الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


[إن الله يوم القيامة يوقف العبد ويحاسبه على جنايته‏]

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

[إن الله يوم القيامة يوقف العبد ويحاسبه على جنايته‏]

فاعلم إن الله يوم القيامة يوقف العبد وسيده بين يديه ويحاسبه على جنايته وعلى عقوبته على ذلك فإن خرجت رأسا برأس كان وإن كانت العقوبة أكثر من الجناية اقتص للعبد من السيد فتحفظ ولا تزد في العقوبة على ثلاثة أسواط فإن كثرت فإلى عشرة ولا تزد إلا في إقامة حد من حدود الله فذلك حد الله لا تتعداه وإن عفوت عن العبد في جنايته فهو أولى بك وأحوط لك وإذا جئت إلى بيت قوم فاستأذن ثلاث مرات فإن أذن لك وإلا فارجع ولا تنظر في بيت أخيك من حيث لا يعرف بك فإنك إذا نظرت فقد دخلت وإنما جعل الأذن من أجل البصر قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وقال فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا وثبت في الحديث الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع‏

وإياك أن تتخذ الجرس في عنق دابتك فإن الملائكة تنفر منه وقد ورد بذلك الحديث النبوي‏

وكان بمكة رجل من أهل الكشف يقال له ابن الأسعد من أصحاب الشيخ‏

أبي مدين صحبه ببجاية فكان يوما بالطواف وهو يشاهد الملائكة تطوف مع الناس فنظر إليهم وإذا هم قد تركوا الطواف وخرجوا من المسجد سراعا فلم يدر ما سبب ذلك حتى بقيت الكعبة ما عندها ملك وإذا بالجمال بالأجراس في أعناقها قد دخلت المسجد بالروايا تسقى الناس فلما خرجوا رجعت الملائكة وقد ثبت أن الجرس مزامير الشيطان‏

والذي أوصيك به أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار

بأن تقول لا إله إلا الله سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك بها من النار أو رقبة من تقولها عنه من الناس ورد في ذلك خبر نبوي‏

ولقد أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن ميمون بن أبو التوزري عرف بالقسطلاني بمصر قال في هذا الأمر إن الشيخ أبا الربيع الكفيف المالقي كان على مائدة طعام وكان قد ذكر هذا الذكر وما وهبه لأحد وكان معهم على المائدة شاب صغير من أهل الكشف من الصالحين فعند ما مد يده إلى الطعام بكى فقال له الحاضرون ما شأنك تبكي فقال هذه جهنم أراها وأرى أمي فيها وامتنع من الطعام فأخذ في البكاء قال الشيخ أبو الربيع فقلت في نفسي اللهم إنك تعلم أني قد هللت بهذه السبعين ألفا وقد جعلتها عتق أم هذا الصبي من النار هذا كله في نفسي فقال الصبي الحمد لله أرى أمي قد خرجت من النار وما أدري ما سبب خروجها وجعل الصبي يبتهج سرورا وأكل مع الجماعة قال أبو الربيع فصح عندي هذا الخبر النبوي بكشف هذا الصبي وصح عندي كشف هذا الصبي بالخبر وقد عملت أنا على هذا الحديث ورأيت له بركة في زوجتي لما ماتت وعليك بإصلاح ذات البين وهو الفراق فإن الإصلاح بين الناس من الخبر المعين في الكتاب وإذا كان الله قد رغب بل أمر المسلمين إذا جنح الكفار إلى السلم أن يجنحوا لها فأحرى الصلح بين المتهاجرين من المسلمين وإياك وإفساد ذات البين فإنها الحالقة والبين هنا هو الوصل ومعنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الحالقة إنها تحلق الحسنات كما يحلق الحلاق الشعر من الرأس قال الله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ بالرفع يعني الوصل والبين في اللسان من الأضداد كالجون يا ولى أطعم عبدك مما تأكل وألبسه مما تلبس وراع قدره وانظر فيما

ثبت فيهم من رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بقوله إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس‏

واغتنم صحة البدن والفراغ من شغل الدنيا واستعن بهاتين النعمتين اللتين أنعم الله عليك بهما على طاعة الله فإنه ما أصح بدنك ولا فرغك من هموم الدنيا إلا لطاعته والقيام بحدوده وإلا كانت الحجة عليك لله فاحذر إن يكون الله خصمك ولتقل في كل يوم عند كل صباح مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فإن هذا الذكر لا يبقى عليك ذنبا

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!