[حكم الجبروت في الملكوت]
اعلم أن العزيز إذا نظر إلى ما هو به عزيز و إنه من المحال قبوله للتأثير فيه من ذلك الوجه و لا يعلم عند شهوده ذلك أن فيه ما يقبل التأثير من غير هذا الوجه فيدعي المنع و أنه في حمى لا ينتهك فهنا يظهر حكم الجبروت في الملكوت فإذا أحس العزيز بالجبر نظر عند ذلك من أين أتى عليه فما ظهر له إلا من جهله بذاته و إنه مركب من حقائق تقبل التأثير و حقائق لا تقبل التأثير فإن كان عاقلا بادر ليحصل له الثناء في تلك المبادرة و يبقى الامتناع في باب الاحتمال عند الأجنبي عن مشاهدة هذه الحقائق و إن تعاظم حكم الجبر عليه فيتصرف فيه في اختياره و هو أعظم الحجب و أكثفها فمن شاهد الجبر في الاختيار علم إن المختار مجبور في اختياره فليس للجبروت حكم أعظم من هذا الحكم و من دخل هذه الحضرة و كانت حاله عظم إحسانه في العالم حتى ينفعل له جميع العالم بل ينفعل له الوجود كله اختيارا من المنفعل و هو عن جبر لا يشعر به كل أحد فهو جبر الإحسان و التواضع فإنه يدعوه إلى الانقياد إليه أحد أمرين في المخلوقين بل في الموجودات و هو الطمع أو الحياء فالطامع إذا رأى الإحسان ابتداء من غير استحقاق أطمعه في الزيادة منه إذا جاء إليه بما يمكن أن يكون معه الإحسان و إنما تفعل النفس ذلك حتى يكون الإحسان ﴿جَزٰاءً وِفٰاقاً﴾ [النبإ:26]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية