اعلم أن الطائفة قالت في القبض إنه عبارة عن حال الخوف في الوقت فإن الأسف في الماضي و الخوف و الحذر في المستقبل و القبض للمعنى الحاصل في الوقت و بعضهم نزع في القبض إلى نتائجه فقال القبض وارد يرد على القلب يوجب إشارة إلى عتاب أو زجر باستحقاق تأديب و قال بعضهم القبض حال ينتجه الخوف و قد يكون الخوف مشعورا به و قد لا يكون فاعلموا أيدكم اللّٰه أن القبض في الجناب الإلهي الذي عنه صدر القبض في الكون هو ما اتصف به الحق سبحانه من صفات المخلوقين و لا سيما في «قوله و وسعني قلب عبدي» ثم تجليه لكل معتقد فيه في صورة اعتقاده فيه فصار الحق كأنه محصور مقبوض عليه بالاعتقادات و هي العلامة التي بين اللّٰه و بين عامة عباده و لو لم يكن كذلك لم يكن إلها و هو إله العالم بلا شك فلا بد من اتصافه بهذه السعة و العالم متباين الاستعداد و لا بد له من الاستناد فلا يزال يعبد كل جزء من العالم اللّٰه من حيث استعداده فلا بد أن يتجلى له الحق بحسب استعداده للقبول فما من شيء إلا و هو ﴿يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] فقد قبض بكلتا يديه على ما اعتقده ﴿وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:44]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية