[المجاهدون الذين لا يتقيدون هم المترددون]
فالمجاهدون من العباد الذين لا يتقيدون كما أطلقهم اللّٰه هم المترددون في الأفعال الصادرة أعيانها فيهم هل ينسبونها إلى اللّٰه ففيها ما لا ينبغي أن ينسب إليه أدبا و تبرأ الحق منها كما قال ﴿بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ﴾ [التوبة:1] أو ينسبونها لأنفسهم ففيها ما ينبغي أن ينسب إلى اللّٰه أدبا مع اللّٰه و نسبة حقيقية و رأوا اللّٰه يقول ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ [الأنفال:17] فنفى و أثبت عين ما نفى ثم قال ﴿وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] فجعل الإثبات بين نفيين فكان أقوى من الإثبات لما له من الإحاطة بالمثبت ثم قال ﴿وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال:17] في نفس هذه الآية فعلمنا أن اللّٰه حير المؤمنين و هو ابتلاؤه بما ذكر من نفي الرمي و إثباته و جعله بلاء حسنا أي إن نفاه العبد عنه أصاب و إن أثبته له أصاب و ما بقي إلا أي الإصابتين أولى بالعبد و إن كان كله حسنا و هذا موضع الحيرة و لذلك سماه بلاء أي موضع اختبار فمن أصاب الحق و هو مراد اللّٰه أي الإصابتين أو أي الحكمين أراد حكم النفي أو حكم الإثبات كان أعظم عند اللّٰه من الذي لا يصيب ذلك فهؤلاء هم المجاهدون الذين فضلهم اللّٰه على القاعدين عن هذا النظر أجرا عظيما و ما عظم اللّٰه فلا يقدر قدره درجات منه و ما جعلها درجة واحدة كما قال في المجاهدين في سبيل اللّٰه حيث جعل لهم درجة واحدة ثم زادهم ما ذكر في تمام الآية
[المجاهدون في اللّٰه حق جهاده]
فهذان صنفان قد ذكرنا و أما الصنف الثالث و هم الذين جاهدوا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية