«قال صلى اللّٰه عليه و سلم أنا سيد الناس يوم القيامة»
[المقام المحمود لآدم في الدنيا و لمحمد في الآخرة]
و كان قد أقيم فيه آدم صلى اللّٰه عليه و سلم لما سجدت له الملائكة فإن ذلك المقام اقتضى له ذلك في الدنيا و هو لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم في الآخرة و هو كمال الحضرة الإلهية و إنما ظهر به أولا أبو البشر لكونه كان يتضمن جسده بشرية محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هو الأب الأعظم في الجسمية و المقرب عند اللّٰه و أول هذه النشأة الترابية الإنسانية فظهرت فيه المقامات كلها حتى المخالفة إذ كان جامعا للقبضتين قبضة الوفاق و قبضة الخلاف فما تحرك من آدم لمخالفة النهي إلا النسمة المجبولة على المخالفة فكانت مخالفته نهي اللّٰه من تحرك تلك النسمة التي كان يحملها في ظهره فإن المقام يقتضي له ذلك و سألت شيخنا أبا العباس عن ذلك فقال ما عصى من آدم عليه السلام إلا ما كان من أولاده المخالفين في ظهره
[من المقام المحمود يفتح باب الشفاعة]
و كانت العاقبة لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم في الدار الآخرة فظهر في المقام المحمود و منه يفتح باب الشفاعات فأول شفاعة يشفعها عند اللّٰه تعالى في حق من له أهلية الشفاعة من ملك و رسول و نبي و ولي و مؤمن و حيوان و نبات و جماد فيشفع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عند ربه لهؤلاء أن يشفعوا فكان محمودا بكل لسان و بكل كلام فله أول الشفاعة و وسطها و آخرها يقول اللّٰه شفعت الملائكة و شفع النبيون و شفع المؤمنون و بقي أرحم الراحمين فيقتضي سياق الكلام أن يكون أرحم الراحمين يشفع أيضا فلا بد ممن يشفع عنده و ما ثم إلا اللّٰه
[إن اللّٰه يشفع من حيث أسماؤه]
فاعلم إن اللّٰه يشفع من حيث أسماؤه فيشفع اسمه أرحم الراحمين عند اسمه القهار و الشديد العقاب ليرفع عقوبته عن هؤلاء الطوائف فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط و قد نبه اللّٰه تعالى على هذا المقام فقال تعالى ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمٰنِ وَفْداً﴾ [مريم:85] فالمتقي إنما هو جليس الاسم الإلهي الذي يقع منه الخوف في قلوب العباد فسمى جليسه متقيا منه فيحشره اللّٰه من هذا الاسم إلى الاسم الإلهي الذي يعطيه الأمان مما كان خائفا منه و هو الرحمن فقال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية