

ومن ذلك في غروب الشمس موت النفس‏

غروب الشمس موت النفس فانظر *** إلى نور قد أدرج في التراب‏

وذاك الروح روح الله فينا *** وعند النفخ يأخذ في الإياب‏

إلى الأجل الذي منه تعدى *** فيسرع في الإياب وفي الذهاب‏

قال النفس كالشمس شرقت من الروح المضاف إلى الله بالنفخ وغربت في هذه النشأة فأظلم الجو فقيل جاء الليل وأدبر النهار فالنفس موتها كونها في هذه النشاة وحياة هذه النشأة بوجودها فيها ولا بد لهذه الشمس أن تطلع من مغربها فذلك يوم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمانِها خَيْراً لأن زمان التكليف ذهب وانقضى في حقها فطلوع الشمس من مغربها هو حياة النفس وموت هذه النشأة ولهذا ينقطع عمل الإنسان بالموت لأن الخطاب ما وقع إلا على الجملة ففي موتها حياتها وفي حياتها موتها فتداخل أمرها لأنها على صورة موجدها أين الكبير من المتكبر وأين العلي من المتعالي وهو هو فإن حكمت عليه المواطن فهو محكوم عليه وفيه ما فيه‏

[زينة الدنيا رؤيا]

ومن ذلك زينة الدنيا رؤيا

إنما الناس نيام في الدنا *** فإذا ماتوا يقومون هنا

والذي تشهده أعيننا *** هو رؤيا ظهرت في نومنا

قال الإنسان في الدنيا في رؤيا ولذلك أمر بالاعتبار فإن الرؤيا قد تعبر في المنام والناس نيام وإذا ماتوا انتبهوا

فإذا كان بلسان الصادق الحس خيالا والمحسوس متخيلا فبما ذا تقطع الثقة وأنت القائل والقاطع العاقل العالم بأنك في حال اليقظة صاحب حس ومحسوس وإذا نمت صاحب خيال وتخيل والذي أخذت عنه طريق سعادتك جعلك نائما في الحال الذي تعتقد إنك فيه صاحب يقظة وانتباه وإذا كنت في رؤيا في يقظتك في الدنيا فكل ما أنت فيه هو أمر متخيل مطلوب لغيره ما هو في نفسه على ما تراه فاليقظة والحس الصحيح الذي لا خيال فيه في النشأة الآخرة ولا تقل إذا تحققت هذا إن خوارق العادات خيالات في أعين الناظرين اعلم أن الأمر في نفسه كما تراه العين فإنه لا باطن لما تشهده العين بل هو هو فافهم وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ‏

[ليس على الأعرج من حرج‏]

ومن ذلك ليس على الأعرج من حرج‏

إذا شئت تعرف أسرار من بقي *** والذي قبله قد درج‏

عليك بما جاء في وحيه *** فليس على أعرج من حرج‏

وليس المراد سوى آفة *** تقوم به ما يريد العرج‏

قال المؤوف لا حرج عليه والعالم كله مئوف فلا حرج عليه لمن فتح الله عين بصيرته ولهذا قلنا مال العالم إلى الرحمة وإن سكنوا النار وكانوا من أهلها لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ ولا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ولا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ‏

وما ثم إلا هؤلاء فما ثم إلا مئوف فقد رفع الله الحرج بالحرج العاثر فيه فإنه ما ثم سواه ولا أنت والمريض المائل إليه لأنه ما ثم وجود يمال إليه إلا هو والأعمى عن غيره لا عنه لأنه لا يتمكن العمي عنه وما ثم إلا هو وقد ارتفع الحرج عمن هذه صفته وما ارتفع الحرج إلا بما هم فيه من الحرج لأن كل واحد ممن سميناه متضرر فحاله يطلب الانفكاك عنه فهو طالب محال من وجه فالعالم كله أعمى أعرج مريض‏

[المثل في الظل‏]

ومن ذلك المثل في الظل‏

المثل في الظل والأنوار تظهره *** بما تقابله به تنوره‏

تعمه فإذا أتته عن جنب *** تنفيه وقتا وفي وقت تصوره‏

قال ظل الأشخاص أشكالها فهي أمثالها وهي ساجدة بسجود أشخاصها ولو لا النور الذي هو بإزاء الأشخاص ما ظهرت الظلال فما يظهر ظل عن شخص بنور حتى يكون النور محصورا في جهة من الشخص ويكون الشخص في جهة منه مفروضة فيظهر الظل وإنما أظهر الله الظلال عن أشخاصها بالأنوار المحصورة ضرب مثال لأنوار العقائد المحصورة فإله كل معتقد محصور في دليله فأراد الحق منك أن تكون معه كظلك معك من عدم الاعتراض عليه فيما يجريه عليك والتسليم والتفويض إليه فيما تصرف فيك به وينبهك أيضا بذلك إن حركتك عين تحريكه وإن سكونك كذلك ما لظل يحرك الشخص كذلك فلتكن مع الله فإن الأمر كما شاهدته فهو المؤثر فيك هذا عين الدليل لمن كشف الأمر وعلمه ذوقا

[من الحق الشي‏ء بطوره فقد قدره حق قدره‏]

ومن ذلك من الحق الشي‏ء بطوره فقد قدره حق قدره‏

إن الحكيم الذي الأكوان تخدمه *** لأنه نزل الأشياء منازلها

يبدو إلى كل ذي عين بصورته *** ولا يقول بأن الحق نازلها

قال لا تخرج شيئا عن حقيقته فإنه لا يخرج وإن أردت هذا اتصفت بالجهل وعدم المعرفة وقال كل من أنزلته منزلته فقد قدرته حق قدره وما بعد ذلك مرمى لرام وقال إن كان للشي‏ء جنس فاحكم عليه بحكم جنسه وإن كان نوعا فاحكم عليه بما فيه من حكم جنسه وبما فيه مما انفصل عنه بنوعيته فهو ذو حكمين وإن كان شخصا فاحكم عليه بما فيه من حكم جنسه وبما فيه من حكم نوعه واحكم عليه بحقيقة شخصيته فهو ذو أحكام ثلاثة فكلما قرب الأمر من الأحدية كثرت الأحكام عليه الحق واحد وأسماؤه لا تحصى كثرة فلو كان كثيرا لا لانقسمت الأسماء الذاتية بينهم الجنس كثير حكمه واحد ومن ذلك‏

أن الشريك لموجود إذا نظرا *** من قلد العقل في التعيين والخبرا

أتى به حاكم في كل نازلة *** من النوازل قل الأمر أو كثرا

[الشرك الخفي والجلي‏]

(الشرك الخفي والجلي)

الشرك منه جلي لا خفاء به *** والشرك منه خفي أنت تعلمه‏

يخفى فيظهره من كان يحكمه *** يبدو فيستره من كان يكتمه‏

قال الشرك الجلي عمل الصانع بالآلة والشرك الخفي الاعتماد على الآلة فيما لا يعمل إلا بالآلة فما ثم إلا مشرك فإنه ما ثم إلا عالم وكل شرك يقتضيه العلم ويطلبه الحق فهو حق فليس المقصود إلا العلم ف ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ فكثر العلماء بالله وأبقى طائفة من المؤمنين هم في الشرك ولا يعلمون أنهم فيه فلذلك لم ينسبهم إلى الشرك لعدم علمهم بما هم فيه من الشرك وهم لا يشعرون وهذا من المكر الإلهي الخفي في العالم وهو قوله ومَكَرْنا مَكْراً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ وقال ليس المراد بالشرك هنا أن تجعل مَعَ الله إِلهاً آخَرَ ذلك هو الجهل المحض فإنه ما ثم إله آخر بل هو إله واحد عند المشرك وغير المشرك‏

[الصرف عن الآيات أعظم الآفات‏]

ومن ذلك الصرف عن الآيات أعظم الآفات‏

العجز صرف عن الآيات في النظر *** كالمعجزات التي في الآي والسور

فانظر إليها عسى تدري حقيقتها *** فإنما الناس في الدنيا على خطر

قال كن من الذين صرفوا أنفسهم عن الآيات لا تكن من الذين صرفوا عنها فإن الذين صرفوا عنها حجبوا بنفوسهم فنسبوا إليها ما ليس لها فعموا عن الآيات فحلت بهم الآفات فحلت بهم المثلاث والذي انصرف بنفسه عن الآيات لعلمه بأن الدليل يضاد المدلول وما هرب إلا من الضد والمقابل فالناظر في الدليل ما زال فيه فهو هارب مما هو فيه حاصل فعول أهل الكشف والوجود ونظروا إلى المدلول لا من كونه مدلولا إلا من كونه مشهودا فنظروا إلى الأشياء وهي تتكون عنه بأمره لا بل بذاته بأمره فالأمر ما قرنه مع الوجود الذاتي إلا لمن لا شهود له كشفا ولا سلم له نظره من المزج فجاء بالأمر والأمر كلامه وكلامه ذاته‏

[من توفي ترقي‏]

ومن ذلك من توفي ترقي‏

نون الوقاية تحمي فعلها أبدا *** من التغير والآفات والضرر

فلا تغيره ولا تقلقله *** عن صورة هو فيها آخر العمر

قال لما كانت الوقايات تحول بين من توقي بها وبين ما يتوقى منه أعطته الترقي والنزاهة عن التأثر وعن حكم التأثير فيه فترقى إلى صفة الغني عن العالمين لا إلى غير ذلك فإن الاشتراك قد وقع بيننا في التأثير في بعض المواطن في قوله أجيب دعوة الداع إذا دعاني فإعطاؤه عن سؤال أثر وتأثير وفي الغني عن العالمين لا يكون هذا فإن ارتقى هذا الغني المتوقى إلى الغني عن الغناء فلا يكون ذلك إلا حتى يكون الحق عين ما ينسب إليه من الصفات ومن صفاته الغناء عن كذا فهو غني عن العالمين لا غنى عن نفسه فعلى هذا الحد يكون الترقي‏

[عظمت فضائحه من شهدت عليه جوارحه‏]

ومن ذلك عظمت فضائحه من شهدت عليه جوارحه‏

الشخص مقصور على نفسه *** فليس شي‏ء عنه يخفيه‏

يبديه وقتا ثم يخفيه *** عنه وهذا القدر يكفيه‏

قال أخسر الأخسرين شاهد يشهد على نفسه كما إن أسعد السعداء من شهد لنفسه فهو في الطرفين مقدم في السعادة والشقاء وشَهِدُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ فهم الذين أشقوا أنفسهم بشهادتهم وأما من شهدت عليه جوارحه فما تعظم فضيحته من حيث شهادة جوارحه- عليه وإنما تعظم فضيحته من حيث عجزه وجهله بالذب عن نفسه في حال الشهادة فإنه ما سمي ذلك النطق شهادة إلا تجوز إلا أن الجوارح تشهد بالفعل ما تشهد بالحكم فإنها ما تفرق بين الطاعة المشروعة والمعصية فإنها مطيعة بالذات لا عن أمر فبقي الحكم لله تعالى فيأخذه ابتداء من غير نطق الجوارح وهنا يتميز العالم من غيره‏

[بلوغ الأمنية في الرحمة الخفية]

(و من ذلك بلوغ الأمنية في الرحمة الخفية)

بلوغ ما يتمنى العبد ليس له *** وإنما هو لله الذي خلقه‏

ومن يكون بهذا الوصف فهو فتى *** يزيد قدرا على أمثاله طبقه‏

قال ألذ ما يجده الإنسان ما لا يشارك فيه ولذلك نسب من نسب من الحكماء الابتهاج بالكمال لله لعدم المشارك له في ذلك الكمال فلا لذة أعظم من عدم المشاركة في الأمر والانفراد به حتى يكون لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهذه هي الرحمة الخفية وإنما سميت خفية لعدم المشاركة فإنه ما يعرفها إلا صاحبها والذي يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفى‏ وعلم الله بها معك لا يمنعها من الخفاء لأن الخفاء إنما هو عن الأكوان لا عن الله ف إِنَّ الله لا يَخْفى‏ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ في الْأَرْضِ ولا في السَّماءِ فالشي‏ء لا يخفى عنه عينه وهذا هو العجب إن الإنسان لا يعرف نفسه كيف لا يعرف العارف نفسه وقد عرف أنها لا تعرف‏

[العالم الذي يخشى هو الليل‏]

ومن ذلك العالم الذي يخشى هو الليل إِذا يَغْشى‏

صفة الخشية نعت العلما *** وهم عند الإله الحكماء

والذي يجهل ما جئت به *** في الذي قد قلته في العلما

لم يزل امعة لا يهتدي *** مع هذا مع هذا في عمى‏

قال الغشيان نكاح وهو ستر فهو سر فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً غطاها بذاته وسترته بنفسها فكان لها لباسا وكانت له لباسا هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ فالعالم من انسحب علمه على كل شي‏ء فغشاه فلم يخرج عن علمه شي‏ء من الأمهات فلبسه كل شي‏ء فهو ثوب كل شي‏ء متى يكون ذلك إذا كان قلبه بيت الحق فإذا لبسه الحق بكونه في قلبه ولبسه العبد بكونه جميع قواه والحق هو الجامع وعلمه ليس غير الحق فقد علم كل شي‏ء وإذا علمه فقد غشيه وإذا غشيه فقد لبسه وإذا لبسه انفعل عنه ما ينفعل ويصير ذلك المنفعل أهلا له أيضا يغشاه‏

[الردة عن الدين شيمة الملحدين‏]

ومن ذلك الردة عن الدين شيمة الملحدين‏

صاحب الردة لا تحسبه *** عالما بالأمر فيما قد علم‏

بل هو الجامع حقا ولذا *** كل ما يسمع من قول حكم‏

إنه يصدق فيما قاله *** والذي يعقل هذا لا جرم‏

قال الدين الجزاء فلا يميل عن الجزاء إلى العمل على العبودة وتكون عبادته لذات الحق كما هي عبادته في الآخرة كان عند الناس ملحدا وعند ربه موحدا فإنه سلم من البواعث المعلولة في عبادة ربه فهذا هو الإلحاد المحمود وما سمي إلحادا إلا لما فيه من الميل عن العمل على الأمر إلا أنه لا بد أن يكون من هذه حالته في عبادته أن يشهد ويسمع أمر الحق بتكوين الأعمال فيه التي شرعت له أن يعملها فيراها تتكون فيه عن أمر الله على الموافقة لما شرع الله من الأمر والنهي ويسمع أمر الحق بالتكوين فإن لم تكن هذه صفته فما هو ذلك الرجل الذي بوبنا بنا عليه إن الردة عن الدين شيمة الملحدين فبهذا يعرف نفسه صاحب هذا المقام فلا يأخذه بالقوة

[اقتحم العقبة من أفرد نفسه بالمرتبة]

ومن ذلك اقتحم العقبة من أفرد نفسه بالمرتبة

لا تقتحم شدة فالأمر أيسر من *** ظن تظن فإن الحق يسره‏

إن الوجود مع الإنسان خيره *** وبعد تخييره في الأمر حيره‏

أماته الله حتفا ثم أقبره *** وبعد هذا إذا ما شاء أنشره‏

قال من قال إني إله من دونه فما جهل إلا بقوله من دونه ما جهل بقوله إني إله وحده ولكن بالمجموع فإنه أثبت الغير بقوله من دونه فإن العبد إذا نطق بالحق وكان الحق نطقه فهو القائل إني إله لا العبد فلا يحتاج أن يقول من دونه في نطقه بالحق فإن العبد لا يكون ربا ولا سيما في مثل هذا الذوق فلا رائحة فيه جملة واحدة لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ فقولهم ابن مريم ونعتوه بالبنوة ولو قالوا ابن الله كان ذلك كله خطأ وكانوا كافرين فلو قالوا الله والمسيح أَيًّا ما تَدْعُوا كما قال في الرحمن لم يفردوه بالمرتبة ولا أشركوه إِنَّمَا الله إِلهٌ واحِدٌ

[من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه‏]

ومن ذلك من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه‏

إن الدعي زنيم حيث ما كانا *** وهو العزيز به فيه وإن هانا

الله جمله الله عدله *** الله سواه دون الخلق إنسانا

قد أظهر الله فيه عز قدرته *** لو لم يكن لم يكن ذاك الذي كانا

لو كان لي أمل في غير ما خلقت *** نفسي له لم أكن في الخلق محسانا

قال‏

جاء في الخبر النبوي من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله‏

أي له البعد وما له سيد إلا الله ولذلك‏

نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يقول أحدنا عبدي وأمتي وليقل غلامي وجاريتي‏

كما

نهى أن نقول لمن له سيادة علينا ربنا

فانظر إلى هذه الغيرة الإلهية وما تعطيه الحقائق وكذلك من ادعى إلى غير أبيه ملعون أي قد بعده عن الأصل الذي تولد عنه إلا أنه لا يقال ابن إلا لبنوة الصلب وإن جازت بنوة التبني ولكن قول الله أولى في قوله ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله ولا نشك أن الغيرة حكمت أن يقال‏

الولد للفراش‏

ما لم ينفه صاحب الفراش فبنوة التبني بالاصطفاء والمرتبة ولفظة الابن هي المنهي عنها إلا أنه وردت رائحة في التبني في قوله لَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى‏ مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ بل أداة إضراب هُوَ الله الْواحِدُ الْقَهَّارُ وهنا في المصطفى إشكال من هو المصطفى فقد يحتمل أن يريد محل الولد ليظهر فيه الولد بالتوجه الإلهي في الصورة البشرية في عين الرائي كجبريل حين تمثل لمريم بَشَراً سَوِيًّا ف قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا وهنا سر أيضا فابحث عليه فقال لها جبريل إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ جئتك‏

لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا لما أحصنت فرجها نفح فيها روحا من أمره فينسب إليه ف قالَتِ النَّصارى‏ الْمَسِيحُ ابْنُ الله قاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ وقد يريد بالاصطفاء التبني والله أعلم ما أراد من ذلك هل المجموع أو أحد الأمرين‏

[لا يشقى من استمسك بالعروة الوثقى‏]

ومن ذلك‏

مستمسك بالعروة الوثقى *** هو الإمام السيد الأتقى‏

أخبر عنه الروح في وحيه *** بأنه المسعود لا يشقى‏

(لا يشقى من استمسك بالعروة الوثقى) قال العروة دائرة لها قطران بالفرض يفصلها خط متوهم فالعروة الوثقى أنت وهو من حيث قطريها فالوجود منقسم بينك وبينه لأنه مقسوم بين رب وعبد فالقديم الرب والحادث العبد والوجود أمر جامع لنا

قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي‏

فهذه عروة لها انفصام من وجه فإنه لا بد أن ينحل نظام التكليف فترتفع هذه الصلاة المنشأة على هذه الهيئة وتبقي صلاة النشأة الذاتية التي ربطتك به تعالى في حال عدمك ووجودك فتلك العروة الوثقى التي لا انْفِصامَ لَها فاستمسك بها فلا تفرده دونك ولا تشفعه بك بل أنت أنت وهو هو و

[الزكاة ربا ورشد]

من ذلك‏

أن الزكاة نمو حيث ما كانت *** مثل الذكاة التي عزت وما هانت‏

في كل حال من الأحوال تبصرها *** قد زينت عاطلا منها وما شانت‏

قال الزكاة ربو من زكا يزكو إذا ربا والربا محرم والزكاة ربا والذكاة فيما يكون عنه بالتناول الربو في المتناول والميتة حرام لأنها ما ذكيت فهي مع المذكى كالرباء مع الزكاة فالجامع الأقرب بين الزكاة والذكاة التطهير لأن الزكاة طهارة بعض الأموال والذكاة طهارة بعض الحيوان والجامع الأبعد بينهما ما فيهما من الربو والزيادة لمن تناول قَدْ أَفْلَحَ من زَكَّاها أي جعلها تربو تزكو وما تربو حتى يكون الحق قوتها قال سهل بن عبد الله القوت الله حين قيل له ما القوت فلما قيل له سألناك عن قوت الأشباح فقال ما لكم ولها دعوا الديار لبانيها إن شاء عمرها وإن شاء خربها وقد ورد أن الايمان يربو في قلب المؤمن إذا مدح والمؤمن لا يربو إلا بالمؤمن‏

فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فإن الحائط لا يعظم ويقوم إلا بضم اللبن بعضها إلى بعض في البنيان كذلك المؤمن يعظم بالمؤمن والْمُؤْمِنُ من أسمائه تعالى‏

[الخوض في آلائه عماية]

ومن ذلك‏

الخوض في كل أمر *** من الوجود عمايه‏

إلا إذا كنت فيه *** ذا عزة وعناية

(الخوض في آلائه عماية) قال إذا كنت أنت الآية عينها فأنت أقرب شي‏ء إلى من أنت دليل عليه فإذا خضت في الآية فأنت دال لا دليل فزلت عن كونك آية فبعدت عن المقصود فحجبت فصرت في عماية فلا تخض فيك وانظر في ذاتك على الكشف حتى ترى بمن هي مرتبطة فذلك الذي ارتبطت به هو مدلولها وهي آية عليه للأجنبي الخائض فيك ما أنت آية لك وإن كنت آية لك يقول تعالى وإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ إشارة حسنة ونصيحة شافية حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ فأضاف الآيات إليه فإن خضت فيها تعديت عنك إلى الجانب الآخر والشأن في إن تكون أنت وهو أنت له وهو لك لا إن يكون هو لهو فلما ذا أوجدك ولا إن تكون أنت لأنت فاعلم‏

[السكونة تحت قضاء الله‏]

ومن ذلك‏

أن الذي يسكن تحت القضا *** فإنه علامة في الرضاء

قد وسع الكل جمالا فما *** يعرض عنه السر لو أعرضا

السكون تحت القضا *** قد لا يكون عن الرضي‏

قال ما كل من سكن تحت قضاء الله يكون راضيا بما قضى عليه قد يكون الساكن مجبورا مقهورا إما لغفلة وإما لأمر من خارج فإذا رفع عنه القهر زال ما كان يدعيه من الرضي فأخفى الله كذب الكاذب بالقهر في التشبيه بالصادق فيرى كل واحد من الشخصين قد رضي والواحد رضي طوعا والآخر رضي كرها ولِلَّهِ يَسْجُدُ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً ولست أعني بالسماء هذه المشهودة المعلومة فهي إشارة إلى الرفع والأرض إلى الخفض فأهل السماء يسجدون كرها وأهل الأرض يسجدون طوعا بسبب الأهلية فقد يكون في السماء من هو من أهل الأرض‏

فيسجد طوعا وقد يكون في الأرض من هو من أهل السماء فيسجد كرها وهو علم ذوق فالساجد يعرف بأي صفة سجد فهو أهل لما تعطيه تلك الصفة وقال العبد مأمور بالرضى بالقضاء لا بكل مقضي به فاعلم ذلك فإنه دقيق‏

[لم يزل في تضليل من عصى الله والرسول‏]

