الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 135]

سورة آل عمران
وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿135﴾

تفسير الجلالين:

«والذين إذا فعلوا فاحشة» ذنبا قبيحا كالزنا «أو ظلموا أنفسهم» بدونه كالقُبلة «ذكروا الله» أي وعيده «فاستغفروا لذنوبهم ومن» أي لا «يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا» يداوموا «على ما فعلوا» بل أقلعوا عنه «وهم يعلمون» أن الذي أتوه معصية.

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

وقوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) أي : إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا همام بن يحيى ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن رجلا أذنب ذنبا ، فقال : رب إني أذنبت ذنبا فاغفره . فقال الله [ عز وجل ] عبدي عمل ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره . فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي . ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره لي . فقال عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ، فليعمل ما شاء " .

أخرجه في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة ، بنحوه .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر وأبو عامر قالا حدثنا زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - سمع أبا هريرة ، قلنا : يا رسول الله ، إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد ، فقال لو أنكم تكونون على كل حال ، على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم ، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " . قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ، ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .

ورواه الترمذي ، وابن ماجه ، من وجه آخر عن سعد ، به .

ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة ، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل :

حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر ، وسفيان - هو الثوري - عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن علي بن ربيعة ، عن أسماء بن الحكم الفزاري ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه ، وإذا حدثني عنه [ غيري استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني ] وصدق أبو بكر - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن - الوضوء - قال مسعر : فيصلي . وقال سفيان : ثم يصلي ركعتين - فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له " .

كذا رواه علي بن المديني ، والحميدي وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأهل السنن ، وابن حبان في صحيحه والبزار والدارقطني ، من طرق ، عن عثمان بن المغيرة ، به . وقال الترمذي : هو حديث حسن وقد ذكرنا طرقه والكلام عليه مستقصى في مسند أبي بكر الصديق ، [ رضي الله عنه ] وبالجملة فهو حديث حسن ، وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] عن خليفة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أبي بكر الصديق ، رضي الله عنهما ومما يشهد لصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو : فيسبغ - الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء " .

وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أنه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " .

فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، عن سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين ، كما دل عليه الكتاب المبين من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين .

وقد قال عبد الرزاق : أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : بلغني أن إبليس حين نزلت : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) الآية ، بكى .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر ، حدثنا عبد الغفور ، عن أبي نضيرة عن أبي رجاء ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب ، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون " .

عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان .

وروى الإمام أحمد في مسنده ، من طريق عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العتواري ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال إبليس : يا رب ، وعزتك لا أزال أغوي [ عبادك ] ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني " .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عمر بن أبي خليفة ، سمعت أبا بدر يحدث عن ثابت ، عن أنس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، أذنبت ذنبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أذنبت فاستغفر ربك " . [ قال : فإني أستغفر ، ثم أعود فأذنب . قال فإذا أذنبت فعد فاستغفر ربك ] " فقالها في الرابعة فقال : " استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المحسور " .

وهذا حديث غريب من هذا الوجه .

وقوله : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي : لا يغفرها أحد سواه ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا سلام بن مسكين ، والمبارك ، عن الحسن ، عن الأسود بن سريع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال : اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عرف الحق لأهله " .

وقوله : ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) أي : تابوا من ذنوبهم ، ورجعوا إلى الله عن قريب ، ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها ، ولو تكرر منهم الذنب تابوا عنه ، كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده :

حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره قالوا : حدثنا أبو يحيى عبد الحميد الحماني ، عن عثمان بن واقد عن أبي نصيرة ، عن مولى لأبي بكر ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، والبزار في مسنده ، من حديث عثمان بن واقد - وقد وثقه يحيى بن معين - به وشيخه أبو نصيرة الواسطي واسمه مسلم بن عبيد ، وثقه الإمام أحمد وابن حبان وقول علي بن المديني والترمذي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، فالظاهر إنما [ هو ] لأجل جهالة مولى أبي بكر ، ولكن جهالة مثله لا تضر ، لأنه تابعي كبير ، ويكفيه نسبته إلى [ أبي بكر ] الصديق ، فهو حديث حسن والله أعلم .

وقوله : ( وهم يعلمون ) قال مجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير : ( وهم يعلمون ) أن من تاب تاب الله عليه .

وهذا كقوله تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ] وكقوله ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] ونظائر هذا كثيرة جدا .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد أخبرنا جرير ، حدثنا حبان - هو ابن زيد الشرعبي - عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - وهو على المنبر - : " ارحموا ترحموا ، واغفروا يغفر لكم ، ويل لأقماع القول ، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " .

تفرد به أحمد ، رحمه الله .


تفسير الطبري :

فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} ذكر الله تعالى في هذه الآية صنفا، هم دون الصنف الأول فألحقهم به برحمته ومَنِّه؛ فهؤلاء هم التوابون. قال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت هذه الآية في نبهان التمار - وكنيته أبو مقبل - أتته امرأة حسناء باع منها تمرا، فضمها إلى نفسه وقبلها فندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه الآية. وذكر أبو داود الطيالسي في مسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثني أبو بكر - وصدق أبو بكر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له) - ثم تلا هذه الآية - {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} - الآية، والآية الأخرى - {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} [النساء : 110]. وخرجه الترمذي وقال : حديث حسن. وهذا عام. وقد تنزل الآية بسبب خاص ثم تتناول جميع من فعل ذلك أو أكثر منه. وقد قيل : إن سبب نزولها أن ثقفيا خرج في غزاة وخلف صاحبا له أنصاريا على أهله، فخانه فيها بأن اقتحم عليها فدفعت عن نفسها فقبل يدها، فندم على ذلك فخرج يسيح في الأرض نادما تائبا؛ فجاء الثقفي فأخبرته زوجته بفعل صاحبه، فخرج في طلبه فأتى به إلى أبي بكر وعمر رجاء أن يجد عندهما فرجا فوبخاه؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بفعله؛ فنزلت هذه الآية. والعموم أولى للحديث. وروي عن ابن مسعود أن الصحابة قالوا : يا رسول الله، كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا، حيث كان المذنب منهم تصبح عقوبته مكتوبة على باب داره، وفي رواية : كفارة ذنبه مكتوبة على عتبة داره : اجْدَع أنفك، اقطع أذنك، افعل كذا؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية توسعة ورحمة وعوضا من ذلك الفعل ببني إسرائيل. ويروى أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية. والفاحشة تطلق على كل معصية، وقد كثر اختصاصها بالزنا حتى فسر جابر بن عبدالله والسدي هذه الآية بالزنا. و"أو" في قوله {أو ظلموا أنفسهم} قيل هي بمعنى الواو؛ والمراد ما دون الكبائر. {ذكروا الله} معناه بالخوف من عقابه والحياء منه. الضحاك : ذكروا العرض الأكبر على الله. وقيل تفكروا في أنفسهم أن الله سائلهم عنه؛ قاله الكلبي ومقاتل. وعن مقاتل أيضا : ذكروا الله باللسان عند الذنوب. {فاستغفروا لذنوبهم} أي طلبوا الغفران لأجل ذنوبهم. وكل دعاء فيه هذا المعنى أو لفظه فهو استغفار. وقد تقدم في صدر هذه السورة سيد الاستغفار وإن وقته الأسحار. فالاستغفار عظيم وثوابه جسيم، حتى لقد روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف). وروى مكحول عن أبي هريرة قال : ما رأيت أكثر استغفارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مكحول : ما رأيت أكثر استغفارا من أبي هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار. قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان. فأما من قال بلسانه : أستغفر الله، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار، وصغيرته لاحقة بالكبائر. وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار. قلت : هذا يقوله في زمانه، فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبا على الظلم ! حريصا عليه لا يقلع، والسُّبْحة في يده زاعما أنه يستغفر الله من ذنبه وذلك استهزاء منه واستخفاف. وفي التنزيل {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} [البقرة : 231]. وقد تقدم. الثانية: قوله تعالى {ومن يغفر الذنوب إلا الله} أي ليس أحد يغفر المعصية ولا يزيل عقوبتها إلا الله. {ولم يصروا على ما فعلوا} أي ولم يثبتوا ويعزموا على ما فعلوا. وقال مجاهد : أي ولم يمضوا. وقال معبد بن صبيح : صليت خلف عثمان وعلي إلى جانبي، فأقبل علينا فقال : صليت بغير وضوء ثم ذهب فتوضأ وصلى. {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}. الإصرار هو العزم بالقلب على الأمر وترك الإقلاع عنه. ومنه صر الدنانير أي الربط عليها؛ قال الحطيئة يصف الخيل : عوابس بالشُّعْث الكماة إذا ابتغوا ** عُلالتها بالمحصدات أصرت أي ثبتت على عدْوِها. وقال قتادة : الإصرار الثبوت على المعاصي؛ قال الشاعر : يصر بالليل ما تخفي شواكله ** يا ويح كل مصر القلب ختار قال سهل بن عبدالله : الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران، والمصر هالك، والإصرار هو التسويف، والتسويف أن يقول : أتوب غدا؛ وهذا دعوى النفس، كيف يتوب غدا لا يملكه!. وقال غير سهل : الإصرار هو أن ينوي ألاّ يتوب فإذا نوى التوبة النصوح خرج عن الإصرار. وقول سهل أحسن. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا توبة مع إصرار). الثالثة: قال علماؤنا : الباعث على التوبة وحل الإصرار إدامة الفكر في كتاب الله العزيز الغفار، وما ذكره الله سبحانه من تفاصيل الجنة ووعد به المطيعين، وما وصفه من عذاب النار وتهدد به العاصين، ودام على ذلك حتى قوي خوفه ورجاؤه فدعا الله رغبا ورهبا؛ والرغبة والرهبة ثمرة الخوف والرجاء، يخاف من العقاب ويرجو الثواب، والله الموفق للصواب. وقد قيل : إن الباعث على ذلك تنبيه إلهي ينبه به من أراد سعادته؛ لقبح الذنوب وضررها إذ هي سموم مهلكة. قلت : وهذا خلاف في اللفظ لا في المعنى، فإن الإنسان لا يتفكر في وعد الله ووعيده إلا بتنبيهه؛ فإذا نظر العبد بتوفيق الله تعالى إلى نفسه فوجدها مشحونة بذنوب اكتسبها وسيئات اقترفها، وانبعث منه الندم على ما فرط، وترك مثل ما سبق مخافة عقوبة الله تعالى صدق عليه أنه تائب، فإن لم يكن كذلك كان مصرا على المعصية وملازما لأسباب الهلكة. قال سهل بن عبدالله : علامة التائب أن يشغله الذنب على الطعام والشراب؛ كالثلاثة الذين خُلِّفوا. الرابعة: قوله تعالى {وهم يعلمون} فيه أقوال. فقيل : أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها. قال النحاس : وهذا قول حسن. وقيل {وهم يعلمون} أني أعاقب على الإصرار. وقال عبدالله بن عبيد بن عمير {وهم يعلمون} أنهم إن تابوا تاب الله عليهم. وقيل{يعلمون} أنهم إن استغفروا غفر لهم. وقيل {يعلمون} بما حرمت عليهم؛ قاله ابن إسحاق. وقال ابن عباس والحسن ومقاتل والكلبي {وهم يعلمون} أن الإصرار ضار، وأن تركه خير من التمادي. وقال الحسن بن الفضل {وهم يعلمون} أن لهم ربا يغفر الذنب. قلت : وهذا أخذه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال : (أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي - فذكر مثله مرتين، وفي آخره : اعمل ما شئت فقد غفرت لك) أخرجه مسلم. وفيه دليل على صحة التوبة بعد نقضها بمعاودة الذنب؛ لأن التوبة الأولى طاعة وقد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد مواقعة الذنب الثاني إلى توبة أخرى مستأنفة، والعود إلى الذنب وإن كان أقبح من ابتدائه؛ لأنه أضاف إلى الذنب نقض التوبة، فالعود إلى التوبة أحسن من ابتدائها؛ لأنه أضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم، وإنه لا غافر للذنوب سواه. وقوله في آخر الحديث (اعمل ما شئت) أمر معناه الإكرام في أحد الأقوال؛ فيكون من باب قوله {ادخلوها بسلام} [الحجر : 46]. وآخر الكلام خبر عن حال المخاطب بأنه مغفور له ما سلف من ذنبه، ومحفوظ إن شاء الله تعالى فيما يستقبل من شأنه. ودلت الآية والحديث على عظيم فائدة الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، قال صلى الله عليه وسلم : (إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه) أخرجاه في الصحيحين. وقال : يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ** بما جنى من الذنوب واقترف وقال آخر : أقرر بذنبك ثم اطلب تجاوزه ** إن الجحود جحود الذنب ذنبان وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم). وهذه فائدة اسم الله تعالى الغفار والتواب، على ما بيناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. الخامسة: الذنوب التي يتاب منها إما كفر أو غيره، فتوبة الكافر إيمانه مع ندمه على ما سلف من كفره، وليس مجرد الإيمان نفس توبة، وغير الكفر إما حق لله تعالى، وإما حق لغيره، فحق الله تعالى يكفي في التوبة منه الترك؛ غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء كالصلاة والصوم، ومنها ما أضاف إليها كفارة كالحنث في الأيمان والظهار وغير ذلك، وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلي مستحقيها، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول، وفضله مبذول؛ فكم ضمن من التبعات وبدل من السيئات بالحسنات. وستأتي زيادة بيان لهذا المعنى. السادسة: ليس على الإنسان إذا لم يذكر ذنبه ويعلمه أن يتوب منه بعينه، ولكن يلزمه إذا ذكر ذنبا تاب منه. وقد تأول كثير من الناس فيما ذكر شيخنا أبو محمد عبدالمعطي الإسكندراني رضي الله عنه أن الإمام المحاسبي رحمه الله يرى أن التوبة من أجناس المعاصي لا تصح، وإن الندم على جملتها لا يكفي، بل لا بد أن يتوب من كل فعل بجارحته وكل عقد بقلبه على التعيين. ظنوا ذلك من قوله، وليس هذا مراده، ولا يقتضيه كلامه، بل حكم المكلف إذا عرف حكم أفعاله، وعرف المعصية من غيرها، صحت منه التوبة من جملة ما عرف؛ فإنه إن لم يعرف كون فعله الماضي معصية لا يمكنه أن يتوب منه لا على الجملة ولا على التفصيل؛ ومثاله رجل كان يتعاطى بابا من أبواب الربا ولا يعرف أنه ربا فإذا سمع كلام الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}[البقرة : 279] عظم عليه هذا التهديد، وظن أنه سالم من الربا، فإذا علم حقيقة الربا الآن، ثم تفكر فيما مضى من أيامه وعلم أنه لابس منه شيئا كثيرا في أوقات متقدمة، صح أن يندم عليه الآن جملة، ولا يلزمه تعيين أوقاته، وهكذا كل ما واقع من الذنوب والسيئات كالغيبة والنميمة وغير ذلك من المحرمات التي لم يعرف كونها محرمة، فإذا فقه العبد وتفقد ما مضى من كلامه تاب من ذلك جملة، وندم على ما فرط فيه من حق الله تعالى، وإذا استحل من كان ظلمه فحالَلَه على الجملة وطابت نفسه بترك حقه جاز؛ لأنه من باب هبة المجهول، هذا مع شح العبد وحرصه على طلب حقه، فكيف بأكرم الأكرمين المتفضل بالطاعات وأسبابها والعفو عن المعاصي صغارها وكبارها. قال شيخنا رحمه الله تعالى : هذا مراد الإمام، والذي يدل عليه كلامه لمن تفقده، وما ظنه به الظان من أنه لا يصح الندم إلا على فعل فعل وحركة حركة وسكنة سكنة على التعيين هو من باب تكليف مالا يطاق، الذي لم يقع شرعا وإن جاز عقلا، ويلزم عنه أن يعرف كم جرعة جرعها في شرب الخمر، وكم حركة تحركها في الزنا، وكم خطوة مشاها إلى محرم، وهذا مالا يطيقه أحد، ولا تتأتى منه توبة على التفصيل. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان من أحكام التوبة وشروطها في "النساء" وغيرها إن شاء الله تعالى. السابعة: في قوله تعالى {ولم يصروا} حجة واضحة ودلالة قاطعة لما قاله سيف السنة، ولسان الأمة القاضي أبو بكر بن الطيب : أن الإنسان يؤاخذ بما وطن عليه بضميره، وعزم عليه بقلبه من المعصية. قلت : وفي التنزيل {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج : 25] وقال {فأصبحت كالصريم} [القلم : 20]. فعوقبوا قبل فعلهم بعزمهم وسيأتي بيانه. وفي البخاري (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار) قالوا : يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول ؟ قال : (إنه كان حريصا على قتل صاحبه). فعلق الوعيد على الحرص وهو العزم وألغى إظهار السلاح، وأنَصُّ من هذا ما خرجه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري وصححه مرفوعا (إنما الدنيا لأربعة نفر رجل أعطاه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل به رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء). وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، ولا يُلتفت إلى خلاف من زعم أن ما يهم الإنسان به وإن وطن عليه لا يؤاخذ به. ولا حجة له في قوله عليه السلام : (من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه فإن عمِلها كتبت سيئة واحدة) لأن معنى (فلم يعملها) فلم يعزم على عملها بدليل ما ذكرنا، ومعنى (فإن عملها) أي أظهرها أو عزم عليها بدليل ما وصفنا. وبالله توفيقنا.

التفسير الميسّر:

والذين إذا ارتكبوا ذنبًا كبيرًا أو ظلموا أنفسهم بارتكاب ما دونه، ذكروا وعد الله ووعيده فلجأوا إلى ربهم تائبين، يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم، وهم موقنون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله، فهم لذلك لا يقيمون على معصية، وهم يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم.

تفسير السعدي

ثم ذكر اعتذارهم لربهم من جناياتهم وذنوبهم، فقال: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } أي: صدر منهم أعمال [سيئة] كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }


تفسير البغوي

قوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية قال ابن مسعود : قال المؤمنون : يا رسول الله كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا ، كان أحدهم إذا أذنب أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه " اجدع أنفك وأذنك " ، افعل كذا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية .

وقال عطاء : نزلت في نبهان التمار وكنيته أبو معبد أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها إن هذا التمر ليس بجيد ، وفي البيت أجود منه فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها فقالت له : اتق الله فتركها وندم على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له ، فنزلت هذه الآية .

وقال مقاتل والكلبي : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله فاشترى لهم اللحم ذات يوم فلما أرادت المرأة أن تأخذ منه دخل على أثرها وقبل يدها ، ثم ندم وانصرف ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه ، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله فقالت : لا أكثر الله في الإخوان مثله ووصفت له الحال ، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا ، فطلبه الثقفي حتى وجده فأتى به أبا بكر رجاء أن يجد عنده راحة وفرجا . فقال الأنصاري : هلكت : وذكر له القصة فقال أبو بكر : ويحك أما علمت أن الله تعالى يغار للغازي ما لا يغار للمقيم ، ثم أتيا عمر رضي الله عنه فقال مثل ذلك ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثل مقالتهما ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( والذين إذا فعلوا فاحشة ) يعني : قبيحة خارجة عما أذن الله تعالى له فيه ، وأصل الفحش القبح والخروج عن الحد قال جابر : الفاحشة : الزنا .

( أو ظلموا أنفسهم ) ما دون الزنا من القبلة والمعانقة والنظر واللمس .

وقال مقاتل والكلبي : الفاحشة ما دون الزنا من قبلة أو لمسة أو نظرة فيما لا يحل أو ظلموا أنفسهم بالمعصية .

وقيل : فعلوا فاحشة الكبائر ، أو ظلموا أنفسهم بالصغائر .

وقيل : فعلوا فاحشة فعلا أو ظلموا أنفسهم قولا .

( ذكروا الله ) أي : ذكروا وعيد الله ، وأن الله سائلهم ، وقال مقاتل بن حيان : ذكروا الله باللسان عند الذنوب .

( فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي : وهل يغفر الذنوب إلا الله .

( ولم يصروا على ما فعلوا ) أي : لم يقيموا ولم يثبتوا عليه ولكن تابوا وأنابوا واستغفروا ، وأصل الإصرار : الثبات على الشيء وقال الحسن : إتيان العبد ذنبا عمدا إصرار حتى يتوب .

وقال السدي : الإصرار : السكوت وترك الاستغفار . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أنا يحيى بن يحيى ، أنا عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن عثمان بن واقد العمري ، عن أبي نصيرة ، قال : لقيت مولى لأبي بكر رضي الله عنه فقلت له : أسمعت من أبي بكر شيئا؟ قال : نعم سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرة " .

( وهم يعلمون ) قال ابن عباس والحسن ومقاتل والكلبي : وهم يعلمون أنها معصية ، وقيل : وهم يعلمون أن الإصرار ضار ، وقال الضحاك : وهم يعلمون أن الله يملك مغفرة الذنوب ، وقال الحسين بن الفضل وهم يعلمون أن لهم ربا يغفر الذنوب ، وقيل : وهم يعلمون أن الله لا يتعاظمه العفو عن الذنوب وإن كثرت ، وقيل : وهم يعلمون أنهم إن استغفروا غفر لهم .


الإعراب:

(وَالَّذِينَ) عطف على الذين قبلها (إِذا) ظرف للمستقبل (فَعَلُوا فاحِشَةً) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر بالإضافة (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) الجملة معطوفة على ما قبلها (ذَكَرُوا الله) فعل ماض والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة جواب الشرط إذ لا محل لها (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) ماض وفاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة بالفاء على ما قبلها (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله) الواو استئنافية من اسم استفهام مبتدأ وجملة يغفر الذنوب خبره إلا أداة حصر (الله) لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في يغفر مرفوع بالضمة وجملة ومن يغفر استئنافية.

(وَلَمْ يُصِرُّوا) الواو عاطفة يصروا فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل (عَلى ما فَعَلُوا) ما مصدرية أو موصولة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيصروا (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الجملة حالية وجملة يعلمون خبر هم.

---

Traslation and Transliteration:

Waallatheena itha faAAaloo fahishatan aw thalamoo anfusahum thakaroo Allaha faistaghfaroo lithunoobihim waman yaghfiru alththunooba illa Allahu walam yusirroo AAala ma faAAaloo wahum yaAAlamoona

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!