﴿تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ﴾ [التوبة:103] بها كان لها من الأسماء الإلهية الاسم القدوس و هو الطاهر و ما في معناه من الأسماء الإلهية و لما لم يكن المال الذي يخرج في الصدقة من جملة مال المخاطب بالزكاة و كان بيده أمانة لأصحابه لم يستحقه غير صاحبه و إن كان عند هذا الآخر و لكنه هو عنده بطريق الأمانة إلى أن يؤديه إلى أهله كذلك في زكاة النفوس فإن النفوس لها صفات تستحقها و هي كل صفة يستحقها الممكن و قد يوصف الإنسان بصفات لا يستحقها الممكن من حيث ما هو ممكن و لكن يستحق تلك الصفات اللّٰه إذا وصف بها ليميزها عن صفاته التي يستحقها كما إن الحق سبحانه وصف نفسه بما هو حق للممكن تنزلا منه سبحانه و رحمة بعباده
[زكاة النفس إخراج حق اللّٰه منها]
فزكاة نفسك إخراج حق اللّٰه منها فهو تطهيرها بذلك الإخراج من الصفات التي ليست بحق لها فتأخذ مالك منه و تعطي ماله منك و إن كان كما قال تعالى ﴿بَلْ لِلّٰهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً﴾ [الرعد:31] و هو الصحيح فإن نسبتنا منه نسبة الصفات عند الأشاعرة منه فكل ما سوى اللّٰه فهو لله بالله إذ لا يستحق أن يكون له إلا ما هو منه قال صلى اللّٰه عليه و سلم مولى القوم منهم و هي إشارة بديعة فإنها كلمة تقتضي غاية الوصلة حتى لا يقال إلا أنه هو و تقتضي غاية البعد حتى لا يقال إنه هو إذ ما هو منك فلا يضاف إليك فإن الشيء لا يضاف إلى نفسه لعدم المغايرة فهذا غاية الوصلة و ما يضاف إليك ما هو منك فهذا غاية البعد لأنه قد أوقع المغايرة بينك و بينه فهذه الإضافة في هذه المسألة كيد الإنسان من الإنسان و كحياة الإنسان من الإنسان فإنه من ذات الإنسان كونه حيوانا و تضاف الحيوانية إليه مع كونها من عين ذاته و مما لا تصح ذاته إلا بها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية