﴿وَ اللّٰهُ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ﴾ [ طه:73] ببنية المفاضلة و لا مناسبة و قال في حق طائفة أخرى معينة صفتها ﴿وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ﴾ [القصص:60] فما هو عنده ما هو عين ما هو منه و لا عين هويته فبين الطائفتين ما بين المنزلتين كما قيل لواحد ما تركت لأهلك قال اللّٰه و رسوله و قيل للآخر فقال نصف مالي فقال بينكما ما بين كلمتيكما يعني في المنزلة فإذا أخذ العبد من كل ما سواه جعله في اللّٰه خير و أبقى و إذا أخذه من وجه من العالم يقتضي الحجاب و البعد و الذم جعله فيما عند اللّٰه خير و أبقى فميز المراتب ثم إنه سبحانه عرفنا بأهل الأدب و منزلهم من العلم به فقال عن إبراهيم خليله أنه قال ﴿اَلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ﴾ و لم يقل يجوعني ﴿وَ إِذٰا مَرِضْتُ﴾ [الشعراء:80] و لم يقل أمرضني ﴿فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء:80] فأضاف الشفاء إليه و المرض لنفسه و إن كان الكل من عنده و لكنه تعالى هو أدب رسله إذ كان المرض لا تقبله النفوس بخلاف الموت فإن الفضلاء من العقلاء العارفين يطلبون الموت للتخلص من هذا الحبس و تطلبه الأنبياء للقاء اللّٰه الذي يتضمنه و كذلك أهل اللّٰه و لذلك ما خير نبي في الموت إلا اختاره لأن فيه لقاء اللّٰه فهو نعمة منه عليه و منة و المرض شغل شاغل عن أداء ما أوجب اللّٰه على العبد أداءه من حقوق اللّٰه لإحساسه بالألم و هو في محل التكليف و ما يحس بالألم إلا الروح الحيواني فيشغل الروح المدبر لجسده عما دعي إليه في هذه الدنيا فلهذا أضاف المرض إليه و الشفاء و الموت للحق كما فعل صاحب موسى عليه السلام في إضافة خرق السفينة إليه إذ جعل خرقها عيبا و أضاف قتل الغلام إليه و إلى ربه لما فيه من الرحمة بابويه و ما ساءهما من ذلك أضافه إليه و أضاف إقامة الجدار إلى ربه لما فيه من الصلاح و الخير فقال تعالى عن عبده خضر في خرق السفينة ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهٰا﴾ [الكهف:79] تنزيها أن يضيف إلى الجناب العالي ما ظاهره ذم في العرف و العادة و قال في إقامة الجدار لما جعل إقامته رحمة باليتيمين لما يصيبانه من الخير الذي هو الكنز ﴿فَأَرٰادَ رَبُّكَ﴾ [الكهف:82]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية