الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 110]

سورة آل عمران
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ۗ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَٰبِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ ﴿110﴾

تفسير الجلالين:

«كنتم» يا أمة محمد في علم الله تعالى «خير أمة أخرجت» أظهرت «للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان» الإيمان «خيرا لهم منهم المؤمنون» كعبد الله بن سلام رضي الله عنه وأصحابه «وأكثرهم الفاسقون» الكافرون.

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) .

قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن ميسرة ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .

وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) يعني : خير الناس للناس .

والمعنى : أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال : ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )

قال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة عن زوج [ درة ] بنت أبي لهب ، [ عن درة بنت أبي لهب ] قالت : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال : " خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " .

ورواه أحمد في مسنده ، والنسائي في سننه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث سماك ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .

والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة ، كل قرن بحسبه ، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، كما قال في الآية الأخرى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) أي : خيارا ( لتكونوا شهداء على الناس [ ويكون الرسول عليكم شهيدا ] ) الآية .

وفي مسند الإمام أحمد ، وجامع الترمذي ، وسنن ابن ماجه ، ومستدرك الحاكم ، من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها ، وأنتم أكرم على الله عز وجل " .

وهو حديث مشهور ، وقد حسنه الترمذي . ويروى من حديث معاذ بن جبل ، وأبي سعيد [ الخدري ] نحوه .

وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أشرف خلق الله ، أكرم الرسل على الله ، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبيا قبله ولا رسولا من الرسل . فالعمل [ على ] منهاجه وسبيله ، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا ابن زهير ، عن عبد الله - يعني ابن محمد بن عقيل - عن محمد بن علي ، وهو ابن الحنفية ، أنه سمع علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء " . فقلنا : يا رسول الله ، ما هو ؟ قال : " نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهورا ، وجعلت أمتي خير الأمم " . تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناده حسن .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ، حدثنا ليث ، عن معاوية عن ابن أبي حليس يزيد بن ميسرة قال : سمعت أم الدرداء ، رضي الله عنها ، تقول : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، وما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها ، يقول إن الله تعالى يقول : يا عيسى ، إني باعث بعدك أمة ، إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم " . قال : يا رب ، كيف هذا لهم ، ولا حلم ولا علم ؟ قال : " أعطيهم من حلمي وعلمي " .

وقد وردت أحاديث يناسب ذكرها هاهنا :

قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا المسعودي ، حدثنا بكير بن الأخنس ، عن رجل ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي ، عز وجل ، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا " . فقال أبو بكر ، رضي الله عنه : فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ، ومصيب من حافات البوادي .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا هشام بن حسان ، عن القاسم بن مهران ، عن موسى بن عبيد ، عن ميمون بن مهران ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربي أعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب " . فقال عمر : يا رسول الله ، فهلا استزدته ؟ فقال : " استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا " . قال عمر : فهلا استزدته ؟ قال : " قد استزدته فأعطاني هكذا " . وفرج عبد الله بن بكر بين يديه ، وقال عبد الله : وبسط باعيه ، وحثا عبد الله ، قال هشام : وهذا من الله لا يدرى ما عدده .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة قال : قال شريح بن عبيد : مرض ثوبان بحمص ، وعليها عبد الله بن قرط الأزدي ، فلم يعده ، فدخل على ثوبان رجل من الكلاعيين عائدا ، فقال له ثوبان : [ أتكتب ؟ قال : نعم . فقال : اكتب ، فكتب للأمير عبد الله بن قرط ، " من ثوبان ] مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد ، فإنه لو كان لموسى وعيسى ، عليهما السلام ، بحضرتك خادم لعدته " ثم طوى الكتاب وقال له : أتبلغه إياه ؟ فقال : نعم . فانطلق الرجل بكتابه فدفعه إلى ابن قرط ، فلما رآه قام فزعا ، فقال الناس : ما شأنه ؟ أحدث أمر ؟ فأتى ثوبان حتى دخل عليه فعاده ، وجلس عنده ساعة ثم قام ، فأخذ ثوبان بردائه وقال : اجلس حتى أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا " .

تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناد رجاله كلهم ثقات شاميون حمصيون ، فهو حديث صحيح ولله الحمد .

طريق أخرى : قال الطبراني : حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق الحمصي ، حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني ابن عياش - حدثنا أبي ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ربي ، عز وجل ، وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون ، مع كل ألف سبعون ألفا " . هذا لعله هو المحفوظ بزيادة أبي أسماء الرحبي ، بين شريح وبين ثوبان والله أعلم .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن ابن مسعود قال : أكثرنا الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، ثم غدونا إليه فقال : " عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها ، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة ، والنبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه النفر ، والنبي ليس معه أحد ، حتى مر علي موسى ، عليه السلام ، ومعه كبكبة من بني إسرائيل ، فأعجبوني ، فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل لي : هذا أخوك موسى ، معه بنو إسرائيل " . قال : " قلت : فأين أمتي ؟ فقيل : انظر عن يمينك . فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ، ثم قيل لي انظر عن يسارك ، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، فقيل لي : قد رضيت ؟ فقلت " رضيت يا رب ، [ رضيت يا رب ] " قال : " فقيل لي : إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فداكم أبي وأمي ، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق ، فإني قد رأيت ثم أناسا يتهاوشون " . فقام عكاشة بن محصن فقال : ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم . أي من السبعين ، فدعا له . فقام رجل آخر فقال : ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال : " قد سبقك بها عكاشة " . قال : ثم تحدثنا فقلنا : لمن ترون هؤلاء السبعين الألف ؟ قوم ولدوا في الإسلام لم يشركوا بالله شيئا حتى ماتوا . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " .

هكذا رواه أحمد بهذا السند وهذا السياق ، ورواه أيضا عن عبد الصمد ، عن هشام ، عن قتادة ، بإسناده مثله ، وزاد بعد قوله : " رضيت يا رب ، رضيت يا رب " قال رضيت ؟ قلت : " نعم " . قال : انظر عن يسارك ، قال : " فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال " . فقال : رضيت ؟ قلت : " رضيت " . وهذا إسناد صحيح من هذا الوجه ، تفرد به أحمد ولم يخرجوه .

حديث آخر : قال أحمد بن منيع : حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم : " عرضت علي الأمم بالموسم فراثت علي أمتي ، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم وهيئاتهم ، قد ملئوا السهل والجبل " ، فقال : أرضيت يا محمد ؟ فقلت : " نعم " . قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقام عكاشة فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال : " أنت منهم " فقام رجل آخر فقال : [ ادع الله أن يجعلني منهم فقال ] سبقك بها عكاشة " . رواه الحافظ الضياء المقدسي ، قال : هذا عندي على شرط مسلم .

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا محمد بن محمد الجذوعي القاضي ، حدثنا عقبة بن مكرم . حدثنا محمد بن أبي عدي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب " . قيل : من هم ؟ قال : " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . رواه مسلم من طريق هشام بن حسان ، وعنده ذكر عكاشة .

حديث آخر : ثبت في الصحيحين من رواية الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يدخل الجنة من أمتي زمرة وهم سبعون ألفا ، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر " . فقال أبو هريرة : فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعله منهم " . ثم قام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال : " سبقك بها عكاشة " .

حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليدخلن من أمتي سبعون ألفا - أو سبعمائة ألف - آخذ بعضهم ببعض ، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة ، ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر " .

أخرجه البخاري ومسلم جميعا ، عن قتيبة عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل به .

حديث آخر : قال مسلم بن الحجاج في صحيحه : حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت : أنا . ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ، ولكني لدغت : قال : فما صنعت ؟ قلت : استرقيت . قال : فما حملك على ذلك ؟ قلت : حديث حدثناه الشعبي . قال : وما حدثكم الشعبي ؟ قلت : حدثنا عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أنه قال : لا رقية إلا من عين أو حمة . فقال : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهيط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم ، فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق . فنظرت ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : انظر إلى الأفق الآخر ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب " . ثم نهض فدخل منزله ، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فقال بعضهم : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم : فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا ، وذكروا أشياء ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما الذي تخوضون فيه ؟ " فأخبروه ، فقال : " هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقام عكاشة بن محصن فقال : ادع الله أن يجعلني منهم قال : " أنت منهم " . ثم قام رجل آخر فقال : ادع الله أن يجعلني منهم . قال : " سبقك بها عكاشة " .

وأخرجه البخاري عن أسيد بن زيد ، عن هشيم وليس عنده " لا يرقون " .

حديث آخر : قال أحمد : حدثنا روح بن عبادة . حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا ، وفيه : " فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا ، لا يحاسبون ثم الذين يلونهم ، كأضوأ نجم في السماء ثم كذلك " . وذكر بقيته ، رواه مسلم من حديث روح ، غير أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم .

حديث آخر : قال الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنن له : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب . وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل " .

وكذا رواه الطبراني من طريق هشام بن عمار ، عن إسماعيل بن عياش ، به ، وهذا إسناد جيد .

طريق أخرى عن أبي أمامة : قال ابن أبي عاصم : حدثنا دحيم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، عن أبي اليمان الهوزني - واسمه عامر بن عبد الله بن لحي ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب " . قال يزيد بن الأخنس : والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذباب . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإن الله وعدني سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وزادني ثلاث حثيات " . وهذا أيضا إسناد حسن .

حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ، عز وجل ، بكفيه ثلاث حثيات " . فكبر عمر وقال : إن السبعين الأول يشفعهم الله في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعلني الله في إحدى الحثيات الأواخر .

قال الحافظ الضياء المقدسي في كتابه صفة الجنة : لا أعلم لهذا الإسناد علة . والله أعلم .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام - يعني الدستوائي - حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، حدثنا عطاء بن يسار أن رفاعة الجهني حدثه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد - أو قال بقديد - فذكر حديثا ، وفيه : ثم قال : وعدني ربي ، عز وجل ، أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة " .

قال الضياء [ المقدسي ] وهذا عندي على شرط مسلم .

حديث آخر : قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف " . قال أبو بكر : زدنا يا رسول الله . قال : والله هكذا فقال عمر : حسبك يا أبا بكر . فقال أبو بكر : دعني ، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا ، فقال عمر : إن شاء الله أدخل خلقه الجنة بكف واحد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " .

هذا الحديث بهذا الإسناد انفرد به عبد الرزاق قاله الضياء . وقد رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني :

حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي مائة ألف " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، زدنا قال : " وهكذا " - وأشار سليمان بن حرب بيده كذلك - قلت يا رسول الله ، زدنا . فقال عمر : إن الله قادر أن يدخل الناس الجنة بحفنة واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " . هذا حديث غريب من هذا الوجه وأبو هلال اسمه : محمد بن سليم الراسبي ، بصري .

طريق أخرى عن أنس : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ، حدثنا حميد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا " . قالوا : زدنا يا رسول الله . قال : " لكل رجل سبعون ألفا " قالوا : زدنا - وكان على كثيب - فقال : هكذا ، وحثا بيده . قالوا : يا رسول الله ، أبعد الله من دخل النار بعد هذا ، وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، ما عدا عبد القاهر بن السري ، وقد سئل عنه ابن معين ، فقال : صالح .

حديث آخر : روى الطبراني من حديث قتادة ، عن أبي بكر بن أنس ، عن أبي بكر بن عمير عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة " . فقال عمير : يا رسول الله ، زدنا . فقال هكذا بيده . فقال عمير يا رسول الله ، زدنا . فقال عمر : حسبك ، إن الله إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة - أو بحثية - واحدة . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " .

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عبد الله بن عامر ، أن قيسا الكندي حدث أن أبا سعيد الأنماري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه " . كذا قال قيس ، فقلت لأبي سعيد : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، بأذني ، ووعاه قلبي . قال أبو سعيد : فقال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " وذلك إن شاء الله ، عز وجل ، يستوعب مهاجري أمتي ، ويوفي الله بقيته من أعرابنا " .

وقد روى هذا الحديث محمد بن سهل بن عسكر ، عن أبي توبة الربيع بن نافع بإسناده ، مثله . وزاد : قال أبو سعيد : فحسب ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ أربعمائة ألف ألف وتسعين ألف ألف .

حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والذي نفس محمد بيده ليبعثن منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود ، زمرة جميعها يخبطون الأرض ، تقول الملائكة : لم جاء مع محمد أكثر مما جاء مع الأنبياء ؟ " . وهذا إسناد حسن .

نوع آخر من الأحاديث الدالة على فضيلة هذه الأمة وشرفها بكرامتها على الله ، وأنها خير الأمم في الدنيا والآخرة .

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إني لأرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع الجنة " . قال : فكبرنا . ثم قال : " أرجو أن يكونوا ثلث الناس " . قال : فكبرنا . ثم قال : " أرجو أن تكونوا الشطر " . وهكذا رواه عن روح ، عن ابن جريج ، به . وهو على شرط مسلم .

وثبت في الصحيحين من حديث أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ " فكبرنا . ثم قال : " أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ " فكبرنا . ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة " .

طريق أخرى عن ابن مسعود : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثني الحارث بن حصيرة ، حدثني القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم وربع الجنة لكم ولسائر الناس ثلاثة أرباعها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " كيف أنتم وثلثها ؟ " قالوا : ذاك أكثر . قال : " كيف أنتم والشطر لكم ؟ " قالوا : ذاك أكثر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، لكم منها ثمانون صفا " .

قال الطبراني : تفرد به الحارث بن حصيرة .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني ، عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، هذه الأمة من ذلك ثمانون صفا " .

وكذلك رواه عن عفان ، عن عبد العزيز ، به . وأخرجه الترمذي من حديث أبي سنان ، به وقال : هذا حديث حسن . ورواه ابن ماجه من حديث سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، به .

حديث آخر : روى الطبراني من حديث سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، حدثنا خالد بن يزيد البجلي ، حدثنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من أمتي " .

تفرد به خالد بن يزيد البجلي ، وقد تكلم فيه ابن عدي .

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا موسى بن غيلان ، حدثنا هاشم بن مخلد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن أبي عمرو ، عن أبيه عن أبي هريرة قال : لما نزلت ( ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين [ الواقعة : 38 ، 39 ] ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنتم ربع أهل الجنة ، أنتم ثلث أهل الجنة ، أنتم نصف أهل الجنة ، أنتم ثلثا أهل الجنة " .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولا الجنة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، الناس لنا فيه تبع غدا لليهود [ و ] للنصارى بعد غد " .

رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا بنحوه ، ورواه مسلم أيضا عن طريق الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة " . وذكر تمام الحديث .

حديث آخر : روى الدارقطني في الأفراد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي " .

ثم قال : تفرد به ابن عقيل ، عن الزهري ، ولم يرو عنه سواه . وتفرد به زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، وتفرد به عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير .

وقد رواه أبو أحمد بن عدي الحافظ فقال : حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق ، حدثنا أبو بكر الأعين محمد بن أبي عتاب ، حدثنا أبو حفص التنيسي - يعني عمرو بن أبي سلمة - حدثنا صدقة الدمشقي . عن زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري .

ورواه الثعلبي : حدثنا أبو عباس المخلدي ، أخبرنا أبو نعم عبد الملك بن محمد ، أخبرنا أحمد بن عيسى التنيسي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، به .

فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح لهم ، كما قال قتادة : بلغنا أن عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] في حجة حجها رأى من الناس سرعة فقرأ هذه الآية : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ثم قال : من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها . رواه ابن جرير .

ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه [ لبئس ما كانوا يفعلون ] [ المائدة : 79 ] ) ولهذا لما مدح [ الله ] تعالى هذه الأمة على هذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم ، فقال : ( ولو آمن أهل الكتاب ) أي : بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ( لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) أي : قليل منهم من يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ، وأكثرهم على الضلالة والكفر والفسق والعصيان .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} فيه ثلاث مسائل روى الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى{كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : (أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله). وقال : هذا حديث حسن. وقال أبو هريرة : نحن خير الناس للناس نسوقهم بالسلاسل إلى الإسلام. وقال ابن عباس : هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وشهدوا بدرا والحديبية. وقال عمر بن الخطاب : من فعل فعلهم كان مثلهم. وقيل : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يعني الصالحين منهم وأهل الفضل. وهم الشهداء على الناس يوم القيامة؛ كما تقدم في البقرة. وقال مجاهد {كنتم خير أمة أخرجت للناس} على الشرائط المذكورة في الآية. وقيل : معناه كنتم في اللوح المحفوظ. وقيل : كنتم مذ آمنتم خير أمة. وقيل : جاء ذلك لتقدم البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمته. فالمعنى كنتم عند من تقدمكم من أهل الكتب خير أمة. وقال الأخفش : يريد أهل أمة، أي خير أهل دين؛ وأنشد : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ** وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع وقيل : هي كان التامة، والمعنى خلقتم ووجدتم خير أمة. {فخير أمة} حال. وقيل : كان زائدة، والمعنى أنتم خير أمة. وأنشد سيبويه : وجيران لنا كانوا كرام ** ومثله قوله تعالى {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} [مريم : 29]. وقوله {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم} [الأعراف : 86]. وقال في موضع آخر {واذكروا إذ أنتم قليل}. وروى سفيان عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : تجرون الناس بالسلاسل إلى الإسلام. قال النحاس : والتقدير على هذا كنتم للناس خير أمة. وعلى قول مجاهد : كنتم خير أمة إذ كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. وقيل : إنما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى. فقيل : هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : (خير الناس قرني) أي الذين بعثت فيهم. الثانية: وإذا ثبت بنص التنزيل أن هذه الأمة خير الأمم؛ فقد روى الأئمة من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). الحديث وهذا يدل على أن أول هذه الأمة أفضل ممن بعدهم، وإلى هذا ذهب معظم العلماء، وإن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولو مرة في عمره أفضل ممن يأتي بعده، وإن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل. وذهب أبو عمر بن عبدالبر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وإن قوله عليه السلام : (خير الناس قرني) ليس على عمومه بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول. وقد جمع قرنه جماعة من المنافقين المظهرين للإيمان وأهل الكبائر الذين أقام عليهم أو على بعضهم الحدود، وقال لهم : ما تقولون في السارق والشارب والزاني. وقال مواجهة لمن هو في قرنه : (لا تسبوا أصحابي). وقال لخالد بن الوليد في عمار : (لا تسب من هو خير منك) وروى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى سبع مرات لمن لم يرني وآمن بي). وفي مسند أبي داود الطيالسي عن محمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر. قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (أتدرون أي الخلق أفضل إيمانا) قلنا الملائكة. قال : (وحق لهم بل غيرهم) قلنا الأنبياء. قال : (وحق لهم بل غيرهم) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني يجدون ورقا فيعملون بما فيها فهم أفضل الخلق إيمانا). وروى صالح بن جبير عن أبي جمعة قال : قلنا يا رسول الله، هل أحد خير منا؟ قال : (نعم قوم يجيؤون من بعدكم فيجدون كتابا بين لوحين فيؤمنون بما فيه ويؤمنون بي ولم يروني). وقال أبو عمر : وأبو جمعة له صحبة واسمه حبيب بن سباع، وصالح بن جبير من ثقات التابعين. وروى أبو ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن أمامكم أياما الصابر فيها على دينه كالقابض على الجمر للعامل فيها أجر خمسين رجلا يعمل مثله عمله) قيل : يا رسول الله، منهم؟ قال : (بل منكم). قال أبو عمر : وهذه اللفظة "بل منكم" قد سكت عنها بعض المحدثين فلم يذكرها. وقال عمر بن الخطاب في تأويل قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : من فعل مثل فعلكم كان مثلكم. ولا تعارض بين الأحاديث؛ لأن الأول على الخصوص، والله الموفق. وقد قيل في توجيه أحاديث هذا الباب : إن قرنه إنما فضل لأنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم، وإن أواخر هذه الأمة إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على طاعة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والمعاصي والكبائر كانوا عند ذلك أيضا غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الوقت كما زكت أعمال أوائلهم، ومما يشهد لهذا قوله عليه السلام : (بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء). ويشهد له أيضا حديث أبي ثعلبة، ويشهد له أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : (أمتي كالمطر لا يُدْرَى أوله خير أم آخره). ذكره أبو داود الطيالسي وأبو عيسى الترمذي، ورواه هشام بن عبيدالله الرازي عن مالك عن الزهري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره). ذكره الدارقطني في مسند حديث مالك. قال أبو عمر : هشام بن عبيدالله ثقة لا يختلفون في ذلك. وروي أن عمر بن عبدالعزيز لما ولي الخلافة كتب إلى سالم بن عبدالله أن اكتب إلي بسيرة عمر بن الخطاب لأعمل بها؛ فكتب إليه سالم : إن عملت بسيرة عمر؛ فأنت أفضل من عمر لأن زمانك ليس كزمان عمر، ولا رجالك كرجال عمر. قال : وكتب إلى فقهاء زمانه، فكلهم كتب إليه بمثل قول سالم. وقد عارض بعض الجلة من العلماء قوله صلى الله عليه وسلم : (خير الناس قرني) بقوله صلى الله عليه وسلم : (خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله). قال أبو عمر : فهذه الأحاديث تقتضي مع تواتر طرقها وحسنها التسوية بين أول هذه الأمة وآخرها. والمعنى في ذلك ما تقدم ذكره من الإيمان والعمل الصالح في الزمان الفاسد الذي يرفع فيه من أهل العلم والدين، ويكثر فيه الفسق والهرج، ويذل المؤمن ويعز الفاجر ويعود الدين غريبا كما بدا غريبا ويكون القائم فيه كالقابض على الجمر، فيستوي حينئذ أول هذه الأمة بآخرها في فضل العمل إلا أهل بدر والحديبية، ومن تدبر آثار هذا الباب بان له الصواب، والله يؤتي فضله من يشاء. الثالثة: قوله تعالى {تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} مدح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به. فإذا تركوا التغيير وتواطؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببا لهلاكهم. وقد تقدم الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أول السورة. قوله تعالى {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم} أخبر أن إيمان أهل الكتاب بالنبي صلى الله عليه وسلم خير لهم، وأخبر أن منهم مؤمنا وفاسقا، وأن الفاسق أكثر.

التفسير الميسّر:

أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم، لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بها، وهم قليل، وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.

تفسير السعدي

يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس، لما كانت الآية السابقة وهي قوله: { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } أمرا منه تعالى لهذه الأمة، والأمر قد يمتثله المأمور ويقوم به، وقد لا يقوم به، أخبر في هذه الآية أن الأمة قد قامت بما أمرها الله بالقيام به، وامتثلت أمر ربها واستحقت الفضل على سائر الأمم { ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم } وفي هذا من دعوته بلطف الخطاب ما يدعوهم إلى الإيمان، ولكن لم يؤمن منهم إلا قليل، وأكثرهم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله المعادون لأولياء الله بأنواع العداوة، ولكن من لطف الله بعباده المؤمنين أنه رد كيدهم في نحورهم، فليس على المؤمنين منهم ضرر في أديانهم ولا أبدانهم، وإنما غاية ما يصلون إليه من الأذى أذية الكلام التي لا سبيل إلى السلامة منها من كل معادي، فلو قاتلوا المؤمنين لولوا الأدبار فرارا ثم تستمر هزيمتهم ويدوم ذلهم ولا هم ينصرون في وقت من الأوقات


تفسير البغوي

( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال عكرمة ومقاتل : نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم ، وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهودا اليهوديين قالا لهم : نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعوننا إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وقال جويبر عن الضحاك : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم .

وروي عن عمر بن الخطاب قال : كنتم خير أمة أخرجت للناس تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة عن أبي حمزة : سمعت زهدم بن مضرب عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " . قال عمران : لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثا وقال : إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن " .

وبهذا الإسناد عن علي بن الجعد أخبرنا شعبة وأبو معاوية عن الأعمش عن ذكوان عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .

وقال الآخرون : هم جميع المؤمنين من هذه الأمة .

وقوله ( كنتم ) أي : أنتم كقوله تعالى : " واذكروا إذ كنتم قليلا " ( الأعراف - 86 ) وقال في موضع آخر : " واذكروا إذ أنتم قليل " ( الأنفال - 26 ) وقيل : معناه كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ وقال قوم : قوله ( للناس ) " من " صلة قوله " خير أمة " أي : أنتم خير الناس للناس .

قال أبو هريرة معناه : كنتم خير الناس تجيئون بهم في السلاسل فتدخلونهم في الإسلام .

قال قتادة : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمر نبي قبله بالقتال فهم يقاتلون الكفار فيدخلونهم في دينهم فهم خير أمة للناس .

وقيل " للناس " صلة قوله " أخرجت " معناه : ما أخرج الله للناس أمة خيرا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الحافظ ، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن حبيش المقري ، أنا علي بن زنجويه ، أخبرنا سلمة بن شبيب أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : " إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل " .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو معشر إبراهيم بن محمد الفيركي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن يحيى ، أخبرنا أبو الصلت ، أخبرنا حماد بن زيد ، أخبرنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا وإن هذه الأمة توفي سبعين أمة هي أخيرها وأكرمها على الله عز وجل " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد ، أنا الفضل بن الفضل أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، قال عبد الرحمن يعني ابن المبارك أخبرنا حماد بن يحيى الأبح أنا ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو محمد المخلدي ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي ، أخبرنا محمد بن عيسى التنيسي ، أخبرنا عمرو بن أبي سلمة ، أخبرنا صدقة بن عبد الله ، عن زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم كلهم حتى تدخلها أمتي " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، قال : أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمد ، أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن عبد الله بن حاتم الترمذي ، أخبرنا جدي لأمي محمد بن عبد الله بن مرزوق ، أنا عفان بن مسلم ، أنا عبد العزيز بن مسلم ، أخبرنا أبو سنان يعني ضرار بن مرة ، عن محارب بن دثار ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون من هذه الأمة " .

قوله تعالى : ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) أي : الكافرون .


الإعراب:

(كُنْتُمْ) كان واسمها (خَيْرَ) خبرها (أُمَّةٍ) مضاف إليه وقال بعضهم كان تامة بمعنى وجد (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله مستتر والجار والمجرور متعلقان بأخرجت والجملة في محل جر صفة (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) فعل مضارع والواو فاعل والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب خبر ثان أو حال من التاء (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عطف وكذلك (وَتُؤْمِنُونَ بِالله) (وَلَوْ) الواو استئنافية لو حرف شرط غير جازم (آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) فعل ماض وفاعل ومضاف إليه (لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ) اللام واقعة في جواب الشرط كان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر والتقدير: كان الإيمان خيرا لهم خيرا خبرها لهم متعلقان بخيرا والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها (مِنْهُمُ) متعلقان بمحذوف خبر مقدم (الْمُؤْمِنُونَ) مبتدأ (وَأَكْثَرُهُمُ) مبتدأ (الْفاسِقُونَ) خبره وأعرب بعضهم و(مِنْهُمُ) مبتدأ لأنها بمعنى بعضهم والمؤمنون خبره والجملة معطوفة.

---

Traslation and Transliteration:

Kuntum khayra ommatin okhrijat lilnnasi tamuroona bialmaAAroofi watanhawna AAani almunkari watuminoona biAllahi walaw amana ahlu alkitabi lakana khayran lahum minhumu almuminoona waaktharuhumu alfasiqoona

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!