«في أي صورة ما» صلة «شاء ركَّبك».
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)
بما غمرهم به من إحسانه.
------------
(13) الفتوحات ج 2 /
39
وقوله ( في أي صورة ما شاء ركبك ) قال مجاهد في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم
وقال ابن جرير حدثني محمد بن سنان القزاز حدثنا مطهر بن الهيثم حدثنا موسى بن علي بن رباح حدثني أبي عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ما ولد لك قال يا رسول الله ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية قال فمن يشبه ؟ قال يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها : مه لا تقولن هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم أما قرأت هذه الآية في كتاب الله ( في أي صورة ما شاء ركبك ) " قال سلكك .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية ولكن إسناده ليس بالثابت لأن مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس كان متروك الحديث وقال ابن حبان يروى عن موسى بن علي وغيره ما لا يشبه حديث الأثبات ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود قال هل لك من إبل قال نعم . قال فما ألوانها قال حمر . قال فهل فيها من أورق قال نعم . قال فأنى أتاها ذلك ؟ قال عسى أن يكون نزعة عرق . قال وهذا عسى أن يكون نزعة عرق "
وقد قال عكرمة في قوله ( في أي صورة ما شاء ركبك ) إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير وكذا قال أبو صالح إن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة خنزير
وقال قتادة ( في أي صورة ما شاء ركبك ) قال : قادر والله ربنا على ذلك ومعنى هذا القول عند هؤلاء أن الله عز وجل قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة الخلق ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام حسن المنظر والهيئة .
قوله تعالى {يا أيها الإنسان} خاطب بهذا منكري البعث. وقال ابن عباس : الإنسان هنا : الوليد بن المغيرة. وقال عكرمة : أبي بن خلف. وقيل : نزلت في أبي الأشد بن كلدة الجمحي. عن ابن عباس أيضا {ما غرك بربك الكريم} أي ما الذي غرك حتى كفرت؟ {بربك الكريم} أي المتجاوز عنك. قال قتادة : غرة شيطانه المسلط عليه. الحسن : غرة شيطانه الخبيث. وقيل : حمقه وجهله. رواه الحسن عن عمر رضي الله عنه. وروى غالب الحنفي قال : لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}[الأنفطار : 6] قال غره الجهل وقال صالح بن مسمار : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه قرأ {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} ؟ فقال غره جهله . وقال عمر رضي الله عنه : كما قال الله تعالى {إنه كان ظلوما جهولا}[
الأحزاب : 72]. وقيل : غره عفو الله، إذ لم يعاقبه في أول مرة. قال إبراهيم بن الأشعث : قيل : للفضيل بن عياض : لو أقامك الله تعالى يوم القيامة بين يديه، فقال لك {ما غرك بربك الكريم}؟ [الانفطار : 6] ماذا كنت تقول؟ قال : كنت أقول غرني ستورك المرخاة، لأن الكريم هو الستار. نظمه ابن السماك فقال : يا كاتم الذنب أما تستحي ** والله في الخلوة ثانيكا غرك من ربك إمهاله ** وستره طول مساويكا وقال ذو النون المصري : كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر وأنشد أبو بكر بن طاهر الأبهري : يا من غلا في العجب والتيه ** وغره طول تماديه أملى لك الله فبارزته ** ولم تخف غب معاصيه وروي عن علي رضي الله عنه أنه صاح بغلام له مرات فلم يلبه فنظر فإذا هو بالباب، فقال : مالك لم تجبني؟ فقال. لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك. فاستحسن جوابه فأعتقه. وناس يقولون : ما غرك : ما خدعك وسول لك حتى أضعت ما وجب عليك؟ وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا وسيخلو الله به يوم القيامة، فيقول له : يا ابن آدم ماذا غرك بي؟ يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ {الذي خلقك} أي قدر خلقك من نطفة {فسواك} في بطن أمك، وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك {فعدلك} أي جعلك معتدلا سوى الخلق؛ كما يقال : هذا شيء معدل. وهذه قراءة العامة وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ قال الفراء : وأبو عبيد : يدل عليه قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}[
التين : 4]. وقرأ الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي {فعدلك} مخففا أي : أمالك وصرفك إلى أي صورة شاء، إما حسنا وإما قبيحا، وإما طويلا وإما قصيرا. وقال [موسى بن علي بن أبي رباح اللخمي عن أبيه عن جده] قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم (إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم ). أما قرأت هذه الآية {في أي صورة ما شاء ركبك} فيما بينك وبين آدم، وقال عكرمة وأبو صالح {في أي صورة ما شاء ركبك} إن شاء في صورة إنسان، وإن شاء في صورة حمار، وإن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير. وقال مكحول : إن شاء ذكرا، وإن شاء أنثى. قال مجاهد {في أي صورة} أي في أي شبه من أب أو أم أو عم أو خال أو غيرهم. و{في} متعلقة بـ {ركب}، ولا تتعلق بـ {عدلك}، على قراءة من خفف؛ لأنك تقول عدلت إلى كذا، ولا تقول عدلت في كذا؛ ولذلك منع الفراء التخفيف؛ لأنه قدر {في} متعلقة بـ {عدلك}، و{ما} يجوز أن تكون صلة مؤكدة؛أي في أي صورة شاء ركبك. ويجوز أن تكون شرطية أي إن شاء ركبك في غير صورة الإنسان من صورة قرد أو حمار أو خنزير، فـ {ما} بمعنى الشرط والجزاء؛ أي في صورة ما شاء يركبك ركبك. قوله تعالى {كلا بل تكذبون بالدين} يجوز أن تكون {كلا} بمعنى حقا و{ألا} فيبتدأ بها. ويجوز أن تكون بمعنى {لا}، على أن يكون المعنى ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله محقون. يدل على ذلك قوله تعالى {ما غرك بربك الكريم}[الانفطار : 6] وكذلك يقول الفراء : يصير المعنى : ليس كما غررت به. وقيل : أي ليس الأمر كما يقولون، من أنه لا بعث. وقيل : هو بمعنى الردع والزجر. أي لا وقتروا بحلم الله وكرمه، فتتركوا التفكر في آياته. ابن الأنباري : الوقف الجيد على {الدين}، وعلى {ركبك}، والوقف على {كلا} قبيح. {بل تكذبون} يا أهل مكة {بالدين} أي بالحساب، و{بل} لنفي شيء تقدم وتحقيق غيره. وإنكارهم للبعث كان معلوما، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة.
يا أيها الإنسان المنكر للبعث، ما الذي جعلك تغتَرُّ بربك الجواد كثير الخير الحقيق بالشكر والطاعة، أليس هو الذي خلقك فسوَّى خلقك فعَدَلك، وركَّبك لأداء وظائفك، في أيِّ صورة شاءها خلقك؟
إن هذا إلا من جهلك وظلمك وعنادك وغشمك، فاحمد الله أن لم يجعل صورتك صورة كلب أو حمار، أو نحوهما من الحيوانات؛ فلهذا قال تعالى: { فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ }
( في أي صورة ما شاء ركبك ) قال مجاهد والكلبي ومقاتل : في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم .
وجاء في الحديث : أن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضر كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ " في أي صورة ما شاء ركبك " . وذكر الفراء قولا آخر : " في أي صورة ما شاء ركبك " إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة دابة أو حيوان آخر .
(فِي أَيِّ) متعلقان بركبك و(صُورَةٍ) مضاف إليه و(ما) زائدة (شاءَ) ماض فاعله مستتر والجملة صفة صورة و(رَكَّبَكَ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة حال.
Traslation and Transliteration:
Fee ayyi sooratin ma shaa rakkabaka
Into whatsoever form He will, He casteth thee.
Dilediği surete de benzetti seni.
Il t'a façonné dans la forme qu'Il a voulue.
in jeder Gestalt, die ER wollte, dich zusammenfügte?!
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الإنفطار (Al-Infitar - The Cleaving) |
ترتيبها |
82 |
عدد آياتها |
19 |
عدد كلماتها |
81 |
عدد حروفها |
326 |
معنى اسمها |
الفَطْرُ: الشَقُّ وَالصَّدْعُ. وَالمُرَادُ (بِالْانْفِطَارِ): انْشِقَاقُ السَّمَاءِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْانْفِطَارِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الانْفِطَارِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (انْفَطَرَتْ)، وَسُورَةَ (الْمُنْفَطِرَةِ)، وَسُورَةَ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ﴾ |
مقاصدها |
وَصْفُ أَحْدَاثِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَتَذْكِيرُ الإِنْسَانِ بِالنِّعَمِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
اختُصَّتْ بِوصْفٍ دَقِيْقٍ لِأَحْدَاثِ السَّاعَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَينٍ فَلْيَقْرَأَ: ﴿إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ﴾ و ﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ﴾ و ﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ﴾. (حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ).
أَوْصَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي إِمَامَةِ المُصَلِّينَ، فَقَدْ أَمَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه إِذَا أَمَّ النَّاسَ أَنْ يُخَفِّفَ وَيَقْرَأَ بِسُوَرِ: (الْأَعْلَى، وَالضُّحَى، وَالانْفِطَارِ). (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ النَّسَائِي) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الانْفِطَارِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن النَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ ٥﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡـٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ ١٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الانْفِطَارِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (التَّكْوِيرِ):السُّوَرَتَانِ مَوْضُوْعُهُمَا وَاحِدٌ عَنْ عَلَامَاتِ يَومِ الْقِيَامَةِ وَمَشَاهِدِهَ |