﴿سَآتِيكُمْ مِنْهٰا بِخَبَرٍ﴾ [النمل:7] أي من يدله على حاجته فكان منتظرا للنداء قد هيأ سمعه و بصره لرؤية النار و سمعه لمن يدله عليها فلما جاءه النداء بأمر مناسب لم ينكره و ثبت فلما علم إن المنادي ربه و قد صح له الثبوت و جاءه النداء من خارج لا من نفسه ثبت ليوفي الأدب حقه في الاستماع فإنه لكل نوع من التجلي حكم و حكم نداء هذا التجلي التهيؤ لسماع ما يأتي به فلم يصعق و لا غاب عن شهوده فإنه خطاب مقيد بجهة مسموع بإذن و خطاب تفصيلي فالمثبت للإنسان على حسه و شهود محسوسه قلبه المدبر لجسده و لم يكن لهذا الكلام الإلهي الموسوي توجه على القلب فليس للقلب هنا إلا ما يتلقاه من سمعه و بصره و قواه حسبما جرت به العادة فلم يتعد الحال حكمه في موسى عليه السّلام و أما أمر محمد ﷺ فهو نزول قلبي و خطاب إجمالي كسلسلة على صفوان فاجعل بالك لهذا التشبيه فاشتغل القلب بما نزل إليه ليتلقاه فغاب عن تدبير بدنه فسمى ذلك غشية و صعقا و كذلك الملائكة أخبر النبي ﷺ عن الملائكة في طريان هذا الحال أنه إذا كان الوحي المتكلم به كسلسلة على صفوان و كان نزوله على قلوب الملائكة فإنه قال ﴿حَتّٰى إِذٰا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ [ سبإ:23] ثم لما أفاقوا أخبر عنهم بأنهم يقولون ما ذا و هنا وقف ثم يجيبهم فيقول ربكم و هنا وقف فيقولون الحق بالنصب أي قال الحق كذا علمناه و هو العلي عن هذا النزول في هذا النزول الكبير عن هذا التشبيه في هذه النسبة و على الوجه الآخر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية