يريد وقت مناجاته و هي قرة عين محمد ﷺ و كل مؤمن لما فيها من الشهود فإن اللّٰه في قبلة المصلي و «قد قال اعبد اللّٰه كأنك تراه» و لا شك أن الجمال محبوب لذاته فإذا انضاف إليه جمال الزينة فهو جمال على جمال كنور على نور فتكون محبة على محبة فمن أحب اللّٰه لجماله و ليس جماله إلا ما يشهده من جمال العالم فإنه أوجده على صورته فمن أحب العالم لجماله فإنما أحب اللّٰه و ليس للحق منزه و لا مجلى إلا العالم و هنا سر نبوي إلهي خصصت به من حضرة النبوة مع كوني لست بنبي و إني لوارث
إني خصصت بسر ليس يعلمه *** إلا أنا و الذي في الشرع نتبعه
ذاك النبي رسول اللّٰه خير فتى *** لله نتبعه فيما يشرعه
فأوجد اللّٰه العالم في غاية الجمال و الكمال خلقا و إبداعا فإنه تعالى يحب الجمال و ما ثم جميل إلا هو فأحب نفسه ثم أحب أن يرى نفسه في غيره فخلق العالم على صورة جماله و نظر إليه فأحبه حب من قيده النظر ثم جعل عزَّ وجلَّ في الجمال المطلق الساري في العالم جمالا عرضيا مقيدا يفضل آحاد العالم فيه بعضه على بعض بين جميل و أجمل و راعى الحق ذلك على ما أخبر نبيه ﷺ فقال المؤمن لرسول اللّٰه ﷺ الحديث الذي ذكرناه في هذا الباب الذي خرجه مسلم في صحيحه «إن اللّٰه جميل» فهو أولى أن تحبه إذ و قد أخبرت عن نفسك إنك تحب الجمال و أن اللّٰه يحب الجمال فإذا تجملت لربك أحبك و ما تتجمل له إلا باتباعي فاتباعي زينتك هذا قوله ﷺ قال اللّٰه تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:31] ﴿اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:31] أي تزينوا بزينتي يحببكم اللّٰه فإن اللّٰه يحب الجمال فأعذر اللّٰه المحبين بهذا الخبر لأن المحب لا يرى محبوبه إلا أجمل العالم في عينه فما أحب إلا ما هو جمال عنده لا بد من حكم ذلك أ لا ترى إلى قوله ﴿أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً﴾ [فاطر:8] فما رأى سوء العمل حسنا و إنما رأى الزينة التي زين له بها فإذا كان يوم القيامة و رأى قبح العمل فر منه فيقال له هذا الذي كنت تحبه و تتعشق به و تهواه فيقول المؤمن لم يكن حين أحببته بهذه الصورة و لا بهذه الحلية أين الزينة التي كانت عليه و حببته إلي ترد عليه فإني ما تعلقت إلا بالزينة لا به لكن لما كان محلها كان حبي له بحكم التبع فيقول اللّٰه لهم صدق عبدي لو لا الزينة ما استحسنه فردوا عليه زينته فيبدل اللّٰه سوءه حسنا فيرجع حبه فيه إليه و يتعلق به فما قال الحق هذا القول أعني زين له سوء عمله إلا ليلقن عبده الحجة إذا كان فطنا فلا ينبغي للمؤمن الكيس أن يهمل شيئا من كلام اللّٰه و لا كلام المبلغ عن اللّٰه فإن اللّٰه تعالى يقول فيه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية