﴿وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ﴾ [محمد:31] و هو قوله ﴿وَ سَيَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ﴾ [التوبة:94] فيكون الحكم الإلهي بحسب ما يعطيه الحال و قد كان قرر الأمر بحال معين بشرط الدوام لذلك الحال في توهمنا فلما ارتفع الدوام الحالي الذي لو دام أوجب دوام ذلك الأمر بدا من جانب الحق حكم آخر اقتضاه الحال الذي بدا من الكون فقابل البدا بالبداء فهذا معنى علم البدا له على الطريقة الأخرى قال تعالى ﴿وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر:47] «يقول صلى اللّٰه عليه و سلم اتركوني ما تركتكم» و كانت الشرائع تنزل بقدر السؤال فلو تركوا السؤال لم ينزل هذا القدر الذي شرع و معقول ما يفهم من هذا علم البدا و بعد أن علمت هذا فقد علمت علم الظهور و علم الابتداء فكأنك علمت علم ظهور الابتداء أو ابتداء الظهور فإن كل نسبة منهما مرتبطة بالأخرى فإن كان ظهور الابتداء فما حضرة الإخفاء التي منها ظهر هذا الابتداء فلا شك أنه لم يكن يصح هذا الوصف إلا له ففيه خفي و به ظهر فحالة ظهوره عن ذلك الخفاء هو المعبر عنه بالابتداء و إن كان ابتداء الظهور و فهل له نسبة لي القدم إذ لم يكن له حالة الظهور فما نسبة القدم إليه قلنا عينه الثابتة حال عدمه هي له نسبة أزلية لا أول لها و ابتداء الظهور عبارة عما اتصفت به من الوجود الإلهي إذ كانت مظهر الحق فهو المعبر عنه بابتداء الظهور فإن تعدد الأحكام على المحكوم عليه مع أحدية العين إنما ذلك راجع إلى نسب و اعتبارات فعين الممكن لم تزل و لا تزال على حالها من الإمكان فلم يخرجها كونها مظهرا حتى انطلق عليها الاتصاف بالوجود عن حكم الإمكان فيها فإنه وصف ذاتي لها و الأمور لا تتغير عن حقائقها باختلاف الحكم عليها لاختلاف النسب أ لا ترى قوله ﴿وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ [مريم:9]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية