﴿هُوَ خٰادِعُهُمْ﴾ [النساء:142] بخداعهم أي هو خداع اللّٰه بهم لكونهم اعتقدوا أنهم يخادعون اللّٰه فإياك و الجهل فإنه أقبح صفة يتصف بها الإنسان فإن كنت يا ولي ذا زوجة فأوصها بل لا تتركها و لا أختا و لا بنتا و لا أي امرأة كانت ممن تحكم عليها أو تعلم أنها تسمع منك فانصحها كانت من كانت أن لا تستعطر إذا خرجت بطيب يكون له ريح فإنه «قد ثبت عن رسول اللّٰه ﷺ أنه قال أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية» و «قد ورد مقيدا في ذلك أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخيرة» و ذلك لأن الليل آفاته كثيرة و الظلمة ساترة و ما تدري إذا أصاب الرجل ريحها الطيب في طريق المسجد ما يلقي منه إذا لم يتق اللّٰه فلهذا نهاها رسول اللّٰه ﷺ عن شهود العشاء الآخرة و بالجملة فلا ينبغي للمرأة أن تخرج بطيب له رائحة لا في ليل و لا في نهار و إياك و الاستهزاء و السخرية بأهل اللّٰه استهزاء بدين اللّٰه و لا تتخذهم ضحكة فإن وبال ذلك يعود عليك يوم القيامة فيسخر اللّٰه منك و يستهزئ بك و هو أن يريك بالفعل ما فعلته أنت هنا أعني في الدنيا بالمؤمن إذا لقيته تقول أنا معك على طريق الهزء به و السخرية منه فإذا كان يوم القيامة يجازيك اللّٰه عدلا بقدر ما تراءيت به للمؤمنين من الإقبال عليهم و الايمان بما هم عليه أهل اللّٰه عزَّ وجلَّ و قد رأينا على ذلك جماعة من المدرسين الفقهاء يسخرون بأهل اللّٰه المنتمين إلى اللّٰه المخبرين عن اللّٰه بقلوبهم ما يرد عليهم من اللّٰه فيها فيأمر من هذه صفته إلى الجنة حتى ينظر إلى ما فيها من الخير فيسرون كما يسر أهل اللّٰه في حال استهزاءهم بهم و يتخيلون أنهم صادقون فيما يظهرون به إليهم فإذا وفى اللّٰه جزاء عملهم و انفهقت لهم الجنة بخيرها أمر اللّٰه بهم أن يصرفوا عنها إلى النار فتصرفهم الملائكة إلى النار فذلك استهزاء اللّٰه بهم كما إن هؤلاء المنافقين لما رجعوا إلى أهليهم قالوا ﴿إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] و قال ﴿سَخِرُوا مِنْهُ﴾ [الأنعام:10]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية