فإنه يعجز عن حفظه *** لوصفه المخلوق بالقاصر
فكان بالآخر حفظا له *** ليلتقي الواحد بالآخر
فأمرنا دائرة كله *** فالتحق الأول بالآخر
و إنه جلى لنا ذاته *** في صورة الباطن و الظاهر
[التقدم و التأخر]
يدعى صاحبها عبد الآخر و حده من الثاني الذي يلي الأول إلى ما تحته فهو المسمى بالآخر لأن له حكم التأخر عن الأولية بلا شك و إن استحق الأولية هذا المتأخر فما تأخر عن الأول إلا لأمر أيسره و أبينه الزمان لأن وجود الأهلية فيه من جميع الوجوه فيعلم إن الحكم في تأخيره و تقدم غيره للزمان كخلافة أبي بكر و عمر ثم عثمان ثم علي رضي اللّٰه عن جميعهم فما منهم واحد إلا و هو مترشح للتقدم و الخلافة مؤهل لها فلم يبق حكم لتقدم بعضهم على بعض فيها عند اللّٰه لفضل يعلم تطلبه الخلافة فما كان إلا الزمان فلما كان في علم اللّٰه أن أبا بكر يموت قبل عمر و عمر يموت قبل عثمان و عثمان يموت قبل علي رضي اللّٰه عن جميعهم و الكل له حرمة عند اللّٰه فجعل خلافة الجماعة كما وقع فقدم من علم إن أجله يسبق أجل غيره من هؤلاء الأربعة فما قدم من قدم منهم لكونه أكثر أهلية من المتأخر منهم في نظري و اللّٰه أعلم فالظاهر أنه من كون الآجال فإنه لو بويع خليفتان قتل الآخر منهما للنص الوارد فلو بايع الناس أحد الثلاثة دون أبي بكر و لا بد في علم اللّٰه أن يكون أبو بكر خليفة و خليفتان فلا يكون فإن خلع أحد الثلاثة و ولي أبو بكر كان عدم احترام في حق المخلوع و نسب الساعي في خلعه إلى أنه خلع من يستحقها و نسب إلى الهوى و الظلم و التعدي في حقه و لو لم يخلع لمات أبو بكر في أيامه دون أن يكون خليفة و لا بد له من الخلافة أن يليها في علم اللّٰه فلا بد من تقدمه لتقدم أجله قبل صاحبه و كذلك تقدم عمر بن الخطاب و عثمان و علي و الحسن فما تقدم من تقدم لكونه أحق بها من هؤلاء الباقين و لا تأخر من تأخر منهم عنها لعدم الأهلية و ما علم الناس ذلك إلا بعد أن بين اللّٰه ذلك بآجالهم و موتهم واحدا بعد آخر في خلافته إن التقدم إنما وقع بالآجال عندنا و في نظرنا الظاهر أو بأمر آخر في علم اللّٰه لم نقف عليه و حفظ اللّٰه المرتبة عليهم رضي اللّٰه عن جميعهم فهذا من حكم التأخر و التقدم و لله الأولية لأنه موجد كل شيء و لله الآخرية فإنه قال ﴿وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:123]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية