و كالذي يغلب على العضو الحامل للطعم المرة الصفراء فيجد العسل مرا فيقول العسل مر فكذب المحل في إضافة المرارة إلى العسل لأنه جهل إن المرة الصفراء هي المباشرة لعضو الطعم فأدرك المرارة فهو صادق في الذوق و الوجدان كاذب في الإضافة فألقوا بل أبدا هي التي لها الحكم فما من اللّٰه إلا الخير المحض كله فمن اتساع رحمته إنها وسعت الضرر فلا بد من حكمه في المضرور فالضرر في الرحمة ما هو ضرر و إنما هو أمر خير بدليل أنه بعينه إذا قام بالمزاج الموافق له التذ به و تنعم و هو هو ليس غيره فالأشياء إلى اللّٰه إنما تضاف إليه من حيث إنها أعيان موجودة عنه ثم حكم الالتذاذ بها أو غير الالتذاذ إنما هو راجع إلى القابل و لو علم الناس نسبة الغضب إلى اللّٰه لعلموا أن الرحمة تسع الكل فإن القادر على إزالة الألم عن نفسه لا يتركه فقامت الأحوال من الخلق و المواطن للحق مقام المزاج للحيوان فيقال في الحق إنه يغضب إذا أغضبه العبد و يرضى إذا أرضاه العبد فحال العبد و الموطن يرضى الحق و يغضبه كالمزاج للحيوان يلتذ بالأمر الذي كان بالمزاج الآخر يتألم به فهو بحسب المزاج كما هو الحق بحسب الحال و المواطن أ لا ترى في نزوله إلى السماء الدنيا ما يقول فإنه نزول رحمة يقتضيها الموطن و إذا جاء يوم القيامة يقتضي المواطن أنه يجيء للفصل و القضاء بين العباد لأنه موطن يجمع الظالم و المظلوم و موطن الحكم و الخصومات فالحكم للمواطن و الأحوال في الحق و الحكم في التألم و الالتذاذ و التلذذ للمزاج إن ربك واسع المغفرة أي واسع الستر فما من شيء إلا و هو مستور بوجوده و هو الستر العام فإنه لو لم يكن ستر لم يقل عن اللّٰه هو و لا قال أنت فإنه ما ثم إلا عين واحدة فأين المخاطب أو الغائب فلهذا قلنا في الوجود إنه الستر العام ثم الستر الآخر بالملائم و عدم الملائم فهو ﴿وٰاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [ النجم:32] و هي حضرة إسبال الستور و قد تقدم الكلام عليها في هذا الباب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية