[الود]
و أما الود فهو ثبات الحب أو العشق أو الهوى أية حالة كانت من أحوال هذه الصفة فإذا ثبت صاحبها الموصوف بها عليها و لم بغيره شيء عنها و لا أزاله عن حكمها و ثبت سلطانها في المنشط و المكره و ما يسوء و يسر في حال الهجر و الطرد من الموجود الذي يحب أن يظهر فيه محبوبه و لم يبرح تحت سلطانه لكونه مظهر محبوبه سمي لذلك ودا و هو قوله تعالى ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمٰنُ وُدًّا﴾ [مريم:96] أي ثباتا في المحبة عند اللّٰه و في قلوب عباده هذا معنى الود و للحب أحوال كثيرة جدا في المحبين سأذكرها إن شاء اللّٰه مثل الشوق و الغرام و الهيام و الكلف و البكاء و الحزن و الكبد و الذبول و الانكسار و أمثال ذلك مما يتصف به المحبون و يذكرونه في أشعارهم مفصلة إن شاء اللّٰه و قد يقع في الحب أغاليط كثيرة أولها ما ذكرناه و هو إنهم يتخيلون أن المحبوب أمر وجودي و هو أمر عدمي يتعلق الحب به أن يراه موجودا في عين موجودة فإذا رآه انتقل حبه إلى دوام تلك الحال التي أحب وجودها من تلك العين الموجودة فلا يزال المحبوب معدوما و ما يشعر بذلك أكثر المحبين إلا أن يكونوا عارفين بالحقائق و متعلقاتها و قد بينا ذلك و أكثر كلامنا في هذا الباب إنما هو في المحبة المفرطة فإنها تذهب بالعقول أو تورث النحول و الفكر الدائم و الهمم اللازم و القلق و الأرق و الشوق و الاشتياق و السهاد و تغيير الحال و كسوف البال و الوله و البله و سوء الظن بالمحبوب أعني الموجود الذي تحب ظهور محبوبك فيه الذي تزعم العامة فيه أنه المحبوب لها و نحن فيه على نوعين طائفة منا نظرت إلى المثال الذي في خيالها من ذلك الموجود الذي يظهر محبوبه فيه و يعاين وجود محبوبه و هو الاتصال به في خياله فيشاهده متصلا به اتصال لطف ألطف منه في عينه في الوجود الخارج و هو الذي اشتغل به قيس المجنون عن ليلى حين جاءته من خارج فقال لها إليك عني لئلا تحجبه كثافة المحسوس منها عن لطف هذه المشاهدة الخيالية فإنها في خياله ألطف منها في عينها و أجمل و هذا ألطف المحبة و صاحب هذا النعت لا يزال منعما لا يشكو الفراق و لنا في هذا النعت اليد الطولى بين المحبين فإن مثل هذا في المحبين عزيز الوجود لغلبة الكثافة عليهم و سبب ذلك عندنا أنه من استفرغ في حب المعاني المجردة عن المواد فغايته إذا كثفها أن ينزلها إلى الخيال و لا ينزل بها أكثر فمن كان أكشف حاله الخيال فما ظنك بلطافته في المعاني و هذا الذي حاله هذا هو الذي يمكن أن يحب اللّٰه فإن غايته في حبه إياه إذا لم يجرده عن التشبيه أن ينزله إلى الخيال و هو
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية