فاعلم إن الإنسان الكامل جمع بذاته هذه الأمور كلها و ليس ذلك لغيره فهو مع الحق مثل ضد خلاف كما إن ما ذكرناه له هذا الحكم أيضا على كل واحد من هؤلاء الثلاثة فإن البياض يخالف البياض بالمحل فإن المحل يميزه فيقال هذا البياض ما هو هذا البياض و يضاد مثله فإنهما لا يجمعهما محل واحد و هو مثل له لأن الحد و الحقيقة تشملهما من جميع الوجوه فكل واحد مما ذكرناه يقبل ما يقبله الآخر من المثلية و الضدية و الخلافية و الذي يحتاج إليه في هذا الباب معرفة الإنسان مع قرينه من الإنس إن عم أو مع غيره من العالم من حيث نسبة ما إن خص و معرفة الإنسان مع الحق ليعلم صورته منه على ما ذا يكون فإنه قد اعتنى به غاية العناية ما لم يعتن بمخلوق بكونه جعله خليفة و أعطاه الكمال بعلم الأسماء و خلقه على الصورة الإلهية و أكمل من الصورة الإلهية ما يمكن أن يكون في الوجود فالإنسان الكامل مثل من حيث الصورة الإلهية ضد من حيث إنه لا يصح أن يكون في حال كونه عبدا ربا لمن هو له عبد خلاف من حيث إن الحق سمعه و بصره و قواه فأثبته و أثبت نفسه في عين واحدة فمن عرف نفسه عرف ربه معرفة مثل و ضد و خلاف فهو الولي العدو قال تعالى ﴿لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ﴾ [الممتحنة:1]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية