يعني لنفسه و لغيره و كان هذا من التأديب الإلهي الذي أدبه به ربه تعالى فيما أوحى به إليه فقال له ﴿قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف:110] أي حكم البشرية في حكمها فيكم فلما أراد اللّٰه تأديب داود لما يعطيه الذكر الذي سماه اللّٰه به من النفاسة على أبيه و لا سيما و قد تقدم من أبيه في حقه ما تقدم من الجحد لما امتن به عليه لكون الإنسان ﴿إِذٰا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾ [ المعارج:21] غير إن آدم ما جحد ما جحده إلا لعلمه بمرتبته حيث جعله اللّٰه محلا لعلم الأسماء الإلهية التي ما أثنت الملائكة على اللّٰه بها و لم تعط بعده إلا لمحمد ﷺ و هو العلم الذي كني عنه بأنه جوامع الكلم فعلم آدم أن داود في تلك المدة التي أعطاه من عمره لا يمكن أن يعبد اللّٰه فيها إلا على قدر كماله و هو أنقص من آدم في المرتبة بلا شك لسجود الملائكة و ما علمهم من الأسماء فطلب آدم أن يكون له العمر الذي جاد به على ابنه داود عليه السّلام ليقوم فيه بالعبادة لله على قدر علو مرتبته على ابنه داود و غيره مما لا يقوم بذلك داود فإذا قام بتلك العبادة في ذلك الزمان المعين وهب لابنه داود أجر ما تعطيه تلك العبادة من مثل آدم و لو ترك تلك المدة لداود لم تحصل له رتبة هذا الجزاء و حصل لآدم عليه السّلام من اللّٰه على ذلك رتبة جزاء من آثر على نفسه فإنه يجري بجزاء مثل هذا لم يكن يحصل له لو لم يكن ترك تلك المدة لداود فكما أحبه في القبضة حين أعطاه من عمره ما أعطاه كذلك من حبه رجع في ذلك ليعطيه جزاء ما يقع في تلك المدة من آدم من العمل و لا علم لداود بذلك فلما جبره اللّٰه بذكر اسمه في الخلافة قال له من أجل ما ذكرناه من تطرق النفاسة التي في طبع هذه النشأة و إليه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية