﴿وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] فتلف من حيث لم ير حالا توجب العدل و إقامة الوزن فخرج عن حد التكليف إذ لا يكلف إلا عاقل لما تقيد بعقله فهذا نعت المحب بأنه تألف
منصة و مجلى نعته بأنه سائر إليه بأسمائه
و ذلك أنه تجلى له في أسماء الكون و تجلى له في أسمائه الحسنى فتخيل في تجليه بأسماء الكون أنه نزول من الحق في حقه و لم يك ذلك من أفقه فلما نخلق بأسمائه الحسنى غلبه ما جرت عليه طريقة أهل اللّٰه من التخلق و هو يتخيل أن أسماء الكون خلقت له لا لله و أن منزلة الحق فيها بمنزلة العبد في أسمائه الحسنى فقال لا أدخل عليه إلا بأسمائي و إذا خرجت إلى خلقه أخرج إليهم بأسمائه الحسنى تخلقا فلما دخل عليه بما يظن أنها أسماؤه و هي أسماء الكون عنده رأى ما رأته الأنبياء من الآيات في إسرائها و معارجها في الآفاق و في أنفسهم فرأى إن الكل أسماؤه تعالى و أن العبد لا اسم له حتى إن اسم العبد ليس له و إنه متخلق به كسائر الأسماء الحسنى فعلم إن السير إليه و الدخول عليه و الحضور عنده ليس إلا بأسمائه و أن أسماء الكون أسماؤه فاستدرك الغلط بعد ما فرط ما فرط فجبر له هذا الشهود ما فاته حين فرق بين العابد و المعبود و هذا مجلى عزيز في منصة عظمى كانت غاية أبي يزيد البسطامي دونها فإن غايته ما قاله عن نفسه تقرب إلي بما ليس لي فهذا كان حظه من ربه و رآه غاية و كذلك هو فإنه غايته لا الغاية و هذه طريقة أخرى ما رأيتها لأحد من الأولياء ذوقا إلا للأنبياء و الرسل خاصة من هذا المجلى وصفوه سبحانه بما يسمى في علم الرسوم صفات التشبيه فيتخيلون إن الحق وصف نفسه بصفات الخلق فتأولوا ذلك و هذا المشهد يعطي أن كل اسم للكون فأصله للحق حقيقة و هو للخلق لفظا دون معنى و هو به متخلق فافهم
منصة و مجلى
نعت المحب بأنه طيار *** علم صحيح ما عليه غبار
هذا بيت غير مقصود هو ما ذكرناه من أسماء الكون كان يتخيل أن تلك الأسماء و كره فلما تبين له أنه في غير وكره ظهر فطار عن كونه و كره و حلق في جو كونه اسما حقه فهو في كل نفس يطير منه إلى نفس آخر لأن عين الأسماء كلها لمن هو كل يوم في شأن : فما من يوم و إلا و المحب يطير فيه من شأن إلى شأن هذا يعطيه شهوده
منصة و مجلى نعت
المحب بأنه دائم السهر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية