فالفاء في قوله ﴿فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] جواب أمره ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] و هي فاء التعقيب و ليس الجواب و التعقيب إلا في الرتبة كما يتوهم في الحق أنه لا يقول للشيء كن إلا إذا أراده و رأيت الموجودات يتأخر وجود بعضها عن بعض و كل موجود منها لا بد أن يكون مرادا بالوجود و لا يتكون إلا بالقول الإلهي على جهة الأمر فيتوهم الإنسان أو ذو القوة الوهمية أو أمر كثيرة لكل شيء كائن أمر إلهي لم يقله الحق إلا عند إرادته تكوين ذلك الشيء فبهذا الوهم عينه يتقدم الأمر الإيجاد أي الوجود لأن الخطاب الإلهي على لسان الرسول اقتضى ذلك فلا بد من تصوره و إن كان الدليل العقلي لا يتصوره و لا يقول به و لكن الوهم يحضره و يصوره كما يصور المحال و يتوهمه صورة وجودية و إن كانت لا تقع في الوجود الحسي أبدا و لكن لها وقوع في الوهم و كذا هي مفصلة في الثبوت الإمكانى فإن قوة الخيال ما عندها محال أصلا و لا تعرفه فلها إطلاق التصرف في الواجب الوجود و المحال و كل هذا عندها قابل بالذات إمكان التصور و هذه القوة و إن كان لها هذا الحكم فيمن خلقها فهي مخلوقة و هذا الحكم لها وصف ذاتي نفسي لا يكون لها وجود عين فيمن خلقت فيه إلا و لها هذا الحكم فإنه عين نفسها و ما حازها إلا هذا النشء الإنساني و بها يرتب الإنسان الأعيان الثبوتية في حال عدمها كأنها موجودة و كذلك هي لأن لها وجودا متخيلا في الخيال و لذلك الوجود الخيالي يقول الحق له كن في الوجود العيني فيكون السامع هذا الأمر الإلهي وجودا عينيا يدركه الحس أي يتعلق به في الوجود المحسوس الحس كما تعلق به الخيال في الوجود الخيالي و هنا حارت الألباب هل الموصوف بالوجود المدرك بهذه الإدراكات العين الثابتة انتقلت من حال العدم إلى حال الوجود أو حكمها تعلق تعلقا ظهوريا بعين الوجود الحق تعلق صورة المرئي في المرآة و هي في حال عدمها كما هي ثابتة منعوتة بتلك الصفة فتدرك أعيان الممكنات بعضها بعضا في عين مرآة وجود الحق و الأعيان الثابتة على ترتيبها الواقع عندنا في الإدراك هي على ما هي عليه من العدم أو يكون الحق الوجودي ظاهرا في تلك الأعيان و هي له مظاهر فيدرك بعضها بعضا عند ظهور الحق فيها فيقال قد استفادت الوجود و ليس إلا ظهور الحق و هو أقرب إلى ما هو الأمر عليه من وجه و الآخر أقرب من وجه آخر و هو أن يكون الحق محل ظهور أحكام الممكنات غير أنها في الحكمين معدومة العين ثابتة في حضرة الثبوت و يكشف المكاشف هذين الوجهين و هو الكشف الكامل و بعضهم لا يكشف من ذلك إلا الوجه الواحد كان ما كان فنطق صاحب كل كشف بحسب ما كشف و ليس هذا الحكم إلا لأهل هذا الطريق و أما غيرهم فإنهم على قسمين طائفة تقول لا عين لممكن في حال العدم و إنما يكون له عين إذا أوجده الحق و هم الأشاعرة و من قال بقولهم و طائفة تقول إن لها أعيانا ثبوتية هي التي توجد بعد أن لم تكن و ما لا يمكن وجوده كالمحال فلا عين له ثابتة و هم المعتزلة و المحققون من أهل اللّٰه يثبتون بثبوت الأشياء أعيانا ثابتة و لها أحكام ثبوتية أيضا بها يظهر كل واحد منها في الوجود على حد ما قلناه من أن تكون مظهرا أو يكون له الحكم في عين الوجود الحق فهذا يعطيه حضرة الخلق و الأمر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية