﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] و إذا فجأك أمر تكرهه فاصبر له عند ما يفجئوك فذلك هو الصبر المحمود و لا تتسخط له ابتدا ثم تنظر بعد ذلك أن الأمر بيد اللّٰه و أن ذلك من اللّٰه فتصبر عند ذلك فليس ذلك بالصبر المحمود عند اللّٰه الذي حرض عليه رسول اللّٰه ص «و لقد مر رسول اللّٰه ﷺ بامرأة و هي تصرخ على ولد لها مات فأمرها إن تحتسبه عند اللّٰه و تصبر و لم تعرف أنه رسول اللّٰه ﷺ فقالت له إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فقيل لها هذا رسول اللّٰه ﷺ فجاءت تعتذر إليه مما جرى منها فقال لها رسول اللّٰه ﷺ إنما الصبر عند الصدمة الأولى» ينبه ﷺ العبد أنه لا يزال حاضرا مع اللّٰه أبدا فهو أولى به و عليك برحمة الضعيف المستضعف فإنه «قد ثبت أن اللّٰه ينصر عباده و يرزقهم بضعفائهم» و إذا اقترضت من أحد قرضا فأحسن الأداء و أرجح إذا وزنت له و اشكره على قرضه إياك و انظر الفضل له و لكل من أحسن إليك أو أهدى لك هدية أو تصدق عليك و لو بالسلام فإن له الفضل عليك بالتقدم و ما عرف مقدار السلام الذي هو التحية إلا الصدر الأول فإني رويت أنهم كانوا إذا حالت بين الرجلين شجرة و هما يمشيان في الطريق فإذا تركاها و التقيا سلم كل واحد منهما على صاحبه لمعرفته بسرعة تقلب النفوس و ما يبادر إليها من الخواطر القبيحة من إلقاء إبليس فيكون السلام بشارة لصاحبه إنه سلم من ذلك و إنه معه على ما افترقا عليه من حسن المودة فانظر إلى معرفتهم بالنفوس رضي اللّٰه عنهم و من قال لك إنه يحبك فلو أحببته ما عسى أن تحبه لن تبلغ درجة تقدمه في حبه إياك فإن حبك نتيجة عن ذلك الحب المتقدم و ما قلت لك ذلك إلا أني رأيت و سمعت من فقراء زماننا من جهالهم لا من علمائهم يرون الفضل لهم على الأغنياء حيث كانوا فقراء لما يأخذونه منهم إذ لو لا الفقراء ما صح لهم هذا الفضل و هذا غلط عظيم فإن الثناء على المعطي ما هو من حيث ما وجد من يأخذ منه و إنما هو لقيام صفة الكرم به و وقايته شح نفسه سواء وجد من يأخذ منه أو لم يجد أ لا ترى إلى النص الوارد في المتمني مع العدم إذا تمنى و يقول لو أن لي مالا فعلت فيه من الخير مثل ما فعل هذا المعطي فأجرهما سواء و زاد عليه بارتفاع الحساب عنه و السؤال و لهذا قلنا بأن ترى الفضل عليك لمن أعطى بما أعطى فهو أولى بك و أن اليد العليا هي خير من اليد السفلي و اليد العليا هي المنفقة و اليد السفلي هي السائلة هذا السؤال و لكن إذا لم تر اللّٰه في سؤالها لأن الحق قد سأل عباده في أمره إياهم أن يقرضوه و يذكروه و هنا إسار في التنزل الإلهي إلى عباده
(وصية)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية