﴿وَ إِلَيْهِ﴾  [البقرة:245] إلى  ﴿يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾  [هود:123] و هو أصله الذي خلق له  ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾  [الذاريات:56] فالعبادة اسم حقيقي للعبد فهي ذاته و موطنه و حاله و عينه و نفسه و حقيقته و وجهه 
[عزلة العلماء بالله و العزلة التي عند عامة الناس]
 فمن اعتزل هذه العزلة فهي عزلة العلماء بالله لا هجران الخلائق و لا غلق الأبواب و ملازمة البيوت و هي العزلة التي عند الناس أن يلزم الإنسان بيته و لا يعاشر و لا يخالط و يطلب السلامة ما استطاع بعزلته ليسلم من الناس و يسلم الناس منه فهذا طلب عامة أهل الطريق  بالعزلة ثم إن ارتقى إلى طور أعلى من هذا فيجعل عزلته رياضة و تقدمة بين يدي خلوته لتالف النفس قطع المألوفات من الأنس بالخلق فإنه يرى الأنس بالخلق من العلائق و العوائق الحائلة بينه و بين مطلوبه من الأنس بالله و الانفراد به فإذا انتقل من العزلة بعد إحكامه شرائطها سهل عليه أمر الخلوة هذا سبب العزلة عند خاصة أهل اللّٰه 
[العزلة التي هي نسبة و العزلة التي هي مقام]
 فهذه العزلة نسبة لا مقام و العزلة الأولى التي ذكرناها مقام مطلوب و لهذا جعلناها في المقامات من هذا الكتاب و إذا كانت مقاما فهي من المقامات المستصحبة في الدنيا و الآخرة فللعارفين من أهل الأنس و الوصال في العزلة من الدرجات خمسمائة درجة و ثمان و ثلاثون درجة و للعارفين الأدباء الواقفين مائة و ثلاث و أربعون درجة و للملامية فيها من أهل الأنس خمسمائة درجة و سبع درجات و للملامية من أهل الأدب الواقفين معهم مائة و اثنتي عشرة درجة و العزلة المعهودة في عموم أهل اللّٰه من المقامات المقيدة بشرط لا تكون إلا به و هي نسبة في التحقيق لا مقام إلا أنها تحصل عنها فوائد أقلها العصمة لها الدعوى صاحبها مسئول و علتها سوء الظن بنفسك أو بمن اعتزلت عنهم و هذا كله في عزلة العموم و هي من عالم الجبروت و الملكوت ما لها قدم في عالم الشهادة فلا تتعلق معارفها بشيء من عالم الملك 
(الباب الحادي و الثمانون في ترك العزلة)
لا تفرحن بالاعتزال فإنه *** جهل و أين اللّٰه و الأرواح
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية