﴿يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمٰاهُمْ﴾ [الأعراف:46] و الدار الدنيا فيها ما في الآخرة من التمييز لكن لا يعم فإنه قد علمنا في الدنيا بإعلام اللّٰه أن الرسل و الأنبياء و من عينته الرسل بالبشرى أنه سعيد يقول اللّٰه ﴿لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس:64] فهذا عموم الدنيا فما ينقلب أحد من أهل السعادة إلى الآخرة حتى يبشر في الدنيا و لو نفس واحد فيحصل المقصود و من عينته الرسل بالبشرى أنه شقي فقد تميز بالشقاء يقول سبحانه ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران:21] و سكت عن أكثر الناس فلم يعين منهم أحدا و ظهرت صفات الأشقياء في الآخرة في هذه الدار على السعداء من الحزن و البلاء و البكاء و الذلة و الخشوع و ظهرت صفات السعداء في الآخرة في هذه الدار من الخير و النعمة و التفكه و الوصول إلى نيل الأغراض و نفوذ الأوامر على الأشقياء من أهل النار إذ هذه النشأة تعطي أن يكون لها حظ و نصيب من هذه الصفات فمنهم من تجمع له في الدار الواحدة و منهم من تكون له في الدارين فيظهر المؤمن بصفة الكافر حتى يختم له بالإيمان و يظهر الكافر بصفة المؤمن حتى يختم له بالكفر ثم إن اللّٰه قد شرك السعيد و الشقي في إطلاق الايمان و الكفر و هذان اللفظان معلومان فأكثر الناس ما يطلق الايمان إلا على المؤمن بالله و لا الكافر إلا على الكافر بالله و اللّٰه يقول ﴿وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْبٰاطِلِ﴾ [ العنكبوت:52] فسماهم مؤمنين
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية