الآية فالعالم كله بما فيه ضرب مثل ليعلم منه أنه هو فجعله دليلا عليه و أمرنا بالنظر فيه فمما ضرب اللّٰه في العالم من المثل صورة القمر مع الشمس فلا يزال الحق ظاهرا في العالم دائما على الكمال فالعالم كله كامل و جعل اللّٰه للعالم وجهين ظاهرا و باطنا فما نقص في الظاهر من إدراك تجليه أخذه الباطن و ظهر فيه فلا يزال العالم بعين الحق محفوظا أبدا و لا ينبغي أن يكون إلا هكذا و أحوال العالم مع اللّٰه على ثلاث مراتب مرتبة يظهر فيها تعالى بالاسم الظاهر فلا يبطن عن العالم شيء من الأمر و ذلك في موطن مخصوص و هو في العموم موطن القيامة و مرتبطة يظهر فيها الحق في العالم في الباطن فتشهده القلوب دون الأبصار و لهذا يرجع الأمر إليه و يجد كل موجود في فطرته الاستناد إليه و الإقرار به من غير علم به و لا نظر في دليل فهذا من حكم تجليه سبحانه في الباطن و مرتبطة ثالثة له فيها تجل في الظاهر و الباطن فيدرك منه في الظاهر قدر ما تجلى به و يدرك منه في الباطن قدر ما تجلى به فله تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام و تختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها فهو يتجلى بحسب استعدادهم فمن فهم هذا علم أن الإبدار لا يزال فافهم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«الباب السابع و الخمسون و مائتان في معرفة المحاضرة
و هي حضور القلب بتواتر البرهان و مجاراة الأسماء الإلهية بما هي عليه من الحقائق التي تطلبها الأكوان»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية