عليك بإكرام الضيف فإنه «قد ثبت عن رسول اللّٰه ﷺ أنه قال من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه» فإن كان الضيف مقيما فثلاثة أيام حقه عليك و ما زاد فصدقة فإن كان مجتازا فيوم و ليلة جائزته و لشيخنا أبي مدين في هذه المسألة حكاية عجيبة كان رضي اللّٰه عنه يقول بترك الأسباب التي يرتزق بها الناس و كان قوي اليقين و يدعو الناس إلى مقامه و الاشتغال بالأهم فالأهم من عباد اللّٰه فقيل له في ذلك أي في ترك الأسباب و الأكل من الكسب و إنه أفضل من الأكل من غير الكسب فقال رضي اللّٰه عنه أ لستم تعلمون أن الضيف إذا نزل بقوم وجب بالنص عليهم القيام بحقه ثلاثة أيام إذا كان مقيما فقالوا نعم فقال فلو إن الضيف في تلك الأيام يأكل من كسبه أ ليس كان العار يلحق بالقوم الذين نزل بهم فقالوا نعم فقال إن أهل اللّٰه رحلوا عن الخلق و نزلوا بالله أضيافا عنده فهم في ضيافة اللّٰه ثلاثة أيام ﴿وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ﴾ [الحج:47] فنحن نأخذ ضيافته على قدر أيامه فإذا كملت لنا ثلاثة أيام من أيام اللّٰه من نزلنا عليه و لا نحترف و نأكل من كسبنا عند ذلك يتوجه اللؤم و إقامة مثل هذه الحجة علينا فانظر يا أحي ما أحسن نظر هذا الشيخ و ما أعظم موافقته للسنة فلقد نور اللّٰه قلب هذا الشيخ فحق الضيف واجب و هو من شعب الايمان أعني إكرام الضيف و كذلك من شعب الايمان قول الخير أو الصمت عن الشر يقول اللّٰه ﴿لاٰ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ إِلاّٰ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاٰحٍ بَيْنَ النّٰاسِ﴾ [النساء:114] هذا في النجوى و مخاطبة الناس و ذكر اللّٰه أفضل القول و التلاوة أفضل الذكر و من الايمان و شعبه اجتناب مجالس الشرب فإنه «ثبت عن رسول اللّٰه ﷺ أنه قال من كان يؤمن بالله و اليوم» «الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر» و عليك إذا عملت عملا مشروعا أن تحسنه فإنه من حسن عمله بلغ أمله و حسن العمل أن تعمله كما شرع اللّٰه لك أن تعمله و أن ترى اللّٰه تعالى في عملك إياه فإن رسول اللّٰه ﷺ فسر الإحسان بما ذكرناه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية