الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصايا إلهية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصايا إلهية)

(وصايا إلهية)

يقول الله تعالى يا ابن آدم إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني أنفق أنفق عليك أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له آمنين إن خافني في الدنيا لم يخف في الآخرة وإن أمنني في الدنيا لم يأمن في الآخرة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني يقول الله لأهون أهل النار عذابا لو أن لك ما في الأرض من غني كنت تفتدي به قال نعم قال فقد سألتك ما هو أهون‏

من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا الشرك الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما أدخلته النار إن هذا دين ارتضيته لنفسي لا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه يا موسى إنك لن تتقرب إلي بشي‏ء أحب إلي من الرضي بقضائي ولن تعمل عملا أحفظ لحسناتك من النظر في أمورك يا موسى لا نتضرع إلى أهل الدنيا فأسخط عليك ولا تجد بدينك لدنيا فأغلق عليك أبواب رحمتي يا موسى قل للمؤمنين التائبين أبشروا وقل للمؤمنين المخبتين اجتنبوا وأحسنوا أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من رجا غيري لم يعرفني ومن لم يعرفني لم يعبدني ومن لم يعبدني فقد استوجب سخطي ومن خاف غيري حلت به نقمتي يا موسى خف ثلاثة خفني وخف نفسك وخف من لا يخافني يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة إذا قال العبد بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول الله ذكرني عبدي وإذا قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول الله حمدني عبدي وإذا قال الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول الله أثنى على عبدي وإذا قال مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول الله مجدني عبدي وفوض إلى عبدي وإذا قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يقول الله هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل وإذا قال اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالِّينَ يقول الله هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال آمين يقول الله قد أجبت الإخلاص سر من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا يعني عينيه لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يخرج في آخر الزمان رجال يحملون الدنيا بالدين ويلبسون للناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله أ بي يفترون أم علي يجترءون فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيران قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يجاء يوم القيامة بابن آدم كأنه بدج فيوقف بين يدي الله تعالى فيقول الله أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فما ذا صنعت فيقول جمعته وثمرته وتركته أكثر ما كان فارجعنى فيقول أرني ما قدمت فيقول يا رب جمعته وثمرته وتركته أكثر ما كان فارجعنى آتك به فإذا عبد لم يقدم خيرا فيمضي به إلى النار يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل أملأ يديك شغلا ولم أسد فقرك يا ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملك وقصرت من حرصك وحيلك وابتغيت الزيادة من عملك وإنما تلقى الندم لو قد زلت بك القدم وأسلمك الأهل والحشم وانصرف عنك الحبيب وأسلمك القريب فلا أنت إلى أهلك عائد ولا في عملك زايد فاعمل ليوم القيامة يوم الحسرة والندامة وقال الله إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ولم يبت مصرا على معصيتي وقطع نهاره في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس أكلؤه بعزتي واستحفظه ملائكتي أجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة علما ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة يا موسى إني أعلمك خمس كلمات هن عماد الدين ما لم تعلم أن قد زال ملكي فلا تترك طاعتي وما لم تعلم أن خزائني نفدت فلا تهتم برزقك وما لم تعلم أن عدوك قد مات فلا تأمن فاجئته ولا تدع محاربته وما لم تعلم أني قد غفرت لك فلا تعب المذنبين وما لم تدخل جنتي فلا تأمن مكري قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال موسى يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعك به قال يا موسى قل لا إله إلا الله قال موسى يا رب كل عبادك يقول هذا قال قل لا إله إلا الله قال لا إله إلا أنت إنما أريد شيئا تخصني به قال يا موسى لو أن السموات السبع وعمارهن والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله يقول الله لمحمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يا محمد أ ما يرضيك إنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا وقال الله وجبت محبتي للمتحابين في وللمتجالسين في والمتباذلين في والمتزاورين في يقول الله عز وجل يا دنيا اخدمي من خدمني وأتعبي يا دنيا من خدمك وقال الله إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أيام لا يفر إلي لمحروم‏

وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول له أ تنكر من هذا شيئا أ ظلمتك كتبتي الحافظون فيقول‏

لا يا رب فيقول فلك عذر فيقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندي حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم قال فيوضع لسجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شي‏ء

وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يوقفون يعني الملائكة بين يدي الله ويشهدون يعني للعبد بالعمل الصالح المخلص لله فيقول الله لهم أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه إنه لم يردني بهذا العمل وأراد به غيري فعليه لعنتي‏

وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً فأول من يدعى به رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله للقارئ أ لم أعلمك ما أنزلته على رسولي قال بلى يا رب قال فما ذا عملت فيما علمت قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة له كذبت ويقول الله إنما قرأت ليقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له أ لم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال فما ذا عملت فيما آتيتك قال كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله له بل أردت أن يقال فلان جواد فقيل ذلك ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله فيم ذا قتلت فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله له بل أردت أن يقال فلان جري‏ء فقد قيل ذلك ثم ضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم على ركبة أبي هريرة وقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول من تسعر بهم النار يوم القيامة فكان أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث يغشى عليه‏

يقول الله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً

كم تمنيت فأحسنت المقال *** وفعلت الخير جهرا ليقال‏

فإذا واسيت يوما سائلا *** اطلب الشكر عليها ليقال‏

وإذا قاتلت يوما كافرا *** اطلب الذكر عليه ليقال‏

وإذا ما صمت يوما صائما *** أشتكي الجوع عشيا ليقال‏

وإذا صليت والناس معي *** أتاني في صلاتي ليقال‏

وأنا في خلوتي أنقرها *** حيث لا أخشى عليها أن يقال‏

عملي عجب وصنع وريا *** يا لها من عثرات لا تقال‏

فاهجروني واطردوني عنكم *** إن أحمالي وأوزاري ثقال‏

تسأل الله تعالى توبة *** خالص الصدق له لا ليقال‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!