ومن ذلك‏

لم يزل في ضلالة وعمى *** من عصى ربه من العلما

فانظروا في الذي أفوه به *** تجدوه قالت به الحكماء

(لم يزل في تضليل من عصى الله والرسول) قال لم يزل في حيرة من عصى الله والرسول وما ثم إلا واحد والرسول حجاب وقد علمت أنه لا ينطق عن الهوى بل هو لسان حق ظاهر في صورة خلق فإن رفعه ذمه الله وإن تركه تركه على مضض فأعطاه الله دواء من بلاء لهذه العلة وهو قوله من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله ثم زاده في الدواء بقوله إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله فلما أفرد الأمر في عين الجمع بل العليل من دائه ولذلك قال الخليل وإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ فإن العبد لا بد له من خواطر تقتضيها نشأته وبنيته فمنها ما يوجب له مرضا فيحتاج إلى دواء ومنها ما لا مرض فيه وهو الخاطر السليم‏

[التذاذ الخائف بمن استصحبه‏]

ومن ذلك‏

لذة الوقت للذي يجني *** ثمر القرب عند ما يجني‏

فإذا قال كيف قلت له *** لو دري العالم الذي أعني‏

هام وجدا به فكيف أنا *** ولهذا سترته مني‏

قال الشاعر

أحلى من الأمن عند الخائف الوجل‏

لأن الوارد الذي يعطي الأمن الذي يرد على الخائف يكون الخائف أعظم التذاذ به ممن استصحبه الأمن وذلك لتجدد الأمن عليه عقيب الخوف فجاء على النقيض مما كان يأمله وينتظره من وقوع الأمر المخوف منه فوجد الالتذاذ الذي لا يكون ألذ منه فلو فتح الله عين بصيرته ورأى تجدد نشأته في كل نفس مع جواز عدم التجدد واللحوق بالعدم لكان في لذة دائمة لكن ما كل أحد يعطي هذه الرتبة بل الإنسان كما قال تعالى في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ وهو في مفهوم العموم النشأة الآخرة فالجاني هو الذي ينتظر العقوبة فإن كان مؤمنا فإنه ينتظر إما العقوبة من الله على ما جنى أو العفو والمغفرة فإذا جاءته المغفرة وجد لها من اللذة ما لا يقدر قدرها إلا من ذاقها

[ولاية النور حبور ولاية الظلمة تبور]

ومن ذلك‏

من كان في النور كان النور يصحبه *** وظلمة الجهل ترديه وتسحبه‏

فكن به لا تكن فإنه سند *** أقوى ومن جاءه في الحين يذهبه‏

(ولاية النور حبور ولاية الظلمة تبور) قال بولاية النور يكون الظهور فتبدو له عين الأشياء فتفرق همومه وغمومه فله في كل منظور إليه تنزه وعلم وفتح لا يكون في الآخر فتقترن به لذة وسرور على قدر ما كان له من التعطش لطلب ما رآه إن كان معلوما عنده قيل ذلك بالقوة أو على قدر رتبة ذلك المنظور في الحسن والطعم وبولاية الظلمة يهلك في حقه كل ما سترته الظلمة واجتمع عليه همه فإنه لا يتمكن له أن يكون من نفسه في ظلمة فتقل لذاته فإن فتح له فيه بسر الغيب وعظيم مرتبته على الشهادة كان سروره بالظلمة أتم‏

[التلف قد يكون في الخلف‏]

ومن ذلك‏

إذا مضى عنك شي‏ء لا ترد خلفا *** منه فإن هلاك الأجر في الخلف‏

وقل له بالذي تحويه من عجب *** إن المقام الذي أرجوه في التلف‏

(التلف قد يكون في الخلف) قال من أعطى مؤديا أمانة فأخلف الله عليه مثل ما أعطى فقد زاد في حجبه فقد زاد في نصبه فإنه ما يعطيه الله شيئا إلا ويأمره بحفظه وتقوى الله فيه ولا سيما في دار التكليف وإنما قيدناه بهذا القيد لقوله تعالى لسليمان عليه السلام هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ مع كونه عن سؤال بقوله هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ من بَعْدِي يريد المجموع لأنه ورد أن أصحاب الجد محبوسون لأنهم خرجوا عن أصولهم فإن أصلهم الفقر فما أثنى عليهم إلا بالذلة

والافتقار لأنهم لو لم يفتقروا لما أعطاهم الحق ما حجبهم به وأتعبهم فيه وأمرهم بأداء ما يجب عليهم فيه من حقه وحق من له فيه استحقاق كالزكاة وغيرها فما وقفوا مع الأصل وهو فقرهم بل قالوا لما فرض الله عليهم الزكاة في أموالهم هذه أخية الجزية وأين لَئِنْ آتانا الله من فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ من الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتاهُمْ من فَضْلِهِ بَخِلُوا به وتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ وقالوا ما ذكرناه فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً في قُلُوبِهِمْ إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا الله ما وَعَدُوهُ وبِما كانُوا يَكْذِبُونَ فلو ثبتوا على ما أعطاهم الحق ولم يطلبوا الزيادة لم يعطهم سوى ما يبقى عليهم الخلق الذي أعطاهم حين أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فيحفظ عليه خلقه دائما فإياك والافتقار فما حجب الأغنياء سواه لافتقارهم إلى الزيادة فيما في أيديهم وما اقتنعوا

[مقت الوقت‏]

ومن ذلك‏

المقت بالوقت مقرون فإن فاتا *** فلتحمد الله شكرا عند ما فاتا

واعلم بأن له حقا عليك إذا *** فت الذي كان قبل المقت قد ماتا

(مقت الوقت) قال إذا عامل صاحب الوقت وقته بما يجب له فادى حقه سلم من المقت فيه فإذا علق همه في وقته بما خرج عن وقته فهو في وقته صاحب مقت لشغله بالمعدوم عن الموجود والأدب لا يكون إلا مع الحاضر حتى إن الغائب إذا تؤدب معه لا يتأدب معه من حيث هو غائب وإنما يتأدب مع اسمه إذا ذكر وإذا ذكر الغائب فقد حضر اسمه في لفظ الذكر له فما وقع الأدب إلا مع حاضر فإن المذكور جليس الذاكر إياه بالذكر فلا تشغل نفسك بما خرج عن وقتك فتكون ممن مقته الوقت ومن مقته الوقت فذلك مقت الله فاحذر

[الفرح ترح‏]

ومن ذلك‏

ما فرحة تعقبها ترحة *** يفرح من يعقلها هكذا

بها فإن الله أخبرنا *** صدقا بما يعقبها من أذى‏

(الفرح ترح) قال إذا علم من فرح خاص من شأن النفوس أن تفرح به إن الله لا يحب الفرح بذلك الفرح وذكر قوله تعالى إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ فعلمنا أنه فرح بأمر معين فعاد فرحه بذلك ترحا فحزن لفرحه على قدر فرحه فإن كان عظيما عظم حزنه وإن كان دون ذلك كان الحزن والترح بحسبه ثم إن الله أمر عباده أن يفرحوا بِفَضْلِ الله وبِرَحْمَتِهِ لا بما يجمعه من المال فإنه يتركه بالموت في الدنيا ولا يقدمه فأمرك بالفرح بالفضل والفضل ما زاد على ذلك لكنه أيضا من خلق الفضل فأعطى الفضل خلقه ولم يكن له ظهور إلا فيك فاحمد الله حيث جعلك محلا لفضله ورحمته فافرح لأمره إياك بالفرح تجني ثمرة أداء الواجب في الفرح‏

[أشد الأمراض الإعراض‏]

ومن ذلك‏

يمرضني الحق إذا أعرضا *** يا ليت من أمرضني مرضا

وليته يأتي إلي بما *** يعقبني إتيانه من رضي‏

(أشد الأمراض الإعراض) قال ما يصح الإعراض على الإطلاق فإنه ما ثم إلى أين وإنما يصح الإعراض المقيد ومنه المذموم وهو أشد مرض يقوم بالقلوب وقال الإعراض عن الآيات التي نصبها الحق دلائل عليه دليل على عدم الإنصاف واتباع الهوى المردي وهو علة لا يبرأ منها صاحبها بعد استحكامها حتى يبدوا له من الله ما لم يكن يحتسب فعند ذلك يريد استعمال الدواء فلا ينفع كالتوبة عند طلوع الشمس من مغربها لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمانِها خَيْراً والايمان عند حلول البأس وعند الاحتضار والتيقن بالمفارقة وقال الإعراض عن الله لا يتصور وكذلك الإعراض عن الخلق مطلقا لا يتصور فما هو الفارق‏

[من محمود الأغراض الإعراض‏]

ومن ذلك‏

إذا قامت الأغراض بالنفس أنه *** لتعقبها الأمراض إن كان ذا نفس‏

وكل كريم لم ينلها فإنه *** تحل به الآلام من حضرة القدس‏

وإن لها في عالم الخلق صدمة *** إذا هي حلت في الملول وفي العسس‏

من محمود الأغراض الإعراض قال أعرض عن من تولى عن ذكر الله وهو قوله وأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ لأن مستولى عن ذكر الله معرض فأظهر له صفته في إعراضك عنه لعله يتنبه فإنه يأنف من إعراضك عنه لما هو عليه في نفسه من العزة فإن إعراضك عنه إذلال في حقه وعدم مبالاة به وما خالفك إلا لتقاومه لا لتعرض عنه فإن المعرض بالتولي إذا تبعته زاده اتباعك نفور أو عدم التفات فإذا أعرضت عنه ووليته ظهرك كما ولاك ظهره لم يحس بأقدام خلفه تهدي في مشيته وأخذ نفسه وارتأى مع نفسه فيما أعرض عنه والتفت وما رآك خلفه فصار يحقق النظر فيك وأنت ذو نور فلا بد أن يلوح له من نورك ما يؤديه ويدعوه إلى التثبت في أمرك وفيما جئت به فلعله إن يكون من المهتدين فهذا الإعراض صنعة في الدعاء إلى الله‏

[ذكر الذكر أمن من المكر]

ومن ذلك‏

ألا إن ذكر الذكر أمن من المكر *** إذا كان ذاك الذكر مني على ذكر

فقل للذي قال الدليل بفضله *** ألا إن ذكر الذكر أمن من المكر

ذكر الذكر أمن من المكر قال ذكر الذكر مثل حمد الحمد وحمد الحمد أصدق المحامد بلا شك وأوفاها كذلك ذكر الذكر أنفع الأذكار وأصدقه شهادة للذاكر فإن الذكر إذا ذكرك فإنه لا يذكرك إلا من مقامه ومقامه عزيز وأنت في تلك الحالة ذكره فيكون كما هو الحق إذا سميناه ملك الملك فهذا وراثتك من هذا الاسم الإلهي وقال إذا تجسدت الصفات وظهرت لها أعيان في الصور كان الذكر أجملها صورة وأعلاها مرتبة فإنه لا شي‏ء أعلى من الذكر وسبب ذلك أنه ما بأيدينا من الحق إلا الذكر ولذلك‏

قال أنا جليس من ذكرني‏

فقد صير ذاته ذكره‏

[ما تعدى من إذا شهد صفة الحق تصدى‏]

ومن ذلك‏

ألا إن نعت الحق يظهر في الخلق *** وقد حزت فيما قلته قصب السبق‏

إذا كان حال العبد هذا فإنه *** يجود بما يفنى علي ولا يبقى‏

ما تعدى من إذا شهد صفة الحق تصدى قال العارف من ينظر المحال من حيث ظهورها بصفات الحق فيعظم الصفة حيث ما ظهرت إلا إن تخيل المحل أن التعظيم له فيجب على العالم إذا كان حكيما أن لا يظهر تعظيم الصفة لما يطرأ على المحل من الأمر الذي يؤدي إلى هلاكه فإن فعل ذلك وجب عليه العتب إن لم يحق عليه العذاب فالإنسان إما أن يلحق المحل بالصفة أو يلحق الصفة بالمحل فإن ألحق المحل بالصفة عظم المحل بوجه في وقت ومقته بمقت الله في وقت كالمتكبرين والجبارين الذين ذمهم الله وإن ألحق الصفة بالمحل لم يقدر قدرها ولم ينزلها منزلتها فكان من الجاهلين فإذا كان مشهوده الصفة فلا يبالي ألحق المحل بها أو ألحقها بالمحل فإن التعظيم منه لها مصاحب وينظر في المحل بحسب الوقت وحكم الشرع فيه والموطن كأبي دجانة وأمثاله‏

[من وقف مع الدليل حرم المدلول‏]

ومن ذلك‏

أن الأدلة أستار وقد سدلت *** من غيرة الحق إسبالا على الحرم‏

فمن يطوف بها تغنيه حالته *** عن الطواف ببيت الله في الحرم‏

من وقف مع الدليل حرم المدلول قال من وقف عند شي‏ء كان له فقف مع الحق تكن للحق بلا خلق وإياك أن تقف مع الحق من كونه دليلا على نفسه فإنك إن وقفت معه على هذا الحد حرمته لأن الدليل والمدلول لا يجتمعان أبدا فإن الناظر في الشي‏ء في كونه كذا إنما هو ناظر إلى الحكم لا إلى الشي‏ء من حيث عينه فيحرم عين ذلك الشي‏ء ولا تنظر إليه من حيث ما هو مشهود لك فتراه من حيث حكم أنه مشهود فما تراه ولا من حيث أنت تشهده بك أو به كل ذلك حجاب على عين شهودك إياه في عين شهودك فقف مع الحق لعينه خاصة فإنك تحوز بذلك أعلى رتبة في العلم به‏

[من علم إن عمله يرى لم يعبد الورى‏]

ومن ذلك من علم إن عمله يرى لم يعبد الورى‏

أخلص لربك ما تبديه من عمل *** وكن على وجل من ذلك العمل‏

واعلم بأنك مسئول ومرتهن *** مما أتيت به واحذر من الخجل‏

قال لا بد أن يوقفك الحق ويشخص لك أعمالك كلها وهو قد أمرك بالعمل فيرى هل عملت بما أمرك به من الأعمال وقد أمرتك نفسك بعمل وأمرك الخلق بعمل فتأتي ولك ثلاثة أنواع من العمل ترفع إليك خزائنها فما كان لله فهو لله مخلص فيزول إضافته إليك وكذلك ما كان للناس ولا يبقى لك إلا ما كان لك فيقال لك هل خلعت على هذه الأعمال كلها

حكم الحق عليها فجريت فيها بحكم الحق حتى تكون مؤمنا أو كنت في وقت عملك تشهد أنك آلة يعمل بها خالقك كل عمل ظهر منك أو ما تعديت بالعمل غير ذات العمل لما أمرك به من أمرك كان من كان فأنت عند ذلك بحسب ما يكون الأمر في نفسه والرسول حاضر معك وكل من أمرك حاضر عند ذلك فإنه في وقت أمره إياك بالعمل قد تعبدك وأنت لمن تعبدك في كل عمل فتكون في الزمن الواحد في أحوال مختلفة فتكون الرائي المحجوب المعذب المنعم كما يجمع الحق بين الأضداد

[عمل بعلمه من استغفر في ظلمه‏]

ومن ذلك عمل بعلمه من استغفر في ظلمه‏

استغفر الله من ظلمي ومن زللي *** فإنني منهما والله في خجل‏

إني عجلت إلى ربي لأرضيه *** من قوله خُلِقَ الْإِنْسانُ من عَجَلٍ‏

قال الظالم ظالمان ظالم لنفسه وظالم نفسه فالظالم نفسه طلب منه الاستغفار مع أنه يغفر له وإن لم يستغفر وإنما أمره الحق بالاستغفار ليقيمه إذا جنى ثمرة ذلك في مقام الإذلال لما له في ذلك من الكسب فإن الذي يأخذ من جهة الهبة قصير اليد والذي يأخذ من كسبه طويل اليد فإنه طالب حق ومستحقه فالرجل من أخذ من كسبه في حال ذلة ويده قصيرة ما دام في الحياة الدنيا فإنه لا ينفذ في ظلمة الكسب إلى الوهب إلا بنور ساطع قوي من المعرفة الصحيحة التي لا علة فيها ولا تأثير للاكوان وإن غولط فيتغالط إذا كان أديبا لأنه لا يغالط إلا والموطن يعطيه فيجري مع الحق فيما أجراه فيه والحق يعلم ما هو فيه‏

[ما أحاط من شاهد البساط]

ومن ذلك ما أحاط من شاهد البساط

كل من يشاهد البساط تراه *** ذا ضلال وحيرة في البساط

فإذا ما سألته قال صدقا *** إنما كان ذلكم في انبساطي‏

قال أهل البساط لا يتعدى طرفهم من هم في بساطه غير إن البسط كثيرة بساط عمل وبساط علم وبساط تجل وبساط مراقبة فإن كنت في العمل فما وإن كنت في العلم فيمن وإن كنت في التجلي فمن وإن كنت في المراقبة فلمن وهكذا في كل بساط يكون فيقال لك في العمل ما قصدت وفي العلم من هو معلومك وفي التجلي من تراه وفي المراقبة لمن راقبت فأنت بحسب جوابك عن هذه الأسئلة فأنت محصور بالخطاب محصور بالجواب فما تشاهد سوى الحال الخاص بك ما دمت في البساط فإن أجبت بما يقتضيه الحال كنت حكيما حكما وإن أجبت بالحق لا بك فكنت على قدر اعتقادك في الحق ما هو وإن أجبت بنفسك أجبت إجابة عبد والمراتب متفاضلة

[علم الاختصاص بالختم الخاص‏]

ومن ذلك علم الاختصاص بالختم الخاص‏

إني من أصل أجواد خضارمة *** من البهاليل أهل الجود والرفد

ما منهم أحد يسعى لمفسدة *** ولا يرى جوده يجري إلى أمد

قال الختم الخاص هو المحمدي ختم الله به ولاية الأولياء المحمديين أي الذين ورثوا محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وعلامته في نفسه أن يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي من محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي لله تعالى وإذا لم يعلم هذا فليس بختم أ لا ترى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لما ختم به النبيين أوتي جوامع الكلم واندرجت الشرائع كلها في شرعه اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس فيعلم قطعا إن الكواكب قد ألقت شعاعاتها على الأرض وتمنع الشمس أن تميز ذلك فتجعل النور للشمس خاصة

[المدى الشاسع مانع‏]

ومن ذلك المدى الشاسع مانع‏

إذا بلغ المدى الشاسع *** رجال ما لهم مانع‏

تراهم في محاربهم *** عبيدا حاله جامع‏

لما يلقاه من أ لم *** البعد عنهم قاطع‏

قال لما خلق الله الإنسان عجولا وخلق فيه الطلب ولم يحصل له مطلوبه في أول قدم بعد عليه المدى لعجلته فيقف مع طول‏

المدى فيمتنع من حصول الفائدة فإن الله لا ينال بالطلب فالعارف يطلب سعادته ما يطلب الله فإن الحاصل لا يبتغى فإن الله يجل أن يطلب بمسافات الاقدام وبمشاقات الأعمال وبالأفكار فكما أنه لا يتحيز كذلك لا يتميز فهو معلوم لنا أنه في كل شي‏ء عين كل شي‏ء ومجهول التمييز لما نشهده من اختلاف الصور فما تقول في صورة هو هذا إلا وتحجبك عنها صورة هو عينها تقول فيها هو هذا وتغيب عنك هويته بمغيب الصورة الذاهبة فلا تدري على ما تعتمد كالمتحير بالنظر الفكري لا يدري ما يعتقد سواء كلما لاح دليل له لاحت له شبهة فيه فلا يسلم له دليل من شبهة أبدا لأنه أعظم دليل ونحن شبهته‏

[منزلة الإمام في الأنام‏]

ومن ذلك منزلة الإمام في الأنام‏

منازلة الإمام مع الأنام *** مؤدية إلى قتل الغلام‏

فقل للمنكرين صحيح قولي *** لقد أغفلتم طرح اللثام‏

قال المالك مملوك بلا شك فإن ملكه يملكه بما يحتاج إليه فإن الملك فقير إلى أشياء لا بد منها لا تحصل له إلا من مالكه فيقيد به مالكه فيكون مملوكا له إن أراد أن يكون ملكا وإلا فهو معزول تعزله المرتبة لا يمكن أن يكون أحد من المالكين أعظم من الحق وهو كل يوم في شأن وقال سَنَفْرُغُ لَكُمْ وما ثم الأسماء وأرض فالسماء تمور والأرض تذهب وذلك لما هو مالك ولو لم يحفظنا ما حفظ ملكه عليه وزال عنه حكم اسم الملك‏

[الفرق بين المسيح والمسيح‏]

ومن ذلك الفرق بين المسيح والمسيح‏

عجبا لعيسى كيف مات وطالما *** قد كان ينشرنا من الأجداث‏

ما ذاك إلا كونه متبريا *** مما رمته به يد الأحداث‏

قال عيسى عليه السلام هو المسيح وكل من مسح أرضه بالمشي فيها والسياحة في نواحيها ليرى آثار ربه فيما يراه منها وهو قوله أَ ولَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ بأقدامهم وأفكارهم والأرض أيضا نظرهم في عبوديتهم فإنها تقبل المساحة بما فيها من التفصيل غير أنه في كل فصل منها وصل حق فلله في كل فصل عين والمسيح أيضا من مسحت عينه التي يرى بها نفسه وبقي عليه عينه الذي يرى بها ربه فإذا لم ير إلا الله يقول أنا الله ويصدق فإن عينه التي يرى بها نفسه ذهبت وهو بالنشأة دجال تكذبه النشأة فهو الدجال الصادق فجمع بين الصدق والكذب فصدق من حيث ما شاهد وكذب من حيث ما فاته فلو علم إن عينه ممسوحة لعلم ما فاته وادعى الحق بالحق ولكن جرى الأمر هكذا فعيسى أحيا الموتى الذين ما له تعمل في موتهم فهو أتم لأنه لا يحيي إلا من أمات فعلم من أين تؤكل الكتف والدجال أحيا الميت الذي قتله خاصة

[سما من علم أسماء الأسماء]

ومن ذلك سما من علم أسماء الأسماء

إذا كانت الأسماء منا تدلنا *** على ما به سمي الإله وجوده‏

فما عندنا غير الأسامي محقق *** فنحن وإن كنا بوجه عبيده‏

حقيقة من سمي بنا نفسه لنا *** فمن يدر ما قلناه حاز شهوده‏

وفينا له بالعهد لما تحققت *** نفوس لنا ترعى لدينا عهوده‏

وقعت على ما كنت منه أخافه *** وقد كنت قبل اليوم أخشى شروده‏

فما يبدي منه سوى الخيبة التي *** ملأت بها كفي فحقق جوده‏

فما مثله شي‏ء فنزه كونه *** عن المثل فاحفظ وعده ووعيده‏

[علم الأسرار والأنوار]

ومن ذلك علم الأسرار والأنوار

من شاء يلقي الروح في الأنوار *** فليتخذ مرقى إلى الأسرار

وليتكل فيه على معلومه *** فحجابه القيوم بالأبصار

قال الأنوار شهادة والحق نور ولهذا يشهد ويرى والأسرار غيب فلها الهو فلا يظهر الهو أبدا فالحق من حيث الهو لا يشهد وهويته حقيقته ومن حيث تجليه في الصور يشهد ويرى ولا يرى إلا في رتبة الرائي وهو ما يعطيه استعداده واستعداده على نوعين استعداد ذاتي وبه تكون الرؤية العامة واستعداد عارض وهو



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!