فيغلق عليه باب العطاء لما جعل في قلبه من خوف الفقر إن أعطى فيطغى في غناه في عين فقره فإن هو أعطى ما به استغنى افتقر فاحتقر فلا يزال الغني خائفا و لا يزال الفقير طالبا فالرجاء للفقير فإنه يأمل الغناء و الخوف للغني فإنه يخاف الفقر ف ﴿مٰا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [ سبإ:39] فإن اللّٰه يخلفه بهويته فيخلفه بفتح الياء فإنه ما ينفق حتى يشهد العوض و هو «قولهم من أيقن بالخلف جاد بالأعطية» فما ينفق أحد إلا عن ظهر غنا لأن العبد فقير بالذات غني بالعرض و كان الأولى أن يكون غنيا بالذات لأنه المصرف لمن يتصرف فيه كالمال فإنه المتصرف فيمن يتصرف فيه فهو يصرفه لأنه لا يتعدى فيه علمه و علمه ما كان إلا من معلومه فما تصرف فيه إلا بما أعطاه من ذاته فمن حكمك في نفسه فهو الحاكم في تحكمك فيه فافهم
لقد جاد الإله على وجودي *** بما أخفاه عن خلق كثير
من العلم الذي ما فيه ريب *** و لا شك لذي الفطن الخبير
[الإنفاق إهلاك و لا يهلك إلا المحدث]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية